عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 09-23-2015, 03:57 PM
 
الفصل السادس


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477445341.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].















.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477448283.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



[/ALIGN]
[ALIGN=center]





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته







6-زيارة الى المطعم
**********************
نزلت سابرينا ببطء درجات السلم التي تؤدي الى الطابق الثاني
وهي تعبث باصابعها في عقدة الشعر المعقوصة فوق رأسها
وظهرت تقطيبة صغيرة بين حاجبيها عندما سمعت صوت ابيها وديبورا يترددان في غرفة الجلوس
فسارت نحو الباب المفتوح وتمهلت ثم نادت سابرينا بصوت يشوبه القلق:
"ديبورا...هل يمكن ان اراك دقيقة واحدة؟"
" طبعا"
وخطت ديبورا خطوات سريعة مكتومة فوق السجادة وهي تسعى الى الباب حيث تقف سابرينا ثم سألتها:
" ما الامر؟"

" هل يناسبني زي البنطلون؟"
تجهمت ديبورا في اضطراب وقالت:
" اظن انه يناسبك. هل دعاك باي الى تناول طعام العشاء في الخارج؟"

فقالت سابرينا:
" سنلتقط شيئا من دكان المرفأ لنأكله كما فعلنا في المرة السابقة ثم نقوم بنزهة خلوية في مكان ما.
انه لن يصحبني الى مطعم عام"

ولمست بيدها البنطلون الفضفاض الرمادي اللون والمطرز بخياطة بنية غامقة
ولقد انتقت له بلوزة عالية بنية اللون ايضا وحملت على ذراعها سترة من نفس اللون
وعلقت حول عنقها سلسلة ذهبية طويلة .
وبعد ان اطمأنت على مظهرها اردفت تسأل:
" هل كان من الافضل ان ارتدي فستانا ابسط؟"

" لا اظن ذلك. قد لا تذهبين الى مطعم فخم لتتناولين فيه طعامك
ولكن لا يعد هذا سببا كافيا لان يبدو مظهرك اشبه بقنفذ البحر.
ان زي البنطلون يصلح لاي مناسبة ماعدا الحفلات الرسمية"
قالت سابرينا:
" حسنا...."

وتنهدت بارتياح فقد اصبح من الصعب عليها ان تعتمد على ذاكرتها في اختيار الملابس المناسبة منذ وقوع الحادثة.
وعندما دق جرس الباب قالت:
" لابد انه باي"
قالت ديبورا:
" محفظة نقودك فوق المنضدة سأخبر باي بأنك في الطريق اليه"

تناولت سابرينا النقود والتقطت العصا العاجية من فوق حامل المظلات وعلقتها على ذراعها
وفتحت الباب المطل على الردهة والقت تحية الوداع على ابيها قبل ان تغلقه وراءها.
وهبطت درجات السلم في لهفة وشوق واخترقت سريعا الممر المؤدي الى ابوابة حيث فتحتها وقالت بملئ فمها:
" انا مستعدة.."

ولمست يد باي ذراعها بخفة وهو يقودها الى المكان الذي وقفت فيه سيارته وقال لها:
" كنت اتمنى ان ترتدي ثوبك الجديد هذه الليلة"

فضحكت سابرينا برقة:
" سأبدو حمقاء اذا ارتديت هذا الثوب في نزهة خلوية"
فقال متسائلا:
" نزهة خلوية؟ اننا لسنا عازمين على القيام بنزهة خلوية.
انني ساصحبك الى احد المطاعم لتناول العشاء. الا تذكرين؟"
وعندما حولت ان تقول:
" ولكن...."

قاطعها وهونافذ الصبر:
" ولكن ماذا؟"
قالت وهي تؤكد على مخارج الكلمات بضربات من اصابعها فوق عصاها:
" اجل...اذكر ما قلته"

واحتضن ظهرها بذراعه وهو يقودها بشدة الى السيارة وفتح الباب وساعدها على الجلوس على مقعدها
وراحت تبحث بيدها عن مقبض السيارة لتحاول الخروج
ولكنها قبل ان تعثر على القفل كان باي قد استدار حول السيارة
واستقر في مقعده وطبق بيده على معصمها فقالت سابرينا:
" انت لا تعيريني اهتمامك"

قال باي وهو يقود السيارة بيد واحدة لتنحرف عند المنحنى:
" لا استطيع ان اعيرك كل اهتمامي واقود السيارة في وقت واحد.
اننا سنتوجه الى مطعم ايطالي صغير وجميل. منظره ليس فخما من الخارج ولكن طعامه رائع"

فاعلنت قائلة:
" لن اذهب"
فقال بصوت ناف الصبر:
" سابرينا...لا يمكن الاستمرار في تجنب الاشياء التي تثير الحرج لك"
فقالت معقبة على كلامه:
" ستبدو احمق عندما تقوديني الى المطعم"
" اتمنى ان لا تقيمي وزنا لما سأكون عليه
لانه اذا كان هذا هو السبيل الوحيد الى ان تطأ قدمك باب المطعم فأنني على استعداد لان اكون احمق"

وفي لمح الصر ادركت سابرينا انه يعني ما يقول ولن يغير من الموقف اي بادرة عناد
او غضب تبديها فهو يعني حقا دخول المطعم بطريقة او بأخرى.
فقالت له بهمسة غاضبة:
" انت قاس ومستبد. لا اعلم لماذا اتيت معك هذه الليلة....كان علي ان اتكهن بانك سوف تتصرف معي مثل هذا التصرف"

فقال ساخرا:
"خير لك ان تتخذ حذرك.
ففي وسعي ان اغير رأي واخذك الى مطعم صيني واضع في يديك العودين الذين يستخدمهما الصينيون في تناول طعامهم.
ولا اظن انكي تجدين استعمالها.
وانفجرت شفتها عن ابتسامة عريضة ولكنها اسرعت تغطي فمها براحة يدها حتى لا تنطلق الضحكة التي اوشكت ان تنفجر من بين شفتيها.
لم تستطع ان تتقن استخدام العودين عندما كانت مبصرة فما بالها الان وهي عمياء؟ لابد ان منظرها سيدعو الى السخرية والرثاء.

ضحك باي برقة وقال:
" اني ارى ابتسامتك التي تخفينها وهذا يعد تقدما في سلوك القردة العمياء العنيدة,
استمري في اخفائها ولا تخجلي اذا بدا شئ منها. فالمبصرون يبتسمون دائما."

فتنهدت سابرينا وقالت بمرح:
" لماذا لا استطيع ان اتفوق عليك في مناقشة واحدة؟"

فقال:
" لانك يا ملكتي العمياء تعرفين دائما انني على صواب"
ولدهشتها تناولا الطعام دون حدوث اي نكبات
بينما اعتادت سابرينا ان ترتطم يدها بالاكواب ويسقط الطعام على المائدة في المرات السابقة
التي تناولت طعامها خارج البيت عقب الحادثة اما في هذه المرة لم يحدث شئ من هذا
القبيل. وانذرها باي ضاحكا بأنه سيطلب لها طبقا من المعكرونة الاسباغيتي ولكنها وجدت امامها فنجانا من القهوة بدلا منه.

اسندت ظهرها الى مقعدها ولمست يدها بحرص فنجان القهوة حتى تقدر مكانه تماما وبدت تنهيدة رضا من بين شفتيها وسألها باي برقة:
" لماذا تتنهدين؟"
فأجابت"
" لانها وجبة ممتعة. اشكرك لانك اجبرتني على المجئ."
فقال لها بصوت عابث:
" افضل ان تقولي اقنعتني بدلا من اجبرتني"

قالت باسمة:
"اقنعتني بالمجئ الى هنا"
سألها بصوت حاد لكن بنبرة مراوغة:
" الم تشعري بالكآبة عندما علمت بنتيجة الفحوص السلبية؟"

قالت سابرينا:
" طبعا كنت اتمنى ان تكون النتائج ايجابية ولكنني لم اعر الامر اهتماما كبيرا لسببين: اولهما لانك اسديت لي نصيحة
وثانيهما لانني بدأت في العمل مرة اخرى بصورة خلاقة.
عندما ذهبت هذه المرة الى المستشفى لم تكن حياتي كفتاة عمياء
بلا هدف اما في المرة السابقة فقد اصدر المختصون حكمهم ولم يكن لدي اي هدف سوى الفراغ. الان يا باي عندي هدف"
" انت تشيرين الى ممارسة النحت...متى تسمحين لي بمشاهدة انتاجك؟"
فقالت سابرينا بابتسامة:
" عندما اكون مستعدة لمواجهة النقد"

فقال باي متحفزا:
" وهل تظنين انني سأكون مصيبا في حكمي؟"
قالت:
" لا اظن انك ستجيز الموضوع بتقدير متوسط لانني ببساطة عمياء"
قال:
" لا اظن انك سوف تركزين على هذا المسند او ترتضين بخفض مستواك"

هزت سابرينا رأسها وقالت بنبرة دافئة:
" لا استطيع فكل ما ابيغه هو ان اكون جيدة في عملي.
اريد ان اكون عظيمة في الفن الذي اعتبره كل مستقبلي.
وهذا هو السبيل الذي يفتح لي باب الامل لان اعود نفسي"
فسألها:
" وهذا امر هام بالنسبة لك...اليس كذلك؟"

استرسلت تقول:
" اجل. ليس من اجل كبريائي فقط او استقلالي وانما من اجل ابي فانا لا اريد ان اكون عبئا عليه.
انا اعلم انه لا يفكر في بهذ الطريقة الا انني اعرف انه لم يتزوج ديبورا بسببي
ولكنه سوف يتزوج عندما يكون لي دخل مستمر اعتمد عليه"
فقال باي مقترحا:
" او تتزوجين...وهذا سبب وجيه لترك البيت.

فضحكت سابرينا ولم تأخذ اقتراحه بجدية:
" هناك عقبتان تعترضان هذه المشكلة"
سألها: " ماهما؟"

قالت:
"اولهما: لا يوجد انسان وقعت في حبه.. وليس معقولا ان اتزوج رجلا لمجرد الرغبة في ان اترك المنزل"
سألها: " والعقبة الثانية"

قالت:
" والعقبة الثانية متعارضة للغاية لانه ليس هناك شخص يرضى بالزواج مني"
وهزت رأسها هزة متشككة في العثور على هذا الشخص.
سألها باي بسخرية:
"هل هذا الامر بعيد الاحتمال؟"
فضحكت بهدوء مرة ثانية وقالت:
" يمكن ان يحدث...لو وجد شخص مجنون"

قال:
" دائما اعتبر نفسي شخصا عاقلا. واظن ان هذا وحده كفيل بأن يضعني خارج المسابقة..اليس كذلك؟"
وشعرت سابرينا ببصره يتأمل وجهها ويتحفز لمعرفة رد الفعل وادركت فجأه فحوى الموضوع الذي تدور حوله مناقشاتهما.
فأجابت بحزم:
" بالتأكيد انت خارج المسابقة"
فقال باي:
" اظن ان ذلك يقرر الامر"

واحست سابرينا ان الفتور الذي شاب صوته كان لسبب اعمق من مجرد عدم اهتمامه بردها.
فربما فكر في انها تريد الفوز به لثرائه.
" هل تريدين مزيدا من القهوة يا سابرينا ام تبغين الرحيل؟"
ومدت يدها فعثرت على العصا معلقة على ذراع المقعد وقالت له:
" لا اشكرك. انا مستعدة للرحيل اذا كنت انت مستعدا..."

وبعد هذا العشاء الاول الناجح دعاها باي الى تناول الطعام خارج البيت عدة مرات خلال الاسابيع التالية.
وكانت المطاعم التي وقع اختياره عليها غير مزدحمة بالرواد ولكنها تقدم الطعام الجيد.
وكانت ترتبك عندما يتوقف اصدقاء باي عند مائدتهما للتحية وكانت تحس بدهشتهم عندما يعلمون انها فتاة عمياء
ويعجبون لمصاحبة باي لها.

وفي بعض الاحيان كانت هي تتعجب لمصاحبة باي لها
ولكن الجواب فقد اهميته فقد كان يكفيها انها تتمتع بصحبته دون ان تسأل عن دوافعه الى مصاحبتها
وبالرغم من انها خرجت من قوقعت حياتها الا انها كانت تكره مشاعر الشفقة من اي انسان وخاصة باي .

صقلت سابرينا بحرص ذراع التمثال الصلصالي وتركت اصابعها تنقل صورته الى ذهنها.
وانتابتها رجفة خفيفة من الزهو المكبوت عندما تصورت الصورة الكاملة لتمثال راقصة الباليه التي راحت تدور حول نفسها
وازدادت ثقتها بيدها مع مرور الاسابيع
وفاقت محاولاتها الناجحة عدد محاولاتها الفاشلة.
وتردد صوت وقع اقدام ترتقي درجات السلم فتراجعت سابرينا من امام منضدة العمل
وتراقصت ابتسامة شاحبة على شفتيها وقامت بمسح يدها في المنشفة واستدارت بخفة اتجاه الباب في الوقت الذي اقتربت فيه الخطوات منها
وبدت في وقفتها لهفة لم تستطع ان تخفيها وقالت عندما توقفت الخطوات عند الباب:
" ادخل يا ابي"
وعندما انفتح الباب تمايلت برأسها استعدادا لسماع صوت القادم ولم يكن الشخص القادم اباها....
انما كان باي...ادركت ذلك بغريزتها.

وسألت بدهشة:
" ماذا تفعل هنا؟ قلت انك لن تأتي قبل السابعة.
لا اظن انها الساعة السابعة الان فلم انسى نفسي في العمل"
ولم تتأكد سابرينا من الوقت لان ساعتها لم تكن معها.

فقال باي:
" ليست السابعة كما تظنين. اننا في منتصف بعد الظهر.
لما رأيت انك امتنعت عن دعوتي حتى لا ارى عملك سألت اباك بأن يرسليني اليك هنا
بدلا من ان يدعوك الى الطابق السفلي.

وتحركت سابرينا بضع خطوات في حركة دفاعية تلقائية
لكي تعترض مسار بصره فلم يرى اعمالها بعد سوى ابيها وديبورا ولم تكن على استعداد لان تسمح لاي شخص غريب عن اسرتها
ان يرى ماذا صنعت اصابعها وتمتمت قائلة:
" هذا لا يفسر سبب وجودك هنا في هذا الوقت من النهار"

واستطاعت ان تحس بابتسامة تشوب صوته وهو يقول:
" هل حقا لا يفسر سبب وجودي؟ كنت اظن انه ضروري.
وفي الحقيقة لدي غرض اخر لتسللي الى الاستديو انني اود ان اخبرك بانني الغيت عشاء الليلة.انا اسف يا سابرينا"
فقالت باستخفاف: "حسنا...."

ولم يكن حسنا البتة لانها لم تكن يريده ان يعرف مدى شوقها الى تمضية الامسية معه. ولم تحب ان تبوح له بذلك.
فليس هناك مستقبل في هذه الدعوة وانما مستقبلها هنا في الاستديو حيث يوجد العمل.
فقال باي:
" هل اشعر بالسرور او اتألم من اهانتك لانك تلقيت الخبر بهدوء شديد؟"

واحست سابرينا بحركة ارتفاع حاجبه الكثيف وهو يتحدث اليها. كانت مزيجا بين الدهشة والسخرية. واردف يقول:
" كنت اتوقع منك الاسف لالغاء الدعوة"
قالت بصوت يتسم بنبرة كبرياء:
" كنت اتمنى ان اتمتع بالامسية. لابد ان امرا هاما اجبرك على الغاء عشائنا.
كنت اود ان تحذر صديقتك الغيور بأنها ليست في حاجة الى ان تنتزع عيني فأنا عمياء تماما وفي غنى عن تشويه وجهي"

وكانت ملاحظة سابرينا مازحة واجابها باي مازحا ايضا:
" ما الذي يدفعك الى الظن بأن صديقتي الغيور هي التي غيرت خططنا؟"
فقالت بابتسامة:
" لا اعرف ان هي غيرت خططنا وان كنت اتمنى ان لا تتوقع مني ان اعتقد انك اعزب"

فقال:
"وما الذي يدفعك الى الاعتقاد بانني لست اعزب؟"
وذكرها سؤاله بصورة وجهه الرجولي الشهم الذي تحسسته بيديها
وودت لو تبين له بأن تصرفاته في عدد من المواقف التي مرت بها في الماضي تجيب عن سؤاله.
ابتسمت سابرينا وقالت:
" كل فتاة لها اساليبها الخاصة لمعرفة هذه الاشياء واعتقد انه نوع من غرائز الانثى"

فسألها بتراخي:
" اذا كنت تعتقدين ذلك عني اذن ما رأيك في اننا لم نبلغ بعد في علاقتنا الالفة والمحبة؟"
وضحكت سابرينا وكأن سؤاله يدعو الى السخرية:
" حقا....ياباي. اننا صديقان لا اكثر من هذا"

" تقصدين علاقة افلاطونية اليس كذلك؟"
ورفعت جبينها ازاء ملاحظته القاسية وقالت:
"طبعا"
فقال ساخرا:
"في هذه الحالة متى تبتعدين عن الطريق لكي يرى صديق عملك؟ان رؤيتي محدودة الى حد ما بوقوفك امامي!"

واستنتجت سابرينا انها توهمت القسوة في سؤاله السابق
وقدرت ما هو ظاهر فقط.
واعترتها لحظة تردد وظلت مكانها وكانت ترغب في معرفة رد الفعل الواقع في هذا المجال الفني.

وتنحت جانبا والخوف يعتريها لسماحها لباي بأن يتقدم حتى يرى اعمالها عن قرب. قالت بعصبية:
" بعض محاولاتي الاولى على المنضدة الجانبية. وكما ترى انها ليست جيده ولكنني اتحسن ببطء.
في هذه الاونة اقوم بتشكيل عدة تماثيل لراقصات الباليه.
فكرت ان اصنع تمثالا لفرقة باليه صغيرة يتوسطها راقصان.

وخيم صمت بلا نهاية وكادت اعصاب سابرينا تحترق من طول الترقب.
كانت تتوقع حدوث مفاجأة من باي. وتشابكت يدها كأنها تردد صلاة واخيرا سألها:
" هل شاهد احد اصدقائك عملك؟ اقصد اصدقائك الفنانين؟"
وحركت رأسها بالنفي قبل ان تقول:
" فقط ديبورا وابي"

فتمتم قائلا:
" انا لست بناقد يا سابرينا اعرف فقط ما يروقني وقد تأثرت بما اراه هنا الم تمارسي هذا العمل من قبل؟"
وتنفست الصعداء وقالت:
" ابدا لم افعل هذا من قبل. هل تظن انه عمل جيد؟ لا تقل انه جيد حتى ترضي فتاة عمياء مثلي."

وكانت سابرينا تحتاج الى سماع استحسانه مرة ثانية.
قال لها:
" لقد عاملتك من اللحظة الاولى التي التقينا بها وانا ارتدي قفازات رقيقة اما الان فاني غير مستعد لاستعمالها ثانية.
انت تعرفين جيدا ان ما صنعته يداك اكثر من جيد واستطيع ان ارى ذلك بوضوح والمتخصص هو الشخص الوحيد الذي يمكنه ان يقرر مدى جودتها
واذا كنت ترغبين في الاخذ باقتراحي عن انسان متخصص بالفن ففي وسعه ان يعطيك الجواب الشافي"

رفضت سابرينا قائلة:
" لا ...لم يحن الوقت بعد"
وران عليها الصمت.
وكانت ثقتها في قدرتها الفنية لم تبلغ بعد الدرجة التي تستطيع بها مواجهة النقاد ثم اردفت تقول:
" انا است مستعدة لذلك فانا احتاج الى المزيد من الوقت"

فقال لها:
" اي انسان مستعدا لسماع حكم الاخرين ولكنه لا يستطيع تأجيل القرار الى الابد"
ابدى لها هذه الملاحظة برقة وهو يذكرها بحاجتها العملية لرأي الاخرين اذا كانت قد اتخذت من هذا الاسلوب التشكيلي مجالها الفني.
قالت مرددة كلامها:
" لا..لم يحن الوقت"
وراحت تمسح راحتيها فوق القميص الخارجي الذي ترتديه وقال لها باي:
" سيكارة؟"
قالت سابرينا وهي تطلق زفرة من صدرها:
"اجل...من فضلك"

وبلغت رائحة الدخان انفها وهي تمد يدها لتتناول السكارة ولكن باي وضعها بين شفتيها ولمست اصابعه فمها فسرت رجفة في سلسلتها الفقرية.
قالت له بتردد:
" يوجد قهوة وكعك في الطابق الاول. هل تحب...."

