عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 10-16-2015, 08:03 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/12_10_15144460713383153.jpg');border:3px inset darkred;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




الفصل الخامس
الجريمة الثانية


مازلت اذكر ساعة يقظتي من النوم صباح اليوم الخامس والعشرين من شهر يوليو
واعتقد ان الساعة كانت النصف بعد السابعة
كان بوارو واقفا بجانب فراشي يهزني برفق من كتفي
وما ان فتحت عيني والقيت نظرة على وجهه حتى تنبهت من نومي تماما
قلت وانا انتصب جالسا
- ماذا حدث ؟
فقال ببساطة تخفي وراءها انفعال مكبوت :
- لقد وقع ما كنت اخشاه.
فهتفت قائلا :
- ماذا ؟ ولكننا في اليوم الخامس والعشرين .
- لقد وقعت الجريمة في الواحدة بعد منتصف الليل اي في الساعة الأولى
من اليوم الخامس والعشرين ..هذا اليوم.
فوثبت من فراشي واغتسلت بسرعة وراح بوارو يحدثني بما سمعه في التليفون وانا ارتدي ملابسي فقال :
- وجدت جثة فتاة شابة على شاطىء مصيف بكسهيل .وعرفت انها لفتاة تدعى بيتي بارنارد .
واسمها الكامل هو "اليزابيث بارنارد" وكانت تعمل مضيفة في احد المقاهي وتعيش مع والديها في بيت
صغير من طابق واحد مبني حديثا ويقول الطبيب الذي فحص الجثة ان الوفاة حدثت فيما بين
الحادية عشرة والواحدة صباحا .
فسالته بسرعة وانا اضع الصابون على ذقني :
- وهل ايقن رجال الشرطة ان هذه هي الجريمة التي كنا نتوقع حدوثها ؟
- عثرو تحت جثة الفتاة على دليل برادشو للسكة الحديدية .
فقلت وانا ارتعد :
- ان هذا امر رهيب..
- تمالك نفسك يا هاستنغز فانا لااريد ماساة اخرى في مسكني هذا .
مسحت قطرات الدماء التي انبعثت من جرح في وجهي اثناء الحلاقة وقلت : ماذا تنوي ان تفعل ؟
- ولسوف تاتي سيارة الشرطة بعد لحظات لتقلنا الى مسرح الجريمة.
وفي خلال ربع ساعة كانت سيارة الشرطة السريعة تنطلق بنا خارج مدينة لندن
وكان معنا المفتش كروم الذي شهد المؤتمر في اليوم الأسبق والذي عهد اليه بالتحقيق في هذا الحادث
وكان كروم يختلف كثيرا عن المفتش جاب فهو اصغر سنا واميل الى الصمت والى الترفع عمن حوله
واكثر علما وثقافة وكان يبدو لي شديد الإعجاب بنفسه لاسيما بعد ان نال وسام الكفاءة الممتازة عقب قضائه
على عصابة خطف الأطفال قبل ان يتسع نطاق اعمالها
والواضح انه كان الشخص المناسب لتولي هذه المهمة الخطرة ولكن عيبه الوحيد انه كان يدرك
هذه الحقيقة فيزهو في اعماق نفسه ويعامل الذين حوله كانهم اطفال صغار.
قال بوارو بلهجة الرئيس المترفع الذي يتحدث الى انسان بسيط :
- تحدثت طويلا مع الدكتور ثومبسون وهو كما نعرف شديد الإهتمام بهذا النوع من الجريمة "المسلسلة"
او " الجريمة التي ترتكب على حلقات " ويعتبرها نموذجا على الإضطراب العقلي الذي يتميز بطابع معين
وقد افاض الدكتور في شرح نظريته طويلا وضرب المثل عليها بآخر قضية عن
القضايا التي كانت في عهدتي ولعلك قرات عنها انها قضية مابل هومر الطالبة في مدرسة مازويل هل .
ثم راح يفيض في الحديث عن هذه الجريمة الغامضة التي استطاع ان يكتشف غموضها ويقبض على مرتكبها في اسرع وقت
وبعد ان سادت بننا فترة من الصمت قال كروم عندما تجاوزنا محطة نيوكروسي :
- اذا اردت ان تستفسر عن شيء عن هذه الجريمة فيمكنك ان تسالني .
- هل وصلتكم بعض التفاصيل عن شكل الفتاة ؟ وعن بعض ظروفها الإجتماعية ؟
- كانت في الثالثة والعشرين من عمرها وتعمل في مقهى جنجركات
- ترى هل كانت جميلة ؟
فرفع كروم حاجبيه ثم قال في اقتضاب :
- هذا ما لم نعرفه بعد.
وارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي بوارو وهو يقول :
- اترى ان هذا لا اهمية له حسنا انني ارى ان لجمال الفتاة في مثل هذه الظروف الأهمية الأولى.
ويبدو ان المفتش كروم قرر ان يضع للمحادثة نهاية اذ قال ببرود :
- آه نعم....
وظل الصمت مخيما حتى بلغنا بلدة سيفن اوك عندما قال بوارو :
- هل عرفت على نحو ما كيف خنقت الفتاة وباي شيء ؟
فاجاب كروم بايجاز :
- خنقت بحزامها ..وهو حزام ثوبها كانت ترتديه ..حزام مفتول متين معقد .
فاتسعت عينا بوارو وقال :
- آها لقد استطعنا اخيرا ان نعرف شيئا محددا .
- انني لا ارى في هذا ما يدل على شيء معين.
- اعتقد انه يدل على عقلية المجرم الوحشية المضطربة .
وساد الصمت بقية الرحلة ...
واستقبلنا في بكسهيل نائب الحكمدار سكس المفتش كارتر وكان معه شاب وسيم باسم هو
المفتش كيسلي الذي عهد اليه بمعاونة المفتش كروم في مهمته
وقال المفتش كارتر
- اعتقد انك تفضل القيام بتحرياتك الخاصة يا كروم ولهذا ساكتفي بذكر الخطوط
العامة للجريمة لكي اترك لك الحرية البحث والتحقيق على طريقتك الخاصة
فقال كروم :
- شكرا يا سيدي...
- لقد ابلغنا النبأ الى والديها وكانت الصدمة بطبيعة الحال قاسية وقد تركتهما
حتى يستردا بعض هدوئهما وعليك ان تبدا بسؤالهم الآن اذا شئت .
وسال بوارو :
- هل هناك افراد آخرون يهمهم الأمر في محيط اسرتها ؟
- ان لها اختا تعمل على الآلة الكاتبة في لندن وهناك شاب يقال انه
خطيبها وانها كانت على موعد معه للخروج بالأمس .
وسال كروم قائلا :
- هل استطعتم ان تجدوا شيئا جديدا من دليل السكة الحديدية الذي وجد تحت الجثة ؟
فاشار نائب الحكمدار الى منضدة في غرفته وقال :
- انه على هذه المنضدة ولم نجد عليه اتة اثار لبصمات اصابع وهو دليل جديد
وقد وجدناه مفتوحا على الصفحة التي فيها اسم بكسهيل ويبدو ان المجرم اشتراه من مكان بعيد
عن هنا لأننا سالنا جميع اصحاب المكتبات الموجودة في المنطقة .
- ومن الذي اكتشف الجثة يا سيدي ؟
- ضابط متقاعد برتبة الكولونيل وقد اعتاد الخروج مبكرا في السادسة صباح كل يوم مصطحبا كلبه
لإستنشاق الهواء النقي وبينما هو يسير على الشاطىء في اتجاه البلاج كورين انطلق كلبه فجاة
وراح يشتم شيئا على الشاطىء فلما تبعه صاحبه شاهد الجثة فاسرع _ دون ان يلمس شيئا_
لإبلاغ الشرطة بالأمر
وتحدد وقت الوفاة بمنتصف الليلة الماضية
- نعم فيما بين الحادية عشرة والنصف والواحدة صباحا ..وهذا مؤكد ويبدو ان مجرمنا المجنون
مصر على ان يكون عن وعده .وهكذا ارتكب جريمته في اللحظات الأولى من اليوم الخامس والعشرين كما وعد.
فاوما كروم براسه وقال :
- نعم..هذه عقلية مختلفة قطعا ..ليس ثمة تفاصيل اخرى ؟ الم ير احد شيئا قد يفيد التحقيق ؟
- لاشيء حتى الآن ولكننا ما زلنا في ساعة مبكرة واكبر ظني ان كل واحد شاهد امس شخصا يسير
مع فتاة في ثوب ابيض سوف ياتي ويدلي الينا باقواله واعتقد ان عدد الفتيات ذوات الملابس البيضاء
اللآتي سرن امس مع رجال او شبان لا يقل عن خمسمائة وعلى هذا سيكون عدد الشهود ضخما.
فقال كروم
- حسنا يا سيدي يحسن ان ابدا عملي الآن وهناك بيت الفتاة والمقهى الذي كانت تعمل فيه وساذهب الى اثنين بادئا بالمقهى .
وتساءل نائب الحكمدار قائلا وهو يلتفت الى بوارو :
فقال هذا وهو ينحني براسه للمفتش كروم :
- يسرني ان اذهب معه .
- ولاح لي ان كروم لم يعجبه هذا.. اما المفتش الشاب كيسلي الذي لم يكن راى بوارو من قبل
فقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة
وقال كروم :
- وماذا عن الحزام الذي كان اداة القتل ان المسيو بوارو يعتقد ان له دلالة كبيرة ولاشك انه يريد ان يراه.
فقال بوارو بسرعة :
- لا..لا..يبدو انك اخطات فهم ما اقصد.
وقال المفتش كارتر :
- انك لن تستطيع ان تجد في هذا الحزام ما يفيد التحقيق انه ليس حزاما من الجلد الذي
قد تكون عليه بصمات اصابع وانما هو حزام من الحرير المفتول الذي يصلح تماما لمثل هذا الغرض .
وارتعدت مرة اخرى بينما قال كروم :
- حسنا هلم الى العمل .
- وبدانا اولا بزيارة مقهى جنجركات الذي يقع في مواجهة البحر وكان من المقاهي النموذجية
الصغيرة التي تكثر في المصايف حيث يشرب فيها الرواد القهوة والشاي والمرطبات او يتناولون
بعض الوجبات الخفيفة وكان بعض الرواد المبكرين قد جلسوا الى موائدهم يشربون قهوة الصباح
ومن ثم اسرعت مديرته وادخلتنا الى غرفة خاصة لاتلفت تلينا الأنظار
وقال لها المفتش كروم متسائلا :
- المس ماريون :
فقالت المديرة بصوت ناعم يشوبه الحزن :
- أجل هذا هو اسمي ان ما حدث أمر رهيب مزعج اخشى ان يكون له اثر سيء على العمل هنا .
وكانت المس ماريون سيدة في نحو الأربعين من عمرها نحيفة جدا وفي حالة اضطراب عصبي
تدل عليه حركات اصابعها التي كانت تنقبض وتنبسط بلا توقف
وقال لها المفتش كيسلي مشجعا :
- بالعكس يا مس ماريون ان ما حدث سيدفع الكثيرين الى الحضور الى هذا المقهى بالذات بدافع الفضول .
- آه هذا محتمل ولكنه شيء منفر مزعج انه يدل على قسوة الطبيعة البشرية .
ولكن وميض السرور بالرواج المنتظر كان واضحا في عينيها ..
وسالها المفتش كروم قائلا :
- ماذا يمكن ان تحديثيني به عن المجني عليها يا مس ماريون ؟
- لاشيء..لاشيء اطلاقا .
- منذ متى وهي تعمل هنا ؟
- منذ الصيف راضية عن عملها ؟
- نعم كانت مضيفة بارعة وسريعة في تقديم الطلبات
وسالها بوارو قائلا :
- وهل كانت جميلة ؟
ورمقت المس ماريون بوارو بنظرة وكأن لسان حالها يقول يا لوقاحتكم ايها الأجانب ثم قالت :
- كانت وسيمة لطيفة الشكل .
وسالها كروم قائلا :
- متى انصرفت من عملها في الليلة الماضية ؟
- في الساعة الثامنة مساء اننا نغلق المقهى في مثل هذا الوقت لأننا لا نقدم وجبة العشاء لأحد.
- ألم تذكر لك كيف كانت تنوي ان تقضي سهرتها ؟
فقالت المس ماريون بلهجة تاكيد :
- طبعا لا ان علاقتنا الخاصة لم تصل الى هذا الحد.
- ألم يحضر احد للخروج معها او للسؤال عنها .
- لا..
- هل كانت في حالتها الطبيعية ؟ أعني الم يبد عليها اضطراب او انفعالات نفسية معينة ؟
فقالت المس ماريون في حذر :
- انني لا اعرف على وجه التحديد .
- كم عدد المضيفات العاملات في هذا المقهى ؟
- اثنتان بصفة دائمة واثنتان بصفة احتياطية ابتداءا من اليوم العشرين من يوليو حتى آخر أغسطس
- وهل كانت بيتي بارنارد مضيفة احتياطية ؟
- لا بل كانت مضيفة اصلية .
- وماذا عن الأخرى ؟
- أتعني المس هيلي ؟ انها فتاة لطيفة.
- هل كانت هي وبيتي بارنارد صديقتين ؟
- هذا ما لا أجزم به .
- هل يمكننا اذن ان نتحدث مع المس هيلي ؟
- الآن ؟
- اذا امكن.
فنهضت المس ماريون قائلة :
- سابعث بها اليكم وارجو الا تحجزها طويلا لأن رواد المقهى يكثرون في هذه الساعة .
وبعد لحظات اقبلت فتاة ممتلئة الجسم سوداء الشعر متوهجة الوجه بالإنفعالات لاهثة الأنفاس وهي تقول :
- لقد ارسلتني المس ماريون .
- انت المس هيلي ؟
- نعم .انا
- أكنت تعرفين بيتي بارنارد ؟
- أوه طبعا اليس ما حدث لها رهيبا ؟ اني لا اكاد اصدق ما حدث لااكاد اصدق ان بيتي
التي كانت امس متوقدة بالحياة تصبح اليوم جثة هامدة ..اني في حلم مزعج.
وسالها المفتش كروم قائلا :
- هل كانت علاقتك بها متوطدة ؟
- كانت اقدم مني في العمل لأني بدات عملي في مارس الماضي ورايي عنها انها كانت فتاة
هادئة لطيفة لا تميل الى الضحك والمزاح هذا لا يعني انها كانت ثقيلة الظل او باردة العواطف وانما اقصد ان
اقول انها كانت متحفظة في علاقاتها مع زميلاتها هنا.
وبعد حديث طويل فهمنا من المس هيلي انها لم تكن صديقة للمجني عليها وانها اي _بيتي بارنارد_
كانت تتبادل الحب مع شاب يشتغل كاتبا في مؤسسة لتأجير المساكن والمنازل المفروشة
بالقرب من المحطة وان الشاب وسيم وتتمناه كل فتاة
وبعد انصرافها تحدثنا مع المضيفتين الإحتياطيتين ولكننا لم نخرج من حديثنا معهما بشيء جديد.


