عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree498Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 3 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #66  
قديم 10-17-2016, 01:56 AM
 
اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك
~ANgEL SHiNA likes this.
__________________
تحدثي الي واخبريني الحقيقة هل حقا تحببني
رد مع اقتباس
  #67  
قديم 10-29-2016, 09:50 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://d.top4top.net/p_145wzuq2.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

٢٦

~
سوبارو ~

خرجت من المنزل بعد أن اتصل بي السيد روكاوا وأخبرني أنه ينتظرني خارجاً لأتوجه إلى عملي ..
عندما وصلت إلى السيارة وكزني السيد روكاوا وأشار إلى الخلف وهو يهمس : أنظر من وراءك ..

إلتفت إلى الوراء فإذا بي أرى ياماتو يقف على بعد مسافة مني وينظر إلي مندهشاً ..
تمتم حينها ياماتو : سوبارو أجبني بصراحة ماذا تخفي عنا ؟؟

أسندت ظهري إلى السيارة وأدخلت كفي الأيسر في جيب بنطالي ، ويدي الأخرى إتكأت عليها ، وقلت بهدوء : أأنا مجبر على الإجابة ؟؟

إبتسم ياماتو إبتسامة باهتة مجيباً : لست مجبراً ، لكننا أصدقاء ولا يجب أن نخفي شيئاً عن بعضنا البعض ..

لم أستطع مجاملته أكثر من هذا ، آن الأوان لأُظهر له حقيقة مشاعري نحوه ..
قلت بنبرة قاسية : أصدقاء !! هه لا تضحكني ، أنا لم أعتبرك صديقاً في يوم من الأيام ، أنا لا أراك سوى شخص بغيض كرهت ذكراه مذ أن كنت صغيراً ..

تمتم ورائي كالغبي والصدمة تعلو وجهه : شخص بغيض تكرهه !! هل هذه هي نظرتك إلي ؟؟

هز رأسه محاولاً طرد هذه الكلمات ، وقال بنبرة متوترة وبإبتسامة قلقة : أنت تمزح معي أليس كذلك ؟؟

قلت وأنا أرمقه بنظرة متعالية : ولماذا قد أكذب ؟؟ هذه هي الحقيقة التي كنت أخفيها عنك أيها الثري المغفل ..

تحولت ملامح وجهه بشكل ملحوظ ، ثم انقض نحوي وأمسكني من ياقة قميصي وصرخ عالياً وهو يهزني بعنف : أيها الغبي ماذا تقول ؟؟ هل فقد عقلك أم ماذا ؟؟ هل تدرك ما تقوله ؟؟

كلماته وصريخه لم تحرك فيني شعرة واحدة ، كنت أنظر إلى وجهه المحتقن بالإحمرار ببرود ، بينما هو كان مستمرا في الصراخ عالياً ..

توقف فجأة بشكل مريب ، ثم ابتعد عني ببطء ، وأنا أنظر إليه بإستغراب ..

قال وقد على وجهه إبتسامة عريضة مصطنعة : لا بد أن الخاطف قد أمرك بقول هذا لي ، أليس كذلك ؟؟
ثم صمت لثواني وأكمل بعدها وهو يهز رأسه بإيجابية : قل نعم يا سوبارو ، أنا متأكد أن هذا هو تفسير ما يحصل ..


هززت رأسي نافياً وأنا أقول : لا لم يحصل ذلك ، وإنما أنا أقول هذا بملئ إرادتي ..

قال وقد عاد وجهه إلى الشحوب : ولماذا يا سوبارو ؟؟ لماذا تخدعني وأنا اعتبرتك صديقي المقرب ؟؟ ماذا فعلت لك لتكرهني ؟؟

صمت قليلاً وأنا محتار هل سأخبره عن سبب بغضي له أم لا ؟؟ أنا على يقين أنني إذا أجبت على سؤاله سأندم لاحقاً ، لذا قلت بهدوء وأنا أدير ظهري بإتجاهه لأهم بالدخول إلى السيارة : لست مجبراً على الإجابة ..

أمسكني ياماتو قبل أن أدخل إلى السيارة : سوبارو أنا حقاً لا أصدق ما تقوله ..

شعرت بالغيظ الشديد منه ، لذا دفعته بقوة ليسقط أرضاً والتفت إليه نصف إلتفاتة وقلت بصوت جامد : الأيام ستثبت لك مدى كراهيتي لك إذا لم تصدقني الآن ..

دخلت إلى السيارة وأقفلت الباب ، ليتبعني السيد روكاوا الذي كان يستمع إلينا بصمت ..


ظل ياماتو يطرق النافذة ويتحدث إلي من خلف الزجاج ، لكنني كنت أتجاهله تماماً ..
قال السيد روكاوا بهدوء : أننطلق الآن ؟؟
أجبت بذات نبرته : نعم ..
-
هل أنت متأكد ؟؟ إلا تريد قول شيء له ؟؟


فكرت لثواني وقلت وأنا أفتح نافذة السيارة ، ليندفع ياماتو إلي مسرعاً واللهفة تبدو عليه ، قلت بهدوء : صحيح نسيت أن أخبرك ، لا تخبر روز بما حصل إن كنت لا تريد زيادة الصغط عليها ..

أنهيت جملتي وأشرت للسائق بالإنطلاق ، وذهبنا بعيداً عنه تاركين ياماتو الذي لا أعلم كيف يشعر الآن ..


أسندت ظهري إلى الوراء وأغمضت عيناي بهدوء ، مرت عدة ثواني كان الصمت هو سيد المكان قبل أن يتحدث السيد روكاوا : من هي روز التي لا تريد منها أن تتضايق من ما سمعه ياماتو ؟؟
أجبت ببرود : مجرد زميلة في الصف ..
قال بنبرة ممزوجة بشك : أأنت واثق أنها مجرد زميلة لك ؟؟


لم أعر نبرته الشاكة إهتماماً ، فجدالي معه لن يجدي نفعاً ..

ثم قلت مغيراً الموضوع بعد أن نظرت إليه : هل فعلت ما طلبته منك سيد روكاوا ؟؟
أومأ رأسه مجيباً : نعم ، لكنني حتى الآن لازلت راغباً في معرفة السبب ..

قلت بنبرة تنذر بغضبي : قلت لا تسألني عن السبب أبداً ألا تفهم ؟؟
قال السيد روكاوا وعلامات الغيظ بادية على وجهه : حسناً لن أسأل تباً لك يا سوبارو ..
تجاهلت ما قاله وعدت أتأمل الشوارع وعقلي مشغول بروز الآن ..


***


~
روز ~

على الرغم من أنني في منزلنا إلا أنني لا أشعر بالأمان إطلاقاً ، لم أمكث في غرفتي خوفاً من أن يقوم أحد بإقتحام غرفتي من النافذة ، ولن أستطيع حينها طلب النجدة ، وتعمدت البقاء في غرفة المعيشة على الأريكة البنية وفي يدي حقيبة يد صغيرة أخفي فيها أهم شيء عندي أستطيع استخدامه وقت الخطر ..


حالة الرعب التي أنا فيه الآن سببه الرسالة التي تلقيناها أنا وسوبارو لهذا اليوم ، والتي كان محتواها هو أن جريمة قتل ما ستحصل قريباً ، ويجب أن نكون مستعدين ..


هذه الرسالة بثت الرعب في داخلي ، ولو لم يكن سوبارو معي لتهدئتي لما علمت ماذا كنت لأصنع ، بقينا في المدرسة نترقب إقتراب الخطر في أي وقت ومن أي مكان وبأي وسيلة ، كنت أخاف من أي حركة قريبة مني ، ومن أي صوت يصدر ..

بقيت أهلوس طوال الوقت ، وعندما انتهى الدوام المدرسي شعرت بالراحة كثيراً ، لكن سوبارو أخبرني ألا أفرح كثيراً فربما هو يستهدفنا خارج المدرسة ، ليعود الشعور الذي لم يفارقني سوى لثوان..


أوصلني سوبارو إلى المنزل بنفسه ليطمئن على سلامتي ، وأوصاني بأن لا أخرج من المنزل ، وأخبرني بشيء لم أعرف ماذا يقصده ..
لقد قال أنه سيرسل لي من يحرسني من حيث لا أعلم ، لكني لا أظن أنه سيستطيع جلب الحراس لي ..


كنت أقضم أظافري بتوتر وأنظاري مشتتة نحو المكان كله ، لمحت زوج والدتي قادم نحوي ، لأقفز بعدها وأنا أقول بحدة : لا تقترب مني ، ابقى بعيداً عني ..
نظر إلي بإستغراب وهو يقول متسائلاً : ولماذا ؟؟
أجبت بحدة : لأنني لا أثق بالغرباء ..

إبتسم بوقار وأخذ يقترب مني وهو يقول بحنان : أتقولين عني غريب ؟؟ أنا كيداي زوج والدتك لست بغريب أبداً ، بل من العائلة ..

كلما كان يقترب مني كنت أتراجع إلى الخلف بقلق ، لكنه كان يتقدم بخطوات واثقة ، جعلني أضطر إلى إدخال يدي في الحقيبة وأخرج شيئاً أسود صغير رفعته بذراعاي وأشرت به إلى وجهه بيدين مرتعشتين ..


توقف السيد كيداي فور أن رأى ما بحوزتي ، وعلت الصدمة ملامحه ، ويبدو أن الصدمة قد ألجتمه ، فهو لم يتفوه بكلمة واحدة ..

قلت بصوت مبحوح : تراجع بسرعة إلى الوراء إن كنت لا تريد مني أن أطلق عليك النار ..
نطق السيد كيداي أخيراً بعد صمت وأخذ يتمتم بصدمة : مسدس !! من أين أتيت به يا روز ؟؟

قلت وأنا أحاول إخفاء إرتعاش صوتي : نعم مسدس وهو حقيقي ، وأنا لن أخبرك بالمكان الذي أخذته منه ..

قال وقد تغيرت ملامحه إلى القلق : روز لا تكوني حمقاء ، وأبعدي سلاحك لنتفاهم بالحوار ..

قلت وأنا أهز رأسي نافية : لا لن أبعد سلاحي ، فأنا متأكدة من أنك ستهجم علي لتقتلني إذا ما أرخيت دفاعاتي ..

رفع حاجبه الأيمن وقال بإستنكار : أقتلك !! ماهذا التفكير الغبي ؟؟ أنا لست بمجرم لأفعل ذلك ..
صرخت غاضبة : كفاك كذباً ، أنا متأكدة أنك ترغب في قتلي ، لكنني لن أسمح لك بذلك ..
أطلق السيد كيداي زفيراً طويلاً ، ثم قال بعدها بهدوء : صدقيني يا روز أنا لا أنوي فعل شيء لك ، كل ما أردته هو أن أري لك صور والدك والدليل هو ألبوم الصور التي معي ..

لوح بألبوم الصور أمامي ، وأدركت أنه صادق فيما يقوله ، لذا أنزلت السلاح وعدت أجلس على الأريكة ، وحين جلس السيد كيداي بقربي قفزت من مكاني مبتعدة ...

لكنه أمسك بيدي قائلاً : لا شيء يستدعي الخوف يا عزيزتي ، اجلسي لنشاهد الصور معاً ..
قلت وأنا أحاول سحب يدي : لا أريد رؤية الصور معك ، دعني وشأني ..



نظر إلي بإستغراب قائلاً : ألا ترغبين فعلاً برؤية والدك ؟؟
أجبت بعنف : نعم ، فلماذا أنظر إلى صور رجل بغيض مثله ؟؟
قال السيد كيداي بإستنكار : رجل بغيض ؟؟ أتقولين هذا عن والدك الذي أحبك من أعماق قلبه ؟؟

قلت وأنا أنظر إليه بطرف عيني : لماذا تتحدث كما لو أنك كنت تعرفه ؟؟
أجاب حينها : ببساطة لأنني كنت صديقه المقرب منذ الطفولة ..

تفاجأت حقاً مما قاله ، وقلت غير مصدقة : أنت ووالدي صديقان ؟؟
جذبني من يدي لأسقط على الأريكة ، وقال مجيباً : نعم صديقان ، لقد كان رجلاً رائعاً بحق ، وكم أنا فخور بأنه صديقي ..
ثم أردف وهو يلتفت إلي والجدية تعلو وجهه : لكن لا تخبري والدتك بهذا الأمر يا روز ..
-
ولماذا ؟؟

أجابني وهو يفتح ألبوم الصور : لا أريدها أن تعلم فقط
..
ثم أشار بسبابته على صورة قديمة كان فيها شابين جالسين على قارب خشبي قديم ، وينظران إلى عدسة الكاميرا وعلى شفتيهما إبتسامة مرحة ، وقال بعدها : انظري هذه صورة لي ولوالدك عندما كنا في سنك يا روز ، لقد كنا آن ذاك في مسابقة لتجديف القوارب ، لكننا للأسف لم نفز ..

وأكمل يريني الصور التي كانت جميعها توجد فيه صورة والدي وصورته ، وكان يروي قصة كل صورة ..

حينما كان يروي لي عن مغامرات أبي شعرت بالحنين في صوته ، ومن خلال ما يرويه اكتشفت شخصية أبي ، لقد كان شخصاً متهوراً وعنيداً ، لكنه مع ذلك لطيف ويحب مساعدة الغير ..


انتهينا من مشاهدة الصور ، وكانت هذه اللحظات من أجمل اللحظات في حياتي ، وتمنيت لأول مرة أن أرى والدي ..
مات أبي عندما كنت صغيرة جداً ، ولا أمتلك أي ذكريات عنه ، وأمي لم تخبرني يوماً عن أبي وكل الصور قد احترقت بطلب من والد ماركو بعد زواجه من أمي ..


سمعت السيد كيداي يقول : هل تعلمين لماذا تزوجت من والدتك ؟؟
قلت بهدوء : لا لا أعلم ..
قال حينها : لقد تزوجتها من أجلك يا روز ، من أجل أن أبقى بقربك وأحميك ..


جوابه كان كالقنبلة التي نزلت فجأة ، لا أعلم ماسر الشعور الغريب الذي انتابني ..
قلت بسرعة : كاذب كاذب كاذب ، أنا أعلم أنك كاذب ..
قال بحنان : أنا لا أكذب يا روز ، هذه هي الحقيقة ، عندما تزوج والدك من أمك سعدت له كثيراً ، لكنني في الوقت ذاته حزنت عليه ، فوالدتك كانت معروفة بالطمع ، لكن والدك أحبها بصدق وقبل بها وبعيوبها ..


