عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-15-2007, 09:19 AM
 
الشريعة بين لباس المرأة وحجابها.... راغب الركابي

الذي حداني للكتابة في هذا الموضوع هو ما قرئته في بعض الصحف عن ذلك الشخص الذي قتل أبنته لرفضها لبس ما يسمى - بالحجاب - ، ولأن الأمر يتداخل فيه الموروث الديني والقبلي في موضوعه وحكمه ، لذلك كان لابد لنا من تفكيك البنية التاريخية التراثية والدينية التي قام عليها مفهوم - الحجاب - وتداعياته في الشريعة والعرف ونقول ..
بدايةً يلزمنا التفريق بين معنى ومفهوم - لباس المرأة - وبين معنى ومفهوم - حجاب المرأة - ، فاللباس صفة إيجاب وقد ورد ذكر لفظ اللباس في الكتاب المجيد بهذا المعنى ، ولكن الحجاب صفة سلب ولذلك لم يرد ذكره في الكتاب للتدليل على معنى اللباس ، بل جاء معناه لشيءً آخر وصفة أخرى ، هذا التفريق الذي أخترناه من داخل النص الإلهي وليس من خارجه ولذلك يجدر الإلتفات إليه ومعرفته ..
كما إن لفظ - لبس - في التركيب والرسم مغاير تماماً في الدلالة للفظ - حجب - ، والمغايرة واضحة كما هي في البناء للمعلوم كذلك هي مغايرة في البناء للمجهول ، وهذه المغايرة ذاتية وموضوعية كما يقول أبن فارس في المقاييس اللغوية ، فعندما نقول مثلاً : لبست المرأة ثوباً ، هو غير قولنا : حجب المرأة ثوباً ..
ففي قولنا الأول : إنما نُريد ما تلبسه المرأة من الثياب [ وهو موضوعياً يعني ما تقوم به المرأة من تغطية لجسمها كله أو بعضاً منه ] .
ولكن في قولنا الثاني : إنما نُريد به ما يمنع المرأة من أن تُرى أو أن ترى !! بالحبس أو بغيره من الأفعال ..
ومنه جاء معنى - الحاجب - وهو الشخص الذي يمنع الناس من الدخول للحاكم أو رؤيته .. قال أبن منظور في اللسان : والحجب يكون بمعنى الرد ، وسواء أكان المعنى الذي إعتمدناه أو المعنى الذي ورد في اللسان ، ففي كليهما دلالة على المغايرة والإختلاف والمباينة بين لفظ ومعنى - لبس وحجب - ..


ومن أجل متابعة هذا البيان سنعتمد النص التالي في التدليل إلى ما ذهبنا إليه ، قال تعالى : (( يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم ..)) - الأعراف 26 - .
ظاهر النص كما هو واضح عام لكل ما تعنيه وتدل عليه لفظة - بني آدم - من الذكور والإناث ، أي إن المراد من اللفظة هو عموم جنس - بني آدم - من دون النظر إلى نوعه ، أي من حيث هو كائن بشري حي ..
وأما المُراد من لفظة – أنزلنا - في هذا النص فتعني – جعلنا - [ والجعل هو التحويل والصيرورة والتبدل من حالة إلى أخرى ] ومعناه هنا : أي جعلنا عليكم أو جعلنا إليكم .. اللباس ليوآري سوآتكم ، وهذا فعل خاص ببني آدم من الكائنات الحية ، إذ الخطاب متعلق بالقدرة على تسخير ما في الكون من عناصر طبيعية لخدمته وخدمة قضاياه وشؤوناته الخاصة ، ومنها كيفية تغطية البدن أو بعض منه ، والقيد الوارد في ذيل الخطاب المتقدم أعني قوله ( يواري سوآتكم ) هو لتخصيص مفهوم اللباس كما ورد في صيغته المتقدمة ، إذ الموآرات في اللغة تعني : القبر أو التغطية - .
والسؤة : هي خصوص معنى - القبل والدبر - لبني آدم من الذكور والإناث ..
والنص كما نرى جاء في صيغة خطاب الجمع ، وهو دال على الأمر ، [ ودلالة الأمر عند الأصوليين على الوجوب ] .
مع إن - دلالة الأمر على الوجوب - ليست عامة عندنا وليست لا زمة كذلك ، لذلك ترك الله للناس حرية إختيار الشكل والزي المناسب للزمان والمكان ، أي إن اللباس لا يدخل مفهومه في باب - الحلال والحرام - كما يروج لذلك كهنة الدين التراثي ، إنما يقع مفهوم – اللباس - في باب الإباحة المتروك تقديره للشخص وللواقع وما يحكمه من ظروف زمانية ومكانية ..
ويمكننا وتأسيساً على ذلك جعل مفهوم - اللباس - داخل ضمن حدين : أعلى وأدنى ..
وبما إن المتعين في الخطاب هو ليس كل البدن بل - السؤة – حصراً فيكون المشار إليه هو الحد الأدنى ويعني - القبل والدبر - للذكور والإناث .. ( تلك حدود الله ) ومن يغطي من بدنه القبل والدبر فلا يُعد عمله ذلك مخالفاً لأمر الله ..
ولكن مجرد التغطية هذه تُعد مخالفة إجتماعية عند قوم وحسب أعرافهم وما هو سائد عندهم من عادات وتقاليد [ والعادات والتقاليد تختلف من بلد إلى آخر ] ..
وعليه فلو رأينا أحداً في الطريق ولم يلبس سوى ما يغطي قبله ودبره ، فلا يُعد هذا مخالفاً لحدود ما أنزل الله بالمعنى الوارد في كتاب الله ، إنما يقال لهذا الشخص إنك قد خالفت القانون والعرف الإجتماعي المعمول به والمتبع بهذا البلد أو ذاك حسب الخصوصية هذه ..
ويجب التذكير بأن العرف والعادة شيءُ مختلف عن حدود ماأنزل الله ، ولكنهما قد يتفقان [ والإختلاف والإتفاق شيئان نسبيان يخضعان للواقع والطبيعة ] .. ولهذا فحاكمية العرف على حدود الله هي حاكمية نسبية وإجرائية ، وهي ليست مطلقة في كل الأحوال !! .
وهذا يلزمنا عدم الخلط في مطلق الظروف كي لا نجعل من العادة حكماً شرعياً أو من العرف حداً إلهياً ..


ومن أجل التدليل على المُراد لنتامل النص التالي ، قوله تعالى : (( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى ان يعرفن فلايؤذين وكان الله غفوراً رحيماً .. )) - الأحزاب 59 - .
في هذا النص إنبساطات متنوعة ومتفاوتة تبعاً لطبيعة العناصر المركبة له فهناك مثلاً :
1 - فعل - دنى - ودلالته .
2 - ومفهوم - جلابيبهن - .
3 - ومعنى - فلا يؤذين - .
الدنو : في اللغة أصل صحيح الإشتقاق من دنا ، ومعناه الإقتراب أو المقاربة كما في قوله ( ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ) أي إقترب من دون تماس أو إلتصاق ، فلو إلتصق به لعُد الأثنين واحداً ، كما هو ظاهر في كلام العرب ، ولذلك أستخدم النص هذا اللفظ لجعله ممكناً في سياق معنى لباس المرأة ..
وجلابيب : جمع مساوق للخطاب ومفرده جلباب ، والتنكير للاطلاق جارٍ في لسان العرب ، والجلباب : هو عنوان لمطلق ما تلبسه المرأة من الثياب ، سواء ُ أكان فستاناً أم بنطلوناً أو غير ذلك من مسمى اللباس ، لكن شرط ذلك ان لايكون لا صقاً بحيث لا يتميز البدن عنه ..
والقيد - فلا يوذين - في ذيل الخطاب هو لحماية المرأة من الأذى المحتمل والممكن من البيئة والمجتمع والدولة والمليشيا ..
فهو إذن قيد إحترازي وتوجيهي هدفه صيانة المرأة صيانة عامة ، بأعتبارها أكرم مخلوق ..
والتكريم موضوعياً نقرأه في النص التالي : (( .. وليس الذكر كالأنثى .. )) ، فالكاف هنا للتعظيم ، أي تعظيم المشبه به ، وهو الأنثى هاهنا ، إذ المشبه به في العادة أعظم من المشبه ، الذي هو الذكر كما هو في لغة العرب قال ذلك أبن فارس وكذا صاحب جامع التأويل أبو مسلم الأصفهاني وهذا ما نميل إليه ..


ولكي نبين ضعف المبنى الذي يقوم عليه كلام كهنة الدين التراثيين ، نقرء ماورد في سورة النور النص 31 قوله تعالى : (( .. ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها ، وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، ولا يبدين زينتهن إلاّ لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو أخوانهن أو بني أخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن ، أو ماملكت أيمانهن ، أو التابعين غير أوُلي الأربة من الرجال ، أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ..)) .
يستعرض هذا النص أمور جاءت كما نرى على النحو الآتي :

الأمر الأول : مفهوم - الزينة - ودلالته اللغوية والإصطلاحية .
فالزينة لغة لفظ دال على كل ما يتزين به الإنسان من لبس وغيره ، ويمكننا إعتبار البدن من الزينة ..
والزينة إصطلاحاً تكون بحسب الوضع لها ، ولذلك فيمكن رصد معناها في هذا النص من وجهين :
الأول - معنى ذاتي : ونريد به هنا بدن المرأة أو جسدها من دون لباس عارية تماماً ، هذا النوع من معاني الزينة قد أعطى النص رخصة وإجازة في النظر إليه من جماعة حددها حسب الآتي ..
1 - البعل : وهو الزوج في فراش الزوجية ، وهو هنا لفظ خاص لمناسبة محددة ، ولا يصح إطلاق هذا اللفظ في غير هذا المقام ..
2 - الأب : وهو الوالد على نحو والمربي على نحو آخر ..
3 - الأب للبعل .
4 - أبن البعل .
5 - أبن الزوجة [ أبنها ] .
6 - الأخ .
7 - أبن الأخ
8 - أبن الأخت .
9 - عامة نسائها .
10 - المملوكة : وهي المرأة المؤمنة التي تقيم علاقة جنسية صحيحة وفق ميثاق ، يتم بالتراضي وشرط ذلك [ العيش في بيت واحد ] وقد أجاز الله ذلك وسيأتي بيانه ولكن في بحث منفصل ..
11 - التابعين غير أوُلي الأربة : الذين هم الرجال الغير قادرين على وطء النساء ، أي غير قادرين على معاشرتهن جنسياً ..
12 - الأطفال : وهو معناً عام يشمل كل طفل لم يبلغ السادسة من العمر ، أو هم الأطفال الذين لا يستطيعون تمييز الأعضاء التناسلية ..
هذه الأنواع التي ذكرها النص قال : يجوز لهم جميعاً النظر إلى جسد المرأة عارياً ، ولكن هذا النظر يتم من دون قصد أو طلب إلاّ للضرورة ، وجسد المرأة في هذه الحالة هو ما أطلقنا عليه مفهوم أو معنى الزينة الذاتية وهي المسموح بها للأنواع الآنفة الذكر ..
وبحسب مفهوم المخالفة فان النظر إلى جسد المرأة من غير ضرورة لغير هؤلاء ممنوع بل محرم !!
الثاني : موضوعي ، ونُريد به كل ما تتزين به المرأة من لباس وحلي ومكياج وغيره ، وإطلاق معنى الزينة في الموضوعي وذلك بدليل القيد الوارد في النص قوله ( إلاّ ما ظهر ) فالتصريح بظهوره دال على الجواز للعموم .
ولا خصوصية يمكنها تقييد الزينة موضوعياً ، وكذا ليس للزينة الموضوعية من كيفية معينة ، بل تُرك الأمر فيها للمرأة تختار ما ترآه مناسباً لها في الزمان والمكان ..

