عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي

روايات و قصص الانمي روايات انمي, قصص انمي, رواية انمي, أنمي, انيمي, روايات انمي عيون العرب

Like Tree166Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-28-2016, 08:02 PM
 
الأمل الأخير ؛ المصير


.




العرش وحده ما يليق بك
قلمك ساحر استمري
[mark=#000000]WISAM[/mark]

.



.





السلام عليكم ..
تحية طيبة لكمْ ..
لم تكن لديَّ نية لطرح رواية فقد اعتزلتُ منذ وقتِّ طويلْ ..
إلا أنَّ هاجسَّا غريبًا بدأ يتوالى عليَّ على نحو عجيبْ ، الكثير من الأفكار المبعثرة هنا وهناك ..
تلك الأفكار لمْ ترحمنيْ وكانت تزورنيْ بشكل يوميْ إلى أن قررت جمعها أخيرا فيْ رواية ..
بدأت في كتابتها قبل سنة تقريبا إلا أننيْ لم أقطع شوطا فيها فمجمل ما كتبته ليس بالكثير ..
أعترفُ بأننيْ أتردد كثيرا في الكتابة وذلك جعل من تقدميْ في كتابة فصولها أمرا مُرهقا وطويلا ..
قد تكون الفصول الأولى رتيبة قليلا إلا أنها تمهيد للقادم لم أحب البدء من المنتصف فذلك قد يسلب منها الكثير ..



اسم الرواية :المصير ، القدر
التصنيف :غموض ، تشويق ، بوليسي ربما قليلا
عدد الفصول : 11 - قيد الكتابة


قمت بنشرها في صفحات منتدى آخر
ليست منقولة



__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

Sleeping Beauty | Ghasag

التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 05-15-2016 الساعة 06:13 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-28-2016, 08:09 PM
 

.. 1 ..