ثم أكمل بنبرة حزينة : عندما حملت أمك بك كان سعيداً جداً ، وكان يترقب قدومك بفارغ الصبر ، وفي يوم ولادتك كاد أن يطير من فرط السعادة ، لكن سعادته لم تكتمل ، ففي مساء اليوم الذي ولدتي فيه انهار والدك فجأة ، وبعد أن ذهبنا به إلى الطبيب علمنا أنه مريض بمرض خطير وأنه لم يتبقى من حياته إلا القليل ، بعد أن علم والدك بذلك ظل ملازماً لك حتى مات ، أما والدتك فبعد موت والدك كانت سعيدة للغاية فقد ورثت مال والدك كله ، بعد سنوات تقدم لخطبتها والد ماركو الثري لتوافق والدتك بسرعة ، كنت أراقب الوضع بصمت فقد كنت آن ذاك شخص ميسور الحال، ولا أملك المال الكافي للإعتناء بعائلة بأكملها ، ولأنني كنت أعلم أن والدتك لن توافق علي إذا لم أكن أملك المال ، لذا قررت العمل جاهداً لأكسب المال الذي يمكنني من أخذك معي بعد أن أحسست بالمعاملة السيئة التي تتلقينها ، وعملت لسنوات طويلة جداً لأستطيع أخيراً كسب المال ، وما أسعدني أكثر خبر موت والد ماركو الذي أتاح لي الفرصة لخطبة والدتك ولأكون بقربك ..


احترت حقاً أأصدقه أم أكذبه؟؟ أنا في حيرة حقاً ..

قاطع تفكيري صوته الجاد وهو يسأل : روز أجيبيني بصراحة ، من أين أتيت بالمسدس الذي معك ؟؟
شتت أنظاري هنا وهناك ، وقلت بتوتر : لست مجبرة على الإجابة ..

ثبت رأسي بيديه ليجبرني على النظر إلى عينيه مباشرة ، وقال والجدية تعلو وجهه : روز ليس أي شخص يمكنه حمل السلاح ، يجب أن يكون لديك تصريح لحمله ، والمسدسات لا تُباع في أي مكان ، لذا أخبريني من أين أتيت به ، ثقي بي أنا سأساعدك ..

عيناه تقولان أنه صادق في كل كلمة يقولها ، لذا قررت إخباره بالحقيقة

-
لقد وجدته ملقى على الأرض قبل سنتين عندما تعرضت ذات يوم لمحاولة إعتداء ..
علت الصدمة ملامحه وقال بخوف وقلق : محاولة إعتداء ؟؟ متى حصل ذلك ؟؟ وأين حصل بالضبط ؟؟

أجبت بهدوء وأحداث تلك الليلة المأساوية تُعاد أمامي :
حدث ذلك بعد موت والد ماركو بيومين ، عندما كانت السعادة تغمرني ، فقد تخصلت أحيراً من سبب تعاستي في الحياة ، شعر كل من أمي وماركو بذلك فهما يعلمان أنني أكرهه بسبب تعامله السيء معي ، وتلقيت في ذلك اليوم ضرباً مبرحاً ، وبعد أن فرغوا من ضربي ألقوني خارج المنزل ، حينها أتاني فكرة جنونية ألا وهو الهرب من المنزل بلا عودة ..

ثم صمت وأنا أشعر بمدى غبائي حينما قررت ذلك ، آه كم أنا غبية فعلاً ..
سمعت السيد كيداي يقول وهو يحثني على المتابعة : أكملي يا روز ، ماذا حصل بعد ذلك ؟؟


قلت وأنا أنكس براسي : ذهبت بعيداً عن المنزل وسرت في الشوارع والطرقات دون هدف ، وكانت الشمس آن ذاك قد قارب على الغروب ، وعندما كسا السماء نفسه بالرداء الأسود بدأت أخاف كثيراً ، وقررت الإختباء في زقاقة ضيقة ، بقيت أحتضن جسدي وأنا أنظر إلى حولي بقلق ، كنت خائفة كثيراً فأنا في حياتي لم أُقدم على خطوة متهورة كالتي فعلتها ، فاجأني صوت قطان يتشاجران على قمامة ملقاة بجانبي ، حينها لم أستطع أن أتمالك نفسي أكثر وأصبحت أبكي في الظلام وحيدة ، لم يكن هناك أحد بجانبي ليواسيني ويخفف عني ...



لم أستطع أن أكمل وقد تهدج صوتي ودموعي بدأت بالإنسكاب مواساة لنفسي ، من المؤلم أن يكون الشخص وحيداً ، من المؤلم ألا يقف أحد بجانبك وقت الشدة ..


امتدت يد السيد كيداي ليمسح دموعي بأصابعه ، وقال بحنية : لا داعي للبكاء يا روز ، فأنت الآن لم تعودي وحيدة ..
قلت بصوت مختنق : لم أعد وحيدة ؟؟ ومن حولي الآن ؟؟

قال وهو يعد بأصابعه مبتسماً : أنا وصديقك الذي أوصلك إلى المنزل ..

نظرت إليه متفاجئة فهو قد رآني عندما عدت برفقة سوبارو ، أيمكن أنه يراقبني ؟؟

حينها قال السيد كيداي ضاحكاً : لا داعي للتفاجؤ هكذا ، لقد رأيتك من نافذة الغرفة صدفة ، وحزرت حينها أنه صديقك ..
قلت بإبتسامة وارتياح : نعم هو صديقي ويعدى سوبارو ولدي صديق آخر يدعى ياماتو ..
ثم صمت قليلاً لأردف بحزن : وقد كنت أمتلك صديقة تدعى جوليا لكنها مُختطفة الآن ..


قال السيد كيداي : نعم أعرفها إنها إبنة جارنا السيد روك ، لقد سمعت بقضية إختطافها ، أرجو أن تعود سالمة ..
قلت من أعماق قلبي : أرجو ذلك حقاً ..


قال السيد كيداي : هيا أكملي ما بدأته يا روز ، أم أن هذا سيُشعرك بالحزن ؟؟ إن كان كذلك فلست مجبرة على الإكمال ..

أجبت بهدوء : لا لابأس سأكمل ، فأنا منذ زمن وأنا أكبت هذا السر في داخلي ، وأشعر أنني بحاجة إلى إخبار أحد ما ..

وضع يده على رأسي وابتسم بطريقة تريح النفس قائلاً : وأنا سأصغي لك بكل جوارحي، وسأساعدك حتماً ..

إبتسمت له بإمتنان وأكملت سرد القصة : بينما كنت أبكي وحيدة في الظلام ، سمعت صوت خطوات تقترب مني ، عندما رفعت رأسي رأيت وجه رجل ثمل قريب مني ، ارتبعت بشدة خصوصاً بعد أن بدأ الهجوم علي محاولاً إنتزاع ملابسي بعنف ...

كان جسدي يرتعش وأنا أتذكر تلك اللحظة التي لا زالت متعلقة في ذاكرتي ، وكلما اقترب أحد مني بطريقة مفاجئة تعاود تلك الذكرى بالظهور ..

أكملت بصوت مرتعش : بصعوبة استطعت الإفلات منه ، ولمحت قطعة خشبية ملقاة على الأرض بجانبي ، التقطتها وضربته بها ليسقط أرضاً وهو يتأوه متألماً ، فأنا استهدفت قدمه التي يقف عليها ، قبل هروبي لمحت المسدس ملقى على الأرض لذا التقطته وهربت مبتعدة وبعدها عدت إلى المنزل ، كان لذلك الحادث أثر كبير على نفسي ، كنت في البداية لا أطيق الذكور بصفة عامة بسبب ما ألاقيه من ماركو ووالده ، لكن كراهيتي لهم ازدادت عندما مررت بذلك الموقف ، وبعدها قررت تغيير نفسي تماماً ، وأن أخفي ضعفي خلف قناع القوة لأبرهن لمن حولي أنني قوية لكنني أفشل في هذا دائماً ..


ابتسم لي السيد كيداي بإبتسامة مريحة وقال : روز الناس ليسوا سواسية ، حتى لو مر مجموعة من الرجال السيئين فلا يعني أن البقية هم كذلك ، لذا لا تحكمي على عامة الناس بسبب تصرفات بعض الأشخاص ..
قلت معلقة على ما قاله : أنت محق يا سيد كيداي ، فنظرتي تغيرت قليلاً عن سابقتها بسبب أنني قابلت سوبارو وياماتو ..

صمت قليلاً وأنا أتذكرهما لأكمل ضاحكة : صحيح أن سوبارو غريب الأطوار قليلاً ، وياماتو يحب إغضابي دائماً لكنهما فعلاً طيبان جداً ، ويُعتمد عليهما في الشدائد ..
هتف السيد كيداي بمرح : وأنا ؟؟ ألم أغير من نظرتك للذكور ولو قليلاً ؟؟
أجبت بشكل صريح : لا أبداً ، ففي النهاية أنا لم أعرفك إلا قبل يومين ..

صمت السيد كيداي قليلاً ، ويبدو عليه الشرود ، لذا لم أحب قطع أفكاره وتركته وشأنه ..


قال فجأة بعد صمت دام لدقائق : روز هل رأيت وجه الشخص الذي هاجمك ؟؟

استغربت سؤاله ، لكنني هززت رأسي نافية وأنا أجيب : لا لم أره فقد كان الظلام دامساً وكنت آن ذاك فزعة ولم أستطع التركيز على ملامح وجهه ..

وضع يده تحت ذقنه بتفكير وهو يتمتم : ماذا كان يفعل ذلك الثمل بالمسدس يا ترى ؟؟ أخشى أنك ستقعين في ورطة إذا ما عرف أحد بوجود المسدس معك ..

قلت بقلق : هل ستخبر رجال الشرطة ؟؟
قال وهو يلتفت إلي بهدوء : لا تقلقي لن أورطك أبداً ، وإخبار رجال الشرطة بالأمر ليس بجيد فقد لا يصدقونني بما أنه لا دليل لدينا ..
قلت بإستغراب : إذاً ماذا ستفعل ؟؟
-
لا أعلم لكن يجب أولاً أن أجد صاحب المسدس ..

صمت دون أن أقول شيئاً ، وأخذت أفكر إذا كان يمكنني أن أخبره برسائل الخاطف ، فأنا على يقين أن الخاطف لن يستطيع مراقبتي في منزلي ..

فتحت فمي لأنطق بكلمة لكنني قررت التراجع بسرعة ، فربما ستقع جوليا في خطر نتيجة تهوري ..
انتبهت إلى صوت السيد كيداي وهو يقول : اسمعيني يا روز أعطني المسدس لأحتفظ به عندي ..

حينها تراجعت إلى الوراء واحتضنت الحقيبة التي تحتوي على المسدس وقلت بخوف : لا لن أعطيك إياه مهما حاولت ..
قطب حاجبيه وكأن ردي لم يعجبه وقال : روز هو ليس بلعبة لتبقيه عندك ..
قلت وأنا أقفز مبتعدة : لن أعطيك إياه أبداً أبداً ، لقد أبقيته عندي لسنتين ولم يحصل شيء لذا يمكنني الإحتفاظ به حتى تجد صاحبه ..

زفر السيد كيداي بقلة حيلة وقال : حسناً لكن لا تُخرجيه مجدداً فلا أريد لوالدتك وماركو رؤيته ..
قلت له : لا تقلق هذا لن يحدث ..

فاجأني صوت والدتي التي دخلت للتو وهي تقول : ماذا تفعلان أنتما هنا ؟؟
نقلت ببصري نحو السيد كيداي الذي أجاب وهو ينهض من على الأريكة : كنا نجلس جلسة تعارف هل لديك أي اعتراض ؟؟
مر السيد كيداي من جانب أمي التي قالت : جلسة تعارف !! هه يال السخف ..

قالت هذا وهي تستدير خارجة من الغرفة ، لتلحق بالسيد كيداي ، بينما قررت أنا البقاء مستيقظة طوال الليل لأضمن سلامتي ..

***


في صباح اليوم التالي


~
كازوما ~

ألقيت نظرة على ما كتبته على جهاز الحاسوب ، وحينما أنهيت مراجعة ما قرأته ابتسمت برضى ..

أتاني صوت ناعم من جانبي يقول : لماذا تبتسم بهذا الشكل ؟؟ أتفكر بالقيام بشيء ما ؟؟
نظرت إليها بطرف عيني وقلت بملل : هل أنت حمقاء ؟؟ لقد قرأت ما كتبته لذا لا داعي لأن تشكي بما سأفعله ..

قالت راي وهي تعيد قراءة السطور التي كتبتها : لكنها ليست ذات معنى وأنا أخشى أن تكون شفرة سرية أو ما شابه ..

انفجرت ضاحكاً بسخرية على ما قالته ، بينما هي قد قطبت حاجبيها منزعجة ، لذا تمالكت نفسي وقلت وأنا أخفي إبتسامتي قدر الإمكان : عن أي شفرة سرية تتحدثين ؟؟ هي عبارة عن أبيات شعرية من تأليفي ..

ثم أردفت وأنا ألتفت إليها وأهتف بمرح : ألا أبدو كشاعر محترف قد اعتاد على كتابة الشعر لسنوات طويلة ؟؟
عبست راي وهي تهز رأسها ساخرة وشعرها الناعم يتمايل مع حركتها : أتسمي الخزعبلات التي كتبتها شعراً ؟؟ أنت أحمق ..

قلت بغيظ : ألا تستطيعين المجاملة قليلاً ؟؟ إنها المرة الأولى التي أحاول فيها كتابة أبيات شعرية ، لذا لا تحطميني من المحاولة الأولى ..

قالت راي وهي تقف مبتعدة : آسفة أنا لا أجيد المجاملة ، يجب أن أغادر الآن ، وأستعد للحصة الأولى ..
قلت لها : لماذا تظلين ملازمة لي من الصباح الباكر ؟؟ أخشى أن تنتشر إشاعات سيئة عنا ..

قالت راي وهي تمسك مقبض الباب لتستعد للخروج : ساي أمرني بهذا وأنا لا أستطيع رفضه ..
أملت فمي بسخرية وقلت : لا داعي لأن تراقبينني فأنا أعلم أن هناك كاميرات مراقبة في مكتبي ، وأداة تنصت على ردائي ..


إلتفتت حينها راي وقالت بعد أن احتدت ملامح وجهها : كيف علمت بهذا مع أنني كنت أحرص على تثبيت أداة التنصت في ملابسك بطريقة خفية ؟؟
قلت ببرود : أدوات التنصت تُحدث تشوشاً في الإتصالات عند استخدام الهاتف المحمول ، كان يجب أن تكوني على اطلاع بشأن هذا ..

قالت وهي ترمقني بنظرة غريبة : كازوما لا تنسى أن حياة ابنيك أهم من حياة تلامذتك ، وإذا ما أحسسنا بأي تصرف مريب يصدر منك فــ...........