وقاطعها باي رافضا:
" لا....انا اسف. لا استطيع ان امكث فترة اطول.
واحب ان اخبرك بأنه لن تتاح لي رؤيتك خلال الاسبوع القادم ايضا
ولكن بالمناسبة يوجد هناك عرض في دار الاوبرا معي تذكرتان هل اعتبر الدعوة مفتوحة اذا كان لديك الرغبة في مشاهدته؟"
فابتسمت سابرينا قائلة:
" سأتمتع برؤيته"
فقال مبتسما:
" اعدك بانني لن اقوم بالغاء هذه الدعوة. اوه...على فكرة هناك شئ اريد ان اقدمه لك اعتذارا عن الغاء دعوتي لك هذه الليلة.
" تقدمه لي؟"
وتجهمت عندما سمعت حركة يده وهي تعبث في جيبه وصوت حفيف الورق وعندما وضع في يدها علبة مغلقة طويلة ورفيعة اشبه ما تكون بعلبة مجوهرات.

امرها وهو يضحك من ترددها:
" افتحيها ليست باهضة الثمن اذا كان هذا ما تخشينه.
يمكنك ان تقرري رميها في وجهي عندما تكتشفين كنهها.
واعتراها الفضول وحب الاستطلاع عندما شرعت في فض غلاف العلبة وابعدت الغطاء وراحت يدها تستكشف.....
فلمست زوجين من العصي عندئذ استدارت نحوه في تعبير حائر وسألته:
" عصي؟"

قال:
" ليست تماما عصيا وانما هما العودان اللذان يتناول بهما الصينيون طعامهم.
ابدئي بالتدرب على استعمالها لعدة اسابيع قبل ان اصحبك الى مطعم كانتونيس في الحي الصيني."
وجلجلت ضحكة في صوتها وضمت شفتيها السفلى حتى تحول دون انطلاقها.

وقالت بسخرية:
" المفروض ان اقدم لك شكري لانك وجهت لي تحذيرا مسبقا"
ووافق على كلامها:
" اجل...يجب ان تقدمي لي الشكر"
ولكن سابرينا لم تستطع التحكم في ضحكتها فاطلقتها ثم قالت:
" وحتى بالتدريب...فانني لن استطيع تناول اي شئ سوى اقراص البيض او الاطباق الدسمة اما بقية الاطعمة فسيكون مصيرها الارض او مفرش الطاولة"

فقال باي مبتسما:
" سأقبل المغامرة اما بالنسبة ليوم السبت القادم فاعتقد ان المناسبة تطلب منك ارتداء ثوب السهرة"
فضحكت سابرينا وقالت:
" هل اعتبر طلبك هذا امرا...ايضا؟"

فقال:
" اذا كنت تعتبرينه كذلك هل تنصاعين له؟"
فهزت رأسها وقالت:
" اجل"

وابتسمت ابتسامة عريضة امتدت عبر وجنتيها فخففت من شكل وجهها المربع.
وكان لاستحسان باي لعملها ابلغ الاثر في نفسها لبذل المجهود من الجهد للوصول الى الكمال الذي تنشده.
وهذه الحماسة المتجددة جعلت الاسبوع يمر سريعا. وكان الحفل المقام في دار الاوبرا اكبر جائزة تتلقاها لقاء مجهوداتها.

وكانت سابرينا تشعر بتوتر خفيف لمجرد ذهابها الى مكان عام
ولكن هذا الشعور اختفى عندما اثنى باي ثناء طيبا على مظهرها فمنذ الحادث كانت تحس بمزيد من الالم
عندما تقوم ديبورا بمساعدتها على تصفيف شعرها او تجميل وجهها
ولكنها عرفت كيف تتخلص من هذه الالام لحظة ان بدأت تمارس عملها في الاستديو.

ولم تعد ديبورا تشير الى المدرسة الخاصة التي ستلتحق بها سابرينا لانها كانت تعتمد اعتمادا كليا على المجهودات التي تبذلها سابرينا لتحقيق السعادة لكليهما.

وجاء يوم السبت واستعدت سابرينا للتوجه الى الحفل
ولم تكن في نيتها حمل عصاها العاجية التي تعلن لجميع الحاضرين في دار الاوبرا انها عمياء.
ومع هذا ناولها باي العصا وهما يغادران باب المنزل.
وكانت تعلم مسبقا انه سيعنفها لو رفضت استعمالها لذلك لاذت بالصمت.
وفي فترة الاستراحة بين الفصول وقفا عند مدخل المسرح وهي تحمل عصاها على ذراعها
ولو لم تكن في صحبة باي لظلت في مقعدها طوال العرض ولكنه دفعها الى الخروج للردهة.

ولم يكن باي بالشخص الذي يمكن تجاهله فان قوامه الفارع يجذب الانتباه اليه حتى لو لم تجذب رجولته الانظار.
ولذلك كانت سابرينا تعرف انها ستكون هدفا لاهتمام الناس وتساءلهم وبخاصة انها تحمل عصا على ذراعيها...وفي صحبته.

واخذ باي يرد على تحيات الناس ولكنه لم يشجع احدا على الحديث معه
ولم تكن سابرينا على يقين من سبب تجنبه الحديث معهم اهو بسبب انزعاجها من لقاء الغرباء ام لحملها العصا؟
وكان الرأي الثاني لا يتلائم مع طبيعته لهذا طرحته بعيدا عن تفكيرها.
وتناهى الى سمعها صوت سيدة عجوز تحييه قائلة:
" باي كاميرون"
فالتصقت به سابرينا بلا وعي طلبا لحمايته واردفت السيدة العجوز تقول:
" لم ارك منذ مدة طويلة اين كنت تخفي نفسك؟ هل هذه السيدة الصغيرة سبب غيابك عنا؟"
عفواً لايمكن عرض الرابط إلا بعد التسجيل
وحرك باي يده لتستريح على كتفي سابرينا ودفعها قليلا الى الامام كأنه يقدمها لها:
" باميلا...اقدم لك سابرينا لين. وانت يا سابرينا اقدم لك صديقتي العزيزة باميلا تايسن وهي شخصية فضولية محبة للاستطلاع ولكنها طيبة القلب"

قالت باميلا:
" لا تصدقيه يا فتاتي ان لدغتي سيئة وصارخة كعواء الكلب فاحذريها يا انسة لين. انت انسة...اليس كذلك؟"
قال باي :
"هل تدركين يا سابرينا ما اعنيه بأنها محبة للاستطلاع؟"
وايدته سابرينا قائلة وعلى شفتيها ابتسامة شاحبة:
"اجل...انا انسة لين"

وسلمت سابرينا بان الوصف الذي ذكره باي عن باميلا تايسن كان صحيحا
فبالرغم من انها شخصية محبه للاستطلاع وقوية الشخصية الا انها طيبة القلب
قالت باميلا:
" نحن السيدات العزباوات يجب ان نبقى جنبا لجنب. وهذا لا يعني انني مكثت طوال حياتي عزباء.
فقدت ترملت مرتين ويقولون ان الرجل الثالث له سحر خاص وانت يا عزيزتي هل تنوين اقتناص عزيزنا باي؟"

اجفلت سابرينا ثم قالت وهي تحاول ان تنفي التهمة بشدة:
" بصعوبة....يا سيدة تايسن"
" اظن انها وصفتك تماما يا باي"
ووافق على كلامها قائلا:
" انها فتاة صغيرة تحب الاستقلال...ولا تحب الارتباط بأحد"

واحست سابرينا بعدم الارتياح في صوته فقالت له السيدة:
" يجب ان اتعرف على سابرينا جيدا. احضرها الى حفلي بعد الاستعراض"
وكان هذا امرا وليس طلبا والقت السيدة العجوز تحية الوداع قبل ان تطلب سابرينا من باي رفض دعوتها.

قالت له سابرينا متوسلة بعد ان انفردت به:
" لا اظن حقا انك تنوي الذهاب الى حفلها.اليس كذلك؟"
قال بهدوء:
" ولما لا نذهب؟ ان حفلا ت باميلا ودية وهادئة"

فقالت سابرينا مدافعة:
" انني لا ارتاح للغرباء"
فقال باي:
" ان الوقت كفيل بالتغلب على هذه المشكلة"
وكانت ذراعه على ظهرها فدفعها الى المشي وهو يقول:"
" لدينا الان بضع دقائق تساعدنا في العثور الى مقاعدنا قبل ان ترفع الستارة".

*******نهاية الفصل السادس********
استودعكم الله


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477447062.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
.










.
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]









__________________

حينَ تتجاهلُ كوني لُغزاً....
فإياك وتجاهُلُ كوني همساتُ جنون....
مُدونتي||....тнιѕ ιѕ мє

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 09-25-2015 الساعة 03:12 PM
  #7  
قديم 09-23-2015, 04:24 PM
 
الفصل السابع

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477445341.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].















.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477448283.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



[/ALIGN]
[ALIGN=center]





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته









7-حفل ودي
********************
راحت سابرينا تعبث باصابعها في الفراء الذي يزين سترتها المسائية السوداء ثم دفعت الياقة حول عنقها.
وتهدل ركنا شفتيها في يأس واضح وهي تقرض شفتها السفلى ولم يحل زجاج السيارة المغلق دون سماع صوت السيارات الاخرى الواقفة امام المسرح.

قالت وفي صوتها نبرة يأس:
" لماذا لا توصلني الى البيت وتذهب وحدك الى الحفل؟"
قال باي يذكرها:
" الدعوة موجهة لكلينا"

قالت سابرينا:
" السيدة تايسن لا تعرفني ولن تفتقدني ان لم اذهب"
اجابها وهو يبتسم بحزم:
" اجل....انها ستفتقدك وخاصة انك كنت الدافع في تقديم الدعوة"
" لم اكن كذلك"

قال باي وهو نافذ الصبر:
" دعيني اعيد صياغة عبارتي. دعتنا الى حفلها بعد مقابلتها لك لانك اثرت فيها حب الاستطلاع"
جادلته سابرينا قائلة:
" لم تتح لنا الفرصة في القبول او الرفض والا كنا اعددنا الخطط لمواجهتها"

قال:
" ليست لدينا اية خطة الان.اليس كذلك؟ اذا لا يوجد هناك اي سبب يبرر عدم ذهابنا الى حفلتها وبخاصة ان الوقت اصبح لايسمح لنا للاعتذار"
وشمخت بانفها في تحير وقالت:
" لا اريد ان اذهب ويعد هذا سببا كافيا بالنسبة لي "

فأجاب باي بصوت ينم على انه لا يرغب في مزيد من الجدال
"لا..ليس هذا سببا كافيا"
فقالت سابرينا وهي تحتل مقعدها:
" انت مستبد يا باي كاميرون"
فقال برقة:
" شكرا لك"

فكررت كلامها:
" مستبد..."
اما وقد كبح باي جماحها بطريقته فانه قادها مرة اخرى الى موقف ليس من اختيارها
ولم تستطع سابرينا تركيز حواسها حتى تعرف الاتجاه الذي يتوجهان اليه وشعرت انها لم تعد تقتفي موقع المنحنيات ولم تعد تدرك اي الطرقات يتخذ.
ولكن غياب الحركة الكثيفة للمرور يشير الى ان المنطقة آهلة بالسكان ولكنها لا تدرك اي قطاع من المدينة قد بلغاه.

وابطأت السيارة في سيرها وعندما مالت عند منعطف اعلن باي:
" وصلنا.."
واوقف دوران المحرك ولم تتفوه سابرينا بكلمة. كانت تجلس في صمت مطبق وهو يفتح الباب ويغلقه.
وراحت بخيالها تراقبه وهو يدور حول السيارة ويتجه نحو بابها وقدرت الثانية التي يقوم فيها بفتحه فلم تتحرك من مقعدها.
فقال ساخرا:
" هل انت قادمة معي ام عزمت البقاء في السيارة وانت مقطبة الجبين كالطفل الصغير؟"

قالت سابرينا ببرود:
" اذا ان لي حرية الاختيار فانني سأبقى في السيارة"
تنهد باي بصوت اتسمت نبرته الرقيقة بالصبر:
"سابرينا...هل تدعين حقا بعض الغرباء يدخلون الرعب في قلبك فتحجبين عن لقياهم قابعة في السيارة؟

" انهم لا يلقون الرعب في نفسي"
" انت تخافين من الدخول للحفل. ما هي الكلمة التي تناسبك؟"
قالت سابرينا بتأكيد واضحك:
" انا لست خائفة"
فقال باي مؤيدا ولكن صوته نم عن استنكار:
" بالطبع...لا"
فكررت كلامها بغضب:
" انا لست خائفة"

فقال باي ثانية مؤيدا ولكن بنفس النبرة المستنكرة:
" لا يهم شعورك فاذا كنت قد عزمت على الجلوس في السيارة فانني اقتراح اغلاق جميع الابواب عليك.
ولن اغيب عنك اكثر من ساعة."
فتجهمت سابرينا، ودفعت رأسها الى الوراء، غير واثقة عما اذا كان باي يداعبها ام أنه جاد في كلامه.
فقالت له:
"أنت لن تتركني هنا وحدي".

قال لها يذكرها:
" الم تقولي انك تفضلين البقاء في السيارة وعندما ادخل الحفل سأفسر لهم رفضك الحضور"
فقالت:
" لن تجرؤ على ان تخبر السيدة تايسن بانني جالسة في السيارة"
وقابل باي تساؤلها بهدوء. هذا الهدوء الذي عبر عن عزمه على ابلاغها بوجودها فقالت مزمجرة:
" من المؤكد انك ستفعل شئ كهذا"

وتحولت لتخرج من السيارة ومد يده ليتلقى ساعدها حتى يقودها الى الرصيف.
وقادتهما وصيفة الى داخل المنزل وكانت الاصوات الدافئة والورود تملئان البهو
وهي قادمة من عدة اتجاهات فأحست سابرينا بأن الحفل يضم عددا كبيرا من الضيوف
وعندما حملت الوصيفة عنها السترة تناول باي ذراعها وقادها الى الاتجاه الذي تنبعث منه غالبية الاصوات
وزمت شفتيها بشدة فهمس باي في اذنها قائلا:
" ابتسمي"
قالت بسرعة:
" لا"

ولكن الكدر الاليم في تعبير وجهها خفت حدته.
ودخلا سويا الى الغرفة وهي لا تدرك ان هالة من العظمة قد المت بميل رأسها الذي يعتلي عنقا اشبه بعنق البجعة
وكان قوامها الملكي وثوبها الناعم المتألق بالوان اللهب قد جذبت اليها الانظار كما جذب ايضا باي.
ولما كان هو معروفا لاغلب الحاضرين فان التحيات كانت توجه له وحده.

ولم تعرف سابرينا واحدا منهم فأخذت اصابعها تضرب على مقبض عصاها العاجية فكشفت عن الاضطراب الذي يموج في اعماقها
لمجرد وجودها في غرفة مليئة بالاغراب.
وتناهى من الجهة اليمنى صوت معروف لديها وكان صوت السيدة باميلا تايسن ينادي عليها:
" باي..سابرينا..انا سعيدة بقدومكما"

____________________________________


وعندما وصلت اليهم السيدة تايسن القت عليها سابرينا كلمة مرحبا ولم تكن تبغي ان تكذب عليها فتقول لها انني سعيدة لوجودي في الحفل.
خشخشت الاساور في رسغ المرأة العجوز وصافحت سابرينا التي احست ان اصابع السيدة تايسن مزينة بالخواتم الصغيرة والكبيرة
وكما انها تتعطر بعطر له رائحة البنفسج.
قالت المرأة العجوز في لهجة امرة:
" عزيزي باي....اذهب واحضر شرابا لي ولسابرينا..سأتناول شرابي المعتاد واحضر نفس الشراب لسابرينا"

قالت سابرينا معترضة:
"في الحقيقة...انني لا اميل كثيرا للشراب"
ولكن باي كان قد انصرف لاحضار الشراب كما امرته السيدة تايسن قبل ان يسمع اعتراض سابرينا.
تمتمت السيدة تايسن قائلة:
" انا اعتدت على تناول الشاي المثلج. هذا سر بيني وبينك.
يتوقع الضيوف دائما من المضيفة ان تشاركهم الشراب فاذا كفت شعروا بالحرج من مواصلة احتسائه بحرية
وحتى اجاريهم اتناول الشاي المثلج الذي يشبه الشراب تماما لكي ينطلقوا على سجيتهم.
استرخي يا عزيزتي فلن احاول ان اطلق لسانك بتناول المشروبات الروحية."

فقالت سابرينا:
" اشك في انك تستطيعين"
قالت السيدة تايسن:
" لك روح مرحة..احبها. انا جدة باي هل اخبرك بذلك؟"
قالت سابرينا:
" لا"

واخذت تتسائل هل هذا هو سبب فضول السيدة تايسن بشأنها.
قالت المرأة العجوز:
" ابواه كانا يقضيان شهر عسل ثاني في اوروبا..ولويز. اقصد ام باي تعتبر بالنسبة لي من صديقاتي الوفيات"

واردت سارينا كلامها:
" اشار باي الى وجودهما في اوروبا"
ولم تتمهل السيدة تايسن لحظة اذ قالت بسرعة:
" انا معجبة بعصاك. اظن انها عاجية...اليس كذلك؟ قطعة فنية ورشيقة ايضا اين عثرت عليها؟"

قالت سابرينا بتردد:
"انها هدية...من صديق"
سألتها المرأة في عجلة:
" صديق خاص؟"
قالت سابرينا باقتضاب:
" صديق"
سألتها:
" منذ متى اصبحت عمياء يا سابرينا؟"

" منذ عام تقريبا"
ورفعت رأسها وكأنها لا تريد ان تطرق اي اسئلة حول ماضيها فسألتها السيدة تايسن:
" ومنذ متى تعرفين باي؟"

وبدأت سابرينا تلتقط انفاسها اذ كانت تأمل في ان تتحول دفة الحديث الى موضوعات لا تتصل بها شخصيا
وعلى امل الا تضيق بها المرأة الاخرى قالت:
" حوالي شهرين....يا سيدة تايسن"

ولم تستطع سابرينا مواصلة الحديث اذ تمتمت السيده تايسن قائلة:
" هاهو قادم....معرفتك به ليست طويلة "
ثم التفتت واردفت تقول:
" باي... شكرا لك"
وقال باي:
" اليك كأسك يا سابرينا"

مدت سارينا يدها وتناولت كأسا مثلجا.
فاستطرد باي يقول:
" كيف سارت الامور بينكما اثناء غيبتي؟
انني ارى في ميل رأس سابرينا اكبر دليل على انك يا باميلا كنت تنهشين لحم احدهم"

قالت باميلا ضاحكة تصحح قوله:
" لا انهش لحم احد يا باي كنت احاول ان اعرف المزيد عن سابرينا لديها هالة ملكية. اليس كذلك؟"
فقالت سابرينا معترضة:
" من فضلك...انا"

ولكن السيدة تايسن قاطعتها لتتم العبارة التي بدأتها سابرينا وقالت:
"...لا احب ان يدور الحديث عني او ينهش احد لحمي في غيبتي
وانا اعرف تماما ما تعنيه يا سابرينا لانني امقته وازدريه وكل ما عنيته لا يعدو ان يكون ثناء.
لماذا لا تتجول يا باي بين الضيوف او تفعل شيئا؟ اترك سابرينا معي لمدة ساعة وسأعتني بها "

واستدارت سابرينا ناحية باي وانفجرت شفتاها في رجاء صامت الا يدعها وحدها.
وظنت لوهلة انه سيعارض طلب المرأة الاخرى الا انه قال بصوت هادئ:
" انت في ايدي امينة يا سابرينا. سأراك في وقت قريب"

وزمت سابرينا شفتيها في غضب عندما رحل باي عنهما لأنه اولا حملها على المجئ الى هذا الحفل الحاشد بالغرباء
وثانيا ها هو ذا يهجرها لتجابه الموقف وحدها.
وسرى الاضطراب تحت سطح عجزها عن الهروب من الموقف الذي وقعت في شراكه وهي تصبح تحت رحمة المحيطين بها...
تأبطت السيدة تايسن ذراع سابرينا وقالت لها:
" هيا بنا يا عزيزتي. دعيني اقدمك للضيوف.
احاول دائما ان اختار اصدقائي بعناية. وبهذا نتجنب الالتقاء بأي شخص متعجرف"

وراحت سابرينا تكز على اسنانها في صمت وهي مجبرة على ان تسير في صحبة مضيفتها
ووجدت صعوبة في ان تطابق اسم الشخص على صوته لتعدد الاشخاص الذين تعرفت اليهم.

