عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree47Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 03-19-2016, 09:44 PM
 

Mîšš Řøśãłıņə♡

و عليكم السلام و رحمة الله وبركاته
بأحسن حال أتمنى تكوني مثلي

شكرا من القلب على تلبية الدعوة

أشعر بالإمتنان الكبيـــــر إتجاهك أختي
لا أبدا لم تخيبي ظنك و لو لوهلة ، لو شفتي تعابير وجهي المتفاجأة و أنا أشوف ردك راح تفطسين ضحك علي :lamao:
إن شاء الله ما أخيب ظنك في البارتات القادمة
و أعدك بالكثيــر من التشويق و الإثارة
شكرا من جديد على ردك الجمييل
سأنتظر ردك القادم على أحر من الجمر حب5
دمت بود يا غالية

سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
__________________



  #7  
قديم 03-19-2016, 11:20 PM
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف الحال غاليتي ؟!
مبارك عليكِ مولودتك الجديدة ..
-
العنوان :
عنوان رائع و جذاب , مبهم و متداخل .. يحمل الكثير من غموض و التشويق ..
بصراحة العنوان أسرني و شدني للداخل ..
الوصف و السرد :
على الرغم من أن المقدمة تمثلت في أسطر قليلة إلا أنها أظهرت لنا مدى إحترافك بالسرد و الوصف ..
الوصف لم يكن مبتذلاً مثلما نرى عادةً , إنما جميل ..
وصف حي للأحداث بطريقة جذابة ..
أما السرد ..
فستظهره لي الفصول , مقدمة غير كافية لأظهار مدى براعتك في هذا الجانب ..
على الرغم من كون وصف المقدمة رائع للغاية فأرجو ألا يخيب أملي في السرد كذلك
الحبكة :
تترك ما لا يعد و لا يحصى من التساؤلات ..
فما الذي فعلته تلك الشقية البلهاء , لتقلب حياتها رأساً على عقب , متشوقة فعلاً لها ..
نصائح :
*لا تسارعي في الأحداث و بنفس الوقت عددي بها في الفصل كي لا يمل القارئ
*جمال الوصف لديك أخاذ لكن لا تهملي السرد في المقابل
*لا تحولي الرواية إلى نص مسرحي عند المحادثة بل إملأيها بالوصف
-
نهايةً ..
أتمنى لكي التوفيق
سأكون في إنتظار جديدك
في أمان الله
fαɪяy ℓαɒy likes this.
__________________


- أنا في النهاية كنت و ما أزال محض فانيٍ ! سيفني في أي لحظة من الزمان !
#بقلمي !
-
شكراً
Y A M I - Z M

  #8  
قديم 03-20-2016, 11:15 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/20_03_16145846038747222.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



لقد و صل الجزء الأول من البارت الأول
فلأن البارت طويل كثيرا وددت جعله جزئين
إليكم الجزء 1 بعنوان :


صاحب الظل الطويل !




خبا الدفء و تقوقعت السعادة ، و قد حصحصت طلائع الشتاء الواسقة تُخضع كل شيء لجبروته. فهاهي الطبيعة قد سجت و توارت الحياة نحو المناص تنتظر بعزم فصل الربيع النازح حتى تفرح بعرسها و تتزين بثوب الورود البهية و الخضرة الفاتحة من جديد.
كان الثلج يغطي كل شيء ، بطبقات مرتصة لامعة كالألماس فوق الأسقف و الأشجار ، وفوق قبعات الناس و أكتافهم . و على حين غرة كانت تهب نسمات باردة محملة بنتف الثلج وسط الشوارع المزدحمة ، فتوقظ حواسهم و تهز بعثف ثيابهم في واحدة من مدن العالم المشهورة التي يطلق عليها لقب [عاصمة الضباب].