قاطعتها بحدة : أعرف هذا جيداً ولا داعي لتذكيري يا راي ، كما أنك تعيدين هذه الجملة مئة مرة في اليوم ..
ثم أردفت بصرامة : أرجو أن تغادري الآن يا راي ..

احتدت ملامح راي وقالت غاضبة : تحدث معي جيداً يا كازوما هل تفهم ؟؟
قلت بإستياء : راي غادري مكتبي بسرعة أنت فعلاً مزعجة ..
هتفت حينها راي وقالت غاضبة : سأريك يا كازوما أقسم أنك ستندم ..

أنهت عبارتها وغادرت مكتبي بعد أن أقفلت الباب بأقوى مالديها ، لم أعر تهديدها أي اهتمام ، فأنا واثق أن ساي لن يعيرها أي اهتمام حتى لو كانت أخته ..

عدت أنظر إلى شاشة حاسوبي وفي أعماقي أتمنى أن يفهم مقصدي ، في النهاية هو ذكي ولابد أنه سيلاحظ حتماً ..

نهاية الجزء ..

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس
  #68  
قديم 10-29-2016, 09:54 PM
 
ياي التتمة اخيرا
~ANgEL SHiNA likes this.
رد مع اقتباس
  #69  
قديم 10-29-2016, 10:15 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://d.top4top.net/p_145wzuq2.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


27

~
سوبارو~

كنت أنصت إلى شرح المعلم بإهتمام ، فأنا لا أحب إهمال دروسي مهما كانت الظروف ، ودائماً يجب أن أكون الأول ..
ألقيت نظرة على روز القابعة بجواري والغارقة في النوم ، المسكينة أتت إلى المدرسة وهي لم تذق طعم النوم ، كل هذا بسبب الرسالة التي وصلت في الأمس ..

كان شكلها محزناً للغاية ، فالسواد يحيط عينيها ، والإرهاق بادٍ على وجهها ..

عدت أنصت إلى شرح المعلم ، ولكن التفكير في رسالة الخاطف يعيق تركيزي ، لازلت أجهل لماذا لم يحصل شيء حتى الآن ؟؟ كما أننا اليوم لم نحصل على رسالة منه ..

آآه هذا مزعج حقاً ، لا أفهم إلى ماذا يرمي إليه الخاطف ، هل يرغب في التلاعب بأعصابنا قبل الإقدام على قتلنا ؟؟ أم أن هناك هدف آخر ؟؟ يا إلهي لقد أخذني التفكير بعيداً عن الدرس ، لا يهم فأنا سأفهم الدرس من دون معلم إذا ما قرأته بتركيز ..


انتهت الحصة الأولى وبدأت الحصة الثانية ، دخل أحد المعلمين وقام بمناداتي أنا وطالب آخر في صفي ، وطلب منا التوجه إلى مكتب المدير ..


أخذت أهز روز لأخبرها أنني مغادر قليلاً ، ولتأخذ حذرها في غيابي ، ولم أستطع المغادرة إلا بعد أن وعدتها أنني لن إطيل الغياب ..


توجهت برفقة زميلي في الصف إلى مكتب المدير كما طُلب منا ، وتفاجأت عند دخولي بوجود عدد من التلاميذ غيرنا من صفوف مختلفة ، وكان عددنا يقارب العشرة ، ويبدو أن لا أحد يعرف سبب وجوده هنا ، فالحيرة تعلو وجوه الجميع ..


وقف المدير الذي كان جالساً على كرسيه الموضوع خلف المكتب ، وقال بصوته الجهوري ليسكت الجميع ويلفت إنتباهنا : اسمعوني جيداً ، أدرك أن الجميع يتساءل عن سبب تواجده هنا ، أليس كذلك ؟؟
-
نعم ، بالطبع ، صحيح >> كانت هذه أجوبة الطلبة المتفاوتة ..


المدير كازوما : في الواقع لقد جمعت هنا أذكى عشرة طلبة في المدرسة بأكملها ، فهناك مسابقة سأقيمها بينكم لتحديد الأفضل ...
رفع أحد التلامذة يده قائلاً : سيدي المدير قلت أننا العشرة الأفضل ، لكنني أرى أننا تسعة فقط ، والعاشر مجرد دخيل ..

قال جملته الأخيرة وهو ينظر تجاهي ، وكأنه يعنيني بكلامه ، لكنني تجاهلته وتظاهرت بعدم إدراكي لمقصده ..

قال المدير : عندما أقول عشرة فأنتم عشرة فعلاً ، ولو كان أحد منكم يشك في ذكائه فليتفضل ..
قال آخر وهو يحرك نظارته : يبدو أنك لم تفهم ماقاله زميلي ، لقد كان يقصد أن هذا الشخص ليس من المفروض أن يكون بيننا ..

نظرت إلى سبابته الذي كان يُشير إلي بكل استحقار ، وفضلت تجاهله هو الآخر ..

بينما تحدث ثالثهم مؤيداً لكلامه : مظهر هذا الرجل لا يدل على ذكائه أبداً يا حضرة المدير ، كما أنه طالب جديد فكيف استطعت أن تعرف نسبة ذكائه ..

أجاب المدير بحزم : لعلمكم جميعاً ، هذا الشخص الذي تنظرون إليه بإستصغار قد حصل على علامات كاملة طوال سنواته الدراسية السابقة ، إذا هو أفضل منكم بكثير ..

ظهرت علامات الدهشة في وجوه الجميع ، بينما ابتسمت بهدوء لأغيظهم ، وقد أفلحت في ذلك حقاً ..
تمتم أحدهم معترضاً : مستحيل أيها المدير ، لا يمكن لأحد أن يُحٓصِّل العلامات الكاملة في كل الإمتحانات مهما كان ذكياً ..

قال مدير وهو يتوجه نحونا ببطء : ليس مستحيلاً أبداً ، فها هو سوبارو أمامك ليبرهن لك أن المستحيل يمكن أن يكون واقعاً ، كما أن هناك شخص آخر كسر المستحيل كسوبارو ..
سأل حينها أحدهم : شخص آخر ؟؟ ومن هو ؟؟ هل هو معنا الآن ؟؟ هز المدير رأسه نافياً وقال : لا ، هو ليس معكم للأسف ، لكنه في هذه المدرسة ..
صاح طالب في السنة الأخيرة : كفاك كذباً أيها المدير ، لقد درست هنا منذ السنة الأولى ولم أُصادف أحداً قد حصل على العلامات الكاملة ، وكان الشخص الذي يترأس المرتبة الأولى هو أماي ..

تحدث المدعو بأماي قائلاً بهدوء : نعم أنا الذي كنت دائماً في المركز الأول ، ومع ذلك لم تخلو ورقة إمتحاناتي من بعض الأخطاء الطفيفة التي تسببت في نقص بعض درجاتي ، ولو كان هناك من حصل على علامات كاملة لكان قد أخذ المركز مني ..
قال أحدهم ساخراً : أنت بلا شك تكذب علينا ..
وقال آخر بإستهزاء : وربما النظارات الضخمة التي ترتديها تُريك أشخاصاً ليسوا حقيقيين ..


صرخ حينها المدير بشكل مرعب : أتسخروني مني ؟؟ أنتم لم تعرفوه لأنه طالب انتقل إلى هنا هذه السنة فقط ، أنا لست مجنوناً لأتخيل أشخاصاً وهميين ..
قال أماي بهدوء : وأين هو الآن إذاً ؟؟ لماذا لم تستدعه ؟؟ صمت المدير حينها ، لأجيب بهدوء عوضاً عنه : لأنها مختطفة ..
ثم إلتفت إلى المدير وقلت : أليس كذلك ؟؟ أومأ برأسه بإيجابية ، ليقول زميلي في الصف بتفاجؤ : أتقصدون جوليا ؟؟ قال المدير : نعم إنها جوليا ، الفتاة التي حصلت على علامات كاملة طوال سنوات دراستها تماماً كسوبارو ..


لأكون صريحاً فأنا متفاجئ مثلهم جداً ، أخبرتني روز سابقاً أن جوليا ذكية ، لكنها لم تخبرني أنها تحصل على علامات كاملة مثلي ، هذا مفاجئ حقاً !! لكنني استنتجت الأمر حين قال المدير أنها طالبة متنقلة ..

استيقظت من شرودي على صوت المدير الذي قال : دعونا الآن نعود إلى موضوعنا الأصلي الذي كان عن المسابقة التي سأقيمها بينكم ..

سار إلى مكتبه وأمسك بمجموعة من الأوراق وأخذ يوزعها لنا ، عندما وصلتني الورقة أخذت أقرأ مافيها ..
وكان مكتوب فيها
.
.
((
يا عباقرة مدرستي ماذا سأصنع غداً في حياتي ؟؟ توافقوا مع أفكاري وابقوا معي غير أني أخاف عليكم مستقبلاً مرافقكم إلى الأبد دائماً قبل أن تندموا وتبكوا دماً مديركم الذي يعرفكم جيداً :
كازوما ٢/٢/٢٣٣٢))

أخذت أعيد قراءة ماهو مكتوب لأفهم المقصود من هذا الكلام ، لكنه لم يكن ذات معنى كما أرى ..

رفعت رأسي لأرى البقية ويبدو أنهم مثلي تماماً ، لم يفهموا شيئاً ..
تحدث صاحب النظارات : حضرة المدير ماذا تعني بتوزيعك هذه الأوراق لنا ؟؟ ابتسم السيد كازوما ابتسامة عريضة وقال : في الواقع هذه أبيات شعرية من تأليفي مارأيكم بها ؟؟ تكلم زميلي في الصف بنبرة ساخرة : أتسمي هذه الترهات شعراً ؟؟ أنا لا أرى سوى حروف وكلمات مبعثرة لا معنى لها ..

قال المدير وهو يحرك نظارته الضخمة بسبابته : هذه الأبيات الشعرية لا يُمكن لعامة الناس فهمها بسهولة ، والعباقرة وحدهم من يستطيعون فهم المغزى ، ويستفيدو من كل ما هو مكتوب في الورقة ..
ألقى أحدهم الورقة أرضاً وقال بغرور : هل تظن أننا سنصدق مثل هذه الترهات ؟؟ لسنا حمقى لنظن ذلك ..
قال آخر : هل تعلم أيها المدير منذ أن رأيتك وأنا أشك في عقلك ، لكنني الآن أيقنت أن هناك خللاً فيه ، الأبيات الشعرية لابد لها أن تكون على وزن وقافية ، وبجمل مفهومة ..


بعدها انفجر الجميع ساخرين منه ، لكننا توقفنا جميعاً حين ضرب الطاولة بقبضته وأفزعنا بالصوت الذي صدر أثر ذلك قال بنبرة حازمة ممزوجة بالغضب : ألا تعلمون أنكم تخاطبون مديركم ؟؟ أرى أنكم تقللون من شأني جميعاً ..
ثم أردف بنبرة تهديدية : أستطيع فصلكم جميعاً في دقيقة واحدة ، فأنا المدير وأنا من يضع القوانين ولن يردعني أحد ..


ظهرت علامات التوتر على البعض بينما البعض الآخر لم يتأثر بما قاله المدير ..
قلت بهدوء : سيدي المدير هل هذه الورقة مهمة ؟؟ نظر إلي مجيباً : نعم هي مهمة جداً ، ولن تدخلوا الإختبار الذي سيكون بعد يومين إلا بها ..

قال شخص ما : وما فائدة الإختبار ؟؟ أجاب المدير على سؤاله : كما قلت في البداية إنه اختبار مهم ستخضعون له أنتم العشرة لتحديد نسب ذكائكم ، ولن تدخلوا الإختبار إلا بهذه الورقة ، وحاولوا أن تركزوا فيما كُتب فيها ، فهي بالنسبة لي مهمة جداً ..


لا أعلم لماذا لكنني أشعر أن المدير يُلمح إلى شيء ما ، وهو يحاول الوصول إلى هدف معين ، لكن ما هو ياترى ؟؟عدت إلى تلك السطور وأمعن النظر فيها جيداً ، الجمل فعلاً لم تكن ذات معنى واضح كما قال الجميع ، لكن لماذا يقول المدير أنها مهمة ؟؟ لفت نظري عبارة (( مديركم الذي يعرفكم جيداً )) أشعر أن هذه العبارة تعني الكثير ، هو فعلاً يعرف بأسرارنا ، وأكبر دليل على هذا هو سري الذي يعرفه المدير ، السر الذي أخفيته عن الجميع بإستثناء السيد روكاوا ونانا ..
لازلت أجهل حتى الآن كيف كشف سري ؟؟لحظة !!
بالحديث عن الأسرار هل يعرف قصة الرسائل التي تصلنا من الخاطف ؟؟ولما لا ، ربما يعرف بالأمر ، لا .. لا .. لا أظن ذلك ، الخاطف لابد أن يكون حريصاً على أن يرسل رسالته بشكل سري جداً ..


انتشلني من أفكاري صوت السيد كازوما وهو يقول : تستطيعون المغادرة الآن جميعاً ، وعودوا إلى صفوفكم ..
إلتفت نحو الباب لأكون أول المغادرين لكني سمعت أحدهم يقول : أيها المدير لقد أخطأت في كتابة التاريخ ، ركز جيداً المرة القادمة ..

أجاب المدير ببرود : أنا كتبت التاريخ بهذا الشكل لأنني أردته أن يكون هكذا ، وليس الأمر أنني أخطأت في كتابته ..
أصدر الطالب ضحكة قصيرة ساخرة وقال : هه أنت غريب ..

غادرنا المكتب جميعاً ، وكل منا عاد إلى صفه ، دخلنا الصف وكانت المعلمة راي هي من علينا ..
سرت في مكاني وأنا أتجاهل نظراتها المثبتة نحوي ..

أنا حقاً لا أعلم لماذا تنظر إلي بهذا الشكل الغريب ، الشيء الوحيد الذي أظنه هو أنها تستحقرني بسبب مظهري ، فهي من النساء اللواتي يهتممن بالشكل الخارجي وهذا واضح عليها ..

جلست في مكاني الذي هو مكان جوليا في الأصل ،و سمعت روز تهمس بفضول : ماذا كان يريد المدير منك ؟؟ أجبت بصوت خافت : سأخبرك لاحقاً ..