فيْ أحد أيام شهر أغسطس الحارة حيثُ لم يكن لدى الجميع القدرة على الخروج من منازلهمْ لمزاولة أعمالهم كنتُ فيْ طريقيْ برفقة والديْ إلى مزرعة العمِّ " ويلبرت " تلك التيْ تقبع على بُعد تسعون كيلو مترا عن العاصمة ، حقيقةَّ لم تكن لديَّ نيَّة فيْ هذه الزيارَّة خاصَّة بَعد تخرجيْ من الثانوية فقد كنتُ أنوي قضاءَ هذه الفترة برفقة والدتيْ في " نيويورك " قبلَ أن أنشغلَّ بأمور الجامعة ! ..
تمتدَّ ذراع والديْ الطويلة ناحية المذياع لتدير أصابعه أحد الأزرار ويرتفع صوتُ الموسيقى المزعجْ ، زفرت بضجر للمرة الثالثة وحاولت التركيز فيْ سطور المجلة بين أصابعي تلك التيْ كانت تدور صفحاتها عنْ أحدثِ صيحات الموسم أمورٌ كهذه تستهويني ، بعيدا عن صوتِ والديْ المزعجْ تذكرت شيئا آخر جعل من انزعاجيَّ البسيط يتضاعْف تذكرتُ بأنني لم أبعث برسالة إلى " ويندي " أخبرها بأنيْ مغادرة إلى المزرعة لاشكَ وبأنها ستزعج سكان العِمَارة بضربها المتواصل على الباب ، ذلك سيءْ !..
تركت المجلة جانبا وجذبت حقيبة كفيْ الصغيرة والتي كانت تتدلى بشريط من أعلى كتفي بحثت بين الأغراض التيْ حشرتها بداخلها عن هاتفيْ لكنني لم أجده مع أنني متأكدة بأنني وضعته من ضمنِ الأِشياء الأخيرة لأتأكد من وجوده تساءلت بشيءٍ من الاستغراب و أصابعي تتحسس مقتنياتيْ في الحقيبة : أبي ، ألم ترى هاتفيْ ؟!
بالطبع ، لن يكون قادرا على سماع صوتي وصوتُ الموسيقى الصاخبة يملأ المكان أثار هذا انزعاجيْ قليلا فبالرغمِّ من أنه هوَّ من أجبرنيْ على المجيءِ برفقته وتغيير خططيْ بدأ يتصرفُ كشابِّ في العشرين ، مددت كفيْ لأخفضَّ من صوتِ المذياع ، نجحتُ في جذب انتباهه إذ أنه تساءل بتعجبْ وعينيه معلَّقتين على الطريق : مالأمر حبيبتي ؟!
عدتُ أطرح عليه سؤاليْ بتململْ : لست أجد هاتفيْ أبي !
لا أدريْ لمَ انتابنيْ شعورٌ سيءْ حيال إجابته إذ أننيْ كنتُ أعلمُ بأنَّ اختفاء الهاتفْ يعنيْ بأن لوالديْ يدٌ في هذا الموضوع ، تباعدت عقدة حاجبيه قليلا فور تذكره للأمر فأجابَ بلا مبالاة : آوه ، الهاتفْ أجل لم أعتقد بأنه سيكون ذا نفع لنا هناك لذلك تركت هواتفنا في الشقة !
كنتُ أعلمْ ، خلف هذا الوجه البريء الكثير من الأشياء التي تجعلني أود أن أنفجر ، آه منك والدي كيف سأستطيع العيش في تلك المنطقة بدونه ، حاولت ضبط أعصابي قليلا وسرعان ما أسندت ظهري للمقعد بعد أن رفعت صوت المذياع ، عقدت ساعديَّ بتضجر فيمّ نظرتُ للخارج وأمنية بسيطة تجول في داخلي ، أتمنى أن ينقضيَّ هذين الأٍسبوعين سريعا ! ..
لقد استغرق منا الطريقْ للوصول إلى المزرعة أكثر من ساعة خلالها شعرت بإرهاق شديد من كثرة الجلوسْ لذلك وفور نزوليْ من السيارة رفعت ذراعيَّ عاليا علَّنيْ أشعر ببعضِ الارتياح قليلا ، بدأت ألقي نظرة متفحصة لما حولي قد يبدو المكان غريبا بالنسبة ليْ فأنا لم آتيْ إلى هنا منذ سنتين على الأكثر إلا أن علاقتي بعمِّي جيدة جدًا ، إنه حنون ولطيف كثيرا ، على ما أذكر بأن هذا لمنزل متوسط الحجم يحتوي على الكثير من الغرف رغم أن شكله لا يوحي بذلك ، استجبت لحركة بسيطة من الجانب اليساري لمكان وقوفي لذا التفت سريعا ، لم يكن سوى عمي " ويلبرت " صاحب القبعة المصنوعة من القش والملابس الملطخة بالتراب ، صاح بانفعال وبترحيب : مرحبا بك شقيقي !
عمي " ويلبرت " يكبر والدي بسنتين على الأقل ، لذا لا يبدو الفارق بينها في المظهر كبيرا ، كلاهما هزيلان ومصفران وبلا قوة أبدا ، حسنا هذا هو حال من يعمل لوحده بعد أن انفصل لتوه ، تعانق الشقيقان لمدة من الزمن وكم بدى اشتياقهما لبعضهما واضحا فهما لم يريا بعضهما منذ خمس سنوات تقريبا ، إنها مدة طويلة .. فعلا طويلة ! ..
انتظرت في مكانيْ بهدوءْ لولا شعوريَّ الذيْ يجبرنيْ على ترك المكان ودخولِ المنزلْ بسرعة ، فلست قادرة على تحمل أشعة الشمسِ أكثر من هذا ، وأخيرا استدار عمي صوبي بعد أن صافح والدي بحرارة ، مدَّ ذراعيه نحويْ قاصد احتضانيْ لولا أنني تراجعتُ في آخر لحظة ، لستُ نزقة ولكن حتى لإلقاء التحيَّة آدابْ ، حاولتُ عدمَ إظهار تزمتيْ عندما قلتُ خلفَ بسمة مترددة : بالطبع سأقوم بتحيتكْ عندما تغتسلْ عمِّيْ ! ..
ملأت ضحكته العالية المكان ليعقب ذلك بقوله : لم أعتقد بأنكِ ستوافقين على الحضور إلى هنا " لوسيانا " اعتقدت بأنكِ تفضلين قضاء هذا الوقتِ برفقة والدتك !
ليتك تعلم ما حصل لي ، هززتُ كتفيَّ بلا مبالاة قبلَ أنْ أهتف : كنتُ لأفعل لولا إلحاح شقيقك عليْ !
استطعتُ سماعَ صوتِ والديْ الذيْ بدأَ يُنزلُ الحقائب من السيارة ، ليستْ كثيرة فلسنا ننويْ البقاء هنا طويلا ، كما أتمنى ، لوهلة فقط بدأت أشعر بالضوء يختفي من أمام ناظري ، ليس الضوء فقط بل وكل شيء ، هل أصبحت عمياء فجأة يا ترى ؟! بدأت أتتحسس تلك الأصابع الباردة على جفنيَّ ووجنتيْ وسرعان ما عرفتُ هوية من يقف خلفي ْ بسبب ضحكاته المتقطعة المشاغبة ، أبعدت كفيها عن وجهيْ والتفتُ سريعا نحوها إلا أنها باغتتني بعناق مفاجئ ، هذه الفتاة إنها تحبُ المفاجآت كثيرا ، ابتعدتْ عنيْ سريعا سامحةَّ لخصلاتِ شعرها القصيرة بالتراقصِ على جبينها وحول وجهها بحرية ، ظهرت ملامحها أكثر إشراقا من قبلْ عندما سألتنيْ بسعادة : هل ستمكثين هنا لأكثر من أسبوع ! ..
رفعتُ أحد حاجبيَّ بتصنع قبلَ أن أجيبْ : لا خيار آخر لديْ عزيزتيْ ! ..
صاحت بشيءٍ من السعادة لتعاود احتضاني بقوة أكبر من سابقتها وما جعلها تبتعد عنيْ هذه المرة هوَّ صوتُ والديْ الذيْ طالبها بتحيته هوَّ الآخر ، لم يمضِ من الوقت الكثير حتى طلبَ عمَّيْ " ويلبرت " من " إيرما " أخذي إلى غرفتيْ استلمت الأخيرة حقيبة ملابسي وطلبت مني أن أتبعها ، أتساءلُ فعلا إن كان هذا هو ذات المنزلُ الذي رأيته من قبل ! ، يقع المطبخ على يساريْ وبجانبه تقبع زهرية طويلة وبمسافة ليست بعيدة عنه تقع طاولة الطعام التيْ تسع لثلاثة عشر كرسيا فقط ويفصل ما بين الطاولة ومجموعة تلك الأرائك الأرجوانية المنتشرة فيْ المساحة المتبقية من الجزء السفليْ سُلَّمٌ يؤديْ إلى الطابقِ العلويْ ! ..




