عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree498Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 3 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #71  
قديم 11-10-2016, 10:34 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://d.top4top.net/p_145wzuq2.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



٢٩

في صباح يوم جديد

~
آلبرت ~

أجلس على سريري الأبيض ، وأشد على غطاء السرير بقبضتي ، ليس هناك كلمة يمكن إن تصف مشاعري الآن ..
لازلت أتذكر حين صعقني الطبيب بكلامه بعد إستيقاظي ، نظرت إلى ياماتو الذي ينحني بكل أسف ، هذا اللعين أيظن أنني سأسامحه بمجرد أن ينحني لي ؟؟

قلت بهدوء محاولاً كبت المشاعر الحقيقية في داخلي : ارفع رأسك يا سيدي الصغير ، فالإنحناء لا يليق بمقامتك إطلاقاً ..
رفع ياماتو رأسه قليلاً وقال بتوتر : أفهم من هذا أنك سامحتني صحيح ؟؟

قلت ببرود ظاهري يخفي الكثير من الغضب والبغض : لا لم أسامحك ، ولن أسامحك ، ولا أفكر بمسامحتك ، لكن شخص بمكانتك لايجوز له الإنحناء لخادم مثلي مهما كانت الظروف ..

اقترب ياماتو من سريري أكثر ، وجثى على ركبتيه ومد يده ممسكاً كف يدي وقال برجاء : آلبرت أرجوك إذا كنت غاضباً مني فلتظهر ذلك ، لا تكن هادئاً هكذا ، أضربني إن شئت أو افعل بي ما تشاء ، لكن أرجوك لا تكن هادئاً فأنت بتصرفك هذا تقتلني حقاً ..
ثم صمت محاولاً كبت عبراته ، والدموع قد تغرغرت في عينه ، ويده تشد على قبضتي بقوة ..

قلت بملل : سيدي الصغير أليس من المفترض أن تكون في مدرستك الآن ؟؟ سيغضب والدك كثيراً إذا ما علم أنك تغيبت عن المدرسة وكنت معي ..

قال بقوة : لا يهمني إن غضب ، لا يهمني إن طردني من المنزل ، لا يهمني إن حرمني من الميراث أو ضربني ، كل ما يهمني ....
صمت لثواني وأردف بصوت لين : هو أن تسامحني يا آلبرت ..

جذبت يدي من بين يديه قائلاً : إنسى الفكرة فهذا مستحيل ..
قال وهو يهزني بعنف وانفعال : إذاً لماذا تتحدث معي بهذه الطريقة الهادئة ؟؟ تصرف بشكل طبيعي ، أصرخ في وجهي أطردني بعيداً عنك ، لكن لا تتصرف معي وكأن شيئاً لم يكن ، ألست سبباً في شللك وعدم قدرتك على السير ؟؟
جملته الأخيرة ذكرتني بحالي الذي كنت أحاول تناسيه عمداً ، وها هو ذا يُعاود تذكيري ، أي غبي هذا الياماتو ؟؟

لكن إن كان صراخي في وجهه سيريحه إذا سأفعل العكس ، ياماتو حساس جداً ، والتعذيب النفسي يُفيد معه أكثر من الجسدي، وإذا ما استمريت على التصرف معه ببرود فأنا متأكد من أن الندم سيأكله ، وضميره لن يدعه وشأنه وسيظل يعاتبه ، ليتعذب نفسياً هذا اللعين ، فهو السبب في ما أنا عليه الآن ..


إلتزمت الصمت وأنا متيقن من أن هذا سيزيد من عذابه ، وبالفعل كنت مصيباً فيما قلته ، فدموعه التي كان يحاول كبتها قد سالت على وجنتيه بإنكسار ..

لتبكي .. نعم لتبكي ، فأنت الملام الوحيد على ما يحصل لي ، أنت المذنب في حرماني من السير ، يجب أن تدفع الثمن يا ياماتو ، سأجعلك تُحرم من السعادة طوال حياتك بعدم إلقاء اللوم عليك ، تستحق هذا وأكثر ..


ظل يتحدث معي ودموعه النادمة أغرقت وجهه كالفتيات ، لكنني لم أكن أعره إنتباهاً ، والشيء الأكثر متعة هو رؤيته يتوسل إلي أمام فتاة مستلقية على السرير المجاور لي ..

كانت الفتاة تنظر إلينا متعجبة ، وياماتو يتوسل إلي كما لو أننا كنا كنا وحدنا في الغرفة ، بمعنى آخر أنه يرمي بكرامته من أجل أن أسامحه ، لكن هذا لن يحصل بتاتاً ..

قطع هذه اللحظة صوت الباب الذي فُتح بقوة ، ليظهر منها سيدي كودو والد ياماتو ، ووجهه لا يُبشر بالخير ، فقد بدى غاضباً حقاً ..
اقترب من ياماتو بخطوات سريعة ، وفور أن اقترب منه جذبه من ساعديه ليوقفه على قدميه بعد أن كان جاثياً على ركبتيه ..

رفع يده عالياً عازماً على صفع ياماتو ، لكن حين وقعت عينه على الفتاة التي في السرير المجاور أنزل يده ، واكتفى بسحب إبنه خارجاً ..
غادر ياماتو وهو يصيح عالياً : سأعود يا آلبرت أعدك ..
لن أخفي عليكم رغبتي في رؤية ياماتو يُصفع من قبل والده أمام هذه الفتاة ، لكن للأسف الشديد استطاع والد ياماتو تمالك نفسه هذه المرة ..


بقيت أنظر إلى سقف الغرفة بشرود ، أحقاً لن أستطيع الوقوف على قدماي مجدداً ؟؟ أحقاً أصبت بالشلل ؟؟ أتمنى أن يمزح الطبيب معي ..
أزحت الغطاء عن قدماي الممدتان بعد أن جلست ، وحاولت تحريكهما عبثاً ..

ضربت قدمي بقبضتي وأنا أقول بغيظ : تحركي أيتها القدم الغبية تحركي ..
لم يتحرك هذا القدم ولو حركة بسيطة، وأنا الذي ظننت أنه سيتحرك لو صرخت عليه قليلاً ..


أتاني صوت ناعم يقول : ماذا حصل معك ؟؟
إلتفت إلى الفتاة الجالسة على سريرها تنظر إلي بعينين مليئتين بالفضول ..
قلت ببرود : وما شأنك ؟؟

قالت وهي تشير بيديها : لقد كنت أسمع كل ماكان يدور بينك وبين الشاب الذي كان هنا للتو ، وبحسب ما فهمته أنت تعمل خادم لديه ، وهو من تسبب في إصابة قدمك ، لكن كيف حصل ذلك ؟؟

نظرت إليها بطرف عيني ، ثم قلت بهدوء : أليس من الوقاحة أن تتنصتي إلينا وتتدخلي في أمور لا تعنيك ؟؟
قالت وهي تهز رأسها نافية : أنا لم أتعمد التنصت لكما ، لكنكما كنتما تتحدثان أمامي بصوت عالي ، لذا الكلمات تدخل إلى أذني من تلقاء نفسها ..

قلت وأنا أعيد تغطية قدمي وأضع رأسي على الوسائدة : تصرفي وكأنك لم تسمعي وتري شيئاً ..

أغمضت عيناي محاولاً تناسي وضعي ، لكن صوت الفتاة وصل إلى مسامعي وهي تقول : هل تعلم أشعر أن الشاب الذي كان هنا يبدو أنه طيب ، أعني أنه قد انحنى أمامك وأنت خادمه ليطلب العفو ، يبدو أنه متواضع جداً ، أما أنت فقد عاملته بقسوة وهو لا يستحق ذلك ..

لم أرد عليها وبقيت صامتاً مغمضاً عيناي ، لأسمعها تُكمل ثرثرتها : على الرغم من أن الشاب قد أذنب وتسبب في شلل قدمك إلا أن الأمر كان مجرد حادثة غير مقصودة على ما أظن ، فقد بدى نادماً جداً ، وأنت كان عليك مسامحته لا تجاهله ، المسكين لقد ذرف دموعه الغالية بسببك ، أنت فعلاً ...........

لم أستطع تجاهل هذه الثرثارة أكثر من هذا ، فتحت عيني والتفت إليها لأصرخ في وجهها غاضباً : لا تتدخلي فيما لا يعنيك أيتها اللعينة ، إصابتي بالشلل ليس بالأمر السهل ، أنت لن تشعري بما أشعر به ، لذا أطبقي شفتيك ..

ظننت بأنها ستخافني حين أصرخ في وجهها ، لكنني تفاجأت بأن ملامحها قد احتدت كثيراً ، وقالت بنبرة قوية : ولماذا تصرخ في وجهي يا هذا ؟؟ لن أسمح لخادم مثلك بأن يرفع صوته علي هل تفهم ؟؟

في البداية كنت أنظر إليها متفاجئة ، لكن سرعان ما تحولت نظراتي إلى سخرية وقلت بإستهزاء : حتى لو كنت خادماً لدى أحدٍ ما فأنا لا أسمح لك بمناداتي بالخادم هل فهمت ؟؟

ردت الفتاة وهي تُصدر ضحكة قصيرة ساخرة : ولماذا لا تريدنني أن أناديك بالخادم ؟؟ أتخجل من ذلك ؟؟ لكن هذه هي الحقيقة مهما حاولت إنكارها ..


لا جدوى من الجدال معها ، فهي ثرثارة كثيراً ولا أظن أنها ستصمت ، وإذا ما قلت كلمة ردت علي بعشر ، لذا فضلت الصمت والتظاهر بالنوم ، فالجدال معها سيُرهقني فقط ..

عاودت الإستلقاء على السرير ، بينهما هي ظلت تصرخ علي محاولة استفزازي ، لكني كنت أتجاهلها فقط ، وكأنها غير موجودة ، وقضية قدمي المشلولة تشغل تفكيري كثيراً ..

***



~ سوبارو ~


كنت وروز جالسين نتحدث مع بعضنا ، وبمعنى أدق كانت روز من تثرثر لوحدها ، وأنت أكتفي بالإنصات لثرثرتها ..

حسناً أنا سعيد لأنها تضحك بإستمرار ، ولا يبدو عليها الهم والحزن ، يبدو أنها سعيدة لأننا لم نعد نرى رسائل الخاطف ، وقد انقطع عنا لمدة ثلاثة أيام ، لكن قلبي غير مطمئن البتة ..

رن الجرس أخيراً معلناً إبتداء الحصة الأولى ، ليدخل المعلم وبجانبه طالب جديد صاحب شعر إسود طويل ، وعينان ناعستان..
قال المعلم لنا : رحبواً جميعاً بالطالب الجديد لوريوس الذي إنتقل إلى مدينتنا حديثاً ..


انحنى المدعو لوريوس وهو يقول بهدوء غريب : أنا لوريوس واتاني ، أتيت إلى هذه المدرسة لأقابل شخصاً معيناً ، أرجو أن تعتنوا بي ..


أشار المعلم له بالجلوس خلف روز أي في المكان الذي كان يجلس فيه ياماتو سابقاً ..
بدأ المعلم الدرس ، وأنا لم أكن أنصت إلى ما يقوله ، جل تفكيري في الرسالة التي توصلت إليها من خلال الأبيات الشعرية الغبية التي كتبها المدير كازوما ..


حصل هذا ليلة البارحة حين عدت إلى منزلي بينما كنت أتأمل ورقته وأنظر إليها فكرت في أن أستفيد من الأرقام المكتوبة في الأسفل والتي تساوي عدد الجمل المكتوبة ، وأقوم بإختيار الحروف حسب الأرقام ، لتظهر لي الجملة التي فاجأتني كثيراً (( ياماتو غير مراقب ))


جملته حيرتني كثيراً ، وجعلني أتسائل عن العديد من الأمور ، كيف له أن يعلم بأننا مراقبين ؟؟ وعلى أي دليل استند عليه ليقول أن ياماتو غير مراقب ؟؟ ولماذا لم يخبرني بهذا مباشرة ؟؟


أمن المعقول أنه يتعرض للتهديد أيضاً كما الحال معي أنا وروز ؟؟ هذا ليس بالأمر المستحيل ..
لا وقت لدي لإستنتاج الأمور ، ويجب أن أثق فيما يقوله المدير كازوما ، فلو كان الأمر مجرد فخ لما أتعب السيد كازوما في التفكير في طريقة يخبرني فيها بتلك المعلومة المهمة ..
وعندما ينتهي كل هذا يجب أن أعرف كيف تورط المدير في القضية ..


انتهت الحصة الأولى وبدأت الحصة الثانية والتي كانت حصة الكيمياء ، دخلت المعلمة راي وأول حركة قامت به عند دخولها إلى الصف هو أن وضعت عينها في عيني وابتسمت إبتسامة غامضة ، جعلني أشعر بالريبة ، ماذا تعني بتلك الإبتسامة ؟؟


قالت وهي تجلس على الكرسي المخصص للمعلمين : اسمعوني جميعاً اليوم لن نأخذ درساً ..
تعالت أصوات الهتافات السعيدة ، بينما سمعت روز تتمتم مع نفسها بصوت عالي قليلاً : هذا جيد فلا مزاج لدي لرؤيتها تتغنج أمامي ..


ابتسمت رغماً عني على روز ، حينها خالجني شعور بأن هناك من ينظر إلي ، حين رفعت بصري تقابلت نظراتي بالمعلمة راي لتُعاود الإبتسامة بغموض ..


أنقبض قلبي فجأة من دون سبب ، وشعور غريب ممزوج بالخوف قد انتابني ، ماذا يحصل بحق السماء ؟؟
حركت رأسي قليلاً محاولاً طرد هذه المشاعر الغريبة ، لتسألني روز بإستغراب : مابك يا سوبارو ؟


قلت متصنعاً الإبتسامة لكي لا أقلقها : لا شيء أبداً ، لا تُشغلي تفكيرك كثيراً ..


نظرت إلي نظرة مطولة وقالت : منذ الصباح وأنت لا تبدو على طبيعتك ، لكن لا تقلق لدي علاج سيُعيدك إلى ما كنت عليه في السابق ، لكن بعد أن تغادر المعلمة راي أولاً ..


انتابني الفضول لمعرفة العلاج الذي تتكلم روز عنه ، ورفع ببصري إلى المعلمة لأجدها تقف مغادرة الصف ، بعد أن غادرت إلتفت إلى روز بسرعة وأنا أقول : هيا أريني علاجك فقد غادرت المعلمة راي ..


ضحكت روز قائلة : تبدو متحمساً ، حسناً سأريك العلاج الآن ..


أخرجت روز من مخبئها سماعات بيضاء متصل بجهاز مشغل الأغاني ، وقالت مبتسمة : لتضعها في أذنك ..
قلت بشك ممزوج بخوف : لا تخبريني أنها مجموعة من الشعوذات واللعنات المختلفة ..


ردت بسرعة وهي تحرك يديها : لا لا أبداً صدقني ، أنت فقط ضعها في أذنيك ..
وضعت السماعات في أذني بتردد ليصدح صوت مغني أعرفه حق المعرفة فروز لم تكف عن الثرثرة عنه ، نظرت إلى روز التي ابتسمت في وجهي إبتسامة عريضة وهي تقول : ما رأيك بصوته ؟؟
قلت ببرود : لا بأس به ..


توسعت حدقتا عينيها وقالت بصوت عالي : ماذا تقصد بأنه لا بأس به ؟؟ أأنت أحمق أم ماذا ؟؟ أهذا شيء تقوله عن ورابوس !! أنت حقاً بلا ذوق ..
ثم أكملت وهي تشبك أصابها ببعضها وبحالمية : إنه مغني رائع جداً ، أنا أعشقه كثيراً وأعشق صوته ، عندما أكون غاضبة وأستمع إلى أغانيه تتبخر كل هذه العصبية ..

ثم سحبت السماعات مني وقالت وهي تزم شفتيها بغيظ : من لا يحب صوته فهو ليس بشري أبداً ..


ضحكت بخفة عليها ، ألهذه الدرجة تحب هذا المغني ؟؟ إنها معجبة مخلصة فعلاً ..


قاطعنا صوت غليظ آتي من الخلف يقول : هل يمكنني أن أسمع إلى الأغنية ؟؟
إلتفتت روز إليه وقالت بفظاظتها المعتادة : ولماذا أعطيك إياها ؟؟ ستتلوث الأغنية لو استمعت إليها ..

غطيت وجهي بكفي يائساً ، لازالت روز الفظة كما هي ، صحيح أنها تغيرت في تصرفاتها معي أنا وياماتو ، لكنها لا تزال كما هي مع البقية ..


قال الفتى المدعو لوريوس بغيظ : يالك من مغرورة ، أنا المخطئ الذي بدأت الحديث معك ..
روز بوقاحة : نعم ماكان يجب أن تتحدث معي يا صاحب العيون النائمة ..
صرخ لوريوس بحدة : إنها أعين ناعسة وليست نائمة أيتها الفتاة الغبية ..


