وكُلي أملٌ ان اراهُ واكتفي بكلماتهِ الرسمية حتى تروي ظمأ اشتياقي إليه
وصلنا وقلبي يزداد توتراً ... خوفاً من إزعاجات جورج .. نعم انا قوية او
اتصنع القوة و فيّ رغبة للقاء " هاري " وكم اتنمى ان تحدث اليوم معجزة تنقذ
قلبي الذي قد بات عاجزاً ان يحب احداً غيره.
كانت الموسيقى هادئة ... اوه يبدو ان الحفل قد بدأ وكعاتي اصل متأخرة نوعاً ما رأيت العجوز يرحب بي بحفاوة .. أكرهُ كلماتهِ المبتذلة و نظراتهِ الماكرة .. وكالعادة مد يدهُ بمحاولة يأسه لمصافحتي .. إلا اني اجتزتهُ بكبرياء وانا اقول بكل
هدوء و هيبة : عفواً .. لا اصافح الرجال
رد وهو يعلم إجابتي: لن تتغيري بقلبك المتحجر هذا ... انتي متحفظة
أكثر من ما يجب فالتُعطي مجالاً ليدخل رجلاً حياتكِ فأنتي تبقين إمراة.
تجاهلتهُ واكملت فمن مثله كيف يفهم مشاعري .. جلست بإحدى الزوايا لقد ابتعد عني الحرس و وصيفتي ماري انشغلت عني .. وكالعادة اجلس وانا انظر الى
الحفل برضا ..
دق قلبي عندما سمعتُ صوت " هاري " واخيراً حضر ..
كان صوتهُ من خلفي اغمضتُ عيني و كابرتُ ان التفت إليه .. ها هو صوتهُ
يقترب ادرك انهُ لن ياتي ليسلم علي فهو لا يقل عني غروراً ... بدأ يكلم
اصدقائه هذا صحيح
على الرغم اني اظهر تجاهلي هذا إلا اني اهتم له كثيراً كان صوتهُ من بين الجميع
يناديني " اتخيلهُ هكذا طبعاً ... لأواسي قلبي المسكين " مضت نصف
ساعة وبدأت الفتيات يجتمعن حولهُ ... حتماً هو بشعبيه كبيرة
بدأ الرقص .. كنت انظر إليه عن طريق كأسي الزجاجي فهو يعكس الصورة ..
انا حمقاء اعلم .. شعرت بنار تحرقني عندما سحبت تلك الفتاة " هاري "
من يدهِ وهي تجرهُ الى مكان الرقص ... كان يبتسم وهو يجاملها
انه طيبٌ جداً معهن .. الان صار امامي سأختلس النظر إليه بحرية ..
نظرتُ إليه وهو يستعد للرقص .. ثم فاجأني بنظرة .. وكأن قلبي توقف
نظر إلي بغموض ثم ابتسم ورفع إحدى يديه ... بمعنى " مرحباً " رددتُ الابتسامة ..
وانا اشعر ان وجهي اصبح احمر اللون ثم خفضتُ بصري
حياءً ... لو يعلم كم انا قنوعة .. فقد حضرت الى الحفل فقد من اجل هذه اللحظات
لم يفهم احد معاناة العاشقين إلا من ذاق ألم الحنين .. عدتُ لأرفع رأسي إليه
كان قد عاد الى الرقص وهو يبتسم .. يبدو انهُ يهمس لها شيئاً
خفضتُ رأسي ... سأتجاهل الباقي لاني إن اطلتُ النظر فسأبكي غيرةً منها ..
وانا إن بكيت لن يفهم احد ما سبب دموعي .. لن اكذب ولكن عيوني امتلأت بالدموع
دون ان تنزل .. فالتفت الى النافذة وبدأت اُهدأ نفسي ... حتى تجف دموعي
وأتجاهل الحفل بعدها لأرحل ... واتركهُ يرقص مع فتياتهِ هو ليس يحب الفتيات بهذه الطريقة إلا ان غيرتي تجعلني اراهُ هكذا .. انا اعلم هذا ايضاً
وهو مؤلم ... ذلك الاحمق لو يهتم لو يلتفت هل سيجد
امراة مثلي بقت لهُ وفية هكذا ؟!
تنهدتُ بتعب ... ونهضت لأخرج من الحفل بعد ساعة من حضوري ..