صعدت برفقة " إيرما " إلى الطابق العلويْ بينما لازلتُ أشعر بصدمة غريبة ، هل من المعقولِ بأن هذا المنزلْ هو ذاته الذي ترك انطباعا مقززا في مخيلتي ! ، أين تلك السجادات المهترئة التيْ كانت تملأ المكان ؟ ماذا عن طلاء الجدران المتصدِّعة ؟ النوافذ أذكر أنها كانت مكسورة ! ذلك فعلا مثيرٌ للدهشة والفرحة فيْ آن واحد ، فلست بحاجة إلى أخذ الحذر في تحركاتيْ دائما ! ..
الطابق العلوي يتضمن غرف النومْ فقد تجاوزت إلى الآن أربع غرف اثنتين عن يميني وأخريين عن يساري إلى أن توقفت " إيرما " أخيرا أمام إحدى الأبواب لتهتف قائلة بعد أنْ استدارت نحويْ : هذه ستكون غرفتك .. ومن ثمَّ أشارت على الباب بجانب غرفتي لتردف : وتلك غرفة عميْ " هارولد" !
فتحت الباب وسبقتني للدخول لأدلف خلفها ، إنها تبدو كغرفة عادية تحتويْ على سرير بجانب النافذة مربعة الشكل مفتوحة الستائر حيث تنبعث أشعة الشمس من خلال زجاجها ذو السماكة البسيطة لتقع على بعض الأثاث والذي يتضمن طاولة للزينة ومنضدة بالإضافة إلى مكتبِ صغير بدى وكأنه للقراءة ، تبسمت برضا ليست سيئة ، إنها أفضل من تلك التيْ اضطررت إلى تكوين علاقة طيبة مع العناكبِ على جدرانها ، خلعت حقيبتي لأرميها على السرير وكذا سترتيْ ذاتَ الأكمام الطويلة لأشعر بنسيمِ لطيف يداعبنيْ ولمْ أكد أستنشق نفسا عميقا حتى تهافت صوتُ " إيرما " بسعادة صادقة وعلى نحو غريب : هل تعرفين ما هو تاريخ اليومْ !
نظرت إليها باستغرابْ ومن ثمَّ أردفت بسخرية وأنا أرفع أحد حاجبي : الثالث من أغسطس !
بدى حماسها مثيرا للريبة إذ أن عينيها ما زالت تبرق بسعادة غريبة والبسمة التي على شفتيها لم تعجبني البتة ، أنا أعلم بأنها تخفي شيئا عني الآن ، يجب علي أن أكون صبورة أكثر ،عدت أتمنى بصوت يهمس : ليتنيْ كنتُ معكِ الآن أميْ ! ..
حاولت تناسي الأمر ولم أسألها أكثر من ذلك ، رميت جسديْ على السرير خلفي لأجلسَّ على طرفه بلامبالاة بدأت بخلع جوربيَّ منتظرة تفسيرا بسيطا منها ، على كلَّ هي لن تصمت طويلا فهي تحب الثرثرة قبل كل شيء ، صدق إحساسي عندما وضعت كفها على وسطها واستطردت بقليل من الانزعاج الواضح في نبرة صوتها الناعمة : ألست تعلمين ؟ والدي يقيم دائما حفلة للتنكر في مثل هذا اليومْ كلَّ سنَّة " لوسيانا " ! ..
__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

Sleeping Beauty | Ghasag
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-28-2016, 08:15 PM
 