بريطانيا ، مدينة لندن
الساعة 20.47 مساءا


كان يخيم على المكان جو رومانسي يبعث بدفء جميل على الأنفس ، في حين أنه كان هناك لحن عذب يداعب مسامع الزبائن أجادت الفرقة الموسيقية عزفه.
في الجو، سبح عطر جميل أضاف على المكان رونقا و فخامة أكثر امتزج مع رائحة أصناف الطعام الشهية التي تُصنف هذا المطعم على أنه من أفضل المطاعم وأروعها.
تململت الفتاة ذات الشعر الكستنائي الطويل في مقعدها بسرور بينما تشدق فمها في إبتسامة مرحة زينتها غمازتين عميقتين أضافت لملامحها حُسنا إضافيا. تطلعت إلى المرأة الصهباء أمامها والتي كانت منشغلة عنها بتفحص لائحة الطعام بنظرة أقرب إلى البلهاء منها إلى الحائرة. أحست الفتاة برغبة في الضحك بعد أن قرأت بشكل بديهي ما تفكر فيه زوجة خالها و هي تتمعن النظر إلى الأسعار، متناسية أمر أطباق الطعام نهائيا.
كان إلى جانبها رجل بشعر بنذقي يرتدي نظارات طبية مربعة الشكل و تغطي فكه الحاد لحية مرتبة أبدته بمظهر نبيل رجولي خاصة مع البذلة الرسمية الزرقاء الداكنة التي يرتديها.
كان لا يزال هو الآخر يقرأ اللائحة بتركيز قبل أن تقطعه عليه زوجته الجميلة قائلة باستياء : من الصعب إيجاد طبق مألوف على هذه اللائحة.
وضعت الفتاة اللائحة فوق الطاولة بهدوء و نظرت بابتسامة خبيثة إلى زوجة خالها وقالت: أتحداك أن تطبخي لنا طبقا بمثل جودة هذه الأطباق.
هزت حاجبيها باستهزاء فور أن أنهت جملتها ، بينما ظهر على الأخرى الكبرياء بعينيها العشبيتين : لو كنت أملك مطعما ، لكان بخمسة نجوم الآن .. ولكنت أنت زبونة وفية له. ختمت جملتها بابتسامة واثقة و هي تحمل كوب الماء لترتشف منه.
تململ الرجل بابتسامة حين مطت الفتاة شفتيها بانهزام ، فهي فعلا لا يمكنها أن تتجاهل واقع أنها من أشد المعجبات بطعام زوجة خالها ، خاصة كعكة "باتنبرغ" التي لا تزال مولعة بها .
تكلم الرجل قائلا بشيء من المرح : أنا لن أخاطر ، سأطلب سلطة ثمار البحر و أتمنى حقا أن لا أجد شيئا لزجا على الطبق.
تأوهت الفتاة بقرف بينما قالت زوجته بغضب و هي تعقد يديها على صدرها بحزم: في المرة القادمة ، أنا من ستحدد المكان الذي سنذهب إليه ..هل فهمتما ؟.
ضحك الرجل و نظر إليها بحنوة : أنا آسف عزيزتي ، كنت فقط أود أن تستمتعا في مطعم فاخر و تجربا ما يأكله الأغنياء عادة.
اتكأت الفتاة على ظهر المقعد و قد خملت عينيها وهي تحس برغبة مفاجئة في النوم ، حدقت إلى النوافذ على يسارها و شردت مع إنعكاس صورتها وسط الأضواء المتلألأة من حولها.
كان المكان في الخارج باردا بينما لا تزال نتف الثلح تتساقط بشكل قريب من النافذة فابتسمت لذلك و ظلت تراقبها بصمت إلى أن انتشلها صوت خالها و هو يناديها وسط ضوضاء الصحون و الكؤوس التي تتخللها أحيانا الضحكات المتملقة والأحاديث السطحية.
ـ ماذا تودين أن تأكلي إيفا ؟.
أشاحت بنظرها سريعا نحوهم و أحست بالحرج لأنظارهم المسلطة عليها ، تطلعت إلى النادل في بدلته الرسمية المرتبة يحمل دفترا صغيرا بعناية و يقف بظهرمستقيم بالقرب من مائدتهم.
تعتعت قليلا قبل أن تصرح قائلة : أريد طبق لازانيا بالجبنة السويسرية مع طبق سلطة جانبي .
دون النادل سريعا طلبها و سأل باقتضاب : و للتحلية ؟.
فكرت قليلا قبل أن تضيف : أريد موس شوكولا . ختمت جملتها بابتسامة و راقبوه وهو ينحني باحترام و يغادرمتخطيا صفوف الطاولات المغطاة بأفخر الشانتيل العاجي اللون التي تزينه حراشف براقة و بلورات كرستالية على جوانبها.
حاولت أن تشغل نفسها بتفحص المكان ، كانت القاعة رحبة بجوانب مضيئة ينكسر ضيائها فوق كريستال الكؤوس و الأواني بشكل جميل . حولت بنظرها إلى المدخل حيث بدأ يلج عبره عدد كبير من الزبائن التي تفتر ثغورهم في إبتسامات متفاخرة إلى حين وصولهم إلى طاولاتهم المحجوزة . كانوا من أصحاب البذلات الباهظة والحقائب التي لن تحلم يوما في اقتناء واحدة مثلها ، فهي بالنسبة لهذا الصنف من الناس و لهذه الأماكن .. ليست سوى دخيلة يعتريها الفضول دوما لاستكشاف طعم الثراء.
قال الرجل فجأة مكلما زوجته بهدوء : أنا متعب جدا من العمل صوفيا ، لا أعلم إلى متى سأتحمل مزاج المدير المتعكر ؟.
تأملته زوجته بتأسف و مسحت على كفه مواسية : عزيزي ريتشارد ، لقد تحملته لعشرين سنة .. أليست المدة كافية حتى تتأكد أنه يمكنك أن تعتاد على الأمر؟.
تنهد ريتشارد بعمق مبتسما في وجهها الوضاء ثم دفع بسبابته نظاراته إلى الأعلى و هو يراقب الفرقة الموسيقية في الجهة المقابلة تعزف فوق منصتها الرخامية أروع الألحان الهادئة التي تتعالى وتخفت ، ويظل صداها يرن في آذان الحاضرين.
أنحت إيفا بجسدها إلى الأمام و همست لصوفيا بسخرية و قد شد انتباهها إمرأة ترتدي معطفا و حقيبة يد مصنوعة من جلد نمر طبيعي.
ـ صوفي ، أنظري إلي تلك عند المدخل . ألا تبدو كمن تركت عرينها وأتت لتأكل وجبة جاهزة ؟.
إختلست صوفيا النظر سريعا بضحكة مكبوتة ، بينما ريتشارد هز رأسه بلا حيلة و غرق في مقعده يتفحص هاتفه.
انحنت صوفيا فوق الطاولة وهمست هي الأخرى باستهزاء : راقبي المكان جيدا ، لربما سيظهر من حيث لا ندري ماوكلي خاصتها.
حاولت إيفا تمالك نفسها و لكن لم تستطع كبت ضحكتها فانفجرت كلتاهما في نفس الوقت و ريتشارد يحدق إلى كلتاهما بتهكم وكان قد وضع الهاتف جانبا. سرعان ما شد إنتباههم النادل الذي ركن العربة الحديدية بقربهم وهمّ بوضع الصحون على الطاولة بانضباط ، في حين أن صوفيا راحت تمسح بمنديل الدموع على جانبي عينيها.
انحنى النادل فور أن انتهى بابتسامة عملية ، و تركهم يتأملون الأطباق بنهم و قد شد انتباههم التنسيق و الألوان التي تزين الطبق كلوحة رسام مشهور.
فردت إيفا المنديل في حجرها و بلعت ما بريقها و قد أسرتها رائحة الجبن الذائبة التي تدغدغ أنفها.
قالت صوفيا و هي تنظر إلى طبق زوجها باستياء : يبدو طبقك شهيا ، لماذا لم أطلب واحدا مثله ؟.
ضحك كلاهما عليها و شرعا في الأكل بتلذذ و صوفيا لا تزال تقلب ما بصحنها كطفلة صغيرة منزعجة. اختلس زوجها النظر إليها ، سرعان ما تنهد باستسلام و دفع صحنه أمامها و أخد طبقها قائلا : رويدك ، إنه ساخن قليلا و أنت لا تحبذين ذلك.
ابتسمت إيفا في السر لمظهرهما الرومانسي الدافئ و فكرت كم صوفيا محظوظة لأنها وجدت شخصا عطوفا و رومانسيا بمثل خالها ريتشارد ، الذي لم تذق طعم الحنان إلا على يديه منذ نعومة أظافرها.
ابتسمت صوفيا نحوه بحب و عينيها تلمعان بشكل جميل وهو منشغل عنها في تناول طعامه بهدوء. أحست إيفا بالإستياء لتواجدها معهما . فلولا أن خالها كان مصرا على حضورها .لتركت هذه الأمسية لهما فقط ، حتى يتأكد كلاهما أن النظرات المأسورة التي كانا يتبادلانها أيام الجامعة لا تزال تنبض بالحب إلى الأن.
إستمتع ثلاثتهم بالأطباق و انسجموا في الحديث خاصة في الوقت الذي أحضر فيه النادل أطباق التحلية. فكرت إيفا أن تلتقط صورا حتى تذكرها بهذا العشاء الفاخر، فلم تتردد كثيرا وشرعت تأخد لهم صورا كثيرة.. أغلبها حاولوا فيها أن يبدوا مضحكين . إلى أن غرقت منطقتهم بضحكات رنانة صادقة شدت انتباه البعض من الزبائن على مقربة منهم.
في نهاية الأمسية ، ذهب ريتشارد لدفع ثمن الفاتورة بينما ذهبت كلتاهما للحمام ، حتى تلقي إيفا نظرة عليه و لكي تعدل صوفيا مكياجها. و كما توقعته إيفا أن يكون ، فقد كان جزلا برخام ناصع البياض مع أحواض وحنفيات ذهبية .
قالت صوفيا بهدوء وهي تضع أحمر شفاه وردي على شفتيها المكتنزتين : هل تحدثت إلى خالك بالأمر ؟.
أقطبت إيفا حاجبيها و التفتت إليها سريعا : بأي شأن ؟.
أردفت الأخرى القول : بشأن تخرجك ، ألم تفكري في أي جامعة ستلتحقين بها ؟
أخفضت إيفا عينيها بتوتر و همست : أنا حقا متوترة بهذا الشأن ، انا لم أقرر بعد ، و أخاف أن لا يوافقي خالي عليه . أعادت صوفيا سريعا أغراضها في حقيبة يدها الفضية و دنت منها قائلة بثقة : لا تقلقي يا حبيبتي ، ريتشارد سيتفهم أنك تفعلين المستحيل لإرضائه ، لكنك لم تجدي ما يرضيك أنت ويرضي شغفك . في النهاية هذا حلمك و هو على عاتقك بالكامل ، و سنفرح بأية حال بكل إنجاز ستقومين به.
أحست إيفا بدفء يد صوفيا التي تمسح بها على خدها ، سرعان ما شعرت بالإرتياح للحنان في عينيها . و بادلتها إبتسامة عذبة أنارت وجهها المستديرالصافي التي تزينه عينين بحريتان فاتحتان في منتهى الشفافية و البراءة.
قطع الصمت بينهما رنين هاتف إيفا التي استغربت فورا من أمره خاصة في هذا الوقت من الليل . أخرجته من حقيبتها الترابية اللون وردت سريعا و صوفيا تراقبها بفضول.
ـ مرحبا كايسي ، كيف حالك ؟.
أتاها الرد متقطعا ومرتاعا : إيفا ، أنا في المستشفى الآن .. جوليا قد أصيبت بكسر بقدمها و هي الآن في غرفة العمليات.
ـ مـــاذا ؟ كيف حدث ذلك ؟.
ـ لقد سقطت في المنزل من على الدرج ، حتى أنها رطمت رأسها بقوة .
سدت إيفا فمها بصدمة وقد ترقرقت الدموع بعينيها ، في حين أن صوفيا هزتها بقوة متسائلة بارتياع عما حصل.
بللت إيفا شفتيها المرهفتين و صرحت سريعا : أنا قادمة في الحال ، لا تغادري كايسي علينا أن نبقى إلى جانبها .
أيدتها الأخرى سريعا : بالطبع سأكون بانتظارك ، لا تتأخري.
أنهت إيفا الإتصال بيدين مرتعشين و قد انهالت عليها أسئلة صوفيا كالسيول : ماذا حصل إيفا ؟ هل وقع مكروه لأحدهم ؟ أجيبيني .
ردت عليها الأخرى وقد إختنق صوتها : صديقتي جوليا قد أصيبت بكسر في قدمها و هي الآن تجري عملية في المستشفى.
ـ يا إلاهي ! المسكينة !.
هبت إيفا مسرعة صوب المخرج فلحقتها جوليا وهي لا تزال مصدومة من الخبر، إلتقتا بريتشارد في الردهة وأخبرتاه بالأمر ، فأسرع ثلاثتهم إلى السيارة المركونة في مرأب المطعم. و انطلقوا صوب المستشفى الذي لا يبعد عن المكان بأقل من ربع ساعة.
كانت إيفا كل الطريق تعض أظافرها و تدعو من كل قلبها أن تتحسن الأوضاع و تتعافى صديقتها بأقرب وقت ممكن. فهي حقا لا تستحق أيا من ذلك.
