عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree632Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 9 تصويتات, المعدل 4.56. انواع عرض الموضوع
  #191  
قديم 07-23-2016, 05:39 PM
 
🌸 السلام عليكم
هاااااااااااااي كيفك حبيبتي
ان شاء الله بخير سأقول و أردد
و أقول ان القصة او الرواية
رائـــــٓــــــعة جداااا
و أما عن البارت فهو خيــــــــالي
و مليئة بالمفاجئات و الصواعق هههه مثلما قلتِ
لكن لم افهم شئ واحد و هو ان كوبرا
او بالأحرى لونا هي التي قالت جملة "
"هندسون ، ريستارك ، بيفورت ، لابوف ، روبارج .. أيها
الأوغاد الأغبياء لقد حانت ساعتكم"
يعني ليس شادو من قالها او
ان لونا هي شادو ههههههه ربما
أعيد و أقول ان البارت جميل و مشوق
و انا انظر البارت القادم على احر من الجمر
Mygrace likes this.
رد مع اقتباس
  #192  
قديم 07-23-2016, 10:12 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ❞chʚcʚℓa❝❥ مشاهدة المشاركة

صدمة ! صدمة ! صدمة !
لك مرضت اربع ايام تشابهت علي ، الخميس ظنيته الأربعاء و الأربعاء الثلاثاء
لك لما استيقظت يوم الجمعة ناوية اكتب رد .. ظنيته الخميس
بس لما لقيت الوالدين في البيت عرفت اني لساتني بعالم مختلف
نطيت مثل الكنغر و نسيت الألم متع الحلق خ
بظن حليب المرة السابقة اللي شربته و انا عمفكر بالرد كان بارد اكثر من اللزوم
لا تلومي حالك انا هي المستهترة !


ألف الحمد لله على سلامتك عزيزتي ❤ شكرا لأنك لم تنسي الرواية حتى في فترة مرضك ❤ أقدر لك ذلك كثيييرا ❤
أووه ههههههه أما أنا فلولا أني أنشر فصولا في موعد شبه منتظم و أتابع بعض المانغا الأسبوعية لما كنت لأميز بين الاثنين و الجمعة :3
الحمد على سلامتك و إن شاء الله دوم الصحة و العافية ❤ و لا تشربي الحليب البارد مجددا 😁

سحقا ، ما دخلت مثل الناس .. دخول مبتكر ما
ههههه بس هي هي الحقيقة و الله


ههههههههه فعلا كان دخولا مميزا 😁

بظن انو بالرد السابق حدثتلك عقدة من القلب الأسود لك كان قلبي حاقد
هداك اليوم ، لانو التيار ينقطع !
كل ردودي بهداك اليوم كانت بهالقلب الأسود .. كانت عندهم هالة مرعبة مع الكتابة السوداء
و اليوم هو احمر لانه رح ينفجر من الحماس <<كفففففف


اه هكذا إذن الآن عرفت السبب ! إذن فقد كانت الكهرباء هي الجانية في تلك القضية ! أحمد الله كثيراً أني في أسكن في بلد جيد الخدمات ≧∇≦
هههههههههه رائع أنه استعاد لونه أخيرا 😁

لك اول شيء انا سعيدة حب3 لاني اول ثالث مرة بلاحظ شيء بيطلع مفيد باقصد أليغرا
لا تضحكي بس روايتك افقدتني ثقتي بحدسي


هههههههه لا أظن أنها كانت المرة الأولى أذكر أنك لاحظت العديد من الأشياء المهمة و كان من بينها الاختلافات بين شخصية شادو و الكونت *_^


بونجورجو
لك بونجور يا ولد خليني في الفرنسية ما باعرف الايطالية ! ليش هاد "جو" خلوها لغة وحدة و خلص


تصحيح بسيط بونجورنو*
ههههههههه نعم صحيح ما هو المغزى الخطير من إضافة هذه الـ"نو" دعوها بونجور و خلصونا :3

شاادو يا عمري تعاال لعندي
لك هالمرض اللعين الله يعافينا منو ان شاء الله !
ليش شادو بيدخن مثلا -_-2
سحقا ! سحقا ! لك رح حطم الجهاز بين إيدي خ
و الله صدمتي ما كانت اقل من صدمة ويندي
شو قصد رانكوت هداك الاناني ! لك شو هالحكي .. احسنت جان ، حكيك جميل


آمين الله يعافينا منه جميعا و يشفي جميع مرضى السرطان في العالم !
هناك سبب بالطبع ، فهذا النوع من السرطان بشكل خاص له مسببات واضحة و ستعرفونه لاحقا إن شاء الله
الحقيقة أن رانكورت كان يشعر بالأسى من أجل شادو ، لكن لم يكن في مقدوره عمل شيء حيال ذلك ، فهو ليس بمثل قوة ويندي و إصرارها !

و باعدين بروح لشجاعة ويندي !
الكونت ما .. لك حبيت بس شوف شو رح يصير اذا ما اتصل آوتنبورغ


هههههههههههه لا أجرؤ على التخيل كيلا أموت ضحكا !

الكونت هو نفسه آدم ريغال .. بدي وصف دقيق للملامح
المهم في الوقت المناسب ، رحت رجعت للبارت اللي اجا فيه لعند رانكونت
لقيت انو شعره كستنائي -_-1
و الاهم ويندي منذ متى اصبحت بهذا الذكاء خ


إن كنت تريدين وصفا له فعودي إلى الفصل الرابع عشر حيث ظهر للمرة الأولى *_^
هههههههه لم تصبح ويندي بهذا الذكاء فجأة ، لقد ظلت تفكر في الأمر مدة طويلة و شكت في أمر آدم منذ آخر اتصال لها معه فهو كما تذكرين لم يسألها عن أي شيء كما لو كان يعرف كل شيء ، و قد تحققت من شكوكها تماما حين ذهبت لمقابلة صاحب المتجر !
تذكري معي.. لقد عرف آدم -حين جاء إلى منزل رانكورت- صندوق الموسيقى من النظرة الأولى و أخبر ويندي أنه يعرف صانعه و المكان الذي كان يباع فيه بالضبط ! و عندما سألت ويندي البائع قال لها أنه لم يعلم سوى شخص واحد و ذلك الشخص هو الذي صنع هذا الصندوق.. إذن كيف لآدم أن يعرف كل هذا عن الصندوق ما لم يكن هو نفسه صانعه ؟!! :3


متشوووقة ، متشوقة جدا !
و ايضا لازم تجيبي روايتك التي نشرتها يوم الجمعة .. بي لما تنهيها لاني ما باقدر أضبر خ


هههههههه في الحقيقة لا أعتقد أني سأقوم بنشرها على أي منتدى ، فقد تعلمت من تجربتي مع رواية باحثا عن ظلي أن النشر في عدة أماكن في وقت متقارب ليس فكرة حسنة ، كذلك فإن السرقة من المنتديات أسهل شيء في العالم مع الأسف و هذا ما شهدته بأم عينيّ !

لماي باعرف ردي قصير ، بس النت مو النت متعنا !
نحن انقطعت مو يومين و هي متع جارنا
لهبك ما باعرف ايمتا رح يطفؤوها ! و ايضا التيار مو موثوق

في أمان الله


لا عليك عزيزتي أنت معذورة تماما ❤ أشكرك مجددا على اهتمامك بالرواية و استمرارك في التفاعل مع أحداثها رغم ما تواجهين من معوقات ❤❤

أرجو أن يكون فصل اليوم قد أعجبك :3

أدام الله عليك الصحة و لدولتك .. التيار الكهربائي :3





اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ❞chʚcʚℓa❝❥ مشاهدة المشاركة
عاااااااا ، لك شو ؟، هاد رد الفصل السابق !
لما شفت البارت انصدمت
لحق عليا الفصل الجديد عفوا >> داىما عندي مشكل

ما من مشكلة عزيزتي ❤ لا تضغطي على نفسك إن لم تستطيعي الرد قبل يوم النشر ، يمكنك دمج رد الفصل السابق مع الحالي و الكتابة بأريحية *∩_∩*






اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اميرة ماساكي مشاهدة المشاركة
🌸 السلام عليكم
هاااااااااااااي كيفك حبيبتي
ان شاء الله بخير سأقول و أردد
و أقول ان القصة او الرواية
رائـــــٓــــــعة جداااا
و أما عن البارت فهو خيــــــــالي
و مليئة بالمفاجئات و الصواعق هههه مثلما قلتِ
لكن لم افهم شئ واحد و هو ان كوبرا
او بالأحرى لونا هي التي قالت جملة "
"هندسون ، ريستارك ، بيفورت ، لابوف ، روبارج .. أيها
الأوغاد الأغبياء لقد حانت ساعتكم"
يعني ليس شادو من قالها او
ان لونا هي شادو ههههههه ربما
أعيد و أقول ان البارت جميل و مشوق
و انا انظر البارت القادم على احر من الجمر



و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ❤

بخير حال عزيزتي الجميلة تسلمي على اهتمامك ❤❤

ياااه أشكرك من كل قلبي ❤❤ أبهجتني كثييييييرا جدا ♡♡∩_∩♡♡

ههههههه الاحتمال الثاني هو الصحيح :3 لونا هي شادو !

شكرا جزيلا لك رائعتي مرة أخرى يشرفني حقا أن الرواية بمفاجآتها و أحداثها نالت استحسانك ❤❤❤


أطيب تحية لك





رد مع اقتباس
  #193  
قديم 07-25-2016, 05:12 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردة المودة مشاهدة المشاركة
سلام عليكم


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

ها...ها ....ها!!!

الكونت هو...
آدم ريغال!


ههههههههه أجل :3

و نحن...
كنا ننوح على قبر لونا الزائف، كوبرا بل انجلينا المزيفة هي لونا اخت وليام!

و ...كوبرا هي شادو!


ثلاثة في واحد :3

لحظة، كيف لم يعرف اتباع الكونت هويتها بعد رؤيتها ..لم ألحظ معرفتهم لها بتاتا..!


كانت متنكرة حين التقت بهم ، هي ليست غبية حتى تظهر لهم وجهها الحقيقي !

و ايضا، هل هي سبب تأنيب ضمير الكونت..و تلك الحرب..على فراغ كليا ..فهمت مما سبق هدفها لكن بعض البغض...


يب هي كانت سبب شعوره بالذنب ، و الحرب بينهما كما قلت لا وجود لها إنها مجرد مسرحية !

ذاك المريض هو كوبرا..لا اظن..


بما أنها هي نفسها شادو و شادو مريض بالسرطان ما هي النتيجة المنطقية إذن لذلك ؟!

تناقل الرسائل تلك ليست لها..هناك إبهامات كثيرة فعلا..!


عفوا لم أفهم .. أية رسائل تقصدين هنا ؟!

عقلي تعطل كليا..من الصاعقة..

بيكارت، هل كان يعلم؟!


ستعرفين جواب سؤالك في فصل اليوم إن شاء الله

حسنا، قد وضعت بعض النقاط على الحروف بسرد ما حصل من قبلها...

لكن ..سونيا صديقة سيئة...bad2
جان يحب سونيا العفريتة الظاهرة بمظهر براءة ، و يظن انه ينتقم لها ممن..من كوبرا التي اضحت ضحية..!


تقصدين يحب لونا و ليس سونيا ^^ لا جان لم يكن يسعى للانتقام من كوبرا بل من أخيه لأنه كان من المتآمرين على قتل لونا ، أما كوبرا فلا علاقة لها بهذا الشأن في رأيه لأنها ظهرت بعد موت لونا !


إذا كيف لم تعرف العجوز اختلاف الفتاتين؟!


تقصدين الجدة لويز ؟! هي لم تقابل كوبرا و حتى لو قابلتها فعلى الأرجح لن يسعها اكتشاف حقيقتها لأن لونا كما تعرفون ممثلة بارعة !

حسنا، هل التقينا بكوبرا مباشرة و بمراوغتك غفلنا!