ولم تجد اي ملاحظة او تعليق على فقد بصرها وانما دار الحديث حول الاستعراض اذ اقيم في دار الاوبرا
وكانت مجموعة من الناس الذين التقت بهم في الحفل قد رأوها في المسرح
فسألوها عن رأيها بالعرض وكان اهتمام الجميع بها نابعا من شعور بالود والمحبة وليس شعورا بالشفقة نحوها.

واحست سابرينا ان استعدادها للتحفز للدفاع اخذ يتلاشى تدريجيا.
قالت السيدة تايسن بصوت يحمل لهجة الامر:
" تومي لماذا لا تدع سابرينا تأخذ مكانك وتجلس الى جوار السيدة فيليبس ثم التفتت الى سابرينا وقالت:
" ذراع المقعد على يسارك يا سابرينا"

وكانت سابرينا قد شربت الشاي المثلج فتناول احدهم الكأس من يدها ولكنها كانت تضيق ذرعا من فشلها في التوفيق بين اسماء الاشخاص واصواتهم
وهذا ما ادركته باميلا تايسن فعملت على توفير اسباب الراحة لها
حتى تشعر ان باي كان على صواب عندما قال انه تركها في ايد امينة.
قالت السيدة فيليبس :
" هذا ثوب مدهش للغاية انسة لين"

وادركت سابرينا ان السيدة التي تجلس الى يمينها وتحدثت اليها هي السيدة فيليبس التي قدمتها لها باميلا.
واردفت تقول:
" لاحظته وانا في المسرح"

وواصلت السيده فيليبس تطري الثوب باسهاب واشارت الى انها تجد صعوبه في العثور على ثياب تناسب قوامها
واصغت اليها سابرينا دون ان تقطع عليها حديثها المسترسل .

وبدأت سابرينا تشعر بوخز خفيف في المنطقة الحساسة من ظهرها وادركت في الحال السبب.
كان باي كاميرون يقف في مكان ما بالقرب منها
ولم يخطئ احساسها مطلقا ولكنها تظاهرت بالاهتمام بحديث المرأه بينما كانت اذنها مشدودتين الى التقاط صوته ليحدد لها مكانه.
وفجأه سمعت صوتا اجشا مألوفا لها لاحدى السيدات ولكنها لم تستطع تحديد المكان الذي استمعت اليه فيه. قال الصوت:
" عزيزي باي. لم اتوقع رؤيتك هنا؟"

اجاب باي بهدوء:
" كانت مفاجأة لي ايضا ان التقي بك هنا.
ظننت انك لا تهتمين كثيرا بحفلات باميلا. فهي تمتاز بأنها اكثر هدوءا من تلك الحفلات الصاخبة التي ترتادينها."
قال الصوت:
" يمكن للفتاة ان تغير رأيها"
قال باي:
" وفي وسع الرجل دائما ان يتسائل لماذا؟"

قالت:
" رأتك عصفورة صغيره في المسرح الليلة وافضت بكلمة في اذني فتكهنت بأنه من المحتمل ان تحضر بلبلك الصغير الى حفل باميلا"
فسألها باي:
" وهل صدق حدسك؟"

قالت:
" لا اظن انني ادرك سر هذا الفيض من الاحسان الذي تغدقه عليها اعني....
لماذا تهتم اهتماما شخصيا بهذه المسكينة؟
لماذا لا تمنحها مبلغا من المال تنفقه بأسلوبها؟ يمكنك ان تتدبر الامر."
وتجمدت سابرينا في مقعدها.
ولم تحتمل اي تجريح لكرامتها وما من شك في ان فقد بصرها اكسبها حدة السمع
وهي وحدها دون الاخرين استطاعت ان تسمع الحديث الذي دار بين الفتاة وباي.


تمتم باي بصوت منخفض:
" هل هذا هوحلك للموقف يا روني؟ عندما يعالج موضوع الرحمة والرأفة
والشفقه انت وحدك تتراجعين الى صفوف الذين يتحدثون عن العذاب والالم والغضب"
روني هذا هو اسم الفتاة التي كانت بصحبته في الميناء في ذلك اليوم.
وتذكرت سابرينا ان باي قال انهما سيتوجهان للاستمتاع بحمام شمس في عرض البحر وقضاء وقت شاعري.

وتكلمت الفتاة التي تدعى روني مرة اخرى :
" من السئ جدا ان تكون عاطفيا يا باي"
وكان صوتها همسا لم تقوى سابرينا على التقاطه الا بصعوبه.
فقال لها:
" ليس في كل الاحوال"

وشعرت سابرينا بأنه مسرور وبدأ الدم يغلي في عروقها والتوتر يفور بحراره في اطراف شرايينها
وانتابها احساس بأن الفتاة قد تحركت واقتربت منه في ود ومحبه لتقول له:
" اخبرني يا عزيزي. هل تحاول ان تستغل فتاة عمياء لكي تثير غيرتي؟ الا يبدوهذا السلوك مثيرا للضحك؟"
فقال باي دون ان ينفي عنه التهمة:
" لماذا؟ انها فتاة جذابه"

وعادت روني تذكره قائلة:
" ولكنها عمياء. اعرف انك تشعر بالاسف لها. ولكننا نشعر بالشفقة لمن هم اقل حظ منا.
كم قاس على فتاة مثلها ان تكتشف ان كل اهتمامك بها لا يعدو ان يكون شفقه. لا اعتقد انها سوف تشكرك"

فقال باي متراجعا:
" انا اعرف سابرينا. انها قد تصفع وجهي لو....."
ولم تستطع سابرينا ان تلتقط بقية عبارته. حسنا....لقد سمعت ماكفاها وتقلصت امعاؤها فشعرت بالام حادة تمزق احشاءها
وراح غثيان يجتاح جسمها في حلقات موجعة ونهضت لتقف على قدميها دون ان تكترث لحديث السيدة فيليبس المسترسل وقاطعتها قائلة:
" اعذريني يا سيده فيليبس"

ثم التفتت ونادت:
" سيدة تايسن!"
واسرعت مضيفتها بالوقوف الى جانبها وقالت لها:
" نعم يا سابرينا"
وابتلعت سابرينا ريقها وهي تحاول ان تهدأ من اعصابها المتوتره وان تجعل صوتها يبدو طبيعيا ما امكن.
سألتها:
" هل يمكنك ان تقوديني الى حجرة التجميل؟"

" طبعا. هذا هو الطريق تعالي معي"
وامسكت السيدة تايسن يدها وسحبتها من وسط المجموعة الصغيرة وسألتها باهتمام شديد:
" هل انت بخير يا سابرينا؟ يبدو وجهك شاحبا. هل انت واثقة بأنك بخير؟"
واجتهدت سابرينا في ان ترسم ابتسامة على شفتيها وهي تجيب:
" بالتأكيد انا بخير"

تناهت اليها الاصوات في الغرفة عالية النبرة وحاولت ان تصم اذينها في يأس مميت عن سماعها.
قادتها باميلا الى حجرة التجميل...واخيرا قالت لها:
"هاقد وصلنا الباب الى يسارك مباشرة"

وتوقفت سابرينا وحددت بطرف عصاها المسافة التي تقع بينها وبين الباب قبل ان تستدير الى مضيفتها وتقول:
" شكرا لك يا سيدة تايسن"
وقالت لها السيدة بتردد:
" هل ترغبين في ان ادخل معك؟"

كانت سابرينا تنشد الانفراد والهدوء حتى تستجمع حواسها المضطربة لذلك قالت لها:
" لا...ليس ضروريا"
"اذن سأنتظرك خارجا"

فقالت سابرينا بسرعة:
" لا. انني استطيع ان اعود وحدي. ولا يمكن ان ابقيك بعيدا عن ضيوفك. اعطيني فكرة عن مكاني
وسوف اجد طريق العودة. لا خوف علي...ما دمت اتبع الارشادات "

وترددت السيدة العجوز قبل ان ترشد سابرينا الى طريق العودة الى المكان الرئيسي للحفل.
شكرتها سابرينا متأكدة من رحيل مضيفتها وانها لم تعد تراقبها وتبينت ان الغرفة لا يشغلها احد سواها واصبحت ملكا خاصا لها
كما ان الباب المغلق خفض الاصوات الى همهة ضعيفه.

وبدأت تستكشف المكان بعصاها ولمست بطرفها ساق المقعد فأطلقت زفرة عميقة وهي تغوص بجسدها في الوسادة الصغيرة المخملية
وعثرت على منضدة امامها اراحت ذراعيها على سطحها الاملس
ولم يساعدها الصمت المطبق في التوقف عن الاستغراق في افكارها.

كانت دائما تتعجب وكانت دائما تتسائل عن السبب الذي يدفع باي الى رؤيتها.
كانت بينها وبين نفسها توقفت عن الاعتقاد بأنه يراها بدافع من الشفقه لكنه منذ لحظات استعمل كلمة الرحمة والرأفه
ومع ان هذه الكلمة الاخيرة التي تعد اقل تجريحا لها الا انها لم تخف من الطعنة النجلاء التي تلقتها عن الحديث الذي استمعت اليه منذ قليل.
وعندما امضى امسية او امسيتين معها خلال الاسبوع الماضي
لم يكن بدافع العطف وحده وانما اتخذها وسيلة ليثير الغيرة في قلب روني.

واطبقت اصابعها في قبضة شديدة ولعنت قدرتها الحادة على السمع وتمددت في صمت ولكن لا...
ان صوتا في داخلها اخذ يؤنبها كانت عليها ان تشعر بالسرور لانها نظرت اليه كصديق وليس اكثر من هذا
وتبينت حقيقة امره قبل ان تخطئ التفسير في سبب اهتمامه بها . كم هو رهيب لو بدأت الاهتمام به كرجل.
وبرزت امامها مشكلة! ماذا كانت تتوقع ان تكون الخطوة التالية هل عليها ان تواجهه بما عرفته؟ هذا ما تريد ان تفعله.

انها ترغب في ان تلقي بكلمات الاحسان والشفقة في وجهه ولكن ما النتيجة التي تتوقعها. انه سوف ينكر ببساطة كما فعل في المرات السابقة.

كانت سابرينا تعرف ان باي كاميرون شخص بالغ الذكاء بعيد النظر وهذا امر يتحتم عليها عدم مناقشته
وقالت لنفسها: انظري الى الطريقة التي دفعك بها الى قبول العصى العاجية التي تستعملينها الان ثم تناول العشاء في المطاعم العامة
واخيرا الحضور في هذه الليلة الى الحفل حيث تلتقين مجموعة من الغرباء.
حسنا ان هذا الحفل اشعل النار في الموقف.

والان ادركت حقيقة الالوان التي يتلون بها سلوكه.
وانفتح الباب ودخلت امراة حيتها بصوت كان مألوفا لديها ولكن سابرينا لم تستطع ان تتذكر اسمها وبلا وعي تحسست الشعر المسترسل على كتفيها
وهي تتظاهر بتسوية مطهرها أمام المرآة على امل ان لا تظل المرأة مدة طويلة في الغرفة
ولسوء حظها مكثت المرأة وكانت كل دقيقة تمر تدق في رأسها دقا عاليا.


________________________________________


وعندما رحلت المرأة قررت سابرينا الا تطيل مكثها حتى لا تثير الشك فقط ظلت في الغرفة فترة معقولة
ولا ترغب قي ان ترسل السيدة تايسن احدهم للسؤال عنها.
وتمكنت وهي تقف على قدميها لو انها تستطيع ان تتسلل من المنزل لانها لا ترغب في الرجوع الى الحفل حيث اصبحت الاصوات كابوس يؤرقها.

سألت نفسها عن وجهتها وهي تفتح الباب المؤدية الى القاعة.
اذا نجحت في التسلل خفية فهناك احتمال ضعيف في العثور على سيارة اجرة تقوم بجوله في هذه المنطقة اما اذا فشلت في محاولتها في التسلل
وعادت مع باي في سيارته فانها تشك كثيرا في ان تمسك لسانها لا تتحدث معه خلال عودتهما الى البيت.

وكان تفكيرها مركز في البحث عن وسيلة للتسلل عندما تعثرت في منضدة صغيره كانت موجودة بجوار احد جدران القاعة .
وبحثت يدها غريزيا عما قد يكون موجودا فوقها حتى تحول دون صقوتها على الارض فعثرت على زهرية بدأت تتأرجح فأسرعت بتثبيتها.

وعندما شرعت في سحب يدها اصدمت اصابعها بجسم ناعم مألوفا لديها وكان الجسم سماعة هاتف .
اخيرا....وجدت حلا لمشكلتها!

التقطت السماعة وادارت سريعا باصابعها قرص الهاتف تطلب الدليل ليعطيها رقم احدى شركات سيارات الاجرة
ولم تحاول ان تفقد ثانية التفكير وطلبت رقم هاتف الشركة.
وعندما سمعت صوت مسؤول الشركة قالت له بأدب:
" من فضلك...هل يمكنك ان ترسل..."

وتوقفت سابرينا عن مواصلة الحديث.
لم تكن نعرف اين هي الان وانتشلها من حيرتها صوت اقدام تقترب فقالت للمسؤول:
" انتظر قليلا"
والتقطت نفسا عميقا واستدارت نحو الشخص القادم وسألته:
" من فضلك هل يمكنك ان تخبرني بعنوان هذا المنزل فأجاب صوت سيدة قائلة:
" اجل يا سيدتي"

واعطتها عنوان المنزل. وكان الادب الجم الذي اتسم به الصوت النسائي دفعها الى ان تسألها:
" هل انت الوصيفة؟"
قالت السيدة بصوت ينم عن انها لاحظت العصا البيضاء في ذراعها:
" اجل يا سيدتي"

فسألتها سابرينا:
" هل يمكنك ان تأتيني بالسترة انها مصنوعة من الفراء الاسود"
" حالا يا سيدتي"
وعندما ابتعدت عنها الاقدام رفعت سابرينا يدها من فوق السماعة واعطت للمسؤول العنوان ووعدها بوصول السيارة بعد دقائق قليله.
ووضعت السماعة في مكانها واستدارت لتبتعد عن المائدة وهي تشعر بالانتصار الذي حققته.

وسمعت خطوات تقترب منها من نفس الاتجاه الذي رحلت منه الوصيفة منذ لحظات
ولم تكن سابرينا على يقين من انها الوصيفة فتوقفت انفاسها وهي تخشى ان يكتشف باي امرها او السيدة تايسن بين لحظة واخرى
ولكن الخطوات كانت للوصيفة عندما قالت لها:
" اليك السترة يا سيدتي هل اساعدك على ارتدائها"
فوافقت سابرينا بعصبية:
" من فضلك"

وساعدتها الوصيفة على ارتداء السترة وسألتها :
" هل اخبر السيدة تايسن برحيلك"
فكذبت سابرينا عليها قائلة:
" لا ليس ضروريا انني اخبرت السيدة تايسن برحيلي منذ لحظة. ستصل سيارة الاجره حالا. سأنتظر بالخارج.
هل يقع الباب الخارجي امام الصالة مباشرة؟"
فقالت الوصيفة:
" اجل يا سيدتي ولكن الضباب كثيف هذه الليلة وخير لك ان تنتظري في الداخل"

كانت سابرينا تخشى ان ينكشف امرها وهي على مقربة من تحقيق هدفها فقالت:
" افضل ان استنشق بعض الهواء الطلق"
قالت الوصيفة مستسلمة وهي تنسحب في هدوء:
" حسنا يا سيدتي"

واخذت تتحسس بسرعة سبيلها بما تسمح به عصاها واحست انها تقوم برحلة طويلة وهي تقطع المسافة التي تقع بين الصالة وبين الباب الخارجي
وكانت راحتاها تتصببان عرقا وهي تفتح الباب وتنطلق في الظلام.

وهدأ الهواء البارد من اعصابها المضطربة وتحركت بعيدا عن الباب وهي تتلمس الاسوار القائمة على جانب المدخل.
كان الضباب ثقيل الوضع على وجهها وجدران المنزل الكثيفة تحول دون بلوغ الاصوات الى مسامعها.
وشاعت ابتسامة عريضة على شفتيها وهي تتخيل اضطراب باي عندما يكتشف رحيلها سيدفعه احساسه بالشفقة الى بذل الكثير من اجل سلامتها
ولكنها كانت تعلم انه لن يمضي الوقت الطويل قبل ان يسأل الوصيفة عنها وسوف تخبره ان سابرينا استقلت سيارة اجره وسيغضب لكنها لن تأبه كثيرا لغضبه.

ومهما كانت تدين به لمساعدته لها وصداقته المزعومة فانها قد سددته له الليلة على اكمل وجه.
واحست ان الوقت يمضي بطيئا وكان يتضاعف في نظرها عندما انت تنتظر بقلق حدوث شئ
وظلت وراء الاسوار حتى لا يراها احد المدعوين ممن يهمون بمغادرة الحفل مبكرا.

وفجأه سمعت صوت سيارة مقبلة على الطريق وتمهلت حتى تعرف اذا ما كانت السيارة قد وقفت امام المنزل ام استمرت في سيرها
ولكنها توقفت عند المنعطف ودوى صوت قفل الباب.

وعندما خطت سابرينا الى الامام سألها صوت رجل برقة:
" هل طلبت سيارة اجرة يا سيدتي؟"
قالت: " اجل"

وسارت بسرعة نحوه وكان الانتصار يحمل خطواتها على اجنحته وانفتح باب السيارة
واستخدمت الصوت في تقدير المسافة وامسك الرجل مرفقها بيده ليساعدها على الدخول اليها فأردفت تقول:
" اريد ان تأخذني الى...."

ولم تستطع التفوه بعنوان بيتها وتوقفت الكلمات عند طرف لسانها عندما سمعت باب المنزل يفتح وارتجفت حتى وقف شعر رأسها
وتجمدت اطرافها حتى عجزت عن الحركة وبذلت المحاولة حتى تدلي بالعنوان فليس هناك فسحة من الوقت ولكن خطوات باي كانت اسرع منها.

