عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 10-18-2015, 02:49 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل التاسع
بوارو يلقي حديثا


بينما كانت الصحف تمعن في الإثارة عن المجرم المجهول وتحذر الناس منه وتكتب بالخط العريض
" انه قد يكون بجانبك الآن" كان بوارو من جانبه قد قرر ان يعقد اجتماعا مع اقرب الناس الى
الضحايا الثلاث ليتحدث اليهم وليحاول ان يعتصر منهم كل ما يمكن ان يكون مختزنا في عقولهم
وكان الذين ارسل يدعوهم الى الحضور هم : ماري دراور ابنة أخت المسز آسكر وميجان بارنارد
ودونالد فريزر وتورا جراي وفرانكلين كلارك
وفي اليوم المحدد للإجتماع وصل المستر كلارك اولا ..وقبل الموعد بنصف ساعة بناء
على رغبة بوارو وقد قال بعد ان تبادلنا معه التحية واستقر في مجلسه :
- انني يا مسيو بوارو غير مطمئن الى كفاءة المفتش كروم اعتقد ان هذه الجرائم تحتاج الى
عبقرية بوليسية خاصة ..ولولا المشاغل الكثيرة التي ينبغي ان اقوم بها بعد وفاة اخي لخصصت
وقتا اطول لكي اضع نفسي تحت امركم ولكي اتعاون معكم على منع وقوع الجريمة الرابعة.
- إذن فأنت ترى ان المجرم سيستمر في ارتكاب جرائمه...
- حسب الترتيب الأبجدي ...ألا ترى انت هذا ؟
- بكل تاكيد ..
- إذن يجب ان ننظم انفسنا لمقاومته.
- ألديك اقتراح بهذا الشأن ؟
- ما دمنا نحن اقارب المجني عليهم سنجتمع الليلة هنا فلماذا لا نكون فيما بين انفسنا " فرقة خاصة" تعاون
رجال المباحث في الإيقاع بالمجرم الرهيب ؟
- فكرة جيدة.
- يسرني انك موافق عليها ..ولاشك اننا بتعاوننا معا قد نعثر على الرجل الغريب الذي
كان يحوم حول مسرح كل جريمة قبل ارتكابها.
- وهل تقترح ان تنضم المس جراي الى هذه الفرقة رغم انها غير قريبة لأحد المجني عليهم ؟
فاضطرم وجه كلارك وقال :
- اعتقد انها ستعاوننا كثيرا لأنها عملت مع اخي سنتين وهي تعرف المناطق المجاورة لمسرح
الجريمة الأخيرة معرفة تامة كما تعرف معظم المقيمين فيها بصفة دائمة اما انا فقد كنت غائبا
عن البلاد فترة طويلة تبلغ نحو عام ونصف عام.
فقال بوارو بعطف :
- كنت في الشرق..في الصين ؟ اليس كذلك ؟
- نعم ..كنت اشتري لأخي مجموعات التحف الخزفية الثمينة التي تعرض
في الأسواق العالمية لاسيما في الصين نفسها.
- حسنا يا مستر كلارك لاشك انت كنت ذا فائدة كبيرة لأخيك الراحل.
وبعد نصف ساعة كنا جميعا نجلس حول المائدة الإجتماع وكانت الفتيات الثلاث يختلفن كل الإختلاف
من ناحية المظهر والشكل فتورا جراي الصارخة الجمال الناصعة البياض ..ميجان بارنارد الخمرية ذات
الشعر الأسود الأثيث ووجهها الجامد التعبير الشبيه بوجوه الهنود الحمر..وماري دراور بثوبها الأسود البسيط
ووجهها الذي ينم عن البراءة والذكاء اما الرجلان فكان فرانكلين كلارك بجسمه الكبير ووجهه الملوح ولباقته
في الحديث يختلف كثيرا عن دونالد فريزر الهادىء الرزين الخجول.
وبدأ بوارو الحديث قائلا :
- ايها السادة والآنسات انتم تعرفون من اجتماعنا هنا فبرغم ان رجال الشرطة لا يالون جهدا في اداء
واجبهم للقبض على ذلك المجرم المجهول إلا انني اعتقد ان اتحادنا نحن اصحاب الشان في هذه الجرائم
قد يؤدي الى كشف بعض الغموض الذي يكتنف هذه الجرائم.
وبعد برهة صمت استطرد يقول :
- اننا الآن امام ثلاث جرائم راح ضحيتها سيدة عجوز وفتاة في ميعة الشباب ورجل كهل وليس
يربط بينهم جميعا إلا ان الجاني عليهم رجل واحد وهذا يعني ان هذا الشخص الواحد كان موجودا
في اماكن الجرائم الثلاث وليس من شك ايضا في ان هذا الؤجل _ وقد يكون امرأة_ على جانب كبير
من الدهاء رغم اختبال عقله وذلك لأنه استطاع حتى الآن ان يفلت من ايدينا والا يترك وراءه اي اثر يقودنا اليه.
وصمت بوارو برهة اخرى قبل ان يستطرد قائلا :
- إلا ان هناك معالم يمكن ان تحدد الشخصية ذلك المجرم المجهول ويمكن ان توضح بعض الغموض
الذي يكتنف الموقف فمثلا انه لم يذهب الى بكسهيل في منتصف الليل ليجد امامه فتاة يبدأ اسمها
بالحرف "ب" على الشاطىء جاهزة للقتل..
وهنا قال دونالد فريزر بصوت ينم عن الألم النفسي العميق
- هل يستلزم الأمر ان ندخل في هذه التفصيلات ؟
فقال بوارو مستديرا اليه :
- من الضروري جدا ان نناقش كل صغيرة وكبيرة في هذه الجرائم ..فالموقف لا يحتمل المجاملة
او مراعاة العواطف الخاصة كنت اقول ان المصادفة وحدها لم تكن المسؤولة عن التقاء المجرم
المجهول بالمس بيتي بارنارد لابد انه كان هناك نوع من التمهيد وحرية الإختيار اي لابد انه قام
بعملية استطلاعية لمسرح الجريمة ..كان عليه اولا ان يتأكد من بعض الحقائق وكان عليه ان يحدد
افضل وقت يرتكب فيه جريمة اندوفر وان يعرف خير مكان يرتكب فيه جريمة بكسهيل وان يعلم بعادات
السير سيرميكال كلارك ولهذا اعتقد انكم في مجموعكم تعرفون اشياء في قرارة انفسكم دون ان تدركوا انكم تعرفونها.
ولما ارتسمت امارات الدهشة وعدم الفهم على وجوهنا جميعا ابتسم بوارو وقال :
- ان العقل قد يختزن معلومات غامضة لاتظهر الا بالحديث والمناقشة واذا كان هذا موضوع المناقشة
محددا فربما كان في ذهن كل منكم جزء معين بشأن هذا الموضوع والحديث وحده هو الذي يجمع هذه
الأجزاء لكي تتضح جميعا في صورة واحدة.
وهنا تمتمت ميجان بارنارد قائلة :
- كلا
فلما نظر بوارو اليها متسائلا اردفت قائلة بصوت ينم عن اليأس
- مجرد كلام نظري لايعني شيئا.
- ان الكلام يا آنسة هو الثوب الذي يبرز الأفكار.
وقال ماري دراور :
- اعتقد يا مس بارنارد ان المسيو بوارو على حق ..فليس كالحديث المتبادل بين عدد من الأشخاص
في موضوع واحد محكا لإبراز آراء وصور ذهنية وذكريات كانت مختزنة في اعماق الذهن البشري.
فقال كلارك :
- وانا اوافق هذا الراي.
- ما رايك يا مستر فريزر ؟
- انني ارتاب في جدوى هذه الطريقة.
- وانت يا مس جراي ؟
- اعتقد ان استعراض وجهات النظر بالحديث المتبادل عن موضوع معين لابد ان
ياتي بجديد في هذا الموضوع.
وهنا قال بوارو :
- إذن ارجو من كل منكم ان يعتصر ذاكرته كل ما يمكن ان يتذكره قبل وقوع الجريمة ولنبدأ
بالمستر كلارك.
فقال المستر كلارك وهو يجمع بيديه ثنايا جيبه :
- ماذا فعلت في صباح اليوم الذي قتل فيه اخي ؟ آه ذهبت للصيد في زورق شراعي وقد اصطدمت
ثماني سمكات كبيرة من نوع " الماكريل" وكان الجو صحوا ..وعدت الى البيت في موعد الغداء
واذكر ان الحساء الإيرلندي كان بين اصناف الطعام ونمت ثم استيقظت وشربت الشاي وكتبت بعض
الرسائل وفاتني وضعها في الصندوق في الموعد المناسب فركبت السيارة في بلدة بابيتون لأصدرها
وعدت في موعد العشاء واني لا اشعر بالخجل حين اقول انني قرات للمرة الثانية كتاب مغامرات
نسبيت الذي كنت مشغوفا به منذ عهد التلمذة ثم رن جرس التلفون.
فقال بوارو مقاطعا :
- لاداعي لأن تذكر ما حدث بعد هذا لأنه لايهم..وانما المهم هو ان اتذكر هل رايت
احد وانت في طريقك الى الصيد صباحا.
- كثيرا من الناس.
- هل يمكنك ات تتذكر شيئا عنهم او عن بعضهم ؟
- لاشيء الآن.
- هل انت متاكد من هذا ؟
- دعني اتذكر ..آه..اذكر انني رايت سيدة بدينة لفتت نظري بثوب سباحتها الأصفر المخطط وكان
معها ورايت شابين يلاعبان كلبا صغيراعلى البلاج وفتاة ذهبية الشعر كانت تضحك عاليا وهي تسبح
عجبا ان بعض الذكريات تطفو فجأة كأنها الصور المتحركة.