إلتفتت نحوها صوفيا و حاولت طمأنتها بالرغم من أنها نفسها لا تزال مفزوعة من الخبر ، فجوليا أحد أعز صديقات إيفا التي تقف معها في السراء والضراء ، فلطالما كانت كالمظلة التي تحمي إيفا كلما ساءت الأوضاع.
فور أن ركن خالها السيارة فتحت الباب وركضت كالمجنونة إلى المدخل إلى أن كادت تسقط بسبب الأرضية الزلقة للردهة. سألت عاملة الإستقبال عن مكان تواجد جناح العمليات في الوقت الذي تبعاها فيه . فصعد ثلاثتهم إلى الطابق الثالث و إيفا تشعر بركبتيها غير قادرتان على حملها.
[أتمنى حقا أن تكوني بخير يا صديقتي العزيزة] همست إيفا مع نفسها و هي تشد غرتها إلى الخلف بقلق في المصعد و خلفها يقف كلا من خالها وصوفيا رفقة سيدتين.
فور أن فتح باب المصعد ، انتبهت إيفا إلى صديقتها كايسي تجلس مطأطأة الرأس إلى جانب والدة جوليا التي كانت تغطي عينيها بمنديل حتى تخفي عن ولدها الصغير دموعها الحارقة.
هرعت نحوهم إيفا وهي تسأل بقلق : كيف هو حالها ؟.
وقفت كلتاهما من المقعد و قد قالت السيدة سبايد بصوت باكي : إنها تجري العملية الآن . يقول الطبيب أنها ستدوم ساعة و نصف.
إقتربت منها صوفيا تتأوه حسرة و قد احتضنتها إلى صدرها بعطف ، في حين أن ريتشارد ذهب لوالد جوليا الذي يدس يديه في جيبه قاطعا الردهة جيئة وذهابا بقلق واضح.
تهالكت إيفا بوجه شاحب على المقعد و جلست إلى جانبها كايسي وهي تربت على كتفها قائلة : لا تقلقي عليها ، هي قوية و يمكنها تجاوز الأمر.
تنهدت الأخرى بحزن ووضعت رأسها المثقل بالهموم على كتفها ، و قد تعجبت مع نفسها كيف أن الراحة والسعادة التي كانت تشعر بهما قبل قليل قد تلاشتا كما يتلاشى النور في الظلمة الدامسة.
غرق المكان في صمت مريع ،لا أحد تكلم أو تحرك والكل يتخبط في أفكاره وقد مرت تقريبا ربع ساعة على الإنتظار. استأذنت كايسي للذهاب إلى الحمام ففضلت إيفا الذهاب معها بعد أن شعرت بضيق نفسها وإحساس مفاجئ بالغثيان ، ربما لأنها لا تفضل كثيرا هذه الأماكن خاصة الرائحة المنبعثة منها.
دلفتا إلى الحمام التي وقفت فيه بضع نسوة ، فأسرعت إيفا لغسل وجهها جيدا وقد تعجبت لشحوبه المفاجئ حتى عينيها المميزتين ذات الصفاء المبهر قد دكن اللون البحري بهما إلى أن كاد يتحول إلى لون فيروزي.
إنها ليست المرة الأولى التي تنتبه لهذا التغير ، فكأن الأمر أصبح عادة حين تحس باضطراب في مشاعرها. فسيشمل التغير حتى لون عينيها.
قاطعت شرودها كايسي وهي تقول بتعب بينما تنحني على الحوض لغسل يديها : أنا متعبة جدا ، ذكريني ان أشرب كوب قهوة.
سألت الأخرى بتهكم : منذ متى تشربين القهوة ؟.
ـ منذ الآن. قالت باقتظاب وهي تحارب النعاس بقوة .
جففتا كلتاهما يديهما في المناشف و عادتا أدراجهما إلى الجناح .
تأوهت كايسي بغتة متذكرة شيئا مما جعل إيفا تجفل لذلك ، قالت و عينيها الكرماليتين تلمعان بحماس ووجنتيها تعلوهما حمرة خفيفة : أنا أعلم أن الوقت غير مناسب ، لكن بما أننا هنا معا.
قاطعتها إيفا وهي تتأملها بتهكم : هل طلب جيمس منك مرافقته لحفلة عيد ميلاده ؟.
رفعت الأخرى حاجبيها دهشة : كيف عرفت ذلك ؟.
هزت الأخرى كتفيها بلا حيلة و هي تشعر بالكسل لتكرار جوابها المعتاد في كل مرة تحزر بها ما تود قوله هي : ذكريني إن كنت تتحمسين لموضوع أكثر مما تفعلين عندما تبدأين حديثك عن المواعدة ، الفتيان ، التسوق و الأفلام . حاولت أن تتذكر إن نست شيئا و عندما تأكدت أنها على حق التفتت نحوها و ابتسمت بثقة و الأخرى لا تزال مندهشة لمقدرتها الخارقة في قراءة أفكارها في كل مرة ... حتى و إن كانت قد اعتادت على هواياتها.
أردفت بنفس الحماس بعد أن بللت شفتيها : لقد اتصل ليلة البارحة و كان يبدو عليه التوتر و لكن مع ذلك طلب مرافقته بصوته الرائع الحنون.. ضحكت إيفا بخفوت للنظرات الحالمة التي تسقطها عبثا على رجل قد مر بقربهم و قد بدا عليه الإرتباك و هو يلقي بنظرات مندهشة خلفه محاولا التأكد أن النظرات الحالمة التي ترمقه بها هذه الفتاة الرشيقة ، له و ليس لغيره .. مع ذلك فقد أسرع في مشيته و تخطاهما منحرجا.
قرصتها إيفا فور أن ابتعد وهمست بلؤم : إمسحي لعابك و هذه النظرات من على وجهك ، نحن هنا لزيارة جوليا و التأكد من أنها بخير. تنحنحت مرتبكة و راحت خلسة تتأكد من إشاعة اللعاب السائل التي تربكها بها كل مرة . مع ذلك إبتسمت مع نفسها من جديد و هي تشعر بنفسها تحلق فوق السحاب من شدة بهجتها.
توقفت سريعا منصاعة لحركة إيفا التي توقفت عن المشي بالقرب من النافدة وسط رواق طويل بلون عشبي فاتح ومريح ، تمر به الممرضات جيئة و ذهابا مع عدد قليل من الزوار المستعجلين لرؤية ذويهم .
تذكرت كايسي فورا أنها لم تحضر لنفسها كوب قهوة تدفء بها كيانها فاستأذنت سريعا وتركت إيفا واقفة تحدق إلى ما وراء النافذة بشرود داسة يديها في جيب معطفها القرمزي المطبوع بمربعات سوداء التي ترتدي أسفله سروال من الجلد الضيق و تيشرت بنفس اللون ، و بالطبع جزمتها السوداء التي تحبذها و شالها البني المفضل.
انشغلت بمراقبة العالم من النافذة الغارق في دوامة من الألوان الخرافية والصخب المتلاطم الجياش ،و شردت.
أحست باليأس بينما تتشبث بعناد راضخ آملة أن تتحسن الأوضاع و أن تستيقظ جوليا بعد هذا الصراع ، كما اعتادت أن تكون .. الجوهرة النادرة و الوردة العطرة التي تدخل الفرحة لقلوب الناس بدون إستأذان .
ابتسمت لسراب جوليا المبتسم لها من بعيد و تنهدت .. ولبثت على تلك الحالة قبل أن تفزعها كايسي بقدومها مع كوبين من القهوة الساخنة ، و يبدو على وجهها التضايق بوضوح.
ابتسمت نحوها إيفا و سألت : هل تشاجرت مع أحدهم ؟.
دفعت نحوها كوب القهوة و هي تجيب بصوت حانق : لقد دخلت في شجار عنيف مع آلة البيع اللعينة المعطلة .. و الشيء المضحك أنني لم أعرف ذلك إلا بعد أن وضعت المال بها .
انفجرت إيفا ضحكة تحاول تخيل منظرها و هي تجرب ركلاتها التي اعتادت التكلم عن خبرتها فيها مع آلة في مستشفى ، و على مرآى من الناس. الأمر الذي جعلها تشعر بالإمتنان أنها لم تذهب معها.
استأنفت القول : لقد قطعت كل الشوط إلى الطابق الأول حتى أشتري كوب قهوة و الأمر الآخر الذي يجعلني هائجة كالوحش ، هو أن أحدهم قد اصطدم بي ووسخ قميصي .
أفرغت إيفا فمها متفاجئة لبقعة القهوة البارزة على قميصها الأزرق الفاتح التي انتبهت أخيرا لها و كتمت ضحكتها مخافة أن تتضايق أكثر ، سرعان ما حاولت تهدأتها قائلة : لا تقلقي كايسي ، البقعة يمكن إزالتها بسهولة .. و أموالك للأسف يصعب استرجاعها مع ذلك سأعوضها لك ذات يوم أنا أعدك.
ابتسمت بوداعة نحوها و هي تحدق بعمق في عينيها ، أحست الأخرى بالإحراج و همست : لا عليك ، أنا بخير ...
وقفتا وجها لوجه لبعض الوقت و قد عم صمت ثقيل المكان الذي سرت في جنباته نسائم باردة تزحف على بشرتهما بلا هوادة. نظرت إيفا نحو كايسي التي كانت منشغلة عنها بشرب قهوتها و ابتسمت خفية.
كايسي قرايزن ، شعلة المرح في مجموعتهم الصغيرة .
صحيح أنها ليست بالقرب الذي يجمعها هي و جوليا ، مع ذلك ... فهي تبقى
تلك النسمة العليلة التي تلطف الجو ، و السبب الأول في ظهور الإبتسامة على وجهيهما.
أخفضت رأسها و ابتسمت بامتنان ، سرعان ما تلاشت عن وجهها بعد أن داهمها صداع عنيف .. ثم اختفى سريعا ، تاركا إياها تلتقط أنفاسها المتعثرة على عجلة و هي مغمضة العينين.
ـ ماذا هنالك إيفا ؟. أمسكت كايسي كتفها بقلق للتغير الذي طرأ عليها فجأة.
فتحت إيفا عينيها قليلا و حين رفعتهما بثبات و تأني نحو وجه كايسي ، اهتزت الأخرى بقليل من الدهشة و هي تقسم داخلها أن هناك توهجا بلون الدماء قد ومض بهما كما تومض إشارة المرور الحمراء .. و تلاشى بعدها في لمح البصر.
ساورها الشك و الغرابة ، و حدقت تائهة بوجه إيفا التي بدأت تحس هي كذلك بالقلق لهذه النظرات.
ـ ماذا هنالك ؟ لماذا تحدقين لي هكذا .. ؟.
تعتعت كايسي بشك : ظننت أنني .. رأيت ، لا أعلم حقا لكن ..
قاطعها صوت العالي للسرير الذي يحمل مصابا بجروح بالغة العمق غارقا في دمائه التي لوثت بياض الفراش الناصع ، التصقت كلتيهما بالجدار للتحذيرات التي يصيح بها طاقم الإسعافات و هم يركضون به على عجلة نحو غرفة العمليات.
ساور إيفا شعور قوي غامض .. و عميق ، ذروة الأدرينالين و غريزة لا تعلم حقا حقيقتها ، بينما ترنو بنظرها إلى اللون الأحمر الفاقع الذي يلمع أسفل مصابيح الرواق الشاحبة.
مر السرير إلى جانبها بحركة بطيئة ، فحبست عنها الهواء حتى لا تتعكر برائحة الدماء التي تقشعر لها الأبدان ، و ضاقت لهذا المشهد المروع حدقتي عينيها إلى أن كادتا تختفيان.
في حركة لا إرادية أمسكت بيد كايسي و عصرتها في قبضتها و هي تلهث يائسة ، متعبة ، و بشكل آخر لا تعرف ماهيته. لم تحاول قط أن تجيل بنظرها حتى تتبع حركة السرير ، فقد رأت ما يكفيها حقا و لا تريد المزيد .
تهادى جسدها بخدر و صوت كايسي يصدح من بعيد بالرغم من أنها على مبعدة إنشات منها .. و كأنها سقطت وسط أعماق البحر و غرقت في سكون خانق.
ماذا حدث للتو ... ؟. كم حجم المشاعر التي انثالت علي قبل قليل ؟.. و كيف علي شرحها لكايسي الآن .. ؟. هل أصارحها و أقول لها أنني ببساطة كنت في شوق غامر لتجريب مذاق دماءه ؟. أم أكذب؟ ماذا يصيبني هل هي انفلونزا أم داء خبيث ؟.
تدفقت سيول من الأسئلة اليائسة إلى رأسها .. أربكتها و حسستها بالضياع و التيه وسط بحر لا أفق فيه. نظرت مستغيثة في عمق عيني كايسي الفزعتين لشحوب وجهها و حدقت ببساطة مدة من الوقت.
بينما كايسي هزتها بعنف صائحة بها دون أن تكون لها القدرة على سماع ما تقوله ... و كأنها قد فقدت السمع ببساطة.
انبطأت المشاهد من جديد كما حدث قبل قليل .. و تأملت كايسي و هي تلتفت لتصرخ بالناس ، في محاولة لمساعدتها بعد أن لم تتلقى أي رد منها ، ابتسمت إيفا بهدوء تحاول وضع حد لقلق كايسي .. الذي بدا لها هستيريا.
قبل أن تسدل عينيها بوهن و تغرق في ظلام دامس .