وعندما حاولت ان تنزلق الى المقعد الداخلي التفت ذراع حول خصرها واستقرت يد فوق بطنها تحول بينها وبين دخول السيارة وتجذب جسمها الى الرصيف.

قالت صارخة:
" دعني ارحل"
وراحت تقاوم ذراعه الصلبة التي امسكت بها بشدة فأمرها باي:
" التزمي الهدوء يا سبرينا"


وسمعت صوت حفنة من النقود تخرج من جيبه وهو يقول:
" انا آسف لاستدعائك بلا ضرورة. سآخذها انا الى بيتها"
فاعترضت سابرينا بشدة وقالت:
" لا اريد ان اذهب معك"

ووقف السائق ساكنا وكانت تعلق املا في ان يصبح حليفا لها فوجهت اليه حديثها:
"ارجوك...اخبر هذا الرجل ان يدعني وحدي"

فسألها باي بأدب:
" هل تطلبين من الناس التدخل في خلافاتنا؟"
وكان سؤاله اشارة الى وجود خلاف بسيط بين رجل وامرأة وقدم باي اعتذاره للسائق واخبره بأنهما في غنى عن مساعدته.

وتناول السائق النقود متمنيا حظا سعيدا لباي وعندئذن ادركت سابرينا ان محاولة الهروب قد باءت بالفشل.
وتوقفت عن النضال من اجل اطلاق سراحها من القبضة الحديدية عندما سمعت السائق يغلق الباب الخلفي للسيارة ويلتف حولها متجها الى الجانب الاخر منها.
وادار باي جسمها يمينا فاستقرت يده على جنبها عندما اجبرها على السير بعيدا عن السيارة التي شرعت في الرحيل.

ولم يحاول ان يعود بها الى المنزل وانما اتجه بها الى سيارته التي كانت تقف عند المنعطف الواقع على مبعدة من الطريق.
وسألها بتجهم:
" هل يمكنك ان تقدمي لي تفسيرا لكل ما يحدث؟"
فأجابت سابرينا:
" بالتأكيد..الامر واضح للغاية انا عائدة الى المنزل"

قال:
" اذا كنت راغبة في الرحيل لماذا لم تبحثي عني وتخبريني برغبتك؟ لم اقل انه من المحتم البقاء في الحفل الى اخر دقيقة"
وشعرت بأصابعه تغرز في خصرها.
فقالت بعنف:
" لا اريد منك ان تأخذني الى المنزل. هذا هو التفسير"
قال بغضب بدا واضحا في صوته:
" اذن كان يتحتم عليك ترك عصاك وراءك حتى لا يفطن احد الى رحيلك"

ورفضت ان يعوز اليها بالفكرة بهذا الاسلوب وقالت:
"لو تدبرت الامر.... لكنت فعلت"
سألها:
" لماذا ترفضين فجأة ان اخذك الى البيت؟"
فقالت سابرينا بغطرسة:
" لا حاجة لي لتقديم اي تعليل"
اخبرها بكبرياء:
" اجل..لا حاجة بك ولكن انا في انتظار سماع هذا التعليل اليوم"

وصمتت سابرينا فجأة وشاركها باي صمتها ولكنها تحدته بجرأة وهي تميل نحوه برأسها ليرى الكراهية في ملامح وجهها.
واخيرا خرجت من صمتها وقالت:
" لانني ضقت ذرعا بشفقتك نحوي ووصايتك علي انني لا احتاج اليك او لأي شخص يشعر نحوي بالاسف"
قال:
" ماذا تقولين؟"

واستطاعت ان تحس بالتجهم في نبرة صوته!
قالت بصوت يشوبه الاضطراب:
" اذهب وانضم الى فريق الكشافة"
واستمرت باضطراب:
" سئمت حسناتك "
فانفجر قائلا:
" الشفقة! هل هذا ما تفكرين انه شعوري نحوك"

فغمرت سابرينا فمها لتقابل ثورته بالمثل وفي اللحظة التالية اندفعت نحوه فأطاح عنف الحركة بعصاها لتقع على الرصيف
وشعرت بذراعيه تحيط بمنكبها وتهزها بعنف ومن ثم ضمها بقوة الى صدره.
فقالت تتهمه بهمس انبعث من بين انفاسها المتقطعة:
" انت قاس...ومستبد...يا باي كاميرون"

فقال بكلمات قاسية تحمل على اطرافها نبرات سخرية:
" لابد ان اشنق مثل قديس اخطأ"
وكما بدأت الاحداث فجأة... انتهت بأن امسك باي بذراعها وشعرت بأن توازنها قد اختل تماما.
وانقلبت الامور رأسا على عقب انه عالم مقلوب الاوضاع عاشته في دنياها المظلمة وهذا كله بسبب باي. قال لها:
" ادخلي السيارة"

وكانت ردة فعله اشبه بصفعة قاسية على وجهها.
وبالرغم من الهزة المفاجئة التي اعادتها الى الواقع لا انها لم تقو على الحركة فاضطر باي في النهاية الى ان يجرها...ويحملها...
ويضعها في المقعد ولم يعد اليها صوتها حتى استقر باي في مقعده وراء عجلة القيادة وبدأ في الابتعاد بسيارته عن المنعطف فقالت:
"باي....."

وكان صوتها ضعيفا لا يعد ان يكون همسا ولكن باي قاطعها قائلا:
" اصمتي يا سابرينا"
واحست من نبرة صوته ان كلماته كانت تخرج من بين اسنانه"

*******نهاية الفصل السابع*******

استودعكم الله


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477447062.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
.










.
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]









__________________

حينَ تتجاهلُ كوني لُغزاً....
فإياك وتجاهُلُ كوني همساتُ جنون....
مُدونتي||....тнιѕ ιѕ мє

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 09-25-2015 الساعة 03:16 PM
  #8  
قديم 09-23-2015, 04:25 PM
 
الفصل الثامن

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477445341.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].















.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477448283.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



[/ALIGN]
[ALIGN=center]





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته








8- رحلة بحرية
*********************
اطاعت سابرينا امره...فلم تتفوه بكلمة خلال الطريق.
كان الجو متوترا والخوف الشديد من مجرد التفكير في الحديث يؤرق مضجعها.
لم يكن الخوف من تنفيذ وعيده وانما انت تخاف من نفسها من ان تضعف امامه.
فمازالت تشعر بضربات قلبها وكأنها تركب قطارا سريعا لا تستطيع الوثوب منه منذ ان ضمها الى صدره بعنف.

======
وكان اسوأ ما في الامر في انها لم ترغب في ان تمحو ذكراه.
وكان ذلك سبب الخوف الذي دام يطاردها يومين عقب ما حدث في بهيم تلك الليلة.
ساءلت نفسها مرة ومرة لماذا استعمل معها هذه الطريقة؟ هل هو الغضب ام رغبته في تغطية فشله.

وكان هذا هو التفسير الوحيد لتساؤلها..في اطار الحديث الذي استمعت اليه في الحفل ومن المحتمل ان يكون هو الرابطة بين اشياء عديدة.
ولم تضع سابرينا في اعتبارها ان يكون الحب هو الدافع لانها لا تعتقد بأن الزمن سيجود عليها برجل ما تلتقي به... يحبها حقا...
ويرغب فيها كما انها لا تتصور ان يكون باي كاميرون هو...هوهذا الرجل.

فان باي له مكانته وثراؤه وجاذبيته ومظهره وهناك العديد من السيدات يتقن الى الوقوف بجواره باشارة من اصبعه.
ان فقد بصرها مس قلبه ولا اهمية للصفة التي توصف بها عاطفته نحوها هل هي الشفقة...الرحمة... الحنان.
كل هذه الصفات واحدة ومن منبع واحد.

واعتصر الالم قلبها وحدثتها كبرياؤها بأنها لا تستطيع ان تعتبر باي صديقا لان الصديق ربما يرثى لحالها
ولكنه لا يسعى الى صحبتها لمجرد انه يشعر بالاسى لحالها.
وعرف قلبها السبب الرئيسي الذي يدفعها الى ان تلفظ باي من حياتها.
فقد توقفت عن التطلع اليه كصديق وبدأت تفكر فيه كرجل وكان هذا التصور غباء منها...مدمرا لها.

وتراقص نشيج على اوتار حلقها...
هزها من مفرق رأسها الى اخمص قدميها ولم تتمالك سابرينا نفسها فألقت بوجهها بين راحتيها وهي تشعر بالتعاسة والوحدة وتشعر بالاسى لنفسها ولا تأسف لها.

ورن جرس الهاتف قبل ان تطلق العنان لدموعها وانكرت سابرينا رنينه الذي استمر فترة.


وانت ترغب بتجاهله فتركته يواصل الرنين حتى يسأم المتصل ويكف عن طلب مكالمته.
ولكن سابرينا خشيت ان يكون ابوها هو المتصل وادركت انه ليس من حقها ان تتسبب في ازعاجه فنهضت ورفعت السماعة
وقالت بصوت هادئ:
" منزل لين"
" سابرينا"

كان صوت باي المنخفض هو الذي بلغ مسامعها فاهتزت له حتى كادت السماعة تسقط من يدها
وسرى في اوصالها حتى زلزل ركبتيها فأسرعت تبحث عن مقعد لتستند اليه.
سألها صوته الغاضب عندما تقاعست عن الاجابة بسرعة :
" هل انت منصتة لي يا سابرينا ؟"
قالت بصوت متوتر:
" اجل..اهلا..باي!"

سألها: "كيف حالك"
ولم يكن سؤاله عرضيا وانما كان يشوب نبرته الحذر.
قالت بصوت بعيد ولكنه مهذب:
" حسن...وانت كيف حالك؟"

ولكن باي تجاهل تساؤلها وقال:
" انت تعرفين لماذا طلبتك اليس كذلك؟"
فسألته بعدم اكتراث:
"وكيف لي ان اعرف؟"
سألها:
"هل تتناولين الطعام معي مساء السبت؟"

كان اقتراحه تحديا وتوارد الى ذهنها ان باي يختار دائما ليلة السبت لانها الليلة التي يخصص فيها ابوها وقته لخطيبته ديبورا.
وكانت سابرينا تمضيه في اغلب الاوقات وحدها قبل ان تتعرف الى باي.

وتذكرت انها طلبت بالامس صديقتها القديمة سالي جودين لتمضي معها امسية السبت. فأجابته بصوت كله صدق يتسم بنغمة الانتصار:
" لقد اتفقت مسبقا على عدة لقاءات"
فقال ساخرا كأنه يثير الشك في كلامها:
" احقا كذلك؟"

قالت سابرينا مستدركة:
" اني اعرف اشخاص اخرين سواك يا باي."

فسمعت تنهيدة غاضبة عبر الهاتف وقال:
" هل افهم من ذلك انك نظمت مواعيدك لتكوني مشغولة مساء السبت؟"
فهزت كتفيها وقالت بصوت لا ينم عن التأييد او النفي:
" افهم كما تحب"

" هل افهم ايضا انه بسبب عصبيتي في تلك الليلة اتخذت قرارك بعدم رؤيتي مرة اخرى؟
لقد اثرت غضبي عندما هربت من المنزل دون ان تتركي رسالة تنبئ عن رحيلك وكان من المحتمل ان اخبرك ولكن فضلت ان لا افعل ذلك"
كان باي قوي الاقناع في حديثه ولكنها لم تتح له الفرصة ليتحكم فيها.



فقالت له:
" فعلت ما فعلت وليس هناك مبرر لاي مزيد من الحديث عنه"
فقال بكبرياء:
" اذن...هذا قرارك انك لا تريدين رؤيتي مرة اخرى. هل هذه اللحظات القلقة التي انتابني الغضب فيها
تمحو كل ذكريات الساعات السعيدة التي امضيناها سويا من قبل؟ هل هذا عدل؟ الا تعني شئ لك؟"

وكان عليها ان تجيب على تحديه فقالت له ببرود:
" اجل كانت تعني لي شيئا...حتى فقدت معناها باكتشافي انك تشعر بالاسف لي.
وقد سبق ان قلت لك انني في غنى عن شفقة احد"
" من هو ذلك الشخص ذو التفكير السديد الذي يشعر بالاسف نحو فتاة مثلك لها رأس اسد وعقل طفل مدلل؟
فكثيرا ما تحاولين يا سابرينا اجراء اختبار تمتحنين به صبر الرجل.
كم مرة يجب ان اؤكد لك انني لا اشعر بالاسف نحوك قبل ان تصدقينني؟"

فسألته متحدية:
" اذن فسر لي سبب رغبتك في رؤيتي"
اجاب باي بتجهم:
" هل يجب ان يتوفر دافع بالغ الخطورة حتى اطلب رؤيتك. الا يمكن ان يفسر هذا الدافع بأنني...."

وتمهل لحظة ليختار الكلمات التي يكمل بها عبارت واستطرد يقول:
" معجب بك او بشجاعتك عندما تكونين عنيدة بتعقل.
ولكن دعيني اوجه سؤالي على النحو التالي : لماذا ترحبين انت بمصاحبتي خارجا؟
هل انا وسيلة مريحة للانطلاق معك بعيدا عن المنزل؟
هل تصبرين علي لانني اصطحبك الى الاماكن التي ترغبين في ارتيادها؟ ما هو دافعك البالغ الخطورة يا سابرينا؟"

فأجابت وقد تراجعت امام هجومه :
" انا...انا ليس لدي اي دافع"
فقال ساخرا:
" اهدئي. لابد ان يكون لك دافع. يجب ان يكون لديك سبب للخروج معي."
قالت سابرينا باصرار ولكن الارتباك كان باديا على صوتها:
" لا...ليس لدي...انا اتمتع بالخروج معك...ليس لدي....."

فقاطعها باي:
" وانا ايضا استمتعت بصحبتك"
وهنا قارعته بسؤال علها تستعيد الموقف لحسابها:
" كيف كان ذلك؟ انا فتاة لها رأس اسد وعقل طفل مدلل. انت قلتها بنفسك."

فأجاب عليها بمرح ساخر:
" هكذا! وانا متكبر ومستبد. انت قلتها لي بنفسك. اصبحنا متساويين"
وداعبت ابتسامة شفتيها
واصبح موقفها ضعيفا وشعرت باصراره الحازم يتسلل تحت سحر جاذبيته ومنطقه بالغ الاقناع فقال لها متهما اياها:
"انت تبتسمين يا سابرينا. اليس كذلك؟ لا تكلفي نفسك بالاجابة.
اعلم انك ستنكرين ذلك.
لن اسألك الغاء مواعيدك التي اعددتها لمساء السبت ولكن في وسعك ان تصحبيني الاحد في رحلة بحرية"
" رحلة بحرية ؟!"

رددت كلماته بوهن....كانت تجادله حول مختلف انواع الدعوات الا الرحلات البحرية.
كانت سابرينا تعشقها وتقف عاجزة امامها ولا ترفضها"

كرر باي كلامه بصبر:
" اجل....رحلة بحرية"
" انا..."
ولم تستطع ان تنبس بكلمات الرفض

فقال باي:
" سأمر عليك في وقت مبكر من صباح يوم الاحد...حوالي السابعة. سنمضي وقتا طيبا"
وتعثرت كلمات القبول على طرف لسانها وهي تنطلق من فمها لتقول:
" انا...سأكون...مستعدة "

فأجاب باي مؤكدا:
" السابعة صباحا. يوم الاحد"
ووضع السماعة في مكانها وكأن لسان حاله يقول انه هو ايضا سيكون مستعدا لهذا اللقاء.
ولم تحاول سابرينا ان تستبدل فكرة الرحلة بغيرها.

حتى فكرة موافقة ابيها على الرحلة تمت في نفس اليوم الذي تحدثت فيه مع باي. ففي المساء التقت بأبيها وعندما اخبرته بفحوى دعوة باي قال لها:
" اجل...اتصل بي باي بعد ظهر اليوم ليتأكد من عدم وجود اي اعتراض لدعوته لك واخبرته بأنه ليس لدي مانع.
واعدك بأنني لن اقلق عليك لانك بين ايد امينة هذا بالاضافة الى ان باي سباح ماهر."

وجاء صباح الاحد...ووجدت سابرينا نفسها على متن يخته (فورشن ليدي) وقد اخر الضباب والريح موعد مغادرته الميناء بنحو ساعة
واخيرا شق عباب الماء وداعبات نسمات الهواء الوشاح الذي يحيط برأس سابرينا وتناثر رذاذ الماء على شفتيها
وعندما عبر اليخت من تحت جسر غولدين غيت ادار باي الدفة لتنطلق الى عرض البحر
وتجاوزكليف هاوس وسيل روكسي واستمر فيسعيه فيما وراء شواطئ المحيط وكان التيار الجنوبي يحول دون استمتاعهما بحمام شمس.
وكالعادة تعلقت سابرينا بطوق النجاة الذي ثبت في وسطها من قبيل الحيطة والحذر.

وكان سطح اليخت يميل مع تلاطم امواج المحيط الا ان باي كان يستعين بخبرته في استغلال كل هبة ريح في تسيير دفة اليخت.

وتناهى الى مسامعها صوت الريح وهي تزأر في الفضاء والامواج وهي تتلاطم فوق اليخت الذي راح يزمجر وهو يشق عباب البحر.
وبالكاد تبادلت كلمات خمس مع باي منذ مغادرتهم ميناء اليخوت فقد بدا لها الحديث غير ضروري في هذا الهدوء الجميل الذي ساد تلك اللحظات
حيث احس فيها كل منهما بالسعادة دون ان يفضي بها احدهما للاخر.

ومضى بعض الوقت قبل ان تلاحظ سابرينا ان باي غير مسار اليخت اذ احست ان الشمس لم تعد في المكان الذي كان اليخت يسير صوبه والتفتت الى باي وسألته:
" اين نحن يا باي؟"
فقال مبتسما:
" في مياه مونتيري باي باقرب من سانتا كروز. هل تحلمين احلام يقظة؟"

وفي التو اخذت تتصور ملامحه القوية الملوحة باشعة الشمس والرياح وشعره البني المبلل بالعطر وقد شعثه النسيم وعينيه تحت وطأة ابتسامته التي احست بها في نبرة صوته
وكان مثيرا لها ان صورته في خيالها واضحة مملوءة بالحيوية والرجوله.

وخفق قلبها في ضربات سريعة فتمتمت قائلة:
" احلام اليقظة ام احلام البحر...لا ادري ايهما؟"
واحست مرة ثانية بتغير اتجاه اليخت فالريح لم تعد تمسك بتلابيب الشراع وتباطأت سرعته وسطحه بدأ يعتدل تحت قدميها فسألته:
" ماذا تفعل الان؟"
" نقترب باليخت من الشاطئ. لقد تجاوزنا الجسور الطبيعية شمال سانتا كروز ورأيت ان نلقي بمرسانا جنوب سانتا كروز لتناول طعام الغداء.
هناك خليج صغير هادئ اعرفه ارجو ان لا يكون احد غيرنا اكتشفه بعد"

والقى باي بالمرساة ومدت سابرينا يد المساعدة ما امكنها وكان حفيف الماء الهادئ الذي يتلاطم مع اليخت
هو الصوت الوحيد الذي تسمعه واستدارت لتتحدث مع باي.