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #7  
قديم 10-17-2015, 11:17 PM
 
تم فهرسة الفصول
رواية إجرامية مذهلة
سيتم القراءة وكتاية الرد

بالتوفيق لكي يا مبدعة
__________________










  #8  
قديم 10-18-2015, 01:01 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



الفصل السادس
مزيد من الغموض

كان والدا بيتي بارنارد يعيشان في فيلا صغيرة بين خمسين مسكنا مشابها لها مشيدة
في ضاحية المصيف وكان الوالد _ المستر بارنارد _ رجلا كبير الجسم حائر السمات
في نحو الخامسة والخمسين من عمره ويلوح انه رآنا مقبلين فوقف ينتظرنا عند مدخل مسكنه.
وقال بعد ان حيانا عند هبوطنا من السيارة :
- تفضلوا بالدخول ايها السادة.
واخد المفتش كيسلي يقدمنا اليه الواحد بعد الآخر حتى اذا علم الوالد ان
المفتش كروم من رجال اسكوتلانديار قال بحماس :
- هذا شيء طيب جدا ..نعم يجب ان تبذل اسكوتلانديار جهدها
للقضاء على ذلك المجنون الذي قتل طفلتي.
واختلج وجهه بالألم الممض فلم يتم عبارته وفي غرفة الإستقبال قال :
- لاادري هل ستستطيع زوجتي المسكينة ان تحضر لإستقبالكم او لا ؟
فالواقع ان الصدمة هدت كيانها.
ولكن زوجته استطاعت بعد فترة وجيزة ان تحضر وهي تحاول جاهدة ان تسيطر
على نفسها فلا تستأنف البكاء وكانت عيناها متورمتان تدلان على كثرة الدموع
الحارة التي ذرفتها طيلة الليل
قال زوجها وهو يربت على كتفها ويهيء لها مقعدا تجلس عليه :
- لقد كان ناءب الحكمدار شفوقا بنا ..ابى ان يسالنا عن شيء بعد ان بلغنا
النبأ ولا شك انه اراد ان يتركنا بضع ساعات نسترد فيها بعض هدوئنا.
وغمغمت المسز بارنارد بصوت كله الدموع :
- انه لأمر فظيع ..انها قسوة مريرة ..قسوة ليس لها مثيل.
وقال المفتش كروم :
- ان الأمر فظيع حقا يا سيدتي ولهذا ارجو ان نعرف كل ما يمكن من
الحقائق حتى نقبض على القاتل في اسرع وقت .
وأومأ المستر بارنارد موافقا.
بينما اردف كروم قائلا :
- كانت بيتي تقيم معكما هنا كما فهمت وكانت تشتغل مضيفة
في مقهى جنجركات ؟
- أجل..
- وبيتكم هذا جديد ..اليس كذلك ؟..اين كنتم تقيمو من قبل ؟
- كنت اعمل في تجارة الحديد بمدينة كنجتون واعتزلت العمل منذ عامين ..
وكنت ارجو دائما ان اقضي بقية عمري في بيت على شاطىء البحر.
- ان لك ابنتين ؟
- أجل..الكبرى تعمل في مكتب بلندن.
- ألم تنزعج حينما تأخرت ابنتك عن الحضور امس ؟
فقالت المسز بارنارد بصوتها الباكي :- والدهت وانا ننام عادة في ساعة مبكرة
ننام في الساعة التاسعة مساء ولهذا لم نعرف ان بيتي تأخرت في الحضور
الا بعد ان جاء رجال الشرطة.
وتهدج صوت الأم وتوقفت عن اتمام الحديث فقال كروم :
- هل كان من عادة ابنتك ان..تتأخر في العودة الى البيت ؟
فقال الوالد :
- انت تعرف كيف تتصرف الفتيات في هذا الزمن يا سيدي المفتش ..انهن
يرفضن القيود ويتمادين في التحرر من رقابة الآباء ..ولكن بيتي بوجه
عام كانت لاتتأخر عن الحادية عشرة مساء.
- وكيف كانت تدخل البيت ؟ هل هناك من يفتح لها الباب ؟
- لا...كنا نضع لها المفتاح تحت مشاية الباب .
- يقولون ان ابنتك ...مخطوبة لشاب ؟
- انها لم تكن مخطوبة رسميا ولكن علاقتها به كانت مقدمة للخطبة
وهو يدعى دونالد فريزر ..شاب لطيف مستقيم ولاشك انه سيحزن اشد الحزن..
- انه يعمل كاتبا في مؤسسة لتأجير المنازل ؟
- أجل ..مؤسسة كورت وبرنسكيل .
- هل كان معتادا ان يلتقي بابنتك كل ليلة بعد ان يفرغا من العمل ؟
- لا. ليس كل ليلة ..مرة او مرتين في الأسبوع فقط.
- الم تعرف ما اذا كانت تنوي مقابلته الليلة الماضية ام لا ؟
- انها لم تقل لنا شيئا عن هذا ..ولم تكن بيتي تكثر الحديث عن شؤونها الخاصة
معنا او مع غيرنا ولكنها كانت فتاة طيبة مستقيمة ..أوه انني لا اصدق لا اصدق.
- تمالك نفسك يا مستر بارنارد.
- انني اتمنى لو استطيع ان اضحي بحياتي لأعاونكم في القبض على ذلك
المجرم لقد كانت بيتي فتاة مرحة ضاحكة مقبلة على الحياة كالطائر الغريد
ولا اذكر انها اساءت الى احد او ارتكبت شيئا تستحق الوم عليه انها لاتستحق
هذه الميتة لست ادري لماذا قتلها ذلك المجرم المجهول لا ادري اطلاقا.
فقال كروم مواسيا :
- تاكد يا مستر بارنارد اننا لن نستريح حتى نضع ايدينا على ذلك المجرم
والآن احب ان القي نظرة على غرفة بيتي الخاصة اذ ربما نجد بين اوراقها
او رسائلها ما ينير لنا السبيل.
فنهض المستر بارنارد وقال :
- تفضلوا معي .
ومضى قبل الوصول الى غرفة بيتي لأحكام رباط حذائي وعندئذ سمعت
سيارة مأجورة تقف امام باب المسكن فنظرت من النافذة فرايت فتاة في نحو
الخامسة والعشرين تقفز منها وما كادت تراني حتى تسمرت في مكانها وتمتمت قائلة :
- من انت ؟
وهبطت الدرجات القليلة التي تفصلنا وانا في حيرة من امري ..اذ لم اكن ادري
هل اذكر لها اسمي او اكتفي بالقول باني من رجال الشرطة واراحتني هي بقولها :
- آه ..استطيع ان استنتج من انت .
ورفعت قبعتها البيضاء الصغيرة وامعنت النظلا الى وجهها الذي لم يكن بالغ
الجمال وان لم يخل من الجاذبية..وقلت لها :
- انك المس بارنارد ..اليس كذلك ؟
- اجل ميجان بارنارد..انك من رجال الشرطة اليس كذلك ؟
- الواقع انني.
فقاطعتني قائلة :
- لا اظن ان لدي ما اقوله لك فقد كانت اختي فتاة طيبة مستقيمة
ليس لها اي اتصال بالرجال ..طاب صباحك
وارسلت ضحكة قصيرة تنم عن التحدي واردفت قائلة :
- ان هذه هي العبارات التقليدية التي تقال في مثل هذه المناسبة ..اليس كذلك ؟
- انني لست مندوبا صحفيا اذ كان هذا ما ظننت.
فتلفتت حولها وقالت :
- حسنا من انت اذن ؟ اين ابي وامي ؟
- ان اباك مع رجال المباحث في غرفة اختك الخاصة.
وارتسم التردد على وجه الفتاة برهة ثم اذا هي تقول فجأة :
- تعل معي .
وتبعتها الى غرفة صغيرة بجوار المطبخ وفيما انا احاول اغلاق الباب
اذا بوارو ينفلت داخلا وراءه وهو يقول منحنيا للفتاة :
- المس بارنارد كما اظن ؟
وقلت لها انا :
- هذا هو المستر هركيول بوارو المخبر السري الخاص.
وقالت الفتاة :
- سمعت عنك الكثير يا سيدي..يقولون انك بارع في الكشف عن الجرائم
المعقدة التي يعجز رجال اسكوتلانديار عن حلها.
- انهم يبالغون يا آنستي..
وجلست الفتاة على حافة مائدة في وسط الغرفة وتناولت من علبة سجائرها
واحدة وضعتها في جانب فمها واشعلتها ثم قالت وهي ترسل سحائب
الدخان من شفتيها :
- انني لا افهم لماذا يهتم المسيو بوارو بجريمة عادية كهذه ؟
فقال بوارو :
- ان الذي لا تفهمينه يا آنستي والذي لا افهمه انا قد يملأ مجلدات
ضخمة ولكن هناك اشياء يمكن ان يفهمها كل انسان .
- مثل ماذا ؟