العاصمة [ آزر ]
إمبراطورية أريانا
قلعة الإمبراطور ( أندروس ).




تعانقت ظلالهم المتطاولة أسفل النباريس التي يخفت ضياءها حينا و يسطع حينا آخر،بينما الشمعدان ينفث شذا عبِقاً امتلأت به القاعة الوارفة ذات البرودة الشديدة.
وبهذا الجو المملوء بالعقم واللاجدوى ، خيل لثلاثتهم أن البهجة والسلوان اللذان كانا يفردان جناحيهما على المكان منذ وقت ليس بالبعيد .. قد حلقا إلى الطرف الآخر من الكون نحو أقاصي الأراضي ، مبتعدان كل البعد عن هذه المظاهر المشتتة التي أصبحت تتردد بكثرة على اللحظات القيمة القليلة التي يجتمعون فيها معا.
استغرقت وقتا طويلا تحاول الإستيعاب ، و هي بالكاد تتنفس و الرعب يشل حركتها ويمجد نفسه ملكا على عرش قلبها. إحتملت لسعات عينيه الحازمتين.. و ظلت تراقبه والحيرة بادية على ملامحها الرقيقة بينما كان يرتشف رشفات سريعة متتالية من كأسه الكرستالي و يطبطب بسبابته الأخرى التي لمع بها خاتم بحجر دائري زمردي على مسند عرشه العظيم التي تلألأت قاعدته المشيدة من العسجد البراق.
أخفضت عينيها ببطء و رمشت مرارا و تكرارا بأهداب طويلة وكثيفة تزين عينين واسعتين إقترنت فيهما أمواج من الذهب الخالص مع لون عنابي أعطى لبؤبؤيها عمقا و جاذبية لا توصف.
كانت تفكر حينها في كل شيء...إلا في مواجهته.
صدح صوته الأجش العالي من فوق العرش المنيف قائلا : بريسيلا ، لقد خلقت لهذه الغاية الشريفة ..لهذا عليك أن تدركيها قبل فوات الأوان .
فهمت بريسيلا من نبرته التي كان ينطق بها مخارج الحروف بوضوح أنه يرسل لها رسائل إنذار خفية عليها أن تضعها في الحسبان قبل أن تدلي بقرارها.
تطلعت إلى وجهه المستطيل التي وسقته الظلال المترنحة ، وفكرت بسخرية أنه كان ليبدو ودودا مع إبتسامة صغيرة تضيف وميضا خاصا إلى عينيه ذات اللون الرمادي المنطفأ ، ولكن هيهات أن يحدث هذا .
فلطالما كان والدها الإمبراطور يبث الرهبة في كل من يقف في حضرته ويحبس عنه الأنفاس تبجيلا لسؤدده ووقاره في منظر ليس هنالك أسمى منه.
بلعت مابريقها بارتباك.. وجالت بنظرها نحو الرجل ذو الشعر الحالك الظلمة الملتف حول رقبته كالشال الذي يجلس قبالتها ويتطلع إليها بهدوء.
تململ مرتبكا فور أن أرسلت له نظرات مستغينة تناشده على إخراجها من هذه الورطة . إعتدل في جلسته فوق الكرسي الفخم ووتر حنجرته مستعدا لخوض حوار مع الإمبراطور من أجلها. لكن الوالد نطق بعد وقت قصير حتى ينهي ما هو على وشك البدأ : لا داعي لإبداء رأيك الآن غرايس .. لقد سبق ووافقت على الموضوع دون سابق إصرار. توترغرايس لنظرة الإمبراطور الجانبية المهددة التي جعلته يبلع الكلمات إلى الأعماق و يغرق في دفء المقعد من جديد.
بريسيلا كانت قد انصدمت من ذلك و تمتمت مع نفسها بدهشة : أنت كذلك يا خالي ... لماذا ؟
تنهد الملك بعمق و قال مخاطبا إياها من جديد : عزيزتي .. إنه شيء لصالحك ، إنه مستقبلك الزاهر .
إستمعت إليه جيدا قبل أن تقف من على الأريكة ببطء وقد انزلق عن كتفها الناعم الأبيض شالها المخرم ذو اللون الخوخي.
شزرت والدها بنظرات يرقد الحزن و العتاب بأعماقها . وقالت بعد صمت طويل : أنا لست جاهزة لذلك بعد .. أنا أطلب فترة وجيزة أتخد بها القرار المناسب.
حاولت قدر الإمكان أن تجعل نبرة صوتها منخفضة حتى لا يستاء والدها .. لكنه لم يبدو سعيدا بأية حال بما صرحت به.
نطق خالها غرايس و قد ظهر القلق جليا على وجهه حين شعر بانزعاج الإمبراطور : فكري بريسيلا .. ستصبحين إمبراطورتنا العظيمة ، ستصنعين مجدنا و سيكون ثوابك في لذة قيامك بالواجب.
أيده الإمبراطور بهزات خفيفة لرأسه وابتسم نحوه بامتنان. قبل أن يصل لمسامعهم صوت صريف الباب المزدوج ، أشيحت أنظارهم إلى تلك المرأة الفاتنة التي تعالى صدى صوت حذاءها الزجاجي أسفل فستان منتفخ بلون سلموني دافئ ناسب بشرتها الناصعة البياض.
حدقت بريسيلا بابتسامة دافئة إلى أختها التي لطالما اعتبرتها شعاع الشمس الذي يدفء فؤادها وينعشه.. وبلسما ناعما يطفئ لهيب جروحها. كانت دوما المناص من دواعي غمها... و كم تتمنى أن تبقى على وعدها اليوم.
رحب بها الملك بإبتسامة دافئة هو كذلك قائلا : أهلا بعودتك عزيزتي ، هل نام حفيداي أخيرا ؟.
- بعد صعوبة بالغة ..، بادلته ابتسامة ضاقت بسببها عينيها الفيروزتين اللتان تحملان عذوبة وسناً تعجز الكلمات عن وصفهما.
تطلعت إليها بريسيلا و ساورها الشعور كأنها تقف تحت جناح ملاك حارس . أيقنت بعد فترة أن أختها ستقف إلى جانبها و سيتعين على والدها أن يتنازل عن أمره .. لمكانة أختها الخاصة عنده.
قالت أوجنى بعد أن استشعرت طاقة سلبية تكاد تسحق صدر بريسيلا.
- هل يمكنني معرفة ما فاتني ؟. نظرت إلى أعين الجميع بتمعن .. فأسرعت بريسيلا إلى تكوير قبضتها بارتباك .
تبادلت أوجنى النظرات مع والدها الذي صرح بعد وقت من الصراعات الداخلية العنيفة.
- أنا جاهز للتخلي عن العرش لأجلها ، وتزويجها من اللورد ' فريدريك ' . لكنها تطلب تأجيل الأمر إلى وقت لا أحد يعلم متى سيحين .. عداها.
قرأت بريسيلا الدهشة بعيني أختها ، و ارتاحت لفكرة أن والدها لم يفكر في جعلها تقف في صفه ضدها.
نقلت حديثها سرا إلى عقل أوجنى و قد ذبلت نظراتها بحزن : أختي .. أنا أترجاك أطلبي منه أن يعطيني مهلة ، أنا لست جاهزة بعد لكل تلك المسؤولية .
أخفضت اوجنى عينيها ببطء حتى لا تثير انتباه الملك و أجابتها : أنا متفاجئة لعدم موافقتك ، ألم تكوني متحمسة في طفولتك للجلوس على العرش ذات يوم؟.
قاطع حديثهما الإمبراطور منزعجا : لا تتحدثا عبر التخاطر ، أريد أن أسمع ما تقولينه بريسيلا.
شهقت بريسيلا بخفوت محرجة وعضت شفتها السفلى في حين أن أوجني تدخلت قائلة : هي كانت تطلب مني .. أن أبدي رأيي بالموضوع.
سأل الإمبراطور باحتراس : و ما هو رأيك ؟. فكر لربما ستكون إجابتها عكس ما سيتوقعه.. لهذا سيخسر النزال ضدهما.
دنت نحوه أوجنى مخلفة بريسيلا خلفها و نظرت في عينيه قائلة بهدوء : أعتقد أن الوقت مبكر على ذلك ، فبريسيلا تحتاج بشدة لصقل مواهبها وشحذ عزيمتها قبل أن تجلس على هذا العرش العظيم. كما أنه من حقها أن تطلب وقتا إضافيا .
إرتفع حاجبي الإمبراطور وخالها غرايس تعجبا . فالواضح أن ما توقعاه منها ليس بالضبط ما قالته للتو.
انتصب الملك واقفا و شزر بريسيلا بنظرات حازمة .. سرعان ما صاح : هل طلبت منها أن تقول ما قالته للتو بريسيلا ؟.. أجيبي .
تعتعت الإخرى بارتباك : أنا .. لا ، لم أفعل .
تدخلت أوجنى قائلة بشيء من المرح : لا أذكر أنني قد ضمَنت شيئا عن حديث أحدهم . حتى الفلاسفة العظماء منهم.
أدام النظر إليها بشك .. و كان قد احتار في أمره ، لأول مرة هو لا يعرف كيف يتصرف أمام أحدهم .. لهذا هو محتار ومتعب.
انحنى ليجلس .. فانزلقت خصلات من شعره البنذقي الطويل عبر رقبته و تدلت فوق صدره. وهو يحس بالهشاشة....بينما يتصنع هذه الحدة والقوة أمامها.
فتفكيره أن بريسيلا ستكرهه على إرغامه لها على الزواج تقلقه إلى حد النخاع .. لا سيما أنه لا يملك بيده أي حيلة أخرى حتى يجعلها توافق على قراره.
فهو على عكسها .. يوقن جيدا انه فجر جديد لحياتها ، الذي و بشكل غريب لا تريده أن يبزغ بعد.
وقف غرايس من مكانه و هو عازم على مساعدة الإمبراطور الذي يجد صعوبة في مواجهة إبنتيه العزيزتين . فلطالما كانتا نقطة الضعف بحياته.. لكنه لم يتأكد من ذلك إلا الآن.
- أوجنى ، والدك قد أعطى كلمه أمام رعاياه و شعبه .. و هو لا يستطيع الرجوع عنها.
أسرعت اوجنى تصحح : أنا أعرف ذلك تمام المعرفة ، كما أنني أعرف أن بريسيلا ستوافق على الأمر في الأخير .. فقط أمهلها ليليتين لتفكر.
قالتها و عينيها تشعان رجاءا لمس الوتر الحساس بقلب والدها ..
خلفها كانت بريسيلا تقف مطأطأة الرأس تعض شفتها السفلى غيظا وحقدا ، حتى أن عينيها قد طغى عليهما لون قرمزي داكن توهج خلف غرة شعرها البرميتي الذي يحتضن وجهها البيضوي بتموجات عريضة متناسقة تصل لمنتصف ظهرها.
استغرقت في التفكيركما تفعل دوما وقد سكنت القاعة حولها بهدوء أخذها بعيدا أين ترقد آمالها و أمنياتها ، غير مهتمة بالأنظارالتي عُلقت عليها.
كلمها والدها بغتة بهدوء : سيكون لك ما تريدين ، لكن لا تتمادي بهذه الحرية. فشعب أريانا بأكمله ينتظر قرارك المصيري ، فلا تخيبي ظنهم وظني.
إبتسم خالها نحوها بعطف حين رفعت رأسها تنظر إلى وجوههم بتمعن ، حاربت الألم الذي انبعث بها يلتهم روحها كما تلتهم النار الحطب و انحنت بإحترام تتمنى لهم ليلة سعيدة بصوت يقطر حزنا.
سرعان ما طوت المسافة صوب الباب كالشبح بدون صوت يذكرعكس الصخب المتلاطم داخلها ، أحست أوجنى بالشفقة نحوها وبالذنب يقتلها إلى آخررمق. وهو نفس الشعور الذي سيطرعلى الإمبراطور في الوقت الذي سمع فيه أنينا يتصاعد من جنبات قلبها.