لم أكن لأدعهما يكملان شجارهما طويلاً ، لذا قمت بالإمساك بوجه روز وأدرتها نحو الأمام وقلت بهدوء : كفاك إفتعالاً للمشاكل يا روز ..
والتفت إلى لوريوس وقلت مبتسماً بإعتذار :آسف على ما قالته هذه الفتاة الغبية ..

قالت روز غاضبة : أنت تتصرف الآن كما لو أنك جوليا ..
كنت لأرد عليها لكن صوت لوريوس قاطعنا وهو يقول بلهفة غريبة : أقلت للتو جوليا أيتها الفتاة ؟؟ أكنت تقصدين جوليا روك ؟؟
نظرت إليه بإستغراب وقلت بهدوء : ولماذا تسأل ؟؟
قال لوريوس : أتعرفان جوليا ؟؟ أين هي الآن ؟؟ أرجوكما أخبراني ، هل أنتما صديقيها ؟؟




تبادلنا أنا وروز النظرات المستفسرة ، وقالت روز : ولماذا تسأل عنها ؟؟
قال لوريوس ببطء وصوت خافت : سمعت إشاعة تقول أنها هاربة من المنزل والشرطة تظن أنها مختطفة ..
تفاجأت كثيراً مما قاله ، هل انتشرت الإشاعة بهذا الشكل الواسع ، حتى أن الطالب الذي أتى من مدينة أخرى يعرفها ؟؟ أي مصيبة هذه ؟؟


نظرت إلى روز التي شدت على قبضتها ، وأنكست رأسها إلى الأسفل ، أدركت من حركتها هذه أنها توشك على البكاء ..
أمسكت بيدها وهمست بهدوء : لا تبكي يا روز ، هذا ليس المكان المناسب لتبكي ..


يبدو أن كلماتي قد أدى مفعوله ، فقد توقف إرتعاش يدها ، وكأنها استطاعت السيطرة على نفسها وكبت دموعها التي كادت أن تهطل ..

بينما قال لوريوس بإنزعاج : لم تجيبا على سؤالي حتى الآن ، أخبراني هل تعرفانها ؟؟
قلت بكذب : لا ، لانعرفها مطلقاً ..


يبدو أن لوريوس لم يصدق كلامي ،وهذا كان وضاحاً من ملامحه الذي قطبها غير راضياً بإجابتي .
قال ببطء : لكن أيها الفتى لقد سمعت أن جوليا روك تدرس في هذه المدرسة ، وفي هذا الصف تحديداً ..

سمعت صوت فتاة في الصف تقول : جوليا حقاً عار على صفنا وعلى المدرسة ككل وعلى اليابان عامة ، حتى لوريوس الذي أتى من مدينة أخرى يعلم بفضيحتها تباً لها ..
إلتفت إلى الفتاة التي تحدثت ورمقتها بنظرة حادة ، في حين قال لوريوس ويبدو عليه الشرود : كما توقعت إنها جوليا نفسها ..


نظرت إليه بشك ، لماذا يسأل عن جوليا يا ترى ؟؟ أمن المعقول أنه يعرفها ؟؟
لم أفكر بشأن هذا كثيراً ، فأنا يجب أن أوقف الحرب الذي ينشأ الآن بين روز وطلاب الصف ..


أمسكت بروز الواقفة في مكانها تتجادل معهم قائلاً : اجلسي يا روز وابقي هادئة ..
قالت روز معترضة : وكيف تريدني أن إكون كذلك وهم يتحدثون عن جوليا بسوء ؟؟ لن أسامحهم ..


زفرت بضيق واقتربت منها هامساً في أذنها : كوني عاقلة يا روز ربما ماتفعلينه الآن سيتسبب في أذية جوليا ..
تغيرت ملاامح روز ، وأصبح أقل حدة ، ثم عاودت الجلوس في مكانها بهدوء ..



انتهت هذه الحصة وبدأت الحصة الثالثة ولم يحصل فيها أي شيء يُذكر ، وفي استراحة الغداء ، تم إعلامنا أن المدير يرغب برؤيتي أنا والطالب الذي ذهبنا إليه في الأمس معاً ..


لم أستطع أن أغادر تاركاً روز لوحدها ، فلاشك أن طلبة الصف لازالوا مغتاظين منها بسبب ما قالته لهم ، لذا اقترحت عليها أن تأتي معي وهي لم تعارض ..

دخلنا إلى غرفة المدير لأجد الطلاب التسع الأذكياء متواجدون ، نظر الجميع إلى روز بإستغراب ، وكأنهم يتسائلون عن سبب تواجدها بينهم ..
قالت روز بحدة موجهة خطابها لأولئك الذين يحدقون فيها : مابكم تنظرون إلي هكذا ؟؟ لا أظن أن فيني شيء غريب ..


تحدث أحدهم ويبدو أنه يعرفها : إن هذا التجمع للأذكياء العشرة فقط ، لماذا أنت هنا أيضاً ؟؟ لا أظن أنك أصبحت ذكية فجأة ..
ردت روز بقوة : وهل تراني أقف على رأسك الآن لتتضايق من وجودي ؟؟ تنهدت بيأس وفتحت الباب قائلاً : لتنتظريني يا روز خارجاً ، فأنت ستسببين المشاكل إذا بقيت هنا ..
قال شخص ما بنبرة ساخرة : لابد أن هذه هي حبيبة سوبارو ، أنهما ثنائيان مثيران للشفقة ..
وقال آخر متابعاً : يبدو أن روز حين يئست من فكرة إمتلاكها لصديق جيد لم يكن أمامها سوى هذا المشوه ..


قبل أن تنطق روز بكلمة قمت بدفعها خارجاً وإغلاق الباب في وجهها ، والتفت إلى المدير قائلاً بهدوء : لماذا جمعتنا هنا حضرة المدير ؟؟ قال وهو يقف من على مقعده : ظننت أنكم نسيتم وجودي ، حتى أنكم أصبحت تتشاجرون وكأنني غير موجود ..
ثم أردف وقد احتدت نبرته : إياكم ومعاودة مافعلتموه للتو ، وإلا كان حسابكم عسيراً ..

انحنى أحد الطلبة من الصف الثالث معتذراً وقال : نحن آسفون أيها المدير ، لن نعاود الكرة ..
رد المدير : أرجو ذلك فأنا لن أتهاون في معاقبتكم المرة القادمة ، أما بالنسبة لجمعي لكم هو أنني أريد أن أذكركم فقط بالإمتحان الذي سأقيمه غداً ، لذا كونوا مستعدين ، أما الورقة التي أعطيتكم هي فأتمنى أن تكونوا قد فهمتموها فأنتم لن تدخلو الإختبار إلا بها ..


أدركت وكأنه يحاول أن يستفسر ما إذا فهمت الرسالة جيداً أم لا لكن بطريقة غير مباشرة ، لذا أجبت بثقة : لا تقلق الورقة محفوظة جيداً ، ومعانيها رسخت في أذهاننا ، ولو أردت مني إعادة ما كتبته في الجملة المطلوبة لفعلتها ..
علت الإبتسامة وجهه ، ويبدو أنه فهم مقصدي ، لذا قال : لا لاداعي لأن تعيد ما كتبته فأنا أدرى بذلك ، كما أنني لا أريدهم أن ينصتوا إلى إلقائك الجميل للأبيات المبدعة ..
علمت هنا أنه يلمح لي بأنه مراقب من قبل الخاطفين ، لذا إلتزمت الصمت ، بينما المدير كازوما أخذ يلقي بعض النصائح حول الإختبار القادم ..


قال المدير كازوما : الأسئلة لن تكون بسهولة فهم هذه الأبيات ، أرقام السؤال مهمة ويجب أن تلقوا نظرة عليها فهي تشير إلى الكلمات المطلوبة ..
سأل أحدهم : ماذا تعني يا سيدي ؟؟ أجاب المدير وهو يحرك نظارته : أعني أن تتأكدوا من السؤال حتى لا تتجاوزوا سؤالاً ما ، والآن أرجوا أن تكونوا قد فهمتم مقصدي ..


أكتفتيت بأن أومأ رأسي دلالة فهمي ، وأنا بالفعل قد فهمت مقصده ، يبدو أن الإمتحان سيحتوي الكثير من الرسالات المهمة ، وربما سيخبرني فيها عن الخاطف ، أتمنى أن يأتي الغد بسرعة ..


خرجنا من مكتب المدير وعدنا إلى الصف ، وأنا أنظر إلى ساعتي كل دقيقة ، أتلهف لرؤية ياماتو لأخبره بأنه ليس مراقباً ، ويستطيع التحرك بحرية ..


لحظة !!!
لقد نسيت شيئاً ، كيف يمكنني إخباره وأنا مراقب ؟؟ يا إلهي يالغبائي ، لماذا لم أفكر في هذا ؟؟ أخذت أضغط على رأسي علّ وعسى أن تأتيني فكرة ، لكن للأسف لم أتوصل إلى شيء ..
زفرت بقوة ويأس ، لماذا لم أفكر في هذا مسبقاً ؟؟ لا لا يجب أن أيأس الآن ، لابد وأن يكون هناك حل ..

صحيح لماذا لا أستخدم الورقة التي أعطاني إياها االمدير وأعطيها لياماتو ، ولكن قبل ذلك سأظلل الأحرف المطلوبة لفهم الرسالة ..
أخرجت الورقة من الحقيبة ووضعت خطاً تحت الأحرف المطلوبة ...ابتسمت برضى ، هكذا سيفهم الرسالة ، وأنا واثق من هذا ..
لكنني غاضب قليلاً من المدير الغبي الذي لم يجد طرييقة أسهل لإخباري بمثل هذا الأمر المهم ، كان من الافضل لو ابتكر طريقة اكثر بساطةعندما انتهى الدوام المدرسي خرجت من المدرسة بسرعة ، حتى أنني لم أساعد روز في التنظيف وتركتها وحدها ، بقيت أنتظر أمام بوابة المدرسة حضور ياماتو ، وطال إنتظاري طويلاً ، حتى أن روز انهت التنظيف وحدها وخرجت من المدرسة لتتفاجأ من وجودي واقفاً ..


-
ماذا تفعل هنا يا سوبارو ؟؟ ظننت أنك قد عدت إلى منزلك ..
هذا ماقالته روز متسائلة ، لأجيب عليها وعينان مثبتتان على الطريق : أنا أنتظر قدوم ياماتو ..


وقفت روز بجواري لتنتظره معي ، وبقينا معاً حتى أن المدرسة قد خلى من الطلبة ، وياماتو الأحمق لم يصل بعد ..
أمسكت بهاتفي بغضب ، أين يمكن أن يكون ذلك الأحمق عندما أحتاجه ؟؟ اتصلت عليه لأتفاجأ بأنه أغلق الخط في وجهي ، عاودت الإتصال لكن النتيجة واحدة ، قطبت حاجباي بإنزعاج ، أمن المعقول أنه غاضب مني ولذلك لا يريد أن يرد علي ؟؟لكنني لم أكن لأتصل عليه لو كان الأمر غير ضروري ، ياماتو الأحمق كم أرغب في ضرب وجهه وتهشيم جمجمته ..


***


~
ياماتو ~


لا تسألوني عن حالي ، أنا الآن أشبه بالجسد الخالي من الروح ، أرغمني أبي على الذهاب إلى المدرسة بعد أن تلقيت صفعة قوية منه ..


بعد المدرسة عدت إلى منزلي لأتلقى توبيخاً من أبي ، وها أنا الآن ذاهب معه إلى شركة ساي لبدأ العمل ..
في السيارة كان أبي يلقي علي المحاضرات الطويلة ، ليقاطعه صوت رنين هاتفي ، نظرت إلى المتصل لأتفاجأ بأن سوبارو هو من اتصل ، كنت لأرد عليه متحمساً ، لكن حين تذكرت ما فعلته بآلبرت أغلقت الخط في وجهه ، ولكنه عاود الإتصال وأنا أغلق الخط ..

-
من هذا المزعج الذي يتصل بك بإستمرار ؟؟ هذا ماصاح به أبي غاضباً ، لأجيب بهدوء : إنه طالب في مدرستي ، يريد التقرب مني ..
بدى عليه الفضول وهو يقول لي : إلى أي عائلة ينتمي إليه هذا الطالب ؟؟ لم أتفاجأ من سؤال أبي ، فأنا أعلم إلى ماذا يطمح ، نطقت بكذب : إنه من عائلة سايرين ..


ظهرت علامات الإحباط على وجهه ، وقال بملل : تجاهله فحسب فعائلته ليست بتلك الشهرة والثراء ..
نعم هذا ما ظننته سيقول ، فلو كان من عائلة ذات صيع لأرغمني على مصاحبته ، أما لو كان من عائلة عادية لقال لي ما قاله ..


قلت بتردد : أبي ماذا سيحصل لآلبرت ؟؟ قال أبي ببرود : لا تحمل همه ، الطبيب قال أنه يمكن معالجته في أمريكا ، ولهذا سأقوم بتسفيره إلى هناك لمعالجته ، لذا لا يجب عليك أن تشعر بالذنب لأجله ..


صرخت غاضباً : كيف لا أشعر بالذنب وأنا تسببت بشلله ؟؟ أنا السبب فيما حصل له ، لذا .....
صمت ولم أكمل ليقول أبي وهو يحثني على الإكمال : لذا ماذا ؟؟ تحدث ..
رفعت ببصري إلى أبي وسرعان ما أبعدت بصري عنه وأنا أقول بحذر : أريد أن أسافر معه للعلاج ..

مجموعة من البراكين تفجرت داخل أبي حين قلت ما قلته ، واحتقن وجهه احمراراً وعيناه احمرتا حتى كادت أن تخرج من مكانها ، وصرخ عالياً وعرق رقبته مشدود كثيرا : أأنت مجنون ؟؟ أستترك التدريب في شركة ساي لترافق خادم ؟؟ قلت بهدوء محاولاً امتصاص غضبه : لكن يا أبي أنا من تسببت في إصابته ، لذا وجب علي ....
قاطعني بحزم : نحن سنتكلف بتكاليف المعالجة وهذا يكفي ، ولا أريد سماع كلمة أخرى عن هذا الموضوع ..


صمت وأنا أشعر بالغيظ الشديد ، لكن التحدث مع أبي الآن لن يزيده إلا عناداً ، لذا سألتزم الصمت الآن و سأناقشه بشأن هذا الموضوع في وقت لاحق ..

وصلنا إلى شركة ساي ، وكان هناك موظف في استقبالنا ، طلب منا مرافقته إلى حيث مكتب ساي المدير ..
سرت وراءه أنا وأبي وعند وصولنا إلى باب المكتب تفاجأت من وجود المعلمة راي واقفة بإنتظارنا ..


ما إن رأتنا حتى هرولت إلينا مسرعة وعيناها تشعان سعادة ، قالت بإبتسامة عريضة : مرحباً بك عزيزي ، لم أظن أنك سترافق ابنك إلى الشركة ..
رد أبي : لقد أردت التأكد من وصوله فقط حتى لا يغيب عن الحضور كما حصل في الأمس ، وسأغادر الآن بعد أن أوصي ساي بعدة أمور ..


قالت راي : ساي غادر الشركة منذ قليل ليجلب أوراقاً مهمة من المنزل ، لذا أخبرني بما تريده وأنا سأوصل له الرسالة ..

أخبرها أبي ببعض التوصيات المتعلقة بي وبالعمل ، وما إن انتهى حتى استأذن وغادر الشركة ، بينما أنا كنت جالساً في مكتب ساي على أريكة سوداء منتظراً عودة ساي، وراي لم تزح ناظريها عني أبداً ..


شعرت بالضيق الشديد من نظراتها وقلت وأنا مقطب الجبين : مابك تنظرين إلي بهذه النظرات الغريبة ؟؟تقدمت راي بخطوات متزنة بإتجاهي ، وصوت كعبها العالي يضرب الأرض ليصدح صوته في أرجاء الغرفة الباردة ..


ما إن وصلت عندي حتى انحنت أمامي قائلة بإبتسامة : وهل هذا يضايقك يا عزيزي ياماتو ؟؟ تأففت أمامها بصوت عالي وأنا أقول : ابتعدي عني قليلاً فوجهك قريب مني كثيراً .


نظرت إلي بمكر وهي تقول : وماذا إذا لم أفعل ؟؟ شعرت بالتوتر من هذه الأجواء ، لذا وقفت مبتعداً عنها ، لتنظر إلي ولاتزال تلك الإبتسامة الماكرة على شفتيها المطليتين باللون الأحمر ..



أخذت أتراجع إلى الوراء بينما هي تتقدم نحوي ، قلت لها بتردد : ما رأيك أن تريني الشركة ريثما يعود أخوك ساي ..
هزت رأسها نافية ليتحرك معها شعرها القصير وقالت : لا لن تخرج من الغرفة ، وساي سيقدم لكن ليس الآن ربما بعد ساعة ..
ثم أردفت بخبث : ما رأيك أن نستمتع ريثما يأتي أخي ؟؟ هرعت إلى الباب بسرعة وقلبي ينبض بسرعة ، لكنني تفاجأت حين رأيت الباب مقفلاً ، هذه اللعينة أقفلت الباب علينا ..
سمعت صوت ضحكتها الرقيقة وقالت بغنج : أنت خجول جداً يا ياماتو ، وهذا ما أحبه فيك ..