- حسنا جدا ..وبعد ذلك..ألم ترشيئا امام البيت او في الحديقة او عندما خرجت لتصدير رسائلك ؟
- رايت في الحديقة البستاني يروي الشجر وكدت اصطدم بصبي يركب دراجة اثناء ذهابي الى بابيتون
وسمعت امرأة تتشاجر بصوت مرتفع مع صديق لها هذا كل ما اتذكر.
والتفت بوارو الى المس جراي وقال لها :
- وانت يا مس جراي ؟
فقالت بصوتها الواضح الرزين :
- فرغت من مراسلات السير سيرميكال في الصباح وحدثت مع مدبرة البيت في البرنامج اليومي
وكتبت بعض الرسائل وانشغلت بعد الظهر ببعض اشغال الإبرة والواقع ان من العسير ان اذكر كل
شيء فقد كان اليوم من الأيام الرتيبة العادية واخيرا اويت الى فراشي في ساعة مبكرة.
- وانت يا مس بارنارد ألا يمكن ان تتذكري ماذا حدث في آخر مرة رايت فيها اختك ؟
- رايتها قبل وفاتها بأسبوع وكنت قد عدت الى البيت لأقضي نهاية الأسبوع يومي السبت
والأحد وكان الجو لطيفا فذهبنا الى مصيف هاستجز حيث سبحنا في بحيرته المشهورة.
- وعن اي شيء كان حديثكما معظم الوقت ؟
- عنفتها كثيرا على ميلها الى اللهو والعبث بلا تحفظ.
- وماذا ايضا ؟ عن اي شيء كان حديثها هي ؟
- تحدثت عن ضيق ذات يدها وعن قبعة جديدة وفساتين للصيف وعن دونالد قليلا وقالت ايضا انها
لا تحب زميلتها في العمل ميللي هيجلي وضحكنا كثيرا على تصرفات مارون مديرة المقهى ثم لا
أتذكر اكثر من هذا.
- معذرة يا مستر فريزر ..ألم تذكر لك مس بارنارد اي شيء عن رجل ما كانت تنوي ان تقابله ؟
فقالت ميجان بصوت جاف :
- انها ما كانت لتجرؤ ان تقول لي شيئا من هذا القبيل.
واستدار بوارو الى دونالد فريزر بشعره الأحمر وقال :
- مستر فريزر ة..عندما ذهبت لإنتظار بيتي حتى تخرج من المقهى ألم تشاهد احدا لفت
نظرك بصفة خاصة ؟
- لا ..كان المصيفون كثيرين.
- ألم يلفت نظرك شخص معين منهم ؟..حاول ان تعتصر ذهنك فقال الشاب بعناد :
- لم أر غير اشخاص عاديين لم يكن بينهم واحد يلفت النظر.
- وانت يا ماري دراور اعتقد ان خالتك كانت تراسلك.
- أجل سيدي.
- متى آخر رسالة ارسلتها اليك ؟
ففكرت مار برهة قبل ان تجيب قائلة :
- قبل وفاتها بيومين.
- وماذا قالت فيها ؟
- قالت ان الشيطان العجوز _تعني زوجها_ حاول ان يبتز منها المال زيادة عن المبلغ المتفق
عليه ولكنها افزعته وجعلته يهرب عن وجهها وانها كانت تتوقع حضوري اليها يوم الأربعاء يوم
عطلتي الأسبوعية لنذهب الى السينما وكان ذلك يوم عيد ميلادي ايضا يا سيدي.
وطفرت الدموع في عيني ماري ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها ثم قالت :
- معذرة يا سيدي ..لقد غلبني الحزن على امري وان بعض الذكريات.
...فقال كلارك :
- اني ادرك شعورك يا مس دراور فان بعض الذكريات البسيطة قد يكون لها اكبر الأثر
على النفس ..فمثلا انا لا انسى ما حييت منظر سيدة صدمتها سيارة كبيرة فقتلتها
وكانت جثتها ملقاة وبجانبها حذاء جديد تناثر من صندوقه لقد خيل الي ان الحذاء
يرقد في حزن واسى بجوار السيدة التي ماتت قبل ان ترتديه.
وهنا هتفت ميجان قائللة بشيء من الحماس :
- هذه هي الحقيقة..نعم هذا ما يحدث حقا لقد حدث نفس الشيء لأختي بيتي ذلك ان امي كانت قد
اشترت جوربين لتقدمهم اليها هدية اشترتها في نفس يوم مصرعها وقد رايت اتي بعد ذلك وهي تمسك
الجوربين وتبكي بحرارة وتقول "اشتريت هذين لبيتي ؟ اشتريت هذين لبيتي ولكنها لم تراهما"
وتململ دونالد فريزر في مقعده وبادرت تورا جراي الى تغيير مجرى الحديث قائلة :
- ألا تفكر في وضع خطة معينة للمستقبل ؟
فقال فرانكلين كلارك وقد استعاد حالته الطبيعية
- طبعا طبعا فعندما تصل الرسالة الرابعة يجب ان نوحد جهودنا والى ان يحدث هذا ارجو ان يحاول
كل منا ان يستعيد في ذهنه كل الذكريات عن حياته قبل وقوع كل جريمة مباشرة وما راي المسيو بوارو اخيرا ؟
- ان لدي بعض المقترحات.
فأسرع فرانكلين كلارك وتناول من جيبه مفكرة وقلما وقال :
- عظيم جدا..اذكرها لنا بالترتيب.
- اعتقد ان الجرسونة ميللي هيجلي ربما تعرف شيئا قد يفيدنا في هذا الموضوع.
فقال كلارك وهو يكتب : 1- ميللي هيجلي.
واقترح طريقتين لإستدراجها الى الحديث اما ان تثيرها الآنسة ميجان حتى تدفعها الى الإفضاء بكل ما
تعرفه عن بيتي وعندئذ قد نعرف الرجل المجهول الذي قيل انها تنزهت معه مرتين واما ان يقترب المستر
فريزر اليها ويتظاهر بمغازلتها ويستدرجها للحديث عن بيتي في هذا الشأن.
وهنا قال دونالد فريزر
- هل هذا ضروري ؟
- لا ليس ضروريا ولكنه مجرد محاولة.
وعندئذ اسرع فرانكلين كلارك يقول
- هل أجرب انا هذه الطريقة مع ميللي هيجلي يا مسيو بوارو ؟ فان لي وسائلي الخاصة في
الحديث الجذاب مع الفتيات..
وقالت تورا جراي بحدة :
- وهل ليك وقت فراغ كاف للقيام بمثل هذه المحاولات ؟
فتلاشت الإبتسامة من وجه فرانكلين وهو يقول متراجعا :
- آه ..صدقت يا تورا..ان اعمالي كثيرة في هذه الأيام..
وقال بوارو :
- أعتقد انه لا يوجد شيء كثير يحتاج الى اهتمام خاص في البيت يا مستر كلارك وربما
كان في مقدور المس جراي ان تحل محلك في القيام...
فقاطعته تورا جراي بقولها :
- ولكني تركت عملي في قصر السير سيرميكال كلارك.
- آه انني لم اعرف هذا.
وقال فرانكلين كلارك :
- من الطبيعي ان تفضل المس جراي البحث عن عمل مناسب في لندن بعد وفاة اخي.
فتنقل بوارو بنظراته الحادة بين الإثنين ثم قال فجأة :
- كيف حال الليدي كلارك ؟
واضطرم وجه تورا جراي بينما قال فرانكلين كلارك :
- في اسوأ حال ..وبهذه المناسبة هل يمكنك يا مسيو بوارو ان تذهب لمقابلتها لقد اعربت عن رغبتها في رؤيتك.
- بكل تاكيد يا مستر فرانكلين كلارك...هل يمكن ان اقوم بزيارتها بعد غد ؟
- حسنا ..لسوف اخبر الممرضة بذلك حتى تجعلها في حالة تستطيع معها ان تقابلك.
واستدار بوارو الى ماري دراور وقال :
- وانت يا مس دراور اعتقد ان في مقدورك ان تقدمي لنا خدمة جليلة اذا ذهبت وتحدثت مع
بعض الأطفال من جيران خالتك في اندوفر.
فقالت ماري بدهشة :
- الأطفال ؟
- نعم ان الأطفال عادة ينفرون من الغرباء ولكنهم لن ينفروا من الحديث معك ومن المحتمل
جدا ان يكون احدهم قد راى شخصا غريبا عن البلدة وهو يدخل دكان خالتك او وهو يحوم حوله.
وقال كلارك :
- وماذا عني وعن المس جراي هذا اذا لم اذهب الى بكسهيل.
ولما تردد بوارو برهة قال كلارك مستطردا:
- مارايك لو انني نشرت اعلانا في الصحف موجها الى المجرم المجهول اقول له فيه ان هيركيول
بوارو يعرف عنه الكثير وان في مقدوري انقاذه اذا ما ذفع مائة جنيه وليكن نص الأعلان هكذا " رسالة
عاجلة الى ا.ب.س ان ه.ب وراءك مائة لسكوتي اتصل ب"ل.م.ن" انها فكرة بدائية ولكنها قد تفيد"- هذا
ممكن جدا.
- ان هذا الإعلان قد يغريه باطلاق النار علي.
فقالت تورا جراي بحدة :
- انها فكرة خطرة وحمقاء.
- ما رايك يا مسيو بوارو ؟
فابتسم بوارو وقال ؟
- اعتقد انه لا ضرر منها ومعذرة يا مستر كلارك فانه يلوح لي انك ما زلت طفلا في اعماق نفسك.
فاضطرم وجه فرانكلين كلارك وقال وهو يكتب في مفكرته :
- حسنا ..ان البرنامج الآن هو :
أ المس بارنارد مع المس هيلي
ب المستر فريزر مع المس هيجلي
س المس دراور مع أطفال اندوفر
د الإعلان
ورغم ان هذا البرنامج كان في رايي لن يؤدي الى شيء مهم الا انني رايت انه لن يؤدي الى ضرر
في الوقت نفسه.
وبعد لحظات قليلة انفض الإجتماع.