الأمر الثاني : دلالة مفهوم قوله تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) .
والكلام في هذا المقطع يتحرك وفق الرسم الدلالي لمعنى لفظ - ضرب - الذي يتبع الوضع الذي جاء فيه ، وهو هنا يعني - وضع - ومعناه في النص هو التالي : ليضربن أي ليضعن .
ولكن ماذا يضعن ؟ قال - الخمار - وهو عنوان لكل ما يغطي ، وأصله من - خمر - ولهذا سمت العرب المسكر خمراً ، ويصح إطلاق هذه التسمية على كل ما يغطي جسد المرأة لحمايته من عوامل الطقس والعوامل البيئية والإجتماعية المتخلفة ..
وأما معنى - جيوب - هو أصل صحيح وإشتقاقه من - جيب - أي الشق ، فكل شق له فتحتين يسمى في اللغة - جيباً - .
وللمرأة في تكوينها البايولوجي سبعة جيوب رئيسية ، وجاء التركيز هنا على بعض منها هي :
1 - ما بين النهدين .
2 - ما تحت النهدين .
3 - وما بين الفخذين .
والنص في مجمل إرادته كان يُريد من المرأة ان تغطي جيوبها ، بوضع الخمار عليهن وسمى ذلك الفعل - لباس المرأة - ، وهذا عند الله وحسب مفهوم حدود الله يعني - الحد الأعلى - لما يجب على المرأة ان تلبسه من الجلباب الذي تكون مهمته تغطية الجيوب ليكون عليهن خماراً ..


وقد ورد في البيان التالي قول على هذا النحو :
قوله تعالى : (( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ، وفي أذاننا وقر ، ومن بيننا وبينك حجاب .. )) - فصلت 4 و 5 - .
وهذا النص يظهر لنا كيفية إستخدام لفظ - حجاب - في الكتاب المجيد ، فهو لفظ أستخدم للتدليل على معنى ومفهوم - المنع - في سبيل المخالفة والعناد ، ويمكننا ملاحظة المنع في قسمين مختلفين في الوضع وفي الكينونة .
ولم ترد لفظة - حجاب - للتدليل على لباس المرأة في القرآن مطلقاً ، فلو جيء به ذلك لكان مخلاً في وحدة سياق اللفظ في النص ، ولكان :
مخالفاً لأصول البلاغة والبيان العربي .
ولأن القرآن ليس فيه ترادفاً لغوياً [ هذا الشيء الذي أبتدعه الشافعي ] وجرى على هذا مذهب أهل السنة والجماعة ومعظم الشيعة ، مع إن جذر هذا الإستنباط هو كون الشافعي شاعر والشاعر يحلو له وضع المفردات بصيغ ويريد بها معناً أخر حتى قيل { المعنى في قلب الشاعر } .
وربما أصل جذر هذا الإستنباط هو قول منسوب لعلي عليه السلام : - القرآن حمال أوجه - وهو قول غير صحيح من جهة السند وأما الدلالة فهو مردود لأنه يجعل من اللفظ القرآني غير ذي معنى محدد ، وهذا خلاف مطلوب الله الذي يريد من الناس ان تفهم معاني كلامة لكي تستطيع التوجه لحل مشكلات الحياة ، وليس ترك اللفظ ومعناه رجراج تقول ويقولون ، وبالتالي يخرج النص من الحقيقة التي دُعينا من أجل ملاحقتها وفهمها لكي نستطيع فهم ما يدور حولنا ، إذ من غير الجائز ان نظل ندور في حلقة مفرغة خاصة ونحن نؤمن بان القرآن هو كتاب الله في التكوين وفي المعنى ، وأما اللفظ في الكتاب المجيد فهو لمحمد النبي – ص - باعتباره عربياً إذ ان الله ليس كمثله شيء ولم يكن الله عربياً أو يتكلم العربية ..
يتبين لنا بان مفهوم - حجاب المرأة - الذي نسمعه إنما هو صناعة عصر الإستبداد الديني ، والهدف من تلك الصناعة هو من أجل وضع نظام حياتي يُشرع له يجعل من المرأة دائماً تحت هيمنة الذكر ولهذا أشاعو ا :
1 - إن المرأة شر و شر ما فيها ، روي ذلك عن علي – ع - في النهج مع إني أنزه علياً من قول هذا لأني أعرف علياً في علمه وحلمه .
2 - وقالوا : خيراً للمرأة ان لا ترى أحداً ولا يرآها أحد .. روي هذا عن فاطمة وعائشة ، وهو قول مردود ، لأنه يجعل من المرأة وكأنها شيء معيب أو شيء قبيح !!
3 – وقالوا : شاوروهن وخالفوهن ..
4 – وقالوا : لاخير في قوم ولوا أمرهم إمرأة !!!!
إلى ما هنالك من أقول من أرادها يجدها في البخاري والكافي من كتب الأخبار ، وكذا في كتب التاريخ الإسلامي ، وهذا اللون من التفكير يجسد طبيعة الرؤية تجاه المرأة وهي رؤية سادت قبل ظهور النبي محمد – ص – في جزيرة العرب ، بل ان ميثيولوجيا الدين تحط من قدر المرأة وهذا كله بفعل التفسير الخاطئ للنص الديني ، الذي قام على شرحه رجال المؤوسسة الدينية من الأراخنة والكهنة ومراجع دين متخلفين .
لهذا كانت الرؤية للمرأة غاية في الإنحطاط ولا زالت في المستوى نفسه مع تبدل الأحوال والأمكنة .

*
وسأختم هذا بفتوى لأحد المتطرفين ، قال فيها : (( المرأة عورة كلها وسؤة كلها ، والواجب الشرعي يقتضي حجبها كي لا تكون مصدراً للفتنة والإثارة والإغواء )) .
وقد أستعاروا هذا الإشتقاق من قوله تعالى [ إن كيدهن عظيم ] ناسبين إلى الرسول محمد – ص - كلاماً قال فيه : ( كونوا من خيارهن على حذر ) وعلى مبدأ - سد الذرائع - المعتمد في أصول الفقة ، أعتبروا إن المرأة مثيرة للفتنة ، وقالوا : ( إن إثارتها أكثر ما تكون في وجهها ) لذلك قالوا : بوجوب تغطية الوجه سداً للذريعة !!!!
وهذه الفتيا هو إستباق للشر قبل حصوله وللجريمة قبل وقوعها ، مع إن الفعل هنا مشترك بين الذكر والأنثى ، ولا يحصل هذا إلاّ في المجتمعات البدائية ، وأما المجتمعات الحضارية فالحرية هي الشرط الأساسي الذي ينظم العلاقة المجتمعية ككل ، وفيها إيضاً يتوافر للمرأة الحرية الإقتصادية وتنتفي حاجتها للمال من هذا الجانب ، وبالتالي تنتفي ظاهرة التعدي وإن حدثت فتعد من الجرائم الكبرى لأنها ستكون عملية ضد القانون والنظام وضد الحرية ، وفي المجتمعات الحضارية إرتكاب الجريمة يؤخذ في سياقه الموضوعي وليس على أساس الظن والشبهة التي فيها المرأة دائماً مظلومة ومتهمة ..
وهذا ما لفت إنتباهنا حول الحادثة التي دعتنا لتفكيك البنية التي يرتكز عليها أنصاف المسلمين لتحديد ما على المرأة فعله ولبسه ، طاردين كل مايمت للحرية بصلة وهذا كله بفعل وعاظ السوء ورجال الدين الخرفين الذين لم يتعودوا على معنى كيف يقرء وكيف يحلل وكيف يحكم ، وهذه إشكالية ستظل تواجه المجتمعات العربية والإسلامية إلى وقت ليس بقصير ، من هنا كنت ميال للتعريف بمفهومي اللباس والحجاب في الشريعة كي لا يبقى عذر لمن يريد ان ينتسب لجماعة محمد - ص - بصدق ودون رياء وكذب ودعاوى فارغة كما يفعل الساسة المحليون في البلاد العربية والإسلامية ...
راغب الركابي
  #2  
قديم 12-15-2007, 02:24 PM
 