صعدت بريسيلا ما تسنى لها من الدرجات المرمرية لهذه السلالم ، سرعان ماتهالكت على إحداهن تدس وجهها بين ذراعيها المعقودتين و ذيل فستانها الحريري ينفرش كالسجاد خلفها. بينما شالها قد سقط على أحد جانبيها بإهمال.
صاحب مظهرها اليائس أنين منكسر ينفلت من بين شفتيها كما تنفلت الروح من الجسد.
تعجبت من نفسها و هي تتوق لأشياء يمكن أن تلحق الضرر بها ، وأنها كيف تهرب من الأشياء التي من الممكن أن تفيدها.
لأنها و ببساطة كان قد استطان قلبها .. شيء.
أمحق كل ما طمحت لكسبه يوما.
إنه الإشتياق .. لغائب استعذب النوى.
فاستعذبت بدورها الشقاء بانتظاره..
أحبته ، وعشقته..
مع أنها تبكي عليه بلا دموع..
و تحلم بقربه بدون نوم ..
و تعشق طيفه بدون قلب ..
فلأنها [ مصاصة دماء ] فهي عازمة أن تعشقه إلى الأبد الذي سيكتب لها أن تموت فيه.



بعد يومين :

ـ أنا عائدة إلى المنزل ، لم أجد ما أبحث عنه.
ـ هل تبحثين عن شخص ما ؟ . سألت كايسي بخبث و هي تأمل أن تسمع الإجابة التي تريدها.
ـ كنت أبحث عن كتاب أغاثا كريستي .. لكن النسخ قد نفذت للحظ العاثر الذي أملكه. أجابتها إيفا بيأس.
ـ كم هي مملة حياتك .. عليك أن تفكري في شيء أبعد من الكتب التي تحشرين بها أنفك طول الوقت ..
ـ أبهريني بأفكارك .. سخرت إيفا عبر الهاتف و هي تنتظر وسط حشد من الناس إشارة المرور الخضراء حتى تقطع الطريق و هي توشك أن تصل للمنزل بعد يوم دراسي طويل متعب.
تأوهت الأخرى بتفكير و هي تحرك الملعقة داخل إناء شوكولاطة نوتيلا التي تعشقها .. تطلب المزيد بتلذذ و هي نائمة على بطنها فوق السرير بغرفتها و تهز خلفها قدميها باستمتاع.
ـ ما رأيك أن نخرج غدا لشراء فساتين الحفل ـ ها ؟ جيمس قد بعث لك أيضا دعوة لحفله وهو مصر على حضورك.
توقفت إيفا عن المسير صائحة : مــاذا ؟. متى فعل ذلك ؟.
ـ هذا المساء .. لقد تركتها عند صوفي .
صاحت من جديد بقلق : صوفي ؟ هل أنت متأكدة ؟.
ارتبكت كايسي لنبرتها العالية فأجابتها متلعثمة : ماذا هنالك ؟ بدأت تفزعينني ..ماذا تقصدين بأنني متأكدة ؟ هل صوفي متلبسة أم ماذا ؟ بدت شديدة الغباء و هي تسأل بشكل درامي و قد استرجعت ذاكرتها المقالات التي تحتوي على آخر أخبار المخلوقات الفضائية و اختطافها الناس .
ضربت إيفا رأسها بعصبية و أجابتها من بين أسنانها بغضب : هل تعرفين ماذا يعني وصول الدعوة إلى صوفي ؟.. هذا يعني أنني مرغمة على حضور الحفل بالرغم من أنفي ، أود الآن لو أطرق عنقك بين يداي .
انفجرت كايسي ساخرة لتهديدها الغير مجدي ، و قد أحست بالإمتنان أخيرا لتفوقها على إيفا في شيء .. حتى و إن لم تقصد أن تربح في هذه الحرب.
استسلمت إيفا للأمر الواقع قبل أن تحاول حتى أن تفكر في التحدث مع صوفي بالموضوع لاحقا ، فذلك يشبه إلى حد ما محادثة شخص أبكم من خلف ستارة داكنة .. لن ينفع معها أو يحرك فيها شيئا ، قيد النملة.
فصوفي عازمة دوما أن تجعل منها الفتاة الأكثر شعبية في ثانويتها ما دامت إلى جانبها ، و هي بالطبع عليها أن تحارب رغبتها بكل ما أوتيت من قوة .. فما تفعله صوفي من أجلها لا تحمل له أي ذرة إهتمام و تعتبره مضيعة للوقت.
- قضي علي فعلا .. تمتمت إيفا مقطبة الحاجبين.
ضحكت كايسي مطولا و أجابتها بسخرية : لم أعتدك متشائمة بهذا الشكل.
تنهدت إيفا بعمق و هي تجيل بنظرها عبر واجهات المحلات باهتمام : سأؤجل هذا الموضوع لاحقا .. أنا على وشك أن أصاب بانهيارعصبي الآن.
انفجرت كايسي ضاحكة من جديد و هي تدس الملعقة بفمها الملوث ، ثم ما لبثت أن أحست بالأسف عليها و قد استرجع عقلها الحادثة التي حصلت قبل يومين ، مع أنها تعرفت على إيفا قبل عامين .. إلا أنها تعرف جيدا أنه لا يمكن لها أن تفقد وعيها لمشهد مروع شاهدته ..
فإيفا من النوع الذي يتسم بالقوة و الجرأة ، حتى و إن كانت تتصنعها في بعض الوقت ، أو ربما هي أكثر براعة في تقمص دورالفتاة الجليدية و المستهترة.
ايفا مستغربة : لماذا صمتي فجأة ؟.
ردت كايسي بهمس : هل أنت بخير ؟ ألم يراودك ذلك الشعور المفاجئ من جديد ؟.
برقت الذكرى البائسة في مخيلة إيفا ، تريثت قليلا في مشيتها و تنهدت بتعب .. فكم أوهنها التفكير فيما حدث لها في المستشفى قبل يومين ، و لم تجد لنفسها تفسيرا منطقيا تريح به عقلها.
تلك الغريزة و ذلك الإندفاع ، و الأكثر من ذلك الغرابة التي تشعر بها نحو نفسها .. هل كل ذلك حقيقي ؟ و لماذا هو حقيقي ؟.
تنحنحت ثم بللت شفتها و ردت بثبات : أنا بخير، لكني أحتاج إلى الهدوء و السكينة هذه الأيام.
صاحت كايسي مستنتجة : لهذا تبحثين عن كتاب جديد لك ... لقد فهمت.
ابتسمت الأخرى بهدوء ثم ما لبثت أن قالت : علي أن أغلق الآن ، سأتصل بك لاحقا.
ابتسمت كايسي هي الأخرى و أجابت : كوني بخير إلى ذلك الحين ..
مررت إصبعها فوق شاشة هاتفها لتضع نهاية لهذا الإتصال ، ثم تنهدت مبتسمة ودسته في جيب معطفها و استأنفت المسير بين الحشود الغفيرة و البخار الكثيف يتصاعد من فمها بسبب برودة الطقس الشديد .
فكرت أنه ينبغي عليها أن تلبس ثيابا أكثر في المرة القادمة.. لأنها بالفعل لا تريد أن تموت على شكل تمثال بشري متجمد .
لاح أخيرا لها من بعيد شبح المنزل ، ذو السقف الأزرق المائل الذي تغطيه أطنان من الثلوج المتلألأة و بجدران بيضاء ناصعة .
ارتقت الدرجات الثلاث برشاقة و ابتسمت بأريحية و هي تدير المفتاح في الباب الأزرق و تدفعه ، دلفت الرواق و أغلقت بقدمها الباب لترمي بسرعة المفاتيح بالعلبة الخشبية المعلقة و تصيح : لقد عدت ...
نزعت المعطف البني و حذائها في آن واحد ، وتركت المكان لتسرع الخطى نحو قلب المنزل أيت تتفرع منه الغرف .. بدا دافئا و مظلما بشكل يبعث الخمول على النفس.
وقفت عند مدخل غرفة الجلوس الذي تزينه قوس محذبة و استغربت صمت المكان ، فقد اعتادت أن تجد صوفي جالسة هناك على الأريكة تستمتع بمشاهدة برنامجها الكوميدي .
تنهدت و سارت خطوتين قبل أن ترمق من مكانها ورقة ملاحظات صفراء معلقة على الثلاجة في المطبخ المقابل لغرفة الجلوس .. فاستنتجت أنها قد خرجت لمكان ما .
ذهبت إلى الحمام مسرعة و غسلت يديها قبل المغادرة لتعود إلى المطبخ و تنزع تلك الورقة لتقرأها : عزيزتي إيفا ، سأذهب عند الطبيب "كاسترد "،
أنا متفائلة بالنتائج كثيرا أنت أيضا كوني كذلك ..
أنظري في الثلاجة لقد تركت وجبة خفيفة لك ، سنتأخر ربما .