وضعت الورقة التي أعطانا إياها السيد كازوما على الطاولة ، وأخذت أتأملها مجدداً ، شيء في داخلي يُجبرني على قراءتها مراراً وتكراراً ، وكلمات المدير عالقة في ذهني ..
أنا على يقين أن المدير لم يكن ليطلب منا التركيز فيما هو مكتوب إلا لسبب ما ، لكن ما هو ياترى ؟؟ وضعت كفي على وجهي بيأس ، مهما أعدت قراءة الورقة فلا زلت عاجزاً عن فهمها، ماهذا الهراء المكتوب يا ترى ؟؟ شعرت بوكزة في الجهة التي تجلس فيها روز ، لذا أبعدت يدي عن وجهي ونظرت إليها بغضب ، لتهمس لي روز وهي تشير إلى الأمام : سوبارو المعلمة اللعينة تناديك ..

رفعت رأسي لأرى وجه المعلمة راي التي ترمقني بنظرة غاضبة ، وقفت بهدوء في مكاني وقلت : آسف لقد شردت قليلاً ، ماذا تريدين مني ؟؟ صكت على أسنانها من شدة الغيظ ، و ضربت الطاولة بتلك العصا الخشبية التي تمسك بها وقالت بنبرة غاضبة حاولت إخفائه قدر الإمكان : أليس من الوقاحة أن تسرح في الحصة وأنا واقفة أمامك أشرح الدرس ؟؟ قلت بنبرة مستفزة ، لأغيظها أكثر مما هي مغتاظة : آسف للغاية ، فعلى الرغم من أنني لم أعتد الشرود وقت الحصص إلا أنني لم أستطع منع نفسي هذا اليوم ، فشرحكِ ممل للغاية على غير العادة ، لربما يعود السبب إلى أنك قد كبرت في العمر ، وأصبحت مسنة لا تقوين على الشرح جيداً ..

تغيرت ملامح المعلمة راي تماماً ، وأصبح مظهرها مضحكاً للغاية ، فهي لأول مرة تُظهر هذا التعبير الغريب ..
قلت وقد انفلتت مني ضحكة قصيرة لم أستطع كبحها : لا تُظهري مثل هذه التعابير أيتها المعلمة راي ، فهو يزيد من بشاعة وجهك ..

فجأة انقض علي الطالب الجالس أمامي ،وكاد أن يوجه إلي لكمة في وجهي ، لكنني أعدت وجهي إلى الوراء وأمسكت بقبضته في آخر لحظة ..
ثم قلت بصوت أشبه بفحيح الأفعى : إياك وتكرار هذا أيها الغِر ، لا تتدخل فيما لا يعنيك ..

ظهرت علامات الغضب على وجهه ، وقال وهو يحاول إنتزاع يده : أنت شخص وقح يا سوبارو ، كيف تقول كلاماً جارحاً للمعلمة راي ؟؟ من تظن نفسك ؟؟ دفعته بيدي بخفة وقلت ببرود : لماذا أنت غاضب هكذا ؟؟ أنا لم أخطئ في حقك يا هذا ، ثم من وكلك محامياً للمعلمة راي ؟صرخ حينها الفتى : وهل تظنني سأبقى هادئاً في حين أنك تستفزها أيها المشوه ؟؟ إلتفت يميناً وشمالاً وقلت بعدها متظاهراً بالغباء : من الذي تدعوه بالمشوه ؟؟ أهو شخص لا أراه أم ماذا ؟؟أمسكتني روز من معصمي وقالت وهي تجرني نحو الأسفل : سوبارو مابك تحاول افتعال الشجار ؟؟ تبدو على غير عادتك ؟؟ قررت الجلوس بهدوء فأنا لا أريد للأمر أن يتفاقم ، كل ما أردته هو إثارة غيظ المعلمة قليلاً ، وأتلاعب بأعصابها لتُظهر وجهها الحقيقي ..
تقدمت المعلمة راي ، ووقفت بالقرب مني ، وقالت بصوت حاولت جعله ناعماً قدر الإمكان : سوبارو ستندم على كل حرف تفوهت به ..
قلت ساخراً : إذا كنت غاضبة فلا بأس بأن تصرخي ، كفي عن التصرف بشكل يثير الإشمئزاز ..

وكزتني روز في خصري بمرفقها وقالت : سوبارو يكفي أرجوك ، إلتزم الصمت ..
نظرت إليها متفاجئة ، هذه الكلمات تخرج من شفتي روز التي لا تعرف سوى إفتعال الشجار ؟؟ ماذا حصل للعالم ؟؟ انتبهت إلى المعلمة راي التي احتقن وجهها من شدة الغيظ ، وقالت وهي تٰشير إلى الباب : أخرج حالاً أيها الوقح ، لا أريد رؤية وجهك القبيح في حصتي من الآن وصاعداً ..

منظرها هذا ، وارتعاش يدها أكد لي مدى هي غاضبة ، وشعرت أنني تصرفت بحماقة فعلاً وبالغت في تصرفاتي كثيراً ..
لم أفعل هذا إلا لأنها أخت ساي اللعين ، الشخص الذي كان يُعذب نانا دائماً ، وكان السبب الرئسي لحزنها ..


أطلقت زفيراً عالياً ، ونهضت من مكاني ، وقبل أن أغادر إلتفت إليها وقلت ببرود : أنا آسف حقاً ..
صاحت المعلمة راي بغضب : وهل تظن أن كلمة آسف ستكفي ؟؟أجبت بذات النبرة الباردة : لا لن تكفي ، لكن هذا ما أستطيع قوله عندما أخطأ ..


بعدها غادرت الصف بضمير مرتاح ، فقد اعتذرت إليها ، وهذا هو المهم حتى لو لم تقبل اعتذاري ..

***

~ ياماتو ~

بعد انتهاء الدوام خرجت من المدرسة لأجد سيارتي بإنتظاري ، والسائق قد فتح لي الباب لأدخله ..
ركبت السيارة بهدوء ، وانطلقنا عائدين إلى المنزل ..


كنت أسند رأسي إلى النافذة وعيناي مغمضتان ، لازالت كلمات سوبارو تتردد في ذهني ، بسببه لم أستطع النوم ليلة البارحة ..


لماذا سوبارو يكرهني ؟؟لماذا قال أنه لا يعتبرني صديقاً له ؟؟أليس هو من طلب مني أن أكون صديقه ؟؟ ما الذي تغير يا ترى ؟؟ وهل يعني سوبارو كل حرف مما قاله ؟؟ ماذا فعلت له شيئاً ليكرهني ؟؟ هل أخطأت في حقه دون أن أعلم ؟؟ كل هذه الأسئلة تراودني منذ البارحة ، ولم أجد جواباً حتى الآن ..


أيمكن أن يكون ما فعله ليس إلا تنفيذاً لأوامر الخاطف ؟؟ لكن سوبارو نفى هذا الإحتمال ، والجدية كانت واضحة في صوته ..
قلت وأنا أعبث بشعري بإنزعاج : أوووووووه إذا ظللت أفكر هكذا طويلاً فسأجن ، تباً لك يا سوبارو أنت السبب في ما أنا عليه الآن ..

نظر إلي السائق من المرآة الأمامية وقال : سيدي مابك ؟؟ هل أنت بخير ..
قلت بغيظ : لا لست بخير ، والفضل يعود إلى سوبارو الوغد ..
-
وماذا فعل بك المدعو سوبارو ؟؟ اعتدلت في جلستي ، لأستعد للإنفجار الذي سأُحدثه، وقلت بإنفعال وأنا أحرك يدي بعشوائية في الهواء : رغم الأيام الذي قضيناها سوياً وتلك اللحظات السعيدة والتعيسة التي مررنا بها ، أخبرني بالأمس أنه يبغضني ، ولا يعتبرني سوى عدوه اللدود الذي كره ذكراه مذ أن كان صغيراً ، كيف يمكن لذلك أن يحصل ؟؟ الغبي لم نتقابل سوى هذه السنة فكيف سيكرهني وهو لم يعرفني بعد ؟؟ أوصلت كراهيته لي بأن يكرهني قبل أن يقابلني ؟؟ ولا حتى قبل أن يعرفني ؟؟ كم أغضبني بكلامه ، من يظن نفسه ؟؟ تفاجأت حين سمعت صوت قهقهة السائق تملأ المكان ، حتى أنه فقد السيطرة على السيارة لثواني لكنه تدارك الأمر بسرعة ..

قلت وأنا عابس الوجه : ما الذي يُضحك إلى هذه الدرجة ؟؟ أجاب وهو يكبح نفسه الضحك : أعتذر إليك سيدي الصغير ، لكنني لأول مرة أراك منفعلاً هكذا بسبب صديق لك ، لقد بدوت مضحكاً فعلاً ..

أسندت ظهري إلى الوراء وعقدت يدي على صدري ، وقلت بأنزعاج : لكن الأمر مُغضب للغاية ، فأنا لا أتذكر أنني قد أخطأت في حقه يوماً ..
قال السائق : سيدي الصغير لا تُبالي بما قاله ، وإذا كان لا يرغب في مُصادقتك فهو الطرف الخاسر هنا ، فأنت شخص وفي وطيب ومن النادر جداً وجود أشخاص مثلك ..


قلت وعلى ثغري شبح ابتسامة : أعلم أن ما تقوله ليس سوى مجاملة ..
رد السائق بسرعة : لا أبداً يا سيدي الصغير ، الأمر ليس كذلك ، أنا لا أعرف المجاملة أبداً ، وما قلته كان الحقيقة وجميع الخدم يشهدون على هذا ، فعلا أنت فتى نادر الوجود ، ولا يمكن أن نجد شخصاً بمثل تواضعك ..


لأكون صريحاً ، كلمات السائق أسعدتني كثيراً ، فقد شعرت بأن هذه المشاعر خرجت نابعة من قلبه لا يشوبها أي مجاملة أو تملق ..
ابتسمت له بإمتنان وأنا أقول : شكراً لك على إدخال البهجة إلى نفسي بكلماتك الصادقة ، أنتم الرائعون هنا لا أنا .



قد تتسائلون عن سبب سعادتي هذه ، على الرغم من أنه إطراء بسيط ، لكنني متأثر للغاية فأنا طوال حياتي لم أسمع أحداً يمتدحني بصدق ، فمثلاً أبناء رجال الأعمال البارزين الذين هم في سني كانوا دائماً حولي ويطربونني بكلامهم المنمق ، والذي لم يكن يهدف إلا إلى مصلحة ..


فجأة قفز إلى ذهني صوت سوبارو حين ناداني بالثري المغفل ، هنا شعرت بنار الغضب يشتعل من جديد في جوفي ..


هل أنا فعلاً ثري مغفل ؟؟ لحظة !!
هو سماني بالثري ، إذاً أيمكن أنه يحقد علي لأنني ثري ؟؟ وهو يشعر بالغيرة مني ؟؟ في النهاية هو فقير وحالته المادية معاكسة لي تماماً ..

كيف لي ألا أنتبه لذلك ؟؟ أنا فعلاً غبي ..
بينما أنا أعيش برفاهية هو يعاني من الجوع والفقر ، وحياته صعبة للغاية ، كيف لي أن أغفل عن هذه النقطة ؟؟ الآن أشعر أنني فهمت الأمر قليلاً ..


سوبارو عاش حياة قاسية مذ أن كان صغيراً ، وكان يبغض الأثرياء أمثالي ، عندما انتقل إلى المدرسة لم يكن يعلم في البداية أنني شاب ثري ، لكن عندما أدرك هذا بدأ يشعر بالغيرة مني ، وهذه الغيرة ولدت الكراهية والحقد ..

كان يجب أن ألاحظ هذا من البداية ، فهو كلما خرجنا كان يرفض أن أقوم بإيصاله إلى منزله ، فهو يظن أنني سأستحقره بسبب فقره ، مع أن هذا لا يهمني البتة ..


قلت فجأة وبنبرة آمرة موجهاً خطابي إلى السائق : توجه إلى مدرستي القديمة أرجوك ..
رد السائق بتردد : لكن .....
قاطعته بثقة : لا تقلق لن أتأخر ، ووالدي لن يعلم بالأمر ..


هز السائق رأسه وسار في الطريق الذي يقودنا إلى المدرسة القديمة ..
أنا متلهف جداً لمقابلة سوبارو ، لدي الكثير لأقوله له ، وأنا واثق من أن ما سأقوله سيعيد علاقتنا السابقة ، ولهذا يجب أن أتحدث معه اليوم ..

***

~ روز ~

انهينا تنظيف الصف أنا وسوبارو ، وضعت أدوات التنظيف في الخزانة وقلت مبتسمة : شكراً لك سوبارو على مساعدتي ..
رد سوبارو بجمود : العفو ..

سرنا حيث وضعنا حقائبنا المدرسية ، وحملناها مغادرين الصف ، وكان الشمس آن ذاك قد قارب على الغروب ، فقد تأخرنا بسبب المشكلة التي أحدثتها المعلمة راي ..

فقد اضطر سوبارو إلى زيارة مكتب المدير بسبب سلوكه وتعامله الفظ مع المعلمة راي ، ولم يتمكن من مغادرة مكتب المدير إلا بصعوبة بالغة بعد أن تعهد بعدم تكرار ما فعله ..


وبعدها اضطررنا إلى تنظيف صفنا والصف المجاور وكل هذا أخذ من وقتنا الكثير ، حتى أن المدرسة أصبحت خالية من التلامذة ..
خرجنا من بوابة المدرسة الرئيسية ، ولم ينبس أحدنا ببنت شفة ، وأنا أخجل من أن أتحدث فينزعج سوبارو مني ..
فسوبارو بطبعه هادئ ولا يحب الكلام إلا في الأمور المهمة ..

استجمعت شجاعتي ونطقت بصعوبة : سوبارو ماذا تقول عن رسالة الخاطف التي تلقيناها في الأمس ؟؟ هذا هو اليوم الثاني ولم يحصل شيء حتى الآن ، أتظن إنه يتلاعب بنا فقط ؟؟ قال وهو يضع يده أسفل ذقنه بتفكير : لا أعلم حقاً يا روز ، لكن شيئاً ما في داخلي يقول أن هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة ، والرسالة لم تكن الغرض منها هو التلاعب بنا ، لا شك أن ..........


توقف سوبارو فجأة عن الكلام ، حتى أنني استغربت سكوته ، لكن بعد ثواني عاد ليقول : أنتي محقة لا بد أن الرسالة للتلاعب فقط ، لا أظن أنه سيقتل أحدنا فعلاً ..
بعدها وضع يده على رأسي وأكمل وهو يبعثر شعري : لا داعي للقلق يا روز ، فلتنامي مطمئنة البال ..

أبتسمت براحة وقلت : الحمد لله ، أول شيء سأقوم به عند عودتي إلى المنزل هو النوم ، فقد زال الخطر ..
-
نعم ، أنت بحاجة لأن تأخذي قسطاً كاملاً من الراحة ، حتى لا تنامي عن الحصص مجدداً ..