ركضت نحو المكتب وبقيت خلفها وأنا أقول بصوت مرتعش : أيتها المجنونة إلى ماذا تخططين ؟؟ إنت زوجة أبي أم أنك نسيتي ذلك ؟؟
-
لا لم أنسى وأتمنى لو لم أكن كذلك ، فوالدك شخص ممل ، وأنا لم أوافق على الزواج منه إلا للتقرب منك ..

تفاجأت من جوابها كثيراً ، هذه المرأة اللعينة كيف تجرؤ على قول هذا أمامي ؟؟ ألا تخجل من نفسها ؟؟ ألا تخشى من أن أخبر أبي عنها ؟؟ لم أنتبه إلا وهي قد اقتربت مني كثيراً ، وحاصرتني بين ذراعيها ، بلعت ريقي بقلق ، أستطيع ضربها لأبتعد عنها ، لكن أنا لم أعتد على ضرب الإناث بعد ..
أشعر بتوتر شديد ، لأول مرة أكون في موقف كهذا ، هذا مربك كثيراً ..


أسعفني صوت رنين هاتف صادر من هاتف راي ، ظهر الإنزعاج على وجهها في حين أنني ابتسمت بسعادة ..
ابتعدت عني راي وراحت تنظر إلى المتصل وبعدها ردت على الهاتف لتصيح مباشرة بغضب : ساي أيها اللعين لماذا تتصل في هذا الوقت ؟؟ لقد قاطعت ما بدأته ..


صمتت راي ولكن محلامها انقلبت فجأة حين سمعت ماقاله المتصل ، تحولت ملامحها إلى الخوف المشوب بالقلق ، وقالت بعدها بسرعة : حادث ؟؟ حسناً سآتي الآن وداعاً ..

أقفلت راي الخط وراحت تركض نحو الباب خارجة من المكتب ويبدو أنها على عجلة من أمرها ..

تنفست الصعداء ، لقد كنت متوتراً كثيراً ، سعيد أنني نجوت من تلك اللعينة راي ..
قررت حينها مغادرة الشركة والذهاب إلى آلبرت في المشفى ، فأنا أعلم أن ساي لن يأتي إلى هنا ، فقد استنتجت من الإتصال أن أخاها ساي قد أصابه حادث وربما لن يستطيع القدوم ..


***


~
روز ~


فتحت عيني ببطء وأنا أشعر بصداع قوي ينهش عقلي ، ووجدت نفسي فجأة مستلقية على الأرض وفي غرفة الجلوس ، نهضت من الأرض بصعوبة وأنا لا أتذكر جيداً ما حصل لي ..


آخر شيء أتذكره هو أنني عدت إلى المنزل وتوجهت إلى المطبخ ، فوجدت مشروباً غازياً على الطاولة ، فحملته لأرتشف منه ، وبعدها لم أعد أتذكر شيئاً ..

وقع بصري على المسدس الملقى بجانبي ، لأقطب حاجباي بإستغراب ، ما الذي أتى بالمسدس هنا ؟؟ أنا واثقة من أنني احتفظت به أسفل السرير ..
أخذت المسدس بسرعه وخبأته ، خرجت من المجلس لأعود إلى غرفتي وأعيد المسدس ، لكن المنظر الذي رأيته جعلني أتجمد في مكاني من هول المصيبة التي أمامي وألجم لساني تماماً ..

نهاية الجزء


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس
  #72  
قديم 11-30-2016, 08:07 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://d.top4top.net/p_145wzuq2.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

..
٣٠ ..

~
روز ~

فتحت عيني ببطء وأنا أشعر بصداع في رأسي ، وجدت نفسي مستلقية على الأرض في غرفة الجلوس ، نهضت بصعوبة محاولة إستيعاب ما يحصل ..

آخر شيء أتذكره هو أنني عدت إلى المنزل وتوجهت إلى المطبخ ، فوجدت مشروباً غازياً على الطاولة ، حملته لأرتشف منه ، وبعدها لم أعد أتذكر شيئاً ..


وقع بصري على المسدس الملقى بجانبي ، لأقطب حاجباي بإستغراب ، ما الذي أتى بالمسدس هنا ؟؟ أنا واثقة من أنني احتفظت به أسفل السرير ..
أخذت المسدس بسرعه وخبأته ، وخرجت من المجلس لأعود إلى غرفتي وأعيد المسدس ، لكن المنظر الذي رأيته جعلني أتجمد في مكاني من هول المصيبة التي أمامي و لساني ألجم عن الكلام تماماً ..

هل ما أراه حقيقياً ؟؟ أمي وأخي ممددان على الأرض ، وسط بركة من الدماء ، أخذ جسدي يرجف في مكانه من شدة الخوف ، لم أعلم كيف سأتصرف ، دموعي أخذت تشق طريقها على وجنتي ، كطوق لؤلؤ قطع خيطه وأخذ بالتساقط بشكل متتالي ..

تجاوزتهما وأنا أركض بلا هدف ووعي ، شيء واحد فقط يتردد في ذهني ألا وهو كلمة (( أهربي )) ..
فتحت باب المنزل لأركض مبتعدة ، هاربة من الواقع فإذا بي أصطدم بأحدهم ، وكدت أن أسقط على الأرض لولا اليد التي امتدت وأمسكتني ..

حاولت معرفة صاحب هذه اليدين ، وحين رفعت رأسي وجدت السيد كيداي ينظر إلي بإستغراب وقال متسائلاً : مابك يا روز ؟؟

حينها لم أستطع أن أكبت شهقاتي أكثر ، وأجهشت في البكاء والنحيب ، والسيد كيداي يحاول فهم ما بي ..
لا أعلم كم بقيت أبكي وهو يحاول تهدئتي دون جدوى ، ولكن بعد فترة استطعت تمالك نفسي ، وأشرت إلى داخل المنزل بيد مرتعشة ..


قال السيد كيداي وهو لم يفهم اشارتي : روز تحدثي وأخبريني مابك ؟؟ أقامت والدتك بضربك ؟؟ أم أن أخاك أزعجك ؟؟

تمنيت أن يكون هذا ما حصل ، لكن الأمر أكبر من هذا ، هززت رأسي نافية وأنا أقول بصوت بالكاد خرج : أمي وماركو مقتولان ..
قطب السيد كيداي حاجبيه قائلاً بإستنكار : ما الذي تقولينه يا روز ؟؟

قلت وأنا أوشكت على البكاء مجدداً : أقسم يا سيد كيداي ، إنهما جثة الآن ..
قال بجدية : إذاً أريني أين هما ..
هززت رأسي نافية ، لا أريد العودة إلى ذلك المكان المرعب ، لا أجرؤ على رؤيتهما مجدداً مقتولان ..
حينها قال السيد كيداي وهو ينفث الهواء : حسناً أبقي هنا وأنا سأذهب لأتأكد من ما قلته ..

ذهب السيد كيداي ، وأنا أشعر بالرعب الشديد ، ماذا يعني وجود المسدس بجواري ؟؟ وكيف وصل إلى هناك ؟؟ ولماذا لا أتذكر ما حصل لي بالضبط ؟؟
أمسكت رأسي وأنا أضغط عليه متمتمة برعب : ماذا يحصل يا ترى ؟؟

سمعت صوت خطوات السيد كيداي تقترب مني ، ويبدو أنه كان يركض ، وبعدها سمعته يقول بقلق : روز ما الذي حصل بالضبط ؟؟ أقام أحد بإقتحام المنزل ؟؟
قلت وأنا أحتضن جسدي : لا أعلم حقاً ، لا أتذكر شيئاً ، كل ما هنالك أنني حين استيقظت وجدت المسدس بجواري وحين أردت إعادته إلى غرفتي وجدتهما مقتولان ، وحينما قررت الهرب اصطدمت بك ..

نظر إلي السيد كيداي متفاجئاً ، وجلس على الأرض كما أفعل وقال ببطء : أقلت للتو أنك وجدت المسدس بجوارك ؟؟
أخرجت المسدس الذي كنت أخبأه بنبرة مرتعشة : أنا لم أخرج المسدس من غرفتي ، لكن لا أعلم ما الذي أتى به إلى المجلس ..


صار السيد كيداي ينظر إلي بخوف ، حتى أنني ارتعبت من نظرته ، قلت بصراخ : لماذا تحدق فيني هكذا ؟؟

نطق السيد كيداي بغموض وحذر : هل تعلمين كيف قُتلا ؟؟
-
لا لا أعلم فأنا لم إقترب منهما ..
-
لقد قُتلا بطلق ناري أصابهما في مناطق عدة من جسديهما ..

ماذا يعني هذا ؟؟

المسدس كان بجواري وأخي وأمي قُتلا بطلق ناري ، أهذا يعني أنني ....

انتشلني صوت السيد كيداي من أفكاري وهو يقول : روز اروي لي كل ما حصل لك دون أن تهملي إي جزء ..

أخذت أسرد له ماحصل لي منذ عودتي حتى هذه اللحظة ، ولم أهمل أدق التفاصيل ، وحين انتهيت لم ينطق السيد كيداي بكلمة ، ويبدو عليه أنه غارق في أفكاره ..

لكن وبعد صمت قال برزانة : تعالي وأريني ماشربته ..
وقفت معه متوجهين للمطبخ ، وأنا لا أعلم لماذا سألني هذا السؤال ، دخلنا معاً فإذا بي أبحث في سلة المهملات عن علبة المشروب الغازي الذي شربته ، لكنني لم أجدها ، كل ما وجدته هو علبة نبيذ ..

سأل السيد كيداي : روز أين المشروب الذي شربته ؟؟
قلت وأنا أمسك رأسي : لا أعلم حقاً ، أنا متأكدة من أنني أنهيت الشراب وألقيته في القمامة ، لكني لا أجد العلبة ..
قال حينها السيد كيداي : روز ربما لم يكن مشروباً غازياً ، ربما كان نبيذاً ..

إلتفت إليه بصدمة وأنا أقول : نبيذ !! مستحيل أنا لازلت تحت السن القانوني ..

رد علي وهو يقترب مني : ربما اختلط اللأمر عليك ، وشربت الكحول وأصبحت ثملة لا تعي ما تفعلينه ، وبعدها .......
صمت السيد كيداي دون أن يكمل ، لكنني فهمت ماكان يهدف إلى قوله ، فأنا الأخرى أشك في هذا ..

أمسكت رأسي بين ذراعاي وأخذت أتمتم : إذاً أنا التي قتلتهما بيدي ، ماذا سأفعل الآن ؟؟ سأوضع في السجن ..
لم تعد قدماي تقويان على حملي ، لذا انهرت على الأرض بضعف ، ودموعي أخذت بالجريان مجدداً ..

اقترب مني السيد كيداي ووضع يديه على كتفاي قائلاً : اسمعيني يا روز أنا لن ادع الشرطة تقبض عليك سأحاول أن أجد طريقة لتنجي ..
قلت بيأس ودموعي تنهمر بغزارة : وماذا ستفعل ؟؟ ليس هناك حل أبداً ، أنا قتلتهما بلا شك ، والشرطة ستكتشف ذلك ..

قال السيد كيداي بصرامة : روز امسحي دموعك فلا جدوى من البكاء ، يجب أن نفكر في حل لا أن نبكي خوفاً ..
ثم صمت قليلاً وهو يفكر في حل ما ليقول حينها بسرعة : وجدتها ، لتهربي يا روز وتختبئي في مكان لا تصل الشرطة إليه ، هيا تحركي لا تبقي ساكنة في مكانك ..

قلت وشفتاي ترتعشان : أهرب !! هل أنت جاد ؟؟
-
لا حل آخر يا روز ، لا تقلقي فأنا لن أتركك بعد هروبك سأكون معك دائماً ..
قلت بإنفعال : وإلى أين يمكن أن أهرب ؟؟ ليس هناك مكان يمكن أن أختبئ فيه ..
قال السيد كيداي : أليس لديك أصدقاء تختبئين في منازلهم ؟؟

قفز حينها إلى ذهني صورة سوبارو ، لأصيح بسرعة : سوبارو نعم أستطيع الإختباء في منزل سوبارو ..
السيد كيداي : جيد إذاً إذهبي إليه حالاً ، لأُعلم الشرطة بشأن الجثتين ، وسأتظاهر بأني لم أرك إتفقنا ؟؟
-
نعم اتفقنا ..

طلب مني السيد كيداي جمع أغراضي المهمة في حقيبة كبيرة ، فربما لن يمكنني العودة إلى المنزل مجدداً ، أخذت معي بعض الملابس والمستلزمات المهمة ، وطلب مني أخذ المسدس معي بما أن فيها بصمات أصابعي ، وبعدها خرجت من المنزل مسرعة متوجهة إلى منزل سوبارو ..

وصلت إلى منزله وأخذت أطرق الباب بقوة وأنا أتنفس بصعوبة ، فتح سوبارو لي الباب لأدخل بسرعة وأقفل الباب خلفي ..
أخذت ألتقط أنفاسي في حين سمعت سوبارو يقول لي بقلق : روز ما بك ؟؟
لم أرد عليه وأنا لازلت ألهث بتعب ، وقلبي لم يتوقف عن الخفقان بقوة بسبب ما حصل ..

جلست على الأرض بتعب ، في حين أعاد سوبارو سؤاله ، وبعد أن رأى حقيبتي الكبيرة قال بشك : روز هل هربت من منزلك أم ماذا ؟؟ أقام أخوك القزم بفعل شيء لك ؟؟

قلت بصوت مرتعش : لقد قتلت أمي وأخي ..
قال سوبارو بإستغراب : ماذا ؟؟
قلت بإنفعال وقد عدت إلى البكاء وأنا أحرك يدي بعشوائية : أنا في مصيبة كبيرة ، لقد قتلت أمي وأخي ، لا أعلم كيف لكنني من قتلتهما بالمسدس الذي بحوزتي ، سيلقون القبض علي إذا وجدوني ، يجب أن تخبأني يا سوبارو ، حياتي شبابي مستقبلي كل هذا سيضيع إذا وجدوني ، أرجوك لا تدع رجال الشرطة يلقون القبض علي ..

أمسك سوبارو بيدي التي تتحرك في الهواء ، وقال بهدوء : تعالي معي أولاً ..
أخذني إلى الداخل وقدم لي كأس ماء ، وظل صامتاً حتى هدأت ، وتحدث بعدها أخيراً : والآن إحكي لي ما حصل معك ، ولماذا أتيت إلي في هذا الوقت المتأخر ؟؟

أخذت أروي له كل ما حدث وكيف أن السيد كيداي قام بمساعدتي ، وهو من أشار علي بالهرب وحين انتهيت قال سوبارو : قلتي أنك حملت المسدس معك ، أين هو الآن ؟؟
- إنه في حقيبتي ..

أمسك سوبارو بالحقيبة ليبحث فيها ، لكنني سحبت الحقيبة منه وقلت بإحراج : أيها الأحمق لا تفتش حقائب الفتيات ..
حك سوبارو شعره الأشقر وهو يقول : أوه آسف ..

للتو انتبهت إلى أنه لا يرتدي قبعة على رأسه ، ولأول مرة ألاحظ لون شعره، قلت مندهشة : سوبارو إنها المرة الأولى التي أراك فيها بلا قبعة ..
وضع سوبارو يده على رأسه ، ويبدو أنه أدرك هو الآخر أنه لا يرتدي قبعة على رأسه ، قام بسحب قبعة ملقاة على الأرض وارتداها ..

ثم قال وهو يسعل : أحم لازلت أنتظر المسدس يا روز ..
بحثت في حقيبتي وعندما وجدتها أخرجتها له ، وقلت : هذا هو ..
امسك سوبارو المسدس بقطعة قماش ، وأخذ يتأملها ليقول بعد ثواني : إنه حقيقي ..
قلت بغيظ : نعم هو كذلك ، ثم إذا لم يكن حقيقياً ماكنت لأقتل أمي وماركو به ..

حدق سوبارو في وجهي وهو يقول : من أين أتيت به ؟؟
- إنها قصة طويلة ، كنت ذات يوم .......
سردت قصة المسدس كاملاً لكنني لم أُفصح عن سبب بقائي في تلك الزقاقة في وقت متأخر ..

سألني سوبارو : هل أنت واثقة من أن ماشربته كان مشروباً كحولياً ؟؟
قلت بهدوء : في الواقع أنا لا أتذكر أنه كان نبيذاً ، أنا واثقة من أنه كان مشروباً غازياً ، لكن عندما بحثت مع السيد كيداي لم أجد سوى علبة نبيذ ..
-لماذا لا تتذكرين ما حصل لك بعد شربك للمشروب ؟؟
- لا أعلم حقاً ، لكن ربما يكون تفسير السيد كيداي صحيحاً ..
- وبماذا فسر نسيانك ؟؟
ـ لقد قال أن سبب نسياني هو أنني لم أعد بوعيي ، لذا قمت بما قمت به ..