لا استبعد ذلك ..هههههه

بصدق، كنت أعلم أن موت لونا المزيفة له سر عظيم..

لكن ليس هكذا..

صعقة كهرباء ٥٠٠٠واط..

إن كانت صدمة اتباع مورفان عشرات ..فصدمة قراءك آلاف...


هههههههههههه من دواعي سروري أنكم صدمتم :3

إذا كيف وليام/كلارك عن اخته..و كيف هي لاتعمل معه رغم معرفتها له؟؟؟


ستعرفين سبب ذلك في فصل اليوم بإذن الله

أن يكون شادوا فتاة يفر الرأس..


ههههههههههه كانت حركة كارثية بصراحة :3

و حقا مورفان ليس قليلا فهو كشف كوبرا !


نعم إنه ليس خصما سهلا و من الحماقة الاستهانة به

حسنا تناسب أن تكون أخت كلارك..قشرة واضحة من سلالة آيون الكريمة..هع


ههههههههههه بالضبط نفس الطينة !


أنتظرك غلا بفارغ الصبر حقا..

جانا



أشكرك حقا وردتي الرائعة سررت كثيرا برؤية ردك الجميل (:6

أتمنى لك وقتا ممتعا مع الفصل الجديد




رد مع اقتباس
  #194  
قديم 07-25-2016, 05:16 PM
 




الفصـل الواحد و الثلاثـون
ج1
*الألم الحقيقي*






من يكون هذا الرجل ؟!!

علي الحفاظ على هدوئي و التصرف بروية و ذكاء .. التهور في موقف كهذا قد يكلفني حياتي !

كانت لدي فكرة محتملة عن هوية هذا الرجل ، أو بالأحرى غايته من البحث هنا .. لكن وجب علي التأكد منها قبل قيامي بأي خطوة !
لذلك أبقيت على المسافة بيننا ، و أخذت أتتبع تحركاته بحذر تام.

كان الاستياء باد عليه لسبب ما .. و ما إن تحدث حتى تحققت شكوكي ، عض شفتيه و تمتم ساخطا : أين اختفت تلك الطفلة اللعينة ؟! لا أثر لها في أي مكان !

كان يتحدث باللغة الفرنسية و هذا ما أكد صحة توقعاتي عن هدفه بشكل قطعي !
أخرجت من حقيبتي علبة كريم متوسطة الحجم ثم وضعت الحقيبة على الأرض بهدوء .. أخذت نفسا عميقاً ثم تسلقت الشجرة بجانبي بخفة و رشاقة دون أن يصدر عن ذلك أي صوت يذكر.

بعدها أنزلت يدي بقدر كاف و ألقيت بالعلبة أسفل التلة !

تعمدت أن تكون الرمية خفيفة قصيرة المدى كي تتدحرج العلبة على طول المنحدر الصغير ، لم يكن هناك غير صوت خفيض بسبب الأعشاب الكثيفة التي تغطي سطح التربة .. يبدو أنه لم يصل مسامع الرجل إلى أن اصطدمت العلبة بصخرة كانت تسد طريقها ، فالتفت الرجل الغريب في جفلة نحو المكان الذي أتى منه صوت الارتطام .. أخذ يخطو باتجاهه بحالة من التأهب والحذر حتى توقف أمام الصخرة التي صدت تقدم العلبة.

التقط علبة الكريم و بدأ يحدق بها مقطب الجبين ، ثم تجهم وجهه و عيناه تتبعان الطريق الذي سلكَتْه حتى سقطت هنا.

عندها حسم أمره و صعد التلة .. تلفت محركا مصباحه يمينا و يسارا بحثاً عن أثر ما .. حتى انتبهت عيناه لحقيبتي الملقاة على الأرض !

بقيت أنا ساكنة في مكاني أتربص اللحظة المناسبة للبدء ، تحرك الرجل تحتي و تقدم نحو الحقيبة ببطء ، ثم انحى ليلتقطها .. حينئذ انقضضت عليه كقط بري شرس ! كان هجومي مباغتا تماماً حتى أن الوقت لم يسعفه للقيام بأي حركة !

جثمت فوق ظهره مركزة جل ثقلي عليه ، و قلت بنشوة انتصار بينما تتشكل على جوانب شفتي ابتسامة ساخرة : هل كنت تبحث عني يا ترى ؟!

كان الرجل يلهث و يتنفس بصعوبة للضغط الشديد الذي يكاد يدفن وجهه في الأرض !
و زاد اللهاث حين سمع صوتي و ساد الرعب محياه !

لكنه تظاهر بالجهل والبراءة حين قال : ما الذي.. تتحدثين عنه ؟! أبحث عنك ؟! لقد كنت فقط أتفقد كلبتي الصغيرة فقد هربت من المنزل ! هذا كل ما في الأمر ! و الآن ابتعدي من فوقي أرجوك .. أكاد أختنق !

ضغطت بقدمي على ظهره بمزيد من القوة : هل تظنني غبية ؟! أنت من كلف سونيا بمهمة قتلي و قد جئت تبحث عن جثتي لتتحقق من نجاح المهمة !

واصل الرجل الإنكار بنرة مستعطفة تكاد تكون صادقة : أقسم لك أنني لا أعرف شيئاً مما تقولين ! جئت لأبحث عن كلبتي فقط !

صدرت مني ضحكة قصيرة متهكمة : حقا ؟! تبحث عن كلبتك ؟! و هل يحمل المرء عادة مسدسا كاتما للصوت حين يتجول باحثا عن كلب ؟!

كنت أقول ذلك وأنا أسحب من حزامه ذلك المسدس ثم أتفحصه تحت ضوء النجوم الخافت.

تلعثم الرجل و تشتت كلماته : هذا.. إنه...

ألصقت فوهة السلاح بمؤخرة رأسه و أنا أهدد : أخبرني كل ما تعرف و إلا أفرغت كل الرصاص في رأسك !

في تلك اللحظة و حينما أدرك الرجل جدية الموقف و خطورته على حياته قال متوسلا : لا أرجوك ! أنا لست أكثر من تابع ينفذ الأوامر ، لم يكن أمامي خيار آخر ، لأن العصيان يعني موتي المحتم ! أتوسل إليك يا آنسة أبعدي المسدس عن رأسي !

قلت بحزم و شدة : إن كنت تريد الحياة قأجب عن أسألتي !

أذعن الرجل والخوف يستبد به : حسنا كما تشائين !

قلت أحذره بلهجة صارمة : إياك و الكذب أو المراوغة فإذا أحسست و لو قليلا أنك تحاول خداعي فلن تلوم إلا نفسك !

انتحب الرجل في خضوع و استسلام : أقسم لك أنني لن أقول غير الصدق !

- حسنا.. من تكون ؟! و من الذي أرسلك ؟!

ازدرد الرجل لعابه و بدأ بالإجابة : أدعى سلايدر ، و أنا واحد من ثمانية أشخاص يمثلون الحرس الخاص للقائد الأعلى ، و هذا الأخير هو من أرسلني لقتلك !

تساءلت : القائد الأعلى ؟! من يكون هذا ؟!

- إنه زعيم المنظمة.. المنظمة التي تسببت في مقتل أسرتك !

تأججت في داخلي على إثر كلماته نيران من الغضب و الحقد أخذت أحاول جاهدة السيطرة عليها.. قلت من بين أسناني : هل تعرف اسمه الحقيقي ؟!

أجاب الرجل بارتباك و تردد : لا أذكر اسمه الأول لكنه بلا شك من أسرة مورفان ! <بعد لحظة استدرك قائلا : أوه.. نعم.. تذكرت الان ! اسمه كان سامويل ، سامويل مورفان !

مورفان ؟!! ألم يكن الخائن الذي قتل والد جدي من هذه الأسرة ؟!! إذن.. فزعيم المنظمة قتل أفراد عائلتي انتقاما لمقتل قريبه الجبان ؟!
لكن.. لماذا تركني أعيش كل هذه السنوات ، و لم يفكر في قتلي إلا بعد مضي أكثر من ثمان أعوام على اغتياله لأسرتي ؟! ثم هناك شيء آخر..

أعربت عن تساؤلاتي لسلايدر : لكن لماذا يفكر في قتلي الان و بعد كل هذه المدة ؟! <أضفت بلهجة استخفاف و سخرية : ثم إن موتي ليس في صالح منظمتك و التي أتوقع أنها تسيطر الآن على أملاك أسرتي و تستفيد كثيراً من ثروتها الهائلة !

- هذا كان أمرا مفاجئا و مباشرا من القائد الأعلى لم يستشر فيه أيا من القادة الآخرين للمنظمة ! لأنهم لم يكونوا ليوافقوا على هذا القرار فهم كما قلت سيتضررون كثيراً من موتك ، إذ ستنتقل الثروة بكاملها لكريستيان ميلارد -فهو وريث أيضاً حسب وصية جدك- و لن يكون في وسعهم الاستفادة منها بعد ذلك مطلقاً ! لذلك طلب مني القائد أن أجعل موتك يبدو كحادث غير متعمد أو اختفاء لا يترك أي أثر وراءه !

أحسب وقتها أن آمارات الاستمتاع و الإثارة قد طفت إلى وجهي بعد اكتسحت كياني من الداخل : هكذا إذن ، و لذلك استخدمت سونيا للتخلص مني ! فمن سيشك في تلك الفتاة التي يفترض أن تكون أعز صديقة لي ؟! خطة ذكية بقدر ما هي وضيعة و قذرة ، لكن من المؤسف أنها لم تسر كما يجب و أخفقتم في قتلي !

بعد مدة وجيزة من الصمت أفلتت من فمه كلمات حانقة ترتعش أحرفها غيظا : يبدو إذن أن صديقتك .. قد خدعتنا !

كشرت أقول بدهاء : أكاد أجزم أنها أخبرتك بأنها قد دفعتني من سفح الجبل القريب من المزرعة !

أقر سلايدر بصحة توقعي : نعم.. تلك السافلة !

أطلقت بخفوت ضحكة ساخرة : دعني أخبرك أن سونيا تعاني من رهاب المرتفعات ، لذا من غير الممكن لها حتى لو أرادت أن تصعد الجبل ! فكيف ببلوغ قمته ؟! <تابعت كلامي و نبرة صوتي الواثقة تواري لهيبا من الغضب : لكنها فعلت ما هو أذكى من ذلك ، لقد رمتني داخل بئر مغلقة لا يخطر على بال أي أحد أن يفتحها ! كانت ستبقى جثتي حبيسة هناك و ما كان لبشر أن يكتشف ما حصل لي .. هذا لو قدر لخطتها النجاح !

قلت عبارتي الأخيرة بصوت تتشارك فيه السخرية و الاستخفاف مع التحد و الثقة اللامتناهية !

سأل سلايدر بضوت مذهول : كيف نجوت إذن ؟!

قلت بحزم : أنا من يسأل هنا ! و الآن.. من أرسل قائدك أيضاً ؟!

تردد سلايدر في الإجابة حيث كان جليا أنه حائر بين قول الحقيقة أو الكذب.. فحياته مرهونة بما يقول !

قلت أحذره و أحثه على قول الحقيقة : أجب بصدق و إياك أن تفكر في خداعي ، فهذا لن يكون في صالحك أبدا !

بعد تتهيدة عميقة حسم أمره و قال : أرسلني أنا فقط !

ضغطت على رأسه بالمسدس و زمجرت قائلة : هل تظنني سأصدق ؟!

هتف الرجل مذعورا : أقسم لك بأنه لم يرسل أحدا سواي ! كان يعتقد أنك مجرد طفلة ضعيفة لا حول لها و لا قوة ، لذلك لم ير من داع لإرسال أشخاص آخرين ، فقد كنت في نظره أكثر من كاف لتأدية هذه المهمة البسيطة !

أزحت فوهة المسدس عن رأسه ، ثم نهضت من فوقه و أنا أردد آمرة : هيا قم ! ضع يديك خلف رأسك و تحرك أمامي !