كنت لأكمل حوارنا ، لكنني لمحت سيارة ياماتو من بعيد ، لذا صحت بحماس : أنظر لقد أتى ياماتو ..
تقوست شفتا سوبارو للأسفل ، ولم تخفى علي عبوسه ، لكنني لم أسأله عن السبب فهو لن يجيب علي ..

توقفت سيارة ياماتو أمامنا ، ليخرج منها ياماتو بسرعة وهو يقول بلهفة : من الجيد أنكما لم تغادرا باكراً ..
قلت بإستغراب : وماذا كنت تريد منا ؟؟ قال ياماتو وهو ينظر إلى سوبارو الذي لم يلتفت إليه حتى : أمم في الواقع أريد أن أتحدث مع سوبارو عن أمر مهم ، لكن قبلاً هل حصل شيء اليوم ؟؟ أجبت نافية : لا لم يحصل شيء ، ولم تصلنا رسالة حتى ، على الرغم من أن في الأمس وصلتنا رسالة أشبه برسالة تهديد ، لكن الأمور بخير والحمد لله ..


ابتسم ياماتو براحة وقال : هذا جيد ، لكن ماذا كان يوجد في رسالة الأمس ؟؟
-
شيء غير ضروري ، لا تلقي بالاً عليه >> قلتها بلا مبالاة .

قال ياماتو موجهاً خطابه إلى سوبارو : سوبارو هلّا تحدثنا قليلاً ..
قال سوبارو بهدوء دون أن ينظر إلى ياماتو مباشرة : تحدث فأنا لم أمنعك من الحديث ..
قال ياماتو بتوتر واضح وهو ينقل ببصره بيني وبين سوبارو : أريد أن أتحدث معك بموضوع مهم ، وعلى انفراد ..


هنا اشتعل الفضول في داخلي ، وقلت وأنا أضع كلتا يداي على خاصرتي : على انفراد ؟؟ إذاً لا تريدني أن أسمع ما ستقوله ، تحدث ما هو الشيء الذي تحاول إخفاءه عني ؟؟ لن أترككما وحيدين ، وسأعرف ما تحاولان إخفاءه ..

قال ياماتو وهو يخلخل أصابعه في شعره : روز ليس الأمر وكأننا نخفي شيئاً عنك ، لكن ما سنتحدث عنه هو أمور رجالية لا شأن للفتيات به ..
قلت بسرعة : كاذب ، لن تخدعني بهذا التبرير السخيف ..

نطق سوبارو حينها : إن كان لديك شيء تقوله لي فقله الآن ، فأنا لن أبتعد عن روز شبراً واحداً ..


زم ياماتو شفتيه وبدى على وجهه الغيظ ، لكن مظهره كان لطيفاً للغاية ، وقال بعدها وهو مقطب الجبين : سوبارو لماذا أنت هكذا ؟؟ ما سأقوله شيء مهم للغاية ..

عندما قال أنه أمر مهم ، شعرت مباشرة أن الأمر متعلق بجوليا ، لذا قلت بقلق : هل حدث مكروه لجوليا وأنت تحاول إخفاء الأمر عني ؟؟ تحدث يا ياماتو ..


هز ياماتو رأسه بسرعة وقال : لا لا أبداً ، الأمر لا يتعلق بها إطلاقاً ، لا تقلقي ..
زفرت براحة وقلت : هذا جيد ، فقد ظننت أن الخاطف قد أرسل لك شيئاً يتعلق بجوليا وأنت لا تريد إخباري بذلك..

قال ياماتو : لا أظن أن الخاطف سيُرسل إلي شيئاً دون أن يرسله إليكما ، في النهاية الخاطف لا يُرسل أوامره إلا لكما وأنا لم أتلقى شيئاً إلا المرة الأولى ..


قاطع حوارنا سوبارو الذي قال بهدوء : أنا سأغادر الآن ، وداعاً جميعاً ، وأرجو يا ياماتو أن توصل روز إلى المنزل ..
أمسكه ياماتو من كتفه وقال : لكنني لم أقل لك ما أريد قوله ..
نفض سوبارو يد ياماتو الموضوعة على كتفه وقال : ليس هناك شيء نتحدث بشأنه دون روز ..

صمت ياماتو لثواني وقال بعدها : حسناً لن أخفي عن روز شيئاً ، وسأُسمعك ما لدي أمامها ,,فجأة إلتفت سوبارو الذي كان يتحدث مع ياماتو دون أن ينظر إليه ، واستدار حتى أصبح وجهه مقابلاً لوجه ياماتو ، وقال وهو يرمقه بنظرة مرعبة أقشعر له جسدي : أنسيت ما قلته أم أنك غبي لا تفهم ؟؟ تراجع ياماتو بضع خطوات إلى الخلف وقال بتوتر واضح في صوته : أنت من أجبرتني على هذا ، تعال معي إن أردت ألا تسمع روز ما بيننا ..


الفضول يقتلني ، لا أفهم حقاً ما يدور بينهما ، ما الشيء الذي يخفيانه عني ؟؟ لماذا يتصرفان على غير العادة ؟؟ ماذا حصل بينهما يا ترى ؟؟ دفع سوبارو ياماتو بخفة وقال بنبرة تهديد واضحة : إياك والتفوه بكلمة واحدة ..
ثم استدار مجدداً لمغادرة المكان ، لكن ياماتو قال صارخاً قبل أن يبتعد سوبارو : سوبارو فهمت لماذا قلت لي ما قلته ليلة أمس ، لقد عرفت ما تقصده بكلامك هذا ، لكن صدقني يا سوبارو أنا لست كالأثرياء الذين ينظرون بإستحقار إلى من هم أقل منهم ..

ثم صمت لثواني ليردف برقة : صدقني يا سوبارو أنا لا أهتم إن كنت ثرياً أو فقراً ، وأنا حقاً فخور بمصادقتك ، ولا يهمني ما يقوله الآخرون عنك ، أو عن نظرتهم إليك ، فأنا أراك شخصاً طيباً ولطيفاً ، وصديق وفي حقاً ، أحببتك حقاً يا سوبارو وأحببت اللحظات التي كنا فيها معاً ، فعلاً أنا سعيد لأننا تقابلنا معاً وأصبحنا صديقين ، وإن كنت تكرهني فثق أنني أحبك..



كنت متفاجئة كثيراً من تلك الكلمات التي خرجت من ياماتو ، ما سر هذا الإعتراف الغريب ؟؟ قلت وأنا أرمش بغباء : هل أنت شاذ يا ياماتو أم ماذا ؟؟ لم أظن أبداً أنني سأشهد على لحظة إعتراف بين شابين ..


احمر وجه ياماتو خجلاً ، وقال بسرعة وهو يحرك يديه بسرعة : ليس الأمر كذلك أيتها الحمقاء ، أقصد أنني أحبه كصديق وليس كما تظنين يا صاحبة الأفكار المنحرفة ..

نظرت إلى وجه ياماتو الخجول واللطيف ، يبدو رائعاً هكذا ، واحمرار وجهه زاده جمالاً فوق جماله ، فعلاً إنه يأسر الأنظار ويخطف القلوب ، ويستحق الشعبية الكبيرة التي يحظى بها بين الفتيات ..


نقلت ببصري نحو سوبارو الواقف في مكانه دون حراك ، ولم أستطع رؤية وجهه لأنه يدير ظهره بإتجاهنا ..
كنت متلهفة إلى معرفة ما سيكون ردة فعله ، لكنني للأسف لن أستطيع رؤية وجهه حتى لو استدار بسبب الضمادات ، لكنني على الأقل أريد سماع ما سيقوله ..


شعرت بإحباط شديد حين رأيته يكمل طريقه متجاهلاً ما قاله ياماتو ، ولست الوحيدة التي شعرت بذلك ، فقد ظهرت علامات الإحباط على وجه ياماتو ، وبدى عليه الحزن كذلك ..

كنت أستغرب سر هذا الحزن الذي ظهر عليه ، حين انتبه ياماتو إلى أنني أنظر إليه قال وهو يبتسم بصعوبة : ما رأيك أن أوصلك إلى المنزل بسيارتي ؟؟ نظرت إليه بشفقة ، على الرغم من أنه حزين إلا أنه يتصنع التبسم في وجهي ..
قلت بهدوء : حسناً لنذهب ..


صعدنا السيارة ، والأجواء من حولي كئيبة ، نظرت إلى ياماتو الذي يبدو شارداً ..
قلت محاولة تلطيف الأجواء قليلاً : ياماتو أنا واثقة أن سوبارو لم يقصد تجاهلك ، لكنني أشعر أنه شعر بالخجل لذا لم يستطع أن يرد عليك ..
نظر إلي ياماتو وقال بإبتسامة طفيفة : حسناً أنا أظن ذلك أيضاً فسوبارو خجول حتى لو لم يُظهر هذا ..


ثم أردف مخاطباً السائق : لو سمحت قم بتشغيل الأغنية الجديدة للمغني ورابوس ..
قلت متفاجئة : ألديك الأغنية الجديدة لورابوس ؟؟ واو هذا رائع ..
رد ياماتو بحماس : بالتأكيد لدي ، فأنا من أشد المعجبين به وبصوته ، إنه أسطورة حقاً ..
قلت بسعادة : وأنا كذلك أحبه ، فعلاً إنه يمتلك صوتا رائعاً ..

قاطع حوارنا صوت المغني ورابوس الذي خرج من المذياع ، كان صوته عذباً ورقيقاً ، يهدئ النفوس ويشرح الصدر ..

كنت أغمض عيني وأنا أستمتع بسماعي لأغنيته الجديدة ، فعلاً هو رائع ..
قاطع انسجامي التام صوت ياماتو يقول : روز أهذه المرة الأولى التي تسمعين فيها أغنيته الجديدة ..

فتحت عيني وقلت : نعم ، فعلى الرغم من أنني سمعت أنه أصدر أغنية جديدة بعد انقطاعه الطويل إلا أنني لم أملك الوقت الكافي لشرائها ، واليوم حظيت أخيراً بسماعها ..

قال ياماتو للسائق : أعطني الشريط لو سمحت ..
قلت معترضة : لماذا ؟؟ أريد أن أستمع إلى الأغنية ..
قال ياماتو وهو يأخذ الشريط من السائق ويمدها نحوي مبتسماً : خذي الشريط إن أردتي فأنا أمتلك نسخة أخر في المنزل ..

قلت غير مصدقة : هل أنت جاد ؟؟
-
كل الجدية ، خذيها يا روز ..

لم أكن لأرفض الشريط أبداً ، لذا أخذته بسرعة وأنا أكاد أطير من شدة السعادة ، وياماتو ينظر مبتسماً ..


نهاية الجزء ..

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس
  #70  
قديم 11-10-2016, 09:49 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://d.top4top.net/p_145wzuq2.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
٢٨
~ ساي ~

نظرت إلى كازوما الجالس أمامي وقلت بشك : هل أنت واثق أن هذه الكلمات لا تعني شيئاً ؟؟
رد كازوما بثقة مطلقة : كل الثقة ، في النهاية هذه مجرد أبيات شعرية من تأليفي لماذا تقوم تضخيم الموضوع ؟؟
قلت وأنا أعاود النظر إلى الورقة التي بها تلك الأبيات : لأنك وبكل بساطة أعطيت سوبارو نسخة منها ، لذا لست واثقاً من أنها مجرد كلمات عادية ..
وقف كازوما من مكانه وقال ببرود : الورقة أمامك والأبيات واضحة ، إن كان هناك شفرة سرية فحاول إيجادها إن كنت تظن هذا ..


قلت بإستغراب : إلى أين أنت ذاهب ؟؟ لم أنهي كلامي معك بعد ..
قال وهو يدير ظهره بإتجاهي : سألقي نظرة على جوليا والمرأة التي معها وأغيظهم قليلاً ..
وقفت قائلاً : سأرافقك إن كنت تهدف لأغاظتهم ففي النهاية أحب رؤية جوليا مغتاظة ..

توجهنا نحن الإثنان إلى القبو ، وإلى حيث توجد زنزانة جوليا تحديداً ..
وقف الحارس فور رؤيته لي احتراماً ، بينما نظرت إلى الزنزانة وقد كانت تلك المرأة مستلقية على جنبها نائمة ، أما جوليا فهي تجلس بجوارها والتعب بادٍ على وجهها ..

الحمى قد عاودها من جديد ، لكنها هذه المرة لم تستسلم للمرض ، وكانت دائماً بجوار هذه المرأة ..
لا أفهم حقاً السبب الذي يدفعها لحماية يومي ، والتضحية بنفسها من أجل امرأة غريبة ..

قلت وأنا أقترب من الزنزانة ساخراً : كيف حالك يا جوليا ؟؟ تبدين مرهقة جداً ، يجب أن تنامي وترتاحي ..

رمقتني جوليا بنظرة حادة وعادت تنظر إلى الفراغ بعدها ، بينما سمعت كازوما يقول : لا تتعبي نفسك في حراسة هذه المرأة يا جوليا ، في النهاية نحن لو أردنا تعذيبها لعذبناها حتى لو كنت إلى جوارها ..

أطلقت جوليا زفيراً عالياً وقالت دون أن تنظر إلينا : يا إلهي هناك صوت حمار ينهق بالقرب مني ..
خرجت مني ضحكة قصيرة على تشبيهها ، من الواضح أنها تحقد على كازوما كثيراً ..

قلت وأنا أنظر إلى كازوما مبتسماً : لقد شبهت صوتك بصوت الحمير يا كازوما ، أستسكت عن هذه الإهانة ..
رد كازوما وهو مبتسم مثلي : كيف فهمت ما قالته هذه الضفدعة ؟؟ أنا لم أسمع سوى صوت نقيقها ..

علمت أنه يرد عليها بالمثل ، فعلاً هذا الرجل يعجبني ، من الصعب جداً إغاظته ، وتصرفاته شبيهة جداً بتصرفات جوليا ..
قلت وأنا أسأل الحارس : وجبة الفطور لهذا اليوم من تناوله ؟؟
رد الحارس : تلك المرأة من تناولته يا سيدي ..

نظرت إلى جوليا وقلت : جوليا الطعام الذي نقدمه هو لك أنت ، ويومي ليس لها أي طعام لذا لتتناوليه أنت لا هي ، في النهاية نحن نحتاجك أنت فقط ، أما تلك المرأة فلا أرى أي مانع في موتها ..

صمت منتظرا ردها ، لكنها لم تنطق بكلمة واحدة ، ولم تكلف نفسها عناء النظر إلينا وهذا لم يعجبني البتة ، فأنا لا أحب لأحد أن يتجاهلني ..
قلت بصوت مرتفع : جوليا أنا أتحدث إليك ، ردي علي ..