ثم أردفت بإنفعال : أقسم أنني لم أتعمد شرب النبيذ ، ولم تكن لدي نية في قتل أمي وأخي حتى لو كانا سبب تعاستي ، لكنني لم أكن لأقدم على عمل إجرامي كهذا صدقني يا سوبارو ..

قال سوبارو : أنا أصدقك يا روز لذا إهدئي ..
قلت بحزن : أنت صدقتني لأنني صديقتك ، أما الشرطة فلن تصدق ..
- سأعمل جاهداً لإثبات براءتك لكن عليك ألا تفكري بالأمر كثيراً ..
- هذا ماقاله السيد كيداي كذلك ، لكن كيف ستفعلان ذلك ؟؟

أجاب سوبارو : دعي التفكير لي ، أما الآن فأخبريني عن رأيك بالسيد كيداي ؟؟
قلت وأنا أفكر فيه : في البداية لم أشعر بالراحة لوجوده ، ولم يعجبني فكرة زواجه من أمي ، لكن في النهاية اتضح لي أنه شخص طيب جداً ، وهو صديق مقرب لوالدي ، ثم أنه ساعدني كثيراً اليوم ..
- هكذا إذاً ..

لم أفهم لماذا سألني عن السيد كيداي ، و أرغب في سؤاله حقاً، لكنني واثقة من أنه سيتجاهلني ، لذا وحفظاً لكرامتي سأبقى صامتة ..
قال سوبارو : إسمعيني لا يجب أن نبقى هنا فأنا متأكد من أن الشرطة ستبحث عنك إذا ما علموا بموت عائلتك ، وربما سيبحثون عنك في منزلي بما أن الجميع يعلم أننا صديقين..

قلت وقد تسلل الخوف إلى قلبي من جديد : وماذا أفعل الآن ؟؟ إلى أين أذهب ؟؟
وقف سوبارو وقال : احملي أغراضك سنغادر الآن ، فالشرطة لن ينتظروا بزوغ الفجر للبحث عنك ، ربما سيبدؤون البحث مباشرة بعد اكتشاف الجثتين ..
- وماذا تقترح علي عمله ؟؟
وقف من مكانه قائلاً : تعالي معي سأصطحبك إلى مكان آمن ..

وقفت من مكاني وأنا أحمل حقيبتي الثقيلة ، وخرجنا من المنزل بعد أن ارتدى سوبارو معطفه الطويل ، أخذنا نسير في الشوارع المظلمة ، ويبدو أن سوبارو يتعمد السير في الزقاقات والأماكن التي يندر فيها وجود الناس ..


نظرت إلى الساعة الملتفة حول معصمي ، إنها تشير إلى العاشرة والنصف ، يا إلهي لقد تعبت كثيراً على الرغم من أنني لم أسر سوى ربع ساعة ..
قلت وأنا أتوقف في مكاني : سوبارو لنسترح قليلاً أرجوك ، لقد تعبت ..
قال سوبارو وهو يعود أدراجه بإتجاهي : بقي القليل فقط وسنستقل بعدها سيارة ، تحملي قليلاً ..

قلت بغيظ : أنت لا تشعر بما أشعر به لذا تطلب مني هذا ، لا تنسى أنني أتيت إلى منزلك ركضاً ، وها أنا الآن أعاود السير لقد تعبت حقاً ..

رد سوبارو ساخراً : أنت لا تمتلكين لياقة بدنية أبداً ..
قلت وأنا أمد الحقيبة إليه : بدلاً من السخرية احمل هذه الحقيبة عني يا عديم النفع ..


أمسك بالحقيبة وقال : سأحمله عنك لكن يجب أن نتابع يا روز ..
تأففت بضيق قائلة : حسناً حسناً ..

***

~ آلبرت ~

هاقد عاود المزعج بالقدوم ، ما الذي أتى به ثانية ؟؟ ألا يفهم أنني لا أريد رؤيته أمامي ؟؟ ومهما حاول أو فعل فأنا لن أسامحه مطلقاً ؟؟

قال ياماتو الجالس في الكرسي المجاور لي : هيا يا آلبرت قل شيئاً ، لا تبقى صامتاً وأخبرني عن رأيك في مرافقتي لك لرحلة العلاج ..

صوته بدأ يصيبني بالصداع ، لم يتوقف عن الثرثرة مذ أن أتى إلى هنا ، أيظن أنني سأسامحه بمجرد أن يتكفل والده بتكاليف العلاج ؟؟ أيمزح معي أم ماذا ؟؟

نطقت أخيراً بعد صمت طويل : أنا لن أغادر اليابان أبداً ..
قطب حاجبيه بإستغراب قائلاً : ماذا تعني ؟؟
- أعني أنني لن أسافر لرحلة العلاج تلك ..

نظر إلي ياماتو متفاجئاً ، وردة فعله كانت متوقعة جداً ، في النهاية ياماتو كتاب مفتوح ، تستطيع فهمه من دون أن يتفوه بكلمة ..

قاطعنا صوت تلك الفتاة المزعجة شريكتي في الغرفة : أأنت أحمق أم ماذا أيها الشاب ؟؟ ألست غاضباً من سيدك لأنه تسبب في شللك ؟؟ والآن والده يرتب لسفرك إلى أمريكا لتتلقى العلاج وأنت ترفض ذلك بكل بساطة ؟؟

إلتفت إليها وأنا إنظر إليها بإستحقار ، بينما أردفت مخاطبة ياماتو : أنت هناك ما اسمك ؟؟

قال ياماتو بإرتباك : ياماتو ..
قالت وهي تشير إليه : ياماتو عليك أن تتجاهل هذا الأحمق ، فأمثاله لا يجدي معهم إلا هذا الأسلوب ..

قلت ياماتو وهو يحك رأسه بحيرة : حسناً لكن من أنت ؟؟
قالت وهي تعدل من وضعية جلوسها : آسفة نسيت أن أعرفك بنفسي ، أنا شينا يوشي ، أبلغ من العمر 22 سنة ، عزباء ولست مرتبطة ..

قلت ساخراً : لا نريد سماع تفاصيل مملة عنك ، إلتزمي الصمت وابقي نائمة على سريرك ..
ردت وهي تمد طرف لسانها إلى الخارج : لم أتحدث معك يا صاحب القلب الجليدي ، أنا أتحدث مع سيدك ..

قال ياماتو بتواضع مستفز : أنا لست سيده ، أنا وهو صديقان ..
قالت بلا مبالاة : لا يهم إن كانت العلاقة بينهكما علاقة سيد وخادم ، أو صداقة المهم هو أنك يا ياماتو يجب ألا تبالغ في الأمر ، ولا تُحمل نفسك ذنب إصابته ، في النهاية هو يستحق ما حصل له ..
قلت وأنا أرفع حاجبي بإستغراب : وعلى أي أساس حكمتي علي بإستحقاق الشلل ؟؟ من يراك يظن أنك تعرفينني ..


قالت وهي تضم ساعديها إلى صدرها قائلة : صحيح أننا لم نتقابل إلا قريبا ، لكن رؤية ياماتو يعتذر منك وينحني لطلب العفو يدل على نبالة أخلاقه ، ورفضك مسامحته يدل على مدى سواد قلبك ..

تدخل ياماتو قائلاً باندفاع : آلبرت ليس كما تقولين يا آنسة ، هو لطيف وطيب القلب حتى لو أظهر عكس ذلك ، لذا لا تحكمي عليه ظلماً ..

ضحكت الفتاة ضحكة قصيرة ساخرة وقالت : أنت هو اللطيف هنا لا هو ، ولذا تراه بهذه الصفات الحسنة ، لكن الواقع شيء آخر تماماً ..
قلت ببرود : ألا تظنين أنك تثرثرين كثيراً مقارنة بفتاة مريضة ؟؟

قالت بسخط : وما شأنك أنت ؟؟ أأنت من سيتعب من كثرة الثرثرة أم ماذا ؟؟
-لست أنا من سيتعب لكن أذناي سترهقان من سماع صوتك الحاد ، يبدو أنني سأطلب من الممرضة أن تغير غرفتي ..
-أنت بهذا ستكون قد أسديت لي خدمة ، فرؤية وجهك تصيبني بالغثيان ..

سمعت صوت ضحكة مكتومة صدرت من ياماتو ، إلتفت إليه قائلاً بحدة : لماذا تضحك ؟؟
قال وهو يضحك بخفة : يبدو أنك انسجمت مع هذه الآنسة يا آلبرت ، فقد بدأت بالأخذ والعطاء معها بسهولة ..

رمقته بنظرة غاضبة وقلت محاولاً السيطرة على نبرتي الهادئة : ألا زلت تستطيع الضحك بعد كل ما فعلته بي ؟؟ يبدو أن ندمك وأسفك لم يكن سوى كذبة ..
مُحيت تلك الإبتسامة عن شفتيه ، وقال وقد انقلب وجهه : ليس الأمر وكأنني نسيت أنا .......

رفعت يدي إلى وجهه قائلاً : كفى أعذاراً واهية ، غادر المكان لو سمحت ..
اقترب مني ياماتو وأمسك بيدي الموضوعة أمامه ، وقبل أن يتفوه بكلمة جذبت يدي بعيدا وقلت بنبرة عالية : قلت كُفّ عن الإعتذار وغادر حالاً ، لا أطيق سماع صوتك يا ياماتو ..

ظهرت على ملامحه الوسيمة علامات الضيق والشحوب ، وأخذ ينظر إلي بإنكسار في حين أنني أبادله النظرات الحارقة ..

بقينا نتبادل هذه النظرات لفترة ، وقلبي لم يعطف عليه ولو قليلاً ، ما فعله بي ليس بالأمر القليل ، ونظراته المنكسرة لن تكون سبباً في عفوي له ..

أشاح هو بنظره بعد أن وصلته رسالتي ، وقال بإبتسامة صفراء : سأغادر الآن يا آلبرت لكنني سأعود في وقت لاحق ، إلى اللقاء ..

غادر ياماتو الغرفة يجر وراءه أذيال الخيبة والحزن ، بينما أرحت أنا رأسي على الوسادة ، وأغمضت جفوني لإراحة عيني، لكن صوت حاد اخترق أذني عن قرب : أنت شخص قاسي حقاً ، كيف تركته يذهب وهو حزين هكذا ، ياماتو المسكين لا يستحق حقاً ما فعلته به ..

فتحت عيني الأيمن بينما الأخرى مغلقة ، وكما ظننت كانت شينا المزعجة واقفة بجوار سريري ووجهها مقابل لوجهي ، لذا كان صوتها قريب مني جداً ..
قلت بملل : أبعدي وجهك القبيح عني أرجوك ، رائحة أنفاسك كريهة جداً ..

صدقت شينا ما قلته ، وتراجعت إلى الوراء بسرعة واضعة يدها على فمها بإحراج ، لم أستطع منع نفسي من الإبتسامة على عفويتها..

نظرت إلي بحنق حين أدركت أني كنت أتلاعب بها ، بعدها رفعت قبضتها عالياً لتوجه لي لكمة ، لكنني استطعت الإمساك بقبضتها قبل أن تصلني وقلت بإبتسامة مستفزة : هذه الأيادي الهزيلة مهمتها الترتيب والتنظيف ، وليس لتوجيه لكمة للرجال ..


حاولت الإفلات مني لكني بقيت أمسك بها بقوة ، وهي تسعى جاهدة للتحرر مني لكن دون جدوى ، وحين شعرت أن محاولاتها تبوء بالفشل اتخذت طريقة أخرى للإفلات مني ، وبدأت تقوم بخمش يدي بتلك اليد الحرة ..
نظرت إليها وقلت ضاحكاً : أأنت قطة أم ماذا ؟؟
قالت بتجهم : دعني أيها الغبي ، أترك يدي أنت تؤلمني ..
-أنت من أتيتِ إلي بقدميك وحاولت مد يدك الهزيل هذا علي ، لذا يجب أن تتحلمي غبائك ..

رمقتني بنظرة ثاقبة وبعدها انحنت قليلاً لأشعر بلحمي يكاد أن ينتزع من مكانه ، ضربت رأسها بقوة لتبتعد عني وهي تبتسم بإنتصار ..

مسحت فمها بذراعها قائلة بإبتسامة ماكرة : تستحق ذلك ، أنت من جلبت هذا لنفسك ..
نظرت إلى يدي التي طُبعت فيه آثر أسنانها وازرق لونه لأنطق بغيظ : أيته المتوحشة انظري ماذا فعلتي بيدي ، لن يزول آثاره بسهولة ..

قالت وهي تخطو نحو سريرها : هذا لتعلم أنني لست بعادية ، ولا تجرؤ على مواجهتي ثانيةً ..

كلما قلت لها كلمة ردت علي بعشرة ، فعلاً كم هي نزقة ومزعجة ، لابد من أن أتجاهلها ..
هذا ما أخذت أردده في نفسي ، ومهما وصل بي الغضب لابد من أن أظل هادئاً ..


لكن المزعجة لم تدعني وشأني وظلت تحاول إستفزازي ، وبقيت تسخر مني دون توقف ، تصرفاتها كالأطفال تماماً ، ولا يبدو كتصرفات البالغين أبداً ، لابد أن هناك خللاً في دماغها ..
وبما أنني العاقل هنا لن أبالي بما تقوله ، وسأعتبرها مجرد مريضة نفسية ، وهذه هي الطريقة المُثلى للتعامل معها ..

الشيء الذي يرهق تفكيري ليست قدمي المشلولة ، ولكن أمي المسكينة وفيفي الصغيرة ، هما أكثر من أحمل همهما ..
حتى الآن أمي لا تعلم بما حصل لي ، فأنا لا أذهب إليها إلا في يوم الأحد والذي هو يوم عطلتي ، ولا أعلم حقاً كيف سيكون ردة فعلها حين تراني هكذا ..
شللي سيؤثر على عملي ،ولا أظن أن السيد كودو سيسمح لي بالعمل وأنا بهذه الحالة المزرية ، إذاً لابد وأنه سيطردني ..
وليس من السهل العثور على عمل يُسهل التعامل معها بهذين القدمين العاجزتين ..


تذكرت الحوار الذي دار بيني وبين والد ياماتو عصر هذا اليوم ..

(( أنهيت التحاليل وأعادني الطبيب إلى السرير ، وبينما كنت مستلقياً في مكاني سمعت صوت طرقات باب الغرفة قليلاً ، ومن ثم فُتح الباب ليظهر من ورائها والد ياماتو ..

لأكون صريحاً لقد تفاجأت من وجوده جداً ، فأنا لم أظنه سيأتي لزيارتي في المشفى ..
لم يكن بإمكاني الوقوف إحتراماً له ، كل ما استطعت قيامه هو الإعتدال في جلوسي ..

قلت بهدوء : أعذرني يا سيدي فأنا لا يمكنني الوقوف على قدماي لأرحب بك كما تعلم ..
جلس السيد كودو على الكرسي المجاور لسريري وقال : لا بأس يا آلبرت ، أتيت فقط للإطمئنان عليك لا غير ..
قلت ببرود : إنه للطف منك يا سيدي زيارتي ..

شبك السيد كودو أصابعه ببعضها ، ووضع ذقنه عليها وقال وهو يرمقني بنظرة ثاقبة : هناك خادمة شهدت على كل ما دار بينكما ، وأطلعتني على أدق التفاصيل ، وأخبرتني أن إبني ياماتو هو من دفعك لتسقط أرضاً ، هل هذا صحيح ؟؟
اكتفيت بأن أومئ برأسي بإيجابية ليكمل السيد كودو : لكن وقبل أن يدفعك دار بينكما جدال بسيط فهو يريد منك أن تدعه وشأنه ليغادر المنزل ، لكنك رفضت ذلك لأنني أمرتك بمراقبة ياماتو وملازمته ، لكنك قلت له بعض الكلمات التي استفزته والتي كانت السبب الرئيسي لما أنت عليه الآن ، ما رأيك ؟؟

قلت بإحترام مرغماً : لن أنكر حرفاً مما قلته ، وأنا أقر بخطإي أمامك ، لذا أرجو المعذرة ..

- أنا لم آتي إلى هنا لمحاسبتك فحسب ، وبما أن إبني السبب فيما أنت فيه الآن فأنا سأتكفل بعلاجك ..
قلت بإستغراب : وهل هناك علاج لحالتي ؟؟
رد السيد كودو : سأكون صريحاً معك ، لقد تحدثت مع الطبيب حول إمكانية علاجك ، وأخبرني أن هناك أمل في أن تعود إلى ما كنت عليه سابقاً ، وأن هناك طبيب بارع في الجراحة يستطيع الإشراف على عمليتك ..
-وأين ستكون العملية ؟؟
-لن يكون العلاج هنا في اليابان وإنما في أمريكا ..

صمت أفكر في الموضوع قليلاً ، لأسمعه يكمل بنبرة غريبة : لكن يا آلبرت لن أخفي عليك شيئاً فهناك شيء مهم يجب أن تعلمه ..
تسلل الخوف إلى قلبي ، وانكمش وجهي ليقول السيد كودو بحذر وبطئ وهو يراقب تعاليم وجهي : نسبة نجاح العملية لا تتعدى الأربعين بالمائة ..