ابتسمت بتهكم للوجه المبتسم التي رسمته في آخر الورقة .. و كم هو قبيح . ثم تنهدت بعمق و وقفت تفكر .
كم ستكون أما رائعة بلا أدنى شك .. إن رزقت بابن فهي موقنة أنه سيكون أسعد شخص في هذا العالم الخالي من الدفء و المشاعر ..
تنهدت و رفعت رأسها قليلا تحاول رسم صورة بمخيلتها للطفل الجميل الذي سترزق به قريبا.. بعد صبر و شدة لا يعرف صعوبتها إلا صوفي و خالقها.
تخللت أصابعها البيضاء شعرها ذو اللون الخريفي الجميل التي تعبق منه رائحة الورد الجميلة و في حركة سريعة ربطته إلى خلف رأسها على شكل ذيل
أسرعت في تغيير ملابسها ، فارتدت ملابس مريحة وبسيطة رمادية اللون و نزلت لتباشر العمل على المنزل .. شرعت فورا ترتب الوسائد و تعيد الأغراض إلى أماكنها ، ثم أحضرت المكنسة الكهربائية و باشرت العمل على الأرضية الخشبية ذات اللون السكري المحترق ، وهي تدندن حينا و ترقص بحماقة حينا آخر.
استأنفت العمل بدون كلل ، فلطالما كانت تحب أعمال البيت و خاصة الطبخ حتى و إن كانت لا تجيد طبخ الكثير ... و لكنها كانت مولعة دوما بتجريب النكهات و الأذواق المميزة كل مرة.
انحنت تمسح قاعدة الطاولة الزجاجية مدندنة باستمتاع و ضوء العصر الرمادي المنسال عبر النافذة بقربها يجعل من لون شعرها الجميل باهتا. دندنت مستمتعة و على فمها ابتسامة هادئة أظهرت إحدى غمازتيها .
استقامت واقفة و هبت صوب الطاولة الاخرى أين قد مرقت من عينيها الزجاجيتين نظرة طائشة إلى الخارج .. استوقفتها هيئة متشحة بالسواد لشخص يقف متصلبا بمحاذاة بيت الجيران في الجهة المقابلة ، أسفل شجرة الصنوبر المغطاة بالثلج بالتحديد .
اقتربت على أطراف أصابعها و الفضول قد اشتعل بها ، وقفت عند حافة النافذة ومدت ذراعها النحيلة حتى تسقط جانب الستار العسجدي الناعم ،.. تطلعت إليه بعينين مستغربتين .. بدا لها رجلا في عقده الرابع بمنكبين عريضين و قامة متوسطة ، حتى أن وقفته المنتصبة تظهر ثقة وعزيمة كبيرتين .
راقبته بصمت و بدا لها لوهلة كأنه يحدق إلى منزلها .. و بالتحديد إليها .
تساءلت عن الغرابة التي تلفه .. لماذا الهالة الغامضة التي تحيطه تنبئها بعواصف هوجاء؟ ، فصمته و هدوءه ذلك لا يبشر بالخير... هذا مابدا لها.
رمت المنشفة خلفها فوق الطاولة التي كانت تنظفها .. أيقنت أن عودتها للتنظيف ستطول مادام هذا الشخص لا يزال واقفا هناك وسط الثلج و الرياح ...
جالت بنظرها في الشارع و لم ترى غيره .. ماذا ينتظر ، وإلام يحدق بالتحديد ؟.
تمتمت و هي تحاول أن تختلق له الأسباب .. و قد اهتاجت الرياح المولولة و اهتاجت معها نتف الثلج حتى لم تستطع النظر عبرها ...له.
و في عجلة وخفة ، ركضت عبر الرواق إلى النافذة التي تطل على نفس الشارع .. ووقفت هناك تتطلع كفتاة صغيرة يملأها الفضول.
بعد مدة قصيرة من الإنتظار ، هدأت الريح العاصفة و سكن الجو .. و نظرت إلى ذلك الشخص الذي اختفى فجأة دون أثر يذكر له .. كأنه لم يكن أصلا واقفا هناك.
غمرتها الحيرة و الشكوك .. وبدأت تفزع ، هل يعقل أنه يحاول التسلسل إلى المنزل ؟.
أين ذهب بالتحديد .. حتى أن آثار خطواته على الثلج لا وجود لها .، هل حلق أم ماذا ؟.
رفعت نظرها إلى السماء بغباء و أمالته قليلا و هي تنفي هذه الفكرة من رأسها ... إذا أين ذهب ؟.
مطت شفتها بتفكير و وقفت هناك تحاول الخروج باستنتاج منطقي تطمئن به نفسها .. قبل أن تعود إلى العمل و الخوف قد بدأ يطرق أبواب قلبها.



كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف مساءا ، أين بدأت إيفا تقلق و تشعر بالملل وحيدة في هذا المنزل الذي بدا لها موحشا بدون صوفي و خالها ريتشارد.
راقبت الساعة بدون كلل غير آبهة بالتلفاز المشتغل . نهضت متنهدة صوب المطبخ تتبع عصافير بطنها التي استيقظت أخيرا ، أكلت أول شيء وقع بين يديها و هي شاردة الذهن مع النافذة و مع ذلك الغريب الذي أصبح هاجسا سريعا لها.. ، هل يعقل أنها كانت تتوهم وقوف شخص هناك . كيف يعقل أن يختفي شخص بتلك السرعة ودون حتى أثر، حاولت رسم ملامح وجهه التي لم تستطع رؤيتها بسبب المسافة التي يقف فيها.
إلى أن أيقظها صوت هاتفها و هو يرن في غرفة الجلوس ، ركضت إليه بينما تمسح فمها بالمنديل.. ابتسمت و هي تقرأ إسم صوفي على الشاشة مررت اصبعها عليه و صاحت : أفرحيني .. ماهي النتائج ؟.
أجابتها صوفي بحماس : أنا حامل ، أنا حامل ! أنا سعيدة جدا إيفا ! يا إلاهي !.
ترقرقت الدموع بعيني إيفا بعد أن تأثرت بتلك النبرة التي تعلو صوت صوفي المهتز ، أيقنت انها قد بكت كثيرا فرحة لما سمعته من أخبار طالت كثيرا عليها.
أخدت نفسا عميقا مبتسمة بامتنان و همست : مبروك عليك الخبر ، أنا سعيدة كثيرا لأجلك..
ابتسمت صوفي باشراقة و رفعت رأسها تنظر إلى ريتشارد الواقف بقربها يبتسم لها بحنوة : هل تعدينني أنك ستساعدينني في التسوق لشراء مستلزمات الطفل حبيبي ؟.
ضحكت الأخرى بخفوت و ردت سريعا : بالطبع ، هل لديك غيري ليفعل ذلك ؟.
- حسنا إذا ، سنعود إلى المنزل قريبا.. لا تنتظريننا على العشاء حسنا ؟. و لا تنسي إغلاق النوافذ ، وأشعلي المدفئة .. البرد قارس .
- أوامرك طاعة . أجابت بتهكم .
- هل اتصلت بجوليا لتطمأني عليها ؟. سألت صوفي مستغربة.
- كنت أفكر في ذلك ، سأتصل بها بعد العشاء .
- جيد ، أبلغيها سلامي . أضافت صوفي مبتسمة ثم أضافت سريعا : علي الإغلاق الآن ، سنعود سريعا عزيزتي ..
أبعدت إيفا الهاتف عن أذنها و رمته على الأريكة بملل و هي تنفخ خديها ، وقفت قليلا تجول بنظرها في المكان وهي تتكأ بكفيها على خصرها .. عادت إلى المطبخ وجلست إلى الطاولة المستطيلة التي تزينها مزهرية زرقاء بها ورود التوليب الصفراء الجميلة ن جلست هناك تأكل في صمت مريع و عينيها شاردتان في الخارج .
عندما أنهت طبقها ، نظفته في الحوض و عادت لتجلس في غرفة الجلوس . حملت الهاتف و اتصلت بجوليا .
ـ مرحبا إيفا .. ردت جوليا صاحبة العينين البنيتان و الشعر الأشقر التي تربطه باهمال خلف رأسها ، بينما تمد قديميها أمامها فوق سرير المستشفى.
- دعيني أحزر ، أنت الآن أمام الابتوب تدردشين .. صحيح ؟.
- إنها لعبتك إيفا ، لا أحد يربح فيها عليك . ردت الأخرى ضاحكة بينما تحمل كوب الشاي بجانبها لترتشف منه.
ابتسمت إيفا و قالت و هي ترفع قدميها فوق الأريكة : كيف حال قدمك ، هل أنت بخير الآن ؟.
رفعت جوليا عينيها عن شاشة اللابتوب ، ونظرت خلفها نحو قدمها اليسرى المغطاة بالجبس و همست بتهكم : أشعر بالحكة.
انفجرت الأخرى ضاحكة و ردت : ألم أكن أنبهك أن الركض خلف أخاك في المنزل ، قد يؤدي بك إلى ما أنت عليه الآن ... ها ؟.
- هذا لأنك لا تملكين أخا مثلي يسرق اللابتوب خاصتك ليدفنه في الحديقة الخلفية ..
- ماباله مع فكرة دفن الأغراض .. ؟ سألت إيفا بغباء.
- إنه مولع بقصص الحضارات الغابرة .. كل اللوم يقع على عاتق والدي ، لأنه السبب في إدخال هذه الأفكار الغبية إلى رأسه. ردت جوليا بضيق و هي تنقر الأزرار بقوة ، ثم حملت الكوب و ارتشفت دفعة طويلة من الشاي الأخضر .
- لا يهم .. ما يهم الأن أنني أحتاجك بقربي في المدرسة ، الصف المدرسي بدونك كالسم . صرحت إيفا ببؤس وهي ترسم تعابير طفولية على وجهها.
ضحكت الاخرى بسخرية سرعان ما صاحت بحماس : أخبريني أولا ... هل ما قالته كايسي صحيح ؟.
- ماذا قالت بالضبط ؟.
همست إيفا باستغراب.
- ستذهبين إذا إلى حفلة جايمس .. و ستتأنقين أيضا ، أليس كذلك ؟. أضافت ضحكة مستهزءة فور أن أنهت جملتها .
تأففت إيفا بانزعاج و لبثت قليلا تفكر في الورطة القادمة قبل أن تجيبها بضيق : ذكريني أن أقطع الإتصالات بين كايسي و صوفي .. فكلتاهما خطيرتان .
وضعت جوليا الكوب في مكانه و حولت الهاتف إلى الأذن الأخرى و قد لمعت عينيها باهتمام : إذا .. ماذا سترتدين . ها ؟.
تخللت أصابع إيفا شعرها و اتكأت على ذراعها و هي تضيف بضجر : هل تعتقدين أن صوفي ستتركني أذهب بسروال جينز و قميص مطبوع ؟.
صاحت الاخرى فورا : اوه إيفا هيا ... لن تخنقك الفساتين و بضع اكسسوارات ، تأكدي أيضا أن ترتدي شيئا يبرز لون عينيك البحري الجميل .. حسنا ؟.
- منذ متى أصبحت مساعدة أزيائي ؟ فلتعملي بنصيحتك أولا قبل أن تمرريها لي ، أنت لا تنزعين نظاراتك الطبية حتى في المنزل . صاحت إيفا بتهكم.
ضحكت جوليا مطولا و عدلت إطارنظاراتها فوق أنفها القرنفلي و صرحت بثقة : ارتداء النظارات ذات الإطار السميك أصبح موضة .. إذا لم تستطيعي ملاحظة ذلك .
هزت إيفا رأسها بلا حيلة و لبثت صامتة بعض الوقت تستمع إلى نقرات أصابع جوليا فوق لوحة المفاتيح ، أرجعت رأسها إلى الخلف وتركته يتدلى فوق ظهر الأريكة .
همست : هل تتحدثين إلى ظلك من جديد ؟.
ضحكت جوليا : إنه طريف حقا .. كما أنه ماهر في صنع رجال الثلج .
- بدأت تعجبين به ، أليس كذلك ؟.
- عن ماذا تتحدثين ؟.. كلانا لا يعرف الآخر.
- الحب أعمى و أبكم .. و إن أردت أصم أيضا . قالت إيفا بسخرية ثم انفجرت كلتاهما تضحكان .
- تعرفين أنني لست مهتمة بالعلاقات السطحية ..
- أنت تبحثين عن العمق مثلي تماما . أضافت إيفا مبتسمة بهدوء.
- بدأت أحس أنني لن أجد توأم روحي أبدا ، ربما سينتهي بي المطاف مع متجر لبيع أدوات التزلج على الجليد مع كلب لطيف. قالت جوليا بيأس.
- و ما أفضل من ذلك أيتها الغبية ؟ أنا أيضا أود فتح متجر أو مكتبة صغيرة في منطقة جبلية ، حتى يتسنى لي الإستمتاع بمنظر الثلج في الشتاء. إبتسمت جوليا بدفء تتخيل منظرا بديعا لجبال بيضاء تلفها الغابات الكثيفة.
أمضتا بقية الوقت تدردشان في شتى المواضيع ، حتى تأسفت جوليا لرغبتها في النوم .. فودعتها إيفا مبتسمة و أغلقت الإتصال .