صراخي عليها لم يجدي نفعاً ، فهي لا زالت تتجاهلني ، وتتجاهل وجودي ، شعرت بالغيظ من حركتها ، وقلت بنبرة آمرة لكازوما : كازوما ادخل واجلب لي تلك المرأة ، هذه المرة لن أكتفي بجلدها وسلخ ظهرها ، وإنما سأقوم بإنهاء حياتها تماماً ، لكن بطريقة بطيئة لتستشعر الألم جيداً ..


حينها أطلقت جوليا زفيرا طويلة تدل على نفاذ صبرها ، والتفتت إلينا ببطء قائلة بهدوء : إلى متى ستظل تُزهق أرواح الآخرين بدم بارد ؟؟ متى ستشعر بالذنب ولو قليلاً ؟؟ ألا يكفي ما فعلته بصديقك وزوجتك ؟؟ ألا زلت تريد مواصلة أفعالك الشنيعة ؟؟


انفجرت ضاحكاً بسخرية على كلماتها ، واستمريت بالضحك بشكل متواصل لعدة دقائق ، وما إن هدأت حتى قلت : أنت تضحكينني يا جوليا ، إتظنين أن زوجتي وصديقي الخائن هما ضحاياي فقط ؟؟ لا عزيزتي أنت مخطئة ..

نظرت إلى الأعلى وأنا أكمل بإستمتاع : لقد مات على يدي الكثير الكثير من الأشخاص ، من النساء والرجال ، جميعهم كانوا يُقتلون بشكل بشع على يدي ، الأمر مسلي جداً ، سماع صرخاتهم المتألمة وتوسلاتهم وصوت بكائهم كل هذا يسليني حقاً ..



قالت جوليا حينها بحذر : إذاً أنت مجرم منذ الماضي ، حتى قبل أن تفقد قدمك ..
أجبت مبتسماً : نعم ، أنا منذ البداية كنت أقتل الآخرين وأعذبهم ، لكن من أقتلهم كانوا يستحقون ذلك ..

صمت لثواني وأنا أتذكر الأشخاص الذين قتلتهم ، وأكملت بهدوء ونظرتي قد انقلبت إلى نظرة حاقدة : كل من عذبتهم في الماضي كانوا أشخاصاً سيئين ، يضربون الأبرياء والضعفاء ، ويستحوذون على أموال الفقراء ، كان يجب أن أعاقبهم بنفسي ، أنا لم أكن مجرماً في الماضي ، وإنما كنت فقط أحقق العدالة ، وآخذ بثأر من لا يستطيع الإنتقام لنفسه ، لكن بعد أن بُترت ساقي ، حولتني تلك الحادثة إلى مجرم يسعى للإنتقام لنفسه ..

ثم عاودت الإبتسام وأنا أقول : لكن لا تقلقي سأعود كما كنت في الماضي ، بعد أن آخذ بثأري من روز وسوبارو اللعينان ، ولن أعود إلى الإجرام مجدداً ، كل ما سأقوم به هو تحقيق العدالة كما في الماضي ..


نظرت إلي جوليا بإستحقار قائلة : أتسمي قتلك للآخرين عدالة !! أأنت أحمق ؟؟
رددت عليها بإنفعال : نعم ما أفعله هو العدالة ، فكما أن لك طريقتك الخاصة في تحقيق العدالة ، فأنا لدي طرقي الخاصة أيضاً ، في النهاية أشعر بأن هناك شيء مشترك بيننا ، وأننا متشابهان قليلاً في عدة جوانب ..

بدت الدهشة على ملامحها وهي تقول : كيف علمت بماضيّ ؟؟

أجبت ببساطة : لقد قمت بتحقيق شامل حولك ، وأعرف كل صغيرة وكبيرة عنك ، حتى حادثة شيبا التي غيرتك تماماً أعرف عنها ..
احتدت ملامح جوليا ، ولأكون صريحاً بدت مرعبة قليلاً ، فهي لديها نظرة ثاقبة مخيفة ، كلما رقمتني بهذه النظرة اقشعر جسدي من نظرتها لا إراداياً ..

نطقت ببطء : إسمعني لا تشبهني بك أيها الحقير ، فأنا لم أصل إلى درجة قتل الآخرين ، صحيح أنهم كانوا يسمونني فتاة العدالة إلا أنني لم أكن أعاقب إلا من تعدى على الضعفاء بضربهم لا قتلهم كما تفعل أيها المجرم ..

قلت مبتسما بإستمتاع : وهذا ما كنت أعنيه بطريقتك الخاصة ، فأنت كنت تحققين العدالة بضرب المذنبين ، أما أنا بقتلهم ، لذا نحن متشابهان ، فنحن لا نُعاقب إلا المذنبين ..

صرخت حينها بحدة وانفعال : اسمعني أيها الحقير ، الضرب ليس كالقتل، القتل هو إزهاق للأرواح ، أما الضرب فهو تأديب ، لا تحاول أن تجعل تصرفاتي شبيهة بتصرفاتك ..
- مهما حاولت الإنكار فسنظل متشابهان ، سوءً اقتعتِ بذلك أم لم تقتنعي ..


قاطع حوارنا صوت كازوما الذي قال بتململ : كفاكما تحدثاً عن العدالة ، ولنتحدث عن موضوع مشترك بيننا ..
قلت وأنا أرفع حاجبي الأيمن بإستغراب : أتظن أننا هنا لنستمتع مع السجينتين ؟؟

هز كتفيه قائلاً : لا أرى مشلكة في هذا ، فالتحدث مع جوليا ممتع كما تعلم ، ورؤية تعابيرها مضحك للغاية ..
فكرت قليلاً وقلت مؤيداً له : أنت محق يا كازوما ، أحسنت القول ..

نظرت إلى جوليا لأرى ما ستقوله ، لكن كل ما فعلته هو أن سندت رأسها إلى الجدار وأغمضت عينيها بتعب ..

قلت لها : هي أنت لا تنامي وإلا لن تري يومي مجدداً ..
تمتمت بهدوء : إفعل ما تشاء ، لم يعد الأمر يهمني بعد الآن ..

رفعت حاجبي بإستغراب ، لم أتوقع أن يكون ردها هكذا ، قلت بتهديد : جوليا أنا لا أمزح ، ستُعذب يومي حقاً إذا تجاهلتنا حقاً ..
تدخل كازوما قائلاً : ليس الأمر وكأنها تتجاهلنا ، لكن من الواضح جداً أنها متعبة وليس لديها الطاقة الكافية للنقاش معنا ..

نظرت إليه بطرف عيني قائلاً : أرى أنك تدافع عنها يا كازوما ، ما السر ؟؟
زفر كازوما بملل قائلاً : وهل ستظل تشك في كل شيء أقوم به ؟؟ كن متيقناً أنني لا أفكر بخيانتك ..

سمعنا جوليا تقول وهي لا تزال تُغمض عينيها : شخص مثلك قام بخيانة تلامذته ليس من الغريب أن يقوم بالخيانة مجدداً ..
قال كازوما متغابياً : ماذا تعنين بعبارة خان تلامذته ؟؟ لا أظن أنني خنت أحداً ما ..

لم ترد جوليا عليه وتجاهلته ، في حين ابتسمت قائلاً : هل تعرفين يا جوليا أنك فتاة حمقاء وغبية ، تضحين بنفسك من أجل أناس لا يستحقون التضحية ..
تمتمت بخفوت : شكراً لك على الإطراء ..

قلت بغيظ : أنا لم أمتدحك أيتها البلهاء ، بل أسخر منك ..
أومأت برأسها ببطء وهي تقول : هكذاً إذاً ، شكراً لك ..
لم أستطع كبح غضبي أكثر وأخذت أصيح عالياً : أيتها المغفلة هل تنصتين إلى ما أقوله أصلاً ؟؟

لم ترد علي جوليا هذه المرة ، وظلت ساكنة في مكانها كما هي ، أخرجت دواءً من جيب سترتي ووضعته على الطاولة بغضب ، وقلت مخاطباً الحارس : أعط الدواء لجوليا حتى تتماثل للشفاء ، ليس من الممتع التحدث معها أبداً وهي مريضة هكذا ..

أومأ الحارس برأسه بإنصياع ، لأقول لكازوما : هيا لنغادر ، فأنا سأنفجر لو بقيت هنا أكثر ..
أدرت ظهري لأهم بالخروج ، لكن صوت جوليا الضعيف استوقفني : متى تنوي إلقاء القبض على روز وسوبارو ؟؟
إلتفت إليها برأسي قائلاً ببرود مصطنع : وهل تتعجلين موتك ؟؟ إلقاء القبض عليهم يعني موتك يا جوليا ، لذا من الأفضل ألا تسألي عن المدة التي تبقى لموتك ..


قالت وهي تفتح عينيها الذابلتان وبنبرة قوية لا يظهر فيها أثر للضعف ولا للمرض : لا يهمني كم تبقى من حياتي ، فأنا لا أهتم ما إذا قُتلت أو لا ، لكن أريد أن أعقد معك اتفاقاً ..
إستدرت بجسدي إليها وقلت متعجباً : اتفاق !!
قالت بهدوء : نعم إتفاق ، أنا سأتحمل كل مشاعر الكراهية والحقد التي تكنها لهما ، وسأتلقى كل أنواع التعذيب التي تخطر في بالك ، ولن أحاول الهرب أبداً ، على شرط أن تدعهما وشأنهما ، ما رأيك ؟؟


نبرتها الواثقة وعينيها الثابتتين لا تحملان أي خوف ، ولا حتى بنسبة قليلة ، لذا هذا مغضب قليلاً

نطقت بإستخفاف: أدعهما وشأنها !!
وأردفت بصوت عاالي : لا وألف لا ، لن أهنأ حتى يتعذبان وأراهما جثة أمامي ، لن يحل محلهما أي أحد ..
ثم عدت إلى صوتي الطبيعي وقلت ببرود : لأكون صريحاً معك يا جوليا أنا لا أكن لك أي ضغينة ، ولا أستمتع برؤيتك تُعذبين أبداً ، فأنت لست هدفاً لي ، لكنني كنت أستمتع برؤية روز و سوبارو اللذان ينفذان أوامري بكل إنصياع خوفاً من أن تُعذبي ..

عادت جوليا لإغماض عينها ، وتجاهل ما قلته ..
قلت بإستغراب : ألن تعلقي على ما قلته ؟؟
لم يجبني إلا الصمت ، لذا شعرت بالغيظ مجدداً من تصرفاتها ، لكنني متأكد من أنها تتعمد تجاهلي لإغاظتي ، ولكنني لن أدعها تشعر بالإنتصار ، لذا قلت ببرود ظاهري : لنغادر الآن كازوما ، فالتحدث مع مريضة كجوليا يجلب لي الغثيان ..



***
~ سوبارو ~

كنت متربعاً على الأرض وأمامي منضدة صغيرة خشبية ، موضوعة عليها الورقة التي أعطاني إياها السيد كازوما ..
مهما حاولت قراءتها فأنا لازلت عاجزاً عن فهم ما يقصده بكلامه ..

ربما يعود السبب إلى أنني أبالغ فقط والمدير لم يكن يقصد شيئاً من هذه الورقة سوى شيء تافه على ما أظن ..

قذفت بالورقة بعيداً واستلقيت على الأرض واضعاً يدي خلف رأسي ، وأتأمل السقف المنخفض بشرود ..
أنا غبي ، لقد ضيعت وقتاً في محاولة فهم كلمات سخيفة كهذه ، لماذا قد أظن أنه يعرف بموضوع رسائل الخاطف ؟؟


بقيت على حالي لدقائق معدودة ، لكن شيء في داخلي يُلح علي بإلقاء نظرة على الورقة مجدداً ..
قاومت نفسي وتجاهلت رغبتي الداخلية محاولاً إقناع نفسي أن الورقة غير مهمة ، ولا فائدة من إلقاء نظرة عليها مئات المرات ..


ولأطرد هذه الأفكار من رأسي أخذت أبحث في عقلي عن شيء أفكر فيه غير هذه الورقة ، فأنا أكاد أجن بسببها ..

قفز إلى ذهني فجأة كلمات ياماتو المحرجة والغبية ، لأضرب رأسي بقبضتي قائلاً بضجر : ألم أجد سوى ما قاله ياماتو هذا اليوم ؟؟ اخرج من رأسي حالاً أيها المعتوه ..

الغبي لقد حلل كلماتي بطريقة غبية جداً ، واستنتج استنتاجاً أخرقاً دل على مدى غباءه فعلاً وسذاجته ..
أيظن أنني أغار منه بسبب ثراءه ؟؟ آه كم أغاظني بكلامه ، لكم رغبت في تسديد لكمة على وجهه الجميل وأكسر جمجمته الخاوية ، لكن روز كانت هناك ، لذا لم أستطع فعل شيء سوى تجاهله ..


روز تعاني كثيراً في منزلها بسبب أخوها اللعين ووالدتها الحقيرة ، لذا لا أرغب في أن نكون سبباً لحزنها خارج المنزل ، يجب أن تكون سعيدة معنا لنعوضها عن التعاسة التي تتجرعها وحيدة في منزلها الكئيب وسط عائلتها ..


قطع هذا الصمت المطبق صوت رنين هاتفي المحمول ، ألقيت نظرة على المتصل فإذا به ياماتو المزعج ..
بكل نذالة ضغطت على زر الرد وألقيت الهاتف بعيداً عني ، فليتحدث كما يشاء لوحده ، أنا لن أنصت لكلمة مما يقوله ..

أنا أعطيته رقمي سابقاً لنكون على تواصل فيما بيننا ونتناقش عن الأمور التي تحصل في المدرسة ، لكنني الآن نادم على تلك اللحظة التي أعطيته فيها رقمي ..

بقيت مستلقياً كما أنا وبصري مثبت على ساعة الحائط ، أخذت عقارب الثواني تدور ببطء شديد ، ومن شدة الملل أصبحت أعد حركتها ، وبقيت على هذا الحال لخمس دقائق ..
بعد أن مرت تلك الدقائق الخمس نهضت بكسل متوجهاً نحو هاتفي المحمول ، وأنا واثق من أنه ملل من التحدث وحيداً وأغلق الخط ..


لكن ما رأيته كان عكس ما ظننته ، كان ياماتو لا يزال على الخط ، قطبت حاجباي بإستغراب ، وقررت سماع ما يقوله ..
وضعت الهاتف على أذني فإذا بي أسمع صوته وهو يقول : ولهذا يجب أن نكون صديقين ، وأنا لن أتوقف عن الثرثرة أبداً يا سوبارو وسأظل أتحدث دون توقف حتى أسمع صوتك .....