- مثل الموت الذي يجعل الأحياء لا يتحدثون عن الموتى الا بالخير مع ان
هذا قد لايكون من الصدق في شيء ..لقد سمعتك الآن مثلا وانت تقولين
لصديقي الكابتن هاستنغز ان اختك كانت فتاة طيبة مستقيمة ليس لها علاقات
بالرجال وقد ادركت من نبرات صوتك انك تريدين ان تقولي عكس ذلك
وسواء كنت مصيبا في هذا الإدراك او مخطئا فالمهم اني اريد ان اتحدث
مع شخص يعرف كل شيء عن بيتي ويذكر كل ما يعرفه بلا مجاملة
او مراوغة حتى نستطيع ان نحدد موقفنا من هذه الجريمة.
وصمتت الفتاة برهة كانت خلالها تحملق في وجه بوارو ..وفجأة قالت :
- كانت بيتي فتاة حمقاء متهورة.
وانحنى بوارو للفتاة في اعجاب وقال :
- انني احيي فيك هذه الصراحة يا مس بارنارد وقد صدق حدسي
بانك فتاة لاينقصها الذكاء .
- كنت احب بيتي كل الحب ولكن هذا الحب لم يكن يحجب عن عيني
الحقيقة وهي انها كانت غبية متهورة لا تعرف ما يضرها وما ينفعها وكثيرا
ما قلت لها هذا في بعض المناسبات وهذا ما تفعله الأخوات عادة.
- وهل كانت تهتم بملاحظاتك ونصائحك ؟
- لا اظن.
- ارجو ان تكون اجاباك محددة يا آنستي.
فترددت الفتاة برهة ثم قالت اخيرا
- لم تكن بيتي ابدا شريرة بطبعها او منحلة الأخلاق واحب ان تتاكد من
هذه الحقيقة تماما..انها لم تكن من النوع الذي يقضي نهاية الأسبوع مع
اي رجل يدفع الثمن لا مطلقا..كل ما في الأمر انها كانت فتاة لعوبا في براءة
تحب ان تخرج مع الشبان الى النزهات والى دور السينما وان تسمعهم وهم
يرددون عبارات الغزل لها..هذا عو كل ما في الأمر.
- هل كانت جميلة ؟
وعندئذ تناولت ميجان من حقيبة يدها صورة صغيرة وقدمتها الينا
وقد راينا في الصورة وجها باسما لفتاة لا تستطيع ان تقول بانه جميل.
وقال بوارو وهو يعيد الصورة لميجان :
- انها كبيرة الشبه بك ..
- لا..كانت اجمل مني .
- حسنا ..وكيف كانت علاقتها بالشاب دونالد فريزر ؟
- كانت تبادله الحب ولكنه كان يحبها بجنون بينما كانت هي تحبه باعتدال
وكثيرا ما كنت اخشى ان ينفض يديه منها يأسا بسبب تصرفاتها التي طالما اثارت المنازعات
بينهما هذا كل ما لدي من اقوال طاب يومكما .
ولكن بوارو اسرع يقول لها قبل ان تنصرف :
- مهلا يا آنستي..ان الجريمة التي ذهبت اختك ضحيتها ليست من الجرائم
البسيطة التي تحدث كل يوم انها اخطر من هذا بكثير ومن ثم ارجوك
ان تتريثي قليلا وتزيدي من تعاونك معنا..
ثم راح يسرد عليها ما حدث في اندوفر ودليل السكة الحديدية برادشو
الذي وجدت نسخة منه في مسرح الجريمة الأولى ثم في مسرح الجريمة
الثانية وقرأ عليها الرسالتين اللتين تلقاهما من المجرم المجهول فلما
فرغ نظرت الفتاة اليه في دهشة بالغة وقالت :
- هل حقا هذا كله يا سيدي ؟
- نعم..
- اتعني ان تقول ان قاتل اختي رجل مجنون تطغى عليه شهوة سفك الدماء ؟
- تماما ..
- أوه بيتي ..بيتي..يا للمسكينة اذن لم يكن لها ذنب فيما حدث لها ؟
- ان في مقدورك الآن يا آنستي ان تحدثينا بكل ما تعلمين حتى
تستطيع ان نقدم هذا القاتل المجنون الى العدالة.
- نعم..نعم..هذا ما ينبغي
- اذن لنصل حديثنا الذي انقطع لقد فهمت ان دونالد فريزر كان ناقما على
تصرفات اختك وان المنازعات كانت تكثر بينهما بسبب غيرته الشديدة عليها.
فقالت ميجان بارنارد بهدوء :
- سوف اضع ثقتي فيك يا مسيو بوارو وارجو ألا تخبر احدا بما ساقوله
لك عن اختي والواقع ان دونالد من الشبان الهادئين الذين يتحملون كثيرا
ولكنهم يختزنون الإساءات ويكبتون المشاعر ثم ينفجرون بعنف شديد
وهذا ما كان يحدث مع اختي كان شديد الغيرة عليها وكان يحبها بعنف
ولكن بيتي لم تكن تحبه بمثل هذا العنف ..كانت تحبه حقا ولكنها لم تكن
من النوع الذي يكتفي بحب شخص واحد فلا ترى غيره في الدنيا.
- نعم انها لم تكن من هذا النوع وان كانت تحب الوسامة والجمال في كل شاب
تتعرف اليه وتقضي معه فترة من الوقت في نزهة او سينما وكانت بحكم
عملها في المقهى طبعا كثيرة التعرف بالشبان والرجال لاسيما في موسم
الإصطياف وأؤكد لك ان الأمر لم يكن يزيد بينهما وبين اي شاب او رجل
عن الخروج معه في نزهة قد تستغرق اليوم كله او الذهاب في صحبته
الى دار سينما وبمعنى آخر
انها لم تكن جادة في علاقاتها باي شخص آخر غير دونالد
وكثيرا ما كانت تقول لي انها سوف تتزوجه في النهاية وتستقر معه في
حياة زوجية سعيدة بعد ان اشبعت نفسها باللهو والمرح.
وتوقفت ميجان برهة عن الحديث فقال بوارو :
- انني افهم تماما هذا الوضع يا مس بارنارد ..استمري
- ولكن دونالد فريزر لم يكن يفهم هذا الوضع ..وانما يفهم انه كان عليها
ان تحبه كما يحبها تماما..بنفس القوة والإخلاص والتفاني
وقد ادى هذا الإختلاف في فهم الحب الى المنازعات الشديدة بينهما.
- متى كانت آخر هذه المنازعات ؟
- منذ شهر تقريبا ..كنت قد عدت من عملي في نهاية الأسبوع عندما
علمت انهما تشاجرا بعنف حتى لقد فرغت بيتي من دونالد ولكنني صالحتهما
واسرفت في تعنيف بيتي وحاولت ان ابين لها خطأ ذلك التمادي في العبث
واللهو مع الشبان الآخرين وقد اكدت لي بدورها انها تحب دونالد
وان كل علاقاتها بغيره مجرد صداقة عابرة بريئة وتسلية لا ضير فيها
وكانت قد تعودت بعد منازعة شديدة سابقة..ان تكذب عليه احيانا
خوفا من اثارته وكان مبدؤها ان الذي لايعرفه العقل لا يحزن القلب
وقد حدثت هذه المنازعة الأخيرة لأن بيتي قالت له انها ستذهب لقضاء يوم
في بلدة هاستنج مع صديقة لها ولكن دونالد اكتشف انها ذهبت الى بلدة
ايستبورن مع صديق ..وعلم ان هذا الصديق متزوج وانه كان يخرج مع بيتي سرا
وهذا ما اثاره
واخرجه عن طوره وقد احتجت بيتي على غضبه قائلة انهما لم يتزوجا
بعد وان من حقها ان تخرج مع من تشاء وقد ضاعف هذا من ثورة دونالد
حتى كان يرتعد ويصيح قائلا : انه سيضطر ذات يوم الى..
والى....
- الى ماذا يا مس بارنارد ؟
فقالت بصوت خافت :
- الى ارتكاب جريمة.
- وهذا ما يجعلك خائفة من الحديث في هذا الموضوع ؟
- انني لم اكن اظن انه جاد في تهديده اطلاقا..ولا اعتقد لحظة انه هو
القاتل ولكنني كنت اخشى
ان اتحدث بهذا كله فالفت اليه انظار رجال المباحث لاسيما وان عددا
كبيرا من الناس قد سمعوه وهو يقول هذا.
فقال بوارو :
- لولا غرور المجرم المجهول الذي يبدو في وضعه لدليل السكة الحديدية
كل مرة مع الجثة لتركزت الشبهات على دونالد فريزر فعلا.
وفي تلك اللحظة صلصل جرس الباب الخارجي فاطلت ميجان براسها
خلسة من النافذة ثم عادت تقول :
- انه دونالد....
فقال لها بوارو :
- دعيه ياتي الينا اولا قبل ان يراه اصدقائي المفتشين .
والتفت ميجان حيث غابت لحظة ثم عادت ومعها الشاب دونالد فريزر.