رد: الشريعة بين لباس المرأة وحجابها.... راغب الركابي

مشروعية النقاب في المذاهب الفقهية الأربعة
في حوار شهير له مع صحيفة الأخبار الحكومية ، نشرته بتاريخ 1 / 4 / 1994م ، أبدى العلامة الراحل الكبير الشيخ محمد متولي الشعراوي غضبه وسخطه على من يهاجمون النقاب والحجاب ، وقال ما نصه :
(( وعجيب أيضا وغريب أمر هؤلاء ، وهم في رفضهم للحجاب والنقاب يرفعون شعار الحرية الشخصية !! ونحن نسألهم أهناك حرية بلا ضوابط تمنع الجنوح بها إلى غير الطريق الصحيح ؟ وأية حرية تلك التي يعارضون بها تشريعات السماء ؟ هذه الحرية التي تضيق الخناق على المحجبات ، وتترك الحبل على الغارب للسافرات فَيُحرضن على الجريمة بعد الافتتان ! وحسبنا من سوابق الخطف للفتيات ، واغتصاب المائلات المميلات ، حسبنا من ذلك دليلا على حكمة الله البالغة فيما شرع من ستر !! إن هؤلاء يحاولون التدخل في صميم عمل الله ، ويريدون أن تُشَرِّع الأرض للسماء وخسئوا وخاب سعيهم )) اه
وكان عجبا أن بعض المنتسبين إلى الأزهر يتحدثون عن "بدعة" ستر وجه المرأة ، وكأنهم لأول مرة يعرفونها في دين الإسلام وأقوال أئمته ، بينما شيخ الأزهر الحالي نفسه الشيخ محمد سيد طنطاوي في تفسيره المسمى (( التفسير الوسيط للقرآن الكريم طبعة دار المعارف ج 11 ص 245 ) ينتصر لستر البدن كله بما فيه الوجه ، ففي تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } (الأحزاب:59) يقول : (( والجلابيب جمع جلباب ، وهو ثوب يستر جميع البدن ، تلبسه المرأة فوق ثيابها . والمعنى : يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك ، وقل لبناتك اللائي هن من نَسْلك ، وقل لنساء المؤمنين كافة ، قل لهن : إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن ، فعليهن أن يَسدلن الجلاليب عليهن ، حتى يسترن أجسامهن سترًا تامًّا من رؤوسهن إلى أقدامهن ؛ زيادة في التستر والاحتشام ، وبعدًا عن مكان التهمة والريبة . قالت أم سلمة رضي الله عنها : لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سُود يلبسنها )) اه . فهذا هو رأي شيخ الأزهر من تفسيره فماذا يقولون ؟
* * * *
إننا بادئ ذي بدء نريد أن ننبه على أمرين مهمين ونجيب عن شبهة مغرضة :
أما الأمر الأول : فيخطىء من يظن أن النقاب قَيْدٌ وُضع على المرأة ليمنعها من ممارسة حقوقها ، أو غُلٌّ ترسُف فيه يحول بينها وبين أداء مهامها . ولكنه في الحقيقة شعار الحياء والخَفَر ، وعنوان الطهارة والعفاف ، تلتزمه منذ قديم الزمان نساء عِلْيَة القوم ، من ذوي الرياسة ، والجاه ، والعلم ، والثراء .
وأما الأمر الثاني : فهو أننا هنا لسنا بصدد الدفاع عن أخطاء بعض المنتقبات أو سلوكهن وهي موجودة أو أننا نريد أن نجبر النساء على ارتدائه . بل إننا نريد أن يفرق الناس بين النقاب وبين أخطاء وسلوكيات بعض المنتقبات . فالنقاب لايعطي للمرأة العصمة من الذنوب وتظل المنتقبة شأنها شأن بقية المسلمات يجوز عليها الخطأ والصواب ، وبالتالي فالذين يتحدثون عن هذا الجانب يريدون سحب القضية إلى "أزقة" الكلام بعيدا عن جوهرها وصلبها .
وأما الشبهة المغرضة : وهي تلك التي يدندن بها أصحاب النفوس الضعيفة هذه الأيام ويملئون بها الصحف والمجلات صياحا وعويلا : يقولون : إن النقاب قد يرتديه المحتالون والسُّرَّاق والإرهابيون والداعرات فيتخفون وراءه ؟ ثم يروحون يستعرضون القصص المغرضة في هذا الباب .
وللرد على هذه الشبهة نقول :
أولا : المنافقون في الدرك الأسفل من النار ومع ذلك كانوا يتظاهرون بالإسلام فيصلُّون ويُخفون في قلوبهم الزندقة والكفر ويخادعون الله ، فهل نترك الصلاة لأن المنافقين يصلون ؟
ثانيا : هناك من المجرمين واللصوص من يرتدي زي رجل الشرطة ورجل الأمن ، فنرى هذا المجرم ينتحل صفة ضابط الشرطة الأمين فيُغرر بالناس ويحتال عليهم ويسرق أموالهم بل قد يقتلهم ، فهل نقوم بإلغاء زي رجل الشرطة من أجل هؤلاء المحتالين والمجرمين ؟
نحن نعلم أن هناك ظروفا تقتضي أن يُتَحَقَّق من شخصية المنتقبة في المطارات والامتحانات .. وحين يُرتاب أو يشك في أمر يحتاج فيه لذلك . فما المانع أن يتحقق من شخصيتهن ضابطات للأمن أو غيرهن من الموظفات دون أي حساسية ، وباحترام ومعاملة مهذبة ؟
ثالثا : لا شك أن من يريد أن يتخفى وراء شيء ما ليداري جريمة ما فإنه لا يختار شيئا قبيحا ، وإنما يختار شيئا مستحسنا . لنفرض أن هناك امرأة سيئة السير والسلوك تتخفى وراء النقاب فما من شك أنها تتخفى وراءه لأنه مستحسن لا لأنه قبيح !!
لقد وصل الأمر ببعضهم لكي يمنع النقاب إلى التآمر والاحتيال والنصب والدجل . يقول الأستاذ محمد جلال كشك في كتابه ( قراءة في فكر التبعية ) ص ( 421 ) : أن عميد إحدى الكليات اعترف : أنه لكي يمنع الحجاب أو النقاب في كليته استأجر طالبا من كلية أخرى واتفقوا معه على أن يحاول دخول الكلية منقبا ويقبض عليه الحرس وتصبح فضيحة . وتم ذلك فعلا واستغلها العميد فأصدر قرارا بمنع الحجاب أو النقاب ودفعوا للطالب أُجرته مع بعض الأقلام والشلاليت ! وكان العميد يروي هذه القصة مفتخرًا قائلا : بعشرة جنيه حلِّيت مشكلة الحجاب في كُلِّيتي ! ترى كم يتكلف تلميع خائب وترويج بائر ) اه
* * * *
والذي دعاني للحديث في هذا الموضوع هو هذه الحملة الموتورة على النقاب وجرأة البعض على الفتوى والزعم بأن المذاهب الأربعة تُحَرِّم أو تُبَدّع النقاب أو تجعله من المكروهات !! ، وبدا أن هناك حملة لإشاعة الجهل بين الناس أو استغلال بعد الناس عن مواطن العلم ، لترويج أباطيل ليست من دين الله في شيئ ، بل هي اعتداء على الدين والعلم وافتراء على فقهاء المسلمين .
فمسألة الحجاب والنقاب من المسائل التي قتلت بحثا وهي تدور بين الوجوب والاستحباب ولكن من العجب العجاب أن ينتقل بنا أقوام يزعمون الاجتهاد وهو منهم براء إلى دائرة التحريم والكراهة ؛ دون أي دليل بل باستخدام الكذب والتزوير . ولو كان لهؤلاء القائلين بكراهة أو تحريم النقاب سلف من هذه الأمة ، أو مستند يعتمدون عليه ولو كان واهيًا ، أو حكوا مذاهب العلماء في وجوب ستر الوجه وعدمه بأمانة ، ونقلوا أدلتهم بنزاهة ، ثم اختاروا القول بعدم الوجوب ، لقلنا : جنحوا لمذهب مرجوح لهم فيه سلف . ولكن العجب العجاب ، قول من يقول أن النقاب بدعة ويدعو لتحريمه أو كراهته . وللأسف الشديد يتم هذا التَّبَجُّح باسم علوم الدين !! وعلومُ الإسلام كلها بريئة إلى اللَّه تعالى من انتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، ولذلك أحببت أن أضع بين يدي القراء بعض معالم الحقيقة في هذا الموضوع ، والعمدة في ذلك كتاب شيخنا العلامة الفقيه الدكتور محمد فؤاد البرازي الرائع ( حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) ، على أن نتبع هذا المقال بآخر يعرض كلام المفسرين في هذه المسألة ، وكلام أعلام الفقه قديما وحديثا .
ستر الوجه في المذاهب الأربعة :
من المفيد أن نشير إلى أن القائلين بجواز كشفه ، قد اتجهت مذاهبهم إلى وجوب ستره لخوف الفتنة نظرًا لفساد الزمن . وبناءً على ذلك فقد استقر الكثير من فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم على وجوب ستر الوجه .ويحسن بنا في هذا المقام أن نذكر شذرات قليلة من أقوال علماء كل مذهب من هذه المذاهب ، منقولة من كتب أصحابها ومعظم هذه الكتب تدرس بالأزهر منذ مئات السنين وإلى اليوم ، إبراءً للذمة ، وإقامة للحجة ، وحتى لا يصدق الناس ما يروجه المزورون من أن النقاب لا وجود له في المذاهب الفقهية الكبرى الأربعة !!
أولا : مذهب الحنفية :
1 قال الشرنبلالي في ( متن نور الإيضاح ) : « وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها باطنهما وظاهرهما في الأصح ، وهو المختار » . وقد كتب العلامة الطحطاوي في ( حاشيته الشهيرة على مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح ص 161) عند هذه العبارة ما يلي : « ومَنْعُ الشابة من كشفه أي الوجه لخوف الفتنة ، لا لأنه عورة » اه .
2 وقال الشيخ داماد افندي (مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر 1 / 81) : « وفي المنتقى : تمنع الشابة عن كشف وجهها لئلا يؤدي إلى الفتنة . وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد وعن عائشة : جميع بدن الحرة عورة إلا إحدى عينيها فحسب ، لاندفاع الضرورة » اه .
3 وقال الشيخ محمد علاء الدين الإمام (الدر المنتقى في شرح الملتقى 1 / 81 ( المطبوع بهامش مجمع الأنهر ) : « وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ، وقدميها في رواية ، وكذا صوتها، وليس بعورة على الأشبه ، وإنما يؤدي إلى الفتنة ، ولذا تمنع من كشف وجهها بين الرجال للفتنة » اه .والراجح أن صوت المرأة ليس بعورة ، أما إذا كان هناك خضوع في القول ، وترخيم في الصوت فإنه محرم .
4 وقال الشيخ الحصكفي (الدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين 3 / 188 189) : « يعزر المولى عبده ، والزوج زوجته على تركها الزينة الشرعية مع قدرتها عليها ، وتركها غسل الجنابة ، أو على الخروج من المنزل لو بغير حق ، أو كَشفت وجهها لغير محرم » اه باختصار .
5 وقال في موطن آخر : « وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين رجال ، لا لأنه عورة ، بل لخوف الفتنة ، كمسّهِ وإن أَمِنَ الشهوة ، لأنه أغلظ ، ولذا ثبتت به حرمة المصاهرة ». قال خاتمة المحققين ، العلامة ابن عابدين في حاشيته الشهيرة عند هذه العبارة : « والمعنى : تُمنَعُ من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة ، لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة .وقوله : « كمسِّهِ » أي : كما يمنع الرجل من مسِّ وجهها وكفِّها وإنْ أَمِنَ الشهوة » اه ( انظر : الدر المختار ، مع حاشية رد المحتار ( 1 / 272) .
6 وقال العلامة ابن نجيم ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق 1 / 284) : « قال مشايخنا : تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة » اه .
7 وقال أيضًا في موضع آخر ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق 2 / 381) : « وفي فتاوى قاضيخان : ودلَّت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة . اه وهو يدل على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجبٌ عليها » اه .
8 وقال الشيخ علاء الدين عابدين (الهدية العلائية ( ص / 244) : « وتُمنع الشابة من كشف وجهها خوف الفتنة » اه .
وقد أوجب فقهاء الحنفية على المرأة الْمُحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب .
9 قال العلامة المرغيناني (فتح القدير ( 2 / 405) عند كلامه عن إحرام المرأة في الحج : « وتكشف وجهها لقوله عليه السلام : إحرام المرأة في وجهها ». قال العلامة المحقق الكمال بن الهمام تعليقًا على هذه العبارة : « ولا شك في ثبوته موقوفًا . وحديث عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود وابن ماجه ، قالت : كان الركبان يمرون ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذَونا سَدَلَت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه . قالوا : والمستحب أن تسدل على وجهها شيئًا وتجافيه ، وقد جعلوا لذلك أعوادًا كالقُبة توضع على الوجه يسدل فوقها الثوب . ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة وكذا دلَّ الحديث عليه » اه .
10 وقال العلامة الحصكفي (الدر المختار ورد المحتار ( 2 / 189 ) عند كلامه عن إحرام المرأة في الحج : « والمرأة كالرجل ، لكنها تكشف وجهها لا رأسها ، ولو سَدَلَت شيئًا عليه وَجَافَتهُ جاز ، بل يندب » .قال خاتمة المحققين ، العلامة ابن عابدين في حاشيته على « الدر المختار » عند قوله : « بل يُندب » ، قال : « أي خوفًا من رؤية الأجانب ، وعبَّر في الفتح بالاستحباب ؛ لكنْ صرَّحَ في « النهاية » بالوجوب . وفي « المحيط » : ودلَّت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة ، لأنها منهية عن تغطيته لحقِّ النُّسك لولا ذلك ، وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة » . اه ونحوه في الخانية . ووفق في البحر بما حاصله : أنَّ مَحْمَلَ الاستحباب عند عدم الأجانب ، وأما عند وجودهم فالإرخاء واجب عليها عند الإمكان ، وعند عدمه يجب على الأجانب غض البصر ... » اه باختصار .