تسمرت فيْ مكاني عدة لحظات وبقيَّ جوربي الأبيض عالقا بين أصابعيْ ، عمِّي " ويلبرت " و حفلة للتنكر ! ، هل يقيم هذا النوع من الحفلات ؟! ، هذا النوع المثير للسخرية ! ، النوع الذي كنت أهرب منه دائما في الإعداديَّة ، أتُراهُ والديْ أصرَّ على المجيء إلى هنا هذا اليوم فقط من أجل هذا السبب ؟! لقد تغافلني كيف له ألا يخبرني وهو الذي يعلم تمام العلم بأنني أكرهُ هذا النوع من الحفلات إن لم تكن المناسبات جميعها ، ذلك مضجرٌ حقا ! ..
لم تدم تساؤلاتي طويلا إذ أن " إيرما " جذبتني من ذراعي بسرعة وسحبتني معها إلى الخارج ، نزلت برفقتها درجات السلم التيْ تعثرت بأكثرها بسبب نزولها السريع ممَ جعلني أسارع فيْ إفلات ذراعي من بين قبضتها ، رأيتها تخرج عبر باب المنزل بسرعة لذا لم أجد بدا سوى اللحاق بها وفهم كل شيء يمكنني استيعابه ، خرجت من المنزلْ لأرى مجموعة من الأشخاصْ يُنزلون طاولات مستديرة للتقديم من شاحنة كبيرة كانت قد وصلت للتو وعميْ يقومْ بإرشادهم لوضعها فيْ أماكن متفرقة أمام واجهة المنزلْ ، العمل على قدم وساق كما يبدو فلا مكان لشخصٍ متخاذل هنا .. غيري ..
من جهة أخرى رأيت والديْ الذيْ نفض عنه مشقة الطريق و تسلق أعلى سلِّم حديدي يقومُ بتعليق ذلك العقد من اللآلئ على مجموعة من الأشجار القريبة التي أحاطت بالمنزل من كل الجهات لهذا هو يبدو مميزا و مخيفا بعض الشيء ، لم أستطع أن أمنع انزعاجي من الظهور ، كيف له ألا يخبرني بهذا الأمر ، وقفت أسفل السلمُ الذي اعتلاه فرفعت بصري نحوه ورأيته منهمكا في عمله يحاول فك تلك التعقيدات البسيطة في ذلك العقد ويبدو وبأنه لم يلحظ وجودي أفزعته بسؤالي و صحت به : كنت تعلمُ بذلك صحيح ؟! لماذا لم تخبرني ..
لاحظني أخيرا ولكن لم تبدو على وجهه أية ملامح معتذرة أو مرتبكة على الأقل تلك التي تمنيت رؤيتها ولكنه عوضا عن ذلك رفع كفه ليمسح قطرات العرق من على جبينه بكم قميصه القماشي و تمتم بلا مبالاة : لأنني لو فعلتْ لما وافقت على المجيءْ برفقتي ، صحيح ؟!
ضربت بقدمي الأرض معارضَّة ولمْ أقم بتغيير موقفيْ رغم نظراته البريئة نحويْ ، تمتمت معاتبة خشية أن يسمعني أحد : لقد قمتَ باستغفالي والدي ، أنت تعلمُ بأننيْ أكره الحفلات !..
- هيا كفاكِ تذمرا !
سمعت صوت " إيرما " الذيْ بدأ يقتربُ نحويْ أدرت رأسي يسارا و لم أكن قادرة على رؤية شيء لأنها أفرغت كومة الأقمشة التيْ كانت تحملها لتضعها بين ذراعيْ ، لم أستطع الحفاظ على توازني لوهلة لشدة مفاجأتي ممَ جعلني أستند على طرف الطاولة المركونة خلفي ، هذبت تلك الأقمشة المتكومة في حجري بضيق ونظرت إليها بانزعاج ، أردفت بينما توليني ظهرها مستكملة بقية الأعمال : لا تكوني لحوحة ، ساعدينا بتوزيع هذه الأقمشة على الطاولات .. أتبعت قصد إثارة غيظي : من فضلك ..
سوف تموت على يدي اليوم ، لقد أقسمت على ذلك ولا أحد يستطيع أن ينقذها من بين يدي ، تنفست بعمق وحاولت تقبل الأمر رغم غيظي بدأ يزداد ، ضغطت على شفتي وباشرت بالعمل في تجهيز الطاولات كما أمرتني الأميرة الصغيرة لتوها ! ..
الجميع بلا استثناء منهمكٌ فيْ العمل .. منهم من باشر بجزِّ الأعشابِ ومنهمْ من ساعد فيْ تنظيف المكان بالإضافة إلى مساعدتيْ في فرشِّ هذه الأقمشة على الطاولات الثمانية عشرة المنتشرة في ساحة هذا المنزل ، حالما انخرطت في العمل معهم حتى بدأ ضجري يتلاشى شيئا فشيئا إلى حدِ أنني استطعتُ الضحك من كل قلبي على ملاحظات عمي " ويلبرت " ،لقد كان وقتا جيدًا ، فالعمل مع الجميع شيءٌ ممتع ويبعث على السرور فعلا !!..
نظرت إلى ساعة معصمي ووجدتها تشير إلى الخامسة وعشرون دقيقة بقي ساعتين على بدء الاحتفال ، منَّيْتُ نفسيْ بأني خلالها لربما أستطيع أن أنعم بحمام منعش وفي الدقائق المتبقية قد أغط بنوم عميق فلا أظن بأن الألم الذي يحطم عظام ظهري قد شعرت به سابقا ، التقطت منديلا من جيبِي وبدأت بتجفيف عنقي ، أحاول جذب كميات كبيرة من الهواء علها تبعد الإرهاق الذيْ سكن جسدي ، توجهت ناحية المنزل لولا رؤيتي لوالدي الجالس بالقرب من المدخل يرتشف القليل من الماء دعاني للجلوس بجانبه عندما ربت على الأرضية المتربة بباطن كفه المتسخ ..
امتثلتُ لأمره فجلست بالقرب منه ، باشر بإغلاق قنينة الماء التي احتفظت بالقليل منه ممَ جعلني ألتقطها من بين أصابعه وأبدأ بشرب ما تبقى منها دفعة واحدة في محاولة فاشلة مني لأُبعد الجفاف الذي استكن حلقيْ إلا أنه لم يكن باردا فعليا ، لاحظت ابتسامته التي ظهرت على شفتيه ونظراته التي بدأت تحومُ فيْ وجهي كعادته دائما حينما يحاول البحث عن طريقة ليبرر بها سوء تصرفاته ، تجنَّبت النظر إليه لدقائقْ فهو سيتحدثُ معتذرا وبطريقة روتينية قائلا وباعتذار :أعتذر حبيبتي ، أعلمُ بأنك كنتِ تملكين مخططاتِ كثيرة لقضاء هذه الإجازة مع والدتك في العاصمة وليس برفقتي هنا في المزرعة ..
لم أعقب على ما قال فهو صحيح ولست أملك القوة الكافية لأعترض عليه حتى ولو كان على سبيل المجاملة ، سمعته حينما أطلق زفيرا هادئا ثمَّ أسند ظهره على جدار المنزل خلفه متأملا السُّحب عاليا ، بقينا صامتين لدقائقْ بسيطة إلى أن قرر هو بدءَ حوار جديد لأسمعه يهتفُ بهدوءْ : ظننتُ بأنكِ بذلت الكثير من الجهد مؤخرا في الدراسة ففكرتُ بالترويح عنكِ قليلا .. أضاف مبتسما : أذكر حينما كنتُ في سنِّك كنت أجهد نفسيْ بالدراسة وأصبت بالملل ثم اضطررت لتركها !
كلامه السابق أثار استغرابيْ لوهلة ، أدرت له عنقيْ سريعا وسألتُ بقليل من التفاجؤ : ألم تكمل تعليمك أبي !
نظر إليَّ حينها بعد أن زفر نفسا خافتا ، ازدادت ابتسامته اتساعا بينما أجابَ استغرابيْ بقوله : والدكِ موظف بشهادة ثانوية !..
تبسمت من طريقة نطقه لجملته السابقة فأذكر إلحاحه الشديد على مديره في العمل و من ثمَّ كدَّه فيه حتى أنني وقتها سألتُ أميْ إن كان على ما يرام فلم يسبق لي رؤيتي له متشبثا في شيءٍ إلى هذه الدرجة ، أحسستُ بأصابعه التي تخللت خصلات شعري الكثيفة ليبعثرها بفوضوية قبل أن يردف باسما وهو ينظر إلي مباشرة : لستُ أخبركِ بذلك لتسلكيْ طريقي ، لن أسمح لكِ أبدا بترك دراستكِ خاصة بعد أن وصلتِ إلى هذه المرحلة ، اجعلينيْ أفخر بكِ " لوسيانا " ! ..
أمأتُ بنعم مجيبة على جملته ، فأنا طبعا لا أفكر بترك دراستيْ رغمَ الصعوبة التيْ تواجهنيْ فيها دائما ، صحيحٌ بأننيْ لم أقل ذلك بصوتِّ عالْ إلا أنَّ أمنيتيْ هوَّ أن أًصبحَ محاميَّة كالعملِ الذي تمارسه والدتيْ الآن ، منذ صغريْ وأنا أطمح لأكونَ مثلها ، امرأةٌ مستقلة تراقبُ كلماتها وتفكرٌ قبلَ أن تقدمِ على أيِّة خطوة ، لستُ أدريْ إن كنتُ فعلا سأكونُ مثلها فأنا لست صبورة على الإطلاقْ ، على كلِّ أنا سعيدة لأن والديْ فكر بتلك الطريقة ! ..