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #12  
قديم 10-18-2015, 03:12 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل العاشر
الرسالة الرابعة


كان طابع الحزن واضحا على قصر السير سيرميكال كلارك عندما ذهبنا في الموعد المحدد لمقابلة الليدي
كلارك ولعل جو سبتمبر المقبض كان له اثر في شعورنا بذلك الطابع الحزين النخيم على القصر وكانت
معظم غرفاته مغلقة والستائر مسدلة على نوافذها كما ان الغرفة التي جلسنا ننتظر فيها كانت رطبة كئيبة
واقبلت ممرضة محترفة ينم مظهرها على الكفاءة وقالت :
- المسيو بوارو ؟ انني الممرضة كابستيك ..وقد تلقيت رسالتك التي ذكرت فيها موعد حضورك
لزيارة الليدي كلارك.
- أرجو ان تكون في حالة صحية تسمح بمثل هذه الزيارة
- الواقع ان حالتها الصحية احسن قليلا.
- اني سعيد إذ اسمع هذا.
- الواقع ان الدكتور ليجون اتبع معها طريقة جديدة للعلاج..ورغم ان التحسن بطىء الا انه واضح.
ولكن يقال انها لن تسترد صحتها مهما يكن الحال.
فقالت الممرضة وقد صدمها هذا الحديث الصريح :
- ان الإنسان مهما بلغت براعته في الشؤون الطبية لا يستطيع ان يصدر حكما جازما كهذا.
- ولكني اعتقد ان وفاة زوجها كانت صدمة عنيفة لها.
- ربما يكون هذا صحيحا لو انها كانت في حالتها الطبيعية اما وهي الآن في شبه غيبوبة فاعتقد
ان الصدمة ليست بالقوة التي تظنها.
- اسمحي لي ان اوجه اليك هذا السؤال يا مس كابستيك.
- هل كانت الليدي كلارك شديدة التعلق بزوجها ؟
- أوه أجل ..لقد كان الإثنان زوجين سعيدين ولاعجب ان شعر المسكين السير سيرميكال بأشد
الجزع عليها حين علم حقيقة مرضها..ويمكن القول ان احزانه بسببها كانت بالغة جدا في اول الأمر.
- في اول الأمر ؟ وبعد ذلك ؟
- لا تنس ان الإنسان يتعود على كل شيء حتى على المرض المزمن وقد اعتاد السير سيرميكال على
مرض زوجته فخفت احزانه بعد الصدمة الأولى ثم لاتنس هوايته في جمع الخزف الثمين ..وليس كالهواية
عزاء للإنسان في مثل هذه الكوارث لقد كانت تشغله كثيرا لاسيما عندما يذهب الى المزدادات الكبيرة في
لندن او عندما يقضي الساعات الطوال مع المس جراي في تصنيف المجموعات وترتيبها.
- آه..المس جراي لقد تركت الخدمة هنا كما علمت.
- نعم وانه لأمر يدعو للأسف ولكن للزوجة عذرها لاسيما إذا كانت مريضة حين يمتلىء راسها بالهواجس
والشكوك واني لشديدة الإعجاب بالمس جراي عندما رفضت ان تناقش الليدي كلارك فاعتزلت الخدمة فورا.
- اذن فالليدي كلارك هي التي امرت بطردها؟
- طبعا.
- هل كانت تكرهها دائما ؟
- لا لم تكن تكرهها في اول الأمر بل على العكس كانت تميل اليها ...حسنا كفى ثرثرة من جانبي
الآن...ان الليدي كلارك في انتظاركما وصعدنا معها الى غرفة بالطابق الأول وكانت غرفة مضيئة
لطيفة جيدة الأثاث وقد راينا فيها الليدي كلارك جالسة على مقعد وثير بالقرب من النافذة وكان وجهها
الهضيم ينم على الألم والإرهاق كما كانت شاردة زائغة النظرات.
قالت الممرضة :
- هذا هو المسيو بوارو الذي اردت ان يزورك.
فقالت السيدة في غموض وذهول :
- آه نعم ..المسيو بوارو.
ولما صافحته قال وهو يقدمني اليها :
- هذا صديقي هاستنغز يا ليدي كلارك.
- كيف حالك يا كابتن هاستنغز ..ولاح لي انها استغرقت فجأة في غيبوبة بعدما جلسنا
على مقعدين بالقرب منها.
ولكنها لم تلبث ان هزت راسها كأنما تفيق من حلم ثم تقول :
- اننا سنتحدث عن كار ...اليس كذلك عن مقتل كار.
ثم تنهدت وهي تهز راسها كأنما تتحدث الى شخص مجهول واستطردت تقول :
- من كان يظن ان نهايتنا ستكون هكذا نهايته ستكون قبل نهايتي ؟ ولكنها الدنيا
ومرة اخرى عادت تقول وكأنما تحدث نفسها :
- لم اكن اصدق ابدا انه سيموت في الستين لقد كان يتمتع بصحة جيدة وان من يراه كان يحسبه في
الأربعين من عمره ..ولكن.
وبعد برهة صمت أخرى طويلة قالت فجأة :
- نعم انني شاكرة لكما لحضوركما لقد طلبت من فرانكلين ان اراك يا مسيو بوارو ووعدني بان يبلغك
رغبتي وكل ما ارجوه الا يرتكب حماقة من هذه الحماقات التي يندم عليها الرجل فيما بعد لاسيما في مسالة
الزواج انه رغم بلوغه الأربعين من العمر سهل الإنقياد واعتقد ان معظم الرجال هكذا امام الفتيات الجميلات
وهذا يدل على انهم اطفال في اعماق نفوسهم ولاسيما فرانكلين انه دائما طفل رغم مرور الأعوام.
فقال بوارو :
- اعتقد انه مندفع بطبيعته.
- أجل أجل انه مندفع وعلى جانب كبير من الشهامة لا سيما مع الفتيات وانا اعتبر ان هذه ليست
شهامة وانما حماقة ..وهكذا كان كار ..ايضا
وتلاشى صوتها قليلا وعاد الى الصمت وبعد برهة تمتمت قائلة :
- ام المرض قاس لاسيما إذا كان مصحوبا بنوبات من الألم فالمريض يعيش في قلق دائم لايعرف متى
ستهاجمه النوبة التالية وهل سيهاجمه الألم او سيتوقف نهائيا ...آه ...معذرة.
- انني اقدر مشاعرك يا ليدي كلارك والحياة مليئة بالمآسي.
- أجل أجل ولكن المرض يجعلني اذهل عما حولي في بعض الأحيان عن اي شيء كنا نتحدث ؟ آه
نعم..
- عن شيء يتعلق بوفاة زوجك
- وفاة كار مقتله..يا للمسكين ويا للمجرم المسكين لاشك انه مجنون ولاشك ان جنونه نشأ بسبب هذه
الحياة المليئة بالسرعة والضجيج التي نعيش فيها هذه الأيام انها حياة لم تعد تطاق اني دائما اشفق على
المجانين فلا شك ان عقولهم المضطربة تثير فيهم اغرب الإنفعالات ثم ان سجنهم في مكان منعزل امر
رهيب مزعج ولكن ماذا يمكن للمجتمع ان يفعل غير هذا ؟ لاسيما إذا بدأوا يقتلون الأبرياء.
ثم التفتت نحو بوارو وسالته فجأة :
- الم تقبضوا عليه بعد ؟
- لا لم نقبض عليه بعد.
- لابد انه كان يتسكع بالقرب من القصر في ذلك اليوم.
- اننا في موسم الإصطياف يا ليدي كلارك والغرباء عن البلدة يكثرون بطبيعة الحال.
- أجل أجل نسيت هذا ولكنهم عادة يبقون عند الشواطىء ولايصعدون الى المنزل.
- لم يقترب من المنزل احد الغرباء في ذلك اليوم يا ليدي كلارك على كل حال.
فقالت السيدة بحماس مفاجىء :
- من قال هذا ؟
فأجاب بوارو مدهوشا :
- الخدم و..المس جراي.
- هذه الفتاة كاذبة.
وحملقت الى الليدي كلارك مدهوشا بدوري بينما استطردت هي تقول :
- انني لا احبها ولم احبها ابدا وكان كار شديد الإعجاب بها وبكفاءتها وكان يقول دائما انها فتاة يتيمة
وحيدة في الحياة وما عيب اليتم انه احيانا يكون رحمة وبركة عندما يكون الأبناء
والد سكير عربيد فاسد الأخلاق وام بلهاء.
وحاولت الممرضة ان تهدىء ثائرتها ولكن الليدي كلارك استطردي قائلة :
- لقد امرت بفصلها من الخدمة بعد وفاة كار مباشرة والعجيب ان فرانكلين حاول بكل وقاحة ان يبقيها
ويقنعني انها قد تكون ذات فائدة لي انه احمق مندفع انه طفل في قرارة نفسه وانا لا اريد ان يختلط بفتاة
ذات اهداف بعيدة مثلها لقد امرت باعطائها مرتب ثلاثة اشهر وخروجها من البيت فورا وقد ذهبت وهي
تتظاهر باللطف والدعة يا لها من فتاة داهية.
ومرة ارخى بذلت الممرضة جهدها لتهدئة الليدي كلارك فلما هدأت قال بوارو :
- لماذا قلت انها كاذبة يا ليدي كلارك ؟
- لأن هذه هي الحقيقة ..الم تقل لكم انه لم يقترب احد الغرباء من القصر في ذلك اليوم ؟
- نعم.
- حسنا جدا ..لقد رايتها بنفسي ..بعيني هاتين من هذه النافذة تتحدث مع رجل غريب تماما عن الناحية
امام مدخل البيت.
- متى كان هذا ؟
- في صباح اليوم الذي قتل فيه زوجي في نحو الساعة الحادية عشرة صباحا.
- وماذا كان شكل الرجل ؟
- كان رجلا عاديا لايميزه شيء عن غيره.
- هل كان سيدا او بائعا ؟
- لا لم يكن بائعا ولكنه كان رجلا رقيق الحال كما بدأ من ملابسه.
واختلج وجهها بألأم مفاجىء فقالت الممرضة لنا ؟
- ارجو ان تتركاها لتستريح الآن.
وقطعنا الرجاء ..وخرجنا
وقلت لبوارو ونحن في طريق العودة الى لندن :
- هذه حكاية غريبة جدا اعني حكاية المس جراي والرجل الغريب
- أرايت يا هاستنغز ان كل شيء يثبث ما كنت اقوله لك كثيرا وهوانه لابد ان يحدث امر ينير
السبيل امام العدالة.
- لماذا كذبت الفتاة وقالت انها لم تر احد الغرباء في ذلك اليوم ؟
- ان ابسط ما يمكن ان نفعله في هذا الشأن هو ان نسالها.
- لنفرض انها كذبت مرة اخرى.
- في هذه الحالة ستزداد الأمور وضوحا.
- انني يا بوارو لا اصدق ان يكون لفتاة كهذه علاقة برجل مجنون.
- تماما وهذا هو رايي ايضا.
ومرة اخرى راح بوارو يستعرض الجرائم الثلاث ويحاول عبثا ان يجد رابط بينها رابطة اخرى ارتكاب
شخص واحد لها ووصلنا اخيرا الى مسكنه في عمارات هويتهافن وقبل ان نذخل المسكن قيل لنا ان
فيه رجلا ينتظرنا بداخله وتوقعت ان يكون الضيف المنتظر فرانكلين كلارك او المفتش جاب ولكن لشدة
ماكانت دهشتي حين رايته الشاب دونالد فريزر الذي نهض لإستقبالنا في شيء من الإرتباك
ولم يضغط بوارو عليه لكي يدلي بالأقوال التي جاء من اجلها وانما دعاه الى مشاركتنا في وجبة الاطعام
خفيفة مع بعض كؤوس من الشراب وبعد ذلك قال له :
- لقد جئت من بكسهيل يا مستر فريزر اليس كذلك ؟
- أجل.
- هل نجحت مع ميللي هيجلي ؟
- ميللي هيجلي ؟ انني في الواقع ..انني لم ارها.
ثم انفجر قائلا :
- بل انني في الحقيقة لا اعرف لماذا جئت الى هنا.
فقال بوارو :
- انا اعرف..
- كيف يمكنك ان تعرف ؟
- لقد جئت لأن لديك اقوالا لابد ان تدلي بها الى احد ..وانا الشخص الذي ينبغي ان تدلي بها اليه.
- اتعتقد هذا ؟
- تماما..
وصمت الشاب برهة قبل ان يقول في خجل :
- أتؤمن بالأحلام يا مسيو بوارو ؟
وكان هذا آخر ما توقعت ان اسمعه ولكن بوارو كما لاح لي لم يدهش وانما قال بهدوء :
- نعم..هل رايت حلما ؟
- أجل..وكان طبيعيا ان احلم بها ولكن ليس طبيعي ان يكون الحلم على هذا النحو الفظيع.
- اخبرني به ..
- كنت دائما احلم انني على البلاج انتظر عودة بيتي من غيبتها وكنت واثقا في الحلم طبعا انها ستعود
يوما وكان اشد ما يهمني ان اعيد اليها حزامها يا الهي..
- وبعد ؟
- وتغير الحلم ليلة امس ..فرايتها جالسة على الشاطىء ولكنها لم تشعر بي وانا اقترب منها
يا الهي..لقد فاجأتها من الخلف ولففت الحزام حول عنقها وخنقتها به.
واخفى الشاب وجهه بين يديه وقال :
- ولما ماتت تبينت انها لم تكن بيتي وانما اختها ميجان.
ورفع الشاب راسه وقال في الم :
- فما معنى هذا يا مسيو بوارو ؟
- اشرب كاسك ..
وعاد الشاب يسال بعد ان اطاع الأمر
- اخبرني يا مسيو بوارو ..ما معنى هذا ؟
ولم اعرف بماذا اجاب بوارو لأني في تلك اللحظة سمعت طرقات ساعي البريد على صندوق بوارو الخاص .
فاندفعت الى الصندوق وما كدت اتناول الرسالة التي وجدتها فيه حتى نسيت كل ما سمعت من دونالد
فريزر وانطلقت عائدا اجري الى بوارو وانا اهتف قائلا :
- لقد وصلت الرسالة الرابعة يا بوارو.
فوثب واقفا واختطف الرسالة وفتحها وقرأ ما يلي بصوت مسموع :
" يا لك من مسكين يا بوارو ؟ انني حزين من اجلك
" يجب يا رجل ان تتحرك ..فان الطريق لايزال طويلا امامنا
" هل يكون مسرح الجريمة التالية مدينة تيبرري ؟
" لا..لا..ان هذا الحرف لا يزال بعيدا
" اذن ليكن موعدنا في بلدة دونكاستر في الحادي عشر من هذا الشهر .وداعا "