كانت تشعر بنظراته تحلق في وجهها وسرى دفء لذيذ في اوصالها وفجأه انتابها احساس قوي بأنهما وحدهما في هذا المكان.
رجل وامرأة ولكنها سريعا ما كبحت جماح هذا التفكير الذي راودها وقالت فجأة:
" سأهبط الى داخل اليخت لاعد الطعام ماذا احضرت؟"

اجاب باي:
" ساندويشات وسلطات. كلها جاهزة. ما رأيك في السباحة قبل ان نتناول الطعام. الماء ادفأ هنا منه في الساحل ولا توجد اي تيارات خطرة."
فهزت سابرينا كتفها ترفض اقتراحه قائلة:
" آسفة لم تسألني ان احضر لباس البحرولم افكر انا في احضاره"

ورفض باي عذرها وقال:
" ليس هذا مهما انني احتفظ بعدد من ثياب البحر في اليخت لمواجهة اي قرار مفاجئ من احد ضيوفي للسباحة في البحر. واني على يقين من احدهم سيناسبك"
" ولكن...."

ولم تتم عبارتها...فقد تذكرت انها لم تطأ قدمها ماء البحر منذ الحادث.
فسألها باي:
" ولكن ماذا؟ يمكنك السباحة اليس كذلك؟"
فابتلعت ريقها وقالت:
"اجل...استطيع السباحة"

قال:
"سأحدد لك الاتجاه الصحيح للسباحة حتى الى عرض البحر. اذهبي وبدلي ثيابك"
اخبرها باي بمكان ثياب البحر وهبطت سابرينا الى قاع اليخت فقد رأت انه من الافضل لها ان تسبح بدلا من البقاء مع باي على اليخت.
وكانت اغلب ثياب البحر من قطعتين فاختارت سابرينا لباسا مناسبا من قطعة واحدة
واحست ان هذا الثوب اقل عريا عندما سارت به فوق سطح اليخت وارسلت شعرها الطويل فوق ظهرها وتعاقدت خصلاته حول كتفيها
وحلت العقدة المعقودة فوق رأسها قبل ان تحررها مياه البحر.
قالت بعصبية:
" انا مستعدة"

ولم يعقب باي على مظهرها وقال:
" وضعت سلما من الحبال على جانب اليخت وسوف اثب الى الماء قبلك."
وامسك يدها وقادها الى حيث ثبت السلم عند حافة اليخت.
وعندما ترك يها شدت على راحتها تستعذب دفء راحته اطول فترة ممكنة.

كان غباء منها ان تفعل ذلك. لم تكن رحلة عاطفية وانما رحلة صداقة. ولكن لا تعلم لماذا تثير هذه المشاعر الاضطراب في نفسها؟.

اهتز سطح المركب اهتزازة خفيفة اعقبه صوت شئ ما ينزلق الى الماء وعرفت سابرينا ان باي قفز الى البحر بعدها سمعته وهو يسبح في الماء
فأتجهت برأسها نحو اتجاه الصوت وبعد عدة ضربات مت ذراعه اقترب من نهاية السلم ونادى عليها:
" اهبطي. الماء جميل"

وامسك باي بالسلم بينما راحت سابرينا تهبط درجاته وتعلقت اصابعها بالحبال وهي تتحسس حرارة الماء فوجدتها فاترة
واصطكت اسنانها لعصبيتها وسألها باي وهو يسبح بجوار السلم:
" هل انت مستعدة؟"
فأجابت سابرينا وهي تكز فكيها حتى لا يسمع صوت اسنانها وهي تصطك:
" اعتقد ذلك"

ودفعت سابرينا يدها لتطلق قبضتها من فوق السلم والتقطت نفسا عميقا قبل ان تهبط اليه
وفي بادئ الامر انتابها التوتر وعدم الاستقرار ولكنهما سرعان ما زالا عندما اعتادت حرارة الماء
واستطاعت ان تسمع ضربات ذراعي باي وهو يسبح قريبا منها فأخذت تستمد الثقة والقوة من وجوده الى جوارها.

ولاح لها انها سبحت فترة طويلة اذ بدأت تشعر بالاعياء واحست بثقل في ذراعيها فتوقفت عن مواصلة السباحة لتلتقط انفاسها وسألته:
" كم بقي امامنا؟"


فأجاب بأنفاس قويه لا يبدو عليها الاعياء:
"حوالي خمسة عشر قدما قبل ان نلمس القاع "
ولم تعقب سابرينا. وانما واصلت السباحة مرة اخرى بهدوء حتى لا تشعر بالاعياء
ولدهشتها اكتشفت انها لم تقطع مسافة تذكر عندما امست قدمها ارض رملية وسرعان ما انتصبت بقامتها ومسحت الماء المملح الذي كسا وجهها
وثبتت شعرها الطويل وراء اذنيها وتكلم باي من مكان يقع الى يسارها قائلا:
" لقد نجحت في محاولتك....كيف تشعرين الان؟"

فابتسمت ابتسامة شاحبة وقالت:
" مجهدة...ولكنني بخير"
" دعينا نتوجه الى الشاطئ ونستمتع باستراحة"
واستراحت يدها على الماء وتركت الامواج تتدحرج فوقها وتستدل بها الى الشاطئ ومع هذا امسك باي بيدها وقادها الى الساحل.

وعندما وطأت قدماها الارض الرملية المتماسكة قال لها:
" هذا الساحل يمتاز بصخور تتيح للمرء الاستمتاع بحمام الشمس فوقها بدلا من الاستلقاء على الرمال "

وبعد ان قطعا عدة ياردات ضغط على يدها لتقف. وقال لها:
" هنا مكان مناسب"
وقبل ان تبدي سابرينا اي معارضة امسكها من وسطها ورفعها الى سطح صخرة صلبة ودافئة وتعلقت تلقائيا بذراعيه المبللتين لتحتفظ بتوازنها.

وبدأت تتسارع ضربات قلبها واحتاجت الى عدت ثواني حتى يستعيد قلبها هدوءه وتستقر نبضاته.
وبعد لحظات اعتلى باي الصخرة ليجلس الى جوارها وبعد ان اتخذ وضعا مريحا سألها:
" هل استمتعت بوقت طيب ليلة امس؟"
" ليلة امس؟"
وتجهمت سابرينا واشاحت بوجهها عنه وعندئذ تذكرت فقالت:
" اجل...امسية طيبة"

وحقا كانت امسية هادئة امضتها مع صديقتها سالي تبادلتا فيها الحديث احيانا واستمعتا الى بعض الاسطوانات الغنائية احيانا اخرى.
سألها:
" اين ذهبت؟"
ادارت سابرينا وجهها للشمس لتجفف بشرتها المبللة وقالت له:
" مكثت انا وسالي في البيت"

فقال بصوت ساخر:
" امضيتما الليلة في ثرثرة نسائية. اليس كذلك؟"
كانت سابرينا حائرة بين امرين: هل كان باي يسخر من امسية السبت التي قضتها هادئة بلا احداث ام ان سخريته كانت موجهة لها لانها اختارت امسية تختلف عن تلك الليلة المثيرة التي قضتها معه.

ولما كانت تعرف باي حق المعرفة فان التعليق المول كان اقرب الى الحقيقة.
واخيرا قالت:
" ان ثرثرة الرجال تعادل ان لم تزد عن ثرثرة النساء"

ولم يدخل باي في جدال معها انما قال:
" اعتقد ان رأيك كان صحيحا اذا تساوى العدد في كل من الجنسين"
واعقب حديثهما صمت غريب على الاقل كان غريبا بالنسبة لسابرينا ومالت بجذعها الى الوراء لتستند على راحتها وقالت له:
" الشمس تبعث الدفء"

قال باي:
" اعتقد انه من الافضل ان استلقي واستمتع بها"
واستلقى بجسمه وهو يردد كلماته وخيم سكون لم يكن يقطعه الى صوت اندفاع الامواج الى الشاطئ ولم يكن على سابرينا سوى متابعة اندفاعها.

وتحركت يداها حتى عثرت على نتوء مرتفع في الصخرة التي تقع وراءها وكأنها وسادة طبيعية فاستلقت برأسها عليها
وظلت فترة طويلة تستمع الى صوت انفاس باي
اما انفاسها هي فكانت ضحلة لان عضلات صدرها كانت متوترة.
واخيرا داعبتها حرارة الشمس فبعثت الاسترخاء في اوصالها.

ولم تخلد سابرينا الى النوم انما داعبت جفونها اغفاءة وفجأة انتفضت كل حواسها وطرفت بجفونها عندما حاولت ان تحدد سبب اضطرابها
وادارت وجهها بخفة باتجاه باي ولمس خدها يده بطريق الصدفة قبل ان تدرك ان باي كان يمسك خصلة شعرها الحريرية.
فقال لها بصوت مرح:
" هل تعرفين ان هذه هي اول مرة ارى فيها شعرك مرسلا"

فقالت متلعثمة:
" انا...انا لا احبه مرسلا حتى لا يضايقني اثناء سيري "
وشاع الاضطراب في صوتها عندما ادركت انه دنا منها كثيرا حيث كان باي مستلقيا على جنبه ومرتكزا على احد مرفقيه ويبدو انه لم يكترث كثيرا لتفسيرها فاستطرد يقول:
" عندما تعقصين شعرك على شكل عقدة فوق رأسك فان مظهرك يبدواكثر توازنا وخداعا للنظر...تكونين اشبه بملكة مهذبة.
بينما يختلف شكلك عندما ترسلين شعرك فان منظرك يبدو اكثر انوثة"

وراح النبض يضرب بسرعة في صدعيها وكان من الصعب عليها التدحرج بعيدا عنه لان حافة الصخرة كانت قريبة منها.


كان حلقها متوترا مشدودا وبدا صوتها مضطربا حين قالت:
" الا تظن ان الوقت قد حان للعودة؟"
سألها ساخرا:
" ما الامر؟ الا تحبين تعليقاتي على تسريحة شعرك؟.

القت سابرينا خصلة شعرها على كتفها العاري وهزت رأسها وهي تقول باصرار:
" لا يهم. سوف اعقصه عاليا حتى يسهل علي العناية به بغض النظر عن اي تسريحة تفضلها"

وكانت عبارتها يشوبها التحدي السافر ولكنها لم تعد تكترث.
واقترب باي من ظهرها وجذب شعرها وقال:
"اذا من المحتمل ان تشعري بالاسف عندما تسمعين بأنني افضل تلك العقدة الحريرية اما شعرك المرسل فمكانه المناسب هو غرفة النوم"

واطلقت سابرينا زفرة حاره فلم تعد تتحمل هذا الغزل المفضوح ولذا شرعت تدفع نفسها الى الوراء لتتخذ وضعا لجلوسها يمكنها به التهرب من اقتراب جسمه منها
ولكن باي كان اسبق منها في الوقوف على قدميه وقال لها:
" سنعود سريعا"

وحاولت سابرينا الوقوف لكن باي كان اسرع منها الى الوقوف على الرمل ومد ذراعيه ليمسك بخصرها ويهبط بها لاسفل قبل ان تقطع بقدميها المسافة بين الصخرة والشاطئ
وتملكها التوتر لعزوفها عن مساعدته وعندما بذلت جهدها كي لا تقترب بجسمها منه تعثرت قدمها في حفرة كانت غائرة في
الصخر وكان الم العثرة مبرحا دفعها الى ان تلقي بنفسها على صدره وساعدها بقبضة الحازمه على ان تحفظ توازنها وسألها:
" هل انت بخير؟"

وقالت له بتأكيد حازم ولكن بصوت مضطرب بينما كانت ضربات قلبها متسارعة:
" اجل انا بخير. لقد تعثرت بالصخرة"
ودفعت هبة مفاجئة من الريح خصلة رفيعة من شعرها لتستقر على وجهها وتعلق على شفتيها المبللتين.
وشرعت سابرينا في ابعادها ولكن يدها كانت بعيدة عنها فسحبتها اصابع باي برفق ودفعتها الى ظهرها مع بقية خصلات شعرها الطويل.
وظلت يده الى جوار وجهها وراح اصبعه يدغدغ عظمة وجنتيها فتوقفت انفاسها واستكانت حركتها تحت سحر لمسته.

وفجأة جذبت جسمها من بين ذراعيه عندما حاول تقبيلها وسارت عدة خطوات بسرعة بعيدا عنه ثم ادركت انها لا تعرف وجهتها فعقدت ذراعيها بشدة حول نفسها لتقاوم القشعريرة التي سرت بجسدها.

وسار باي الى جوارها واستطاعت ان تشعر بعينيه تتركزان عليها فأرخت اهدابها حتى لا تعكس نظراتها مشاعرها الدفينة التي تجوب خيالها
وفي لحظة خاطفة احست انها تجرؤ على التنفس.
قال لها:
" خيرا لنا ان نعود الى اليخت "

كانت لهجته تنم عن غضب مكبوت.ولم تستطع سابرينا ان تدرك هل كان الغضب موجها لنفسه ام لها؟.
وكانت يده باردة عندما امسكت بيدها وهو يقودها الى البحر وشعرت سابرينا بالسعادة عندما غاصت في الماء واطلقت سراح يدها لتبدأ بالسباحة
ولم تكد تتصور انه من الممكن ان تكون لمسة اليد التي اعتادت ان تشيع اللهيب في اوصالها هي نفس اللمسة التي تثير القشعريرة في عظامها.

كانت تؤنب نفسها اثناء السباحة في مراجعة العودة لحماقتها التي سمحت لباي ان يحملها الى هذه المرحلة بينما كانت الحكمة تدعوها الى ان تكف عن رؤيته.
وكانت سابرينا منهكة عندما لحق بها باي وجذبها الى السلم فارتقت درجاته دون معونته وتمهلت على سطح اليخت قليلا حتى تلتقط انفاسها.

ثم اتجهت الى قاع اليخت فقال لها بلهجة امره :
" عندما تفرغين من تغيير ثيابك سيكون طعام الغداء معدا لك. اظن انك ستعثرين على طلبك وفي نفس الوقت سيكون اليخت على اهبة الاستعداد للرحيل"

وتلعثمت وهي تقول:
" لا...لا اظنك ستتناول طعامك قبلي؟"

" اعتقد اننا في عجلة الى العودة...اليس كذلك؟"
وكانت تشوب صوته نبرة التحدي التي حاولت ان تستنكرها ولما لم تسرع في الجواب على سؤاله اضاف فائلا بتجهم:
" سوف استمتع بالطعام...كما استمتعت به ذات مره ونحن نتناوله في رحلتنا البحرية"

وفي الحقيقة احست سابرينا ان العام لا مذاق له وكان معظمه يتوقف ليلتصق بحلقها وكانت تبتلعه بصعوبة بالغة.
ولم تشعر بأي جو للصداقة يحيط برحلة العودة وانما ان التوتر يخيم على الصمت الذي ران بينهما.

وفي نهاية اليوم شعرت سابرينا بالبرود يشوب قبول باي لكلمات الشكر المهذبة التي قدمتها له وعندما اوصدت الباب الحديدي وراءها ادركت تماما سبب تعاستها
وكان لديها وقت كاف في طريق العودة لكي تمعن النظر في السبب وعرفت انها احبت باي كاميرون...وادركت انها كانت حمقاء...لا تبصر!.

*******نهاية الفصل الثامن********


استودعكم الله


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477447062.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
.










.
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]










التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 09-25-2015 الساعة 04:50 PM
  #9  
قديم 09-23-2015, 04:25 PM
 
الفصل التاسع

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477445341.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].















.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477448283.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



[/ALIGN]
[ALIGN=center]





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته







9_ تمثال نصفي
****************
كانت كلمة الوداع التي القاها باي هي: سأتصل بك هاتفيا ومن واقع تجربة سابرينا كانت هذه الكلمات تعني نهاية العلاقة.
وها قد حل يوم الجمعة ولم يتصل بها.
وانحدرت دمعة فوق خدها ومسحتها بأطراف اناملها التي تركت ورائها خطا من الصلصال الاسود على وجهها.
لماذا لا تنضب مآقيها من الدموع كما فقدت بصرها؟ وعجبت في يأس ثم تنهدت.
ربما توجد طريقة اخرى للتخلص من هذا الالم.

وتناهى الى سمعها صوت طرقات على باب الاستديو وكانت قد احتفضت به مؤصدا خلال هذا الاسبوع لانها لا تريد ان يتلصص عليها احد دون اذن منها اوحتى يدير مقبض الباب.
واعتذرت لابيها بأنها تريد ان تحول دون اية منغصات تلهيها عن عملها.
وكانت تجد نفسها تقف في وسط الغرفة وتنخرط في البكاء وكانت لا ترغب في رؤية ابيها ولا اي شخص اخر.

وتناولت سابرينا طرف قميصها لتجفف وجهها بعناية من الدموع خشية ان تكون تركت وراءها دمعة على خدها لم تمسحها
واخيرا نادت على الطارق قائلة: " ادخل"
وعبقت الغرفة برائحة نفاذة من العطر الذي اعتادت ديبورا ان تستخدمه واكدت الخطوات الرقيقة وجودها.

قالت لها خطيبة ابوها:
" جئت لاذكرك اننا سنرحل خلال ساعة.
امامك فسحة من الوقت لتنظيف نفسك وتغيير ملابسك"

تمتمت سابرينا وهي تركز اهتمامها على التمثال النصفي الذي لم يكتمل بعد:
" لا اظن انني سأذهب معكم"
ولكن ديبورا ذكرتها قائلة:
" غرانت يترقب بحرارة ان نتناول نحن الثلاثة طعام العشاء معا خارج المنزل اليوم"
قالت كاذبة:
" انا اعلم ذلك ولكنني افضل مواصلة العمل فترة اخرى لانني قطعت نصف الشوط في هذه القطعة الفنية وارغب في ان استمر في عملي والفكرة مازالت حية في عقلي"

القت ديبورا عليها سؤلا يشوبه الاضطراب:
" هل انت متأكدة؟"
فقالت سابرينا مؤكدة:
" لقد امسكت بالشكل ولا اود ان افقد معالمه"
قالت ديبورا بتردد:
" لا اعني العمل"
سألت سابرينا:
" اذن ماذا تعنين؟"

وتوقفت يد سابرينا عند اذن التمثال الذي كان في منتصف مرحلة التشكيل وتساءلت: هل مازالت ديبورا تمتلك نفاذ البصيرة؟.
قالت ذات الشعر الاحمر بوعي:
" انا...انا اردت ان اتأكد من انني لست السبب في رفضك للخروج معنا. لا اريدك ان تظني بأنك سوف تصبحين الطرف الزائد في رفقتنا هذه الليلة."

واطلقت سابرينا زفرة ارتياح خفيفة وقالت:
" كلا...ياديبورا ان رفضي للخروج ليس بسببك. سنذهب سويا في يوم اخر.
كان من الافضل لي ان لا ابدأ عملي هكذا متأخره ولكن ما دمت بدأت فيه فلابد انا اواصل العمل فترة اطول حتى انجز جانبا كبيرا منه."
" ادرك قصدك. انا اعرف كم مهم هذا العمل بالنسبة اليك. فلا تقلقي يا سابرينا.
سأشرح الامر لغرانت"

" ما الذي تودين شرحه؟"
وفجأة صاحت ديبورا بصوت مضطرب وقالت:
"غرانت؟ ماكان يجدر بك ان تتسلل الى هنا بهذه الصورة! "
قال:
" لم اتسلل ولكنك ببساطة لم تسمعيني"
ثم استطرد يقول:
" والان....اسأل ماذا كنت تودين شرحه؟"

واخذت سابرينا تجيب نيابة عن ديبورا:
" قررت ان امكث هنا لاواصل العمل الليلة.
ولا استطيع الخروج معكما لتناول طعام العشاء"
قال ابوها متجهما:
" نحن الاثنان سنخرج لتناول الطعام معك وليس العكس"
فهزت كتفيها باستخفاف وصممت ان لا تدعه يغير من رأيها فقالت:
"اذن سوف نخرج في ليلة اخرى"

" كلا... سوف نخرج الليلة"
وتدخلت ديبورا في الحديث تسأله ان يكف الاصرار:
"غرانت!"
قال بحزم:
"لقد عملت سابرينا كثيرا يا ديبورا.
انظري الى الهالات السوداء التي تحيط بعينيها والتجاويف في وجنتيها
انها لم تخلد الى النوم
ولم تأكل وكل ما تفعله هو العمل من الصباح حتى غروب الشمس.
وبالاحرى حتى منتصف الليل"
وتنهدت سابرينا:
" انك تبالغ يا ابي. زد على ذلك ان العمل اصبح شيئا هاما بالنسبة لي"
وكانت سابرينا صادقة فان العمل كان الشئ الوحيد الذي يحميها من الجنون
ومن دونه تكون الحياة فراغا مميتا وبدون باي تكون الحياة قاتلة.