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________






التعديل الأخير تم بواسطة زيزي | Zizi ; 10-18-2015 الساعة 02:36 PM
  #9  
قديم 10-18-2015, 01:23 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



الفصل السابع
الرسالة الثالثة


أحسست بالعطف على الشاب حين رايته مقبلا مع ميجان ...ذلك ان وجهه
الشاحب المرهق كان ينم عما يصطرع في اعماق نفسه من آلام واحزان
كان وسيما رياضي الجسم يكاد يبلغ طوله ستة اقدام بارز الوجنتين له
شعر احمر كألسنة اللهب
وكان يقول لميجان وهو مقبل معها :
- ما هذا يا ميجان ؟ لماذا تدخيليني هنا ؟ لقد سمعت الآن فقط ان بيتي .
وتهدج صوته ثم ترنح في وقفته ..
فقدم بوارو اليه مقعدا تهالك عليه ثم تناول _اي بوارو _ من جيبه الخلفي
زجاجة براندي صغيرة سكب منها
قليلا في كأس قدمها الى دونالد قائلا :
- اشرب هذا يا مستر فريزر انه يفيدك الآن .
واطاع الشاب الأمر فظهر اثر الشراب سريعا فأعاد الدماء الى وجهه
فهدأ بعض الشيء وجلس منتصبا
في مقعده وهو يقول في اضطراب :
- هل حقا ما سمعت ؟ هل ماتت بيتي مقتولة ؟
- نعم يا دونالد ..
فقال بلهجة آلية :
- وهل جئت من لندن فورا يا ميجان ؟
- نعم ..لأن ابي اتصل بي تلفونيا .
- في قطار التاسعة والنصف على ما اظن ؟
- نعم ...
وبعد برهة صمت عاد يقول :
- وهل يقوم رجال المباحث بتحرياتهم الآن ؟
- انهم في الطابق الأعلى الآن ..في غرفة بيتي.
- انهم لا يعرفون من ؟ ليست لديهم اية فكرة عن ؟
ثم توقف عن الحديث فجأة وقد عاد وجهه الى الإمتقاع وهنا تقدم بوارو منه
قليلا وقال له :
- ألم تخبرك بيتي اين كانت تنوي الذهاب ليلة امس ؟
- قالت انها ستذهب مع صديقة لها الى بلدة سانت ليونارد .
- وهل صدقتها ؟
فهتف دونالد بحرارة
- ماذا تعني بحق الشيطان ؟
واربد وجهه بانفعالات عنيفة جعلتني اؤمن ان بيتي كانت على صواب
في تجنبها اثارة غضبه ..وقال بوارو :
- ان سفاك دماء مجنونا قتل بيتي ..ولكي نصل الى الحقيقة يجب
ان نلتزم الصراحة التامة في احاديثنا.
وهنا قالت ميجان :
- أجل يا دونالد ليس هذا وقت العواطف يجب ان تذكر كل
ما تعرفه في هذا الشأن ونظر دونالد بارتياب الى بوارو وقال :
- من انت ؟ انك لست من رجال المباحث العامة ؟
فقال بوارو ببساطة توحي بانه يؤمن تماما بما يقول :
- انني خير منهم.
وقالت ميجان :
- صارحه بكل شيء يا دونالد .
فهدأت ثائرة دونالد وقال ببساطة :
- انني غير واثق من شيء كنت قد صدقتها حين قالت لي
هذا ولكنني بدأت أتساءل فيما بعد ..بدأت ارتاب..
- لماذا ؟
- انني اشعر بالخجل الآن من شكوكي في امرها وايا كان الأمر
فقد ذهبت الى شاطىء البحر لأرقبها
وهي تنصرف من المقهى ولكنني تراجعت خشية ان تراني بيتي فتعتقد
فورا انني اراقبها .
- اذن ماذا فعلت ؟
- ذهبت الى سان ليونارد حيث بلغتها في الثامنة مساء ثم شرعت
اراقب جميع السيارات العامة الآتية من بكسهيل آملا ان اراها وهي
تهبط مع صديقتها من احداها ..ولكنني لم ارها .
- ثم ماذا ؟
- غضبت جدا وايقنت انها ..انها مع رجل آخر وان من المحتمل ان
يكون قد صحبها في سيارته الى مدينة
هاستنغز وذهبت الة هذه المدينة ورحت اتطلع الى فنادقها ومشاربها
ومطاعمها واحوم حول مداخل دور السينما فيها ثم مضيت الى البلاج
وكانت كلها تصرفات حمقاء لأنها حتى لو كانت بهذه البلدة لما
امكن ان اعثر عليها بمثل هذه البساطة هذا فضلا عن وجود مصايف
اخرى كثيرة جدا على طول الشاطىء .
وصمت برهة ريثما تهدأ نفسه الثائرة وعاد يقول :
- ويئست أخيرا من لقائها فعدت..
- في اي وقت ؟
- لاادري ..لقد عدت ماشيا ..ولا شك ان الليل كان قد انتصف حين بلغت مسكني .
- ثم ؟
وهنا فتح باب المطبخ وذخل المفتش كيسلي قائلا :
- أهذا انت هنا :
وشق المفتش كروم طريقه بسرعة والقى نظرة سريعة على ميجان
و دونالد وعندئذ قدمهما بوارو اليه قائلا :
- المس ميجان بارنارد والمستر دونالد فريزر
ثم قال للشاب والفتاة موضحا :
- وهذا المفتش كروم من اسكوتلانديار.
واستدار نحو المفتش واردف قائلا :
كنت اثناء تحرياتك في الطابق العلوي اتحدث مع المس ميجان و
المستر دونالد آملا ان اجد شيئا يلقي بعض الضوء على الجريمة.
فقال كروم وهو مشغول الفكر بالشاب والفتاة
- آه حسنا .
وتراجع بوارو الى الصالة واسرعت وراءه حيث قلت له :
- هل وصلت الى شيء ؟
- عرفت فقط يا هاستنغز ان القاتل على جانب كبير من الإعتزاز بالنفس .
ولم اجد الشجاعة الكافية لأقول له انني لم افهم شيئا
وعقدنا مؤتمرا آخر من سلسلة المؤتمرات التي عقدناها
لبحث موضوع ذلك القاتل " ا.ب.س"
كان هذا المؤتمر الأخير خاصا بتقرير ما اذا كان ينبغي او
لا ينبغي ان نعلن على الراي العام موضوع
الرسائل التي بعث بها المجرم المجهول الى بوارو ...
ذلك ان جريمة بكسهيل كان لها اثر كبير في الراي العام لأنها
اولا وقعت في مصيف مزدحم بالمصيفين
ولأن الضحية فيها كانت هذه المرة فتاة شابة على جانب من الجمال
وبعد مناقشات طويلة اتفقنا على ان المجرم المجهول يعاني نوعا من جنون
العظمة وانه لم يرتكب هذه الجرائم
ويرسل الى بوارو هذه الرسائل إلا سعيا وراء الشهرة التي ترضي غروره
المكبوت ..وانتهينا اخيرا الى قرار مؤداه
ان ننتظر ..فاذا ارسل الى بوارو رسالة ثالثة يحدد فيها المكان والزمان
اللذين سيرتكب فيهما جريمته الثالثة اعلنا
على الناس جميعا عن طريق جميع الصحف والإذاعة كل شيء
عنه حتى يأخذ الجميع حذرهم ويصبح من العسير عليه
تنفيذ جريمته كما يمكن الإيقاع به اذا هو حاول تنفيذها
وانني لأ تذكر بوضوح وصول الرسالة الثانية التي كتبها ذلك المجرم
المجهول الذي يرمز لنفسه بالأحرف
الهجائية الثلاثة "ا.ب.س"
ولست بحاجة لأن أذكر ان رجال المباحث اتخذوا جميع الإحتياطات
والإجراءات اللازمة لمواجهة ذلك المجرم
عقب وصول رسالته الثالثة مباشرة ومن بين هذه الإجراءات ان
عهد الى جاويش شاب من رجال المباحث بالبقاء
في مسكن بوارو عند غيابنا عنه ليكون حاضرا عند وصول
الرسالة فيستطيع ومن ثم الإتصال بادارة اسكوتلانديار
دون اي تأخير وازدادت اعصابنا توترا مع مرور الأيام ورفض بوارو
ان يغادر لندن رغم الجو الخانق الذي كان يسودها
في تلك الفترة وقد لاحظت ان بوارو كان يعاني من قلق نفسي
لإحساسه بان المجرم المجهول يتحداه شخصيا وان بعض
الأبرياء سوف يدفعون ثمن التحدي اذا لم يقع المجرم في ايدي العدالة قبل
ان يضيف الى جريمتيه السابقتين جرائم اخرى
وكان يوم الجمعة هو اليوم الذي وصلت فيه الرسالة الثالثة وقد جاءت
الساعة العشرة مساء فما ان سمعت طرقات ساعي البيرد المعهودة
حتى وثبت مسرعا وهرعت الى صندوق بريد بوارو الخاص حيث وجدت فيه
اربع او خمس رسائل وكانت بينها رسالة مكتوبة على الآلة الكاتبة تماما