لقد مضت الساعتين السابقتين بسرعة البرقْ فبالكاد استطعتُ أخذ حمام منعشْ واختيار الزيِّ المناسبْ للظهور به في هذه الحفلة المزعومة ، لقد اقترحت عليَّ " إيرما " أكثر من زيِّ واحد كالجنيَّاتِ والأميرات وعندما شعرتْ باليأسِ منيْ اقترحتْ عليَّ زيَّ مصاصيْ الدماءْ ولكنني قمتُ بتوفير الباقيْ من الوقت عندما اكتفيتُ بقناع بسيطْ لم يكن ليغطيْ وجهيْ بالكامل فقط الأجزاء المحيطة بعيني مصحوبا ببعضِ الريشِ من الجانبْ إضافةً إلى رداءْ أسودٌ اللون على فستان أسودِ قصير وبسيط ..
في الحقيقة لم ألقى الرضا الذيْ كنت أتوقعه من " إيرما " فقد أرادتني أن أبدو أكثر بهرجة كما هو زي الجنية خاصتها ، تجاهلتها فعلا فكيفَ ليْ أن أرتديْ ألوانا فاقعة مثيرة للاشمئزاز ، أكره ذلكْ وقد بدأت أكره هذه الأجواءَ قليلا ، لا أحبُ المناسباتِ التيْ يحضر إليها الكثير من الأشخاصْ ، أتساءل فعلا لو كانَ هذا حاليْ فيْ حفلة لشرب الشايْ !
حالما دقت الساعة الثامنة وعشر دقائق بدأ الحضور بالتوافد إلى منزلِ عميْ وقد فوجئت من كثرتهم فلم أكن أعتقد بأن أحدهمْ قد يهتم لمثل هذه الحفلات ، بعضهمْ اكتفى ببعض الرسومات على وجهه أما عن البعضِ الآخر فقد غُطِّيَّت وجوههم بتلك الأقنعة الشهيرة والمتعارف عليها على سبيل المثال الأمواتُ الأحيَّاء ، جماجم وغيرها أما عن الفتيات فتجد بأن أغلبهنَّ اتخذنَّ جانب الأميراتِ وأشك بأنهنَّ يتمنينَّ لو كنَّ كذلك ، رسمت ابتسامة هادئة على شفتيْ حالما رأيت تلك الأنيابَ الواضحة التيْ قام والدي بارتدائها وكذا استعراضه أمام الجميع بأنه دراكولا ، لن أكونَ متعجرفة لو قلتُ بأنه نجمُ الحفلة لهذا اليومْ !
التقطت كأسًا من عصير الليمون من على تلك الصينية التيْ يحملها نادلٌ متجول كان قد مرَّ إلى جنبي على حين غرَّة ارتشفت القليل منه واستمتعت بتأمل الجوِّ هنا ، عقدُ اللؤلؤ المضيءْ يضفيْ شيئا من الروعة خاصة حينما أشرق القمر بدرا في تلك الليلة إضافة إلى كثرة النجومِ المنتشرة في السماء وما زاد الجوُّ بهجة وسرورا هو أصوات ضحكات الجميع التي ملأت المكانْ وأحاديثهم المملة المزعجة
صوتٌ أنثويٌ قطع علي اندماجيَّ فجأة لأستدير للخلفِ بسرعة صوب من تلوح بعصاها بسعادة واضحة ، عادت لتسألنيْ بسرور : إذا ، هل أنتِ سعيدة ؟!
الإجابة واضحة فعلا " إيرما " ، هززت كتفيَّ وأمأتُ بنعمْ ، لن أكذب أنا أستمتع فعلا رغم كونيْ وحيدة وانشغال والديْ عني ، وافقتنيْ الرأيَّ بقولها : أنا أيضا ، رغمَّ أنهم ذاتُ الأشخاصِ الذين يأتونَ كل عامْ .. أضافت كما لو أنها تذكرت شيئا : اتبعيني أرغبُ بتعريفكِ على بعضِ الأشخاصْ ! ..
استجبت لطلبها و تبعتها بخطواتيْ المتباعدة متجولين بين أولئك الأشخاصِ المثيرين للشغبِ هذه الليلة إلى أن توقفت قدميها عن التقدم أكثر ، تقف أمام ثلاثة من الأشخاص استطعتُ التمييز بأنهم فتاة وشابين رغم تنكرهم الغريب ، هيَّ تنكرت بزيِّ يطغى عليه اللون الأخضر أقرب إلى ما يكون للضفدع إلا أن ملامح وجهها واضحة قليلا أما عن الشابين الأخريين فقد اختار أحدهما التنكر على طريقة العجوز سانتا ولكم بدى شكله مضحكا خاصة وبأن سترته الحمراء بدت فضفاضة قليلا إضافة إلى أنه يقومُ بتعديل لحيته البيضاء الطويلة خشية أن تقع ، الآخر اختار وجها دمويا بعضَ الشيءْ يحتوي على بعضِ النتوءات في الجبينْ ورثِّ الملابسْ ..
التقطت " إيرما " القليل من الأنفاس قبل أن تشير إليهم معرَّفة : أعرفكِ عزيزتي هذه " رايتشل " و سانتا هو " جوليان " والأخير هوَّ " إيرل " ..
الانطباع الأوليْ إنهمْ أكثر من لطفاءْ ، لم أشعر بالحماسِ كثيرا فقد يخيبُ ظنيْ بهم لاحقا ، أقولُ ذلك لأن الكثير من الأشخاصْ جعلونيْ أِشعر بالخيبة ، وعندما أقول الكثير .. أعني الكثير ، على أية حال منحتهم ابتسامة مجاملة حالما بدأ أولئك الاثنين بالانهيال عليَّ بتلك الأسئلة التي لا طائل لها فعلى ما يبدو بأنهم يرغبون بإرضاء فضولهما لا أكثر بينما اكتفيتُ بالرد ببعضِ الإجابات المقتضبة التيْ ستجعلهم يمتنعون عن طرح مثل هذه الأسئلة فيما بعد ، بصدق لقد تعلمت هذه الطريقة من والدتي فهي أخبرتني دائما بضرورة الرد بكلمتين فقط إذا لم ترغب في الخوض في الحديث أكثر ، أنا شاكرةٌ لكِ أميْ ..
يبدو وبأن سانتا المزعجْ لن يكفَّ عن طرح الأسئلة المضجرة أبدا إذ أنه عاد يسأل بفضول : إذا في أيِّ مرحلة دراسية أنتِ ؟!
أجبتْ مجاملة : لقد تخرجتٌ من الثانوية لتوِّيْ !
لستُ أدريْ أيُّ من الملامح قد ارتسمتْ على وجهه إلا أنَّ صوته كان متحمسا فعلا ، إذ أنه علَّق على ذلك سريعا : آوه ، هذا رائع قد تكونين أكبر منا بعام إذا !
اكتفيت بالصمت بعد أن ضغطت على شفتيَّ مبتسمة ، إلا أنَّه فاجأنيْ بسؤال آخر سريع : كم هو عمركِ إذا !
لم يكد يكمل سؤاله حتى تلقى ضربة موجعة من " إيرما " التي أبعدت عصاها السحرية عن رأسه ومن ثمَّ نهرته في انزعاج ظريف : كيف لك أن تسأل فتاة عن عمرها .. أضافت بهمس : متى ستتعلم أصول اللباقة !
ما فعلته كان كفيلا لجعلنا نضحك نحن الثلاثة نرقبُهما وهما يرشقان بعضهما بكلمات بسيطة إلا أنها طريفة ولا تندرج تحت مسمى شجار بالاسم الفعلي ، اتضح فيم بعد بأنهما يدرسان في ذات المدرسة وبذات الصفِّ أيضَّا ! ..
__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