انصاع الرجل لأوامري على الفور فأضفت : هل أخبرت قائدك بما حصل اليوم ؟!

هز سلايدر رأسه نافيا : ليس من عادتي أن أطلعه على أي شيء قبل التأكد من إتمام المهمة !

- جيد ، و الآن.. أنت لم ترني و لا تعرف شيئاً مما حدث اليوم و قد فشلت خطتك في استدراجي خارج المدينة ! هل تفهم ما أقول ؟!

- نعم ، نعم !

- إذن واصل التقدم !

تحرك الرجل أمامي و أنا أمسك المسدس بإحكام بيدي اليمنى و أصوبه نحو ظهره .. كانت تفصل بيننا مسافة متر و نصف حرصت على ألا تزيد أو تنقص عن ذلك !

سرنا في الطريق الذي جئت منه ، و أخذنا نتعمق في المزرعة أكثر.. كانت المنطقة التي دخلناها مملوءة بالأشجار ، و من غير الممكن للناظر من بعيد أن يبصر ما يجري داخلها في ليلة حالكة السواد كهذه الليلة !

أخذت كشاف سلايدر لكني لم أشعله ، و ذلك حتى لا يجلب الأنظار إلينا بسبب إضاءته القوية ، و بغض النظر عن هذا الأمر لم تكن لي حاجة به ، فعيناي قد اعتادتا ظلاما أشد سوادا عشر مرات من هذا ، لذلك كنت أبصر دربي بصورة جيدة جدا على عكس تعيس الحظ الذي يتقدمني !


أخذ يتحرك ببطء و تمهل فكثيرا ما تعثر أثناء مسيرنا حتى أوشك على السقوط جراء الصخور الصغيرة و جذور الأشجار الممتدة على طريقه..
كان علي أن أكون يقظة تماماً و ألا أغفل عنه لحظة واحدة ، لذلك ركزت جل انتباهي عليه لدرجة أني لم ألحظ الصخرة التي ظهرت في طريقي !

لم أقع ، لكن اختل توازني لثلاث ثوان .. كانت هذه الثواني فرصة ذهبية لا تعوض بالنسبة لسلايدر استغلها بأن هجم علي بركلة سريعة !

كان من المفترض لهذا الهجوم أن يفاجئني ، لكنه لم يفعل ، و إنما على النقيض من ذلك جاء في اللحظة التي توقعتها !

انحنيت متجنبة ركلته ، و فيما أنا على هذه الوضعية غافلته بركلة ملتفة سددتها بقوة على ساقيه مما أجبره على السقوط على الأرض سقطة عنيفة !

و قبل أن يقوم بأي حركة وجهت المسدس صوب رأسه فتخشب جسده و اختفى صوته !


بدأت أشعة رقيقة من نور النجوم البعيدة تبدد شيئاً من عتمة الليل و سواده ، لتكشف بعدها عن تعابير غريبة تلوح على وجهي.. لم تكن مفاجئة بالنسبة للرجل فحسب ، بل حتى لي أنا ! لم أتصور يوماً وجود جانب مظلم كهذا فيّ !

إنني لم أتعثر حقيقةً ، فقد كنت حذرة و مدركة تماماً لما حولي ، و إنما مثلت أنني ترنحت و فقدت تركيزي أمام سلايدر لأعطيه فرصة وهمية لمهاجمتي !

لماذا قد أفعل هذا ؟! الأمر بسيط ! لأني لا أحبذ قتل شخص أعزل يبدي استسلامه لي ، فتصرف كهذا يسيء إلى مبادئي التي هي آخر ما تبقى لي من ذاتي السابقة ، لذلك منحته فرصة ليظهر نواياه على حقيقتها ، و قد انتهزها سريعاً كما كنت أتوقع ، فهو وغد حقير بلا ضمير ، و مع أني في الظاهر كنت أنوي إطلاق سراحه ، إلا أنه كان يتحين الوقت المناسب ليغدر بي و يقتلني !

ثبت ناظري عليه و سبابتي تضغط ببطء على الزناد .. كان هو مشلولا تماماً في مكانه ، عيناه مذهولتان ، و شفتاه ترتعشان هلعا ليس من المسدس كما كنت أتصور في البداية لكن من شيء آخر .. شيء كان ينبعث من عيني الخاويتين من العواطف و ابتسامتي الشيطانية الهادئة !

أطال النظر إلي دون أن ترمش عيناه الجاحظتان .. كأنه قد رأى هذا المشهد المخيف في وقت سابق ! تمتم بصوت مرتجف تتباعد فيه الأحرف :

آلـ.. ويـ ..س !!

آلويس ؟!!
من يقصد بهذا ؟! و ما الذي جعله يتذكر هذا الشخص الآن ؟!
أردت طرح هذه الأسئلة عليه.. لكن إصبعي كان قد ضغط على الزناد عند تلفظ الرجل بآخر حرف من ذلك الاسم.


وقفت أرقبه بهدوء و هو يهوي إلى الأرض ميتا.. و رغم السكون و البرود اللذان يلفان وجهي ، كان قلبي يرتجف بشدة ، و لم تلبث رباطة شأجي الظاهرية أن انهارت فجأة ، و اعتصرت الدموع في عيني.. ليس ندما على ما اقترفت ، فقد نال المجرم جزاءه الذي يستحق و لو تركته حيا لقتلني دون رحمة ، بل لأني بغية الحصول على القوة و الصلابة لتحقيق انتقامي.. توجب علي التضحية ببراءتي و نقاء قلبي أسمى الخصال التي كنت أتحلى بها !
ربما كانت نفسي السابقة ساذجة و ضعيفة ، لكنها كانت بلا شك سعيدة و راضية بطريقتها المسالمة في العيش..

لكن بما أني بلغت هذا المدى ، فعلي المضي قدما في طريقي ! لا سبيل للتراجع الآن !
ينبغي علي التخلي عن المشاعر غير المجدية و استخدام عقلي فقط ! نعم ، فعقلي وحده من يستطيع إرشادي للطريق الصحيح !


و هكذا بعد أن استعدت هدوئي كاملا.. نزعت عني الوشاح -الذي كان ما يزال ملفوفا حول رقبتي- و ربطته على رأس الرجل الميت ثم شددته بقوة لأحكم غلق الجرح وأوقف نزيفه..
لم يكن قد سال على الأرض إلا قطرات قليلة من الدم سارعت إلى دفنها بصورة متقنة تجعل من غير المحتمل أن يلحظ أحد وجودها.
و بعدما فرغت من ذلك انتقلت للخطوة الأهم و هي التخلص من الجثة !

رغم أن الرجل لم يكن ضخما أو بدينا ، إلا أنه لم يكن في حوزتي حتى في أفضل أحوالي قوة تخولني حمله.
لذلك فإن أقصى ما استطعت فعله هو أن ألف ذراعه حول عنقي و أحمل النصف العلوي من جسده بينما أجر نصفه الآخر على الأرض خلفي.

كنت قد خططت مسبقاً و منذ أن تيقنت من حقيقة هذا المجرم لكيفية قتله ثم التخلص من جثته و مسح كل الآثار التي تخلف جراء ذلك.
و في الواقع كنت أقوده حينما كان حيا إلى المكان الذي سيغدو قبره .. و هي البئر القديمة !!

بعد جهد مضن تمكنت أخيراً من إزاحة غطاءها ، ثم رميت بالجسد الهامد داخلها !
أغمضت عيني و أنا أتمتم شاكرة و معتذرة في آن معا : سامحني يا ريتشارد لكني لا أزال في حاجة لاستخدام بئرك !

أعدت الغطاء إلى مكانه ثم عدت من الطريق الذي أتيت منه و أنا أمحو في الوقت ذاته آثار السحب على الأرض ، و من حسن الحظ أن سطح التربة كان صلبا هنا لذلك لم تكن الآثار عميقة.


لم يعد هناك من شك في ذلك .. لقد أصبحت مجرمة ! قاتلة بدم من جليد !

و من باب الحيطة و الحذر احتفظت بالمسدس الكاتم للصوت ، فيكاد يكون مؤكداً أني سأحتاج لاستخدامه مرة أخرى !
أنا الآن شخص مختلف ! لم أعد ضعيفة أو مترددة !
سأدافع عن نفسي ، و آخذ بثأر أسرتي ، و لن أسمح لأي كان بأن يعترض طريقي !

تركت ورائي كل الذكريات المزيفة ، والأحلام الوردية التي لا وجود لها إلا في عالم الأوهام.
ثم رحلت عن تلك المزرعة ، و بعدها من القرية كلها !

سانت ماري.. لا أدري حقا كيف أشعر تجاه هذا المكان .. هل أكرهه لأني تكشفت فيه على أسوأ جوانب البشر ؟! أم أحبه لأني أفقت فيه من أوهامي و عرفت الحقيقة التي كان علي الإحاطة بها منذ زمن ؟!



كان منزلي حين وصلته مظلما و ساكناً تماماً سكون المقابر ، و لم يكن ذلك غريباً فالجدة ستبيت هذه الليلة عند صديقتها ، وكم ارتحت لذلك ! فأنا لا أريدها أن تراني على هذه الحال .. لا أريد لها أن تقلق بسببي.
كل ما حصل معي اليوم سيبقى سرا بيني و بين نفسي فقط و لن أفصح لبشر عنه !

أخذت حماما طويلاً دافئا ، ثم غسلت ملابسي المتسخة و ارتديت قميصا أحمر بكم طويل و بنطالا أسود ضيقا ، داويت جراحي ، و غطيت أظافري المتكسرة بأخرى اصطناعية .. قمت بكل ذلك على ضوء الكشاف الخاص بسلايدر بعد أن خفضت إضاءته إلى أقل درجة !
لم أشعل أي نور في المنزل بل تركته مظلما كما يفترض لمنزل خال أن يكون !

صعدت إلى غرفتي ، ثم أطفأت المصباح ، ليس لأجل النوم ، و أي نوم يأتيني بعد ما حصل ؟! بل للتخطيـط لما سأفعله غداً !
نعم .. علي التفكير جيداً بحكمة و حذر ، هناك العديد من الأشياء التي ينبغي القيام بها و بسرعة !


مكثت في غرفتي على هذه الحال.. حتى أشرقت الشمس ، و قبل ساعتين من الوقت الذي يفترض أن تعود فيه جدتي كما أخبرتني مسبقاً ، ألقيت نظرة من النافذة ، فارتسمت ابتسامة باهتة على وجهي و أنا أرى تلك الفتاة التعسة تحوم حول منزلي في قلق و ارتياب !

كنت متأكدة من مجيئها ! فحين يضطر شخص عادي لا سبق له بالجرائم لارتكاب واحدة -خصوصاً إن كان القتيل شخصاً بريئاً- يصبح ضحية للخوف و الأرق ، و لا يشغل باله غير حماية نفسه ، و إبعادها عن الشبهات بأية وسيلة ، حتى لو كانت هذه الوسيلة ارتكاب جريمة ثانية !

لم تكتف البائسة بالمراقبة من الخارج ، و سارت إلى داخل المنزل بعدما تأكدت من عدم وجود أحد بالجوار.

يا لك من مسكينة يا سونيا ! لقد قادك حظك العاثر لأسوأ مصير يمكن أن تتخيليه !

كانت تتجول في المنزل على رؤوس أصابعها و هي تتلفت في كل اتجاه خوفاً من شيء قد يظهر لها فجأة !
و هذا الشيء كان بلا شك .. أنا !

هبطت السلالم بخطوات خفيفة مكتومة الصوت ، ثم رسمت على شفتي ابتسامة بريئة ودودة و قلت : صباح الخير يا سونيا !

انتفض جسدها كله حين سمعت صوتي و قفزت للوراء في وضعية دفاعية ،
رفعت يدها المرتعشة إلى قلبها الذي كان واضحاً من شحوب وجهها الشديد أن دقاته تتسارع بشكل جنوني !