واستطردت تقول:
" اعدك بأنني حالما افرغ من هذه القطعة الفنية سأعد لنفسي شيئا التهمه ثم آوي الى فراشي. ما رأيك؟"
فتمتمت ديبورا قائلة:
" اظن ان المساومة عادلة اليس كذلك يا غرانت؟"
" انا....."

ولم يتم عبارته واخذ نفسا عميقا غاضبا لان المناقشة مع سيدتين يحبهما اجمل حب اصبحت لا تجدي. وتنهد مرة اخرى بشدة واردف يقول باستسلام:
" حسنا. يمكنك المكوث في البيت هذه المرة. ولكن سوف نخرج سوية في الاسبوع القادم ولن يكون هناك سبب للاعتذار.
والان لماذا لا تدعينني القي نظرة على عملك الفني الهام الذي يمنعك من الخروج؟"

وخطت سابرينا جانبا عندما دنا غرانت منها وقالت:
" لقد شكلته الان فقط. انني اشكل تمثالا نصفيا لجينو مارشيني في شبابه فقد اراني منذ عام صورة التقطت له في يوم زفافه. وكنت انوي ان ارسمه على لوحة...ولكنني"

وصمتت وكأن صمتها يقول انها تركت اللوحة لاسباب واضحة واستطردت تقول:
" ان شكله روماني فيه كبرياء وقوة"
قال غرانت لي غير مصدق:
" جينو....صاحب الصيدلية؟"
قالت سابرينا مدافعة:
" التمثال في مراحله الاولية"

وخيمت لحظة صمت بينما راح غرانت يدرس رأس التمثال النصفي ثم التفت فجأة وقال:
"ديبورا...هذا التمثال يشبه من...في رأيك؟"
قالت في ترد:
" حسنا...انا لا اعرف جينو جيدا"

قال غرانت باصرار:
" اما انا فأعرفه منذ سنوات عديدة. اني اسف ان اقول لك يا سابرينا ان هذا التمثال لا يشبه جينو البتة ولا حتى في شبابه"
وعندما بدأت سابرينا تقول:
" عندما افرغ منه..."
التقط غرانت عبارتها ليكملها قائلا:
" سيشبه باي كاميرون تماما"
" انت مخطئ يا ابي"

قالتها برصانة وهي تطبق قبضة يدها بشدة حتى شعرت بألم حاد فيها وكأنها تنزل العقاب بهما لانها لم تتوقع الخيانة منهما.
ثم اردفت تقول:
" انه لا يشبه باي كاميرون البته. اليس كذلك يا ديبورا؟"
قالت المرأة الاخرى:
" انه يحمل ادنى شبه منه ان التمثال لم ينته كما تقولين.

وضع غرانت ذراعه حول كتفي سابرينا واحتضنها ليبعث الطمأنينة في نفسها ثم قال:
" ان الرجل له وجه مثير. اذا استطعت رؤيته يا سابرينا فانك ستجدين دافعا الى رسمه على لوحة من القماش.
ومع ذلك انني لن اواصل الجدل معك فأنت الفنانة وليس انا. اذا قلت انه جينو...
فهو جينو اعتقد انه توجد ملامح رومانية عند كل منهما. هل تسمح لي السيدتان بالانصراف لاغتسل وابدل ثيابي."

وطبع غرانت قبلة على وجنة سابرين ثم غادر الغرفة وبعد رحيله راحت سابرينا تتأمل بلا ابصار قطعة الصلصال المشكلة فوق المنضدة
وبينما راح قلبها يصرخ بالام وفي غمرة تألمها نسيت وجود ديبورا معها حتى ايقظتها من تأملها بقرقعة من كعبي حذائها.
قالت ديبورا بصوت رقيق:
" سابرينا....فيما يتعلق بباي...."

ثم توقفت عن مواصلة الحديث فقالت سابرينا بتحد وفي نبرة باردة اتية من بعيد:
" ماذا عن باي؟"
" لا اظنك قد تعلقت به تعلقا كبيرا هل حدث ذلك؟"
تلعثمت ديبورا وكأنها تطأ بقدميها ارضا محرمة ثم واصلت الحديث:
" اعني...انك معجبة به كثيرا ولكني لا اظن انه سوف..."

فاتمت سابرينا العبارة لها:
" تجذبين انظاره اليك بحرارة. انا ادرك تماما انه يشعر بالحنان نحوي"
ولم تستطع سابرينا ان تحمل نفسها على ان تتفوه بكلمة الشفقة بدلا من الحنان.
تنهدت ديبورا في ارتياح وقالت:
"انا سعيدة. انا متأكدة انه يميل اليك يا سابرينا.
ولكن لا اظن انه من الحكمة ان تكوني مولعة به ولعا شديدا...وفي نفس الوقت ليس من العدل ان تكوني نفضت يدك منه"

" انا مولعة به. لقد ساعدني كثيرا. باي هو الشخص الذي اقترح علي ان اشغل نفسي بالنحت"
وصرخت سابرينا لنفسها في صمت بأنه ليس من العدل ان تحطم قلبها من اجل مستقبلها ولكن متى تحتكم الامور الى العقل اذا ارتبطت بالحب؟.
واستطرت تقول:
" لا تقلقي يا ديبورا. لم اسئ تفسير دوافعه"

فقالت ديبورا:
" انت تعرفين جيدا موطئ قدميك على الارض"
وفكرت سابرينا وقالت لنفسها: الان اعرف فقط ان رأسي يسبح في الفضاء وعندما قالت ديبورا بأنها سوف تدعها لعملها تمتمت باجابة شاردة.


وعندما اغلقت ديبورا باب الاستديو وراءها راحت سابرينا تبحث بعينيها عن موضع التمثال النصفي
واخذت تستكشف بخفة الملامح غير المصقولة للوجه الذي اكد لها انها ملامح وجه باي وانتابها غضب بارد سرى في اطراف جسمها وسمعت عقلها يصدر لها امرا قائلا:
" حطميه...دمريه...حوليه الى كومة من الصلصال"

واستراحت يداها على جانبي الوجه ولكنها لم تستطيع تنفيذ الامر وسقطت دمعة...
ثم دمعة اخرى واخيرا اجهشت بالبكاء فاهتز قوامها النحيل وتحدب كتفاها وتقوس ظهرها من شدة الالم في صدرها.

ومع هذا لم تمكث يداها طويلا بلا حراك وانما شرعتا بالعمل وبدافع من الالم راحت تحدد على الصلصال كل لمحة من ملامح وجهه وكل قطعة من قلبها لم تهبها لباي...
ذهبت خالصة الى الصلصال الناعم.

ولم تشعر سابرينا كم من الوقت مضى عليها عندما سمعت اباها يطرق الباب ثم يفتحه
ولم يكن لديها فسحة من الوقت لكي تمسح نهر الدموع الذي غطى وجهها لذا ادارت ظهرها للباب عندما قال لها ابوها:
" سنرحل الان يا سابرينا ولا تنسي وعدك. تناولي طعامك ثم توجهي الى فراشك بعد ذلك"
قالت بحزم:
"اجل يا ابي. استمتع بوقتك"

وكان دخول ابيها سببا في كبح جماح دموعها المنهمرة وعرفت مقدار ما حرمته...عاطفيا وجسديا.
وعندما اغلق الباب الامامي ادركت ان اباها وديبورا قد رحلا عن المنزل وسارعت الى القاء جسدها على المقعد
ودفنت وجهها في راحتها دون حراك لا تبغي حتى استهلاك طاقتها في التنفس.

وسمعت دقات تدوي وخيل لها لاول وهلة انها تخيلات ولكنها ادركت انها اتية من الباب ,
فكست وجهها تقطيبة وهي تجفف وجنتيها من الدموع وانزلقت من فوق المقعد وهي تدمدم قائلة:
" لابد ان ابي قد نسى مفاتيحه"

ولم تطاوعها ساقها على حملها بسرعة عبر الاستديو او تهبطا بها درجات السلم المؤدي الى الطابق الارضي واستمر الطرق على الباب بصورة ملحة اكثر من الاول.
قالت سابرينا بصوت يشبه الانفعال:
" انا قادمة"

توقف الطرق ولكن عضلات ظهرها كانت قد تقلصت من شدة التوتر فراحت تدعكها بضجر وهي تدير القفل الاتوماتيكي وتفتح الباب.
ثم قالت يصوت يبدو فيه الخفة والمداهنة:
" ما الامر؟ هل نسيت مفاتيحك؟"
ولكن سؤالها قوبل بالصمت فمالت سابرينا برأسها جانبا ترهف السمع وقالت:
" ابي؟"
" هل تعرفين انه يوجد آثار من الصلصال على خدك؟"

تراجعت سابرينا مأخوذة عند سماع صوت باي وتحركت يدها لتغلق الباب ولكنه اعترضه بقدمه وخطا الى داخل الغرفة.
وسألته بغضب:
"كيف اتيت الى هنا ماذا تريد؟"
قال موضحا بهدوء:
" قابلت والدك وديبورا في طريقهما خارجا وسمحا لي بالدخول"

اشاحت بوجهها عنه وهي تمسح الصلصال من وجنتيها ثم سألته:
" لماذا؟"
قال باي:
" تسألين لماذا دعاني ابوك الى الدخول؟ ذكر عن اقبالك على العمل بجد واهتمام؟"
قالت باصرار:
"حسنا. انا لا اعمل بجد واهتمام. وكل ما اعنيه لماذا اتيت الى هنا؟"

" لأسألك ان تتناولي طعام العشاء معي"
دفعت سابرينا رأسها الى الوراء وارخت اهدابها في صلاة صامتة لعله يدعها لشأنها وقالت له:
" ارفض قبول دعوتك"
قال:
" لن اقبل رفض دعوتي. يجب ان تأكلي. هل يستوي الامر عندك اذا اكلتي معي او اكلت وحدك؟"

" بل يجب ان تقبله لاني مشغولة. ولن يضير بي كثيرا ان تناولت الطعام وحدي "
وكانت سابرينا تعرف انها اعتادت ان تتناول الطعام وحدها.
وقال باي بهدوء:
" سابرينا. كفاك عنادا. لا حاجة بك الى تغيير ملابسك.
اخلعي قميص العمل واخرجي كما انت. سنأكل ثم نعود مباشرة للانتهاء من عملك اذا كان ضروريا الانتهاء منه الليلة"

انذرته قائلة:
" لست انوي الاستماع الى موضوع الخروج"
وبخطوة سريعة اقترب باي منها وحل حزام القميص الخارجي واسرعت هي بدورها الى ربطه ثانية
ولكن اصابعه اطبق على رسغها ليمنعها من ذلك وحاولت سابرينا ان تطلق رسغها من قبضته وهي تدمدم:
" لن تستبد بي هذه المرة يا باي كاميرون"



امسك رسغها بلطف وهو يقول:
" سنمضي الليلة بطولها في الجدال لانني لن ارحل من هنا قبل الحصول على موافقتك"
لم يكن تهديده هزلا كانت كبرياؤه هي السلاح الاول الذي يدفعه الى تنفيذ تهديده وتمثل السلاح الثاني في النار الذي سرت في ذراعها.

وهو ما لا تستطيع ان تخفي ازءه مشاعرها او تمسك لسانها اذا هي حاولت ان تستمر في العناد طويلا.
واطبقت سابرينا فمها بشدة لبرهة ثم قالت:
" اذا وافقت على تهديد هذه المرة هل تقسم بشرفك انك من الان وصاعدا سوف ترضخ للقرارات التي اتخذها بشأن الخروج معك؟"

وقوبل رجاؤها بصمت يشوبه التحفظ ثم قال:
" سأقسم بشرفي...فقط اذا...اذا...وافقت على ان نناقش سبب عدائك المفاجئ؟"

قالت ببرود:
" لا اعرف ما الامر الذي تتحدث عنه"
وتغيرت نظرتها اليه ولكنها حرصت على الا يكتشف السبب لانه اذا كانت الشفقة من اجل فقد بصرها امرا يمكن احتماله اما الشفقة لانها احبته فهذا امر اخر ترفض السكوت عنه.
تمتم باي بهدوء:
" سوف نرى"

كم كرهت ثقته المفرطة بنفسه وقذفت سابرينا قميصها ليستقر فوق المقعد وتوجهت الى حامل المظلات لتتناول عصاها...
العصا العاجية التي قدمها لها باي. واعلنت قائلة:
" دعنا نذهب"
سألها ساخرا:
" الم تنسي حقيبة يدك؟ ربما تحتاجين الى مفاتيحك...للعودة ما لم تخططي لقضاء الليل معي"

بصقت سابرينا قائلة:
" تبا لتفكيرك"
ولكن الفكرة كانت تعذيبا أليما نفذ الى قلبها وهي تهرع لترتقي الدرجات الى غرفتها وقد آلمها ان باي استطاع ان يتفكه من حبه لها
وخاصة عندما اصبح شيئا ترغب فيه بشدة.
وهبطت درجات السلم وهي تحمل حقيبة يدها واحتكت به وهي تعبر الباب متجاهلة سخريته وهو يقول لها:
" هل انت مستعدة الان؟"

والتزمت الصمت طوال ركوبها معه في السيارة من اجل سلامتها وليس رغبة منها في ان تكون وقحة معه.
ولم تستطع ان تتكهن اسباب صمته. كانت تراه لغزا فهي لا تفهم لماذا يبغي صحبتها عندما تظهر له بوضوح انها لا ترغب في صحبته.

ادركت سابرينا انه من المحتمل ان تكون هذه المرة هي الاخيرة التي تصحبه فيها اذا حافظ على وعده وكان من المستحيل ان تخرج معه بعد ان عرفت حقيقة مشاعره
لان ذلك سيفجر مزيدا من الالم.

كانت تعرف انه يأمل في تغيير عقلها واقناعها في الاستمرار في علاقتهما ونجح في المرة الاخيرة عندما كانت لا تدرك مقدار حبها.
ومن الطبيعي ان يكون واثقا انه يستطيع ان يكرر المحاولة...لماذا؟
انها لا تعرف. يجب ان تدافع عن نفسها ضد سحره وجاذبيته بالا تطيل المكوث معه بعد ان افترقا.

وتركز افكرها على الرجل الذي يجلس وراء عجلة القيادة وحجبت اي شئ اخر ولم تسمع صوت حركة المرور في غدوها او رواحها عبر شارع سان فرانسيسكو كأن هذا لا يعنيها.
ولم تكترث كثيرا في المكان الذي يصحبها اليه ولو انها بعد لحظات سوف تعرف المطعم عندما تدخل اليه والالم يعتر قلبها.
" سابرينا"

نادها باي في لهجة آمرة جذبت انتباهها من قوقعة التعاسة التي تكمن فيها فانتصبت بقامتها وادركت ان السيارة قد توقفت
وكست وجنتيها حمرة ورديه ولكنها كانت تعلم ان الظلام الذي يسود السيارة كفيل باخفاء احمرار خديها.

ورفعت رأسها في استعلاء وسألت:
" هل وصلنا؟"
اجاب باي: " اجل"


واطبقت اصابعها بشدة حول مقبض عصاها وانتظرت حتى يدور باي حول السيارة ليفتح الباب المجاور لها
وتركت رؤوس التنين المنقوشة على المقبض العاجي آثارها على اصابعها ولأنها كانت تجهل وجهتها فانها قبلت ان تترك يده ترتاح على مرفقها ليقودها.

وبعد ان خطت عدة خطوات فتح باي بابا ودفع بها الى داخل مبنى. ثم سارا قليلا حتى اقتربا من سيدة حيتهما في دهشة مرحة وقالت:
" لقد اتيتما مبكرين. دعني اتناول معطفك"

وناولها باي معطفه الخفيف ثم قال:
" اجل لم تأخذ مني وقتا طويلا كما ظننت يا سيدة غينز. اقدم لك سابرينا يا سيدة غينز. وانت سابرينا اقدم لك السيدة غينز"
وحيت سابرينا المرأة قائلة:
" كيف حالك يا سيدة غينز؟"

ثم راحت تصغي علها تلتقط الاصوات المألوفة سماعها في اي مطعم عام ولكن صوت السيدة غينز جائها يقول:
" انا سعيدة بلقائك يا انسة لين"
وعندما تراجعت السيدة غينز عدة خطوات التفتت باي الى سابرينا لتسأله :
"اي نوع من المطاعم نحن فيه؟"

ووضع يده على مرفقها مرة ثانية ليدفعها الى الامام وهو يقول:
" انه ليس بمطعم"
وتجهمت سابرينا وقالت:
" ولكن...."
وقاطعها باي قائلا:
" انه منزلي يا سابرينا"

وتوقفت فجأة وقلت متهمة اياه:
"قلت لي انك ستصحبني خارجا لنتناول الطعام"
" ولكنني لم اقل انني سأصحبك الى المطعم"
وترك مرفقها واحاط بذراعه خصرها من الخلف وهو يدفعها الى الامام واستطرد يقول:
" وانت لم تسأليني البته"

وخلصت سابرينا خصرها من ذراعه وقالت بصوت يضطرب بالعاطفة:
" خدعتني هذه المرة ايضا يا باي كاميرون. عد بي الى البت حالا"
قال:
" اعطيت السيدة غينز لائحة بالاطعمة المفضلة الي وبذلت مجهودا كبيرا لاعداد وجبة تحبينها وسوف تصاب بخيبة امل اذا رحلت ولم تتناولي شيئا من صنع يها"

وذكرته بحدة قائلة:
" انت لا تهتم كثيرا لمشاعري فلماذا اشعر بالقلق لايذائها؟"
فقال بصوت منخفض ناعم:
" لانك اساسا امرأة رقيقة وحساسه ولانك اعطيتني كلمتك"
وابتلعت سابرينا حشرجة يائسة من الاحباط وهي تقول:
" من الواجب ان احترم كلمتي في الوقت الذي لا تحافظ فيه على كلمتك؟"

" انا لم اكذب عليك"
قالت بتهكم:
" لم تكذب ولكنك خدعتني فقط. قدتني بسيطرتك حتى افعل ما تريد وقبل هذا وبعده ان باي كاميرون...انك تضع دستور مبادئك وفق هواك اليس كذلك؟"
قال بصوت يشوبه خيط رفيع من الصرامة الباردة:
"هل نتوجه الى غرفة الجلوس؟"

____________


وشعرت انها تخدع نفسها بالرضا عندما تحاول ايلامه وهي في الحقيقة تحبه بجنون
ولكنها في نفس الوقت تكرهه ايضا لأنه ينظر اليها كفتاة عمياء سيئة الحظ وليس كامرأة لها مطالبها العاطفية.