المخلص دائما "ا.ب.س"

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #13  
قديم 10-18-2015, 11:41 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الحادي عشر
دهاء المجرم


لم يكن في مقدور بوارو او رجال المباحث ان يفعلوا شيئا قبل وصول الرسالة الرابعة إلا الإنتظار
وكانت هذه الفترة مرهقة للأعصاب الى حد مزعج ولكن ما ان وصلت الرسالة الرابعة حتى انطلقت
جميع القوى ككلاب الصيد لمطاردة الفريسة
لقد اسرع المفتش كروم بالقدوم الى مسكن بوارو وفيما هو يبحث الموضوع معه اقبل فرانكلين
كلارك وميجان بارنارد ..
قال كروم لبوارو :
- سوف آخذ هذه الرسالة معي يا مسيو بوارو ..يمكنك ان تحتفظ بنسخة منها إذا شئت.
- لا لاداعي لهذا.
وسال فرانكلين المفتش كروم قائلا :
- ماذا تنوي ان تفعل يا مستر كروم ؟
- ان اليوم الحادي عشر يوافق يوم الأربعاء من الأسبوع التالي وهي فترة كافية لنثير اهتمام الراي
العام ونجعل الجميع يتعاونون معنا لمطاردة هذا المجنون ولاشك ان كل مخلوق يبدأ اسمه بالحرف "د"
سيكون على حذر كما اننا سنملأ البلدة برجال المباحث في ملابس مدنية..وقد بدأنا فعلا في اتخاذ هذه الخطوة.
فقال فرانكلين كلارك :
- من السهل ان يعرف الإنسان انك رجل لا تهوى الألعاب الرياضية يا سيدي المفتش.
- ماذا تعني يا مستر كلارك ؟
- لأنك لاتعرف ان يوم الأربعاء التالي هو يوم الحفلة الرياضية السنوية في دونكاستر وان سباق الخيل
المعروف باسم سانت ليجير سيجري في ذلك اليوم عندئذ قال المفتش في حيرة.
- آه نعم هذا حق.
- ان "ا.ب.س" ليس بالرجل الأبله وان كان مجنونا.
وخيم الصمت علينا برهة كنا خلالها نتصور بلدة دونكاستر وهي تزدحم بمجموع هواة الرياضة
وسباق الخيل الوافدين من كل حدب وصوب
وقال كلارك اخيرا
- اعتقد ان الجريمة ستتم في حلبة سباق الخيل وربما اثناء انطلاق الجياد في مضمار السباق.
فنهض المفتش قائلا :
- هذا من سوء الحظ.
وتناول قبعته وانصرف ..وسمعناه يتبادل الحديث في الردهة الخارجية مع شخصية نسائية ولم تلبث
تورا جراي ان اقبلت قائلة بانفاس لاهثة :
- اخبرني المفتش كروم ان الرسالة قد وصلت.
واجاب فرانكلين كلارك هذه المرة بينما كانت تورا تخلع معطف المطر :
- انها بلدة دونكاستر هذه المرة وفي اليوم الحادي عشر من هذا الشهر اي في عيد سانت ليجير.
وقال بوارو
- لايجب يا ابنائي ان نفقد الأمل ..لسوف نبذل جهودنا لنحول دون وقوع هذه الجريمة باي ثمن
.ومهما يكن ازدحام البلدة في ذلك اليوم بهواة الرياضة فان الضجة التي ستثيرها الصحافة تجعل كل
شخص في تلك البلدة لاسيما الذي يبدأ اسمه بالحرف "د" يشك في الواقف بجانبه ..انني واثق ان
نهاية المجرم المجهول قد اقتربت.
وتنهدت تورا جراي وقالت :
- لو اننا فقط نعرف عنه شيئا لو اننا نعرف فقط ما اذا كان طويلا او قصيرا عجوزا او شابا.
وفجأة قال بوارو لها
- بهذه المناسبة يا مس جراي هل انت واثقة تماما انك لم تري شخصا غريبا بالقرب من المنزل
في يوم مقتل السير سيرميكال كلارك ؟
- نعم كل الثقة.
- عجبا ولكن الليدي كلارك شاهدتك من نافذتها وانت واقفة امام مدخل القصر تتحدثين الى رجل غريب.
- لابد ان تكون اللديدي كلارك واهمة ..أو هو لكن.
واضطرم وجه تورا جراي وقالت بسرعة :
- لقد تذكرت ..تذكرت..يا لي من حمقاء الواقع انني نسيت هذا الرجل ولكني اعتقد انه ليس للأمر
هذه الأهمية كلها انه مجرد مندوب لبيع الجوارب رجل من المحاربين القدماء الذين يكتسبون رزقهم ببيع
بعض منتجات الشركات وكان قد اعترض سبيلي وانا في طريقي الى مدخل القصر ولكنني اعتذرت له ولم
اشتري منه شيئا ..انه رجل مسالم هادىء من النوع الذي لايترك في النفس اي اثر.
وكان بوارو في تلك اللحظة يضع راسه بين يديه ويهتز الى الأمام والى الخلف وهو يتمتم لنفسه
" جوارب جوارب..ولا شيء غير الجوارب منذ ثلاثة اشهر سمعت هذه الكلمة وسمعتها منذ ايام وهانذا
اسمعها الآن.."
وانتصب في جلسته ورمقني بنظرة حادة وقال :
- اتتذكر يا هاستنغز عندما كنا في اندوفر وعندما دخلنا الدكان وصعدنا الغرفة نوم المسز آسكر
الواقعة خلفه وراينا على المقعد زوجا من الجوارب الجديدة واني لأذكر الآن انني اهتممت لسبب ما
عندما حدثني يا مس بارنارد عن والدتك التي اشترت زوجين من الجوارب لأختك بيتي وعن بكائها
الحار لأنها اي بيتي ماتت قبل ان تراها وكان ذلك في نفس يوم الحادث.
وتوقف بوارو قليلا عن الحديث ثم راح يدور بعينيه في وجوهنا قبل ان يستطرد قائلا :
- اترون ؟ لقد تكرر هذا الأمر ثلاث مرات فلا يمكن ان يكون مجرد مصادفة ..والآن اخبرني
يا مس بارنارد هل اشترت والدتك الجوارب من متجر او من بائع متجول ؟
- من بائع متجول ..واني اتذكر حديثها عن اولئك المندوبين البؤساء الذين يدورون على المنازل
لبيع منتجات بعض الشركات والمصانع.
وهنا هتف فرانكلين كلارك قائلا :
- ولكن ما هي العلاقة بين البائع الجوارب المتجول وهذه الجرائم الرهيبة يا مسيو بوارو ؟
فقال بوارو بحماس :
- ساقول لكم ايها الأصدقاء ..ان الأمر لايمكن ان يكون مصادفة لقد وقعت ثلاث جرائم وقبل وقوع
كل جريمة كان ثمة رجل يبيع الجوارب في مسرحها فما معنى هذا ؟ معناه انه كان يستكشف الميدان الذي
سترتكب فيه الجريمة.
ثم استدار نحو تورا جراي وقال بسرعة :
- صفي لنا ذلك الرجل يا مس جراي.
فارتسمت الحيرة على وجهها وهي تقول:
- انني لا ادري تماما..كان رجلا عاديا ..فوق الأربعين يضع النظارة على عينيه ويرتدي معطفا قديما.
- وماذا ايضا يا مس جراي ؟
- لا اذكر كان متخفيا فلم ار شيء الكثير من ملامحه المهم انه رجل من النوع الذي لا يترك
في النفس اي اثر.
فأومأ بوارو براسه وقال :
- صدقت يا آنسة ..ان هذا الرجل هو القاتل فعلا انه الشخصية الباهتة التي لا تثير الإنتباه فارادت
ان تثبت وجودها بهذه الجرائم الرهيبة.