كانت المسافة بيننا لا تزيد عن أربعة أمتار أخذت تتناقص يسيرا بتقدمي نحوها ، أضفت مبدية على وجهي تعابير بريئة : ما بك يا سونيا ؟! هل أنت مريضة ؟!

بدأت تتراجع و الرعب يتملك روحها حتى أن تنفسها أضحى لهاثا.

اقتربت أكثر مكررة سؤالي القلق : سونيا ما الذي ألم بك ؟!

كانت تفتح فمها بغية قول شيء لكن الكلمات تغص في حنجرتها فتعود الفتاة لتطبق شفتيها بخوف !

ازداد صوتي رقة حين قلت : سونيا أخبريني ما الأمر ؟! أنا صديقتك المقربة ، هل نسيت ؟!

عندها انفجرت قائلة : لست صديقتك و لا أنت صديقتي ! كيف .. كيف ... لا تزالين .. حية ؟!!

عاد صوتها ، لكن الذعر ما يزال يزعزع أوصاله.

اتسعت عيناي بدهشة ما كان لأحد أن يشك في صدقها : سونيا ما الذي تتحدثين عنه ؟! إنني لا أفهمك !

صاحت و هي توشك على البكاء : كفي عن التغابي ! لقد دفعتك بيدي هاتين و ألقيت بك في البئر ثم أغلقتها بالغطاء الحجري ! فكيف استطعت النجاة من هناك ؟!! أخبريني !


تشكلت تقطبية حادة على جبيني و أنا أقول باستنكار شديد : أنت ألقيتني في البئر ؟!! سونيا ما الذي تهذين به ؟!! لا بد أن أحد أفلامك الغريبة قد أثر فيك ، قلت لك مراراً ألا تكثري من مشاهدتها خصوصا قبيل نومك ! لقد مكثت طوال يوم أمس في منزلي و لم أخرج منه إلا في المساء لشراء بعض الفواكه من البقالة القريبة !

صرخت بهستيرية : أنت تكذبين ! تكذبين ! <رفعت سبابتها المرتجفة مشيرة بها نحوي : أنت .. أنت تريدين .. قتلي ! نعم .. تريدين الانتقام مني .. أعلم هذا !

ثم اندفعت خارجا تركض كالمجنونة !

انفرجت شفتاي عن ابتسامة رضا شريرة و أنا أقف في الشرفة أراقبها بينما تجري في الشارع كفأر مذعور .. هذه الفتاة التي كانت يوماً ما أعز صديقة لي !
إني إنسانة شريرة قاسية .. لكني لا أمانع أن أكون كذلك !


غير أن المشهد الذي تلا ذلك لم يكن واردا في حساباتي !
فقد انطلقت سيارة بسرعة هائلة في الطريق ، ثم ... انطبق جفناي بشكل تلقائي ليجنبا عيني رؤية المنظر القاسي .. بعد برهة فتحتهما .. لأرى سونيا مستقلية على الأرض دون حراك !

لقد قتلت شخصاً آخر !!
لكن..

تشبثت يداي بحاجز الشرفة و هما تهتزان..
أنا لم أرد ذلك .. لم أرد قتلها .. لم أفكر في ذلك حتى !
كنت.. كنت أرغب بمعاقبتها فقط !
أردت أن ألقنها درسا قاسياً ، و أذيقها شيئاً من العذاب الذي عانيته بسببها .. لكنني أبدا لم أرد قتلها !

لن أستطيع العيش هكذا !
أن أعيش لأسلب أرواح الآخرين .. هذه ليست الحياة التي يمكنني تحملها !
يبدو أني مهما حدث لا يمكن أن أتغير بشكل كامل و سيظل هناك دوما جانب ضعيف في !
تلك الطفلة الساذجة لا يمكن أن تختفي ! و ستعاود الظهور كل مرة لتفسد علي خططي !



عادت جدتي مبكرا قبل ساعة من موعدها الأصلي و لم تكد تصل للمنزل حتى وافتها الأخبار المفجعة !
أقبلت علي و الأسى يغطي وجهها الحنون وما إن وقع بصري عليها حتى ركضت نحوها و رميت بنفسي في أحضانها باكية !
لم يكن ذلك تمثيلا .. كانت دموعي صادقة ، لكنها ليست بسبب موت سونيا كما أردت لجدتي أن تظن ، بل لكل الألم الذي قاسيته في حياتي دون أن أقترف ذنبا لأستحقه !

حضرت مع جدتي إلى منزل سونيا لتعزية أهلها ، و قد كانت حال والديها المؤلمة هي أكثر ما أثر في ، فهما طيبان و لا يمكن أن يكونا على دراية بفعلة ابنتهما التي دوماً ما كانا يتفاخران بعقلانيتها و حبها لمساعدة الناس !

كانت فرصة لأبكي قدر ما أشاء و أخرج كل ما بداخلي من حزن و غم دون أن أثير شكوك أحد حولي ، فهذه التي ماتت هي صديقتي المفضلة ، أو هذا ما يظنه الناس على الأقل !

و بعدما عدنا للمنزل حبست نفسي في غرفتي .. و كنت قبل ذلك طلبت من جدتي أن تتركني بمفردي وقد استجابت الجدة بتفهم تام و هي تظن -بإيحاء مني- أن ذلك للتغلب على حزني لموت صديقتي.

كانت عيناي محمرتان بشدة و وجهي قد غدا ذابلا كأوراق الزهور الميتة من كثرة البكاء.
كانت تلك أول مرة أبكي فيها إلى هذا الحد .. و آخر مرة ترى فيها دموعي !


غمرني شعور عظيم بالراحة حينما غسلت وجهي بالماء البارد .. كان البكاء مفيدا جدا لي فأنا الآن أفضل حالا بكثير ، فقد أخمدت تلك القطرات المالحة نيران الألم المكبوت داخل قلبي لسنين ، مما جعل مشاعري تستقر و تفكيري ينتظم.

ارتميت على السرير.. كنت قد بلغت حدي من الانهاك والتعب ، فنمت نوما عميقا.

استقيظت بعد عشر ساعات من النوم المريح و قد استعاد جسدي معظم طاقته و حيويته.

الآن.. و بعد أن تخلصت من الاثنين اللذين حاولا قتلي ، علي التأكد من عدم وجود أي دليل قد يقود إلي.

في هذه الأثناء استرجعت ذاكرتي صورة الفتاة الشقراء الممددة بين الأشجار في المزرعة.. ويندي !
هي بالتأكيد لم تر وجهي ، فالظلام تلك الليلة كان حالكا ، كما أني كنت أرتدي قبعة و ألف وشاحا حول معظم وجهي ، لكني أكاد أجزم أنها سمعت كلامي و وعيدي لأؤلئك الخمسة ، لذلك كان من الضروري أن أعود مرة أخرى لقرية سانت ماري لأعرف عن تلك الفتاة.. و ما تعرفه عني بالتحديد !

لكن جل معلوماتي عنها هو أن اسمها الأول ويندي و أنها في مثل سني أو أكبر بسنة أو اثنتين على الأكثر.
و بالطبع لا يمكنني التسكع في القرية سائلة عن شخص لم يكن من المفترض أنه التقى بي في حياته كلها.

لذلك وجب علي جمع المعلومات بنفسي.
حسنا.. من خلال النظر إلى مساحة القرية الصغيرة نسبيا و تعدادها السكاني المنخفض لا أتوقع وجود أكثر من مدرسة واحدة فيها !
أخذت حاسوبي المحمول ثم بحثت في شبكة الإنترنت عن قرية سانت ماري ، و لم تمض دقيقة حتى عثرت على اسم المدرسة فدخلت موقعها على الإنترنت .. كانت واجهة الموقع عبارة عن صورة لحفل تخرج الدفعة الأولى من طلاب الثانوية لتلك المدرسة .. كانت الفتاة الشقراء من بين أؤلئك التلاميذ !
لم أجد أكثر من ذلك في الموقع ، فانتقلت إلى صفحة المدرسة على الفيسبوك .. هناك عثرت على كل ما أحتاج من معلومات !

إذ كانت تلك الثرثارة تشارك كثيراً و تعلق على ما ينشر هناك من أخبار و صور مستخدمة اسمها الكامل "ويندي ماكستر" و صورتها الحقيقية !

و لم أبذل أي جهد يذكر في الحصول على عنوان منزلها و التعرف على شكله فقد كان يظهر خلفها في صورة الغلاف الخاصة بها ، هذا بالإضافة إلى الكثير من المعلومات الشخصية كالهوايات ، الأصدقاء ، و المناسبات العائلية حتى الأحداث اليومية العادية !


كانت جدتي في ذلك الوقت قد خرجت للتسوق ، لذلك نزلت للمطبخ و تناولت بعض التفاح ثم عدت لغرفتي.

كانت تلك الفترة هي الأنسب للبدء بتحركاتي.
و لم أضيع وقتا ، فقد انطلقت نحو خزانتي و أخرجت منها باروكة سوداء و عدسات ملونة.
كانت لدي في الواقع باروكتان و ثلاثة أزواج من العدسات اشتريتهم من أجل مسرحيات في المدرسة كنت قد اشتركت في التمثيل فيها.


التقطت المقص و قصصت بعناية شعر الباروكة الطويل حتى أصبح بالكاد يصل كتفي.
بدلت ثيابي ثم أخفيت شعري الأحمر تحت الباروكة السوداء ، و وضعت بودرة غامقة اللون على وجهي ، فغدا حنطيا بعد أن كان ناصع البياض كالثلج ، ثم كخطوة أخيرة في تغيير مظهري ارتديت عدسات زرقاء اللون.

بدوت شخصا مختلفا كليا ! و ما كان لأحد أن يتعرف علي و أنا بهذه الهيئة !

و قبل أن أغادر غرفتي أخذت قطعة ورق صغيرة من تلك التي تستعمل لتدوين الملاحظات و جلست أكتب لجدتي :
لا تتعبي نفسك يا جدتي بجلب الطعام إلي فشهيتي مسدودة تماماً و تأكدي أنني حينما أشعر بالجوع سأنزل بنفسي لآكل ، لذا لا تشغلي بالك بي ! سأكون بخير !

ثم تركت الورقة تحت الفتحة الضيقة لباب غرفتي -بعد أن أقفلته بالمفتاح- و غادرت المنزل بهدوء من الباب الخلفي.


أحسست أن القرية كانت أكثر هدوءا نوعا ما من يوم أمس .. ربما كان ذلك الشعور ناتجا عن التغيير الكبير في طريقة تفكيري و نظري للأمور فقط.

هذه المرة لم أتصرف بسرعة بل تمهلت كثيراً ، ذلك أنه من المثير للريبة أن أخرج -أنا الغريبة عن القرية- من المحطة مباشرة إلى عنوان أحد الأهالي و بالذات حين لا يكون الشخص الذي أقصده على معرفة بي أصلا !
أنا الآن أمثل دور الغريبة التي لم تزر هذا المكان من قبل ، لذلك علي التصرف بما يتوافق مع هذه الإفتراض.


تمشيت في القرية بروية و تمهل و أنا أنظر لما حولي بإعجاب و استحسان كأي سائحة عادية .. حتى توقفت أمام المنزل المجاور تماما لمنزل ماكستر.
في ذلك الحين خرجت من الباب الزجاجي لذلك المنزل إمرأة مسنة ، كان وجهها عبوسا لكني عرفت -من خلال خبرتي في التعامل مع المسننين- أنها سيدة طيبة.

ابتسمت ابتسامة عذبة و خاطبتها قائلة : مساء الخير سيدتي !

التفتت إلي ثم زال العبوس عن وجهها حين ردت بلطف : مساء الخير !

سألت بتهذيب و نبرة صوتي تظهر إحراجا بسيطا : هل لي بكوب ماء من فضلك ؟! إنني عطشة جدا !

هتفت الجدة بلباقة : بالطبع عزيزتي تفضلي إلى الداخل !