كانت إيفا قابعة في غرفتها المظلمة .. مضطجعة فوق سريرها المريح ، أين توارى إلى مسامعها صوت صوفي وريتشارد يعلو في المنزل الذي صار دافئا فجأة بضجيجهما المعتاد ..
نزلت على عجلة و هي ترتدي سترتها البنية فوق بيجامتها العشبية و تصيح باشتياق : يا إلاهي ، كم كان المكان سيئا بدونكما .
التقت صوفي عند السلالم تبتسم نحوها بعذوبة ، سرعان ما ارتمت في أحضانها تأخد قبلتها المعتادة منها .
- مبارك لك من جديد . همست لها إيفا بخفوت لتتبادلا الإبتسامات المبتهجة وقد أشرقت ملامحهما تحت نور المصابيح المشتعلة . خرج ريتشارد من المطبخ بعد أن وضع الأكياس الممتلأة هناك و قدم نحوهما صائحا : خرج الفأر من جحره أخيرا .. هل كنت نائمة ؟.
صاحت بامتعاض و هي تعقد ذراعيها فوق صدرها : متى تتوقف عن إطلاق ألقابك السيئة عني ، أنا أيضا بارعة في ذلك .. لذا لا تغضبني .
طوق رقبتها بذراعه القوية و سحبها باتجاهه إلى أن كادت تتعثر فوق السلالم ، بينما صوفي هزت رأسها بلا حيلة و اتجهت صوب المطبخ تاركا إياهما مغرقان المكان بالضحكات و الهتافات جارَان بعضهما جهة غرفة الضيوف .. و جلسا يتحاوران حول الطقس البارد في الخارج.
أتت صوفي تحمل صينية بها سلة من الفواكه الطازجة مع سكينين صغيرين ، قالت و هي تقضم من التفاحة التي تحملها : هل تناولت العشاء عزيزتي ؟
- أكلت القليل من حساء السمك الذي طهوته في الغداء. صرحت إيفا بابتسامة.
وضعت صوفي الصينية على الطاولة و جلست على الأريكة المشمشية اللون التي تشابه لونها مع لون تنورتها .
قال ريتشارد بهدوء : لقد اقترب موعد عيد ميلادك يا عزيزتي. لهثت إيفا بحماس ، سرعان ما كبتت شعورها حين لمحت في عينيه نظرات غامضة مكتئبة ، تنهدت لأجلها صوفي بأسى واضح. بالطبع لم تفهم إيفا شيئا و ساورها الشك ..
همست : ماذا هنالك ، لماذا أنتم مستاؤون لهذا الحد ؟.
سارع ريتشارد لرسم إبتسامة متصنعة يحاول أن ينفي ما نسب إليه ، لكنه لم يكن بارعا كفاية حتى يرضي شعور إيفا .. مع ذلك فقد قالت بمرح محاولة تلطيف الجو :
إذا هل بدأتما تفكران في المفاجأة و الهدايا ، لائحتي المفضلة طويلة جدا و ربما متعبة كذلك.
ضحكت صوفي بينما ريتشارد إبتسم و قال :
أرى أنك تأملين الكثير، إن لم تجدي شيئا تريدينه ستتفاجئين .. وهذه تعد مفاجأة جيدة أليس كذلك ؟. صرح ضاحكا بسخرية فشاركته زوجته الضحك و إيفا تحدق لكليهما بامتعاض كطفلة صغيرة.
قرص خدها بلطف و همس بحنو : من اليوم فصاعدا ، أطلبي يا أميرتي و أنا سأنفذ بصدر رحب . نظرت إيفا في عينيه بامتنان و شعرت بالدفء و هي تستشعر الصدق الخالص بهما ، لم تكن غبية طبعا حتى تثقل عليهما بالطلبات و أن تلعب دور المدللة الصغيرة لهما .. هي فقط أرادت ان تسمع شيئا يسعدها و هما لم يخيبا ظنها بهما.
انحنت تلتقط موزة من الصينية و شرعت تقشرها بابتسامة مبتهجة و هي تنظر إلى صوفي المنشغلة عنها في تقشير تفاحة لزوجها ، وقف خالها فجأة و استأذن لتبديل ملابسه و أخذ حمام ساخن.
لوت صوفي عنقها تتبع بنظراتها زوجها الذي ترك المكان صاعدا لغرفته ، تنهدت بعمق و تابعت التقشير و هي تحس بقلبها منقبض و محبط بدرجة كبيرة ، فما بالك بزوجها الذي قد ألف العيش مع إيفا .. و الموعد المقترب قد اقترب أجله كثيرا.
زمت رأسها و تطلعت لإيفا بحزن و الأخرى تشاهد التلفاز بانسجام و تركل الفراغ بقدميها المتدليتين و اللتان تنتهيان بخفين جميلين. تذكرت شيئا مهما فهبت مسرعة شادة انتباه إيفا ، إختفت لدقائق ثم ما لبثت أن ظهرت بابتسامة عريضة على وجهها و هي تحمل العديد من الأكياس.
جلست قرب إيفا التي كانت حائرة في أمر هذه الأكياس الوردية ، مع أول كيس فتحته ظهر فستان جميل بلون أحمر غامق جعل من بؤبؤى عيني إيفا يتسعان بذهول .
رفعته صوفي فظهرت تفاصيله البسيطة الجميلة ، كان جميلا بطول متوسط يصل إلى ركبتيها و منتفخ كزهرة التوليب ، و فتحة الصدر على شكل قلب ،ومن الخلف تزينه فتحة معينة الشكل تغطيها طبقة من الدانتيل الأسود التي تزينه حراشف لامعة.
إعترفت إيفا مع نفسها أنه كان جميلا و لكن إرتدائه كان شبه خيالي بالنسبة إليها ، ربما لكونه قصيرا قليلا و يظهر الكثير من بشرتها و ذلك يزعجها و يشعرها بعدم الإرتياح.
ظهر من كيس ثان حذاء أسود بكعب عال تضفي عليهما عقدتين حمراوتين من الخلف جاذبية أكثر ، وضعته صوفي أسفل قدميها قائلة : فلتجربيه ، أرجوا أن يكون على مقاس قدميك .
قالت إيفا باعتراض : لن أرتدي هذا الشيء ، مستحيل ..
تأففت صوفي بتهكم وأمسكت قدمها البيضاء بينما صاحت الأخرى بحرج لجعلها تفعل ذلك بنفسها . دفعت الحذاء بقدمها الناعمة بعد أن نزعت لها خفها فلائمها بشكل جميل.
صوفي بمرح : إنه رائع في قدمك ، مناسب كثيرا ..
أخدت بيد إيفا التي كانت تنظر إلى الحذاء بضيق و ساعدتها على الوقوف .
- هيا إرتدي الأخرى ، دعينا نرى مهاراتك في المشي . أضافت صوفي بحماس.
بدا لإيفا أنها تستهزء بها ، فحدقت لها بتهكم و همست : مهاراتي في المشي ؟ و بكعب عال ؟ أين سمعت بذلك ؟.
سارعت صوفي لوضع الفردة الأخرى بقدمها متجاهلة تهكمها ، و تعجلتها لتجربة المشي بهما . تأففت إيفا بانزعاج و همست : كل شيء يحدث بسبب كايسي ، سأقتلها .
ازداد طولها ببضع سنتمترات أخرى مما أبداها بمظهر رشيق و جذاب أكثر، لكن سرعان ما اختفت تلك الهالة الرائعة من حولها حين باتت تصارع رغبة الجاذبية الأرضية في صرعها أرضا .. و على وجهها بالضبط في مظهر جعل صوفي تضحك من أعماق قلبها. .
- هل اكتفيت الآن ؟ أود حقا الصعود لحل واجباتي بدل التبختر أمامك كالنعامة . قالت إيفا بضيق تاركة إياها تدخل في نوبة ضحك أخرى ، أمسكتها من يدها و ألقت بنظرة أخرى متمعنة إياها من كل الجوانب.
- فقط علي أن اعطيك درسا سريعا ، و ستصبحين جاهزة. صرحت صوفي بثقة.
تأفتت الأخرى من جديد و تهالكت على الأريكة تنزع الفردتين بإهمال و صوفي تصيح بعتاب ، أكملت معاتبتها حول عدم الإستماع إليها و تهربها من المسائل التي تخص الفتيات بسنها ، لكن إيفا لم تكن مهتمة طبعا، حاولت جاهدة فقط أن لا تثير إستياء صوفي أكثر. و إنتظرتها إلى أن تكمل كلامها حتى تهرع إلى غرفتها في الدور العلوي و تختفي خلف الباب المغلق.
فاجأتها صوفي من جديد بإكسسوارات عاتبتها من أجلها إيفا لكونها تملك الكثير بالفعل ، لكن صوفي لم تهتم لها و شعرت بالحماس و هي تتكلم حول مظهرها الذي من الواضح ستعجب به كثيرا.
صعدت إيفا إلى غرفتها رفقة الأكياس الممتلئة بعد وابل من العتابات الطويلة التي كاد أن يتصدع رأسها منها ، رمت الأكياس فوق السرير المغطى ببطانية خزامية اللون مزينة بورود خضراء صغيرة . و إتجهت صوب المكتب القابع أسفل النافذة المستديرة ، جلست هناك متنهدة بضجر و شرعت في مراجعة دروسها كما اعتادت أن تفعل دوما ، فلطالما كانت تلميذة ناجحة ذات مستوى ذكاء متوسط و مقبول تكسب الثناء والمديح من أجله . و لكن كل ما يجعلها تستأنف الجد هو افتخار خالها بها وفرحة صوفي الصادقة بكل ما تنجزه.
بعد مدة طويلة ، رن هاتفها بغتة فسارعت إلى إخراجه من جيب سروال بيجامتها الفضفاض و ردت بضجر : ستعيشينني كابوسا آخر ، ماذا الآن ؟.
استمعت لضحكة كايسي العالية ثم لردها المستهزء المعتاد : هل أنت تستمتعين ؟ أرى أنك قد شكيت لجوليا مني لهذا عاودت الإتصال بك ، إذا.. كنت تودين القدوم بسروال جينز و قميص مطبوع ؟. إنفجرت بعدها بالضحك تاركة إيفا تعض شفتيها بغيض.
- لا تأتي غذا للدراسة ، هذا لصالحك.
- لماذا ، هل الغذ يوم عطلة ؟ سألت متصنعة الغباء.
ردت الاخرى بانفعال : نعم ، ستمضينها لوحدك في المستشفى. إنفجرت كايسي تضحك بكل قوتها في حين أن إيفا أكملت صياحها : حمقاء غبية ، ألم يكن ينبغي عليك تسليمي الدعوة بدل أن تسلميها لصوفي ؟... فأنا من ستحضر في الاخير و ليست هي .
- أوه إيفا ... ما خطبك ؟ سنمضي وقتا رائعا في الحفلة أعدك.
- الأمر ليس كذلك ، تعرفين أنني لا أحبذ الجلوس مع الغرباء أو الإحتكاك بهم.
- لا تقلقي إيفا ، أنا إلى جانبك .. همست كايسي بنبرة دافئة ، فابتسمت إيفا في السر و عاودت الصياح بامتعاض : أنا مشغولة الآن ، لا تزعجينني مجددا.
- هل تحلين واجباتك ؟.
- بالطبع ، لماذا ؟.
- سألت فحسب ، أراك غذا إذا .. عمت مساءا .
- و أنت كذلك .. تنهدت و هي تضع الهاتف جانبا لبثت تفكر و هي شاردة مع ضوء مصباح المكتب المشتعل ، سرعان ما اعترتها رغبة ملحة في النوم فأطفأته و هبت صوب السرير أين وجدت الأكياس مبعثرة فوقه ، ارتمت إلى جانبها و بفضول تفحصت الأكياس المتبقية أين قد تفاجأت بهدية مغلفة في ورق بنفسجي لامع ، التي لو لا اهتمام صوفي لنسيت أمر اقتنائها تماما.
عل كل هي لن تلوم نفسها إن نست فعل ذلك ، فهي فقط تطيع رغبة صوفي حتى لا تجعلها مستاءة منها... لكنها لن تعدها بالكثير.
انتصبت واقفة تلملم الأشياء إلى الاكياس من جديد ثم أسرعت لتخبئها في خزانتها البيضاء المندمجة في الجدار و إلى جانبها انتصبت منضدة تزيينها ذات الشكل العصري و اللون الوردي الأنوثي .
تنهدت بعمق و هي تنزع السترة العلوية مفضلة النوم بقميصها الأسود التحتي بما أن غرفتها دافئة ، اتجهت إلى النافذة لتتأكد من إغلاقها جيدا ، فلمحت ظلا طويلا يرسمه ضياء القمر في الجهة المقابلة للشارع .. ظلا يمتد جهة المنزل جعل نبضات قلبها تزداد بحدة فجأة.
هل يعقل أن الشخص الغامض قد عاد .. من انت بالضبط ؟.
أحست بالخدر في قدميها و قد تصلبت عنذ النافذة تركز نظرها عليه .. وهي تشعر أن شيئا مقبلا عليها لن يسرها البتة !