×××

جلس المستر الكسندر بونابرت سوست في مكانه لا يريم وكان طعام الإفطار امامه كاملا باردا لم
يلمسه وعلى المائدة صحيفة مفتوحة كان المستر سوست مستغرقا في قرائتها
ونهض من مكانه فجأة وراح يذرع غرفته جيئة وذهابا ثم لم يلبث ان تهالك جالسا على مقعد
وثير بجانب النافذة ووضع راسه بين يديه وراح يكتم تأوهات الألم
ولم يسمع صوت صرير الباب وهو يفتح ولا وقع اقدام المسز ماربري صاحبة المسكن المفروش
وهي تدخل ثم تقف وتقول :
- مستر سوست ؟ ماذا بك ؟ هل انت مريض ؟
فرفع الرجل راسه وقال :
- لا..لا..لاشيء يا مستر ماربري ..انني فقط متوعك الصحة هذا الصباح.
والقت المسز ماربري نظرة على مائدة الإفطار ثم قالت :
- انك لم تلمس طعام افطارك أهو الصداع مرة اخرى ؟
- نعم..نعم..وشيء من الدوار.
- انني آسفة من اجلك يا مستر سوست هل ستخرج اليوم الى عملك ايضا ؟
فوثب المستر سوست ناهضا يقول :
- آه نعم ان علي ان اقوم بعمل مهم مهم جدا.
ولاحظت المسز ماربري ارتعاد يديه من فرط الإنفعال فقالت :
- وهل ..وهل ستمضي بعيدا اليوم ؟
- لا..انني ذاهب ذاهب ..الى بلدة ..شلتام.
والتقطت المستر ماربري الصحيفة الواقعة على الأرض لتعيدها الى المائدة فلما وقعت نظراتها
على العناوين الضخمة في الصحيفة الأولى قالت بصوت ينم على الخوف :
- ليس في الصحف اليوم حديث إلا عن الجرائم الأبدية الرهيبة انني اشعر بالإرتعاد كلما قرات
عنها واتدكر جرائم "السفاح جاك"
وتحركت شفتا المستر سوست ولكن لم يصدر عنهما صوت فاستطردت السيدة تقول :
- دونكاستر انها البلدة التي قال انه سيرتكب فيها جريمته الرابعة غدا اليس هذا شيئا رهيبا ؟ لو
اني كنت اقيم في هذه البلدة واسمي يبدأ بحرف "د" لهربت منها الى اقصى مكان..ما رايك يا مستر سوست ؟
- لا ادري يا مسز ماربري ..لاادري.
يقال ان آلاف من رجال الشرطة سيندسون بين المحتفلين بعيد سانث ليجير غدا للبحث عن ذلك
المجرم المجهول ..أوه..ان حالتك تسوء يا مستر سوست هل آتي اليك بقليل من البراندي ؟ من رايي
الا تخرج اليوم فشد سوست قامته وقال :
- لابد من الخروج اليوم لأني على مواعيد كثيرة ولا مندوحة للإنسان من ان يحافظ على مواعيده
اذا اراد ان يثق الناس به ومن طبيعي ان اقوم بكل ما اتخذه من قرارات لأن هذه هي الطريقة الوحيدة
التي تضمن النجاح في ميدان العمل.
- ولكن اذا شعر الإنسان بالمرض ؟
- انني لست مريضا مجرد صداع بسيط وبعض الدوار لأني لم انم جيدا ولم يسع المسز ماربري الا
ان تهز كتفيها وتحمل صحفة الطعام وتغادر الغرفة بينما كان المستر سوست يضع حقيبة سفر صغيرة
" بيجامته وادوات الحلاقة وعشر علب مسطحة من الكرتون"
وبعد ان القى نظرة على دليل السكة الحديدية الموضوع على المائدة غادر الغرفة والحقيبة في يده
وفي الصالة وضع قبعته على راسه وارتدى معطفه وهو يتنهد بعمق فانتبهت اليه فتاة كانت خارجة
من غرفة في الجانب الآخر فنظرت اليه بقلق وقالت :
- هل تتالم من شيء يا مستر سوست ؟
- لاشيء يا ليلى.
- لقد كنت تتنهد بشدة.
- لاداعي لأن تقلقي بشاني انني بخير طاب يومك.
- طاب يومك يا مستر سوست الى اين انت ذاهب هذه المرة ؟ الى الشاطىء ثانية؟
- لالا بل الى شلتام.
- انه مصيف لطيف فعلا ولكن ليس اجمل من توركاي لسوف امضي الصيف القادم فيه وبهذه المناسبة
لقد كنت في توركاي عندما وقع حادث قتل السير سيرميكال كلارك اي كنت جد قريب من مسرح الجريمة.
- لا لا ان توركاي تبعد عن سيرستون نحو ستة او سبعة اميال.
- انها مسافة قصيرة جدا ومن يدري فلعلك رايت القاتل دون ان تعرفه آه ماذا بك
يا مستر سوست هل انت مريض ؟
- لالا انني بخير شكرا يا مسز ماربري ..وطاب يومك.
وقالت ليلى ماربري لنفسها وهي تشيعه بنظراتها :
- انه رجل مسكين يخيل الي ان عقله ليس في حالته الطبيعية.

×××

وقال المفتش كروم لمساعده :
- اكتب لي قائمة باسماء جميع منتجي الجوارب النسائية ثم اتصل بمديريها واعرف منهم اسماء
جميع مندوبي البيع الذين يتعاملون معهم واعني بهم اولئك المندوبين المتجولين.
- اهذا كله يتعلق بجرائم ا.ب.س ؟
قال المفتش كروم على مضض :
- اجل..انها فكرة بوارو وربما لاينتهي الى شيء الا انه علينا الا نهمل اية فكرة معقولة.