كسابقتيها وهتفت قائلا وانا انطلق بها الى بوارو :
- بوارو...لقد وصلت الرسالة .
فصاح قائلا :
- افتحها..افتحها يا هاستنغز بسرعة اننا في حاجة الى كل لحظة لنتخذ
الإجراءات اللازمة وفضضت الرسالة بسرعة ورحت اقرأها بصوت مسموع :
" ايها المسكين المسيو بوارو هل ادركت الآن انك لست بارعا في
القبض على المجرمين وفي الكشف عن الجرائم
الغامضة كما كنت تظن ؟ يبدو ان الشيخوخة قد ركبتك .حسنا لنرى
ماذا يمكن ان تفعل هذه المرة سأجعل الأمر سهلا جدا
موعدنا في اليوم الثلاثين من هذا الشهر وفي بلدة سيرستون حاول ان
تفعل شيئا فانني بدات اشعر بالتفاهة وانا اجول في
الميدان بمفردي أرجو لك
التوفيق صديقك أ.ب.س"
- سيرستون ترى اين تقع ؟
وسمعت بوارو يقول بانفعال :
- هاستنغز متى كتب هذا الخطاب ؟ هل عليه تاريخ الإرسال ؟
فنظرت الى الرسالة في يدي وقلت :
- أجل ..انها تحمل تاريخ اليوم السابع والعشرين
- وهل حدد موعد جريمته الثالثة باليوم الثلاثين ؟
- أجل.
- يا الهي هل نسيت اننا في اليوم الثلاثين فعلا.
ونظرت الى نتيجة الحائط ثم قلت :
- عجبا ولكن ما معنى ؟
واختطف بوارو المظروف من يدي وقرأ العنوان المكتوب عليه :
" المسيو هركيول بوارو عمارات هوايت هورس" ثم قرا ملاحظات موظفي
البريد المكتوبة في اركان المظروف " غير
موجود في عمارات هوايت هورس" ويجري البحث عنه في "عمارات
هوايت هورس كورات" ثم يعاد البحث
عنه في "عمارات هوايت هافن "
وكان بوارو يقيم في مسكن بعمارات هوايت هافن
وغمغم بوارو قائلا في انزعاج
- يا للسماء هل الأقدار تساعد هذا المجرم فتجعله يكتب العنوان خطأ
لكي تأتي الرسالة متاخرة عن موعدها ثلاثة ايام ؟ اسرع اسرع
يجب ان نتصل باسكوتلانديار فورا .
وبعد لحظة كان بوارو يتصل تلفونيا بالمفتش كروم الذي ما كاد
يعرف ما حدث حتى كتم مجموعة من السباب
واللعنات التي تزاحمت بين شفتيه ثم قال لبوارو انه سيتصل فورا
ببلدة سيرستون و وضع بوارو المسماع ثم قال وهو ينظر في ساعته :
- الساعة الآن العاشرة والثلث..اي لايزال على منتصف الليل ساعة واربعون
دقيقة ..ترى هل نستطيع ان نصل الى سيرستون قبل منتصف الليل ؟
وهل ذلك المجرم المجنون لم يرتكب جريمته بعد ؟
وفتحت دليل السكة الحديدية وقلت وانا اقرا فيه :
- بلدة سيرستون على البحر باقليم ديفون..تبعد عن بادنجتون
بمائتين اميال وثلاثة ارباع الميل عدد سكانها 656 نسمة .
..انها محدودة السكان جدا ولابد ان اي شخص غريب يدخلها
سيلاحظه السكان فيها.
- ان هذا لن يمنع وقوع جريمة قتل اخرى ..ماهي مواعيد القطارات
المارة بها ؟ اعتقد ان القطار في هذه الحالة اسرع من السيارة .
- هناك قطار منتصف الليل به مركبة نوم يصل في الساعة السادسة
وثماني دقائق الى نيوتن وفي الساعة السابعة والربع صباحا الى سيرستون .
- ومن محطة بادنجتون ؟
- أجل.
- لسوف نركب هذا القطار يا هاستنغز.
- قبل ان نعرف ماذا حدث ؟
- وما جدوى معرفتنا ؟
وفيما كان بوارو يتصل تلفونيا مرة اخرى باسكوتلانديار اسرعت
انا بوضع بعض الحاجيات الضرورية في حقيبة
السفر ..ولما عاد بوارو قال ان بعض رجال اسكوتلانديار
سيلتقون بنا على رصيف المحطة وانه يحسن بنا ان نأخذ
معنا الرسالة الثالثة ليطلعوا عليها.
وكان المفتش كروم اول من رايناه في انتظارنا على رصيف المحطة
وقد قال مجيبا على نظرة بوارو المتسائلة :
- لا..لم تصلنا اية انباء بعد ان رجالنا قد حذروا بالتليفون جميع الأشخاص
الذين تبدأ أسماؤهم بالحرف "س" في تلك
البلدة لاتزال الفرصة سانحة امامنا .اين الرسالة ؟
وبعد ان فحصها صفر منزعجا وهو يقول :
- يا لسوء الحظ ان النجوم في سمائها تساعد هذا اللعين ضدنا.
فقلت متسائلا :
- ألا يمكن ان يكون قد تعمد هذا الخطأ ؟
فهز كروم راسه وقال :
- لا انه حريص على التزام المبادىء وهذا النوع من الجنون يجعل
صاحبه شديد التشبت بالفكرة المسيطرة
عليه ومادام قد قرر ان يتحدى شخصا معينا فانه لا يلجأ الى المراوغة
والخداع واستطيع ان اراهن انه يشرب ويسكي هوايت هورس .
فأومأ بوارو براسه وقال :
- هذه لمحة بارعة يا مستر كروم ..لعل الزجاجة كانت امامه وهو يكتب
العنوان وكثيرا ما تكتب اليد ما تراه العين على غير وعي من الإنسان.
ورفت ابتسامة خفيفة على شفتي كروم وقال :
- إذا اسعدنا الحظ ولم يحدث شيء حتى الآن في سيرستون فلا شك
ان المجرم موجود بها الآن ..
انه لن يغادرها حتى يحقق مأربه لأنه سيعز عليه كثيرا الفشل.
وفيما كان القطار يتحرك من المحطة لمحنا احد رجال المباحث يسرع
نحونا ثم ينقر على النافذة المقصورة التي جلسنا
فيها فأسرع كروم وفتحها قائلا :
- ماذا ؟ هل وصلت اليكم انباء ما ؟
ولم نسمع ما قاله الرجل ولكن وجه كروم كان شديد التجهم وهو
يلتفت الينا قائلا :
- لقد عثروا على السير سيرميكال كلارك مقتولا بضربة قاضية على راسه.
وكنا جميعا نعرف السير سيرميكال كلارك أخصائي امراض العيون
الذي لم يكن مشهورا جدا بين الطبقات الشعبية وكان
قد تقاعد عن العمل بعد بلوغه سن الستين وذلك ليتفرغ لهوايته الخاصة
وهي جمع التحف الخزفية الثمينة المصنوعة في
الصين لا سيما القديم منها وكان بعد تقاعده قد ورث عن عمه ثروة
طائلة اتاحت له فرصة الحصول على الشيء الكثير من
هذه التحف من مختلف المزادات العالمية وكان متزوجا ولكنه لم ينجب
الأطفال وكان يعيش في منزل خاص على
شاطىء في اقليم ديفون ولا يذهب الى لندن إلا نادرا
وكان من الواضح ان مقتله سوف يثير في الراي العام وفي الصحافة
بوجه خاص ضجة كبيرة لم يحدث لها مثيل منذ
اعوام ولا سيما وقد وقعت الجريمة في شهر أغسطس حيث يكون
معظم الناس متلهفين على ما يشغل اذهانهم
وقال بوارو :
- آه ..من يدري لعل هذه الضجة سوف تؤدي الغرض الذي لم تستطع
جهودنا ان تؤديه فلا شك ان الناس جميعا سوف يهبون للبحث
عن ذلك المجرم المجهول "ا.ب.س"
فقلت آسفا :
- ان هذا ما يريده فعلا .
- نعم ..ولكن النجاح مسكر ولاشك ان شعوره بالزهو سوف
يدفعه الى ارتكاب بعض الأخطاء التي توقع به في النهاية.
وبعد برهة من الصمت اردف بوارو قائلا :
- اننا حتى اليوم نحارب في الظلام ..لانعرف شيئا محددا عن ذلك
المجرم المجهول بل اننا لا نعرف إلا تخمينا الدوافع التي تدفعه الى
ارتكاب هذه الجرائم وانه لمن أسوأ الأمور ان يقتل الإنسان اشخاصا غرباء
عنه بلا اي اسباب او مبررات .
فقلت وانا ارتعد :
- ألا يكفي ان يكون الجنون مبررا معقولا ؟
- نعم الى حد ما وهذا موضع الخطر.
وبعد برهة صمت قلت في شيء من الحزم
- أيا كانت الأحوال فمن واجبنا ان نبذل كل ما يمكن من جهود حتى
نضع حدا لهذه الجرائم البشعة.
- طبعا طبعا ..علينا ان ننام الآن لأن هناك اعمالا كثيرة في انتظارنا غدا .