ولم تعارض سابرينا الذراع التي كانت تقودها بحزم واستدارت يمينا وعندما تباطأت قدماه سألته ببرود وفي تحد سافر:
" لماذ اتيت بي الى هنا يا باي؟"

واجاب وهو يتعمد عدم فهم سؤالها:
" لانك لا تستطيعين تمضية الامسية في البهو"
فقالت متهمة اياه:
" انت تعرف جيدا انني اشير الى منزلك"
" لانه يتيح لنا الخلوة التي نتبادل فيها الاحاديث بحرية"

قالت سابرينا تذكره:
" يمكن الحصول على هذه الحرية في سيارتك او في منزلي"
قال لها باي بأسلوب منطقي:
" لن يتاح لنا ذلك ففي السيارة ستفقدين اعصابك ومن المحتمل ان يراودك التفكير في الوثوب من الباب قبل ان استطيع ان امنعك من القفز وقد تصرعك سيارة عابرة.
اما في بيتك...فانه لن يتيح لنا هذه الخلوة فأنت تعرفين نفسك تمام المعرفة.
انت انسانة عنيدة...ربما تركتني اتحدث الى باب الغرفة التي سجنت فيها نفسك.
اما في بيتي فأنت لا تعرفين اي طريق يمكنك السير فيه دون ان تتعثر قدماك بقطعة من الاثاث او الارتطام بجدار.

فقالت سابرينا معارضة:
" وبعد كل هذا تسألني لماذا بدأت اكرهك فجأة؟"
وحاولت ان تعود الى حيث اتت ولكنها شعرت انها عاجزة عن الحركة السريعة حيث نجح باي في اقامة شرك لها.
وحاولت بطرف عصاها ان تبحث عن اي عقبة تعترض طريقها وارتطمت العصا بجسم صلب.

قال لها باي:
" امامك مباشرة اريكة والى يمينك مقعد تراجعي خطوة الى الوراء ثم دوري يمينا حتى تتجنبي وجود المقعد"
وسألته:
" وماذا يوجد في الطريق بعد ذلك؟"

قال لها:
"لماذا لا تكتشفين الموقع بنفسك؟"
ونفذت سابرينا تعليماته ببطء وهي تحسب المسافات التي تقع بين قطع الاثاث حتى تخترق المساحة الخالية بمساعدة عصاها.
واخيرا لمس طرف العصا ما يبدو ان يكون ساق المنضدة فخطت بعيدا عنها في حرص شديد لتكتشف ان المنضدة تقع بجوار الحائط
او على الاقل بجوار جسم صلب.

ربما كان احد الابواب فمدت سابرينا يدها تكتشف حقيقته ولمست اصابعها ستائر رقيقة.
جاءها صوت باي من منتصف الغرفة قائلا:
" ان النافذة تطل على خليج سان فرانسيسكو امامك منظر غولدين غيت والميناء"
ولم تكن سابرينا ماذا كانت تأمل في اكتشافه هل كانت تبحث عن منفذ للهروب؟ محتمل!
وشعرت بالاحباط عندما تركت النافذة وعادت تقتفي خطواتها السابقة وتوقفت عندما بلغت الموقع الذي شعرت ان باي واقف فيه.

وقالت له:
"باي...ارجوك...عد بي ال المنزل"
" لم يحن الوقت بعد"
كانت السجادة ناعمة وغزيرة تحت قدميها. كانت تحدوها الرغبة في اكتشاف المكان الذي يعيش فيه وينام بين جدرانه.
وهزت رأسها بشدة كان عليها الا تفكر في ذلك.

واخيرا رفعت سابرينا ذقنها في تحد:
" اذا لم تعد بي الى البيت سوف استدعي سيارة اجره"
سألها ساخرا:
" اين الهاتف يا سابرينا؟ هل تعرفين مكانه؟"
واشاحت بوجهها عن واطلقت تنهيدة محمومة من صدرها فقال لها:
" ماذا يضايقك يا سابرينا؟"
صاحت بغضب:
" بعد ان وضعتني رهينة في بيتك هل لديك الشجاعة لكي تسألني عن سبب ضيقي؟"
" هناك سبب لضيقك اكبر مما هو واضح وانا اريد اكتشافه"

وكان صوته يقترب منها وهو يتحرك نحوها فاستدارت سابرينا لمواجهته وهي تحاول ان تستخدم حاستها لتدد مقابلته.
وقالت له ببرود:
" ربما يكون السبب هو انني ضقت ذرعا من ان اعامل معاملة طفله"
فأجابها باي:
" اذن توقفي عن تمثيل دور الطفلة"

واكتشفت انه اصبح قريبا منها اثر مما كانت تتوقع فقد لمسة يداها كتفيها ولكن قبل ان تنغرس اصابعه في جسمها ابتعدت عنه بسرعة.
سألها قائلا:
" بحق السماء لماذا انت خائفة مني؟ في كل مرة اقترب فيها منك ترتجفين خوفا مثل ارنب مذعور لقد اصبحت على هذه الحالة من الذعر منذ حفل باميلا"
كانت انفاسها ضحلة وغير مستقلة وقالت له:
" لم يلهمني اقترابك مني....الثقة بك"

وتراجعت سابرينا وهي تشهر انا عاجزة عن ان تقول له...انها تحبه.
قال باي بانفعال:
" كنت غاضبا منك ولم اقصد اخافتك"
وفي هذه المرة ارتاحت يداه فوق كتفها قبل ان تحاول ابعادهما.
وكانت لمسته حازمة وليست مؤلمة.

قالت:
" الا ترى ان الوقت تأخر كثيرا لاعتذارك...الذي تقدمه الان فقط"
وخفضت ذقنها حتى لا يرى صورة السخرية على وجهها وقالت:
" لا نستطيع ان نبقى اصدقاء بعد ذلك يا باي"
فأجاب اجابة مقتضبة:
" اذا سوف اصلح ما شاب علاقتنا"

نادها في همس وكان صوته تشوبه دغدغة رقيقة كانت اشبه بالضربة.
وقفز قلبها حتى امسك بتلابيب حلقها ولكنها اجبرت الكلمات ان تنطلق من حنجرتها.
سألته بصوت مشدود:
" والان...هل تدعني ارحل؟"
سألها بحذر:
" ما الامر يا سابرينا؟ ماهو سبب عدم رغبتك في رؤيتي"

وقفت سابرينا صامتة ما يقارب دقيقة وهي تعرف انه لن يطلق سراحها في الحال فالتقطت نفسا عميقا
ودفعت برأسها الى الوراء اذ كانت على وشك ان تصنع بيديها اكبر خدعة في حياتها.
قالت له بجرأة:
" هل تريد الحقيقة يا باي؟ حسنا.
الحقيقة هي انني كنت ضائعة ووحيدة عندما التقيت بك اول مرة كنت لا شئ انسان بلا هدف ودفعتني انت الى الخروج من قوقعة حياتي وقدمت لي صحبتك.
واهم من ذلك منحتني الفرصة لاحدد مستقبلي في حقل احبه اكثر من اي شئ في الدنيا. سأكون دائما ممتنة لك لكل ما فعلته من اجلي"

وتمهلت فترة وهي تشعر بضيقه ثم اردفت قائلة:
" كم كنت اتمنى ان لا تدعني الى ان اتفوه بما قلته يا باي لم اقصد ان اكون قاسية معك ولكنني لم اعد ضائعة او وحيدة.
لي مستقبلي وهدفي هذا ل ما ابتغيه في الحياة استمتعت بالاوقات التي امضيناها سويا لكن ما اريده هو فرض سيادة عملي على حياتي.
واوجز كلامي في عبارة واحدة...هي انني ببساطة لم اعد احتاج اليك بعد الان."

وسقطت يداه بعيدا عن كتفيها مبتعدا عنها وقال:
" ادرك ذلك"
ثم اردف يقول بصوت متجهم:
" لا اظن انه كان في وسعك ان تضعي الامر بصورة اكثر وضوحا من ذلك."

قالت سابرينا موضحة:
" لم يكن قصدي ان استغلك بوعي مني...او بل وعي ارجو ان تصدقني فمنذ اسبوعين ادركت انني اريد ان اكرس كل وقتي لعملي
ولكن لم اكن اعرف كيف افضي اليك بالامر حتى لا تشعر بجحودي نحوك بعدما فعلته لي.
وكان كل ما تطلبه مني مجرد صداقة عابرة مقابل خدماتك لي وكنت انا انانية لدرجة ان ضننت عليك بهذه الصداقة
لذلك حاولت ان اشعل الحرب معك على امل ان تغضب وتكون البادئ في فصم عري صداقتنا.
انا اسفة يا باي"

وتدحرجت دمعة من بين رموشها لكذبتها الشنعاء ولكن صمته اوحى لها بتصديق كلامها. سألته بصوت يشوبه الالم:
" هل يضايقك ان تعود بي الى البيت يا باي؟"
فوافق بمرارة:
" لا اظن ان احدا منا له ادنى رغبة في الطعام ليس هذا غريبا"

اخذت يد مجهولة بمرفقها ولم يتبادلا كلمة واحدة. ولم يعلق باي على دموعها التي راحت تجري فوق وجنتيها
ولم يقل حتى كلمة وداع عندما بلغا باب المنزل
ولكن عبارة حظا سعيدا المتهكمة التي تفوه بها تردد صداها في اذنيها طول الطريق المؤدية الى غرفتها حيث القت بنفسها على الفراش وانفجرت باكية.

******نهاية الفصل التاسع******


استودعكم الله


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477447062.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
.










.
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]










التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 09-25-2015 الساعة 04:52 PM
  #10  
قديم 09-23-2015, 04:26 PM
 
الفصل العاشر

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477445341.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].















.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477448283.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



[/ALIGN]
[ALIGN=center]





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اضحى مبارك
وكل عام وانتم بخير
وعساكم من عوادة
وهذا هو الفصل الاخير من الرواية
اتمنى انها عجبتكم وحبيتوها







10- تقييم فني

*****************
نادى غرانت لين على ابنته من الطابق الاسفل:
" سابرينا...هل يمكنك ان تنزلي اود رؤيتك دقيقة واحدةة"
فتنهدت سابرينا بتثاقل وقالت:
" الا يمكنك الانتظار يا ابي؟"
اجاب:
" لا...ان الامر بالغ الاهمية"

قامت سابرينا بتغطية التمثال الذي اوشكت ان تتمه.
وكات في وسعها ان تقنع اباها بتأجيل ما يراه مهما ان هي اصرت على عدم النزول.
ولكن الاعياء بلغ بها حدا لم تستطع معه مواصلة النقاش فخلال الاسبوعين السابقين
كانت تعمل بجهد كبير وتنام قليلا.

قالت:
" سأنزل حالا. ماذا تريد مني يا ابي؟"
وراحت تهبط السلم وعندما بلغت منتصفه شعرت بوخزة في ظهرها
والقت اللوم على اعصابها المتوترة وتوقفت عند الدرجة الاخيرة
بينما كان رأسها يندفع اتجاه نهاية السلم عندما فوجئت بصوت باي المتهكم يكبح من سرعتها
وهو يقول:
" اهلا...سابرينا...اعتذر لتعطيلك عن العمل"

احنت سابرينا رأسها وهبطت الدرجة الاخيرة وهي تدس يدها المضطربتين في جيبها وقالت:
" انها مفاجأة لي يا باي. ماالذي اتى بك الى هنا؟"
بدأ ابوها يوضح الموقف وقال:
" توقف باي لـ..."

ولكن باي قاطع حديثه وقال:
" يمكنك ان تسمي هذه اخر خدمة مفيدة اقدمها لك. اريد يا سابرينا ان تقابلي هاول فلتشر"
سمعت صوت رجل ينم عن ثقافة يقول:
" هل هذه هي السيدة الشابة التي تحدثت عنها؟"
وتقدم لتحيتها واستطرد يقول:
" الانسة لين ارجو ان يكون لقاءنا من دواعي السرور لكلينا"

وقدمت سابرينا يدا مرتبكة لتحيه وقالت معتذرة:
" انا اسفه...لا اظن انني ادرك تماما سبب زيارتك!"
فقال باي موضحا:
" جاء الى هنا ليرى اعمالك الفنية ويدلي برأيه في مهارتك الفنية وتفكيرك"

وافتقدت سابرينا الدفء الذي تعرفه في صوت باي فبدا لها شخصا غريبا
ولم تتسم نبرته بالسخرية او الصداقة اللتين اعتادت عليهما.
" لا اظن...."

وتوقفت عن مواصلة الحديث وكأنها كانت تعترض بخشونة على ان تكون اعمالها الفنية هدفا لتقييم احد النقاد المختصين فقال هاول فلتشر:
" يمكنك ان تكتشفي الان ما اذا كنت بددت وقتك في الرسم او النحت
ام انك قد انجزت عملا فنيا عظيما"


حدثت سابرينا نفسها بما قاله باي بأنه يؤدي لها خدمة مفيدة.
رفعت رأسها وقالت:
" احتفظ بكل اعمالي في الاستديو بالطابق العلوي. هل انت قادم معنا يا باي؟"
ويبدو ان باي لم يترث كثيرا حتى يعرف نتيجة التقييم
وانما استأذن في الانصراف من غرانت وهاول وتجاهل سابرينا تماما.

قادت سابرينا هاول فلتشر الى الاستديو ولم يتفوه الرجل بكلمة واحدة
وهو يقوم بدراسة كل قطعة فنية ولم تهتم هي بالامر بل انها لم تكترث لرأيه المرتقب رجل واحد فقط يهمها انه باي
الذي جاء وانصرف قبل ان يخفق قلبها المحطم مرة ثانية.
كان عملها الفني يملأ ساعات الوحدة والفراغ وكان سببا يدفعها الى النهوض من فراشها كل صباح.
وكانت تأمل ان يأتي اليوم الذي تساعدها فيه اعمالها الفنية على الاستقلال عن ابيها.

كانت ترغب في ان يتزوج من ديبورا وينعم بالسعادة معها.
ومن العدل ان يفوز احدهما بالانسان الذي يحبه. اما هي فقد فقدت باي.
سألها الرجل بعمق:
" ما مقدار العمل الذي انجزته منذ ان اصبحت عمياء يا انسة لين؟"
قالت وهي في غيبوبة:
" النحت. اما اللوحات الزيتية فقد انجزتها قبل ان اصاب في الحادث"

قال معقبا:
" فهمت انك تعرفت الى السيد كاميرون منذ بضعة شهور"

دعكت سابرينا ظهرها في قلق ثم قالت:
" اجل...هذا صحيح"
" كيف صنعت هذا التمثال النصفي؟"
فاعتلت ابتسامة شاحبة شفتيها وقالت:
" ان الاعمى يرى بيده يا سيد فلتشر"
" انت لم تسأليني بعد عن رأيي في اعمالك الفنية الست في لهفة الى معرفته يا انسه لين؟"

هزت كتفيها باستخفاف وقالت:
" تعلمت من تجربتي ان الناقد يدلي بنقده دون ان يسأله احد كما ان الثناء يمنح بلا سؤال"
فقال معقبا:
" لك قدر ملحوظ من الحكمة"
" ليس في جميع الاحوال"

وكانت تعني انها لم تتدبر امر حبها بحكمة.
وبدأ هاول فلتشر بالحديث - او بالاحرى – في النقد.
ولم يحتد في كلمته وانما كان يقوم بتشريح كل قطعة فنية على حده دون ان يبالي انه يقوم بتقطيع مستقبلها الفني الى شرائح.
كان يجذب انتباهها الى كل عيب يشير اليه مهما بلغت دقته. وكان كل موضوع يطرحه بين يديها يعد امتحانا لها .

واستمر صوت الناقد المثقف في نقده حتى ودت سابرينا ان تصرخ فيه حتى يتوقف عن الاسترسال في حديثه.
فقد بدا الفشل الذي منيت به في اعمالها الفنية يثقل كاهلها وبذلت جهدا كبيرا حتى لا تتلقى الضربة القاضية منه.

كان يكفيها الآم قلبها المهجور والضربة القاضية كفيلة بأن تزيد كأبتها ولكن شعورها بالكبرياء دفعها الى ان ترفع رأسها عاليا
وهي تستمع الى تشريح الناقد للقطعة الفنية الاخيرة.

واطبق صمت عميق بعد ان تفوه عبارته الاخيرة فتنفست سابرينا الصعداء:
" حسنا...انني لم اعرف الا انني فنانة هاوية غير مقتدرة"
ضحك الناقد وقال:
" يا الهي... انت لست غير مقتدرة... ولست هاوية... من قال لك ذلك يا طفلتي؟"

واردف يقول:
"هناك بعض القطع الفنية التي ينقصها الاتقان وبعض القطع التي تفتقد الحياة وتحتاج الى بذل المزيد من الجهد
ولكن بقية القطع مذهلة للغاية ولا يمكن ان نصدق مبلغ الكبرياء والقوة اللتين تعبر عنهما ملامح الوجه الذي قمت بتشكيله في التمثال النصفي الذي يصور باي.
كما ان العاطفة بالغة الاثر في تمثال السيدة.
انت تحاولين ابراز ملكتك الفنية في الاشخاص مثلما برزت في لوحاتك.
انت تبعثين الحياة فيهم وترتفعين بلسمات الى الدرجة التي تجذب اليهم انظار الناس"

لم تستطع سابرينا ان تصدق ما يتفوه به هاول فقالت:
"اذن...هل تظن انه من المحتم علي ان اواصل العمل؟"
اعلن هاول فلتشر قائلا:
"اذا حافظت على هذا العمل وهذا المستوى فانني استطيع ان اعدك بأنك ستقيمين معرضا خلال ستة اشهر"
فقالت سابرينا:
" لابد انك تمزح"



" عزيزتي...انني لا امزح في مسألة المال وارجو ان تغفري لي عندما اقول ان عماك سوف يلعب دورا كبيرا في الدعاية لمعرضك
الذي سيكون مزيجا بين افضل لوحاتك مع افضل تماثيلك ثم نشرع في دعوة الاشخاص المنصفين"

قاطعته سابرينا وهي تخشى ان يكون باي قد بالغ في تقدير كل هذا فقالت:
" انك تقول هذا ارضاء لباي. اليس كذلك؟"
سألها وكأن كرامته قد جرحت :
" هل تسألين عما اذا كان باي قدم لي رشوة لكي اقول لك ذلك؟
اعلمي اذن ان باي كاميرون بذل ضغوطا مضنية لكي يحملني على الحضور الى هنا اليوم.
انني لست مستعدا لاغامر بشهرتي من اجل احد واذا لم تكن لديك الموهبة او الفكر السديد فأنني قادر على ان اخبرك برأي بصراحة"

صدقته سابرينا واصبحت تشعر أنها تمسك بكأس النجاح في قبضة يدها.
وتركت الرجل يرسم لها خطة اعداد المعرض لكنها لم تستمتع بحلاوة النجاح لان الرجل الذي تحبه لم يشاركها فيه.
كان الانتصار يبدو لها مثل الطبل الاجوف....كحياتها تماما.
********
اعلن هاول فلتشر بأن المعرض سيقام خلال ستة اشهر وحدد موعد افتتاحه بالاسبوع الاول من شهر ديسمبرــ كانون الاول
واختار هذا التوقيت لانه يناسب فصل الاجازات وانطلاق الاموال من جيوب اصحابها.
وادركت سابرينا ان تقدير هاول للفن يسير جنبا لجنب مع تقديره للمال.

تمتم ابوها حتى لا يسمعه المحيطون بهما:
" لقد نجحت يا سابرينا. سمعت ثناء وراء ثناء يطري قطعك الفنية"
فابتسمت سابرينا ابتسامة شاحبة لنبرة الفخر العظيم الذي اتسم به صوته وليس لكلماته التي قالها عن نجاحه وكانت تتصور ابتسامته المشرقة التي علت وجهه.