أبعدت الهاتف عن أذني وألقيته مجدداً ، فلأدعه يتحدث حتى يمل ، وسأرى إلى متى سيتحمل ..


عدت أنظر إلى عقارب الساعة مجدداً ، لكنني شعرت أن هذه حماقة مني ، ويجب أن أستغل وقتي في شيء أفضل ، بدلاً من مراقبة حركة عقارب الساعة ، فلن يحصل شيء إذا بقيت أراقبها ..
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، ماذا يمكنني أن أفعل لأقتل الفراغ ؟؟

وقع عيني لا إرادياً على الورقة الملقاة على الأرض ، والتي كان السيد كازوما قد أعطاها لنا ..
حركت رأسي بقوة محاولاً طرد ذكرى هذه الورقة من ذهني ، يجب أن أتناسى أمره نهائياً ، يجب ذلك ..



على الرغم من أنني أقول ذلك إلا أنني في كل ثانية وأخرى أعود لأنظر إليها ، ورغبتي في إلقاء نظرة عليها تراودني وتأبى الخروج من رأسي ..
في النهاية استسلمت لرغبتي ، وعدت أنظر إلى الورقة محاولاً فهم ما هو مكتوب ..


أمسكت الورقة بقوة وأخذت أقرأ مافيها بصوت عالي علِّي أفهم :
يا عباقرة مدرستي ، ماذا سأصنع غداً في حياتي ؟؟ توافقوا مع أفكاري وابقوا معي ، غير أني أخاف عليكم مستقبلاً ، مرافقكم إلى الأبد دائماً ، قبل أن تندموا وتبكوا دماً ،مديركم الذي يعرفكم جيداً : كازوما ، لا أرى أي شيء مريب ، سوى أنها كلمات غبية لا معنى لها ، لماذا أتعب نفسي ؟؟ حتى أن التاريخ الذي كتبه خاطئ ، مدير أحمق مغفل ..

فجأة تذكرت أن ياماتو لازال على خط الهاتف ، وربما لم يُقفل بعد ولذا سمع ما تفوهت به ..
ولأتأكد من هذا ، أمسكت بهاتفي ووضعتها على أذني لأسمع ياماتو يقول : ماهذا الذي تقرأه يا سوبارو ؟؟ لم أفهم ما قرأته ، أهي كلمات المدير كازوما ؟؟

قلت بهدوء : ألا زلت تثرثر حتى الآن ؟؟ ظننت أنك أقفلت .
سمعت صوت ياماتو الذي بدى متفاجئاً وهو يقول : ماذا !! أتعني أنك لم تكن تنصت إلى ماكنت أقوله ؟؟ وكنت طوال هذا الوقت أثرثر إلى نفسي ؟؟



ابتسمت بمكر فقد أفلحت في إغاظته وقلت : نعم للأسف لم أنصت إلى أي كلمة مما قلته ..
قال وقد بدى على صوته الإنزعاج : سوبارو أنت لئيم حقاً ، لقد جف حلقي من كثرة الثرثرة ، وفي النهاية ضاع كل ما قلته سدى ..
قلت ببرود : هذا لتعلم أنني لا أرغب حقاً في سماع صوتك ، وأرجو منك حذف رقمي من هاتفك ، فلو اتصلت بي مجدداً فسأقوم بما فعلته الآن ..


قال ياماتو بصوت محبط : سوبارو ألا زلت تكرهني حتى الآن ؟؟ على الرغم من أنني وضحت لك أن .......
قاطعته بحدة : أنا لم أكرهك لأنك ثري أيها الغبي ، ثم أنني لست فقيراً كما تظن ، هل نسيت تلك السيارة الفاخرة التي رأيتني أصعد عليها ، أتظن أن شخصاً فقيراً قد يمتلك سيارة كتلك ؟؟

صمت ياماتو لثواني ، ولم أسمع سوى صوت أنفاسه المنتظمة ، يبدو أنه قد أدرك أن تحليله لم يكن في مكانه ..
تحدث أخيراً ياماتو : إذاً فأنت تمتلك أصدقاء أثرياء غيري أليس كذلك ؟؟

ضغطت على الهاتف بقبضتي غاضباً ، هذا الياماتو غبي جداً ، ألا يستطيع أن يفهم الأمر بسهولة ؟؟
قلت وأنا أصر على أسناني : أأنت غبي أم تتغابى ؟؟

أتاني صوته الهادئ وهو يقول : أنا أتغابى..
رفعت أحد حاجباي بإستغراب ، بينما أكمل هو بنبرة شعرت بأن بها حزناً عميقاً : أنا أتعمد فعل ذلك لأخدع نفسي ، فأنا لا أتحمل فكرة أن تكرهني بدون أي سبب ، لذا أحاول إقناع نفسي أنك تكرهني بسبب مكانتنا الإجتماعية ، ولست تكرهني لذاتي ..


قلت بحدة وقسوة : لكنني أكرهك لأنك ياماتو ، أي أكرهك أنت لذاتك ، لذا لا تحاول خداع نفسك فمشاعري نحوك لن تتغير ..
صاح حينها غاضباً : إذا كنت حقاً صادقاً فيما قلته إذا لماذا طلبت مني أن أكون صديقاً لك ؟؟ تكلم يا سوبارو ..

أجبت وأنا أنظر إلى سقف الغرفة : فعلت هذا لأختبرك فقط ، لذا لا تفهم الأمر بشكل خاطئ ، أنا منذ البداية لم أرغب في مصادقتك ..

قال ياماتو بهدوء غريب : لا أعلم لماذا أنت تتصرف معي هكذا ، هل تقابلنا قبلاً أم ماذا ؟؟ هل تعلم !! شيء في داخلي يقول لي أنني أعرفك منذ زمن ..
قلت ساخراً : تعرفني منذ زمن ؟؟؟ لا تضحكني أيها الأحمق ، لم نتقابل قبلاً ولا يسعدني مقابلتك أصلاً ..

أجاب ياماتو : أشك أنك تكذب في كلامك ، لذا إن كنت صادقاً حقاً فأثبت لي ..
- وكيف سأثبت لك أيها الذكي ؟؟
- سآتي إلى منزلك الآن ، ولتدعني أرى وجهك من دون هذه الضمادات ، وأنا سأعرف حينها إن كنت قد قابلتك قبلاً أم لا ، وإن لم ترغب في نزع هذه الضمادات فأنا لن أجبرك وسأكتفي بصورة لك ..


قلت بسرعة : ماذا ؟؟ ستأتي الآن ؟؟ انتظر ......
بترت عبارتي حين أدركت أن ياماتو أقفل الخط في وجهي ، ويبدو أنه جاد بالقدوم إلى منزلي ..

حسناً فليأتي إلى المنزل إن شاء ، لكنه سيبقى خارجاً ..
ضغطت على أزرار هاتفي واتصلت على السيد روكاوا ، وحين رد علي قلت بسرعة : أين أنت الآن ؟؟
قال متفاجئاً : سوبارو يتصل علي ؟؟ هذا غريب فعلاً ، في العادة أنا من أتصل بك وأنت تتجاهل إتصالاتي ولا ترد إلا بشق الأنفس ..
قلت بقليل من العصبية : هذا ليس وقتاً للثرثرة ، لقد سألتك سؤالاً وأنا أنتظر الإجابة الآن ..

تمتم السيد روكاوا بتذمر : آخ منك يا سوبارو الوقح ، ألا تستطيع التحدث معي بإحترام ولو قليلاً ؟؟
قلت متململاً : أسأنتظر طويلاً حتى أسمع الإجابة ..
قال وهو مغتاظ : ولماذا تسأل ؟؟ أتريد شيئاً مني ؟؟
أجبت بهدوء : أريدك أن توصلني إلى المنزل ..

سمعت صوت السيد روكاوا الساخر وهو يقول : إذاً مللت البقاء في مكب النفايات ذاك ، وقررت العودة إلى المكان الذي يُسمى بالمنزل أخيراً ..
قلت بتأفف : أنت كثير الكلام حقاً ، لا أريد مساعدتك في شيء بعد الآن ، أغرب عن وجهي ..


أقفلت الخط في وجهه وأنا أشعر بقليل من الغضب ، أكره الأشخاص الذي يماطلون كثيراً ويثرثرون بأمور لا شأن لهم بها ، والسيد روكاوا واحد منهم ..
وضعت هاتفي في جيب بنطالي ، والتقطت معطفاً بنياً وغادرت المنزل ..


***
~ ياماتو ~

خرجت من غرفتي بسرعة بعد أن غيرت ملابسي ، ونزلت من على السلالم بتهور ، وكدت أن أسقط في آخر عتبة ، إلا أنني استطعت استعادة توازني في آخر لحظة ..

أتاني صوت بارد من الخلف يقول : إلى أين تظن أنك ذاهب في هذا الوقت ؟؟
قلت بملل دون أن ألتفت إليه : إلى منزل صديقي ، هل لديك مشكلة ؟؟

أجابني وأنا أسمع صوت خطواته تقترب مني : لن أسمح لك بالذهاب يا سيدي الصغير ، فوالدك لن يسمح لك بذلك ..
إلتفت إليه وقلت بسخط : هو لن يعلم إذا لم تخبره ، لذا أخفي الأمر عنه ..

رفع آلبرت حاجبه الأيمن وقال متعجباً : أتحرضني على خيانة والدك والكذب عليه ؟؟
قلت وأنا أفقد أعصابي شيئاً فشيئاً : لم أقصد تحريضك على هذا ، لكن هناك أمور لا يجب على والدي معرفتها ..

قال وهو يحضن ساعديه على صدره : أنت تعلم يا سيدي الصغير أنني أنفذ الأوامر بحذافيرها ، والسيد قد أمرني بمراقبتك ومنعك من مقابلة أصدقائك ، وأنا سأنفذ كل ما يقوله ، لذا لن تذهب حتى لو لم يعلم والدك بتحركاتك ..



آلبرت المزعج يغيظني جداً بتصرفاته ، فهو شخص لا يخالف القانون مهما كانت الظروف ، وإلتزامه هذا يغضبني ..

قلت بهدوء : حسناً سأعود إلى غرفتي ، تستطيع المغادرة يا آلبرت ..
نطق آلبرت بهدوء وهو يرمقني بنظرة باردة : لن أتحرك من مكاني إلا وأنت معي ، لذا لن تستطيع خداعي ..

شددت على قبضتي بقهر ، وتمتمت بحذر : أنت يا آلبرت تجبرني على أن أتصرف معك بطريقة لن تعجبك ..
تحدث بسخرية واضحة : لا تقلق يا سيدي الصغير ، أي شيء تقوم به يعجبني وأي شيء يأتي منك تروقني ..

إقتربت منه بخطواة سريعة حتى وصلت إليه ، وأمسكته من ياقة ملابسه وأنا أقول بتعالي : يبدو أنك لا تعرف مكانتك جيداً ، ليس لأنني أتصرف معك بلطف يعني أن تفرض علي سيطرتك ، لا يا عزيزي أنا السيد هنا وأنت لست إلا خادم مجبر على إطاعتي هل تفهم ؟؟

أكره فعلاً أن أتصرف بهذا الشكل ، لكن آلبرت يجبرني على هذا ، فعناده هو من أرغمني على التصرف هكذا ..

انفلتت من آلبرت ضحكة قصيرة ساخرة ، جعلتني أستشيط غضباً منه ..
وما أغضبني أكثر هو حين قال : لا تضحكني أرجوك ، أنت لست سوى ابن سيدي ، لذا لا سلطة لك علي ..

لم أعد أستطع تمالك نفسي أكثر ، ألا يكفي أنني أشعر بغضب شديد تجاه سوبارو الأحمق ، وأشعر بالتوتر على جوليا ، وأبي يضغط علي من جميع النواحي ، وها هو ذا آلبرت يستفزني كذلك ، لم أستطع أن أكبت مشاعري أكثر من هذا ، لقد طفح الكيل ..

دفعت آلبرت إلى الوراء بكل ما أوتيت من قوة ، لأراه يتمايل إلى الوراء ونظراته المتفاجئة لم تخفى علي ، وما هي إلا لحظات حتى رأيته مستلقياً على الأرض بعد أن ضربت رأسه عتبة الدرجة الأخيرة ، ويتوسع حينها بقعة الدماء الحمراء التي خرجت من رأسه ليكون بركة من الدماء ..

تسمرت في مكاني مشدوهاً لثواني ، وبقيت أرمش بغباء غير مدرك لما فعلت ..
أفاقني من شرودي صوت إحدى الخادمات وهي تصرخ بفزع ، إلتفت إليها وعدت أنظر إلى آلبرت الملقى على الأرض ، وحينها استوعبت ما حصل أخيراً ، لقد دفعت آلبرت وتسببت في سقوطه ، وها هو الآن فاقد للوعي ..

أدركت حجم المصيبة التي قمت بها ، وأخذت أتصبب عرقاً ، إلتفت إلى الخادمة التي هرعت طالبة النجدة من الخادمات الأخريات ..
نظرت إليهن بتوتر وارتباك ، وتمتمت بصوت متقطع : ماذا علينا أن نفعل الآن ؟؟ هل مات آلبرت ؟؟

تقدمت إحدى الخادمات من آلبرت وجثت على ركبتيها وأخذت تتلمس نبض آلبرت ، وأنا أشعر بأن الأوكسجين قد نفذ من المكان ، فالتنفس صار صعباً للغاية ..

- لازال آلبرت يتنفس ، استدعوا الخدم لحمله إلى السيارة قبل أن يفقد المزيد من دمائه ..

كان هذا ما قالته الخادمة التي فحصت نبضه ، وكلماتها أعادتني إلى طبيعتي أخيراً ..
تنفست الصعداء ، وهرعت بسرعة طالباً الإستغاثة من الخدم ، ليأتوا مسرعين ويحملوا آلبرت إلى السيارة ..


صعدت معهم إلى السيارة ، وجلست في الخلف مع آلبرت الممد على المقعد ، لم أكن أستطيع أن أبقى هادئاً ، وآمر السائق بالإسراع كل ثانية ، حتى أنه انزعج مني وطلب مني السكوت ، قبل أن يفقد تركيزه ويتسبب في حادثة تودي بحياتنا ..


وصلنا أخيراً إلى المشفى ، وعلى الرغم من أن المسافة لم تكن سوى ربع ساعة إلا أنني أحسستها طويلة جداً ..
حمل الأطباء آلبرت إلى غرفة الطوارئ ، وطلبوا منا الانتظار خارجاً ..

كنت أتحرك أمام الغرفة التي فيها آلبرت الآن ذهاباً وإياباً ، لم أستطع أن أبقى ساكناً في مكاني ، وأنا تسببت في أذيته ..