Sleeping Beauty | Ghasag
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-28-2016, 08:20 PM
 

ما فعلته كان كفيلا لجعلنا نضحك نحن الثلاثة نرقبُهما وهما يرشقان بعضهما بكلمات بسيطة إلا أنها طريفة ولا تندرج تحت مسمى شجار بالاسم الفعلي ، اتضح فيم بعد بأنهما يدرسان في ذات المدرسة وبذات الصفِّ أيضَّا ! ..
لا أستطيعُ القولُ بأننيْ سأكونُ بمثل هذه السعادة لو قضيت هذا اليومْ برفقة والدتيْ فالشعور الذي أحِسُ به الآن مختلفْ ولا أحد يقدر على قول خلاف ذلك ، كما أننيْ لا أعتقد بأنيْ انخرطت بسرعة في الحديثٍ مع أشخاص كنت تعرفت عليهم لتويْ مثل الآن ، حسنا إن ذلك مشجِّعٌ قليلا ، قضينا القليل من الوقتِ في الحديثْ والتعرفِ على بعضنا إلى أنْ سمعتُ صوتا ألفته أذنايَّ بسرعة ، ذلك الصوت كان كفيلا ليقطع كل تلك الضوضاء ويصل إلى مسامعنا ، لمْ يكن سوى عمي " ويلبرت " الذي صفق بيديه وهتفَ بأعلى صوته قائلا : أعيروني انتباهكم من فضلكم !
لم تكن سوى جملة صاحبِ العين لواحدة والرأسّ المعصوبْ كلماتُ عمي " ويلبرت " التي جعلت الجميع يسكتُ فجأة وكأنه ألقى عليهم تلك التعويذة السحرية التي جعلت الحضور بلا استثناء يُصابون بالخرس ، استغربت كونّ الجميع التزم الصمت فور حديثه ، وكأنهمْ ينتظرون فقط سماع صوته لتكف أفواههم المزعجة عن الحديثْ ، لم أستطع أن أخفيَّ اندهاشي من هذا ، إن ذلك لغريبٌ تماما ، انتفضت من مكانيْ عندما تسلل صوتُ " إيرل " البسيط إلى أذنيْ هامسا ومبررا في الوقت ذاته : إنَّ العمِّ " ويلبرت " رغمَّ أنه مجردُ مزارع بسيط إلا أن اسمه كافٍ فقط لجعل الجميع يظهرون الاحترام ..
طرفت بعيني قبل أن أنقلها نحوه أدار رأسه ناحيتي لأرقبَّ عينيه الداكنتين المزرقتين اللتين تظهران من خلف قناع بشع المظهر لا أتحمل النظر إليه ، رفعت أحد حاجبيَّ في استغرابْ لأرتد ببصري ناحية وقوف عميْ الذيْ تنحنح بمبادرة منه لتعديل صوته ومن ثمَّ عاد يهتف بأعلى صوته مرة أخرى : الجميع شاكر لحضوركم ، كنتم ولا زلتم الأوفى والأكرمْ في حضوركم لمثلِ هذا الحفل الخيري الذي أقيمه كل عامْ ، الكثير من الناس يشعرون بحال أفضل بسبب ما تتبرعون وتقدمونه إليهم من مساعدة على الدوام ، لا أستطيع أن أصف لكم شعورهم وامتنانهم الكبير إليكم .. أضاف بعد أن أدار ظهره صوب من يقف بجانبه : اسمحوا لي بانتهاز هذه الفرصة لتعريفكم بشقيقي الأصغر " هارولد " لقد جاء هذا ليوم ليكون واحدا منا وهو من الداعمين لنا أيضا ، رحبوا به يا سادَّة ! ..
و فور نطقه آخر كلمة حتى تعالى صوتُ التصفيق يملأ المكان ، أشعر بالفخر ، عمِّيْ " ويلبرت " يحتل مكانة عظيمة في قلوب هؤلاء الناسْ رغم بساطته وحياته الغير مكلفة ، لم أعتقد بأنه سيكون بمثل هذه السمعة وهو قد اختار الانعزال بعيدا عن الناسْ في عيشه بمثل هذه المزرعة ، أستطيع أن أرى الاختلاف الواضح بين والدي وعميْ ، على الرغم من أن والدي ذو سمعة جيدة أيضا إلا أنه يفضل عدم الاحتكاك في الآخرين كثيرا ، أتساءل لو كنت ورثت هذه الصفة منه أيضا ، تنبهت على شيءِّ لتويْ إذ أننيْ عدتْ نظر صوبَ " إيرل " مرة أخرى وسألته بقليل من الاستغراب : هذا حفلٌ خيري ! ، ما معنى هذا ؟ ..
أجاب بتلقائية : كل من يأتي إلى هذا الحفل يجوز له بالتبرع بأيِّ شيءِ يملكه حتى وإن كان غرضا شريطة أن يكون نظيفا ولم يستخدم بكثرة وبدوره العم " ويلبرت " يقوم بنقله إلى بعض الملاجئ أو الدير ..
عقدت ساعديْ بعد أنْ أظهرت الموافقة على ملامحيْ ، لقد وجد طريقة مثلى لمساعدة أولئك المساكين ، عاد " إيرل " يخبرني ْ بضرورة التقدم إلى الأمام كما فعل الآخرون أيضا ، هل هو وقت تناول طعامِ العشاء يا ترى ؟ ، كنتُ على وشكِ اللحاق به لولا سماعيْ لصوتِ آلفته أّذنيْ سريعا ممَ جعلني أقبضُ على أصابعي بقوة ، رفعت بصري نحوه بتردد ومن ثمَّ هتفت بانفعال هادئْ : سألاقيكم فيما بعد ، يمكنكَ أنْ تسبقني !..