فأنت ترى من النصّين التاسع والعاشر تصريح فقهاء الحنفية بنهي المرأة أثناء الإحرام بالحج عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة ، وقولهم بوجوب ستره رغم أنها في أقدس الأمكنة مستدلين على ذلك بحديث عائشة السابق ذكره . فإذا كان الأمر كذلك وهي محرمة في أقدس البقاع ، فوجوب ستره في غيرها أَوْلى وأحرى بالاتِّباع .
ثانيا : مذهب المالكية :
1 روى الإمام مالك ( الموطأ 2 / 234 بشرح الزرقاني ، وانظر نحوه في : أوجز المسالك 6 / 196) ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت : « كنا نُخمّر وجوهنا ونحن محرمات ، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق » .قال الشيخ الزرقاني « زاد في رواية : فلا تنكره علينا ، لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس ، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها ، أو يُنظر لها بقصد لذة . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله ، والخفاف ، وأن لها أَنْ تغطي رأسها ، وتستر شعرها ، إلا وجهها ، فَتُسدل عليه الثوب سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال ، ولا تُخَمِّر ، إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر ، فذكر ما هنا ، ثم قال : ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلًا ، كما جاء عن عائشة قالت : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مُرَّ بنا سَدَلْنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات ، فإذا جاوزْنا رفعناه » اه .
2 وقال الشيخ الحطَّاب (مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 1 / 499) : « واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين . قاله القاضي عبد الوهاب ، ونقله عنه الشيخ أحمد زرّوق في شرح الرسالة ، وهو ظاهر التوضيح . هذا ما يجب عليها »اه .
3 وقال الشيخ الزرقاني في شرحه لمختصر خليل : (( وعورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم غير الوجه والكفين من جميع جسدها ، حتى دلاليها وقصَّتها .وأما الوجه والكفان ظاهرهما وباطنهما ، فله رؤيتهما مكشوفين ولو شابة بلا عذر من شهادة أو طب ، إلا لخوف فتنة أو قصد لذة فيحرم ، كنظر لأمرد ، كما للفاكهاني والقلشاني . وفي المواق الكبير ما يفيده . وقال ابن الفاكهاني : مقتضى مذهبنا أن ذلك لا يحرم إلا بما يتضمنه ، فإن غلبت السلامة ولم يكن للقبح مدخل فلا تحريم )) . وهذا كله كما ترى في حكم نظر الرجل الأجنبي المسلم إليها . أما حكم كشف وجهها فلم يتعرض الشارح له في هذا الموضع ، وستجده في الفقرة الرابعة المنقولة من حاشية الشيخ البناني عند كلامه على هذه العبارة نفسها ، فانتظره فإنه بيت القصيد . (( ومذهب الشافعيّ أَمَسُّ بسدِّ الذرائع ، وأقرب للاحتياط ، لا سيَّما في هذا الزمان الذي اتّسع فيه البلاء ، واتسع فيه الخرق على الراقع » . اه باختصار يسير ( شرح الزرقاني على مختصر خليل 1 / 176) .
4 وقد كتب العلامة البنَّاني في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل على كلام الزرقاني السابق (1 / 176 ، ونحوه في حاشية الصاوي على الشرح الصغير 1 / 289) . ) ما يلي » قول الزرقاني : إلا لخوف فتنة ، أو قصد لذة فيحرم ، أي النظر إليها ، وهل يجب عليها حينئذٍ ستر وجهها ؟ وهو الذي لابن مرزوق في اغتنام الفرصة قائلًا : إنه مشهور المذهب ، ونقل الحطاب أيضًا الوجوب عن القاضي عبد الوهاب ، أو لا يجب عليها ذلك ، وإنما على الرجل غض بصره ، وهو مقتضى نقل مَوَّاق عن عياض . وفصَّل الشيخ زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها ، وغيرها فيُستحب »اه .
5 وقال ابن العربي : « والمرأة كلها عورة ، بدنها ، وصوتها ، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة ، أو لحاجة ، كالشهادة عليها ، أو داء يكون ببدنها ، أو سؤالها عما يَعنُّ ويعرض عندها » أحكام القرآن ( 3 / 1579) . قال محمد فؤاد البرازي : الراجح أن صوت المرأة ليس بعورة ، أما إذا كان هناك خضوع في القول ، وترخيم في الصوت ، فإنه محرم كما سبق تقريره .
6 وقال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره ( 12 / 229) : « قال ابن خُويز منداد وهو من كبار علماء المالكية : إن المرأة اذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة ، فعليها ستر ذلك ؛ وإن كانت عجوزًا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها » اه .
7 وقال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري (جواهر الإكليل 1 / 41 ) : « عورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم جميع جسدها غير الوجه والكفين ظهرًا وبطنًا ، فالوجه والكفان ليسا عورة ، فيجوز كشفهما للأجنبي ، وله نظرهما إن لم تُخشَ الفتنة . فإن خيفت الفتنة فقال ابن مرزوق : مشهور المذهب وجوب سترهما . وقال عياض : لا يجب سترهما ويجب غضُّ البصر عند الرؤية . وأما الأجنبي الكافر فجميع جسدها حتى وجهها وكفيها عورة بالنسبة له » اه .
8 وقال الشيخ الدردير (جواهر الإكليل 1 / 41 ) : « عورة الحرة مع رجل أجنبي منها ، أي ليس بِمَحْرَمٍ لَهَا ،جميع البدن غير الوجه والكفين ؛ وأما هما فليسا بعورة وإن وجب سترهما لخوف فتنة» اه .
وقد أوجب فقهاء المالكية على المرأة المُحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب .
9 قال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري ( جواهر الإكليل 1 / 41) في أبواب الحج : « حَرُمَ بسبب الإحرام بحج أو عمرة على المرأة لبس محيط بيدها كقُفَّاز ، وستر وجهٍ بأي ساتر ، وكذا بعضه على أحد القولين الآتيين ، إلا ما يتوقف عليه ستر رأسها ومقاصيصها الواجب ، إلا لقصد ستر عن أعين الرجال فلا يحرم ولو التصق الساتر بوجهها ، وحينئذٍ يجب عليها الستر إن علمت أو ظنت الافتتان بكشف وجهها ، لصيرورته عورة . فلا يقال : كيف تترك الواجب وهو كشف وجهها وتفعل المحَرّم وهو ستره لأجل أمر لا يُطلب منها ، إذ وجهها ليس عورة ؟ وقد علمتَ الجواب بأنه صار عورة بعلمِ أو ظنِّ الافتتان بكشفه »اه باختصار .
10 وقال الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي المالكي الأزهري ) الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني 1 / 431) في باب الحج والعمرة : « واعلم أن إحرام المرأة حرة أو أَمَةً في وجهها وكفيها . قال خليل : وحَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفَّاز ، وستر وجه إلا لستر بلا غرز ولا ربط ، فلا تلبس نحو القفاز ، وأما الخاتم فيجوز لها لبسه كسائر أنواع الحلي ، ولا تلبس نحو البرقع ، ولا اللثام إلا أن تكون ممن يخشى منها الفتنة ، فيجب عليها الستر بأن تسدل شيئًا على وجهها من غير غرز ولا ربط » . اه باختصار يسير .
11 وقال الشيخ الدردير (الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي 2 / 54، 55) : « حَرُمَ بالإحرام بحج أو عمرة على المرأة ولو أَمَة ، أو صغيرة ، ستر وجه ، إلا لستر عن أعين الناس ، فلا يحرم ، بل يجب إن ظنت الفتنة ... » اه .
12 وقال الشيخ عبد الباقي الزرقاني ( شرح الزرقاني على مختصر خليل 2 / 290 291) في أبواب الحج : « حَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفَّاز ، وستر وجه ، إلا لستر عن الناس ، فلا يحرم عليها ستره ولو لاصقته له ، بل يجب إن علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة ، أو ينظر لها بقصد لذة ، وحينئذٍ فلا يقال : كيف تترك واجبًا وهو ترك الستر في الإحرام وتفعل محرمًا وهو الستر لأجل أمر لا يطلب منها ، إذ وجهها ليس بعورة ؟ فالجواب : أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت ، إلى آخر ما مر » اه وتمام العبارة : « أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة ، أو ينظر لها بقصد لذة » اه .
* ونستخلص من النصوص السابقة المأخوذة من المراجع المعتمدة عند المالكية أنه :
يُسَنُّ للمرأة أن تستر وجهها عند تحقق السلامة والأمن من الفتنة ، وعند عدم النظر إليها بقصد اللذة .
أما إذا علمت أو ظنت أنه يُخشى من كشف وجهها الفتنة ، أو ينظر لها بقصد لذة ، فيصير عورة يجب عليها حينئذٍ ستره ، حتى ولو كانت محرمة بحج أو عمرة . هذا هو مشهور المذهب كما حكاه ابن مرزوق . ولا شك أننا في زمن تحققت فيه الفتنة ، وانتشرت في أطرافه الرذيلة ، وامتلأت الطرقات بالمتسكعين الذين يتلذذون بالنظر إلى النساء ، فلا يجوز والحال على هذا عند المالكية أنفسهم ، ولا عند المذاهب الثلاثة الأخرى خروج المرأة كاشفة عن وجهها ، بل يجب عليها ستره .
* * * *
ثالثًا : مذهب الشافعية :
1 قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المنهج : « وعورة حُرَّة غير وجه وكفين« ... . قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على الكتاب السابق عند قوله : « غير وجه وكفين : وهذه عورتها في الصلاة . وأما عورتها عند النساء المسلمات مطلقًا وعند الرجال المحارم ، فما بين السرة والركبة . وأما عند الرجال الأجانب فجميع البدن . وأما عند النساء الكافرات ، فقيل : جميع بدنها ، وقيل : ما عدا ما يبدو عند المهنة » اه ( حاشية الجمل على شرح المنهج 1 / 411) .
2 وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي ( تحفة المحتاج بشرح المنهاج 3 / 113 115 ، المطبوع بهامش حاشيتي الشرواني والعبادي ) في « فصل تكفين الميت وحمله وتوابعهما » : « يُكفن الميت بعد غسله بما لَهُ لُبْسُهُ حيًا ... ثم قال : وأقله ثوب يستر العورة المختلفة بالذكورة والأنوثة »اه .وقد كتب الشيخ الشرواني ( حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 3 / 115) في حاشيته على تلك العبارة : « فيجب على المرأة ما يستر بدنها إلا وجهها وكفيها ، حرَّة كانت أو أمة . ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة ، بل لكون النظر إليهما يوقع في الفتنة غالبًا . شرح : م ر أي شرح شمس الدين بن الرملي رحمهما الله تعالى .
3 وذكر ابن قاسم العبادي في ( حاشيته على تحفة المحتاج 3 / 115) نحو ذلك على العبارة نفسها ، فقال : « فيجب ما ستر من الأنثى ولو رقيقة ما عدا الوجه والكفين . ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة ، بل لخوف الفتنة غالبًا . شرح : م ر » اه .
4 وقال الشيخ الشرواني : « قال الزيادي في شرح المحرر : إن لها ثلاث عورات : عورة في الصلاة ، وهو ما تقدم أي كل بدنها ما سوى الوجه والكفين . وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها : جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد .وعورة في الخلوة وعند المحارم : كعورة الرجل »اه أي ما بين السرة والركبة ( حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 2 / 112) .
5 وقال أيضًا : « من تحققت من نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه ، وإلا كانت معينة له على حرام ، فتأثم » اه (حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 6 / 193) .
6 وقال الشيخ زكريا الأنصاري : « وعورة الحرة ما سوى الوجه والكفين » فكتب الشيخ الشرقاوي في حاشيته على هذه العبارة : « وعورة الحرة .. أي : في الصلاة . أما عورتها خارجها بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها حتى الوجه والكفين ولو عند أَمنِ الفتنة » اه (تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب 1 / 174) .