٤٠٪ !!!
هذا جنون حقاً ، كلامه هذا يعني أنه لا أمل لي بالسير ثانيةً ، شددت على غطاء السرير وأنا أتمتم بهدوء مصطنع محاولاً إخفاء البراكين التي في داخلي: ألم تقل أن من سيجري لي العملية جراح ماهر ؟؟ كيف تكون هذه النسبة الضئيلة هي نسبة نجاح العملية ؟؟


نطق السيد كازوما : لو أجرى لك جراح آخر العملية لكانت نسبة النجاح لا تتعدى الواحد بالمئة ، لذا كن متفائلاً قليلاً ..
أملت زاوية فمي قليلاً ، النسبة لم تصل إلى النصف بعد ، من الغباء أن أكون متفائلاً وهذه نسبة ضئيلة جداً .. ))

الشيء المغضب أكثر أن ياماتو المغفل يبدو متحمساً جداً لرحلة العلاج هذه ، وأنا واثق أنه لم يعلم أن نسبة نجاح العملية منخفضة كثيراً ، لو كان يعلم لم يكن بهذا الحماس ..

***

~ راي ~

صخرة عملاقة وقعت على رأسي هذا ما أشعر به الآن ، لم يستطع قدماي التحمل أكثر لذا هويت على الأرض ليلتقطني يد الطبيب الذي قال بقلق : يا آنسة هل أنت بخير ؟؟

ماهذا السؤال الغبي ؟؟ كيف أكون بخير وأخي في غيبوبة لا أحد يعلم متى سيفيق منها ، والأدهى من ذلك أنه ترك أمر الرهينتين بين يدي ، وألقى بالإنتقام على كاهلي ..


أنا لست بارعة في التخطيط والقيادة ولا حتى التصرف وقت الأزمات ، فماذا يمكنني أن أفعل بعد ساي ؟؟
أي مصيبة هذه ؟؟ أي كارثة أمر بها الآن ؟؟ أأُكمل الطريق الذي سار عليه ساي وأستمر في رحلة الإنتقام هذه ؟؟ أم أكتفي بقتل الرهينتين فقط ؟؟


- سيدتي.. أسف على ما حصل مع السيد ساي ..
هذا الصوت ذو النبرة المترددة انتشلني من دوامة الحيرة ، وحين وقع بصري على المتحدث لم أستطع تمالك نفسي ..

صرخت في وجهه المغطى بالجروح والكدمات : يا عديم النفع لماذا لم تصب بأذىً بالغ بينما أخي في غرفة العناية المركزة بين الحياة والموت ؟؟ أنا متأكدة من أنك تسببت في الحادث متعمداً ..

قال السائق البالغ من العمر الخمسين ، وهو يتراجع إلى الوراء بخوف : لا يا سيدتي أنا لم أتعمد فعلها صدقيني ..


لم أكن لأصدق ما يقوله ، لذا اقتربت منه والغضب قد أعماني ، بسببه أنا في ورطة كبيرة ، ففقدان ساي العقل المدبر يعني هلاكي ..
قلت وأنا لازلت أخطو بخطواتي الطويلة نحوه : أنت كاذب ، لن أدعك حياً ، سأحجز لك سريراً بجوار أخي أيها الخائن ..

أوقفتني يدين ضخمتين وأتبعه صوت غليظ يقول : ما قاله السائق صحيح ، فالحادثة ليست متعمدة ، والخطأ لم يكن منه ، بل من سائق الشاحنة الأخرى ..
إلتفت إلى الرجل الذي يرتدي بدلة عسكرية وقلت بغضب : وأين هو الآن ؟؟ لن أسامحه على ما فعله بأخي أبداً ، كيف يقود بتهور هكذا دون الحفاظ على أرواح الآخرين ؟؟ حياة الإنسان مهمة ، وهو كاد أن يزهق روح أخي بسبب إهماله ..


قال الشرطي محاولاً تهدئتي : أيتها الآنسة سائق الشاحنة لم يكن متعمداً ولا مهملاً ، كل ما هنالك أنه قد أُصيب بالألم في رأسه فجأة وفقد السيطرة على الشاحنة وحصل بعدها ما حصل ، وبعد التحاليل اكتشفنا أن السائق مصاب بورم في رأسه وهذا ما سبب الألم ..

قلت وأنا أدفع يده الممسكة بي : هذا ليس عذراً أبداً ، لماذا ساي الوحيد الذي أصيب إصابة بالغة بينما سائقنا وسائق الشاحنة قد خرجا من الحادث بإصابات طفيفة ؟؟ لا بد أنهما متآمران عليه ..


اقترب السائق مني قائلاً : الأمر ليس كذلك يا سيدتي ، لا تشكي فيّ أرجوك أنا عملت لديكم عدة سنوات ولم أفكر يوماً في التآمر عليكما ..
قلت بحدة : ولماذا لم تصب بأذى ؟؟
-الشاحنة قد اصطدمت بنا في الجهة التي كان السيد ساي جالساً فيها ..


قلت بسخرية مريرة : إذاً أنت تلقي باللوم على الحظ السيء ؟؟ أنت تحاول أن تنجو بنفسك أنا واثقة من هذا ..
أفزعني صوت الشرطي الذي قال بنبرة صارمة : كفي عن توجيه الإتهامات الباطلة إلى رجل بريء ، أقدر أنك حزينة على أخاك ، لكن إلقاء اللوم على الآخرين أمر سيء يا آنسة راي ..

في هذه اللحظة أتاني صوت كودو الذي أتى لتوه وقال : هل أنت بخير يا راي ؟؟
نظرت إليه بحزن قائلة : أخي في غيبوبة ولا أعلم متى يستفيق كيف تريدني أن أكون بخير ؟؟
قال كودو وهو يوجه خطابه للطبيب : أليس هناك أي طريقة لعلاجه ؟؟
قال الطبيب بإحترام : لا يا سيد كودو ، لقد بذلنا جهدنا لمساعدة المريض وهذا آخر ما يمكننا فعله ..

طأطأت رأسي بحيرة ، ماذا أفعل الآن ؟؟ يجب أن أحل مكان أخي وأمسك بزمام الأمور و أرى ما إذا سارت الخطة التي رسمناها قد سارت جيداً ، وسأبدأ بجمع الأعضاء حالاً وبسرعة ..

نظرت إلى كودو وقلت : عزيزي أنا مغادرة الآن إلى منزل أخي ، لدي شيء مهم يجب أن أقوم به ، ربما سأتأخر في العودة لا تنتظرني ..
-أأرافقك يا راي ؟؟
أجبت بسرعة : لا لاأريدك أن ترافقني ..
وحين أحسست أنني كنت فظة قليلاً ، تداركت الأمر قائلة بنبرة تصنعت الحزن فيها : أحتاج أن أكون لوحدي لفترة ..
أومأ كودو رأسه بتفهم قائلاً : حسناً كما تريدين ، انتبهي إلى نفسك يا راي ..


استدرت مغادرة المشفى ، وأخذت أمشي في ممرات المشفى للوصول إلى المخرج ، لكنني لاحظت أن السائق يلاحقني ، إلتفت إليه متسائلة : ماذا تريد مني لتلاحقني ؟؟
أخذ ينظر يميناً وشمالاً بتوتر ، وبعد أن تأكد من أن لا أحد حولنا قال هامساً : هناك شيء مهم أخبركِ به يا سيدة راي ..
-وما هو ؟؟
-لقد كان السيد ساي غاضب جداً وهو لم يكف عن التفوه بكلمة خائن طوال الوقت ..

قطبت حاجباي بإنزعاج قائلة : ومن كان يقصد بالخائن ؟؟
أجاب السائق : لا أعلم حقاً من يقصد بكلامه ، لكنه كان يقول بأن الخائن قد يتسبب في إلقاء القبض عليه ، وأنه يعلم بجرائمه كلها وشيء من هذا القبيل ، لكنه لم يتفوه بإسمه بشكل صريح ..


ها هو ذا مصيبة أخرى تثقل كاهلي ، أمن المعقول أن شخصاً من الذين يعملون مع ساي يخطط لخيانتنا ؟؟ ماذا سأفعل الآن ؟؟ أنا واثقة من أن الخائن سيستغل غياب أخي ويلقي القبض علينا ، لابد أن أتصرف بسرعة ..

خرجت من المشفى وتوجهت نحو سيارتي الحمراء ، وأرسلت إلى أتباع أخي رسالة جماعية طلبت فيها منهم القدوم إلى منزل ساي لنقاش أمر هام ، والغائب سيُعامل معاملة الخائن ..


***


~ كازوما ~

بينما أقوم بمراجعة الأسئلة على حاسوبي المحمول ، لتكون غداً جاهزة ومكتملة ، لمحت هاتفي الموضوع على المنضدة يهتز معلناً عن وصول رسالة إلى الهاتف ..

أمسكت بالهاتف لينتابني شعور بالدهشة والإستغراب ، فقد كانت راي هي المرسلة ، إنها المرة الأولى التي ترسل فيها رسالة إلي ..
فتحت الرسالة وعيوني تلتهم أحرفها بفضول ، وعند انتهائي وقفت بسرعة تاركا كل شيء ورائي وغادرت المنزل بسرعة ، متوجهاً نحو منزل ساي ..


كنت أقود السيارة بسرعة جنونية ، ربما سيتسنى لي رؤيتهما ، فقد اشتقت إليهما كثيراً ، ولو كان هناك تعبير أقوى من الإشتياق لكان هذا هو التعبير الأصح لما أشعر به الآن ..

وصلت إلى المنزل لأجد عدة سيارات أخرى مرصوصة في المواقف ، غادرت السيارة متوجهاً نحو فيلا ساي ، وحين فتحت الباب وجدت الجميع واقفين بملل في الصالة الرئيسية الكبيرة ..


لم أبالي بأحد وعيوني تبحث عن شخص ما ، الشخص الذي يجب أن يكون هو من يرافق أبنائي ، وحين وقع عيني على الرجل ذو الشعر البني رحت إليه مسرعاً ، وأنا أقول بلهفة واضحة : أين هما الآن يا يوما ؟؟
قال بإستغراب : أتقصد ساي وراي ؟؟ لا أعلم حقاً ..

قلت بغضب : لا أيها الأحمق أعني كيم وكين ..
تكلم بملل : إنهما في المنزل الآن يغطان في نوم عميق ، لا تنسى أن موعد نومهما كان قبل ثلاث ساعات ..

رفعت معصمي لأرى الساعة السوداء التي أرتديها قد أشارت عقاربها نحو الساعة الثانية عشرة تماماً ، شعرت بالإحباط كثيراً لهذا ، ماكان يجب أن أشعر بالحماسة هكذا أبداً ..

أخذت عيناي تجوبان أرجاء المنزل بملل ، إنه منزل كبير حقاً ، والقطع الفاخرة واللوحات الثمينة تزين المكان كله بطريقة راقية ، والثريا الضخمة التي أعلانا وبأضوائها الخافتة تزيد من جمال المكان ..

ساي اللعين ماكان ليصل إلى مثل هذا الثراء الفاحش إلا بعد أن بدأ سلسلته الإجرامية التي يسميها عدالة ..
لم أعد إطيق البقاء مع ساي ولا أخته المزعجة بعد الآن ، أريد أن أتخلص منهما تماماً ، وأعيش بسلام كما كنت في السابق ..

قلبي يتقطع على جوليا بعدد شعرات رأسي ، لكن ليس بيدي أي حيلة ..
فُتح الباب الرئيسي ليدير الجميع رؤوسهم نحوه ينظرون إلى راي التي دخلت المنزل للتو ، وملامح وجهها لا يبدو كما العادة ..

تقدمت نحونا وهي تقول : قد تتسائلون عن سبب تجميعي لكم في هذا الوقت المتأخر صحيح ؟؟
أومأ الجميع برؤوسهم لتقول هي : لنذهب أولاً إلى غرفة الإجتماع ..


سرنا جميعاً نحو الغرفة الموجودة في الطابق الأول ، والتي كانت خاوية تماماً إلا من طاولة طويلة وكراسي موزعة على طرفيها ..


اختار كل منا مكانه وجلس عليها ، في حين وقفت راي تترأس الطاولة وهي تقول : أولاً أريدكم أن تكتبوا اسم أذكى شخص هنا شرط أن لا تصوتوا لأنفسكم..

قال أحدهم بطريقة مستفزة : وماذا إذا كنت أظن أنني الأذكى هنا ، أأنا مجبر على كتابة اسم آخر ؟؟
أجابت راي بحدة : كفاك تحامقاً وقم بالتصويت الآن ..


ألقيت نظرة خاطفة إلى الجميع ، لم أتعرف عليهم جيداً بعد ، لذا لن أستطيع الحكم على نسبة ذكائهم ..
لكن من خلال إحتكاكي السطحي بهم أدركت من هو الأقل دهاءً ولم أتردد ثانية في كتابة اسمه ..
لا أعلم في ماذا تفكر به راي ، وما مقصدها من هذا كله ؟؟ ولماذا لم يظهر أخوها ساي بعد ، هناك شيء مريب يحصل !!


انتهينا جميعاً ومررنا الاوراق لتصل إليها وتنظر إلى كل ورقة وما كُتب فيها ، وبعد دقائق نطقت : سيد يوما قف أرجوك ..
وقف يوما لتكمل راي : تم ترشيحك كبديل لساي ، وستكون أنت المسؤول عن كل ما يحصل من الآن فصاعداً ..

علت الدهشة معالم الجميع ، فلماذا يتم تنصيب بديل لساي ؟؟ أمن المعقول أن هناك شيء حصل له ؟؟
تحدثت راي بعد أن لاحظت على وجوهنا الإستغراب : قد تتسائلون أين ساي ، وأنا لن أكذب عليكم فأنتم ستعلمون ما حل به عاجلاً أو آجلاً ، هو الآن في غرفة العناية المركزة ولا نعلم حتى الآن متى سيفيق منها ..

ما تفوهت به للتو لم يبعد عنا الدهشة ، وإنما زادتنا حيرة على حيرتنا ، وأخذنا نمطرها بأسئلة متنوعة ..


ضربت بقبضتها الناعمتين الطاولة ليعم السكوت لثواني وما لبث أن انكسر حين هتفت راي بحدة : لا شأن لكم بالتفاصيل الغير ضرورية ، وإن كنتم فضوليين جداً ، فانتظروا حتى الغد فما حصل لأخي سينشر في الجرائد حتماً بلا شك ..

كانت محقة فيما قالته وهذا ما أسكت الجميع ، كان قلبي يرفرف سعادة عند سماعي لهذا الخبر ..
ساي في غرفة العناية المركزة !! هذا أروع خبر يمكن أن أسمعه ، سيخف الضغط علي قليلاً ، وأستطيع التخطيط دون قلق من أن يكتشف ساي شيئاً ، كم هذا مريح فعلاً ..

قالت راي : قبل أن تنصرفوا أخبروني هل نجحت الخطة التي رسمها أخي ؟؟
ابتسم أحدهم بمكر وهو يقول : نعم ، لقد تم تنفيذ الخطة بحذافيرها ، والأمور تسير كما خططنا له ..


قطبت حاجباي متسائلاً : عن أي خطة تتحدثون عنها ؟؟
إلتفت إلي الرجل وقال بإستغراب : ألم تعلم بما حصل هذا اليوم ؟؟
تحدث يوما : ساي لم يُرد لكازوما أن يعلم بالخطة إلا بعد أن يتم تنفيذها ، ولهذا هو لا يعلم شيئاً عن الأمر ..

شددت على قبضتي بتوتر ، أي مصيبة جديدة قام بها هؤلاء المجرمين ؟ ولماذا لم يطلعوني على تفاصيلها ؟؟
قلت بتجهم : الأمر لا يعجبني البتة ، لماذا أنا الوحيد الذي لا يعلم شيئاً ؟؟ ألا زالتم تشكون في إخلاصي ؟؟ سئمت من طريقة معاملتكم لي ككلب في المجموعة ..
وضع الرجل القابع بجواري يده على كتفي وقال مواسياً لي : لا تبتئس فهكذا يُعامل الجدد دائماً ، وكلنا مررنا بتجربتك ذاتها ، لكن مع مرور الوقت ستزداد ثقتنا بك إذا قمت بإنجاز عظيم ..

إلتفت إليه لأرى وجهه فإذا بي أراه ملفوفاً بالضمادات ، وأدركت أنه هو ذاته الذي حُرق وجهه بالزيت الحار ..
أبعدت يده عن كتفي وقلت وأنا أشير بيدي بإشمئزاز : أبتعد عني لا أريد شخصاً مثلك أن يشفق علي ..