ولكن استوقفني صوت العجوز العالي : مهلاً
التفت إليه بحده : ماذا تريد؟
ابتسم وصرخ في القاعة : يا زائري الكرام انا اعترف امامكم اليوم
اني اعشق هذه المرأة " ثم اشار إلي" وسأعطيها كل ما ترغب ..
إن وافقت وهذا عهدٌ امام الجميع اقطعهُ لها ..
ذلك العجوز ... يريد ان يجعلني بموقف محرج كل الجمع لا يهمني
ولكن " هاري " كان هنا .. هل سيغار يا ترى ؟!
ردتُ بجديه : اسفة .. انا ارفض.
حيرتني ملامح العجوز الذي بدَ انه لم يستغرب ولكن ما زاد حيرتي
هو التفاتهُ نحو الحضور الناظر إلينا باهتمام: هاري ما رأيك ؟! هل لا تُقنعها؟!
كان هذا كالسيف في قلبي ... " هاري " ليس غيرهُ هو حتماً يعلم شيئاً ما
ولكن كيف انا لم اظهر مشاعري لأحد ... ايعقل انهُ رأى احمرار وجهي
عندما انظر إليه؟!
كان هاري مستغرب من كلام جورج تلعثم وهو يقول: أنا بصراحة لا اعلم
ولكن ( سكت قليلاً ليكمل ) إن جورج رجلٌ طيب .. وسيعاملك بلطف هل لا فكرتي بالامر واعطيتهِ فرصة !
للأسف ... نزلت دموعي .. وسقطتُ من عرش الكبرياء جثة اواري جراحي
ماذا اقول له ... بأي لغة اجعل هذا الاحمق يفهم اني احبه .. صمت الجميع
لم يتوقع احد ان يرى دموعي تنزل هكذا بسخاء كنت بوجه جامد ... وبلا صوت فقط دموع تنزل شعر هاري بارتباك شديد .. أراد ان يقول شيئاً ولكني لم اسمح لهُ
قلت بصوت مسموع وهادئ : لا .. انا اسفة.
ثم خرجت بسرعة ... اراد هاري ان يلحق بي .. كأنه يريد ان يقول شيئاً " رسمياً "
اخر خمنت ان يقول ( اسف ) او ( لم اقصد ) او شيء مملاً كهذا.
لم اشعر إلا و العربة تُسرع بي ... وقد ابتعدتُ تاركه خلفي الحفل وكل شيء ..
عدتُ الى غرفتي دون ان اسمع اي كلمة من اي احد ودون ان انطق بكلمة
دموعي لم تتوقف ... دموعي لا تزال تنزل بسخاء ..
أدرك انهُ ليس ذنبك ... انهُ خطأي اني وقعتُ بحبك
أتدرك مدى تعبي .. حطمتني دون ان تقصد
فهذا ذنبُ قلبي
مضى يومان ...
لم ارى فيهم احد ..بالكاد أكل ... بالكاد اتحرك من سريري كنتُ
كمن استيقظ من غيبوبة ... لو يدرك كم صبرت وحدي وانا انتظره كم عانيت
كم تألمت ... انا رضيت ان اتحمل واجباتي بصبر لاني انتظرهُ
يالـ حماقتي ... ماذا فعلتُ بنفسي
بكيتُ كثيراً .. كم كنتُ اتمناه ان يأتي لأجلي .. ان يكون قلقلاً علي او ...
لم أكمل تخيُلاتي الوهمية و البائسة ... بسبب طرقات الباب
- ما الذي اتى بكِ ؟! انا اسفة عزيزتي ولكني لا اريد الخروج
- سيدتي اعتذر على الازعاج ولكن السيد هاري قد وصل الى القصر
وهو يُصر على مقابلتك.
وكأني لم اسمع ... هل أذني تتخيل ؟! رددتُ بصوتي العادي الذي يميل
للثقة بالنفس: عفواً ماري ماذا قلتي ؟
- آه .. السيد هاري في القصر وهو يصر على لقاءك.
- آم ... حسناً فلينتظر سأخرج بعد قليل.
شعرت بصوت ماري نوع من السعادة لاني سأخرج من غرفتي
اما انا فقد كنت متوترة و مرتبكة .. كيف أبرر موقفي .. هو بالطبع ليس العاشق الذي سيأتي كما يحدث في الافلام اشك انهُ شعر بالذنب و الشفقة علي .. بعد ان رأى دموعي التي لم يُعرف عنها انها ظهرت امام احد.
انا اكاد اجزم انهُ اتى ليقول بعض الكلمات الرسمية ...