7 وقال الشيخ محمد الزهري الغمراوي (أنوار المسالك شرح عمدة السالك وعدة الناسك ص 217 ) : (( ويحرم أن ينظر الرجل إلى شيء من الأجنبية ، سواء كان وجهها ، أو شعرها ، أو ظفرها ، حرة كانت أو أمة ...)) ثم قال بعد أربعة أسطر : (( فالأجنبية الحرة يحرم النظر إلى أي جزء منها ولو بلا شهوة ، وكذا اللمس والخلوة ؛ والأَمة على المعتمد مثلها ، ولا فرق فيها بين الجميلة وغيرها ...)) . ثم قال في الصفحة التي تليها : ويحرم عليها أي المرأة كشف شيء من بدنها ، ولو وجهها وكفيها لمراهق أو لامرأة كافرة »اه .
8 وقال الشيخ محمد بن عبد الله الجرداني (فتح العلام بشرح مرشد الأنام ( 1 / 34 35 ) : « واعلم أن العورة قسمان : عورة في الصلاة . وعورة خارجها ، وكل منهما يجب ستره » اه .وبعد تفصيل طويل نافع قال تحت عنوان : « عورة المرأة بالنسبة للرجال الأجانب ، وما فيه من كلام الأئمة ، وحكم كشف الوجه : « وبالنسبة لنظر الأجنبي إليها جميع بدنها بدون استثناء شيء منه أصلًا ..ثم قال : ويجب عليها أن تستتر عنه ، هذا هو المعتمد ، ونقل القاضي عياض المالكي عن العلماء : أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة ، وعلى الرجال غض البصر عنها . وقيل : وهذا لا ينافي ما حكاه الإمام من اتفاق المسلمين على منع النساء بأن يخرجن سافرات الوجوه ، أي كاشفاتها ، لأن منعهن من ذلك ليس لوجوب الستر عليهن ، بل لأن فيه مصلحة عامة بسدِّ باب الفتنة . نعم : الوجه وجوبه عليها إذا علمت نظر أجنبي إليها ، لأن في بقاء الكشف إعانة على الحرام . أفاد ذلك السيد أبو بكر في حاشيته على فتح المعين نقلًا عن فتح الجواد . وضعَّفَ الرملي كلام القاضي ، وذكر أن الستر واجب لذاته . ثم قال : وحيث قيل بالجواز كره ، وقيل : خلاف الأَولى .وحيث قيل بالتحريم وهو الراجح حرم النظر إلى المُنَقَّبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها ، أي ما دار بهما ، كما بحثه الأذرعي ، لا سيَّما إذا كانت جميلة » اه ( فتح العلام بشرح مرشد الأنام 1 / 41 42 ) ، ونحوه في مغني المحتاج ( 3 / 129) .
9 وقال الشيخ تقي الدين الحصني (كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار ( 1 / 181 ) : « ويُكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل ، والمرأة متنقّبة إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر ، فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب . وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس ، زاده الله شرفًا ، فليُجتنَب ذلك »اه .
10 وقال الشيخ محمد بن قاسم الغزي : « وجميع بدن المرأة الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ، وهذه عورتها في الصلاة ، أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها »اه (فتح القريب في شرح ألفاظ التقريب ( ص 19) .
11 وقد أجاز فقهاء الشافعية للمرأة المُحْرِمة بالحج أو العمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب ؛ بل أوجبه بعضهم . قال العلامة الرملي الشهير بالشافعي الصغير : « وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبًا متجافيًا عنه بنحو خشبة وإن لم يُحتَج لذلك لحرٍّ وفتنة .. ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعيَّن طريقًا لدفع نظر مُحرَّم .وقد كتب الشبراملسي في حاشيته عليه : « قوله : ولا يبعد جواز الستر أي : بل ينبغي وجوبه ، ولا ينافيه التعبير بالجواز ، لأنه جوازٌ بعد مَنع ، فيَصدُق بالواجب » اه (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، ومعه حاشية الشبراملسي ( 3 / 333) .
12 وقال الخطيب الشربيني : « وإذا أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو ثوب متجافٍ عنه بنحو خشبة ، بحيث لا يقع على البشرة . « وقد كتب البجيرمي في حاشيته على هذا القول : « فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ولو بحضرة الأجانب ومع خوف الفتنة ، ويجب عليهم غض البصر ، وبه قال بعضهم . والمتجه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه » اه (حاشية البجيرمي على الخطيب ( 2 / 391) .
13 ونقل الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي ( أوجز المسالك إلى موطأ مالك 6 / 197 ) نقلًا عن : شرح الإقناع .
في « باب تخمير المحرم وجهه » عن « شرح الإقناع » قوله : « وإذا أرادت » ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو خشبة ، بحيث لا يقع على البشرة . وفي حاشيةِ قوله : « إذا أرادت » ، فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها أي في حالة الإحرام ولو بحضرة الأجانب ، ومع خوف الفتنة ، ويجب عليهم غض البصر ، وبه قال بعضهم . والمتجه في هذه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه »اه .
* * * *
رابعًا : مذهب الحنابلة
1 قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى : « كل شيء منها أي من المرأة الحرة عورة حتى الظفر » اه (زاد المسير في علم التفسير 6 / 31 ) .
2 وقال الشيخ يوسف بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي في ( مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام ص 120 ) : « ولا يجوز للرجل النظر إلى أجنبية ، إلا العجوز الكبيرة التي لا تشتهى مثلها ، والصغيرة التي ليست محلًا للشهوة ، ويجب عليه صرف نظره عنها . ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت » اه .
3 وقال الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (كشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 309) ) : « والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة حتى ظفرها وشعرها » لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « المرأة عورة » رواه الترمذي ، وقال : حسن صحيح . وعن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم : « أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار ؟ قال : إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها » رواه أبو داود ، وصحح عبد الحق وغيره أنه موقوف على أم سلمة . « إلا وجهها » : لا خلاف في المذهب أنه يجوز للمرأة الحرة كشف وجهها في الصلاة . ذكره في المغني وغيره . « قال جمع : وكفيها » واختاره المجد ، وجزم به في العمدة والوجيز لقوله تعالى : ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [ النور : 31 ] قال ابن عباس وعائشة : وجهها وكفيها . رواه البيهقي ، وفيه ضعف ، وخالفهما ابن مسعود . « وهما » أي : الكفان . « والوجه » من الحرة البالغة « عورة خارجها » أي الصلاة « باعتبار النظر كبقية بدنها » كما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم : « المرأة عورة » اه .
4 وقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري (الروض المربع شرح زاد المستقنع للبهوتي ، مع حاشية العنقري 1 / 140 ) : « وكل الحرة البالغة عورة حتى ذوائبها ، صرح به في الرعاية . اه إلا وجهها فليس عورة في الصلاة . وأما خارجها فكلها عورة حتى وجهها بالنسبة إلى الرجل والخنثى وبالنسبة إلى مثلها عورتها ما بين السرة إلى الركبة » اه .
5 وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي رحمه الله تعالى ( الفروع ( 1 / 601 602): « قال أحمد : ولا تبدي زينتها إلا لمن في الآية. ونقل أبو طالب : « ظفرها عورة ، فإذا خرجت فلا تبين شيئًا ، ولا خُفَّها ، فإنه يصف القدم ، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمّها زرًا عند يدها » . اختار القاضي قول من قال : المراد ب ﴿ مَا ظَهَرَ ﴾ من الزينة : الثياب ، لقول ابن مسعود وغيره ، لا قول من فسَّرها ببعض الحلي ، أو ببعضها ، فإنها الخفية ، قال : وقد نصَّ عليه أحمد فقال : الزينة الظاهرة : الثياب ، وكل شيء منها عورة حتى الظفر » اه .
6 وقال الشيخ يوسف مرعي (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى 3 / 7 ) : « وحرم في غير ما مرَّ أي من نظر الخاطب إلى مخطوبته ، ونظر الزوج إلى زوجته ، وغير ذلك قصدُ نظرِ أجنبية ، حتى شعر متصل لا بائن . قال أحمد : ظفرها عورة ، فإذا خرجت فلا تبين شيئًا ، ولا خُفَّها فإنه يصف القدم . وأُحبّ أن تجعل لكمّها زرًا عند يدها » اه .
7 وقد أجاز فقهاء الحنابلة للمرأة المُحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند مرور الرجال الأجانب قريبًا منها . قال الشيخ ابن مفلح الحنبلي (المبدع في شرح المقنع 3 / 168 ) ، وانظر أيضا : الروض المربع ( 1 / 484) : « والمرأة إحرامها في وجهها » فيحرم عليها تغطيته ببرقع ، أو نقاب ، أو غيره ، لما روى ابن عمر مرفوعًا : « لا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القُفَّازين » رواه البخاري . وقال ابن عمر : إحرام المرأة في وجهها ، وإحرام الرجل في رأسه . رواه الدارقطني بإسناد جيد .. فإن احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبًا منها جاز أن تُسدل الثوب فوق رأسها على وجهها ، لفعل عائشة . رواه أحمد وأبو داود وغيرهما . وشَرَط القاضي في الساتر أن لا يصيب بشرتها ، فإن أصابها ثم ارتفع بسرعة فلا شيء عليها ، وإلَّا فَدَت لاستدامة الستر ، وردَّه المؤلف بأن هذا الشرط ليس عند أحمد ، ولا هو من الخبر ، بل الظاهر منه خلافه ، فإنه لا يكاد يسلم المسدول من إصابة البشرة ، فلو كان شرطًا لبُيِّن »اه باختصار .
8 وقال الشيخ إبراهيم ضويان (منار السبيل ( 1 / 246 247 ) أثناء كلامه عن محظورات الإحرام : « ... وتغطية الوجه من الأنثى ، لكن تُسدل على وجهها لحاجة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفازين » رواه أحمد والبخاري قال في الشرح : فيحرم تغطيته . لا نعلم فيه خلافًا إلا ماروي عن أسماء أنها تغطيه ، فيُحمَلُ على السدل ، فلا يكون فيه اختلاف . فإن احتاجت لتغطيته لمرور الرجال قريبًا منها سدلت الثوب من فوق رأسها ، لا نعلم فيه خلافًا . اه لحديث عائشة : « كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا حاذَونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه » . رواه أبو داود والأثرم » اه .
* * * *
الخُلاصة : يستنتج من تلك النصوص التي سقناها من المصادر المعتمدة عند كل مذهب من تلك المذاهب الأربعة ما يلي :
1 وجوب ستر المرأة جميع بدنها ، بما في ذلك وجهها وكفيها عن الرجال الأجانب عنها . وقد رأى بعض أهل العلم أن الوجه والكفين عورة لا يجوز إظهارهما لغير النساء المسلمات والمحارم ، استنادًا إلى الحديث الصحيح : « المرأة عورة . « ورأى البعض الآخر أنهما غير عورة ، لكنهم قالوا بوجوب سترهما لخوف الفتنة نظرًا لفساد الزمن . فانعقدت خناصر المذاهب الأربعة على وجوب سترهما ، وحرمة كشفهما . لذا نقل « الإمام النووي » ، و« التقي الحصني » ، و« الخطيب الشربيني » ، وغيرهم عن « الإمام الجويني » إمام الحرمين اتفاقَ المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه . انظر : روضة الطالبين ( 7 / 21 ) ، وكفاية الأخيار ( 2 / 75 ) ، ومغني المحتاج ( 3 / 128 129) .
2 دَلَّت النصوص التي سقناها عن المذاهب الأربعة على وجوب ستر المحرمة وجهها بغير البرقع والنقاب عند البعض ، وعلى جواز ستره بغيرهما عند مرور الرجال الأجانب بها عند البعض الآخر . وما ذلك إلا لصيانتها من نظراتهم رغم كونها محرمة .لهذا قال الحافظ ابن عبد البر (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 15 / 108 ) : « أجمعوا أنَّ لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال إليها ، ولم يجيزوا لها تغطية وجهها أي وهي محرمة بنحو خمار إلا ما ذكرنا عن أسماء » اه .
وفي الوقفات المقبلة نوضح مشروعية النقاب عند أهل العلم من غير المذاهب الأربعة وعند المفسرين كذلك ، والله المستعان .
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
  #3  
قديم 12-15-2007, 02:26 PM
 