تمت .


* من أكثر الشخصيات التي جذبت انتباهك في البارت ؟
* من يكون الظل الطويل بحسب رأيك ؟
* ماذا يحدث لإيفا ؟
* و أخيرا فسحة للتعبير عن آرائكم حول الأسلوب و الحبكة
أتمنى أن الجزء الأول قد أرضى فضولكم و لم يكن مملا ، سأعدكم بالكثير في الجزء الثاني
ترقبوا ! خير9



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________



  #9  
قديم 03-20-2016, 02:55 PM
 
حب0

L A N A

و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته
الحمد لله تمام و أنت كيفك ؟

يبارك فيك يا أختي ،
شكرا على مرورك و ردك المفيد
و الله أني استمتعت بكل تفصيل في ردك
و حفظت عن ظهر قلب كل النصائح المفيدة التي لا تظهر سوى مدى خبرتك و براعتك في هذا المجال
أتمنى أن لا تختفي عن صفحات روايتي المتواضعة

بالنسبة للعنوان
وجدت صعوبة في اختياره ، و قد كتبت لائحة ببضع عناوين مقترحة .
وجدته الأنسب و الأكثر روعة من بينهم .

أتمنى أن لأ أخيب ظنك بموضوع السرد و الوصف
لقد حاولت أن أستعمل العمق في كلاهما و في توصيل الصورة كاملة
و أتمنى أن أكون قد وفقت في ذلك

الشقية البلهاء هههههه ما أجمله من لقب
ستضحك إيفا حتما عليه إن سمعتك :lamao:

أشكر مرورك العطر و لمستك الخاصة
و سأسعد برؤيتك هنا من جديد حتما حب0


L A N A likes this.
__________________



  #10  
قديم 03-20-2016, 02:57 PM
 
[button=قبل فترة]مكاني[/button]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:silver;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]السلام عليكم و رجمة الله تعالى و بركاته

كيفك ؟اخبارك؟ حوالك؟
بخير ان اشاء الله حب5

شكرا على الدعوة الجميلة
و ايضا لانك لم تنسي هههه
لقد اخجلني ردك على ردي في المرة السابقة
شكرا لك

البارت اكثر من رائع
بل مذهل
حتى طوله مناسب جدا
التصميم و العنوان
متناسبا بالفعل
احسنت اختار صورة الهيدر

اعجبتني المقدمة كثيرا
اختيارك للكلمات و مواضعها
و ربطها جديرة بالمدح
و الاعجاب

وصفك للشخصيات او الامكن مدهش
و متقن
لم تترك لي مجالا للحيرة و التفكير
او توقع كيف ستكون ملامحهم او طاع المطعم و جودته
اعجبني خاصة وجه زوجة الخال المنغمسة في معاينة الاسعار متناسية الاطباق
فاحسنت هنا ايضاclap1clap1

مسكينة صديقة ايفا
و مكينة ايفا ..حيث ان سعادتها لاشت فور سماعها
بذك الخبر اي ن يسعد اي شخص بسماعه

صوفيا زوجة رتشارد
لقد احببتها بالفعل
خاصة و انها تجيد الطبخ فسكون اما رائعة

ذلك الضوء او الوميض الاحمر الذي راته كايسي
في عيني ايفا
ترى ما سره؟
حظة!!
لا تقولي لي ان ما افكر به صحيح
هل ايفا صاصة دماااااااااااااء؟

ذلك المكان
اظن انه عالم مصاصي الدماء

ايضا ردة فعل كل من صوفيا و ريتشارد
حول عيد ميلاد ايفا مثة للريبة
اظن ان هناك شيئا سيئا سيحدث في عيد ميلادها
كان تعرف بانها ماصة دماء

اجبتني ثياب ايفا
لا شك ان لصوفي ذوق راق



و الان المطلوب(الاسئلة)
* من أكثر الشخصيات التي جذبت انتباهك في البارت ؟
طبعا البطلة
* من يكون الظل الطويل بحسب رأيك ؟
شخص من مصاصي الدماء
* ماذا يحدث لإيفا ؟
اعراض انها ستصبح مصاصة دماء و على الاغلب انها
ستكل في عيد ميلادها

* و أخيرا فسحة للتعبير عن آرائكم حول الأسلوب و الحبكة
احسنت البارت رائع
اسلوبك جميل و سلس
واضح و معبر

أتمنى أن الجزء الأول قد أرضى فضولكم و لم يكن مملا ، سأعدكم بالكثير في الجزء الثاني
ترقبوا ! خير9
نحن في الانظار
لا تطيلي علينا


لدي ملاحظة فهنا كتبتِ
سبح عطر جميل أضاف على المكان رونقا و فخامة
اظن ان استبدال "على" ب"الى"
سيكون افضل لتصبح الجملة

سبح عطر جميل أضاف الى المكان رونقا و فخامة

ارجو انني لم اطل عليك او ازعجك

لا تنسيني البارت القادمحب0

دمت خيرحب5
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
fαɪяy ℓαɒy likes this.

التعديل الأخير تم بواسطة Mîšš Řøśãłıņə♡ ; 03-20-2016 الساعة 04:56 PM
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لـِـــــــتْـ ـرُُ ~ مِنَ ~السَعَــــــــاْدَة MAIRU مدونات الأعضاء 76 10-12-2015 07:02 PM
أَوَراق مِنَ شجَرةةَ روگ!يا ღŘ u Қ i a مدونات الأعضاء 1 02-07-2014 11:02 PM
- .............. وَآخَرََهُ عِتْقْ مِنَ الَنَآرْ ؛ شِيرْينْ أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016 1 08-11-2012 06:48 PM
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُم حمزه عمر نور الإسلام - 0 11-10-2009 04:14 PM


الساعة الآن 10:36 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011