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________






التعديل الأخير تم بواسطة زيزي | Zizi ; 10-18-2015 الساعة 01:36 AM
  #10  
قديم 10-18-2015, 01:56 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الثامن
السير سيرميكال كلارك


تقع بلدة سيرستون بين مصيف بريكسهام من جهة وبانتون وتوركاي من جهة اخرى وتقوم
في موضع على منتصف انحناءة خليج تورباي من الجهة اليمنى وكانت قبل عشر سنوات مجرد ملعب
للجولف او على الأصح ساحة لملاعب الجولف في تلك المنطقة وتمتد وراء الملاعب ارض خضراء
تصل الى شاطىء البحر دون ان يكون بها غير بيت ريفي او بيتين إلا انها في السنوات الأخيرة نمت
وزحف العمران عليها واقيمت بها المنازل والشوارع والفيلات المتناثرة على الشاطىء
وكان السير سيرميكال كلارك قد اشترى قطعة ارض تشرف على البحر من ربوة عالية واقام فيها
منزلا على الطراز الحديث يحتوي على مسكن خاص لصحبه وجناحين يحتويان على مجموعات التحف
الثمينة التي يهوى السير سيرميكال جمعها
وقد وصلنا الى ذلك المكان في الساعة الثامنة صباحا حيث وجدنا احد رجال الشرطة المحليين
في استقبالنا على المحطة وهو زودنا بالمعلومات الأولى عن الحادث
علمنا ان السير سيرميكال كلارك كان قد اعتاد ان يقوم بجولة على قدميه بعد العشاء كل ليلة
ولما اتصل رجال الشرطة بمنزله تلفونيا ليحذروه وكان ذلك بعد الحادية عشر ة مساء علموا انه لم يعد
بعد من جولته ولما كان خط سيره معروفا فان البحث عنه لم يستغرق فترة طويلة اذ ما لبث ان عثر
رجال الشرطة على جثته في مكان ما من الطريق الذي اعتاد ان يتجول فيه وكانت الوفاة قد نتجت عن
ضربة عنيفة اصابت الراس وبجانب الجثة وجدوا دليل " ا.ب.س " للسكة الحديدة موضوعا في وضع مقلوب.
ووصلنا الى البيت في نحو الثامنة وعشر دقائق حيث فتح لنا الباب خادم تشريفاتي عجوز كان
الحزن الشديد واضحا على وجهه وقد حياه رجل الشرطة المحلي بقوله :
- طاب صباحك يا ديفريل .
- طاب صباحك يا مستر يلز.
- هؤلاء هم السادة الوافدون من لندن .
- تفضلوا من هذا الطريق ايها السادة.
ومضى امامنا عبر قاعة كبيرة للطعام كان على مائدة فيها صفحة عليها
وجبة افطار كاملة ثم قال :
- لسوف استدعي المستر فرانكلين .
وبعد لحظات أقبل رجل كبير الجسم أشقر الشعر ملوح الوجه من وهج الشمس وكان
هذا كما علمنا المستر فرانكلين كلارك شقيق المتوفي
وكان يبدو عليه من تصرفاته الثابثة انه رجل اعتاد ان يواجه مثل هذه
المواقف العصبية بثبات
قال لنا :
- طاب صباحكم ايها السادة .
وقام المستر ويلز رجل الشرطة المحلي بعملية التقديم فقال :
- المفتش كروم من إدارة المباحث العامة المسيو هيركيول بوارو الكابتن هاينز .
فصححت له اسمي بسرعة قائلا ببرود :
- هاستنغز
وصافحنا فرانكلين كلارك كلا منا على حدة وهو يزودنا بنظرات حادة نافذة ثم قال :
- اسمحوا لي ان اقدم طعام الإفطار.
ووافقنا جميعا وسرعان ما جلسنا الى مائدة حافلة بالبيض القلي والسجق والجبن والزبد والمربى
والشاي وبعد ان ارضينا بطوننا قال فرانكلين كلارك :
- الى العمل الآن ..لسوف يقدم اليكم المفتش ويلز فكرة عامة عن الحادث الذي جرى بالأمس
اما من ناحيتي فاني لا أكاد اصدق ذلك الحديث عن المجرم المجهول الذي يسمي نفسه "ا.ب.س"
هل تريد مني يا سيدي المفتش كروم ان اصدق ان اخي مات قتيلا بيد مجرم ارتكب جريمتين قبل
ذلك وانه يختار ضحاياه حسب الترتيب الهجائي لأسمائهم ؟ وانه يضع بجانب كل ضحية
دليل "ا.ب.س." للسكة الحديدة .
فقال المفتش كروم :
- هذه هي الحقيقة بقدر ما نعرف حتى الآن يا مستر كلارك.
- ولكن لماذا ؟ ماهي الفائدة التي يمكن ان تعود من مثل هذه الجرائم حتى
على اشد الناس جنونا ؟
فأومأ بوارو براسه موافقا وقال :
- احسنت التعبير يا مستر كلارك ..هذا هو السؤال الذي يحيرنا جميعا .
قال المفتش كروم :
- لاجدوى الآن من البحث عن دوافع الجريمة يا مستر كلارك هذه مهمة علماء النفس وان كنت شخصيا
اعرف ان الجرائم التي يرتكبها المجانين ليس ضروري ان يكون لها دوافع معقولة ..فمثلا هناك دوافع
الرغبة عند البعض في اثباث وجودهم امام الناس وفي اثارة ضجة ضخمة حول اسمائهم او ان
يصبحوا مشهورين باية وسيلة بدلا من بقائهم نكرات .
فقال المستر كلارك في شيء من الإرتياب وهو يوجه الحديث الى بوارو :
- أحقا هذا يا مسيو بوارو ؟
فأجاب صديقي قائلا :
- نعم..للأسف الشديد.
ففكر المستر كلارك برهة ثم قال :
- ان مثل هذا الرجل على كل حال لن يستطيع ان يبقى بعيدا عن ايديكم مدة طويلة .
- نعم نعم ولكن هذا النوع من الناس يكون عادة على مكر شديد ودهاء بالغ واحساس عميق بالحقد
على المجتمع ..انه واحد من الذين يعيشون في الحياة نكرات لايحس بهم احد ولا يهتم بأمرهم مخلوق.
وتدخل كروم في الحديث قائلا للمستر كلارك :
- أتسمح يا مستر كلارك وتذكر لي بعض ما تعرفه من حقائق عن ظروف اخيك وتجيب
على بعض ما ساوجهه اليك من اسئلة ؟
- طبعا ..طبعا ..
- هل كان اخوك في حالة صحية ومعنوية طبيعية امس ؟ ألم يستلم رسائل غير منتظرة ؟
ألم يحدث ما اشاع الإضطراب في نفسه ؟
- لا...استطيع ان اقول انه كان في حالة طبيعية من جميع الوجوه
- ألم يكن هناك ما يثير قلقه واضطرابه ؟
- إن القلق والإضطراب يا سيدي المفتش من الحالات الطبيعية التي كان يعيش فيها اخي بصفة دائمة .
- لماذا ؟
- لعلك لا تعرف ان زوجته الليدي كلارك في حالة صحية مؤلمة ويمكن القول فيما بننا انها تاعني
من سرطان لا يرجى شفاؤه ولاينتظر ان تعيش طويلا وكانت حالتها الصحية هذه تثير الألم في نفس
اخي دائما ...وانا نفسي فوجئت بالتغيير الكبير الذي طرأ عليه عندما عدت من الشرق الأقصى
بعد غيبة طويلة.
وتدخل بوارو في الحديث قائلا :
- لنفرض ان اخاك وجد قتيلا بطلق ناري في سفح تل او جانب طريق وان المسدس كان
بجانبه فماذا يكون رايك في هذه الحالة ؟
فقال كلارك :
- كنت اعتقد فورا انه انتحر .
وهنا قال المفتش كلارك وهو يلوي شفتيه قليلا :
- ان هذا الحادث ليس انتحارا على كل حال ..والآن يا مستر كلارك هل كان اخوك
معتادا على القيام بجولة على قدميه كل ليلة ؟
- أجل ..
- كل ليلة بلا انقطاع ؟
- أجل فيما عدا الليالي الممطرة طبعا.
- وهل جميع المقيمين في البيت معك يعرفون عنه هذه العادة ؟
- طبعا .
- وفي الخارج ؟
- انني لا افهم ماذا تعني بذلك ..ربما كان البستاني يعرف هذه العادة عنه ولكنني شخصيا غير واثق .
- وسكان البلدة ؟
- على وجه الدقة ليس لدينا بلدة بالمعنى المفهوم ..كل ما في الأمر ان لدينا مكتب بريد وبضعة
بيوت صغيرة وبضعة شوارع قليلة ولكن ليس ثمة محلات ولا منافع عامة يمكن ان تتكون منها بلدة .
- في هذه الحالة يمكن بسهولة ان يثير الإنتباه اي غريب يدخل هذه المنطقة ويتجول فيها ؟
- على العكس ..فان هذه المنطقة في شهر أغسطس تكون عادة مزدحمة بمختلف انواع
الأشخاص الغرباء ..انهم يفدون من بريكسهام وتوركاي وبايتون في السيارت والحافلات وعلى الأقدام .
ثم اشار بيده الى الجهة اليمنى من الشاطىء واردف قائلا :
- ان هذه الشواطىء الرملية المسماة " بروساند" و"لبري كاف" تعتبر من المناطق التي تستهوي
الكثير من المصيفين ليقضوا فيها عطلة نهاية الأسبوع ولشد ما اتمنى لو انهم لا يأتون فانك
لا تدري الى اي حد من الجمال تكون عليه هذه المناطق في يونيو وفي اوئل يوليو .
- اذن فأنت ترى ان وجود غريب في هذه الناحية لايثير انتباه احد .
- أجل ...إلا إذا كان شاذ التصرفات مخبولا او مجنونا مثلا .
فقال المفتش كروم بلهجة التأكيد :
- ان ذلك المجرم لا يبدو مجنونا او شاذ التصرفات امام الناس واعتقد انه جاء اولا لإستكشاف