رد: الشريعة بين لباس المرأة وحجابها.... راغب الركابي

بسم الله الرحمن الرحيم
ولو قامت الدنيا كلها على
النقاب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد، فإن من سنن الله تعالى في خلقه
(سنة الدفع)؛ قال سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251]
والمؤمنون الصادقون والدعاة الراسخون لا يهتزون ولا يثورون كلما هبت ريح الدفع؛ قد تعودوا على سنن الله في تمحيص عباده، ثم تمييز صفهم وصفوتهم ،ثم تمكين أوليائه وحزبه
.
مثال ذلك أن تهاجم أبواق الجهل وأصوات {الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا} بشتى الوسائل رمز العفاف (النقاب)،أو أن يثير الرويبضة سمومهم في عمق ثوابت الدين كهلاوس التشكيك في الصحيحين، أو إنكار شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، أو تمييع البراء من الشيعة، أو إنكار عذاب القبر ونعيمه..
إلخ
وتزداد المآساة بسكوت أهل الحق أو تمييعهم، بل تزداد المآساة إن وقفوا موقف المدافع أمام كل أصل من أصولهم وهو يُشكك فيه
.. كأنهم وضعوا الدين في قفص اتهام، وجعلوا يبحثون عن محامين يبررون له خطأه.. {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ
}
ونحو الهدف.. تعالوا نضع هذه القاعدة
:

هناك مجموعة من
الثوابت لا تقبل المناقشة
فلا تمييع للقضايا . . ولا تَقَبُّل لكل شيء دون ضابط أو دليل، ولاسير خلف أهواء الناس حيثما خطت أقدامهم، فهذا لا يصلح. إنما التمسك بمبادئنا ، والالتزام بمنهجنا،رضي الناس أم سخطوا،وهل نود أن نكون ممن يرضون الناس و يسخطون الله؟ !!
وكثيراً رأينا من دعا الناس على وفق أهوائهم ، وتأول لهم تفاديا للاصطدام مع عاداتهم ومألوفاتهم . . فما كان من هؤلاء إلا أن سقطوا بعد فترة يسيرة
!
نعم : أمثال هؤلاء يقعون ولا يستمرون، لأنه لم يكن التزاما حقيقيا بل هو الهوى
.
وليس هواهم في درك المعاصي فحسب، بل قد يكون هواهم في الطاعات أيضا.قال تعالى : {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ ص
:26] .
فلابد من ثوابت عندك لا تقبل الجدل، لا بد أن تكون صاحب منهج ومبادئ ، وقضية تعيش من أجلها
.
انظر إلى سعد بن أبي وقاص ، وكان رجلا برا بأمه، لما أسلم قالت له أمه :" يا سعد ، ما هذا الذي أراك قد أحدثت ؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتعير بي، فيقال : قاتل أمه" !! فقال لها: "يا أماه لاتفعلي،فلا أدع ديني هذا لشيء
" .
فمكثت يوما وليلة لا تأكل،فأصبحت وقد أجهدت، فمكثت يوما آخر وليلة ،حتى ذكر أهل السيرأنهم كانوا إذا أرادوا أن يسقوها بعض الماء ليبقى بها رمق الحياة ،وضعوا بين أسنانها خشبة !! فاشتد جهدها ، فلما رآى كذلك، قال لها:" يأماه.. والله لو كانت لك مئة نفس فخرحت نفسا نفسا ، ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي" .فلما رأت ذلك أكلت . فنزلت هذه الآية: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [ لقمان
:15]
وانتهى الموقف
!
لاتوجد مناقشة ولا جدال ولا تمييع ولا تعريض..هناك أمور لا يمكن أن تترك لأهواء الناس ، كأمور الانحرافات العقدية ، فقضايا مثل التوسل غير المشروع بالصالحين، وسب الدين، والاستهزاء بشرع الله تعالى، والاستعانة بالجن، والكهانة والشعوذة، والبدع المحدثات في العبادات والمناسك والأعياد والجنائز ، والمنكرات الفاحشة، والكبائر الموبقات..كيف بالله عليكم يمكن أن نخضعها ل"قيل وقال "؟
!
نصحني أحد مشايخنا عندما بدأت الدعوة إلى الله، فقال:" إذا جاءك من يريد أن يناقش مسألة تحريم الخمور فلا تعره بصرك ، ولا تلتفت له؛ كيف يمكن النقاش في المعلوم من الدين بالضرورة ؟
! "
ففي الدين ثوابت لا تخضع للتغيير، وأمور سكت عنها الشرع تركت لاجتهاد أهل العلم في كل زمان ومكان، يسعنا فيها الخلاف طالما وسع سلفنا
.
وهناك أمور للتمايز، كما هو الحال في مسائل الهيئات. فللمسلم هيئة تميزه عن باقي أصحاب الملل والنحل. هذا التمايز مطلوب . . وللمرأة حجاب شرعي بمواصفات معينة تفارق به غير المسلمة
..
ومخالفة أصحاب الجحيم أمر ضروري نادى به الشرع، وأكد عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "خالفوا المشركين" [الحديث متفق عليه، وراجع في ذلك : كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية المهم (اقتضاء الصراط المستقيم بمخالفة أصحاب الجحيم) ، فهو أجمع ما كتب في قضية الولاء والبراء
]
وأمر صلى الله عليه وآله وسلم بمخالفة اليهود والنصارى، فقال : "يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب" قال : فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزورن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب"، قلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "فتخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب"، فقلنا : يا رسول الله إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم (لحاهم)، ويوفرون سبالهم (شواربهم)؟، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "قصوا سبالكم، ووفروا عثانينكم، وخالفوا أهل الكتاب" .[أحمد وصححه الأرناؤوط
]
وللرجل كذلك ضوابط شرعية في لباسه وهيئته لابد أن يتأدب بها . .
نعم : ليس هناك زي خاص في الإسلام ، فهذه مسائل تركت لأعراف القوم ، لكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يُحِب من الثياب البياض ، والقميص ، ويرتدي القلنسوة (الطاقية) والعمامة، وكانت لعمامته صلى الله عليه وآله وسلم ذؤابة من خلفه . وإذا كانت هيئتك قريبة منه صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا شك أن هذا عمل حسن تؤجر عليه ، ولو من باب المحبة .
أما ما جاء فيه الأمر كأمر توفير اللحى وقص الشارب ، فلا يسعك فيه المخالفة ، وهكذا باقي الأمور ليست تبعاً للأهواء ، بل هو الشرع وأدلته ، نسير معه حيث سار
.
فإذا جاء والدك وقال :"يا بُني ، حافظ على الأسرة، ولا تسبب لنا الأذى" . وحاول أن يضغط عليك : "إذا لم تحلق لحيتك ، فسأطلق أمك". كأنك لم تسمع شيئاً ، فالمرأة التى سيطلقها ليست مسؤوليتك ، إنما هي زوجته ، إذا طلقها فهو حر ، هو لا يريد زوجة ، فما له بي ؟
! . .
فدينك دينك ، لحمك ودمك ، لا تفرط فيه ، فهو أغلى عندك من أي أحد
. .
ولكن حذار من الأفعال الغوغائية ، وعدم التأدب في المعاملة ، بل { وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [ لقمان :15] ، وبر الوالدين فريضة حتمية ، لا فرق فيها بين والد مسلم أو حتى غير مسلم ، لكن عند حدود الله فلا
.
كذلك: إذا أمرت زوجتك بالنقاب ، ومنعتها من مصافحة غير المحارم ، جاءوك ليجادلوك
. .
يقولون : "لم هذا التزمت؟ ! أتخاف عليها من أخيك؟! هذا أخوك!! إنه لو رآها عارية لسترها؟
!"
أما أنت فلا تناقش. . لأنك لو فتحت باباً للمناقشة ، فلن تنتهي معهم إلى رأي أبداً . . أوامر ربك تنفذها على رغم أنف الجميع أياً كانوا
.
مجموعة من المسلمات لا تقبل المناقشة ، حتى يحفظ عنك
: " آسف ، هذا الموضوع لا يقبل المناقشة ". .
ولا تلتفت لما يلقى إليك من سهام النقد ، بل أخلص العمل ،وسيصرف الله قلوبهم ، وسيقولون : مستمسك بدينه ، وفقه الله .
أما أن يكون في قلبك دخن العلو أو الكبر ، فتتصرف معهم بدافع الغلظة وقسوة الطبع ، فهذا لن يجدي، وسيزداد عليك الأمر وبالاً . . فقط : أخلص تخلص
.
سيقولون بعدها : هذا فلان صاحب "آسف ، هذا الموضوع لا يقبل المناقشة " . . انتهت القضية وكل قضية من أول يوم بهذه الطريقة
.
تدخل عليك ابنة عمك، فتقول لك : "أهلا بك" ، وتمد يدها لتصافحك ، وأنت واضع يدك خلف ظهرك ، تقول لها : "غفر الله لي ولك ، وعفا الله عني وعنك ، تاب الله علينا وعليك.. " ستقول عنك بأنك أصبحت درويشاً أوأنك أصبت بجنون ، فليقولوا ما يقولون . . {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [التوبة
: 13]
الحياء في موضع عدم الحياء عجز وفشل . . إنك إذا استحييت منها اليوم ، ومددت لها كم القميص ، فغداً ستمد لها ذراعك . . وبعدها ستمسك هي يدك بمزاح وضحك ، وهي ليست سلوكيات رجل ملتزم بدينه ، يخشى الله من فوقه ، يخاف أن يحل عليه غضبه ومقته ، فيطرد من رحمته
.
رحم الله سلفنا الصالح . . قالت أم محمد بن كعب القرظى له:" يا بني، لولا أني أعرفك طيباً صغيراً وكبيراً ، لقلت : إنك أذنبت ذنباً موبقاً ،لما أراك تصنع بنفسك
".
قال :"يا أماه ، وما يؤمنني أن يكون الله قد اطلع علي وأنا في بعض ذنوبي، فمقتني وقال : اذهب، لاأغفر لك". [سير أعلام النبلاء
(5/65-66)]
أخي الملتزم . . حبيبي في الله
. .
فليكن هذا فقط شغلك: رضا الله تعالى ، ولو بسخط الناس . .تقول لأهلك وأصدقائك : "ماذا أصنع إذا وقفت بين يدي ربي فقال: كنت تعرف أن هذا الفعل حرام فانتهكه؟. . ماذا أصنع لو أن الله رآني وأنا مقيم على الذنوب والمعاصي؟. . ماذا لو طردت من رحمته؟. . ماذا لو مقتني؟. . ماذا لو كرهني؟. . ماذا لو سخط علي؟. . ماذا عساي أن أفعل وقد قال الله :" ....."، وقال رسول الله:"......"، وعند ذلك لن تجد أحدا يجادلك أو يناقشك
.
زوجتك أو ابنتك ، من لحظة أن التزمت تقول لها :"البسي النقاب
"
تقول لك :" أنا لست مقتنعة
"!
قل لها :"ألبسي أولاً ثم أقنعك
".
تقول لك : "نتناقش
"
قل لها : "لا توجد مناقشات ، ألبسي أولاً وبعدها نتناقش
".
فليس من الحكمة أبداً أن تترك زوجتك تمشي متبرجة بعد سنة من التزامك ، وتتركها حتى تقتنع
!!..