لم تخفى علي نظرة الاستغراب التي قفزت في عينيه إلا أنه أماء بأجل ومن ثمَّ استدار ذاهبا ليتبع بـ " إيرما " والبقية ، أطلقت زفرة منزعجة لأنزل بصري إلى الأسفل أرى المصيبة التيْ حلَّت على رأسي ، لقد كُسر كعب حذائيْ وأكاد أجزم بأنه ليس الوقتَ المناسبْ على الإطلاقْ ، لماذا الآن يا ترى ؟ لو قمت بخلع الفردة المكسورة فمظهريْ سيبدو مضحكا لو مشيت بواحدة لذا سأضطر لخلع الأخرى أيضا ، خلعتهما بضجر بينما أوشك على الصراخ بصوتِ عال ، اتسخ أسفل جوربيْ الأبيضين بالترابْ في حين حملت الحذائين ثم استدرت للخلف متوجهة إلى أبعد بقعة لا تكون فيها أجواء الاحتفالات الصاخبة هذه ، استندت على جذع الشجرة خلفيْ بعدها رفعت بصري عاليا متأملة دُكنة السماء التيْ كوَّنت لوحة رائعة باحتوائها على ذاك البدر خلَّاب المنظر ، فكرتُ بأنَّ الحذاء قد اختار الوقت السيءْ ليمرضْ ولكن لا ضير في بعضِّ من الراحة على ما أعتقد ، لقد بذلت مجهودا كبيرا اليومْ ورأسيْ بدأ يؤلمنيْ قليلا ! ..
فكرتُ بأنَّ والدتيْ قد تكونُ تعمل في المكتبِ الآن فهيَّ لا تعود إلا في منتصف الليل وأكاد أجزمُ بأن هذا هو السبب الرئيسي في انفصالها عن والديْ الذيْ يقبضُ أجرا أقلَّ بقليل من الأجر الذي تقبضه هيَّ ، كنتُ دائما أستمع إلى مشاحنتهما في الليل إلا أننيْ لمْ أكن أخرج من غرفتيْ وأظل ملتصقة بسريري بينما أتمنى أن يصمتا لأنامْ ، لقد كانا يمثلانِ بإتقان في صباح اليومِ التاليْ خشية أن ألاحظَ شيئا ، على كلِّ ملامحهما وتصرفاتهما المنقبضة كانت تفضحُ كلَّ شيءْ ! ..
لم أستطع تذكر كلَّ شيءْ بسبب لسعات البرد القاسية تلك التي بدأت تقرصً قدمَّي فركتُ ساقيَّ ببعضهما طالبة بعض الدفءْ في حين زفرت بانزعاج ، لو أننيْ لم أقم بارتداءِّ هذا الكعبْ العاليْ ، إننيْ لا أحبذه ولكن لست أدريْ لمَ أًصرَرتُ على انتعاله ، يا إلهيْ !
شعرتُ برغبة ملحَّة أجبرتني على السعال بقوَّة لدرجة أنني شعرت بأن الهواء الذي استنشقته كان ملوثًا وللغاية رفعت بصري أبحث عن مصدر هذه الرائحة لأنظر ناحية من يجلسُ أسفلَ شجرة بلامبالاة ويستمتع في مداعبة تلك السيجارة البسيطة بين أصابعه ، لم أكن أقدر على تمييز ملامحه فهو يجلسُ بمسافة تبعد ثلاث شجراتِ عن مكان وقوفيْ يرخي قدمه اليسرى على الأرض بينما ينصبُ الأخرى ويسند عليها ذراعه وقد بدى لي منسجما في دندنة لحنِ غريبْ ، أستغربُ كيف لم يختر زيًا للظهور به إلا إن كان يعتقد بأن ارتداء ملابس رسمية ستجعله يبدو كما لو أنه من ذوي الشخصيات المرموقة ، لاحظت حركة بسيطة صدرت من رأسه ولم تكن سوى التفاتته المباغتة لي ! ..
أشحت ببصري سريعا حالما قرأت ملامح وجهه التي بدت وكأنها تخبرني بأني مجرد مزعجة أحمد الله بأني أرتدي القناع وإلا فإنه سيلاحظ الفزع على وجهيْ ، ضغطت على فردتيْ الحذاء أكثر حينما شعرت بلسعاتِ البرد تعودُ لتقرصني بطريقة أشعرتني بأننا في فصل الشتاء إلا أنه على النقيضِ تماما ، الليالي هنا باردة كما يبدو ، عدت لابتلاع ريقي وعزمت هذه المرة على العودة إلا أن رنين هاتفٍ استوقفني وجعلني أُدير رأسيْ بتطفل إلى الجهة أخرى ، حيث أطفا ذلك الشابُ سيجارته ليرميها بعيدا بعدها اعتدل واقفا بعد أن دسَّ كفه ليلتقط هاتفه من جيب معطفه ، انسل من طرف جيبِ معطفه الرماديْ شيءٌ بدى مستدقِ الحافة أسودًا ممَ جعلني أعقد حاجبيَّ في ريبة فلم يسبق لي أن رأيتُ جسما كهذا ، أخرج هاتفه الذكي من جيبه وأجابَ بنبرة باردة بعد أن مرر اصبعه على الشاشة : لم أره بعد !
لأول مرة أشعر بأني فضولية إلى درجة تجعلني لم أتحرك من مكاني وأبقى أُنصت إلى كلماته المريبة وأحدق إلى ذلك الشيءِّ المختبئ في جيبِه والذي بدى وعلى ما يبدو في انتظار حركة واحدة ليقع على الأرضِ ، عاد ذلك الشابِ للحديثِ مرة أخرى إلا أن نبرته بدت أكثر انزعاجا هذه المرة إذ أنه حاول كتم انزعاجه من المتصل حين قال : قلتِ بأنه سيكون متفرغا ولكنني أرى حفلا هنا ، لو كنتُ أعلم لما قطعت كل هذه المسافة هل تعلمين كم سأستغرقُ من الوقت لأعود إلى العاصمة بينما ينتظرني عملٌ مهم في الغد ، من فضلك كوني أشد حرصا فيمَ بعد !
كنتُ قد التفتُ إلى الجهة الأخر أنظر إلى " إيرما " والبقيَّة حيث يقفون بمسافة قريبة قرب مجموعة من الأشخاصْ يتحدثون باستمتاع ولكم غبطت تلكما الفتاتين لأنهما لم تقعا في مثل هذا الموقف مثلي ،ضغطت على شفتيْ بضجر ثمَّ عدت ببصريْ للجهة المقابلة حيثُ يقفُ ذلك الشابْ إلا أن ما استرعى انتباهيْ ذلك الشيءُ الذي بدى يلمعُ عاودت النظر نحو جيبه وقد بدى فارغا ، يبدو وبأن ذلك الشيءْ سقط من جيبه أخيرا ليركن بجانبِ قدميه ، عقدت حاجبيَّ بريبة فيمَ أحاول النظر بدقَّة إليه ، يا إلهيْ ، ظنِّيْ كان في محله عندما اعتقدت بأنه تلك الآلة المرعبة ، مسدسْ ! ..
تيقنت أخيرًا بأنه هوَّ حالما انحنى ذلك الشابْ ليلتقطه بأصابعه ويعود لوضعه داخل جيبه بتلقائيَّة إلا أنَّ زبرجديتاه بقيت تحملق فيَّ بشكل مثيرٍ للأعصابِ .. مخيف ومقلق .. جعلتني عيناه اللتين أخضعتني في لحظة لا أجرؤ على الإتيان بأيَّة حركة .. أنظر إلى كفه التي لا تزال تمسك بذلك الشيءِ المخيفِ والذي خبأه أسفل قطعة من القماشِ لا أكثر ، كيفَ لشخصٍ بعقل سليم أن يأتيْ الحفل بمسدس إلا إن كان ينوي فعل شيءٍ به ، وهو لا يستخدمْ إلا لغرضٍ واحدْ فقط !
إنَّ قلبيْ ينبضُ بقوَّة الآن ، على ماذا ينويْ هذا الشابُ المخيفُ الآن ، لوهلة فقط راحتْ عبارته السابقة تدور في مخيلتيْ ذلك الوقت عندما قال [ لم أره بعد ، قلتِ بأنه سيكون متفرغا ولكننيْ أرى حفلا هنا ] ، خمَّنت بأنَّ المقصود بالعبارة السابقة هوَّ عمِّيْ " ويلبرت " وقد تمنيت أنْ يكونَ تخمينيْ في غير محلِّه ، مالذيْ قد يجمع عمِّيْ بمثل هذا الشابِ المخيفْ ، ولماذا قد يحملُ هذا الشابُ مسدسا ، إنه ليس من المدعوين كما اتضح ليْ فأنا لم أره في الحفلة عوضا من أنه يجلسُ في مسافة بعيدة عن أجواءِ الضوضاء هناك ، رفعتُ بصريْ بتوجسِّ نحوهْ في حين ابتلعتُ ريقي بصعوبة عندما رأيته قد استدار نحويْ بالكاملْ و زبرجديتيه الخانقتين تمنعنيْ عن الحركة ، ولا أيَّة حركة ! ..