هذه المنطقة ورسم خطته لإرتكاب الجريمة ومعرفة عادة السير سيرميكال كلارك في التمشي
كل ليلة وبهذه المناسبة ألم يأت رجل غريب امس ليسأل عن السير كلارك ؟
- لا أعرف على وجه اليقين ...ولكن يمكننا ان نسأل ديفريل .
ورن الجرس فأتى الخادم التشريفاتي ووجه اليه ذلك السؤال فقال الخادم مجيبا :
- لا يا سيدي لم يحضر أحد لمقابلة السير كلارك ولم ألاحظ وجود شخص غريب بالقرب من
القصر وكذلك الخادمات لم يرين شيئا لأني سألتهن.
وانتظر الخادم لحظة قبل ان يسأل قائلا :
- هل هذا كل شيء ؟
- أجل يا ديفريل ..يمكنك ان تنصرف.
وانسحب ديفريل الى الباب حيث افسح الطريق لفتاة شابة كانت داخلة ونهض فرانكلين كلارك
عند دخولها وقال يقدمها :
- هذه هي المس جراي ايها السادة سكرتيرة اخي .
ولفت انتباهي فورا بياض بشرتها الناصع الذي يشبه بياض سكان الدول الإسكندنافية وكان شعرها ذهبيا
فاتح اللون جدا كشعور معظم النساء النرويجيات والسويديات وكذلك كانت عيناها خضراوين فاتحتين ولبشرتها
ذلك الصفاء المتألق الذي يبلغ حد الشفافية والذي يمتاز به سكان المناطق الشمالية من اوروبا بوجه عام
ومن ناحية السن كانت تبدو في السابعة والعشرين كما لاح انها على كفاية ممتازة بجانب جمالها الملفت للنظر .
قالت وهي تتخذ مجلسها :
- هل استطيع ان اقدم اليكم مساعدة او خدمة ؟
وعرض فرانكلين كلارك عليها مراسلات السير سيرميكال ؟
- أجل ..كلها .
- أعتقد انه لم يستلم رسالة او اكثر موقعة بالحروف " أ.ب.س"
- "أ.ب.س" ؟ لا. انني واثقة تماما بانه لم يستلم رسالة موقعة بمثل هذه الأحرف .
- ألم يذكر في معرض حديثه ذات مرة انه راى شخصا يتسكع في طريق جولته المسائية ؟
- لا ...لم يدكر قط شيئا من هذا القبيل.
- وانت ألم تلاحظي وجود احد الأشخاص الغرباء بالقرب من القصر في الأيام الأخيرة ؟
- لرايت كثيرا من الغرباء يمرون بالقرب من القصر فمن المعتاد ان يكثر
وفود بعض المصيفين في هذه المنطقة.
وطلب المفتش كروم ان يذهب الى المنطقة التي اعتاد السير سيرميكال ان يتمشى فيها كل ليلة
فمضى فرانكلين امامنا وخرجنا من باب الشرفة ومعنا المس جراي وكنت هي وانا في المؤخرة
ومن ثم قلت لها على انفراد :
- لاشك ان ما حدث كان صدمة عنيفة لكم جميعا ؟
- انني أكاد لا اصدق ما حدث . لقد آويت الى فراشي امس وما كدت استغرق في النوم
حتى رن رجال الشرطة الجرس الباب الخارجي وسمعت وقع اقدام تجري هابطة فنهضت لأرى
ماذا حدث وقد رايت ديفريل والمستر كلارك يحملان المصابيح للمضي الى الخارج.
- ما هو الوقت الذي اعتاد فيه السير كلارك ان يعود فيه من جولته المسائية ؟
- في العاشرة الا ربعا كالمعتاد ...وكانت عادته ان يدخل بمفرده من باب جانبي حيث يمضي الى
فراشه احيانا فورا وفي احيان اخرى يقصد الى احد الجناحين الذين يضمان تحفة ثمينة
ولولا ان رجال الشرطة اتصلوا هاتفيا ليسألوا عنه لما اكتشف احد غيابه إلا في صباح هذا اليوم .
- لا شك ان الحادث كان صدمة رهيبة لزوجته المسكينة ؟
- ان الليدي كلارك تكاد تعيش في شبه غيبوبة بسبب المورفين واعتقد انها في حالة لا تكاد
تسمح لها بمعرفة ما يجري تماما.
وكنا عندئذ قد خرجنا من باب الحديقة الكبيرة الى ساحة الغولف وبعد ان اجتزنا ركن
الساحة اخذنا نهبط في حارة ملتوية شديدة الإنحدار
وقال فرانكلين كلارك وهو يشير الى نهاية الحارة :
- انها تؤدي الى شاطىء "البري كاف" ولكن البلدية أنشأت منذ عامين طريقا فرعيا يمتد من
الطريق العام ويؤدي الى شاطىء "برود ساندر" ومنه الى "البري كاف" ولهذا
السبب قلما يستعمل احد هذه الحارة للمرور .
وسرنا في الحارة حتى راينا في نهايتها ممرا يؤدي الى شاطىء البحر وبعد ان سرنا فيه بين جوانب
صخرية ورملية وعرة وجدنا انفسنا نشرف من مرتفع صخري على البحر وعلى الشاطىء الرملي
المرصع بالأحجار البيضاء وكانت الأشجار تحيط بالمنطقة كلها وتصل الى حافة الماء وعلى الجملة
كان المنظر ساحرا بألوانه الطبيعية التي جمعت في مكان واحد بين خضرة الشجر
وصفرة الرمال وبياض الصخور وزرقة الماء
وهتفت قائلا رغما عني: ما أجمل هذا ؟
واستدار فرانكلين كلارك نحوي بلهفة وقال :
- اليس المنظر جميلا فعلا ؟ انني لا ادري لماذا يترك الناس مثل هذه المناطق الساحرة
ويذهبون الى الريفيرا لقد جبت معظم انحاء العالم في مختلف مراحل عمري واشهد امام الله
انني لم اجد منطقة اجمل منظرا من هذه .
وكأنما تذكر الموقف ورهبته فخجل من نفسه وعاد الى الحديث الجاد الرزين وقال :
- هذا هو الطريق الذي كان يتمشى فيه اخي كل مساء انه كان يأتي الى هذه البقعة حيث
يستريح قليلا ثم يعود من نفس الممر ولكنه بدلا من ان ينحرف في نهايته شمالا الى
الحارة ينحرف في نهايته يمينا فيسير في بعض الحقول حتى يعود الى القصر .
وأومأ كروم براسه
وعدنا من الطريق الذي اعتاد السير سيرميكال كلارك ان يعود منه حتى وصلنا الى نقطة في
منتصف المسافة الباقية على الوصول الى القصر وفي جانب من احد الحقول حيث عثر رجال
الشرطة على جثة المجني عليه .
وأومأ كروم براسه قائلا :
- كان الأمر سهلا جدا ..لقد تربص القاتل المجهول لأخيك وراء هذه
الشجرة ثم فجأه من الخلف.
وارتعدت الفتاة التي كانت واقفة بجانبي وقال فرانكلين كلارك :
- تمالكي نفسك يا تورا ..ان الموقف عصيب فعلا ..ولكن لا جدوى من الإنهيار العصبي.
تورا جراي ؟ انه اسم مناسب للفتاة
وعدنا الى البيت حيث علمنا ان الجثة حنلت منه بعد ان تم تصويرها
وفيما نحن نصعد السلم الواسع رايت الطبيب يخرج من احدى الغرف وفي يده حقيبته السوداء
فسأله كلارك قائلا :
- هل لديك ما تقوله لنا يا دكتور ؟
فهز الدكتور راسه وقال :
- الحالة واضحة وسوف احتفظ بالتفصيلات لجلسة التحقيق ولكنني أؤكد ان المجني عليه
لم يتعذب لحظة ...فق كان الموت مباغتا سريعا ثم اردف قائلا :
- لسوف أصعد لأرى الليدي كلارك.
وأقبلت ممرضة مستشفى من نهاية الدهليز فمضى الطبيب اليها وصحبها..ودخلنا الغرفة التي
رايت الطبيب يخرج منها ولكنني لم ألبث ان خرجت منها مسرعا حيث وجدت تورا جراي
واقفة على راس السلم وقد ارتسمت على وجهها امارات عجيبة فقلت لها متسائلا
- مس جراي ؟ هل حدث شيء ؟
فحملقت في وجهي برهة ثم قالت بانفاس لاهثة :
- انني افكر في الحرف "د" .
فنظرت اليها ببلاهة وقلت :
- الحرف "د" .
- نعم الجريمة التالية لابد ان تفعلوا شيئا لابد ان تحولوا دون وقوعها بأي ثمن .
واقبل فرانكلين كلارك من الغرفة وقال :
- ماذا بك يا تورا ؟ ماهذا الذي تقولينه ؟
- أقول يجب وقف هذه الجرائم بأي ثمن.
فقال وهو يعض على نواجذه :
- نعم طبعا انني اريد ان أتحدث مع المسيو بوارو عن..عن...ثم ارسل العبارة
التالية على غير انتظار :
- عن المفتش كروم ..هل هو كفء للقيام بهذا العبء ؟
فقلت له ان المعروف عنه انه من أكفأ رجال إدارة المباحث العامة
فصمت كلارك برهة ثم قال :
- ان لدي خطة تؤدي الى الإيقاع بذلك المجرم المجهول يا مسيو بوارو ولكننا سنتحدث عن
هذا في وقت آخر و الآن سأذهب لأرى الليدي كلارك .
ونظرت الى المس جراي فلما رايت امارات التفكير العميق مرتسمة على جبينها قلت
لها بعد تردد بسيط :
- فيم تفكرين يا مس جراي ؟
- انني اتساءل اين هو الآن ...ذلك القاتل لقد مضت إثنا عشرة ساعة منذ وقوع الجريمة
الثالثة اليس ثمة ساحر يمكن ان يقول لنا اين هو الآن ؟ وماذا يفعل ؟
- ان رجال الشرطة يعملون ....
وافاقت تورا جراي من ذهولها على كلماتي العادية ثم أومأت براسها وقالت :
- أجل..طبعا.
وفيما هي تهبط درجات السلم رحت اردد في ذهني كلماتها :
"ترى اين هو الآن ؟ وماذا يفعل ؟"