ولكن بعد ما قالهُ في الحفل ... مستحيل ان اعود الى حبي له ... سأبقى احبهُ من
بعيد لانهُ وبحماقة أختصر كل الرجال ... لم يَعد يهم إن تزوج غيري فأنا سأبقى
لهُ وفيه حتى إن لم يعلم بي.
تجهزتُ وخرجتُ بطبيعتي المُكابرة ... وانا ارتدي ثوباً اسود .. علهُ يفهم
إشارتي له ... كان جالس بشرود على إحدى الكنبات.
وما إن دخلت حتى وقف وهو ينظر لي بتفحص: آه واخيراً كاميليا .!
ابتسمتُ له " الحديث معهُ يشعرني بالكثير من الخجل وتكاد كلماتي لا تخرج إلا اني سأتمالك نفسي و اتصنع القوة _ كالعادة _ رغماً عني ..
واخفي عنهُ مشاعري " : فلتتفضل بالجلوس رجاءاً.
جلس ... وجلستُ مقابلةً له ... تكلم بهدوء وجديه: ارجو ان لا يكون كلامي
مزعج بالنسبة لكِ ولكن ما قلتهُ تلك المرة .. اقصد " بدَ متوتراً " حسناً لقد فاجأني
جورج بتوجيه سؤاله لي... انا لم اقصد ان ازعجك حقاً ... ارجو ان تصدقي كلامي.
ابتسمت " آه ... كما توقعت كلامٌ رسمي .. وماذا كنت اتصور ان يأتي
ويقول انا احبك وهيا لنتزوج " : آه ... ليس خطأك انه خطأي انا .. فقد شعرت
بالاحراج من ذلك الموقف وحصل ما حصل.
رد بجدية واضحة و تشكيك : احقاً الاحراج يجعل دموعكِ تسيل هكذا؟ خاصةً
بعد ان سمعتي كلامي انا؟! هل كان احراجكِ مني ام من جورج؟
شعرتُ بالغضب من كلامهِ وكأنه يُهينُني ... فاجبتُ بهدوء حاد: ارجو ان
لا تتجاوز حدودك معي سيد هاري.
حتماً شعر بغضبي ... واحسستُ به ايضاً غاضب وقف وهو يقول: أهكذا تردين
علي بعد ان اتيتُ من اجلك؟
فوقفتُ وانا انظر إليه: لم اطلب منك المجيء ... فكل ما تفعلهُ يزدني ألماً ..
إرحل من حياتي ارجوك.
اقترب مني وكأنه لم يفهم ما اقول: كل ما فعلتهُ ؟! انا لم افعل شيئاً لك ابداً غير
ما حدث وكوني مدحتُ جورج هذا لانهُ صديقي ... لم اكن اظنك مدللـه لهذه
الدرجة ظنتكِ قوية وكم كنتُ احترمكِ لقوتك و شجاعتكِ في حكم البلاد إلا اني
اكتشفت شيئاً أخر بعد ان رأيتك عن قرب ... للأسف.!
تنهدتُ وانا انظر إليه : هذا صحيح انا ضعيفة و حمقاء .. اسفة لاني لم اكن عن
د توقعاتك ... يوجد الكثير من النساء يمكنك ان تحترمهن غيري ... انتَ لستَ
مجبور على احترامي.
نظر إلي باحتقار: لقد تغيرتي كثيراً كاميليا ... اذاً حقاً كما يشاع عنكِ بلا قلب
عندما اكلمك لا اشعر اني اكلم امرأة ... بل اكلم حجراً ...
قاطعت كلماتهُ يدي ... هذا صحيح لقد ضربتهُ على وجهه بشكل لا إرادي
ولم اشعر بنفسي إلا وانا اقول بدموع: من تظن انهُ السبب ؟! ألم تعدني بالزواج
من قبل ؟ لقد كنت انتظرك واحبك إلا انك وبكل جرأة .. تـ ..
لم أكمل .. فقد ذهبت راكضة الى غرفتي ابكي واغلق الباب مجدداً على نفسي ...
لقد كان اخر ما اذكرهُ عنهُ انه " بقي ينظر لي بصدمة من كلامي ومن صفعتي "
لم اريد ان بقى معهُ أكثر انا حقاً لم اعد احتمل المزيد من إخفاء حبي له ...
لقد كنتُ اتألم .. افكر فيه في كل ليله.!
انا كنتُ ماذا بالنسبة له ؟!