أبديت لها إمتناني ثم تبعتها إلى داخل بيتها.
كانت كما توقعت سيدة لطيفة و كريمة فقد دعتني للجلوس في غرفة المعيشة و قدمت لي مع الماء شايا و معجنات !

جلست إلى جواري ثم أخذت تطرح علي الأسئلة : أنت غريبة عن القرية أليس كذلك ؟!

- نعم

- هل أتيتي وحدك ؟!

- لا ، لقد جئت برفقة والدي ، و قد ذهب ليحجز لنا غرفتين في الفندق الصغير قرب النهر.

أمعنت النظر في بعينين متشككتين وقالت : هل أنت حقاً انجليزية ؟! لغتك الانجليزية ممتازة وكذلك لكنتك ، لكن فيك شيئا يوحي بأنك أجنبية !

- هذا لأنني ولدت من أب انجليزي و أم سويسرية !

- آه أنت نصف سويسرية إذن ! نعم هذا يفسر الأمر !

حلت فترة قصيرة من الصمت وجدتها فرصتي المناسبة لأحصل على ما جئت لأجله.. علي انتقاء كلماتي بعناية و السؤال بذكاء لأحملها على إخباري بما أريد دون إثارة شكوكها حولي.


تساءلت بشيء من الخيبة : ألا يوجد هنا مراهقون في مثل سني ؟! أعني فتيات ! فأنا لم أر أثناء تجولي في القرية غير ثلاثة فتيان.. و أنا لا أجيد التعامل مع الذكور.

- وكم عمرك ؟!

أجبت كاذبة : سبعة عشر !

عبست السيدة وقالت : في مثل هذه القرية الصغيرة لن تجدي الكثير من الشباب سواء من الذكور أو الإناث ، فأغلبهم فور تخرجهم من الثانوية يهاجرون إلى المدينة لإكمال دراستهم الجامعية ثم الحصول بعد ذلك على وظيفة مناسبة بدخل جيد ، لكن هذا بالطبع لا يعني خلو القرية منهم !

أدرت وجهي نحو النافذة المطلة على منزل ماكستر حيث خرجت من الباب الأمامي له إمرأة قد تخطت الاربعين من عمرها.. خمنت : تبدو لي كمعلمة !

تبسمت السيدة بقليل من الدهشة : نعم تخمين جيد ، و هي بالتحديد معلمة لغة الفرنسية ! <اتسعت عيناها قليلا كمن تذكر شيئاً كان يفترض ألا ينساه ثم هتفت : اوه .. صحيح ، لديها أيضاً ابنة في مثل سنك و هي مشاكسة غريبة الأطوار نوعا ما ، لكنها ليست سيئة !

سألت ببراءة دون أن يظهر في صوتي أي اهتمام مريب : و هل تبقى في المنزل طوال اليوم ؟!

- اوه لا بل بالكاد تمكث فيه دقائق ! فهي تمضي معظم وقتها في التسكع مع أصدقائها ، و قد سافرت صباح اليوم مع صديقتها إلى لندن !

هكذا إذن .. لندن !
لكن لماذا ؟! ما الذي قد يدفعها للسفر إلى هناك بهذه السرعة ؟!!

كانت السيدة أيضاً -حسبما بدا لي- لا علم لها بالسبب وراء ذلك ، و أنا لا يمكنني المجازفة بالسؤال عن موضوع لا يعنيني بالنسبة لها.
لذلك غيرت مجرى حديثنا نحو الآثار القديمة التي يمكنني زيارتها في هذه القرية.
ثم انصرفت بعد أن شكرتها جزيلاً على لطفها و حسن معاملتها لي.


سلكت الطريق المؤدي للنهر بينما أغرق في أفكاري و تساؤلاتي.
تلك الفتاة ما الذي ذهب بها إلى لندن ؟!

ثم توقفت عن المسير .. مهلا لحظة ... ريستارك !!
ريستارك يقيم في لندن !
إن كانت فعلا قد سمعت تهديدي -و هذا ما أنا متيقنة منه- فهل من الممكن أنها قد ذهبت إلى هناك ... لتحذيره ؟!!
نعم ! هذا محتمل جدا و لا أستطيع التفكير بسبب مقنع لسفرها المفاجئ أكثر من هذا !

إن كان الأمر كذلك فعلي اللحلاق بها.
إنها تبدو فتاة طائشة لا تعرف شيئاً عن خطورة الأفعال التي تقدم عليها و قد تسبب مصائب دون أن تدري.

كان الظلام سيحل قريباً ، لذلك قررت أن أعود للمنزل اليوم و غدا أسافر إلى لندن.

وجدت جدتي حين عودتي جالسة على كرسيها الهزاز في غرفة الجلوس تتصفح مجلة.
فخلعت حذائي و صعدت الدرج بهدوء ثم اتجهت إلى غرفتي و قد لاحظت أن الورقة التي تركتها تحت الباب لم تعد موجودة.
لابد أن الجدة إذن قد قرأتها.. هذا جيد !

كنت متعبة لكني لم أستطع النوم بسهولة ، فلم يمض وقت طويل على استيقاظي ، لذلك شغلت وقتي بالتحضير للتنكر الجديد من أجل الغد ، و حينما شعرت باستعدادي للنوم استلقيت على فراشي.

نمت ما يقارب الخمس ساعات فقط ثم أفقت على صوت المنبه.
كان الوقت مبكراً على استيقاظ جدتي ، لذلك نزلت و حضرت لنفسي كوبا من الشاي مع قطعة صغيرة من كعك الشوكولاتة ثم جهزت نفسي للخروج.
ارتديت فستانا بسيطا زهري اللون و باروكة بنية كنت قد صففتها يوم أمس على شكل ظفيرتين ، ثم وضعت عدسات عسلية مع نظارات مستديرة.
هذه المرة مثلت دور فتاة مثقفة تبدو مملة وانطوائية إلى حد ما ، و من ذلك النوع الذي يسمونه دودة الكتب ! و قد أخذت معي كتابين لتأكيد ذلك.


جلست على إحدى المقاعد في المحطة أنتظر قدوم القطار المتجه إلى لندن و الذي كان يفترض أن يصل بعد ست دقائق.
و حينما أتى القطار المنتظر نهضت متجهة نحوه ، و إذا بشخص يمر من أمامي بسرعة و يدخل إلى القطار !

و ما أثار دهشتي أن ذلك الشخص قد سبق و رأيته !
إنه أحد أصدقاء الفتاة الذين جاؤوا للبحث عنها تلك الليلة !
ومن الحوار الذي دار بينهم وسمعت مقتطفات منه.. كان اسمه -إن لم تخني ذاكرتي- جوني !!

تبسمت في سري وأنا أجلس على بعد مقعدين منه.
إن الحظ يقف إلى جانبي هذه المرة !
الآن يمكنني العثور عليها بسهولة ! و كل ما علي فعله هو تتبع صديقها فلا شك أنه ذاهب إلى لندن للقائها !


عند الساعة التاسعة و الربع توقف القطار فقد وصلنا لندن أخيراً !
نزل الشاب قبلي .. انتظرت لحظات ثم لحقته.
كنت أمشي بترو و هدوء تاركة بيننا مسافة مناسبة أزيد عليها حينا ، و حينا آخر أجعلها تتناقص بصورة طبيعية لا تجلب انتباها.

رفع إليه هاتفه ثم أجرى اتصالا قصيرا : مرحبا فلو.. أوه عذرا أنت الخالة دوروثي ؟! نعم أنا صديق فلورا هل هي في المنزل ؟! ذهبت مع ويندي للتنزه ؟! هل يمكنك أن تخبريني أين أجدهما إذا سمحت ؟! أنا ما أزال في محطة القطار .. نعم .. أظن أن هذه الساحة قريبة جدا إلي .. شكراً لك سيدتي .


ثم خرج إلى الشارع و أنا خلفه.
سرنا لمدة عشر دقائق كنت كثيرا ما أفترق فيها عنه و أسلك طرق أخرى ، ثم أعاود اللحاق به مجددا ، كل ذلك حتى لا يشعر بتتبعي له.

كان سينعطف نحو طريق آخر لولا أنه قد لمح صديقتيه جالستين في مقهى مفتوح صغير على الجانب الأيمن للشارع.
أسرع ذاهبا إليهما .. أما أنا فتريثت قليلاً ، و حينما إطمأننت إلا أنه لم يلحظ وجودي دخلت بدوري ذلك المقهى و جلست على طاولة مجاورة لهم .. لم يكن هذا ليثير شكوكهم فعدد الطاولات قليل في هذا المكان ، طلبت عصيرا و بعد أن دفعت ثمنه أخذت أشربه وأنا أمثل دور الفتاة الصامتة المنهمكة في قراءة كتابها ، و كنت أحياناً أخرج هاتفي النقال و أرسم تعابير مختلفة على وجهي متظاهرة بقراءة الرسائل و الرد عليها.

كنت أملك موهبة فطرية في التمثيل و أستمتع كثيراً بأداء الأدوار المختلفة ، و قد نفعتني هذه الموهبة أيما نفع في تنفيذ خططي بنجاح.

كنت أنصت إلى حديثهم بانتباه تام و كانت الفتاة غريبة الأطوار -كما توقعت- قد ذهبت مع رفيقتها لتحذير ريستارك ! و يبدو أنه عاملهم بوقاحته و تكبره المعهودين.

لكن لماذا قام سكرتيره بزيارتهم و سأل كل تلك الأسئلة الغريبة وكأنه محقق جنائي ؟!! ثم إن كان ريستارك يريد الاستفسار منهم أكثر عن هذا الموضوع لماذا لم يفعل ذلك عندما كانوا في قصره ؟!! إن ذلك المدعو باتون مثير للريبة جدا و لا يمكنني تصديق ما يقول !

انتقلوا في حديثهم إلى الأخبار الرياضية التي تبث على شاشة التلفاز و بعد ذلك دفعت الفتاة -فلورا- الفاتورة و نهضوا ثلاثتهم لمغادرة المقهى.
مكثت في مكاني بينما انطلقت ويندي و جوني إلى الشارع ، أما صديقتهما الأخرى فكانت متأخرة عنهما ، لأنها تمشي ببطء و هي تتابع الأخبار على التلفاز بلهفة.

التفت تلقائياً نحو التلفاز .. كان موجز الأخبار الرياضية قد انتهى و بدأت أخبار الفن و الموضة.
لم تكن تلك الأخبار تشكل أي أهمية بالنسبة لي ، لذا أعرضت بوجهي عنها ، لكن شد انتباهي تغير كبير لاحظته في الشاشة و أنا أدير رأسي .. كانت نشرة الفن قد قوطعت بسبب خبر عاجل !

وقفت على قدمي بفاه فاغر .. ريستارك قد مات !!
مستحيل ! كيف حدث ذلك ؟!
ما هذه الصدفة التي تجعله يموت بعد أقل من يومين من تهديدي بقتله ؟!!
و في حادث مروري ؟!! هذا لا يبدو لي أبدا كمجرد حادث !
بل لابد أن تكون جريمة قتل مدبرة عن سابق تخطيط !
و أكاد أجزم أن لباتون يدا في ذلك ! إما أن يكون القاتل نفسه أو شريكا له في ارتكاب الجريمة !


كان الثلاثة متخشبين في أماكنهم جراء الصدمة العنيفة !
فذلك الخبر جاء صاعقا ، لم يكونوا ليتوقعوا حدوثه في أي حال ، لكن بكل تأكيد كانت صدمتي هي الأعظم ! فأنا هنا القاتل الذي لم يرتكب جريمته التي هدد بها ، لأن قاتلا آخر وفر عليه هذا العناء !!

سحبت فلورا صديقتها : لنعد إلى بيت خالتي و نتحدث هناك يا ويندي ! <التفتت نحو صديقها الشاب مضيفة : و أنت كذلك يا جوني !