×××


وقال الشاب توم هاريتيجان لخطيبته ليلى ماربري :
- لقد رايت في الصباح نزيلكم العجوز العجيب.
- من تعني ؟ المستر سوست ؟
- رايته في بلدة اوستن يبدو كدجاجة الضالة كالمعتاد اعتقد ان هذا المسكين نصف مجنون ولابد
ان يكون معه احد يرعاه في الخارج لقد سقطت من يده الصحيفة اولا ثم سقطت منه تذكرة السفر دون
ان يشعر اطلاقا فلما اعدتهما اليه شكرني في اضطراب ولكنني اعتقد انه يتعرف علي.
- انه لم يرك الا نادرا يا توم ولكن ماذا كنت تفعل في اوستن ؟
- كنت في طريقي منها الى شلتام.
- وهكذا كان ايضا المستر سوست.
- لا كانت تدكرة سفره تدل على انه ذاهب الى دونكاستر.
- بل شلتام.
- دونكاستر لقد قرات اسم البلدة بوضوح على التذكرة.
- ولكنه قال لي ولأمي انه ذاهب الى شلتام.
- ربما سمعتما الإسم الخطأ ولعله ذهب للفرجة على سباق الخيل.
- ولكن دونكاستر هي البلدة التي ستحدث فيها الجريمة الرابعة غدا.
- لاتجزعي عليه ان اسمه لا يبدأ بحرف "د"
- العجيب انه كان في توركاي بالقرب من سيرستون في المرة السابقة.
- انها لمصادفة عجيبة اليس كذلك ؟
وكان الإثنان يتمشيان على طريق نهر التايمس عندما اردف توم هارتيجان قئلا وهو يضحك :
- ولعله كان ايضا في بلدة بكسهيل وقت وقوع الجريمة الثانية.
فجمعت ليلى ما بين حاجبيها مفكرة ثم قالت :
- كان غائبا عن غرفته فعلا وانا اذكر لأنه كان قد نسي ثوب السباحة وكانت امي ترتقه له وقد
قالت لي في اليوم التالي " لقد نسي المستر سوست ثوب السباحة الذي كان ينوي ان ياخذه معه هل
سمعت بالفتاة التي وجدت مخنوقة على شاطىء البحر في بكسهيل امس؟"
وهنا ابتسم توم هارتيجان وقال :
- مادام كان ينوي ان ياخد معه ثوب السباحة فلا شك انه ذهب الى احد المصايف يومذاك مارايك
فيما لو كان نزيلكم العجوز هذا هو القاتل "ا.ب.س".
فضحكت ليلى وقالت :
- المستر سوست المسكين ؟ انه لايستطيع ان يؤذي ذبابة.

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #14  
قديم 10-18-2015, 11:58 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الثاني عشر
اليوم المشهود



دونكاستر اعتقد اني سوف اتذكر اليوم الحادي عشر من شهر سبتمبر مدى الحياة
والواقع اني كلما سمعت عن عيد القديس ليجير تذكرت فورا تلك الأحداث الرهيبة المتوالية التي وقعت
في ذلك اليوم لقد كنا هناك في ذلك اليوم ..في دونكاستر . المفتش كروم وجميع معاونيه و آلاف من
رجال المباحث وبوارو ودونالد فريزر وفرانكلين كلارك وتورا جراي وميجان بارنارد وماري دراور
وقررنا ان نوسع نطاق البحث بان نتفرق في انحاء البلدة وقد تم الإتفاق على ان يذهب كل من فرانكلين
ودونالد فريزر بمفرده وان يصحب بوارو المس جراي الوحيدة بيننا التي سبق ان شاهدت القاتل وان
اصحب انا ماري دراور لأن اسمها الثاني _ كما اشار بوارو_ يبدأ بالحرف "د" اذ ليس من المستبعد
ان يتعمد المجرم المجهول طعن بوارو في الصميم بقتل واحد من اعوانه.
وقال لي بوارو ونحن نفترق :
- اطمئن يا هاستنغز هذه المرة ان النجاح المتواصل سوف يدفع المجرم الى الإيمان بحظه ومن ثم لن
يكون شديد الحرص هذه المرة واكبر ظني انه سيرتكب بعض الأخطاء التي ستوقع به في ايدينا.
فقلت في شيء من الإرتياب :
- انني اعتقد ان هذا المجرم لن يفي بوعده ويرتكب جريمته الرابعة هذه المرة وهو يدرك احكام الحلقة.
فابتسم بوارو وقال :
- ان ذلك المجرم يعاني هذا النوع من الجنون الذي يجعله يصر كل الإصرار على تنفيذ ما وعد به
مهما تكن الظروف والأحوال لأنه سيدرك تماما ان تراجعه عن تنفيذ خطته سيعني الفشل وهذا ما لايتفق
مع الدوافع التي دفعت به الى ارتكاب هذه الجرائم.
- اكبر الظن انه سيكون ماكرا يا بوارو اذا قرر ارتكاب هذه الجريمة الرابعة.
- تأكد يا هاستنغز ان عجلة الحظ قد دارت ..وسوف يقع هذه المرة في ايدينا الى اللقاء.

×××

غمغم المستر ليدبتر بخفوت وامتعاض عندما نهض الرجل الجالس بالقرب منه في دار السينما وسار في
طريق الخروج وهو يتخطاه متعثرا ثم يزداد تعثرا ويسقط قبعته على المقعد الأمامي ثم ينحني ويلتقطها وينصرف
كل هذا ضيع بعض لحظات ثمينة من مناظر الفيلم " ليس عصفورا" الذي كان المستر ليدبتر ينتظر
مشاهدته بفارغ الصبر وتململ المستر ليدبتر في مقعده وهو يتساءل في نفسه " لماذا لا ينتظر هؤلاء الناس
حتى نهاية الفيلم قبل ان ينصرفوا ؟"
حسنا لقد انصرف ذلك الجار المتعثر الثقيل الظل وها هو ذا المستر ليدبتر يستمتع بمتابعة الفيلم حتى نهايته
وتنهد في ارتياح عندما اضيئت الأنوار في الصالة..
ونهض واقفا ببطء وهو يطرف بعينيه
ولم يكن من عادته ان يسرع بمغادرة دار السينما عقب انتهاء الفيلم وانما كان يجب ان يتمهل
حتى يعود الى واقع الحياة تماما ..وتلفت حوله ان الصالة لم تكن مزدحمة ..كان المتفرجون فيها عددا
قليلا جدا آه لاشك ان معظم الناس كانوا في تلك الساعة يتفرجون على سباق الخيل احتفالا بعيد سانت ليجير
واستعد المستر ليدبتر للخروج وراء المتفرجين الذين كانوا يتسابقون الى ابواب السينما لاحظ ان الرجل الجالس
على المقعد الأمامي بالنسبة له ظل جالسا مطرق الراس وكانه مستغرق في النوم
وشعر المستر ليدبتر بالسخط على مثل هذا الرجل الذي ينام في اثناء عرض فيلم رائع مثل "ليس عصفورا"
وهز كتفيه وسار في طريق الباب ولما وصل اليه وراح ينتظر دوره للخروج..ولم يدر لماذا التفت وراءه
الى حيث كان جالسا وعلى اية حال فقد راى جمعا من الناس حول ذلك الرجل الذي ظنه نائما في مقعده
وتردد برهة ثم خرج...
وهكذا فاتته الفرجة على الحادث الذي اقام الراي العام واقعده في جميع انحاء البلاد
لقد تبين لمدير الصالة حين هز الرجل الذي ظنه هو ايضا نائما انه مقتوا بطعنة سكين في القلب.
واجتمع حوله بعض النظارة الذين لم يكونوا قد انصرفوا بعد
وساد الفزع الجميع حين هتف احدهم مشيرا الى دليل ا.ب.س للسكة الحديدة الموضوع بجانب القتيل :
- لقد ارتكب المجرم المجنون جريمته الرابعة.
غارد المستر سوست سينما ريجال وتطلع الى السماء كان الجو في ذلك المساء صحوا ..جميلا
وقال لنفسه مادام الله في سمائه فكل شيء في الأرض على ما يرام وسار في طريقه مبتسما حتى وصل
الى فندق بلاك سوان الذي كان ينزل فيه
وصعد السلم الى غرفته الصغيرة الخانقة المطلة على فناء داخلي ومرآب "جراج" للسيارات
واختفت البسمة فجأة من وجهه حين لمح على كم معطفه _بعد دخوله الغرفة_ آثار الدماء
ولما لمسها وجدها لا تزال رطبة ..دماء رطبة
ودس يده في جيب معطفه فاذا هي تخرج ممسكة بسكين حاد طويل النصل ملوث بالدماء ايضا
ودار بعينيه في انحاء الغرفة كحيوان واقع في الفخ
وتهالك جالسا على مقعد قريب وهو يتمتم لنفسه :
- هذه غلطتي انا...
وبدا كانه يتحدث مع شخص مجهول بلهجة التلميذ الذي يلتمس الصفح من ناظر المدرسة
وقعت نظراته على حوض الإغتسال فنهض اليه وخلع معطفه
وملأ الحوض بالماء وراح يغسل المعطف بما فيه من دماء لقد غدا الماء احمر اللون
وفي تلك اللحظات سمع نقرا على الباب
وتسمر في مكانه لايريم وقد لراح يحملق فيما امامه ببلاهة
وفتحت الباب سيدة شابة ممتلئة الجسم ودخلت تحمل ابريقا وتقول :
- معذرة يا سيدي ..هذا هو ماؤك الساخن.
واستطاع اخيرا ان يقول لها
- شكرا لقد اغتسلت بالماء البارد.
ولما راى نظراتها تقع على الماء الأحمر في الحوض قال في فزع :
- لقد جرحت يدي.
وبعد لحظة طويلة طويلة جدا من السكون قالت :
- حسنا يا سيدي.
ووقف المستر سوست في مكانه كالتمثال من الحجر
لقد جاءت النهاية اخيرا
وارهف سمعه
هل هم قادمون اليه الآن ؟
ولكنه لم يسمع غير دقات قلبه المضطرب
وتحول جموده فجأة الى حركة دافقة فارتدى معطفه بسرعة وسار على اطراف اصابعه الى الباب وفتحه
ثم ارهف السمع مرة اخرى ثم هبط متسسلا السلم وعند نهايته وقف حائرا وفجأة لمح الباب الخلفي المؤدي
الى الفناء فانفلت منه وسار متمهلا امام اثنين من السائقين كانا يغسلان سيارتيهما ثم مضى الى شارع جانبي
وظل ينتقل من شارع الى آخر في اتجاه المحطة وهو يتمتم :
- لو ان الحظ يساعدني فاستقل القطار دون ان يتعرف علي احد.