- إجلس أرجوك أيها السيد الصغير ، آلبرت بخير ولا داعي لكل هذا التوتر..
هذا ما تفوه به السائق الجالس على الكرسي المقابل للغرفة ، قلت وأنا ألتفت إليه بإنفعال : لا يمكنني ذلك ، لن أسامح نفسي إن حصل له أي مكروه فأنا السبب في إصابته ..


ثم صمت لثواني وطأطأت رأسي مكملاً كلامي وأنا أشد على قبضتي بقهر : المسكين لم يكن سوى ينفذ أوامر أبي ، لكنني ولأنني كنت أشعر بالضغط الشديد من كل صوب لم أجد إلا هو لأنفجر في وجهه ، وأصب جام غضبي عليه ، أنا فعلاً شخص حقير .. حقير ..


أحسست بيد السائق توضع على كتفي مواساة لي ، وقال بصوت هادئ : سيدي الصغير لا تلم نفسك كثيراً ، ثم أنني أعرف آلبرت وأعرف كلماته المستفزة ، أنا متيقن من أنه من تسبب بهذا لنفسه ..


ابتسمت بغيظ لنفسي ، حتى لو أنه استفزني بكلامه ، ماكان يجب علي دفعه ..

ثم أن آلبرت ليس الوحيد الذي تسببت بأذيته ، فهناك جوليا التي كنت سبباً في جعلها تذوق أقرف أنواع التعذيب ، ربما يكون سوبارو محقاً في كرهه لي ، أنا شخص لا يمكن لأحد أن يحبني ..

لمحت باب غرفة العملية تُفتح ، وخرج منها الطبيب ، حين رأيته هرعت إليه مسرعاً ، وأنا أقول بلهفة : كيف حال آلبرت الآن ؟؟
أجاب الطبيب وهو يُزيل كمامته عن وجهه : لقد قمنا بخياطة رأسه بسبعة غرز ، وهو الآن تحت تأثير المخدر ، بعد أن يستيقظ سنقوم بتحليل آخر لدماغه لنرى إن كان هناك أي أضرار أخرى ..

مسحت العرق الذي في جبيني وأنا أقول بتوتر : أتقصد أن هناك إحتمالية لإصابة دماغه ؟؟
أومأ برأسه مجيباً : نعم ، لكن هذا ليس مؤكداً ، فالأصابة كانت في منطقة النخاع المستطيل ، وهذا قد يتسبب في فقدانه لذاكرته أو لفقدانه لأحد حواسه والخيار الأسوء أنه قد يتسبب في شلله ، ولكن لا يمكن إثبات كل هذا إلا بعد أن يفيق المريض ..


كلماته جمدت الدم في عروقي ، هل هذا ما يمكن أن يحصل بسبب أنني دفعته خطئاً ؟؟ ماذا سأفعل يا إلهي ؟؟

كنت في دوامة تفكير عميقة ، ولم أنتبه لما حولي ، فقد شعرت وكأنني الوحيد في هذا المكان ، وكل من حولي قد تلاشوا من أمامي ، حتى الطبيب الذي كنت أحادثه قبل ثواني قد اختفى من أمامي، وبقيت وحيداً في هذا العالم المظلم ولازالت الإحتمالات السيئة تتردد إلى مسامعي دون توقف ..


***


~ جودي ~

على مائدة العشاء ، كنت أنا وأمي وأبي نتناول الطعام معاً ، لقد خرجت أمي من المشفى بعد أن وعدتنا بالإلتزام بالوجبات الرئيسية حتى لا تضطر إلى العودة إلى المشفى واستعمال المغذي ..

ثم أن أبي أرغمنا جميعاً على التواجد جميعاً حول المائدة في الثلاث الوجبات ، حتى لو لم أكن أشتهي تناول شيء ..


كان السكوت هو المسيطر على المكان ، إلا من صوت احتكاك الملاعق بالصحون ، هذا هو حالنا منذ أن اختطفت جوليا ، ولا أعلم إلى متى سنظل هكذا ..

أنا قلقة على أمي كثيراً ، فهي يوماً بعد يوم تذبل أمامي ، وأنا لا يسعني فعل شيء ..
لا أظن أن حالنا سيكون بهذا السوء إذا ماتت جوليا ، لكن ما يزعجنا حقاً هو أننا نجهل عن حالتها الآن ..

فعلاً الكثير من الأسئلة تحيرنا وتجعلنا في هذا الوضع المزري الذي يحزن لحاله الصديق والعدو ..
رؤيتها جثة هامدة أمامنا أرحم من فقدانها والجهل بحالها ، فعلاً نحن في وضع لا نُحسد عليه ..


أفزعنا جميعاً صوت الباب الذي طُرق بقوة بشكل متواصل ، نظرت إلى أبي بإستغراب متسائلة : من ذا الذي يطرق الباب بهذا الشكل ؟؟ ألا يرى جرس الباب ؟؟
هز أبي كتفيه قائلاً وهو يهم بالوقوف : لا أعلم حقاً ، سأذهب لأرى من الطارق ..

توجه أبي نحو الباب وفتحها لتقتحم جدتي الشمطاء المنزل ، ووجهها المحتقن بالإحمرار لا يُبشر بالخير ..
قلت بغيظ : ألا تستطيعين المجيء في وقت آخر إلا وقت تناولنا للعشاء ؟؟ أنت مزعجة حقاً ..
إلتفتت إلي بحدة ورمقتني بنظرة حادة جعلتني أبلع لساني مباشرة وألتزم الصمت ..

ثم إلتفتت إلى أبي من جديد ، وأخذت ترسل له نظرات حارقة ، ولو كانت النظرات تقتل لقتلت أبي بنظراتها ..
فتح أبي شفتيه قليلا ًلينطق بكلمة ، لكنها صرخت بصوت مرعب : أغلق فمك أيها الإبن الغبي ، لا أريد سماع كلمة منك ..

نظرت إليها متعجبة ، مابها العجوز غاضبة هكذا ؟؟ أهناك شيء لا نعلمه ؟؟

أردفت جدتي وهي ترفع عصاها الخشبي التي تستند عليها بيدها المليء بالتجاعيد مشيرة إلى أبي وبنبرة عالية : أنت فعلاً شخص حقير للغاية يا روك ، كيف لك أن تخفي شيئاً مهماً كهذا عني ؟؟ أنت فعلاً تستحق أن تعاقب أيها العاق ..

قال أبي بهدوء محاولاً إمتصاص غضبها : أمي إهدئي قليلاً ، واشرحي لي ما يحصل ..
قالت وهي تشد على العصا بقوة وبنبرة كلها غضب وعصبية : لماذا لم تخبرني بما حصل معكم عند سفركم ؟؟

اتسعت حدقتا عيني أبي بصدمة ، في حين أكملت جدتي : إذا لم أبحث عن ماضي جوليا ماكنت لأعرف ، لماذا أخفيت هذا عني ؟؟ شيء مهم كهذا حصل لحفيدتي وأنا لا أعرف عنه ، أتريدني أن أغدوا غبية أمامكم ؟؟ لماذا أخفيت هذا عني يا روك ؟؟ لماذا ؟؟

توقفت عن الكلام وجسدها الضعيف يرتعش بشدة ، اقترب منها الرجل الذي يرافقها دائماً ، وقال بهدوء وهو يقترب من جدتي : سيدتي انتبهي حتى لا تنهار صحتك ..
دفعته جدتي بيدها الضعيفتين ، بينما سأل والدي : ما الذي دفعك إلى البحث عن ماضي جوليا ؟؟

لم ترد جدتي عليه ، فقد كانت منشغلة بسحب الهواء لملئ رئتيها ، وتنفثها بهدوء وكأنها تحاول السيطرة على نفسها بهذه الطريقة ..
بقيت تفعل هذا لمرات عدة ونحن ننظر إليها بترقب ..

نطقت جدتي بهدوء أخيراً : أنا لم آتي إلى هنا لمعاتبتك فحسب ، فهناك ما اكتشفته أيضاً ..

- وما هو ؟؟
كان هذا ما هتفنا به ثلاثتنا أنا وأبي وأمي ..
قالت جدتي : لن أقول لكم ..
استدارت بعد أن فاجأتنا بجوابها لتغادر المنزل ، هرع أبي إليها وأمسكها قائلاً بترجي : أمي أخبريني أرجوك ما لديك ..

قالت جدتي بنبرة باردة : ولماذا أخبرك بشيء اكتشفته في حين أنك أخفيت عني أمور عدة ..
سارت أمي بصعف نحوها وقالت بوهن : جوليا ابنتنا لذا يجب أن نعرف كل ما يتعلق بها ، لذا أخبرينا أرجوك ..

صرخت جدتي وقد عاودها الغضب مجدداً : وهي حفيدتي أيضاً ، لذا ماكان يجب أن تُخفوا عني ما حصل لها في أثناء سفرها .

طأطأ أبي رأسه بإنكسار وقال : أعلم ذلك يا أمي ، وأنا آسف لأني أخفيت الأمر عنك ، لكن كما تعلمين علاقتنا لم تكن جيدة لذا .....
قاطعته جدتي بصرامة : هذا ليس عذراً يا روك ، لماذا لم تخبرني جوليا وهي تزورني أسبوعياً؟؟ ألهذه الدرجة لست مهمة عندكم ؟؟

قالت جدتي الجملة الأخيرة بنبرة مرتعشة ، وكأنها تُنذر ببكائها ، أمسك أبي يدها الهزيل وأخذ يقبل يدها قائلاً : لا يا أمي أنت مهمة ونحن لا نستغني عنك ، لكننا لم نكن نريد إقلاقك يا أمي ..
جذبت جدتي كفها من بين يدي أبي وقالت وهي تشيح بوجهها بعيداً : أنت كاذب يا روك ، جميعكم لا تطيقونني ، وإن كنتم صادقين فيما تقولونه كان عليكم زيارتي عندما كنت في المشفى ، لكني لم أرى أي منكم سوى جوليا ..

عاد أبي يُطأطئ رأسه بخجل ، وأنا لم أحبذ فكرة رؤية والدي بهذا الشكل المُذل ، لذا قلت مدافعة : أنت من منعنا من رؤيتك يا جدتي ، أم أنك نسيتي ماذا كنت تفعلين بنا عندما كنا نزورك ؟؟ أتتذكرين كلماتك القاسية التي كنت تقذفيننا بها ؟؟
ثم أكملت ساخرة : حسناً لن ألومك إذا نسيتِ ما كنت تقولينه لنا ، ففي النهاية أنت عجوز كثيرة النسيان ..


أنهيت كلمتي الأخيرة لأتفاجأ بصفعة قوية طُبعت على خدي الأيمن ، جعل رأسي يلتف إلى الجهة الأخرى ..
أخذت أرمش بعدم إستيعاب ، هل صُفعت للتو أم ماذا ؟؟
إلتفت إلى الأمام ببطء لأرى وجه أمي الشاحب تحدق فيني بعصبية ..

قلت وأنا أتلمس مكان الصفعة : ماذا فعلت لتصفعيني يا أمي ؟؟
أجابت أمي وهي تضيق فتحة عينيها : أربيتك على هذا يا جودي ؟؟ تسخرين من جدتك وتسألينني لماذا صفعتك ؟؟ يبدو أنني لم أحسن تربيتك جيداً ..


أنكست رأسي بندم ، ماكان يجب أن قول ما قلته ، وأنا أستحق الصفعة حقاً ..
سمعت جدتي تقول بنبرة ساخرة : من الجيد أنك أقريت بسوء تربيتك ..
تحدث أبي : أرجو أن تعذرينا على سوء أدبنا ووقاحتنا معك أمي ، لكن أرجوكِ أخبريني بما عندك ..


زفرت جدتي وقالت : سأخبرك لكن بشرط ؟؟
قال ابي بلهفة : وما هو شرطك ؟؟ أنا موافق أياً كانت شروطك ..
قالت جدتي بهدوء : إذا عادت جوليا إلينا سليمة فأنا سآخذها لتسكن في منزلي ، فهناك ستتلقى الكثير من الإهتمام والراحة ، وتعيش بأمان دون خوف ..

نظرت إليها مندهشة ، ما هذا الشرط الغريب ؟؟ لماذا تريد لجوليا أن تسكن في منزلها ؟؟
نظرت إلى أبي منتظرة ماسيقوله ، ولم يكن أقل دهشة مني ..

قال أبي بإستنكار : هل أنت جادة ؟؟
أجابت جدتي بجمود : كل الجدية ..
نطقت أمي بصوت هزيل : سنفعل ذلك ، لكن المهم أن تعود جوليا ، لذا أرجوكِ شاركينا بما تملكينه من معلومات ..

لم أصدق ما سمعته أذناي ، هل من المعقول أن يصدر مثل هذا الكلام من أمي ؟؟ هذا غير معقول أبداً ..

قالت جدتي : حيناً لكن لا يمكنك التراجع عن موافقتك ، لقد علمت أن عائلة شيبا قد انتقلوا إلى هنا قبل أسبوع أي في الأسبوع الذي اختفت فيه جوليا ..

صرخنا جميعاً بتفاجؤ : عائلة شيبا !!!
قالت جدتي بجدية : نعم عائلة شيبا ، وأنا أشتبه بأنهم هم من اختطفوها ، انتقاماً لموت ابنهم ، لذا سأطلب منك يا روك مراقبة تحركاتهم ، لا تتهور وتذهب لإستجوابهم مباشرة ، فأنا أخشى أن يدركوا بأننا شككنا بأمرهم ويتخلصوا من جوليا ، لذا حاول مراقبتهم أولا وبعدها ألقي القبض عليهم إذا ما كنت متأكداً من تورطهم في القضية ..


قال أبي متسائلاً : وكيف علمت بكل هذه المعلومات ؟؟
أجابت جدتي ببرود : لدي مصادري الخاصة التي تُعلمنا بصغائر الأمور ..

نهاية الجزء

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
|Eman Ahmed| and Sukaa... like this.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قولي انك مو حاقد على هذا الشخص avine مواضيع عامة 10 10-16-2016 01:57 PM
حاقد المحشش لموره احلى اموره نكت و ضحك و خنبقة 5 05-09-2013 10:52 AM
حاقد جُ ـنۉכּ أنْثىَ~}- ● نكت و ضحك و خنبقة 20 01-13-2013 12:45 PM
..:>>&* ولد حاقد *&<<.. *مودا* نكت و ضحك و خنبقة 10 05-03-2010 08:10 PM
مين حاقد ومقهور من بوووووش ؟ م. أبونجم™ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 5 01-25-2008 09:21 PM


الساعة الآن 01:06 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011