الحكمة
= الالتزام بالسنة
"يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]، شققن مروطهن فاختمرن بها" .[ أبو داود، وصححه الألباني]

ولو قامت الدنيا كلها على
النقاب
ولو قامت الدنيا كلها على النقاب وقد آثاروا فيها الجدال بالفعل ، وقالوا : إنه ليس من الإسلام، فأقوالهم جميعاً لا تمثل شيئاً بالنسبة لك، فكلامهم دبر الأذن، وخلف الظهر، وتحت النعل، لأن مثلهم كمثل مئة كناس قاموا ليغبروا وجه الشمس بالتراب!. . فإن هذا التراب سيرجع على رؤوسهم طيناً، ويبقى وجه الشمس نظيفاً جلياً مشرقاً كما هو؛ معك كلام الله وكلام رسوله. . أدلة واضحة على قولك ، فدعك من كلام البشر.
وتسأل ابنتك أو زوجتك كذلك ساعة صلاة العصر: "هل صليت العصر؟
"
تقول : "لا
"
قل: "لماذا ؟
"
تقول: "كنت مشغولة
"
قل: "لا يوجد شيء اسمه : كنت مشغولة . . إذا أُذن للعصر فاتركي كل شيء لكي تصلي
" .
تقول :" ابني كان يبكي
"
قل: "دعيه
"
تقول: "الغداء سيتأخر
"
قل: "دعيه يتأخر ، الصلاة أولاً" . . قال تعالى : {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه
: 132] .
لابد أن تكون هناك مجموعة من الثوابت التي لا تقبل المناقشة. . أنا لا أصافح النساء. . لا أحد يدخل على زوجتي إلا محارمها. . يُكلمك أخوك ليطمئن عليك، ثم يقول لك: "هات زوجتك أكلمها"، فلا تستح من قول: "لا" بكل صرامة وحزم
...
إذا حان وقت الصلاة وأنت جالس مع أبيك وأخيك وأقاربك ، فقل : "هيا نصلي
"
سيقولون: "انتظر، فأمامك متسع للصلاة، أو اذهب ونحن سنصلي هنا
"
أعرض عن هذه الأقوال، ولا ترد عليها. . وكرر كلمتك أنت : "أقول لكم : قوموا لنصلي . . هيا . . قوموا
"
ثم تأخذ كل الرجال معك إلى الصلاة ، حتى ولو اتهموك بقلة الأدب والذوق، هذا لا يهمك؛

المهم هو
: ماذا أنت عند الله ؟
هذه هي القضية. . والتزم غاية الأدب والتوقير والاحترام، ولكن دون تضييع للدين وطاعة الله والرسول.
يجب أن تكون حازماً حساماً قوياً، والقوة الحقة: قوة الإيمان. فأين قوتك في الحق يا مؤمن؟
!
وحقيقة الإيمان تلوح بالمواقف، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ، ولا تعجز" [مسلم
]
وإن وجدت في نفسك خوراً وعجزاً، فالزم التضرع والدعاء: أخبر أنس بن مالك رضي الله عنه - وكان خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - قال: كنت أسمعه كثيراً يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال" . [البخاري
]
إخوتاه
. .
وفي ذات الوقت يكون التعامل بالرفق ، قال تعالى : {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران : 159]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : "من يحرم الرفق يحرم الخير" . [مسلم] .. فلا خير فيمن لا يرفق بغيره
.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إن الله رفيق يُحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، ومالا يعطي على ما سواه" . [مسلم
]
قال الغزالي رحمه الله في "الإحياء"
:
"
الرفق محمود ، وضده العنف والحدة ، والعنف ينتجه الغضب والفظاظة . والرفق واللين ينتجهما حُسن الخلق والسلامة . والرفق ثمرة لا يثمرها إلا حسن الخلق ، ولا يحسن الخلق إلا بضبط قوة الغضب وقوة الشهوة ، وحفظهما على حد الاعتدال ، ولذلك أثنى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على الرفق وبالغ فيه
".
وانظر إلى هدي نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأدبه مع قوته. ."فعن عائشة tأن رهطا من اليهود استأذنوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا : السام عليك ، فقلت : بل عليكم السام واللعنة ، فقال : "يا عائشة ،إن الله رفيق يُحب الرفق في الأمر كله" . قلت: أولم تسمع ما قالوا؟!، قال: قولي: وعليكم" [متفق عليه
]
فلا فظاظة ولا غلظة ولا تعنيف ، بل الرد بلطف وحكمة ، من غير سكوت على باطل ، وبدون حدة في التعامل، فما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. وليس معنى أن تكون حازماً أن تضرب وتشتم وتسب وتعنف. فقط: عليك أن تستقوي
.
لأنك لا حول لك ولا قوة إلا به سبحانه وتعالى
.
أيها الأحبة في الله.. إنه (الدفع) الذي يمحص الله به عباده، فيميز الثابت الأصيل عن المزيف الدخيل، ثم يأتي بعد ذلك نصر الله وتأييده.. فاثبتوا.. ولا تميعوا.. ولا تدافعوا مدافعة الضعيف المتهم.. {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا
}

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله ،والحمد لله رب العالمين
منقول للأمانه
اخوكم في الله
فارس السنّة
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
  #4  
قديم 12-15-2007, 02:30 PM
 
رد: الشريعة بين لباس المرأة وحجابها.... راغب الركابي

جزى الله أخى فارس السنة على التوضيح الجميل
ولك أخى بارك الله فيك أن تقرأ هذا الموضوع لأختنا alassiaya بارك الله فيها
http://vb.arabseyes.com/t48398.html
رزقنا الله وإياك الهدى وردنا وإياك إلى الحق رداً جميلاً
__________________
اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم

فلو أن ما بى بالحصى فلق الحصى...وبالصخرة الصماء لانصدع الصخر
  #5  
قديم 12-15-2007, 02:35 PM
 
رد: الشريعة بين لباس المرأة وحجابها.... راغب الركابي

السلام عليكم ورحمة وبركاته
فضيلة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله قيوم السموات الأراضين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فهذه نبذة يسيرة موجزة في وجوب التحجب والتستر للمرأة المسلمة عن الرجال الأجانب ، وتحريم إبداء الزينة لغير المحارم الذين ذكرهم الله بقوله " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن .." الآية ، وبيان ما في التكشف وإظهار الزينة من المفاسد والأخطار،وفي واجب الأولياء نحو محارمهم ، وفي ذكر بعض الأدلة التي توضح وجوب التستر والاحتشام ومنع التبرج والتخلع والسفور،وفي مناقشة ما يشبه به المتساهلون في هذا الباب،وبيان سوء أهدافهم وما يرمونه من دعاياتهم إلى الاختلاط وإبداء المحاسن ، كتبها الأخ علي بن عبد الله العماري الذي عُرف بالعلم ، والفهم ، والإدراك ، والبحث ، واستخراج المسائل ، وعرف بالعقل والثبات والاتزان ، ولم يُعرف عنه شيء من التسرع والتهور. فجدير بالمسلم الذي يريد الحقَّ أن يتقبل ما جاء به الدليل ، وأن يتقبل الصواب ممن جاء به بقطع النظر عن قائله ، ويرد الباطل على من جاء به مهما كانت شهرته ومنزلته، فالحق أحق أن يُتبع ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
عضو الإفتاء