احتدت نظراته كثيراً ، ويبدو أن حركتي تلك جعلت الدماء تغلي في عروقه ، وصدق حدسي حين وقف رافعاً بقبضته في الهواء في حين أنه يصرخ بحنق : أنت تريد مني أن أقتلك أليس كذلك ؟؟

لم أرتعب من نظراته إطلاقاً ، ولم ألقي بالاً لنبرته العالية ، حتى أن حركته لم تحرك فيني شعرة واحدة ..
هذا كله كذب !!!

أشعر أن قدماي لا تقويان على حملي ، ولو كنت واقفاً لسقطت على الأرض كورقة شجر جافة من على الشجرة في فصل الخريف ، وقبضته التي في الهواء جعلت كل شعرة من جسدي تقف ..


أسعفني صوت يوما الذي قال بصرامة : أنزل قبضتك ، هذا ليس وقتاً للشجار ..
شعرت بأريحية حين عاود الأصلع الجلوس في مكانه وهو يتأفف عالياً ..
انتهى الإجتماع الممل وانصرفنا جميعاً ، وكل منا عاد إلى منزله ، فتحت باب المنزل بالمفتاح وحين دخلت ألقيت نظرة في المكان ، لقد أصبح المنزل خاوياً تماماً في الآونة الأخيرة ، أصوات ضحكاتهم وبكائهم وهمساتهم وكلماتهم كلها افتقدتها ..
الوحدة التي أشعر به الآن أشد من الوحدة التي شعرت بها يوم وفاة زوجتي ، إنهرت على الأرض بضعف من ذكرى زوجتي ..


لقد وقعت في مصيبة كبيرة ، وتورطت مع مجموعة من الأشرار والمجرمين الذين تجردوا من معاني الإنسانية والرحمة ، وكان على طفلي دفع الثمن ..

على الرغم من أنني وعدت زوجتي بحماية أبنائي والإهتمام بهما إلا أنني خنت هذا الوعد ، فها أنا الآن لا أعلم عنهما شيئاً ، ولا عن مكانهما أبداً ، ما يثبت لي أنهما أحياء حتى الآن هو وعود ساي التي لا أعلم ما إذا كانت صادقة أو لا ..
ما هذه الحياة البئيسة التي أعيشها الآن ؟؟

***

في صباح اليوم التالي

~ ياماتو ~

على مائدة الفطور ، كنت أتناول طعامي وكل ثانية تتوجه أنظاري نحو راي لا شعورياً ، وعدت أنظر لطبقي مجدداً ..
يا إلهي أشعر بتوتر شديد ، ما يغضبني أنها هادئة تماماً كما لو أنها لم تفعل شيئاً ..

أنا قلق من أن يعرف أبي بما حصل ، وحينها لا أظن أنه سيتركني حياً ، والأمر الآخر هو أنني أخشى أن تكرر فعلتها مجدداً ، حينها لا أعلم ماذا قد أفعل بها ..

انتهينا جميعاً من تناول الطعام ، وحين نهضت تحدث أبي : قبل أن تذهب إلى مدرستك تعال إلى مكتبي فهناك ما أريد أن أريه إياك ..

نظرت إلى راي مباشرةً ، لتبتسم لي بغموض ، أومأت برأسي ولحقته إلى مكتبه وأنا أتصبب عرقاً ، أتراه قد علم بما فعلته تلك اللعينة راي ؟؟ وإن كان الأمر كذلك لماذا يستدعيني أنا فقط ؟؟
أو ربما تكون راي قد غيرت الأحداث حيث تظهر في الحكاية كالمظلومة ، وأنا الظالم والمعتدي ، نعم هذا هو ما حصل بالتأكيد ، وإبتسامتها هو الدليل على هذا ..


دخلت المكتب بعد أبي وقلبي لم يكف عن الخفقان بخوف ، وحين وصل إلى مكتبه والتفت إلي شعرت بأن قلبي يكاد أن يخرج من مكانه ..
فتحت فمي لأتحدث لكن أبي كان الأسبق : انظر إلى هذا يا ياماتو ..
نظرت إلى يده المدودة نحوي وفيها جريدة هذا اليوم ، أمسكت بالجريدة وقلت : وماذا تريدني أن أفعل بها ؟؟
- ألقي نظرة عليها ..

لا أعلم ما يجول في خاطر أبي ، لكنني نفذت ما أمر به ، وأخذت عيناي تجولان على مواضيع هذه الصفحة ، ليلفت نظري صورة لفتاة أعرفها موضوعة بجوار خبر كان عنوانه { فتاة تقتل والدتها وأخوها وتلوذ بالفرار }
لم أصدق عيناي أبداً ، لابد أنها ليست هي وإنما شبيهتها فقط ، بدأت بقراءة المقال بسرعة وحين وقع عيني على الإسم تأكدت شكوكي ، وظهرت الدهشة على ملامحي ..

أتاني صوت أبي الذي قال : يبدو أنك قد وصلت إلى ما أريد قوله ..
رفعت رأسي إليه وأنا أقول بنبرة مرتعشة : هذا كذب ، روز لا يمكن أن تكون قد فعلتها ..
- الأخبار لا تكذب ، والدليل بين يديك ، وإن أردت التأكد أكثر فاذهب إلى منزلها لتجد الشرطة تحقق في قضية الجثتين ..
ثم أردف بسخرية : أنظر إلى الفتاة التي كنت تصاحبها أيها الأحمق ماذا فعلت ..
تمتمت مكذباً : لابد أن هناك لبساً في القضية ، روز لا يمكن أن تقتل أحداً ،كما أنه ليس هناك دافع لتقتلهما ..

قال أبي : يبدو أنك لم التقرأ الخبر كاملاً ، لقد كانت والدتها وأخاها يعاملانها بقسوة ووحشية ، وهذا ما أكده زوج والدتها ، وهي قتلتهما بعد أن ملت من الجحيم التي هي فيه ، وبعدها ولت هاربة ، ولو كانت بريئة كما تقول لما اختفت بعد الجريمة ..
ألقيت بالجريدة أرضاً ، و صحت بإنفعال : لن أصدق ما سمعته حتى تقر روز بنفسها ، وأنا سأذهب لسؤالها وأرى ما إذا كان هذا صحيحاً أو لا ..

أصدر أبي ضحكة قصيرة ساخرة وقال : لقد اختفت أيها الأحمق ولا أحد يعرف مكانها ، حتى أنهم سألوا صديقك الآخر وأجاب بأنه لا يعلم مكانها ، وحينما أرادوا التحقيق معك أخبرتهم بأنه لا شأن لك فيها ، وأنك قد قطعت علاقتك معها منذ زمن ..

فهمت ماكان يقصده بالآخر ، والذي هو سوبارو ، لكن هذا غريب حقاً ، أين يمكن أن تكون قد ذهبت روز ؟؟ لابد أن أجدها مهما كلف الثمن ..
لكن كيف يا ترى ؟؟
وحتى لو وجدتها كيف سأخلصها من الورطة ؟؟

الشيء الذي يضايقني كثيراً هو أنني وعلى الرغم من أنني أُعتبر كصديق لها إلا أنني لم ألاحظ أنها تعاني من أسرتها ، لم تقل يوما أن عائلتها تعاملها بقسوة ، هل كانت لا تثق بي ولهذا لم تخبرني بأمر كهذا ؟؟
آآه يا روز لماذا أخفيت أمر كهذا عني ؟؟


.. نهاية الجزء ..
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس
  #73  
قديم 12-10-2016, 02:38 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://d.top4top.net/p_145wzuq2.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
..
٣١..

~ سوبارو ~

لم أهنأ في النوم ليلة البارحة ، فروز ومشكلتها شغلا تفكيري كثيراً ، أي مصيبة وقعت فيها يا ترى ؟؟
وكيف سأٰظهر براءتها ؟؟

الشرطة أتتني عدة مرات في الأمس بعدما أخذت روز إلى مكان آمن ، وأخذت تستجوبني عن مكانها، وأنا أخبرتهم بأني لم أرها مطلقاً إلا في المدرسة ..
نظراتهم التي يرمقونني بها فيها الكثير من الشك ، وكأنهم غير مصدقين لما أقول ، لكنني استطعت الحفاظ على نبرتي الواثقة التي جعلتهم يصدقون ما قلته قليلاً ، لكنهم قالوا أنهم سيزورونني لاحقاً ، أي أن الأمر لم ينتهي بعد ..

أخشى كثيراً من أن تكتشف روز سري وأنا لا أريد ذلك ، فقد اضطررت إلى تخبأتها في ذلك المكان الذي يحتوي على كل ما يخص عملي ..
آآه يا إلهي أشعر بأن سري يُفضح شيئاً فشيئاً ..


كنت جالساً في مكاني أحاول إشغال نفسي بالقراءة ، وطرد كل هذه المشكلات بعيداً ، لكن هيهات ..
فكل من حولي يتحدثون بشأن هذا مع بعضهم ، فالجريمة التي حصلت في منزلها هو محور حديث الجميع ، وإختفاءها بعد الجريمة جعلهم في حيرة من أمرهم ..

أعلم أن الفضول يقتل الجميع ، وهم يرغبون في سؤالي عن التفاصيل ، لكن يبدو أنه لا أحد يجرؤ على ذلك ، وهذا أفضل لي ..

أغلقت الكتاب بعد أن يئست من مقدرتي على القراءة ، المصائب لا تتوقف إبداً ، خصوصاً بعد مقابلتي لياماتو وجوليا وروز ، لابد أنهم مغانط يجذبون المصائب والحظ السيء ، ولن أستبعد إنكشافي بسببهم ، أو حسنا ربما العكس فأنا كتلة من النحس كما كانت تقول تلك المرأة ..


مر اليوم الدراسي بشكل طبيعي جداً ، وعلمت أن المدير لم يحضر اليوم ، لذا سيتم تأجيل الإختبار إلى الغد ، فالأسئلة بحوزته ولا أحد يمتلك نسخة من الأسئلة سواه ..
تضايقت من سماع هذا الخبر كثيراً ، فأنا متلهف لمعرفة ما يهدف إليه ، وتصرفاته تدل على أنه يعرف الخاطف جيداً ، وأنه متورط معهم ..


الشيء المهم الآن هو أنني يجب أن أقابل ياماتو ، وأخبره بأنه ليس مرقباً ويستطيع التصرف بحرية ، لكن الأحمق لا يرد على اتصالاتي ..
لكنني لم أيأس أبداً ، وأرسلت رسالة كتبت فيها [ أيها الثري المغفل تعال اليوم إلى المدرسة بعد انتهاء الدوام ، سأقتلك إذا لم تحضر ]

اعترافي له بمشاعري الحقيقية أراحني كثيراً ، فالآن أستطيع التحدث معه بفظاظة دون تملق ولا مجاملة ، عكس ما كنت أفعله سابقاً ..

بعد انتهاء الدوام خرجت من المدرسة منتظراً ياماتو أمام البوابة ، وإذا لم يأتي فأنا لن أدعه وشأنه ..
بعد دقائق لمحت سيارته تقترب مني ، وما إن وصلت عندي حتى توقفت السيارة لينزل منها ياماتو ..

قبل أن أستطيع الذهاب إليه تحلقن الفتيات حوله محدثن صخباً عالياً ، ولم يفسحوا لي المجال للذهاب إليه ..
كانت الفتيات سعيدات كثيراً وصراخهن المزعج لم يتوقف مذ أن رأوه ..


قطبت حاجباي بغيظ ، واتكأت على الجدار وأنا أضرب بقدمي الأرض بإنزعاج وضجر ..
على الرغم من أن ملامحه تبدو عليه الإنزعاج إلا أنه كان يعامل الفتيات برقة وكأنه لا يستطيع أن يبعدهن عن أمامه ، هذا المعتوه فعلاً يغيظني حين يتعامل مع الآخرين برقة وودية ، ولو كنت مكانه لدفعتهن ارضاً وصرخت في وجههن ..


مرت خمس دقائق ولازلن الفتيات حوله ، ويبدو أنه لا نية لديهن في الإبتعاد ..

وأنا لا أمتلك الوقت الكافي لإنتظارهن ، تقدمت نحوهن وصرخت عالياً : ابتعدن بسرعة أيتها الحمقاوات المزعجات ..
إلتفتن الفتيات نحوي بذعر ، وأنا أخذت أرمقهن بنظرات حارقة ، اختبأن الفتيات خلف ياماتو وأخذوا يطلبون مساعدته ..

قلت بغضب : ألم تسمعن ما قلته ؟؟ أغربن عن وجهي حالاً ، وإلا اضطررت إلى إستخدام العنف معكن ..
ارتعبن الفتيات من تهديدي وهربوا مبتعدات عن ياماتو ولم يخف علي كلماتهم المتذمرة والساخطة ..

عندما خلا المكان رفعت ببصري إلى ياماتو الذي ما إن وقع عينه في عيني حتى أشاح بوجهه بعيداً ، نظرت إليه بإستخفاف متمتماً : أنت ضعيف كالفتيات فعلاً ، إن كان تصرف الفتيات لا يعجبك فما عليك إلا الصراخ في وجههن لا أن تبقى كالأحمق بينهن ..

رد ياماتو بهدوء وهو لا يزال يبعد ناظريه عني : أنا لا أحب جرح مشاعر الفتيات فهن ضعيفات كما تعلم ..
قلت بسخرية : ولهذا اضطرت جوليا إلى لعق قيئها ..

تغيرت ملامحه تماماً ، فقد أعدت إليه ذكرى كان يرغب في تناسيها ..

أغمض ياماتو عينيه وقال بنبرة متألمة : أنا فعلاً شخص سيء ، تسببت في إيذاء العديد ممن حولي، جوليا وآلبرت مثال للأشخاص الذين آذيتهم بشدة ، وربما أكون قد آذيتك دون أن أعلم ، لذا أنا آسف جداً ..

ثم فتح عينيه التي كانت كأعين السمكة الميتة الذابلة ونطق بهدوء : هل تعرف ماحل بروز ؟؟
- نعم أعرف ، فقد قامت الشرطة بإستجوابي وسؤالي عن مكانها ..

قال ياماتو بإنفعال غريب : تخيل ماذا يا سوبارو ، روز كانت تُعامل بقسوة من قبل والدتها وأخاها ، ونحن لم نكن نعلم بشيء ، وأنا لو لم أقرأ الجريدة لما كنت لأعلم ، يبدو أن روز كانت لا تثق بنا ، ولهذا لم تقل شيئاً حول هذا ..

ابتسمت بمكر حينها ، ولأُشعره بأنه هو الأحمق الوحيد بيننا وأننا لا نطيقه قلت بخبث : أنت الوحيد الذي لم تعلم ، أما أنا فقد كنت أعلم هذا وهي من أخبرتني بنفسها ، وجوليا لاشك في أنها كانت تعلم كذلك ، إذاً أنت الأحمق الوحيد الذي لم يعلم ..


شعرت بنشوة الإنتصار حين بدت على ملامحه الإحباط والألم ، لقد برعت حقاً في كذبي ، فأنا ماكنت لأعلم لو لم يتحدث معي ذلك القزم ماركو ..
لكنني كنت أهدف إلى جعله يشعر وكأنه متطفل بيننا ، وأننا جميعاً نتشارك الأحزان والمشكلات فيما بيننا إلا هو ، ونحن لم نعتبره صديقاً لنا أبداً ..

قال وهو ينكس برأسه : لابد أنني شخص لا يُطاق أبداً ، آسف لأنني تسببت في إزعاجكم ..
ثم رفع رأسه وقال بإبتسامة بدت وكأنه يتصنعها رغماً عنه تخفي وراءها الكثير من الألم ، وقال : حتى لو لم تحبونني ، فأنا أحببتكم كثيراً وآسف مجدداً على كل ما بدر مني ، وداعاً ..

أدار ظهره مغادراً المكان ، لكنني أمسكته بسرعة ، فأنا لم أنهي كلامي بعد ، وما كان يجب أن أجرح مشاعره قبل أن أعطيه الرسالة ، يالي من غبي ..
قلت بسرعة : انتظر قليلا ً، ألا تريد أن تعلم متى علمت بحادثة الجريمة ؟؟
أدار رأسه وقال بهدوء : لابد وأنك علمت بشأن هذا قبلي ، في النهاية أنا آخر من يعلم بكل شيء ..

هذا الغبي لا تقولوا لي أنه قد تأثر بما قلته ، إنه يبدو كالفتيات حقاً ، تباً له ولمشاعره المرهفة ..

لم أستطع كبح غضبي لذا صحت بنبرة عالية : لماذا لا تتصرف كالرجال أيها الغبي ؟؟..
رد هو بذات إنفعالي : أنا رجل لكن لي قلب أشعر به ، والفتيات
لسن وحدهن من تجرح مشاعرهن ، فنحن الرجال لدينا قلوب كذلك ، ونشعر بالألم كما يشعرون ، لذا لا تشبهني بالفتيات لأمر كهذا ، أما أنت فلا تشعر بشيء لأنك متبلد الإحساس ، وشخص بلا مشاعر كالرجل الآلي ..

انقضضت عليه بسرعة وطرحته أرضاً ، وبدأنا بالشجار مع بعضنا ، ولم نترك شتيمة إلا وقلناها لبعضنا ..
عندما لمحت السائق يقترب منا محاولاً تفرقتنا ، همست في أذن ياماتو بنبرة سريعة : أنت لست مراقباً ، لذا اذهب إلى الشرطة لمساعدة جوليا ..