وقال هاول فلتشر الذي كان يقف في الجانب الاخر من سابرينا:
" كلمات الاطراء رخيصة يا سيد لين ومع هذا حققت نجاحا عظيما يا عزيزتي سابرينا.
لان ضيوفنا دفعوا اموالهم امتثالا لما حكمت به اقوالهم"

قالت سابرينا بنعومة:
" شكرا لك يا سيد هاول"
" انت تعرفين يا سابرينا ان الدبلوماسية تستحوذ دائما على عقولنا لذا سأضطر الان الى القيام بجولة اما انت فيمكنك المكوث هنا.
وتناهى الى سمعها صوت نسائي دافئ قائلا:
" سابرينا...انا باميلا تايسن. كنت مدعوة في حفل منزلي منذ عدة اشهر"

مدت سابرينا يدها تحيها وقالت:
" طبعا يا سيدة تايسن. اذكر ذلك تماما. كيف حالك؟"
زجرتها السيدة وهي تقول بسخرية:
" اشعر بضيق قليل اذا كنت تريدين معرفة حالي. انه لامر رهيب الا تفضي لي بموهبتك الرائعة
وانتظر حتى اضع يدي على حفيدي باي وسألقنه درسا او اثنين لانه اخفى سرك عني"

ابتلعت سابرينا ريقها وهي تقول:
" ليس هناك ما يمكن ان يقال"
كان قلبها يخفق بضربات متوثبة ويد باردة تمسك بعنقها في كل مرة يذكر فيها اسم باي.
قالت باميلا:
" اظن ان باي سيأتي هنا الليلة ليشاركك الاحتفال بنجاحك.
انني واثقة بأنه سيقطع رحلته البحرية التي يقوم بها الى باجا بولاية كاليفورنيا حتى لا تفوته مناسبة كهذه."

وحاولت سابرينا ان لا يبدو على صوتها نبرة الاهتمام وهي تقول:
" اوه...هل كان باي يمضي هذه الفترة هناك؟ لم اره في الاونة الاخيرة. كنت منهكة في الاعداد لهذا المعرض"

وكان من الواضح ان السيدة تايسن لم تكن تعرف ان باي وسابرينا افترقا منذ عدة شهور مضت كما ان سابرينا بدورها لم ترد ان تفضي لها بهذا الامر
. وابدت السيدة تايسن لها بملحوظة قائلة:
" ان التمثال النصفي الذي يمثل باي يخطف الابصار وكل انسان يتحدث عن مدى الشبه بينهما.
ولابد ان هاول يدرك مدى نجاح التمثال وهذا واضح من الثمن الباهظ الذي قدره له."
وهزت سابرينا كتفيها دلالة على انه لا يعنيها كثيرا مسألة الثمن.
وقالت:
" انا مجرد فنانة" .

___________________
_____________________

ولم تكن سابرينا راغبة بعرض التمثال ولكن هاول كان صلب الرأي في مناقشاته معها واصر على الا تتيح الفرصة لمشاعرها بالتدخل في قرارها فأذعنت له بشرط الا يعرض التمثال للبيع.

وكانت سابرينا تعرف ان تفكيره في مجالي الفن والمال لا حدود له.
وحتى لا يثار التساؤل في عدم عرض التمثال للبيع اقترح هاول ان يضع ثمنا باهضا له حتى لا يستطيع احد شراءه. واخيرا وافقت على اقتراحه.

وسألتها باميلا:
" ما هو ردة فعل باي عندما رأى التمثال الذي يصوره ابلغ تصوير؟"
واختار احد الضيوف هذه اللحظة ليقدم التهاني الى سابرينا فاستطاعت ان تتجاهل السؤال الذي وجهته اليها باميلا
ولحسن الحظ التقت باميلا بأحد معارفها فانتحيا جانبا واخذا يتجاذبان اطراف الحديث
فاصبح في وسع سابرينا ان تهرب من الاجابة على سؤالها تماما.

قالت لها احدى السيدات:
" كل اللوحات والتماثيل مدهشة يا انسة لين مذهلة تماما. انها تثير الاعجاب"
هزت سابرينا رأسها بأدب وقالت:
" اشكرك"

وتدخل هاول فلتشر في الحديث وامسك مرفق سابرينا وقال:
"اسمحي لي يا سيدة هاملتون. لابد ان اسرق سابرينا منك لدقائق معدودات"
وقدمت سابرينا اعتذارها للسيدة وسمحت لهاول ان يقود طريقها.
واخذت العصا العاجية تتحسس السبيل امامها وكان هاول ينسى احيانا انها عمياء فيتركها تصتدم بالاشياء التي تعترض طريقها.

سألته:
" من هو الشخص الذي تدفعني الى رؤيته هذه المرة؟"
فقال بصوت يشوبه الوجل:
" لا اعرف كيف اخبرك بدقة يا سابرينا لدي مشتر للتمثال النصفي وهو يرغب في رؤيتك"
قالت بحدة:
" مشتري؟ انت تعرف ان التمثال ليس للبيع"

فأجاب مدافعا:
" حاولت ان اشرح له انك غير راغبة في التخلي عنه لان ثمنه الحقيقي اقل مما هو مقدر له
وخشيت ان تبلغ هذه الحقيقة اسماع الضيوف فتتعرض الاسعار الاخرى للمساومة"

فقالت سابرينا متهمة اياه:
" اما كان يجدر بنا الا نعرض التمثال في المعرض. انت تدرك مقدار شعوري نحوه."

وافق على كلامها بهدوء وقال
" اجل...ادرك ذلك تماما. يمكنك ان تناشديه نخوته الطيبة واقناعه باختيار تحفة فنية اخرى.
انه ينتظر في مكتبي حيث الخلوة التي تتيح لكما المناقشة الحره"

قالت سابرينا باصرار عندما خلفت وراءها اغلب الضيوف لتدخل احدى القاعات الخلفية:
" لن ابيع التمثال. ولن اهتم كثيرا بما قد يترتب على قراري "
ولم يحاول هاول ان يعقب على كلامها وابطأت خطواتها عندما بلغا بابا مفتوحا ودخلت القاعة ورفعت رأسها في عزم واصرار
وتمتم لها بكلمتي حظ سعيد وهو يغادر الغرفة ويغلق الباب وراءه
فتلفتت حولها وارتجفت وهي تنشد معونته.

وفجأة سمعت شخصا ينهض واقفا ولما كانت قد تردتت على المكتب عدة مرات فانها كانت تعرف ان المشتري كان يجلس على الاريكة الفكتورية
الصنع الواقعة مقابل الجدار.
ورسمت سابرينا ابتسامة على شفتيها وتقدمت تخطو نحو الصوت. ومدت يها لمصافحته وهي تقول:
" انا سابرينا لين كيف حالك؟. اخبرني هاول بانك حريص على شراء قطعة فنية اثيرة الى نفسي"

" هذا صحيح يا سابرينا"
وصعقت لسماعها الصوت وسقطت يدها الممدودة لترتد الى جانبها حتى تظل رابطة الجأش.
وكادت الارض تميد بجنون تحت قدميها وكانت ركبتيها تهتزان هلعا.
"باي....باي كاميرون!"
رددت اسمه بأنفاس متقطعة وان كانت نبرة الفرحة تشوب صوتها واردفت تقول:
" يالها من صدفة! باميلا تايسن اخبرتني منذ لحظات بأنك تقوم برحلة بحرية في باجا. انه من الصعب ان يتواجد الشخص في مكانين في وقت واحد"
ثم حدثت نفسها قائلة: (هاول هذا الخائن. لماذا لم يخبرني ان باي هو الشخص الذي يترقب انتظاري؟ ولا عجب ان يتسلل ويتركنا وحدنا.)

سمعت باي يقول بنبرة اشاعت القشعريرة في اوصالها :
" انه خطأ اقترفته باميلا فقد اعددت العدة للعودة بعد مضي بعض الوقت.
ارى انك حققت النجاح الذي كنت تنشدينه. ما شعورك الان؟"
فقال قلبها: شقية. لكن لسانها كذب وقال:
"سعيدة!"

قال باي بسخرية:
" يبدو مظهرك انيقا ومتخما للغاية وانت في ثوبك الاسود وقد التف عقد من اللؤلؤ حول عنقك الطويل فأضفى عليك لمسة بسيطة ولكنها رائعة.
وقد اجتمع الفستان والعقد ليبرزا الشحوب والجمال على بشرة وجهك.
وكأنما كنت تكابدين مأساة عظيمة ونجحت في التغلب عليها. ولا شك في ان الصحافة وجدت في قصتك ما يشغل صفحاتها"

وتاقت نفسها الى ان تقول له بأن مأساتها تكمن في فقدانها له وليس فقدانها لبصرها ولكنها التزمت الصمت
وهي تحاول ان لا تسمع سخريته التي تختفي وراء نبرة صوته.
واستطرد يقول:
" يراودني التفكير في انك سوف تنبذين عصاي وتستعيضين عنها بأخرى"

وكانت اشارته الى العصا العاجية التي تحملها تدفعها الى ان تتشبث بمقبضها بشدة وكأنها كانت تخشى ان يحاول استعادتها منها.

فقالت سابرينا باستخفاف:
" ولم افعل ذلك؟ انها تؤدي غرضها"
قال باي بجفاء:
" لن اتهمك فأقول انك ترتبطين بها ارتباطا عاطفيا للغاية ولكنني عندما تتطلعت الى التمثال النصفي الذي صممته لي ادركت انك تنظرين الى علاقتنا السابقة بشغف كبير"
قالت:
" شئ طبيعي...."
ونم اهتزاز صوتها عن مبلغ عمق ولعها به.

واردفت تقول:
" هذا علاوة على انني سبق واخبرتك مرة بأنني احب وجهك. ان ملامحه قوية وشامخة."
قال:
"هل اخبرك هاول انني ازمع شراء التمثال؟"
قالت ضاحكة:
"اجل. ولكنني لم اعرف انك اناني يا باي, تخيل انك تشتري صورة لنفسك"

" سيكون تذكارا جميلا.."
قالت متلعثمة:
" باي...انا..."
وتحركت قليلا حتى دنت منه وهي تشعر بعينيه تتفرسان في وجهها الذي راح يهتزمن القشعريرة والبرد.
واستطردت تقول:
" هناك خطأ. هاول جاء بي لان...حسنا...التمثال ليس للبيع"

سألها باي وكأنه لم ينزعج لصوتها المتلعثم:
" ولماذا ترفضين بيعه؟ اظن ان الهدف من هذا المعرض هو بيع المعروضات"
قالت:
" المعروضات للبيع فيما عدا التمثال النصفي الذي حددنا له ثمنا باهضا حتى لا يستطيع احد شراءه"

فقال بهدوء:
" انا استطيع شراءه"
فقالت في يأس مميت:
" كلا...لن ادعك تأخذه مني..فقد اخذت كل شئ عندي.. ارجوك دعني احتفظ به"
قال ضاحكا:
" آخذه منك!"

وزحفت يده لتقبض على رسغها ثم اردف يقول:
" ماذا اخذت منك؟ هل نسيت انني الشخص الذي عرفتي كيف تستغلينه من قبل؟ لماذا لا تأخذين نقودي؟ لقد اخذت كل شئ ثمين قدمته لك"
قالت:
" ماذا قدمت لي؟ الشفق؟ العطف؟ الاحسان؟"

وراحت تضرب الارض بعصاها في حدة واضحة وكانت كل ضربة تتردد مع كل كلمة غاضبة تتفوه بها.
ثم استطردت تقول:
"متى يكون للأشياء المهنية قيمة ثمينة. ولمن تقدم الاشياء الثمينة؟ بالتأكيد لا تقدمها لي.
انك لم تكترث بي كثيرا. انني في نظرك مجرد حالة تقدم لها الاحسان"

وانطلقت تنهيدة عميقة من صدره وهو يتسائل:
" هل ما زلت تؤمنين اني اشعر بالاسف نحوك؟"
قالت سابرينا:
" كنت بالتأكيد لا تحبني"
وقبضت يداه على كتفيها وادار وجهها نحوه ثم قال:
" واذا كنت احبك فهل سيختلف الموقف؟"

وقالت سابرينا لنفسها لو لم تبعث لمسة يده ومضة نارية لتجري في سلسلتها الفقرية لاستطاعت ان تصمد امام الام الذي كان يمزق قلبها
اما وهي تشعر الان بالعجز في اعماقها والكبرياء لا تستطيع ان تشد ازرها فليس امامها سبيل الا ان تلقي بنفسها على صدره.


وقالت له وهي تتنهد:
" لو انك احببتني قليلا يا باي...لما توانيت على ان احبك بجنون ولكن ماذا تفعل فتاة عمياء مع رجل يشعر بالشفقة نحوها...لانها عمياء؟"

وخفت حدة صوته وتركت يده كتفيها لتمسك برسغها بينما دغدغت اليد الاخرى برفق وجنتيها وقال:
" انني لم اشعر مطلقا بالشفقة نحوك كنت غارقا لاذني في حبي لك حتى بت اخشى ان افقد قطرة من هذه العاطفة"

وانتحبت سابرينا في ألم وهي تحاول ان تنفلت من ضمته الرقيقة وقالت:
" باي. لا تكذب علي. الم تخجل من سلوكي الذي كان يدفعك الى السخرية مني؟"
قال باي:
" لا اكذب عليك صدقيني. ان الجحيم الذي كابدته خلال الشهور السابقة لم يدفعني الى السخرية منك"

قالت تسأله حتى يتوقف عن تعذيبها:
" انا فتاة عمياء يا باي. كيف يكون في وسعك ان تحبيني"
" يا ملكتي العمياء...الجميلة والشجاعة هل تسألين كيف استطيع ان احبك؟"
وكان صوته دافئا صادقا وبددت نبرة الاخلاص فيه الخوف الذي كان يملأ قلب سابرينا فقالت له:
" لن تحاول خداعي مرة ثانية اليس كذلك يا باي؟
لا تفعل ذلك معي اذا كان التمثال هو كل ما تبغيه سأهبك اياه عن طيب خاطر اذا توقفت عن الكذب علي"

واطبقت يداه على كتفيها وجذبها الى صدره ووضع يدها على قلبه الذي ترددت نبضاته فوق راحتها.
وكان نبض قلبها في سباق جنوني مع نبض قلبه واخيرا القت وجهها بين يديه.
وهمس في اذنها قائلا:
" كونك ضريرة لا يقلل من شعوري بأنك امرأة عندما اضمك بين ذراعي"

فتمتمت قائلة وهي تلقي برأسها فوق قلبه:
" لم تدعني اشعر بذلك مرة...."
ضمها الى صدره بيدين قويتين وكأنه يخشى ان تحاول الهروب منه ثانية وقال لها:
"احببتك حبا عميقا من البداية وربما بدأ ذلك في تلك الليلة التي لجأنا فيها الى زورقي هربا من المطر. لا ادري...
ولكني قلت لنفسي يجب ان تأخذ الامر بهوادة فانك تتصفين بالكبرياء والعناد والتحدي. لذلك لم احاول ان اؤكد لك في البداية بأنني احبك لانك ما كنت لتصدقين مشاعري.
ليس هناك شئ مستحيل ما دمت قد عقدت العزم على تنفيذه وبعد تلك الانجازات فكرت ان ادفعك الى ان تحبيني. ولا يمكنك ان تتصوري مدى عنف الصدمة التي تلقيتها يوم ان اخبرتني بأنك لم تعودي في حاجة الي.

وابتسم باي بينما ازدادت سابرينا اقترابا منه وتمتمت بحرارة:
" انا محتاجة اليك انا اريدك بجنون. كنت ارتعد عندما يراودني الاحساس بأنك تشعر بمزيد من الشفقة نحوي"
" لم اشعر بالشفقة نحوك بل بالفخر بك"

واستدارت برأسها نحوه في تساؤل وحيرة وقالت:
" بالفخر بي؟"
" كنت دائما فخورا بك لانك كنت دائما تقبلين التحدي الذي اوجهه لك"
وراحت تذكره بابتسامة:
" كنت اقبل التحدي مع الاحتجاج"

قال باي ضاحكا:
" لا يستطيع احد ان يتهمك بأنك ليتة العريكة.
اجل انت عنيدة ومحبة للاستقلال ولست سهلة الانقياد.
كان ذلك واضحا منذ اول مرة التقينا فيها وصفعت وجهي"
وتركت سابرينا اصابعها تداعب وجنتيه وهي تقول:
" وانت رددت لي الصفعة التي اثارت غضبي واثارت معها حبي لك"

وطبقت اصابعه بسرعة على يدها وطبع عليها قبلة حارة وقال:
" هل يمكنك ان تخبريني الان لماذا هربت مني عندما كنا في حفل باميلا؟ اريد ان اعرف الحقيقة هذه المرة."

ووثب قلبها وثبة مفاجئة لانها في هذه اللحظة لا تريد ان تتحدث ولكنها قالت:
" سمعتك تتحدث الى فتاة تدعى روني وقالت انك اتيت بي الى الحفل لانك تشعر بالاسف لي وانك استخدمتني وسيلة لتثير الغيرة في قلبها. وانت لم تنكر ذلك يا باي
وتعلقت بأمل ان تقول لها انني على الاقل صديقتك ولكنك تركتها تتحدث عني كانسانة مسكينة سيئة الحظ وتستحق الاحسان وظننت انها تقول الحقيقة.
وهذا ما دفعني الى الهروب"

" ان اول شئ سوف اتذكره عندما نتزوج هو حدة سمعك.
ولو انك انصت قليلا لكنت سمعت بقية حديثي فقد قلت لها انني لا احب ان اسمع منها اي تعليقات على المرأة التي ازمع الزواج منها"
وشابت صوتها موجة من الحب الدافئ وهي تقول:
"باي...هل تنوي الزواج مني؟"

" انوي الزواج منك..اذا وافقت على طلبي"
فهمست وهي تلهث الما:
"لا تسخر مني...."
وعانقها برقة اشعرتها بأن حبه بدد كل الظلام الذي يسود حياتها.

وبعد مضي لحظات دفعها باي بذراعيه لكنها ترنحت نحو صدره لتنعم بلمسات اصابعه
واخيرا امسك جسمها بحزم على مقربة منه فقالت له هامسة:
" حبيبي...كم احبك ارجو ان تمسك بي فترة قصيرة اخرى"

فقال بصوت ينم عن عمق حبه:
" ان الفترة القصيرة ستدوم طويلا"
وانفجرت شفتاها عن ابتسامة تتراقص بالسعادة الفياضة وقالت:
"باي... الباب له قفل"
فقال باي يذكرها:
" هناك عدد كبير من الناس يتساءلون ماذا حدث لنجمة المعرض"

فأجابت:
" لا اريد ان اكون نجمة..."
وسألها باي:
" وعملك..."
لكنها قاطعته قائلة تتم كلامه:
" سيملأ اللحظات التي تكون فيها بعيدا عني. سيرضيني كل الرضا"

دمدم باي:
" انت تعرفين ان العمل الفني ليس امرا هينا وانما يتطلب دقة الاحساس"
وهمست قائلة:
" اعرف ذلك...."

النهاية
*******
تمت والحمد لله

استودعكم الله


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477447062.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
.










.
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]










التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 09-25-2015 الساعة 04:54 PM
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
" رواية عيناك عذابي ... " roxan anna روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة 85 06-01-2020 10:56 PM
رواية جديدة للدكتورة ناعمة الهاشمي 2012 تعالوا يا بنات رواية شما وهزاع احلى رواية florance أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 02-26-2014 02:28 PM
رواية/ عسى مين يفكر يمسك ايدينك وفيها يذوب تصرخ اوجاعه ولايلاقي مين يسكتها .... احساس مراهقه روايات و قصص بالعاميه 10 04-18-2013 09:34 PM
ماتشوف بعينيك فى هذا الشكل او هذه الصورة ليس ما تره عيناك انظر جيدآ بامعان ستشوف شكلآ ثاني غير ماتشوف عيناك . SCORPIONKING أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 27 06-01-2010 11:44 PM
عيناك عيناك سيدتي dyadak قصائد منقوله من هنا وهناك 1 12-28-2009 10:49 AM


الساعة الآن 07:16 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011