وقف الثلاثة على الرصيف في انتظار سيارة أجرة تعيدهم إلى البيت.
حينها غادرت أنا المقهى و دخلت رواقا ، ثم نفذت منه إلى واحد آخر كان قبل متر واحد فقط من البقعة التي يقف فيها الثلاثة.

أسندت ظهري إلى الجدار ، و بقيت أنتظر حتى توقفت لهم سيارة ، فلم يلبث أن انسل الثلاثة إليها.
خرجت من مخبئي في اللحظة المناسبة و حين مررت سريعاً بجانب السيارة التقطت أذناي المرهفتان من خلال النافذة المفتوحة العنوان الذي أعطته فلورا للسائق !

و عندما لم يتبق لدي عمل آخر أقوم به هناك عدت أدراجي إلى مانشستر.

لأتلقى في اليوم التالي أعظم صدمة في حياتي.
الأربعة الباقون بيفورت ، لابوف ، روبارج ، و هندسون كلهم قتلوا !!
ما هذا الجنون الذي يحدث ؟!!
من المستحيل أن يكون كل هذا ضربا من الصدف !
هناك شخص ما سمع بوعيدي و قام بتنفيذه بدلا عني !
لكن السؤال هو .. لماذا ؟!!
لماذا ؟!! لماذا ؟!!
أكاد أفقد عقلي !

ظللت أفكر و أفكر و لم أجد غير سبب واحد لا أكثر !
و هو أن مرتكب الجريمة يملك دافعا قويا لها ، و كان ينوي قتل أؤلئك الخمسة مسبقاً ، لكنه لم يجد الفرصة السانحة لذلك ، لأنه سيكون في دائرة الشبهة !
لذلك جاءته قصة ويندي عني فرصة ذهبية لا يمكنه تفويتها ! إذ ستتجه أصابع الاتهام -بكل تأكيد- إلى صاحب التهديد الذي ظهر في القرية ليلة الثامن من تموز و هو أنا ! و لا شك أن القاتل الحقيقي كان يملك حجة غياب مقنعة عن ذلك المكان !

أجل لابد أن يكون الأمر كذلك !

ثم خطر على بالي فجأة سبب آخر .. لكنه غير محتمل و مع ذلك شغلني التفكير فيه .. هل يمكن أن يكون الدافع لارتكاب هذه الجرائم تباعا خلال يومين فقط ... هو حمايتي .. أو الانتقام من أجلي ؟!!

هززت رأسي بقوة مبعدة عنه هذه الفكرة الغريبة.
لا.. لا.. لا يمكن أن يكون ذلك !
فكيف عرف ذلك الشخص أصلا أنني أنا صاحب التهديد إن كانت ويندي التي نقلت القصة إليه لا تعرف ؟!!
ثم.. لا يوجد إنسان في الدنيا .. يمكن أن يهتم بي إلى هذه الدرجة !

منذ أن فقدت أسرتي لم أذق طعم السعادة و لم أشعر يوماً أن أحدا يحبني بصدق !
حتى الجدة لويز والسيد ميلارد !
كنت بالنسبة لهم ذكرى أخيرة من أحباب رحلوا عنهم ، كانوا يرعونني و يعاملونني بلطف و محبة .. وفاء لأؤلئك الأصدقاء و الأحبة !
لأنني حفيدة جوزيف و كارولينا أفضل أصدقاء جدتي
و ابنة إيفا المرأة التي كان السيد ميلارد يحبها بكل إخلاص
و ليس لأنني لونا !

لم يكن هناك شخص يحبني لذاتي فقط إلا "هو" !
أخرجت صندوق الموسيقى الذي أهداني إياه ، فاغرورقت عيناي بالدموع ، لا.. كنت أتوهم فقط ، لقد نسيني منذ زمن ، أنا التي كنت أحبه ولا أزال ، أما هو فلا أظن ، و لطفه الشديد معي كان ناتجا عن امتنانه لإنقاذي حياته و ليس أكثر من ذلك !

عند هذا الحد أغمضت عيني و توقفت عن التفكير .. فقد أرهقت عقلي دونما فائدة.
ثم فجأة تذكرت تلك الفتاة .. ويندي !
ما الذي سيحدث لها ؟!
إن مرتكب الجرائم أيا يكن شخص في غاية الخطورة و تلك الفتاة مندفعة و متهورة بشكل لا يصدق !
يجب أن تعود إلى قريتها و تبعد نفسها عن الخطر !


ثم قفزت إلى ذهني فكرة كتابة رسالة إليها أنصحها فيها بالحذر و عدم الوثوق بأحد خصوصا ذلك السكرتير المتملق باتون !
لم أكتبها بخطي ، بل على الحاسوب ثم قمت بطباعتها !

ارتديت ملابسا سوداء وقبعة من ذات اللون -فهذا اللون الأسود هو الأنسب للتخفي- ثم تسللت خارجة من المنزل.

كان حسن تصرف مني أن حصلت يوم أمس على عنوان المنزل الذي يقيمون فيه ، فأنا في حاجة إليه الآن.
وقفت هناك مترددة .. هل أضعها في صندوق البريد و أنصرف ؟!

ثم أسرعت متوارية عن الأنظار خلف شجرة كبيرة ، كان الثلاثة يخرجون من المنزل !
و قد خرجت إمرأة -أحسبها خالة فلورا- إلى الحديقة لسقاية النباتات ، و لم يعد في وسعي الاقتراب من المنزل ، لأنها ستراني و أنا أضع الرسالة في الصندوق !

لهذا السبب اضطررت للحاق بالثلاثة ، فليس أمامي إلا دس الرسالة في جيب تلك الفتاة بنفسي !

ساروا و سرت أنا معهم لما يقارب الربع ساعة ، و كانت وجهتهم في الأخير هي السوق.
واصلت تتبعهم محاولة إقتناص أي فرصة لدس الرسالة ، لكن تلك القردة لم تكن تتوقف أبدا ، كانت تقفز من محل لآخر و تركض في الطرقات ، كان غباء مني أن قطعت كل هذه المسافة من أجل مزعجة مثلها.

و حينما توقفت أخيراً .. توقفت وسط الشارع !
كادت أن تسحقها سيارة لولا أني جئت في اللحظة المناسبة و سحبتها بعيداً و في الوقت نفسه دسست الرسالة في جيبها بيدي الأخرى !

ثم انصرفت سريعا قبل أن تفيق من صدمتها.

هذه الفتاة كارثة !
إنها تجذب المصائب إليها كما يجذب المغناطيس الحديد !
لقد فعلت كل ما أستطيع لتحذيرها -مع أنني حقيقة لا أتوقع أن تلتزم بنصيحتي !- وليس في مقدوري القيام بشيء أكثر من ذلك ، فأنا لدي من المشاكل و الهموم ما يكفيني و يزيد ، و لست متفرغة لحراستها طوال الوقت.
ذلك إلى جانب أني لن أمكث أكثر من ذلك قي إنكلترا و سأغادرها إلى فرنسا في أقرب فرصة.

سأعود إلى بلادي ، إلى المكان الذي ولدت فيه و عشت على أرضه مع عائلتي.. حتى رحلوا و وارى التراب أجسادهم ، تلك البلاد هي أيضاً مقر أعدائي و خصومي الذين سببوا المعاناة لي و لكثير من الناس الأبرياء ، لذا سأعود .. سأعود لأنتزع منهم كل ما نهبوا من أموالي و ثروتي ، سأشتت نفوسهم و أملأ قلوبهم خوفاً و رعبا ، ثم أنهي حياتهم و أخلص العالم من شرورهم حتى لا تكرر مأساتي مرة أخرى !


لم تكن جدتي لتوافق مطلقا على طلب كهذا -خصوصاً أني اخترت باريس و ليس مدينة أخرى- لولا إلحاحي الشديد عليها ، كنت مصرة على السفر بأي طريقة قائلة بأني لم أعد أستطيع العيش مدة أطول في هذه البلاد ، و قد عزت جدتي ذلك إلى موت سونيا التي كانت تحسبها أقرب شخص إلى قلبي ، عندها لم يكن أمام المسكينة إلا الرضوخ حزينة لمطلبي !

هناك بدأت تحركاتي بشكل فعلي.
فقد عثرت على الساحر رانكورت متنكرا كمصمم أزياء إيطالي الجنسية ، و أقنعته بالعمل لصالحي ، فوافق سريعا حينما وجد أن فرصته الوحيدة في النجاة تتمثل في الانضمام إلي !

كنت قد علمت مسبقاً عن الكونت ومنظمته المسماة بالعقارب و عرفت أنهم يشتركون معي في مواجهة العدو نفسه ، لكني لم أكن متأكدة بشأن هوية الكونت حتى سألت رانكورت !

أجابني : هناك شخص واحد لا غير يمكن أن يملك العقل الذكي و الشخصية القيادية و الدافع القوي ليكون الكونت.. و هو آلويس !

دهشت تماما لذكر هذا الإسم الذي كان آخر ما تلفظ سلايدر به قبيل موته ! فسألت : ومن يكون هذا الآلويس ؟!

- قبل سنوات عديدة أنشأت المنظمة مدرسة خاصة تضم العباقرة من مختلف الجنسيات و الطبقات ، كانت تهدف لإستثمار مواهبهم و تطويرها ثم استغلالها لخدمة المجتمع ! هذا كان في الظاهر فقط ، أما الحقيقة فهي أن ذلك المكان كان أقرب لثكنة عسكرية من مدرسة عادية ! كان قادة المنظمون يخطط لصنع جيش فريد من الأذكياء والمتفوقين هدفه و عمله الوحيد هو خدمة مصالحهم في السيطرة و نشر نفوذهم في كل أصقاع الأرض.
كان من أفضل طلاب تلك المدرسة و أكثرهم تميزا و دهاء.. آلويس !
لقد زرت تلك المدرسة في إحدى المرات و التقيت به ، كانت له شخصية متفردة تماماً و لم يكن يخشى أحداً أو شيئا ً، بل في الواقع كان المسؤولون من يخشونه ، لم يكن يكثر الكلام و لكن حين يتحدث ينصت الجميع لقوله ! كانت في عينيه الهادئة نظرات ثاقبة مخيفة تخترق القلب ! إنه باختصار إنسان بروح شيطان !

سألت بارتياب : و كيف.. كان يبدو ؟! أعني مظهره الخارجي !

- حسبما أتذكر فقد كان له شعر بني بلون الكستناء ، و عينان ذهبيتان ، و لا أظن من المهم التحدث عن طوله أو رشاقته ، لأنه حينما رأيته لم يكن عمره قد تجاوز الثانية عشرة !

كنت أحملق فيه ذاهلة و أنا أصغي لكلماته و تعابير الصدمة تعلو وجهي ، و عندما توقف عن الحديث سألت بلهفة : قلت أنه يملك دافعا قويا ليفعل ما يفعله الآن .. فما هو هذا الدافع ؟!!

تردد رانكورت في الاجابة لوهلة ، لكنه في الأخير استسلم لنظراتي الحازمة و أجاب : لقد قتلت المنظمة عائلته كما فعلت مع العديد من طلاب المدرسة ! كانت تعمد إلى تصفية كل من يمكن أن يكون عائقا لتنفيذ خططها ، و العوائل التي تضم بين أفرادها نوابغ -و لا نية لها بإرسالهم للمدرسة التابعة للمنظمة- يتم اعتبارها عائقا يجب التخلص منه !
و المنظمة لم تكتف بقتل أسرته فقط بل حاولت قتله أيضاً مرارا و تكرارا -فقد شعر قادتها أنه سيشكل تهديدا عظيماً على وجودهم إن تركوه حيا- حتى أنهم أرسلوا فرقة من القتلة خلفه استمرت تطارده حتى نيس ! ثم أعلنوا أنهم نجحوا في قتله هناك ، قالوا أنهم أطلقوا على صدره أربع رصاصات من المستحيل أن يعيش بعدها ، لكن يبدو أنه تمكن من النجاة بطريقة ما !

كانت حالتي حينئذ عصية عن الوصف !