أنهيت جملتي ونهضت من على الأرض وأنا أنفض الغبار عن ملابسي ، وأرمقه بنظرة غامضة ، أما هو فقد ظل مستلقياً على الأرض ومتصلباً في مكانه ..
أدرت ظهري إليه مغادراً المكان بسرعة ، قبل أن يسألني ياماتو عن شيء ويُفتضح أمرنا ..

هذه الطريقة كانت الطريقة الأنسب لإخباره ، فأنا لست واثقاً من ما إذا كان سيفهم إذا أعطيته الورقة ..

***

~ روز ~

استيقظت من نومي فزعة بعد أن راودني حلم مزعج ، أخذت أتنفس بقوة وأنظر حولي بفزع ..
وضعت يدي على الجهة اليسرى من صدري متمتمة : أنا بخير ، لن تستطيع الشرطة الوصول إلى هنا ..

بقيت ألتقط أنفاسي لدقائق ، وأحاول تناسي ما رأيته ، سوبارو لن يقوم بخيانتي ويبلغ الشرطة عني ، نحن أصدقاء لذا لن يحدث هذا أبداً ..
هو سيخلصني من هذه الورطة بالتأكيد ، والسيد كيداي سيسعى هو بدوره لإثبات براءتي ، أنا محاطة بأناس أستطيع الثقة بهم ، لذا لا داعي للخوف ..


أزحت غطاء السرير عني ، ووطأت قدمي الأرض الخشبية ، وسرت بعدها متوجهة نحو دورة المياه ..

خرجت من دورة المياه وأنا أنظر إلى تفاصيل هذا المنزل البسيط والمتواضع ، لم أركز في المكان جيداً ليلة أمس لأنني كنت مرهقة كثيراً ، لكن الآن أرى أنه منزل بسيط جداً ، لكنه أفضل حالاً من المنزل الذي يعيش فيه سوبارو ..

أخذت جولة حول المنزل لأستكشف المكان ، وكان المنزل مكون من دور واحد فقط ، فيها غرفتين غرفة خالية من الأثاث والغرفة الأخرى كانت الغرفة التي كنت نائمة فيه ، ويحتوي على مجموعة من الكتب ، وصالة صغيرة وضيقة ، وحمام واحد ومطبخ مفتوح على الصالة ..

لكن المشكلة أن المكان مغبر قليلاً أي أنه لم يتم هجر هذا المكان إلا منذ فترة قصيرة ..


عدت إلى الغرفة التي كنت فيها ، وأخذت أتصفح الكتب الموجودة على الأرفف التي تحتل جدار كامل من الغرفة ، إن هذه الغرفة تذكرني كثيراً بغرفة جوليا المليء بالكتب ، لكن غرفة جوليا منظم ومرتب أكثر من هذا المكان ..


كلما فتحت كتاباً اجتاحني نوبة من الإكتئاب ، أنا حقاً لا أحب القراءة ..
أعدت الكتاب إلى مكانه ، بعدها توجهت إلى المكتب الموضوع في زاوية الغرفة ، فتحت الدرج الأول لأجد مجموعة من الأشرطة التي بدت مألوفة عندي ..
قلت بشك وأنا أقلب الشريط بين أصابعي : هل من المعقول أن هذا ....

لأقطع الشك باليقين وضعت الشريط في مسجل موجود في الغرفة ، وعندما قمت بتشغيله صدح صوت المغني ورابوس في المكان ..
أيقنت حينها أن الأشرطة كلها للمغني ورابوس ، لكن لماذا قال سوبارو أنه لا يعرفه ولم يسمع عنه ؟؟

أو ربما تكون هذه الغرفة ليست ملكاً له ، وهذا هو الإحتمال الأرجح ، فلا سبب يدفع سوبارو إلى الكذب ..
لكن إذا لم يكن هذا منزل سوبارو ، فمن صاحب هذا المنزل ؟؟
ربما يكون للرجل الذي كان معنا في السيارة ، أممم ماذا كان اسمه ؟؟
أوه صحيح السيد روكاوا ..

على ذكر السيد روكاوا فقد كان يتحدث بشكل مريب جداً ليلة أمس ، وهو وسوبارو يتحدثان بغموض ، وأنا لم أفهم شيئاً مما قالاه ..


لم أعر الأمر إهتماماً وألقيت بجسدي على السرير ، هناك أمور أكثر أهمية يجب أن أفكر بشأنه ، أنا حقاً لا أعلم ما إذا كنت سعيدة بموتهما أم لا ..
أمي وماركو سببا لي الكثير من الألم ، وحرمت الكثير من الأشياء بسببهما ، ذقت أنواع التعذيب على يديهما ، مع ذلك لم أتمنى موتهما ..
نعم ...
على الرغم من كل ما سبباه لي لم يخالجني شعور بالرغبة لقتلهما ، إذاً لماذا فعلت هذا ؟؟


انقلبت إلى الجهة اليمنى ، وأنا لازلت أواصل التفكير ، هل كانت هذه الرغبة مخزنة في ذهني لكنني لم ألحظه ؟؟
إطلاق النار عليهما بينما أنا ثملة يؤكد هذا ، تباً لي كم أنا حقيرة ..

أحسست بدموعي الحارة تسيل ، لم أمنعها وتركتها تجري كما تريد ، أنا الآن في أسوء موقف أمر به ، أنا في ورطة كبيرة ولا أحد بإمكانه إنقاذي ..

ماذا فعلت لأستحق كل هذا العناء في حياتي ؟؟ لماذا يجب أن أمر بهذه الظروف الصعبة ؟؟ لماذا أنا وليس غيري ؟؟
شددت على غطاء السرير بغيظ ، ما السبيل إلى الراحة ؟؟ متى سينتهي الجحيم الذي أنا فيه ؟؟
سابقاً كنت لا أذوق طعم الجحيم إلا في المنزل ، أما الآن فالعالم بأسره أصبح جحيماً ، والجميع من حولي أعدائي ..


لن أتمكن من العيش بحرية بعد الآن ، فأنا مجرمة فارة من العدالة ، والشرطة تبحث عني بكل تأكيد ، ولم يعد أحد بجانبي إلا سوبارو ..

حتى ياماتو لا أعلم كيف سيكون رأيه بعد أن يعرف بجريمتي ، لابد أنه سيتخلى عني ، ففي النهاية هو ثري وسمعته تهمه كثيراً ، والبقاء مع مجرمة مثلي لن يكون في صالحه ..

أمقدر لي التعاسة طوال الحياة ؟؟ متى سأذوق طعم السعادة الحقيقية ؟؟ يبدو هذا مستحيلاً بالنسبة إلي ..

فجأة قفز إلى ذهني الحل الأمثل ، نعم هذا هو ما يجب أن أقوم به لأستريح ..
نزلت من السرير بسرعة وأنا أتخبط في طريقي بسبب أن دموعي تحجب الرؤية ، ووصلت أخيراً إلى المطبخ ..

أخذت أبحث في الأدراج عن سكين أستطيع به قتل نفسي ، فلا خيار آخر أمامي ..
أمسكت بالسكين بعد أن وجدته في أحد الأدراج ، وبيدين مرتعشتين أخذت أقربها إلى بطني ..
جسدي بأكمله ينتفض من الخوف ، أبعدت السكين عني وأنا أتمتم بضعف : لا أستطيع فعلها ، أنا خائفة كثيراً ..

أنا حقاً لا أجرؤ على طعن نفسي ، فالأمر مرعب بالنسبة لي ، لكن لا خيار أمامي ..
قربت السكين مجدداً ، وأغمضت عيني محاولة التحلي بالقليل من الشجاعة ..

لكن صوتاً ذكورياً قاطعني بصراخ : ماذا تظنين أنك فاعلة أيتها البلهاء ..
سقط السكين من قبضتي بذعر ، والتفت إلى مصدر الصوت لأجد السيد روكاوا ينظر إلي بغضب ..


اقترب مني بخطوات سريعة ، وجرني من يدي إلى الغرفة المجاورة ، وألقاني أرضاً وهو يقول بنبرة عالية : في ماذا كنت تفكرين ؟؟ أكنت تنوين الإنتحار أيتها الغبية ؟؟ ألا تفكرين فيما سيكون موقف سوبارو إذا علم بإنتحارك ؟؟

تمتمت بضعف : هو سيكون مرتاحاً للغاية ، فأنا لست إلا آفة عليه ..
- كفاك غباءً ، لو كنت حقاً كما تقولين لما قدم لك يد المساعدة وساعدك على الإختباء منذ البداية ، ولو أراد التخلص منك لترك الشرطة تقبض عليك ..

صمت حينها ولم أستطع قول شيء ، هو محق تماماً في كل ما قاله ..
أكمل السيد روكاوا كلامه لكن هذه المرة بنبرة هادئة : سوبارو لن يتمكن من المجيء إلى هنا لفترة ، فالشرطة تراقبه على الأرجح ، لذلك أوكل إلي مهمة البقاء معك ..


لاح في ذهني سؤال فضولي لذا نطقت به فوراً : هل أنت قريب سوبارو ؟؟ ولمن هذا المنزل ؟؟
وضع السيد روكاوا يده على ذقنه بتفكير : أممم أنا لست معتاداً على الكذب ، ولا أرغب في الإجابة على سؤالك ، إذاً سألتزم الصمت ..


أعجبني صراحته ، لكنه أغاظني بإجابته قليلاً ..
قلت بتذمر : هيااا ، لا شيء مهم تخفيه عني ، لو كان سوبارو هنا لأجاب على السؤال ..
تمتم بإبتسامة ساخرة : لا أظن ذلك أبداً ..

بعدها هم بالوقوف قائلاً : صحيح لقد أنسيتيني الغداء الذي أحضرته ، لا شك في أنني وضعتها بالقرب من المطبخ ، سأذهب لإحضاره ..

قبل أن يغادر السيد روكاوا المكان قلت بهدوء : لماذا تبقى معي على الرغم من أنك تعلم بجريمتي ؟؟ ألا تخشى أن تقبض عليك الشرطة ، وتزج في السجن ؟؟
أدار رأسه بإتجاهي متسائلاً : ولماذا قد يفعلون هذا بي ؟؟
- لأنك أنت وسوبارو تستتران علي ، وتخفبئان مجرمة مثلي ، لذا ستعدكم الشرطة شركاء لي في الجريمة..

صمت السيد روكاوا لثواني ليقول بعدها : سوبارو أكد لي بأنك بريئة ، وأنا أثق في سوبارو ، لذا أنا لا أنظر إليك على أنك مجرمة ..
صرخت بإنفعال عينها : لكنني قتلتهما بيداي هاتان ، كل الدلائل تشير إلى ذلك ، والمسدس الذي قُتلا به في حوزتي الآن ..


توسعت حدقتا السيد روكاوا حينها ونطق بذهول : المسدس بحوزتك الآن !!! هل أنت جادة ؟؟
وقفت بإتجاه حقيبتي وأخذت أبعثر ما فيها قائلة : نعم هو بحوزتي ، وأنا سأريك الآن ..
أخرجت كل ما في حقيبتي ، لكنني لم أجده ، تفاجأت من هذا كثيراً ..
تحدثت بنبرة مرتعشة : لقد اختفى !! من الذي قام بأخذه يا ترى ؟؟ غير ممكن ، أنا واثقة أنه في الحقيبة ..
أعدت البحث بين أغراضي المبعثرة ، لكن عبثاً ..

إلتفت إلى السيد روكاوا وقلت : لاشك أن سوبارو قد أخذها ، اتصل به وسأله أرجوك ..
أومأ السيد روكاوا برأسه وأخرج هاتفه للإتصال بسوبارو ، بينما أنا أنتظر بترقب الجواب ، لو فقدت المسدس فأنا في مشكلة كبيرة ..

بصمات أصابعي مطبوعة عليها ، وإذا ما وجده أحد وسلمه للشرطة سيدركون أنه السلاح الذي أُطلق على أمي وماركو ، وحينها ستثبت إدانتي ، ولا مجال للإنكار ..

يجب أن يكون مع سوبارو .. نعم يجب ذلك ..
في الوقت الراهن ربما يستطيع سوباو أو السيد كيداي إختلاق كذبة بما أنه ليس هناك دليل قاطع ، لكن لو فقدته فحياتي ستضيع معه ..


كان السيد روكاوا يتحدث مع سوبارو ، وبعد دقائق غادر الغرفة وكأنه لا يريدني أن أنصت إلى ما يقوله ..
هممت باللحاق به ، لكنه أغلق الباب في وجهي ، ويبدو أنه قد أقفله علي ..


طرقت الباب بعنف وأنا أصرخ بغضب ، لكنه كان يتجاهلني ، بقيت على هذا الحال لفترة ، بعدها سمعت قفل الباب يُفتح ، صرخت حينها بعصبية ودموعي قد أغرقت وجهي : لماذا لم تدعني أستمع إلى المكالمة ؟؟ أهنالك شيء تخفيانه عني ؟؟

قال السيد روكاوا بهدوء محاولاً إمتصاص غضبي : ليس الأمر هكذا يا روز ، ثم أن سوبارو أخبرني أن المسدس بحوزته ، لذا لا تقلقي ..


لم أرتح لكلامه ، إن كان الأمر عادياً فلماذا أقفل الباب علي وتحدث خارجاً ؟؟
هل ينوي سوبارو الإقدام على خطوة دون علمي ؟؟


***

~ جودي ~

بعد انتهاء المدرسة توجهت إلى المنزل برفقة زاك المزعج الذي أصر على مرافقتي ، بسبب الجريمة التي حصلت قرب منزلنا ، والذي هو منزل روز ..

عندما قاربنا على الوصول إلتفت إلى منزل روز الذي كان محاطاً برجال الشرطة الذين لازالوا يتفحصون المكان ..
تحدث زاك : ألم تغادر الشرطة المكان بعد ؟؟
هززت رأسي بالنفي مجيبة : أبي أصر على أن يبحثوا في أرجاء المنزل عن دليل يثبت دخول أحد الغرباء إلى المكان ، فهو لايزال غير مصدق أن روز يمكن أن تقتلهما ..

قال زاك متسائلاً : وماذا تظنين أنت ؟؟ هل هي من اللواتي يستطعن الإقدام على جريمة بشعة كقتل والدتها وأخاها ؟؟
أخذت أتأمل المنزل بشرود متمتمة : لا أعلم حقاً ، لكن روز فتاة ضعيفة جداً ولا أظن أنها قادرة على قتل أحد ، لكن ربما كانت تتظاهر بهذا وحسب ، من يدري ..


صمتنا لثواني ليكسر الصمت صوت زاك الذي تحدث مجدداً : لقد قلت أن والدك غير مصدق لما توصل له رجال الشرطة ، ما الذي دفعه إلى إنكار ذلك ؟؟ ولماذا تم إلصاق التهمة بروز من قبل رجال الصحافة ؟؟

إلتفت إلى زاك وأخذت أنظر إليه بطرف عيني قائلة : ألا ترى أنك تثرثر كثيراً يا زاك في أمر لا يخصك ؟؟

حك زاك رأسه بإحراج متمتماً : لأنني أظن أن إلقاء التهمة على روز بعد إختفاءها أمر خاطئ ، فالشرطة لا تعلم مكانها ، ولم يثبت إدانتها بعد ، لذا ربما تكون قد اختطفت بعد أن قتل الخاطف عائلتها ، ومن السيء جداً توجيه الإتهام إلا شخص نظن أنه المجرم دون أن نمتلك دليلاً ..


أتانا صوت رجولي من الخلف يقول : أحسنت قولاً يا زاك ، وهذا ماكان يدور في ذهني أيضاً ، لذا أنا أعمل الآن جاهداً للبحث عن دليل لبراءة روز ..
إلتفت إلى الوراء حيث يقف أبي بزي عمله الرسمي ..

قلت بإستغراب : ماذا تفعل هنا أبي ؟؟ هل توليت أمر هذه القضية بنفسك ؟؟
- لا ، فأنا مشغول بقضايا أخرى ، فقط كنت أتحدث مع المسؤول عن هذه القضية ، لأعرف الجديد ..
- وهل توصلوا لشيء ؟؟
- للأسف لا ..


صمت لبرهة قبل أن أسأل : لماذا تظن يا أبي أنها قد اختطفت ولم تهرب ؟؟
أجاب أبي وهو ينظر إلى السماء التي تلونت بألوان الغروب البديعة : روز صديقة جوليا المقربة ، وجوليا قد تم إختطافها بالإضافة إلى ممرضة التي تعمل في مدرستهم ، لذا ليس من المستبعد أن تكون روز قد اختطفت أيضاً ..


ثم أكمل وهو ينظر إلي مجدداً : الضحيتان قُتلا بطلق ناري أصابهما في مناطق عشوائية من جسديهما ، وروز لا أظن أنها تمتلك مسدساً ..