×××

كان المفتش كروم جالسا ينصت الى حديث المستر ليدبتر المضطرب - أؤكد لك يا سيدي المفتش ان
قلبي يهوي بين ضلوعي كلما فكرت ان القاتل الرهيب كان جالسا بجواري طيلة عرض الفيلم.
فتذرع المفتش كروم بالصبر وقال :
- دعنا من هذه التعليقات يا مستر ليدبتر ارجوك ان تحدثني بوضوح هل تقول ان ذلك الرجل انصرف
قبل هنايه الفيلم ؟
- اجل..اجل.
- وهل مر بك وتعثر في اثناء مروره ؟
- اجل انني ادرك الآن انه تظاهر بالتعثر ولاشك انه طعن الرجل الذي كان جالسا امامي وهو
يتظاهر بانه يسترد قبعته.
- ألم تسمع شيئا لاصيحة ولا آهة ولا شيء ؟
- ربما سمعت شيئا ولكني حسبته الفيلم.
- هل تستطيع ان تصف لنا هذا الرجل ؟
- كان رجلا ضخما يزيد طوله على ستة اقدام ..كان ماردا
- اشقر ام خمري اللون ؟
- لست واثقا من هذا..لكنه كان اصلع رهيب المنظر
- هل كان يعرج ؟
- آه مادمت قد ذكرتني يا سيدي المفتش فيمكنني ان اقول انه كان يعرج فعلا واذكر ايضا انه كان
ملوح الوجه كانه نصف زنجي.
- هل كان موجودا في مقعده قبل بدء العرض ؟
- لا لقد حضر بعد بدء الفيلم بقليل عندما اظلمت القاعة.
وأومأ المفتش كروم براسه وبعد انصراف المستر ليدبتر قال لمساعده :
- هذا اسوأ انواع الشهود انه على استعداد لأن يقول اي شيء توحي به اليه واكبر الظن انه لايعرف
اي شيء عن شكل الرجل ..حسنا..استدع مدير الصالة
واقبل مدير الصالة الذي كان عسكريا سابقا ورفع يده بالتحية فقال له المفتش كروم :
- والآن دعنا يا جيمسون نسمع شهادتك.
ورفع جيمسون يده للتحية العسكرية مرة اخرى وقال :
- تماما يا سيدي ..عند قرب انتهاء العرض يا سيدي سمعت ان احد المتفرجين لا يزال جالسا في مقعده
في حالة تدل على انه نائم او مريض او اي شيء من هذا القبيل وكان ذلك السيد جالسا في مقعد بالصالة
منحنيا على نفسه بشكل يلفت النظر ورايت سيدا آخر واقفا بالقرب منه يقول ان جلسة ذلك السيد الآخر
غير طبيعية ولما وضع يده على كتف السيد المنحني على نفسه لاحظت فورا انها تلوثت بالدماء فارسلت
من فمي سيلا من اللعنات وأسوأ من هذا يا سيدي اننا وجدنا السيد المنحني على نفسه مقتولا بطعنة في
صدره امام القلب والدماء لا تزال تنساب منها وعلى المقعد الذي بجواره دليل ا.ب.س للسكة الحديدية فانتشر
الفزع بيننا وبادرنا الى اخطار مركز الشرطة.
فقال المفتش كروم :
- حسنا يا جيمسون لقد احسنت التصرف.
- شكرا يا سيدي.
- الم تلاحظ رجلا غادر الصالة قبل نهاية الفيلم بلحظات ؟
- غادرها كثيرون قبل نهاية العرض يا سيدي.
- هل يمكن ان تصفهم ؟
- لااظن ..وانما اعرف منهم فقط المستر جيوفري بان تل والشاب الوسيم بيكر وزوجته الحسناء
ولكنني لم الاحظ شخصا بالذات يا سيدي.
- هذا امر يؤسف له حسنا يا جيمسون.
- شكرا يا سيدي.
ورفع جيمسون يده للتحية العسكرية وانصرف
وما كاد ينصرف حتى اقبل رجال الشرطة وقال للمفتش كروم :
- ان المسيو بوارو ومعه سيد آخر يريدان مقابلتك يا سيدي.
وقطب كروم جبينه وقال :
- دعهما يدخلان .

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #15  
قديم 10-19-2015, 12:06 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الثالث عشر
جريمة دونكاستر