لم أكن أستطيع تصديق الذي سمعته من رانكورت !
ذلك الفتى الرائع اللطيف .. هو نفسه آلويس الفتى الخطير على المنظمة و الذي أضحى الآن قائدا لمنظمة من المغتالين المحترفين ؟!!
إذن فهو الذي قتل الرجال الخمسة قبل أربع سنوات !


هذا الخبر لم يكن ليسعدني بأي شكل ، بل اخترق قلبي كنخجر مسموم !

فهذا يعني أنه كان على دراية بما حصل معي ، و رغم ذلك .. لم يأت ليطمئن علي .. لم يتصل ليسأل عن حالي .. و لم يرسل حتى رسالة يبدي فيها اهتمامه بي .. كل ما فعله هو أنه قتل أؤلئك الرجال الذين ظنهم آذوني.
لكن لم يكن ذلك ما أريده .. لم أرد منه قتلهم .. و لا أعاتبه أبدا على عدم مجيئه لمساعدتي حين رميت في البئر ، لأنه من المستحيل أن يعلم بكل ما يحدث ، لاسيما أن التخطيط لقتلي تم بسرية كاملة و لم يعلم عن هذا الموضوع سوى منفذيه سونيا و سلايدر !
الشيء الوحيد الذي كنت أنتظره منه .. هو السؤال وإبداء بعض الاهتمام..
لم يكن ذلك بالطلب الصعب .. و لكن قد يغدو كذلك حين لا يكون ذلك الاهتمام حقيقياً نابعا من حب صادق.

لكن الخطأ في الواقع خطئي أنا ، هو لم يقل أي شيء بخصوص مشاعره اتجاهي ، لكني لحبي العميق له توقعت أن يبادلني الأحاسيس نفسها ، و يبدي تجاهي ولو شيئا صغيرا من الاهتمام العظيم الذي كنت أوليه له.

لكنه في النهاية حر فيما يفعل و لا يحق لي معاتبته حتى لو كنت أنقذت حياته يوماً ما ، لأنه بالفعل قد رد ديني عليه بقتله الرجال الخمسة ، و لم يعد هناك شيء بيننا ... أنا و هو الآن فقط حليفان نقاتل عدوا واحدا في هذه الحرب .. حالما تنتهي لن يعرف أي منا الآخر.

إن الحياة لا تفتأ تعلمني دروسها القاسية كل يوم ، و درس هذه المرة هو .. لا تتوقع الكثير من البشر ، لأنك بقدر ما تكثر من التفاؤل بقدر ما تزيد خيباتك !

سأركز على أهدافي ولن ألتفت لشيء يشغلني عنها ! و تلك المشاعر السخيفة سأسحقها سحقاً و أمحوها من داخلي !
سأفرغ قلبي من كل من فيه ، فلا يبقى إحساس يسكنه إلا الكراهية ! كراهيتي المتأصلة في دمائي هي التي ستواصل دفعي لتحقيق ثأري المنشود !

و بالفعل .. هذا ما قمت به !
وقد اكتشفت أنني يمكن أن أكون قوية للغاية إن أحكمت السيطرة على عواطفي.

لكن.. المفاجآت لا تنتهي أبدا في قصتي.
فقد بدأت أعاني فجأة من اعتلال في صحتي ليس له سابق ، كنت أسعل كثيراً و أواجه ضيقا في التنفس.
في البداية لم أكترث للموضوع و طمأنت نفسي بأن ذلك جراء نزلة برد أو شيء من هذا القبيل ، لكن عندما أخذت حالتي تسوء أصبح الشك يراودني ، فذهبت إلى الطبيب وأجريت الفحوصات.

لم تكن تلك بالصدمة المدوية ، فقد شككت بأن يكون الأمر كذلك ، و لا كان خبرا مفجعا فأنا لست خائفة من الموت ، بل إنني أجده أكثر رحمة و راحة لي من الحياة المقيتة التي أعيشها.

لم أمكث في المشفى ولم آخذ أيضاً أي علاج ، فتلك الأدوية الكريهة تفتك بالمريض أكثر من المرض نفسه.
كما أنها ستلفت أنظار الجميع -من بينهم جدتي- إلى مرضي و أنا لا أريد لأي بشر أن يعلم بخصوصه.

تناسيت آلامي وقررت استغلال كل وقتي المتبقي للتعمق أكثر فأكثر في تفاصيل الخطط و دراستها بشكل كامل و دقيق قبل الشروع في تتفيذها !
كانت الخطط كبيرة و متشعبة ، لذلك احتجت إلى ضم المزيد من الأتباع و الحلفاء معي.
و قد ساعدني رانكورت في ذلك بحكم دائرة العلاقات الواسعة التي يملكها و كان من أبرز من اخترت هما التوأم آغويلارد !
اللذين أرسلتهما للتسلل إلى المنظمة والانضمام لفرقة الاغتيالات الخنجر المعقوف التي كانت حينئذ بقيادة إيفان أوران !

ثم جاء ذلك اليوم الذي قدمت فيه إلى بيت السيد أوتيير .. لأفاجأ بتلك الفتاة ويندي موجودة هناك !
لم تكن بمفردها بل كان معها أربعة أشخاص أتوا للتحقيق في جرائم الكونت !

كانت منزعجة و ترمقني بنظرة استياء ، و سبب ذلك أوضح ما يكون فقد أهملها الشاب الذي كانت تحادثه والتفت ينظر إلي ، لا شك أنها معجبة به ، لذلك استبدت بها الغيرة حينما أحست بأنه مهتم بي أكثر منها .. تلك الطفلة الساذجة لم تتغير أبدا !
رغم تحذيري لها و مرور أربع سنوات على تلك الحادثة لا تزال عازمة على البحث عني ! إنها تحسب الأمر لعبة مسلية و لا تدرك إطلاقاً خطورة الموقف الذي وضعت نفسها فيه !
بحق الله ما الذي علي فعله مع متحجرة الرأس هذه لتفهم ؟!!


تركتها هناك و عدت لمنزلي ، و في اليوم التالي ذهبت لزيارة جان ، فوجدتها هناك برفقة الشرطي الألماني و ذلك المشاكس يجلدها بسوط لسانه !
إنه وقح و لسانه سليط لاذع ، لكنه في الداخل غاية في الطيبة والنقاء ! كان وحيدا تماماً بسبب طريقته الجلفة في معاملة الناس ، و قليلون جدا من يعرفون حقيقته -و أنا منهم- لذلك عودت نفسي على زيارته والتردد على منزله بصورة دائمة ، لم أكن أحب رؤيته وحيداً لأنني أعلم كم هي الوحدة مؤلمة !
لا أظنه أحب وجودي في حياته فهو دائم التذمر من زياراتي له و يحرص على استقبالي كل مرة بوجهه المتجهم.
لكنه رغم كل ذلك شخص وفيّ يستحق الثقة ، و قليل جدا من هو كذلك هذه الأيام.


و مع أني وقفت ضد جان مدافعة عن تلك الفتاة إلا أن عدائيتها تجاهي لم تتغير.
كانت تكرهني و لا تكلف نفسها عناء إخفاء ذلك ، لكن هذا التصرف لم يزعجني مطلقاً فهي في نظري لا تزال طفلة -رغم كونها أكبر سنا مني- كما أنها ليست من النوع الحقود الحسود ، و كرهها لي مبني على أسس ضعيفة -حتى في نظرها هي- يمكن أن تنهار في أية لحظة !


وفي اليوم التالي حدث شيء لم يكن في الحسبان !
فبعد أن خرجت ليلا من المنزل للقاء رانكورت إذا بي أصطدم بشخص ما !

رفعت عيني لأرى الشرطي الألماني دان بيكارت واقفا أمامي يبتسم لي بطريقة غامضة .. قال : مساء الخير !

قلت على عجل : مساء الخير .. اعذرني لكن لا وقت عندي للحديث !

أمال رأسه للجانب قليلاً : لم هذه العجلة ؟! إلى أين أنت ذاهبة ؟!

أجبت مشيرة إلى الكيس في يدي : اشتريت ثوبا قبل يومين لكنه طويل أكثر مما ينبغي ، لذلك أريد الذهاب للخياط حتى يقصره لي قليلاً.

أمعن النظر في بابتسامة خبيثة : ألا يكون الخياط موجودا إلا في الساعة العاشرة ليلاً ؟!

حاولت أن أكون صبورة قدر المستطاع و ألا أفسد صورة الفتاة الطيبة المهذبة التي رسمتها لنفسي و التزمت بتأديتها.. فقلت مبتسمة : لا ، أنا التي كنت مشغولة طوال اليوم ولم أجد وقتا لتسليم هذا الثوب.. حتى حل المساء !

عندها صفر و قال فظهر في صوته قدر ليس بقليل من السخرية : أها.. إذن اسمحي لي بحمل هذا الكيس عنك يا آنسة !

مد يده نحو الكيس ، فقلت : إنه ليس ثقيلا لكن تستطيع حمله إن كنت مصرا !

ثم مددت يدي بالكيس له ، لكن يده الأخرى غافلتني و أمسكت حقيبتي من الأسفل !
بدا و كأنه يزنها ، ثم قال معربا عن تفاجؤه بصورة غريبة : إنها حقيبة ثقيلة.. بالنسبة لمن يذهب لخياط فقط ! <ثم أضاف ضاحكاً : هل تحملين فيها مسدسا يا ترى ؟!!

هذا الشاب ليس غبياً أبدا بعكس ما يبدو عليه !

قلت ببرود و أنا أزيح يده عن حقيبتي بهدوء : و هل من مشكلة في ذلك ؟!

رقت نظراته فجأة : عندما رأيتك أول مرة اعتقدت أن جمالك هو الشيء الوحيد الذي يميزك لكني كنت مخطئا ! تفردك أعمق من أن يكون شكلا خارجيا ! أنت لست فتاة عادية ، و ما تفعلينه ليس عاديا كذلك ، هذا ما أنا واثق منه !

ارتسمت على وجهي ابتسامة ضجرة ساخرة و أنا أقول : هل انتهيت من مغازلتك ؟!
ضحك قائلاً : وهل يوفيك الغزل حقك ؟!

كان صبري يوشك على النفاذ حينها ، لكني سيطرت على نفسي وقلت ممازحة : إذن يبدو أنني سأضطر لاستخدام المسدس !

ضحك و رفع يديه مظهرا استسلامه : لا ، سأذهب فليس لدي شك في مقدرتك على قتلي !

و عندما هممت بالذهاب أضاف على غير توقع : لكن لا تقتلي أحدا !

التفت إليه مقطبة الجبين : و هل أبدو لك كمن يرتكب جريمة ؟!

نظر في عيني مباشرة : لا ، لا تبدين كمن سيرتكب جريمة ، بل كمن سبق له ارتكاب واحدة على الأقل !!

رفعت أحد حاجبي في استنكار : ما الذي تتفوه به ؟!

تشكلت ابتسامة واثقة على طرف فمه : هذا الحرص و الحذر في عينيك.. لا يمكن أن يكونا إلا لقاتل متمرس !

انعقد حاجباي وأنا أقول باستخفاف : و كيف يمكنك أن تميز القاتل من نظرة أيها الذكي ؟!

- ألا يقولون أن الكذاب لا يخدع بالكذب ؟! أنا عرفت أنك قاتلة ، لأنني أنا أيضاً قاتل !!

توسعت عيناي في دهشة ما لبثت أن زالت وقلت ببرود : قلت أنك قاتل ؟! هل تعرف حجم الكلام الذي تقوله ؟!

وضع يديه في جيبه قائلاً بمرح : يمكنك إبلاغ الشرطة إن شئت لن أمنعك ! لكني لا أظنك ستفعلين !

- ولم لا ؟!

- لأني سأصبح مساعدك !

- هاه ؟! وما حاجتي بمساعد ؟!