تمَّ البارت الأول
__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

Sleeping Beauty | Ghasag
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-29-2016, 02:53 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-color:sandybrown;"][cell="filter:;"][align=center]
[/align]
[align=center]

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
كيف حالك أختي المبدعة ؟ إن شاء الله تمام


[ الأمل الأخير : المصير ]
بحجم الغموض الذي يلف عنوانك و روايتك ، بحجم الروعة التي تتدفق كالسيول الجارفة منها. أحس بانك ستتلقين الكثير من الثناء و الجوائز من أجلها

أسلوبك شيق ، مثير ، و سلس تجيدين تركيب الصورة الكاملة و تهتمين حتى بوصف التفاصيل الصغيرة .
أحببت كثيرا أسلوبك ، و الله يا أختي إنك مبدعة
و من كثر روعة البارت وددت لو كان أطول .. لكن كنت موفقة حتى النهاية حين توقفت عند نقطة شيقة تجعل القارىء ينتظر بلهفة القادم


نعود للشخصيات الآن
لوسيانا : أعتقد أنها المثال الذي يصور شخصية مزاجية و مستهترة على ما أعتقد ، و منطوية مع أنها تستطيع ان تكون إجتماعية
ببساطة ، أحببتها كثيرا و تخيلتها بشعر أشقر طويل خخخ
إسمها غريب و لكن بشكل جميل

العم ويلبرت : أحببت بساطته ، عدم تكلفه و بالطبع حنانه و بشاشته ، لكني استغربت كثيرا وجود أعداء يحاولون إسقاطه .. ربما لكونه محبوبا من الجميع أو ربما من أجل شيء آخر ؟؟

إريما : خفيفة الظل ، ظريفة ، وثرثارة مثل ما قالت لوسيانا هههه
هذي البنت مثلي تماما

و أخيرا الوالد المحبوب
حسيت بتوتر في العلاقة بين الوالد و الإبنة ، ما أعرف بس تخيلت أن لوسيانا ربما تفضل أمها عليه لهذا ذكرت حبها لقضاء العطلة مع والدتها
ممكن نعم ممكن لا
على كل كل الشخصيات أعجبتني خاصة الثلاثي المتنكر اللي ظهر ، ضحكت كثيرا على جوليان المتنكر بشخصية سانتا أعتقد أنو هو و إريما راح يكونو كوبل رائع و جدا مضحك

إلى هنا
أنتهي من التعقيب ، أتمنى لك التوفيق في كتابتها
أسلوبك وحبكة رويتك فاقت توقعاتي بالكامل
لهذا أعلم أنك لن تخيبي ظني للأخير
دمت في حفظ الرحمان
سلام



[/align][/cell][/tabletext][/align]


التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 02-29-2016 الساعة 08:44 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أنصت لترانيم الأمل و انسجم مع صيحات الألم ترانيم الأمل | Corsica مدونات الأعضاء 48 12-04-2015 12:04 PM
سيبقى الأمل .. لننسى الألم رنا حسن نثر و خواطر .. عذب الكلام ... 0 06-14-2012 05:16 PM
قبل أن تيأس ..الأمل الأخير حمزه عمر نور الإسلام - 1 12-02-2007 10:52 PM


الساعة الآن 03:08 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011