×××

غادر المستر الكسندر بونابرت سوست مسرح توركاي مع الخارجين بعد ان استمتع
بمشاهدة الفيلم العطفي جدا...."ليس عصفورا"
ورمش بعينيه في شمس ما بعد الظهيرة وتلفت حوله كعادته دائما او على الأصح كما يفعل الكلب
الضال في الحياة وغمغم لنفسه " انها لفكرة.."
وانطلق باعة الصحف حوله يصيحون " آخر طبعة ..مجرم مجنون في بلدة
سيرستون " وكانوا يحملون لافتات مكتوبا عليها بالخط العريض " جريمة سيرستون آخر طبعة"
ودس المستر سوست يده في جيبه فوجد قرشا اشترى به نسخة من احدى الصحف المسائية
ولكنه لم يتصفحها فورا ومضى الى حدائق " البرنس جاردنز" حيث سار في بطء وتمهل الى مقعد يواجه
مينا توركاي فجلس عليه وفتح الصحيفة حيث واجهته العناوين الرئيسية بهذه الأنباء" مصرع السير
سيرميكال كلارك" " مأساة رهيبة في بلدة سيرستون " " المجرم المجهول مجنون رهيب" وتحت هذا كله
قرأ ما يلي " روعت البلاد منذ شهر واحد بمصرع الفتاة الشابة الحسناء بيتي بارنارد في مصيف بكسهيل
ولعلنا نذكر انه وجد بجانب الجثة دليل "ا.ب.س" للسكة الحديدية وكذلك عثر رجال المباحث على دليل من
هذا النوع بجانب جثة السير سيرميكال كلارك ومن ثم يرى رجال المباحث ان مرتكب الجريمتين
مجرم واحد فهل يمكن ان يكون ثمة مجرم مجنون يعبث فسادا في مصايفنا"
وغمغم الشاب في قميص ملون وبنطلون رمادي كان جالسا بالقرب من المستر سوست قائلا :
- شيء مزعج .
وجفل المستر سوست في جزع ولكنه تمالك نفسه وقال :
- آه..أجل...أجل...
ولاحظ الشاب ان يدي الرجل الكهل الجالس بجانبه ترتعدان بحيث كان عاجزا عن امساك
الصحيفة بهما فقال له :
- ان الإنسان لا يستطيع ان يواجه مجرما مجنونا كهذا بالطرق المألوفة..وأعجب من هذا
ان الواحد منهم لا تبدو عليه مظاهر الجنون في اغلب الأحوال .
- اعتقد هذا..
- ويلوح ان الحرب هي المسؤولة عن كثرة هذه الإصابات العقلية .
- اظن انك ...انك على حق في هذا .
- انني ابغض الحرب...
فالتفت المستر سوست اليه وقال :
- ملنا نكرة الأوبئة ومرض النوم والمجاعات والسرطان ولكنها مصائب لابد من وقوعها
فقال الشاب بلهجة تأكيد :
- ولكن الحروب مصائب من الممكن تلافيها .
وضحك المستر سوست ضحك عاليا ولمدة طويلة وجزع الشاب بعض الشيء وقال
لنفسه " ان الرجل مجنون" ثم قال بصوت مسموع : - انني آسف يا سيدي ..اعتقد انك
اشتركت في الحرب الأخيرة.
- أجل وقد اصابنتني في عقلي ان عقلي لم يعد كما كان ابدا ..ان الصداع يلازمني
دائما بشكل لا يحتمل .
- أوه انني آسف لهذا .
- وفي بعض الأحيان أكاد لا اعرف ما افعله من فرط الألم ..
فقال الشاب وهو ينهض مسرعا :
- أحقا ؟ آه يجب ان امضي الآن فاني على موعد.
وبقي المستر سوست في مكانه
واخذ الناس يسيرون امامه ذهابا وجيئة
وكان معظمهم يتحدثون عن الجريمة
وطوى المستر سوست صحيفته ودسها في جيبه ونهض في طريق العودة الى المدينة
وراى في طريقه فتيات كثيرات جميلات ضاحكات يغازلن بالنظرات والإبتسامات الشبان والرجال
الذين يمرون بهن في الطريق ولكن لم تفكر واحدة منهن في ان
تلقي مجرد نظرة واحدة على المستر سوست.


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجرائم الابجدية بقلم اجاثا كريستي . angelita أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 19 02-06-2013 02:06 PM
قصص الحروف الابجدية تماضر الشقيفي قصص قصيرة 0 08-25-2012 07:32 AM
لعبة الحروف الابجدية وفي حد النخاع أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 09-18-2010 12:47 PM
كوني كالاحرف الابجدية بنت الرمادي نور الإسلام - 8 09-22-2008 08:17 PM


الساعة الآن 05:14 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011