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، أم نساء المؤمنين بالحشمة والحجاب ، وصلى الله على محمد وآله وسائر الأصحاب وسلم تسليماً إلى يوم الدين ... أما بعد :
فقد أمر الله تعالى نساء المؤمنين بالتستر وعدم إظهاراً لزينة لغير المحارم خوفاً عليهن من الفواحش والآثام كما قال تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء" . فهؤلاء الأصناف الإثنا عشر يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر أمامهم وهي كاشفة عن وجهها وكفيها ونحوهما؛ لأنهم من المحارم، أما غيرهم فلا يجوز لها ذلك.
ثم جاء بعد ذلك من يجادل في أن الوجه والكفين قد استثنيا واستدلوا بهذه الآية : " ولا يبدين زينتهم إلا ما ظهر منها" وبعض الأحاديث كحديث أسماء ، وحديث سفعاء الخدين ، وقصة الخثعمية ، ونهيه – صلى الله عليه وسلم – أنت تنتقب المرأة وتلبس القفازين وهي محرمة ، وقصة الواهبة وغيرها من الروايات.
لذا عزمت وتوكلت على الله في ذكر أدلة المبيحين والرد عليها من الكتاب والسنة وأقوال أئمة السلف والخلف رحمهم الله ، ثم أذكر الأدلة الثابتة في وجوب ستر الوجه والكفين عن غير المحارم منم ذلك أيضاً.
أدلة المبيحين والرد عليها
أولاً : يستدلون بآية سورة النور " ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها" وأن ابن عباس فد فسرها بأنها الوجه والكفان ، ويرد عليهم أن ابن مسعود قد قال – في تفسير هذه الآية " إلا ما ظهر منها " بأن المقصود هو الرداء والثياب ، وقال بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - الحسن، وابن سيرين ، وأبو الجوزاء ، وإبراهيم النخعي ، وغيرهم. وقال ابن كثير في تفسيرها: أي لا يظهرن شيئاً من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه. وهذا الذي رجحه الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان حيث قال – رحمه الله - : " إن قول من قال في معنى " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " أن المراد بالزينة الوجه والكفان مثلاً ، توجد في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول وهي أن الزينة في لغة العرب هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها : كالحلي والحلل ، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل عليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه.
ثانياً : يستدلون بحدث أسماء – رضي الله عنها – فعن عائشة – رضي الله عنها – أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يضح أن يُرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه " ويرد عليهم بأن هذا الحديث ضعيف جداً كما قال بذلك أهل العلم ، وهو مرسل ؛ لأن خالد بن دريك لم يدرك عائشة – رضي الله عنها – فالسند منقطع .. ورد سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز بن باز – حفظه الله ورعاه – هذا الحديث بخمسة أوجه حيث قال سماحته:
1. إن الراوي عن عائشة المسمى خالد بن دريك لم يلق عائشة ، فالحديث منقطع، والحديث المنقطع لا يُحتج به لضعفه.
2. إن في إسناده رجلاً يُقال له سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يُحتج بروايته.
3. إن قتادة الذي روى عن خالد بالعنعنة وهو مدلس يروي عن المجاهيل ونحوهم ويُخفي ذلك ، فإذا لم يصرح بالسماع صارت روايته ضعيفة.
4. إن الحديث ليس فيه التصريح أن هذا كان بعد الحجاب، فيحتمل أنه كان قبل الحجاب.
5. إن أسماء هي زوج الزبير بن العوام ، وهي أخت عائشة بنت الصديق وامرأة من خيرة النساء ديناً وعقلاً، فكيف يليق بها أن تدخل على النبي – صلى الله عليه وسلم وهي إمرأة صالحة في ثياب رقاق مكشوفة الوجه والكفين وزيادة على ذلك بثياب رقيقة وهي التي تُرى عورتها منها فلا يُظن بأسماء أن تدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذه الحال في ثياب رقيقة ترى من ورائها عورتها فيعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لها عليك أن تستري كل شيء إلاّ الوجه والكفين.
معنى هذا أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي كاشفة لأشياء أخرى من الرأس أو الصدر أو الساقين أو ماشابه ذلك ، وهذا الوجه الخامس يظهر لمن تأمل المتن فيكون المتن بهذا المعنى منكراًً لا يليق أن يقع من أسماء رضي الله عنها.
ثالثاً : يستدلون بحديث سفعاء الخدين الذي رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال : " تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم: فقامت امراة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يارسول الله ؟ قال : " لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير" إلخ ، والحديث صحيح أخرجه النسائي.
ويُرد عليهم بما ذكره الشيخ المحدث مصطفى العدوي – حفظه الله – في كتابه ( الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين ) في ص (40):
"والصواب أنها ( امرأة من سفلة النساء) ثم ذكر ثمانية أوجه كلها تدل على أو الرواية الصحيحة هي ( امرأة من سفلة النساء) ثم قال وفقه الله في ص (41) : فعلى هذا فقوله: " امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين ) أي ليست من علية النساء بل من سفلتهم ، وهي سوداء ، هذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر ، وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف المرأة ؛ إذ أنه يُغتفر في حق الإماء ما لا يغتفر في حق الحرائر ... وقد فسر سفعاء الخدين بأنها جرئية ذات جسارة ورعونة وقلة احتشام.
رابعاً : يستدلون بقصة الخثعمية التي جاءت تستفتي النبي صلى الله عليه وسلم فطفق الفضيل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إلها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها .. إلخ ، فقالوا : لو كان كشف الوجه محرماً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تعطي وجهها.
ويرد عليهم أن المرأة كانت محرمة ، والمحرمة لا يجب عليها أن تغطي وجهها إلا إذا احتاجت عند مرور الرجال مثلاً كما جاء عن عائشة رضي الله عنها،في حجة الوداع (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزناه كشفناه) ويرد عليهم أيضاً بما قاله الشيخ حمود التويجري – رحمه الله – وأسكنه فسيح جناته – في كتابه " الصارم المشهور على التبرج والسفور" ص (232) : وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه أن ابن عباس رضي الله عنه لم يصرح في حديثه بأن المرأة كانت سافرة بوجهها. إلى أن قال رحمه الله تعالى – وغاية مافيه ذكر أن المرأة كانت وضيئة ؛ وفي الرواية الأخرى حسناء فيحتمل أنه أراد حسن قوامها وقدها ووضاءة ما ظهر من أطرافها.
خامسا : يستدلون بنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقب المرأة وأن تلبس القفازين في الإحرام ، ويرد عليهم أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم في الإحرام فقط ، فدل ذلك على أن النساء كن في عند النبي صلى الله عليه وسلم يسترن وجوههن وأيديهن عن الرجال الأجانب بعد نزول آيات الحجاب ، ومع هذا كله فالواجب على المرأة أن تستر وجهها إذا حاذاها الرجال كما كانت تفعل عائشة وأمهات المؤمنين عندما كانت إحداهن تغطي وجهها وهي محرمة عند المرور بين الرجال. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : هذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك بمقتضى ستر وجوههن وأيديهن.
سادسا : يستدلون بقصة الواهبة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتهب نفسها فنظر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها .. إلخ ، ويرد عليهم أن هذه المرأة جاءت تعرض نفسها ليتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كشفت وجهها ليراها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أمر الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، بل هذا دليل عليهم كما قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله : " وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها. أي أنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته بقدر ما يسمح له من الوجه والكفين أما غيره فلا يجوز. والصحيح أنها كانت محجبة، وإنما نظر إلى حسن قوامها وقدها وبدنها وطولها أو قعرها مع تسترها.
وقبل أن أشرع في ذكر الأدلة التي تأمر المرأة المسلمة بستر جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان أود أن أذكر القاريء الحبيب أن النساء كن على عند النبي صلى الله عليه وسلم يكشفن وجوههن حتى نزلت آيات الحجاب التي تأمرهن بتغطية سائر الجسد لقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في قصة الإفك إن صفوان بن المعطل السلمي عرفني حين رآني ، وكان قد رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي. فلا يُستبعد أن تكون جميع الأحاديث التي استدل بها أولئك قبل نزول آيات الحجاب منسوخة بالآيات والأحاديث التي سنذكرها إن شاء الله ؛ خاصة أن آيات الحجاب قد نزلت في السنة الخامسة للهجرة ، كما قال ابن كثير – رحمه الله .
الأدلة التي تأمر المرأة المسلمة
بتغطية سائر جسدها
الأدلة من الكتاب:
أولاً: قوله تعالى :" وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن" قال ابن كثير –رحمه الله:" أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن إلا من وراء حجاب.
وقال الشوكاني -رحمه الله- : أي من ستر بينكم وبينهن. وقال الطبري -رحمه الله- " إذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين متاعاً فاسألوهن من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن. والسؤال من وراء حجاب أطهر لقلوب الرجال والنساء من عوارض العين التي تعرض في صدور الرجال والنساء وأحرى أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل. فهذه الآية الكريمة تبين وجوب الستر عن الرجال الأجانب. قال سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز ابن باز – حفظه الله – في هذه الآية: " ولم يستثنِ شيئاً، وهي آية محكمة، فوجب الأخذ بها والتعويل عليها وحمل ما سواها عليها. ثم قال – جزاه الله خيراً - : " والآية المذكورة حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم سفور النساء وتبرجهن بالزينة.
ثانياً: قوله تعالى: " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً".
قال الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- في الصارم المشهور ص(187) : " روى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية قال : " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -حفظه الله- في هذه الآية : " إن محمد بن سرين (سيرين) قال: " سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل :" يدنين عليهن من جلابيبهن" فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.
ثالثا : قول الله تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها " قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الثياب.
رابعاً : قول الله تعالى: " وليضربن بخمرهن على جيوبهن" قال الطبري -رحمه الله- في تفسير هذه الآية : " وليلقين خمرهن على جيوبهن ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن. وفي هذه الآية دليل على تغطية الوجه لأن الخمار هو الذي تغطي به المرأة رأسها فإذا أنزلته على صدرها غطت ما بينهما وهو الوجه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في هذه الآية : " فلما نزل ذلك عمد نساء المؤمنين إلى خمرهن فشققنها وأرخينها على أعناقهن ، والجيب هو شق في طول القميص فإذا ضربت المرأة بالخمار على الجيب سترت عنقها.
انظر أخي القارىء هل يكون ستر العنق إلا بعد ستر الوجه !!
الأدلة من السنة:
أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي ، وقال عنه حسن غريب " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " ففي هذا الحديث العظيم لم يستثن صلى الله عليه وسلم منها شيئاً بل قال : إنها عورة .
ثانياً : فعل عائشة رضي الله عنه في قصة الإفك ، والحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم " قالت عائشة وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي "
ثالثاً : عن عائشة رضي الله عنه قالت : "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جوزنا كشفنا "
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .
رابعاً : حديث عائشة رضي الله عنه قالت : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد " متفق عليه .
خامساً : عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " رواه الإمام أحمد والبخاري وأهل السنن .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – هذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن ، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن .
سادساً : عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها . رواه الإمام أحمد والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم .
سابعاً : عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال : " اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما " فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتها بقول النبي –صلى الله عليه وسلم- فكأنهما كرها ذلك ، قال : فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر وإلا فأنشدك – كأنها أعظمت ذلك – قال : فنظرت إليها فتزوجتها فذكر من موافقتها "
رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا أبو داود وقال الترمذي هذا حديث حسن وصححه ابن حبان .
ثامناً : أخرج الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنه قالت : " خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين " وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أن وجهها كان مستوراً وأنه رضي الله عنه لم يعرفها إلا بجسمها .
وبعد أخي المسلم أختي المسلمة: هل يشك عاقل في تحريم كشف الوجه والكفين لغير المحارم لوضوح الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة علماً أن كثير من أهل العلم ساق أكثر من عشرين دليلاً من السنة في تحريم كشف الوجه ولكن اقتصرت على هذه الأدلة حتى لا أطيل، ومن أراد التفصيل في هذه المسألة فليرجع إلى مجموعة الرسائل في الحجاب والسفور لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وللشيخ عبد العزيز ابن باز ، وللشيخ محمد العثيمين – حفظهما الله – وكتاب الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- " الصارم المسلول على أهل التبرج والسفور" وكتاب" يافتاة الإسلام اقرئي حتى لا تُخدعي" للشيخ صالح البليهي -رحمه الله- و"الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين" للشيخ مصطفى العدوي – حفظه الله- وغيرها من الكتب.
خاصة أن نساء المؤمنين قد اعتدن هذه العبادة الطيبة الحميدة. أما في هذا الزمان الذي كثر فيه التبرج والسفور والإنحلال الخلقي من قبل الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية، والتشبه بالكافرات في الزينة وما يسمونها بالموضة، وانتشرت الأصباغ التي توضع على الوجه فهل يرضى رجل في قلبه غيرة على محارمه أن تكشف زوجته أو أخته أو قريبته أمام الأجانب وقد قال صلى الله عليه وسلم :" ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، وهل يختلف اثنان في أن الوجه هو محط الأنظار من قبل الرجال لأنه هو المكان الذي تُعرف به المرأة هل هي جميلة أم لا.
وقبل أن أختم هذه الرسالة أذكر إخواني المسلمين بحدث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه :" إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" وهذا الحديث يبين عظم وخطورة النساء إذا خرجن وهن نازعات للحجاب.
واله نسأل أن يحفظ أعراضنا ونساءنا من كيد الكائدين، وأن يجنبهن التبرج والسفور وأن يجعلهن صالحات مصلحات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من أقوال الفلاسفة والعظماء في المرأة................... rghd أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 10-18-2007 04:56 PM
من أقوال الفلاسفة والعظماء في المرأة ... دلوعة المغرب أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 10-18-2007 04:55 PM
أقوال عن المرأة والحب عثمان أبو الوليد مواضيع عامة 8 09-30-2007 01:18 AM
(*•.¸(`•.¸100 قول في المرأة والحب ¸.•´)¸.•*) ام ياسمين أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 06-01-2007 11:01 PM
أنواع النساء زهرة الرمال الحياة الأسرية 0 03-09-2007 04:21 PM


الساعة الآن 12:34 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011