- يمكنني أن أجمع لك المعلومات ، و أقوم بالأشياء التي لا تستطيعين القيام بها بنفسك ، كل قائد يحتاج مساعدا !

- ومن قال لك أنني قائدة ؟!

- تمتلكين كل المقومات التي تخولك لتصبحي قائدة ممتازة !

- حسنا و مالذي يدفعني لاتخاذك مساعدا لي ؟! وكيف يمكنني الوثوق بك أصلا ؟!

- سأكون مفيدا جدا لك تأكدي من ذلك ! أما عن كيف تثقين بي فأنا مستعد لإطلاعك على كل شيء يتعلق بي ، و بعد ذلك قرري إن كنت أستحق ثقتك أم لا !


ثم روى لي قصة طويلة عن حياته العصيبة مع أمه المتسلطة و التي كانت تريده أن يتزعم العصابة مستقبلا ، و كيف اضطر في إحدى عمليات السطو أن يقتل شرطيا كان على وشك أن يطلق الرصاص عليه ، و بعد ذلك دخوله كلية الشرطة ، ثم التحاقه بجهاز الشرطة في فرانكفورت و كان اختياره لمرافقة آوتنبورغ ما هو إلا ذريعة للهرب من سلطة والدته والابتعاد عن جو العصابات الكريه هناك .. كان يتحدث ببساطة شديدة لم ألمح فيها أية إشارة للكذب ، لكن الحذر واجب رغم كل شيء !

سألت حين انتهى من سرد حكايته : لكن لماذا تريد الانضمام إلي ؟!

هز كتفيه وقال : لأني شعرت أن عملي معك سيكون مليئاً بالاثارة والمتعة !

- والصفعات أيضاً !

ثم صفعته بالكيس على وجهه فضحك !


أبديت له موافقتي -ظاهرياً- على انضمامه لي ، و طلبت إليه إخباري بكل المستجدات عن آوتنبورغ والآخرين.
وفي الوقت نفسه أرسلت أحد أتباعي لفرانكفورت للتأكد من صحة القصة العجيبة ، و كان كل ما قاله بيكارت صحيحا تماماً !

كنت أعلم أن كل واحد من مجموعة المحققين -باستثناء السيد أوتيير- يخفي سرا خطيرا ! آوتنبورغ كان عقربا ، الدكتور كروست عميل سري للمنظمة ، بيكارت ابن أسرة تتزعم أقوى العصابات في فرانكفورت ، ويندي.. لم يكن سرا يتعلق بهويتها أو انتمائها ، لكنها أخفت معلومة مهمة عنهم و هي لقاؤها بي -وكان ذلك هو التصرف الحكيم الوحيد لها- أما كلارك .. فلم أستطع معرفة السر الذي يخفيه حتى سمعت به من المنظمة !

كان أخي .. أخي الأكبر وليام !! لقد شعرت بشعور حميم تجاهه ، لكن لم أتخيل للحظة أن يكون أخي ، لأن أخي قد مات .. حسبما سمعت !
و لكن يبدو أنه طوال هذا الوقت كان حيا ! و دون أن أعرف أي شيء عن ذلك !
هل كان ينتظر موتي حتى يظهر نفسه ؟!!
أيا كان السبب الذي دفعه لفعل ذلك لا أستطيع إلا الشعور بالغضب منه !


تلك الويندي دوماً ما تحشر نفسها بين أناس مشبوهين ! هذه المتهورة العنيدة تسبب لي القلق على الدوام ، كانت بين خطر المنظمة من جهة و العقارب من جهة أخرى ، مع أن الكونت لم يكن من طبيعته مهاجمة الأبرياء ، لكني أحسست أنه يريد التخلص منها كإتمام لرد ديني عليه ، فويندي قد شهدت تهديدي تلك الليلة و ربما إن أفصحت عما تعرف سيعلم قادة المنظمة بأمري ويقتلونني فورا ! أغلب ظني أن الكونت لا دراية له بأن مهمة قتلي كانت بتكليف من القائد الأعلى نفسه و أن القادة الآخرون لا يعلمون شيئاً عن الموضوع !


لذلك لم يكن أمامي خيار سوى دعوة ويندي إلى منزلي لتظل بأمان أطول فترة ممكنة ، ثم أرسلت لآوتنبورغ رسالة أخبرته فيها عن معرفتي بانتمائه للعقارب و طلبت منه أن ينقل الرسالة للكونت و التي كانت رسمية و مختصرة جدا :

"ويندي ماكستر تحت حمايتي ! نحن حلفاء و لا أظن الكونت يقتل صديقاً لحليفه !"

و كما كان متوقعا منه فقد استجاب لرسالتي و أحجم عن التفكير في قتلها !

في ذلك الحين .. وصل لقادة المنظمة أمر جديد من القائد الأعلى وهو قتلي في الحال !
كانت هذه المهمة قد وكلت لإيفان بداية الأمر ، لكني سربت إليهم -عن طريق تابع لي- خبرا مزيفا مفاده أن الكونت يخطط لهجوم شامل على إحدى أهم قواعد المنظمة خارج باريس ، فتم إرسال إيفان لحمايتها و حولت المهمة للتوأم آغويلارد كما خططت !

وكان اليوم الذي تقرر فيه تنفيذ المهمة .. هو يوم ذهبت مع ميليسا إلى المحكمة ، و بعد أن انتهت القضية لصالح ميليسا و خرجنا من المحكمة .. لأول مرة بعد مضي إحدى عشر سنة .. التقيته به هو !!

لم أكن حينها واثقة من أن هذا الرجل هو نفسه ذلك الفتى الذي قابلته في نيس ، إذ كنت طفلة صغيرة و بالكاد أتذكره و هو كذلك كان طفلاً و قد كبر الآن و تغير كثيراً من عدة نواح !

كنت مرتبكة و مشتتة للغاية .. لم أعرف كيف أتصرف و ماذا أقول.. حتى جاء جان و سحبني من أمامه !

انزعجت قليلاً لأنه جرني من ذراعي فجأة و بتلك الطريقة الفظة ، لكني كنت شاكرة له ، فقد أنقذني من ذلك الموقف المحرج !


و عندما عدت للمنزل كانت الإجراءات لتمثيلية الموت قد اكتملت !
لذلك خرجت من المنزل بحجة شراء الملح -الذي كنت تناسيته- وقمت بتأدية الدور الرئيسي في التمثيلية.

كان ذلك العمل كريها جدا ، لكن توجب علي القيام به.
لن أستطيع التحرك بحرية ما لم أخرج كليا من دائرة الشبهة و لن يتحقق ذلك إلا بموتي !

أنا آسفة ، لكن لم يقدر لي أن أعيش حياة طبيعية !
بل إن الحياة نفسها لن تمكث طويلا عندي !
وفاتي بهذه الطريقة السريعة أهون بكثير من رؤيتكم لي والمرض يعذبني حتى الموت !

منذ ذلك اليوم لم أعد لونا ، أصبحت شخصاً مختلفاً ، و بدأت مرحلة جديدة من خطتي -هي الأخطر بين جميع المراحل- باسم كوبرا .. ملكة الثعابين !

كان كل شيء يسير بصورة جيدة جدا ، فقد دخلت إلى المنظمة غن طريق رانكورت كطالبة سابقة في مدرسة النجوم المضيئة تدعى أنجلينا !
معلنة أمامهم أن هدفي الوحيد هو هزيمة الكونت بأي وسيلة ، و كان من الحكمة إظهار شيء من الاحتقار للمنظمة والاعتراف بأني تحالفت معهم لأجل نفسي فقط ، فقد جعلتهم صراحتي و جرأتي يثقون بي ثقة عمياء !


ثم شرعت في تدميرهم ببطء ، و كان ذلك عملا مشتركا بيني و بين الكونت ! حيث كنا نتناوب في الهجوم عليهم هو من الخارج و أنا من الداخل !
كان لدينا توافق فكري مدهش ، مع أننا لم نجتمع قط لنخطط معا ، لكن كل واحد منا يفهم تفكير الآخر -و كأن بيننا تخاطرا ذهنيا- و يتحرك على هذا الأساس !

إنني بحق أحترم الكونت و شخصيته القيادية الفذة ، و تبهرني حكمته في اختيار أتباعه ، و حنكته في اتخاذ القرارات ، و بصيرته النافذة في النظر إلى الوقائع و تكهن نتائجها !

لكني.. لم أرغب مطلقاً في لقائه !

و كانت صدمة عنيفة لي أن أقابله في قصر الثعلب العجوز لامارك !
كان بالتأكيد يعرف كل شيء عني ، لكني واصلت تمثيل الخصم المنافس أمامه !
لم نكن وحدنا و لم أكن لأسمح بأن يعرف أحد حقيقتي !
و قد قام هو بمسايرتي و مثل بشكل متوافق معي !
لم أفهم لماذا طاوعني ، و لم يكشف هويتي لا لأتباعه و لا للسيد لامارك !
لكني ممتنة له بسبب ذلك !
و قد أحسست فجأة بضميري يؤنبني وأنا أنظر إليه .. بشأن صندوق الموسيقى الذي تخليت عنه لويندي ! لقد كان تصرفا حقيرا مني .. ندمت عليه كثيراً ، و تمنيت لو أني لم أفعله !

كانت تلك آخر مرة رأيته فيها !
و كنت حريصة على ألا نلتقي مجددا ً.. حتى أموت !
فرؤيته توقظ في داخلي مشاعر موجعة دفنتها منذ سنين و كدت أنسى وجودها.
لا أحسب أن موتي يمكن أن يشكل خسارة له ، فهو يملك الكثير من الناس الأوفياء الذين يحبونه و يقدرونه و هم على أتم استعداد لفعل أي شيء من أجله.
و هو كان فخورا بهم و يهتم لأمرهم كل الاهتمام !

و هذا ما يفسر نسيانه لي ، فهو لم يعد في حاجة لوجودي في حياته !
هو لا يدرك إطلاقاً كم آلمني ذلك !
كم تمزق قلبي وأنا أراه حريصا عليهم لا ينسى أحدا منهم ، في حين أنه لم يقل لي كلمة واحدة عندما كنت موشكة على الموت !

كل هذه الكلمات المعاتبة كانت حبيسة قلبي !
لم أطلع إنساناً عليها ، لم تنبس بها شفتاي ، فلدي من الكرامة ما يقمع هذه المشاعر المهينة !
لست ممن يتملق لغيره ليطلب وده ، أو يتذلل له ليرجو عفوه ، أو يطلب من أحد أن يحبه !
أمقت استعطاف الناس و استدرار شفقتهم ، و لا أرضى لنفسي أن أظهر ضعيفة منكسرة !
مهما بلغ بي الضعف و الوهن سأظل أظهر القوة والصلابة !

لكن اعتزازي بنفسي -وا أسفاه- تهاوى فجأة و نطق لساني الأحاسيس التي تعتصر في قلبي بعد أن قمعتها زمنا طويلاً ، و كل ذلك كان بسببهم .. العقارب !
لم أستطع مسامحة نفسي على ما قلت من كلام ، فقد أهنت نفسي أمامهم !
تلك كانت وصمة عار على جبيني لا يمكن أن تمحى !

لكني لا أستطيع تغيير الماضي لذلك سأقبل به وأواصل مشواري.

سأنتهي من مورفان و قادة منظمته ، ثم أرتاح .. راحة أبدية لا أعاني بعدها !


كلمات أخيرة .. ترددت على لساني وأنا أدنو من الموت تمنيت لو أستطيع البوح بها..

"أنا آسفة ، سامحوني جميعكم ! لقد دفعت دفعا لأصبح هكذا ، و أرغمت على التصرف بأنانية و قسوة ، إنني راحلة عما قريب ، و كل ما أرجوه منكم أن تغفروا لي .. خصوصا أنت يا ويندي !
لقد كنت أفضل صديقة لي !
شكراً لوقوفك بجانبي!"












رد مع اقتباس
  #195  
قديم 07-25-2016, 05:25 PM
 
حجز
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:24 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011