ودخلت وراء بوارو الى مكتب المفتش كروم وبعد ان تبادلنا التحية قال المفتش كروم لبوارو :
- لقد ارتكب المجرم المجهول جريمته الرابعة يا مسيو بوارو.
وتسمرنا في اماكننا من فرط الجزع والدهشة بينما قال المفتش مستطردا :
- وفي هذه المرة استخدم السكين اداة للقتل.
- وهل وجدتم بجوار القتيل دليل ا.ب.س للسكة الحديدية ؟
- أجل.
- وهل عرفتم شخصية القتيل ؟
- أجل لقد أخطأ القاتل المجهول هذه المرة لأن القتيل رجل يدعى جورج ايرسفيلد.
- عجبا.
- لعله تجاوز حرفا هذه المرة..لنسمع الشاهد التالي فقد عرفت انه يريد الإنصراف بسرعة.
ودخل رجل في منتصف العمر وسيم الشكل مضطرب الأعصاب حاول ان يعبر عن اضطرابه بالثرثرة
ولكن المفتش كروم ساله قائلا :
- اسمك ايها السيد ؟
- دونز روجر دونز.
- مهنتك ؟
- مدرس بمدرسة هايفيلد الثانوية.
- اخبرنا الآن بما تعرفه عن الحادث يا مستر دونز.
- استطيع ان اقول لكم ما اعرف بكل ايجاز عندما انتهى عرض الفيلم نهضت لأنصرف وكان بالقرب.
مني رجل حسبته نائما لأنه كان منحنيا على نفسه وكدت اتعثر في قدميه وانا احاول المرور امامه وفجأة
ناديت على مدير الصالة حين خطر لي ان الرجل مريض ولما رفعت يدي عن كيفه رايتها ملوثة بالدماء
وادركت فورا انه طعن بسكين نافذة الى القلب وقد لاحظنا _ مدير الصالة وانا_ وجود دليل ا.ب.س للسكة
الحديدية على المقعد المجاور وأؤكد لكم ايها السادة ان قلبي كاد يقف من فرط الفزع وقلبي بطبيعته ضعيف.
ونظر المفتش كروم الى المستر دونز ثم قال له :
- يمكنك ان تعتبر نفسك سعيد الحظ يا مستر دونز.
- لماذا يا سيدي ؟
- قبل ان اخبرك اريد ان اسألك هل كنت جالسا على مقربة من الرجل الذي قتل ؟
- نعم على مسافة مقعدين منه وكنت في اول الأمر جالسا بجواره مباشرة ثم انتقلت الى مقعد ليس
امامه احد حتى ارى الفيلم بوضوح.
- انك في نفس طول الرجل القتيل وتلف حول عنقك مطرفا صوفيا كما كان الأمر معه.
- ولكن ما علاقة هذا كله يا سيدي ؟
فقال المفتش كروم :
- اراهن ان القاتل كان يتبعك انت الى دار السينما وكان ينوي ان يقتلك لأن اسمك يبدأ بحرف"د"
ولكنك حين انتقلت الى مقعد آخر اخطأك وقتل المستر جورج وهو يحسبه انت.
ولم يحتمل قلب المستر دونز الضعيف اكثر من هذا فتهالك الرجل على اقرب مقعد اليه وهو يلهث قائلا :
- ماء.... اريد ماء.
ولما اسرع احد السقاة اليه بالماء افاق الرجل ..فغمغم وهو ينهض مضطربا :
- لا..لا..اصدق هذا لماذا يريد ان يقتلني اي انسان ..هو او غيره ؟ انني رجل مسالم ..لم اسىء لأحد
ابدا..هل تريدون مني شيئا آخر ؟ لا حسنا طاب يومكم ايها السادة طاب يومكم...
واستدعى المفتش كروم احد مساعديه وقال له :
- رايس..ارسل اثنين من رجالنا لحراسة المستر دونز دون ان يشعر فانني اعتقد ان المجرم قد يعمد
الى تصحيح غلطته ويحاول القضاء على هذا الرجل.
وأومأ بوارو براسه موافقا وقال :
- مادام ذلك المجرم قد بدأ يخطىء فلا شك ان اخطأه سوف تتوالى.
- واقبل احد رجال الشرطة وقال :
- في الخارج رجل وسيدة من فندق بلاك سوان لديهما اقوال يردان الإدلاء بها في موضوع الجرائم "ا.ب.س".
- ادخلهما..ادخلهما بسرعة.
ودخل صاحب فندق بلاك سوان وكان رجلا ضخما الجسم يدعى المستر بول ومعه سيدة شابة ممتلئة
الجسم ينم وجهها عن الإنفعال الشديد
قال الرجل بصوت خفيض غليظ
- ارجو الا اضيع وقتكم الثمين ايها السادة ولكن هذه الفتاة ماري تؤكد ان لديها اقوالا
هامة بخصوص المجرم "ا.ب.س".
فقال المفتش كروم :
- حسنا يا فتاتي ما اسمك ؟
- ماري ..ماري ستراود.
- ماذا تريدين ان تقولي يا ماري ؟
فنظرت ماري الى صاحب الفندق متسائلة فقال هذا :
- ان عملها في الفندق هو حمل الماء الساخن الى النزلاء وكان لدينا نحو سبعة او ثمانية نزلاء
بعضهم جاء للفرجة على السباق وبعضهم يقيم لأغراض تجارية والآن تكلمي يا فتاة.
فقالت ماري ستراود وهي تدير عينيها في وجوه الجميع
- طرقت على الباب ولكن لم يرد علي احد وانا عادة لاادخل الا اذا قال لي النزيل "ادخلي" ولما لم
يقل احد شيئا دخلت ووقفت برهة اننظر الى النزيل وهو يغسل يديه في الحوض.
وتوقفت عن الحديث فجأة فقال كروم :
- استمري ..وبعد ؟
- قلت له انني جئت بالماء الساخن فقال انه اغتسل بالماء البارد ونظرت الى الماء في
الحوض فوجدته يا للهول أحمر.
فهتف كروم في اهتمام :
- احمر؟
وهنا تدخل المستر بول في الحديث فقال :
- واخبرتني الفتاة انها راته ايضا ممسكا بكم معطفه كأنما كان يغسله في الحوض
لأن الكم كان غارقا بالماء.
- تماما يا سيدي وكان وجهه يدل على انه في حالة غير طبيعية
- متى كان ذلك ؟
- في نحو الخامسة والربع مساء او اكثر قليلا.
- اي منذ ثلاث ساعات فلماذا لم تات يا مستر بول مع الفتاة فورا ؟
فقال المستر بول :
- لم نسمع بنبأ الجريمة الا اخيرا ولما سمعت الفتاة النبأ تدكرت الماء الأحمر في الحوض فصرخت
واخبرتني بما رات فاسرعت الى غرفة ذلك النزيل فلم اجده فيها ولهذا بادرت بالحضور مع ماري.
فتناول كروم ورقة وقلما وقال :
- صفي ذلك النزيل بسرعة يا ماري.
- رجل متوسط الحجم منحني القامة قليلا يضع على عينيه نظارة طبية.
- وملابسه ؟
- بذلة قاتمة اللون وقبعة من نوع هامبرج وتدل ملابسه بوجه عام على رقة الحال.
ولم تستطع ماري ان تضيف الى هذا الوصف اكثر من ذلك
وارسل كروم اثنين من رجاله فورا الى فندق بلاك سوان وماهي غير لحظات حتى عادا ومعهما سجل
اسماء النزلاء فيه واشار المستر بول صاحب الفندق الى اسم بين الأسماء وقال :
- هذا توقيعه يا سيدي.
وتجمعنا حول السجل حيث قرأ المفتش كروم الإسم قائلا
- ا.ب.سوس او سوش.
وغمغم بوارو بصوت له دلالته
- اي ا.ب.س.
وسال كروم صاحب الفندق قائلا : - الم يترك هذا النزيل شيئا وراءه.
- ترك حقيبة سفر متوسطة الحجم فيها ملابس داخلية قليلة ومجموعة من علب الكرتون المسطحة.
- علب كرتون مسطحة ؟ ماذا بداخلها ؟
- جوارب نسائية.
وهنا التفت كروم الى بوارو وقال :
- اهنئك يا مسيو بوارو.
عاد المفتش كروم الى مكتبه في اسكوتلانديار وصلصل جرس التلفون على مكتبه فرفع المسماع حيث
صوت عامل التلفون يقول :
- هنا شاب يريد ان يدلي باقوال في قضية ا.ب.س يا سيدي.
وتنهد كروم وقال لنفسه كل واحد يريد ان يدلي بشيء في هذه القضية وليتهم يدلون بما يفيد
ثم قال في التلفون :
- دعه يصعد.
ودخل احد رجال المباحث يصحب شابا مترددا يقول عنه هذا هو المستر توم هارنيجيان يا سيدي المفتش
ان لديه اقوالا عن قضية ا.ب.س
فنهض المفتش وصافح الشاب ثم قال له :
- طاب يومك يا مستر هارنيجيان ..تفضل بالجلوس..هل تدخن ؟ حسنا ..ماذا لديك من اقوال ؟
وجلس توم هارنيجيان وهو كما نذكر خطيب ليلى ماربري ابنة المسز ماربري صاحبة البنسيون الذي
يقيم فيه المستر الكسندر بونابرت سوست
جلس توم هذا في شيء من الروع اذ كانت تلك اول مرة يدخل فيها ادارة اسكوتلانديار واخيرا قال :
- ربما لا يكون في اقوالي شيئا ولعلي بذلك اضيع وقتكم الثمين.
- هذا ما سوف نعرفه بعد ان نسمع حديثك يا مستر هارنيجيان.
- انني يا سيدي خاطب لفتاة شابة تدير امها شقة مفروشة حيث تؤجر غرفتها لبعض النزلاء وتقع
في طريق كامدن تاون بلندن كما تعلم يا سيدي.
- حسنا بعد.
- وهي في الطابق الثاني ..وينزل في احدى الغرف المفروشة منذ عام رجل يدعى سوست.
- سوست ؟ آه.
- أجل يا سيدي رجل في منتصف العمر غريب الأطوار هادىء الطباع يبدو ان الحياة قست عليه بعض
الشيء ويمكنني القول انه من النوع الذي لا يؤذي ذبابة ولهذا ما كان يخطر يبالي ابدا ان اتهمه بشيء
لولا بعض الدلالات الغريبة التي لاحظتها عنه.
وراح توم في شيء من الإضطراب والإرتباك يحدث المفتش كروم بقصة مقابلته للمستر سوست في اوستن
وكيف اعاد اليه صحيفته وتذكرة سفره ثم استطرد يقول :
- اترى يا سيدي لقد كانت ليلى اعني خطيبتي واثقة بانه سيسافر الى شلتام بينما كان مسافرا
كما ظهر من تذكرته الى دونكاستر ولم اهتم بهذا كثيرا في اول الأمر ولكن عندما استطردت في الحديث
معها وعلمت منها انه كان في توركاي القريبة من سيرستون عند وقوع الجريمة الثالثة وانه كان غائبا
في مكان ما على الشاطىء البحر عند وقوع الجريمة الثانية بكسهيل عندما سمعت هذا بدأ الشلك يخامرني
في امره رغم انه في رايي لايستطيع ان يؤذي ذبابة.
وبعد برهة وجيزة اسطرد الشاب يقول :
- ولما قرانا نشرة ادارة اسكوتلانديار عن رغبتها في الإستدلال على كل من يبدأ اسمه بالحرفين ا.ب ثم
الإسم سوس او سوش اسرعت بالإتصال بالمسز ماربري حيث علمت منها ان نزيلها الغريب
الأطوار المستر سوست يحمل اسما كاملا يبدأ بالحرفين ا.ب وقد دهشنا كثيرا وابينا ان نصدق انفسنا ولكن
المسز ماربري كانت واثقة تماما ان نزريلها هذا كان غائبا عن غرفته في الليالي التي وقعت فيها الجرائم
الثلاث الأخيرة وراحت هي وابنتها تعتصران ذاكرتيهما لتتذكرا اين كان في اثناء وقوع الجريمة الأولى
جريمة اندوفر التي حدثت منذ ثلاثة اشهر وقد تذكرت المسز ماربري ان اخا لها كان قد وصل من كندا في
ذلك الحين ولما لم تجد له غرفة يبيبت فيها اقترحت ليلى عليها ان يبيت في غرفة المستر سوست لأنه قال
يومذاك انه سيغيب ليلته في الخارج وقد تحرينا تاريخ وصول الباخرة التي اقلت شقيق المسز ماربري الى
لندن وعلمنا انها وصلت ميناء ساوثمبتون في صباح اليوم الحادي والعشرين من شهر يونيه الماضي
وكان المفتش كروم ينصت باهتمام الى حديث الشاب ..فلما فرغ من حديثه قال له :
- اهذا كل شيء ؟
- اجل يا سيدي.
- لقد احسنت بمجيئك الينا ..اين المستر سوست هذا الآن ؟
اني احب ان التقي به لألقي عليه بعض الأسئلة ..هل هو في غرفته الآن ؟
- اجل يا سيدي
- متى عاد ؟
- من دونكاستر ؟ في ليلة وقوع الجريمة ..وتقول المسز ماربري انه لا يكف عن شراء الصحف ولا
عن الحديث عن نفسه.
وبعد ان دون المفتش كروم العنوان شكر توم هارنيجيان بحرارة ثم استدعى احد مرؤوسيه - بعد انصراف
توم_ وطلب منه ان يرسل ببعض رجال المباحث بمراقبة عنوان المستر سوست

×××

مرة اخرى تلفت المستر سوست حوله في جوانب غرفته المفروشة بمسكن المسز ماربري وبدت عينيه
نظرة الحيوان الواقع في الشرك وفجأة نهض وقد قرر ان يخرج ..الى اين ؟ انه لا يدري..
وتسلل الى الباب وفتحه ..واطل منه براسه وشعر بالمسز ماربري وهي تتحرك في المطبخ وارهف
السمع قليلا ثم سار على اطراف اصابعه وهبط من المسكن الى الباب الخارجي وقتحه ووقف برهة
يتلفت حوله
الى اين يذهب ؟
ومرة اخرى شعر انه لا يدري...

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجرائم الابجدية بقلم اجاثا كريستي . angelita أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 19 02-06-2013 02:06 PM
قصص الحروف الابجدية تماضر الشقيفي قصص قصيرة 0 08-25-2012 07:32 AM
لعبة الحروف الابجدية وفي حد النخاع أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 09-18-2010 12:47 PM
كوني كالاحرف الابجدية بنت الرمادي نور الإسلام - 8 09-22-2008 08:17 PM


الساعة الآن 06:10 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011