حسناً .. كلمات أبي مقنعة جداً ، وهذا ليس بغريب أبداً ، فهو بارع في عمله كثيراً ولم يفشل في أي قضية تُلقى على عاتقه ، لذا أنا واثقة من أنه سيجد جوليا ويلقي بالقبض على الخاطف ..

وضع أبي يده على كتفي قائلاً : هيا إلى المنزل يا جودي ، فوالدتك بإنتظارك ..
أومات برأسي ، ليقول زاك : حسناً أنا سأغادر أيضاً ، وداعاً ..

قال أبي له : لماذا لا تبقى وتتناول العشاء معنا ؟؟ سنكون سعيدين بهذا جداً ..
ابتسم معتذراً : لا يا عمي لا أستطيع ذلك ، أنا لن أسبب سوى الإزعاج ..
قلت ببرود : لتدعه يذهب يا ابي ، فهو سيكون مصدر إزعاج كما قال ..

رمقني ابي بنظرة حادة بينما ابتسم زاك وغادر المكان بهدوء ، قال أبي بعصبية : لماذا أنت فظة هكذا ؟؟
- لماذا دعوته لتناول العشاء ؟؟ سيكون هذا مزعجاً جداً فأمي متعبة كما تعلم يا أبي وهذا سيسبب لها الضيق ..

أجاب أبي : على العكس ، فلو كسرنا الروتين قليلاً ربما سيحسن هذا من صحتها ..
ثم أكمل بغيظ : الناس الذين كانوا حولنا منذ أن صدرت تلك الإشاعة الغريبة عن جوليا أخذوا يتجنبوننا ، ولم يعد أحد يزورنا ولا يسأل عنا ، وبقاء زاك بجانبك حتى الآن يدل على مدى صدقه ووفائه ، والأصدقاء الحقيقيون يُعرفون وقت المحن ..

أخذت أفكر فيما قاله أبي ، هو محق تماماً ، فالجميع قد انفض من حولي ، حتى صديقاتي لم يعدن يتحدثن معي ، ودائماً ما يتهامسون فيما بينهم إذا مررت بجوار أحد ..
وللتو أدركت سبب ما يحصل من حولي ، والوحيد الذي بقي بجواري هو زاك وحده ، حتى أنه أصبح أكثر قرباً مما كان عليه سابقاً ..
فعلاً كم كنت حمقاء لعدم إدراكِ لهذا مبكراً ..

قال أبي مجدداً وعلى شفتيه إبتسامة يائسة : هل تعلمين شيئاً يا جودي ، أنا ولأول مرة أشعر بالعجز الشديد ..
قلت متفاجئة : ولماذا تقول هذا يا أبي ؟؟

أجاب بهدوء : لقد راقبت عائلة شيبا جميعاً ، وراقبت تحركات الجميع عن كثب ، كما أننا فتشنا منزلهم في غيابهم ، لكن هذا كله لم يجدي ، فلا شيء يُثبت أنهم قاموا بإختطاف جوليا ، وتصرفاتهم طبيعية جداً ، حتى لوريوس الأخ الأصغر لشيبا والذي كان أكثر تأثراً بموت أخيه لم يتصرف بشكل يثير الشك ..


حين ذكر أبي اسم لوريوس تذكرت كلماته الحاقدة التي قاله لجوليا بعد موت أخيه ، لقد كانت كلمات صادرة من أعماقه ولا يمكن أن أنساه أبداً ..
قالها والدموع قد أغرقت وجهه على الرغم من أنه كان يكره البكاء ، قالها والألم الذي يعصر قلبه قد انعكس على صوته ..


لا أظن أنه بريء أبداً بعد كل ذلك الوعيد التي بدت صادقة جداً ..
***


~ كازوما ~

فتحت عيني ببطء وظهري متصلب للغاية ، وكل عضو من جسدي يؤلمني ..

حركت جسدي ببطء محاولاً معرفة المكان الذي أنا فيه ، وحينها تذكرت أنني عند عودتي للمنزل لم أذهب إلى السرير ، وها أنا الآن نائم أمام المدخل ..

لا أعلم حقاً كم المدة التي بقيت فيها نائماً ، لذا رفعت ذراعي لأنظر إلى الساعة المحاطة بمعصمي ، فإذا بها تشير إلى الثامنة ..
يجب أن أجهز بسرعة للذهاب إلى المدرسة ، فهذا اليوم مهم جداً ، ويجب على سوبارو أن يلقي نظرة على الأسئلة التي وضعتها ، والتي سترشده إلى مكان جوليا ..

وقفت متوجهاً نحو دورة المياه ، وأنا أترنح في طريقي ، وصداع فظيع ينتابني ..

وصلت إلى الغرفة متجها نحو خزانة ملابسي ، لأخرج منه بدلة أرتديها عند ذهابي إلى المدرسة ..
لكنني شعرت بشيء غريب ، إلتفت نحو النافذة ببطء فإذا السماء مظلمة ..

قطبت حاجباي بإستغراب ، ماذا يحصل يا ترى ؟؟
أعدت ببصري نحو ساعة معصمي فإذا بها لاتزال تشير نحو الثامنة ..

لحظة .. هل يمكن أنني ....

توسعت حدقتا عيني حين ادركت الأمر ، لقد أطلت النوم كثيراً ، والساعة ليست الثامنة صباحاً كما كنت أعتقد ، وإنما الثامنة ليلاً ..
كيف لي أن أنام كل هذا الوقت ؟؟ هذا فعلاً أمر غير اعتيادي ، لأول مرة يحصل لي هذا ..

والمشكلة أنني لم أطل النوم إلا في اليوم الذي كنت أرغب في مجيئه بشدة ، يالحماقتي ..
كلما تأخرت في إيصال المعلومات لسوبارو كلما زاد الخطر على جوليا والممرضة التي معها ..

في الوقت الحالي يجب أن أذهب لرؤية جوليا والإطمئنان عليها ، في آخر مرة زرناها فيه أنا وساي ، كان وجهها لا يُطمئن أبداً ، ويبدو عليها الشحوب والإرهاق كثيراً ..

حالها يحزنني كثيراً ويفطر قلبي ، فهي طالبة في مدرستي وأنا لا أراها سوى كإبنتي ، لكنني عاجز عن مساعدتها خوفاً على أطفالي ، آخر شيئين أبقته لي زوجتي الراحلة ..

وصلت إلى منزل ساي ، وحين توجهت نحو قبو المنزل سمعت صوت من خلفي يقول : إلى أين أنت ذاهب ؟؟
أجبت بهدوء دون الإلتفات إليه : أريد أن ألقي نظرة على السجينتين ، لا أظن أن هناك مشكلة ..

أخذت صوت أقدامه تقترب مني ، وسمعت يوما يقول : لن أسمح لأحد بمقابلة السجينتين باستثناء الحارسان ، لذا غادر المكان ..
إلتفت قائلاً بغضب : ولماذا ؟؟ ساي نفسه لم يمنعني من زيارة السجينتين ، من أنت لتمنعني الآن ؟؟

وقف يوما أمامي وقال بوجه جاد وعينين حادتين : لقد تم ترشيحي كبديل لساي إلى حين عودته ، لذا لي الحرية المطلقة في إلقاء الأوامر ..
صمت لبرهة قبل أن أسأل : ماذا تفعل في منزل ساي ؟؟ وطفلاي مع من الآن ؟؟
- لقد أوكلت مهمة مرافقة المزعجان لشخص آخر ، فأنا يجب أن أتولى مهمة الإنتقام التي أُلقيت على عاتقي ..
ثم استأنف ساخراً : أوه صحيح أنت لا تعلم الخطوة الأولى التي أقدمنا عليها بما أنك كنت نائماً النهار كله ، اقرأ صحيفة اليوم وستعلم ما قمنا به ..

ثم صاح بإسم إحدى الخادمات وطلب منها إحضار صحيفة اليوم ، وبعد أن أتت به مد لي الصحيفة وقال : تفضل ، ألقي نظرة على هذا المقال ..

ما إن وقع عيني على العنوان حتى تجمدت أطرافي ، غير ممكن إطلاقاً !!
تمتمت بهدوء محاولاً إخفاء توتري : هل أنتم من خطط لهذا ؟؟
أجاب يوما مبتسماً : نعم لقد قام ساي بالتخطيط لهذا ..

قلت ولازلت متفاجئاً حتى الآن : ولكن كيف قمتم بهذا بسهولة ؟؟ ألم تكونوا تهدفون إلى التخلص من روز ؟؟ ماشأن والدتها وأخوها ؟؟؟ إلى ماذا تريدون الوصول ؟؟
- نحن وكما تعلم لا نريد أن نترك أثراً لجرائمنا ، وقتل سوبارو وروز بدون سبب سيوقعنا في عدة مشاكل ،لكن ساي خطط لأن يجعل الأمر وكأنه إنتحار ..

قلت بهدوء : لم أفهم أتمنى أن توضح أكثر وتخبرني بتفاصيل الخطة كاملاً ؟؟
رد يوما ببرود : لسنا مضطرين إلى إخبارك ..

سألت بتردد : هل يمكنني زيارة موقع الجريمة ؟؟
أجاب بلا مبالاة : افعل ما شئت ، فهذا لا يهم ..
- قبل ذلك أريد رؤية السجينتين ..
رد ببطء وهو يغادر مبتعداً : أنت تعلم جوابي مسبقا ، ممنوع ..

شددت على قبضتي بغضب ، لكن لا يسعني سوى إطاعته وإلا تم إعتباري خائناً ، ويفشل كل ما كنت أهدف إليه ..
توجهت بسيارتي نحو منزل روز ، وحينما وصلت ترجلت منها ، واقتربت من المنزل بخطوات بطيئة ..
رجال الشرطة متواجدون حولها يحرسون المكان ، لمحت أحد أفراد العصابة واقفاً مع أحد الشرطة يتحدث معهم ، تفاجأت من رؤيته هنا ..
سرت بإتجاهه وأنا أنادي : كيداي ماذا تفعل هنا ؟؟

إلتفت كيداي إلي ، وحين وقع عينه علي إبتسم بغموض قائلاً : أهلا بك يا حضرة المدير كازوما ، كنت أعلم أنك ستلقي نظرة على المنزل بعد أن علمت بما حصل لعائلة طالبتك روز ..
نظر الشرطي إلي قائلاً : أأنت مدير مدرسة روز ؟؟ ماذا تفعل هنا ؟؟

أجبت بهدوء : لقد علمت ما حل في هذا المكان ، وبصفتي مدير لمدرستها أردت التأكد من صحة الأمر ..
أومأ برأسه وغادر مبتعداً ، بينما أعدت ببصري بإتجاه كيداي وقلت بنبرة خافتة: لم تجبني على سؤالي ، ماذا تفعل هنا ؟؟ ألا تخشى أن يُدركوا أنك أنت ومن معك من تسبب في هذا ؟؟
أجاب مبتسماً : عدم وجودي هو الشيء الذي سيثير الريبة ، في النهاية أنا زوج الضحية ..

فغرت فاهي من شدة الدهشة ، والصدمة قد ألجمتني تماماً ، ليكمل كيداي كلامه : مظننت أنك تعلم بهذا مسبقاً ..


هكذا إذاً ، بما أنه زوج والدة روز فالمهمة كانت سهلةً عليه ، لكن كيف قام بقتلهما وإلقاء التهمة على روز ؟؟ هذا فعلاً محير ..
قلت وكلي فضول لمعرفة الإجابة : كيداي أخبرني بالخطوات التي اتبعتموها للوصول إلى كل هذا ..
- ولماذا لا تسأل يوما ؟؟
- فعلت ذلك لكنه لم يجبني ..

حاوطني بذراعه قائلاً : حسناً تعال معي وأنا سأخبرك بما فعلنا ، لكن يجب أن نبتعد عن هنا أولاً ..

غادرنا المكان بعد أن أخبر كيداي الشرطة أنه يريد أن يسألني عن أمور تخص روز في المدرسة ، وقد فعل ذلك حتى لا تشك الشرطة في تصرفاته ، فمن المريب أن نكون معاً وهذا هو اللقاء الأول لنا ..

توجهنا إلى منزله ، وبعد أن أحضرت الخادمة الشاي لنا ، قال وهو يمسك بكوبه : ما حصل كانت خطة رسمها ساي ، وقمت أنا بتنفيذها ..

رفع الكأس ليشرب منه قليلاً، وبعد أن أعاد الكأس إلى مكانه تابع حديثه : عندما حاول ساي الإعتداء على روز كان بحوزته مسدس كان قد سرقه من أحد المجرمين المعروفين ، وفي ذلك اليوم عندما ضربته روز سقط المسدس منه لتلتقطه روز وتفر هاربة ، لم يكن أمر المسدس يهم ساي ، فهو في الأصل كان ينوي التخلص منه ، وبصمات أصابعه لم تُطبع عليه ، لذا لم يهتم بإستعادتها من روز ، لكنه ادرك أن إمتلاكها للمسدس سيصب في مصلحته ، لذا استغل هذه النقطة ..

ثم صمت قليلاً وعاود شرب الشاي ، وأنا أنظر إليه بعينين متلهفتين لتكملة القصة ، لأرى ما هي الخطة الخبيثة التي رسمها ساي أيضاً ، وكيف يمكنني منعهم وإحباط خططهم ..



تابع كيداي : حينها جاء دوري في الخطة ، فأنا كنت أرغب في الإنتقام من عائلتها منذ زمن بسبب والدها البغيض ، وساي أتاح لي فرصة الإنتقام ، تزوجت والدة روز بعد أن أغريتها بالنقود ، وبدأت أحاول التقرب من روز لتثق بي وتبوح بكل أسرارها ، وكانت هذه الخطوة لأجل أن تخبرني بمكان المسدس الذي أخذته ، ولأتأكد من أنه لايزال بحوزتها ، كان لابد من أن يكون هناك حافز لتستعمله ، لذا أرسل ساي رسالة تنذر بموتهم وبالأخطار المحيطة بها ، ثم تعمد أن يدع الأمور في المدرسة تسير بسلالة ويسر ليوهمها أن الخطر سيكون خارج أسوار المدرسة ، وحينها كان يجب على روز أن تأخذ حذرها حتى وهي في المنزل ، وأخذ الحذر يعني أن تستخدم أسلحتها للدفاع عن نفسها ، حينها تقربت إليها بالقصص القديمة المتعلقة بوالدها ، وبعد أن أحسست أنها وثقت بي جداً وأيقنت أن المسدس بحوزتها انتقلنا إلى االخطوة الثانية ......


قاطعته بسؤالي : هل كنت على معرفة وثيقة بوالدها ؟؟ ولماذا دعوته بالكاذب ؟؟
أجب بنبرة حاقدة : إنها قصة قديمة حصلت قبل أن يتزوج والدها ...
قاطعته ثانيةً فأنا لا أريد أن يخوض في الحديث عن قصته المتعلقة بوالد روز ، فهذا لا يهمني أبداً ، وكل ما أريد معرفته هو الخطة التي رسمها ساي : لندع ما فعله بك والد روز جانباً ، فأنت قد أخذت بإنتقامك وهذا يكفي ، ولنعد إلى حيث توقفنا ، أعني إلى الخطوة الثانية من الخطة ..


رمقني كيداي بنظرة ساخطة وقال : أنت وقح حقاً يا كازوما ..
ثم زفر طويلاً ليكمل : كانت لروز عادة استغليتها لمصلحتي ، إذا أنها بعد العودة من المدرسة يجب أن تشرب شيئاً ، وتعمدت وضع علبة أمام ناظريها لتشربه ، وكنت قد وضعت المنوم فيه ، شربت روز منه وغطت في نوم عميق ، قتلت والدتها وماركو بعد أن استخدمت المسدس الذي كانت تحتفظ به ، ثم إنني استبدلت العلبة الملقاة في القمامة بمشروب كحولي ، وبعدها خرجت من المنزل بعد أن وضعت سلاح الجريمة بجانبها ، استيقظت روز وتظاهرت بأنني قد عدت إلى المنزل للتو ، ولمحت لها بأن تختبئ في منزل أحد أصدقائها ، وكنت واثقاً من أنها ستذهب إلى سوبارو ، وعندما نقوم بقتلهما ستظن الشرطة أنهما قد انتحرا معاً بعد أن واجهتهم الكثير من المشكلات في حياتهما ..

إبتسمت إبتسامة عريضة تظاهرت فيها بالمكر والخبث وأنا أقول : إنها فكرة رائعة حقاً ، فعلاً أنتم تبدعون في جرائمكم بشكل مذهل ..
رد كيداي بغرور : بالطبع فنحن لسنا أشخاص عاديين في النهاية ..


نظرت إلى إبتسامته الفخورة بإشمئزاز ، تباً لكم ولأمثالكم ، تقتلون الناس بدم بارد وتتفاخرون بذلك ..
سيأتي اليوم الذي ستسجنون فيه جميعكم ، وتضطرون إلى دفع ثمن جرائمكم كلها ، وأقسم أن هذا اليوم لن يكون بعيداً جداً ..

غادرت منزل كيداي بعد أن أخبرته بأن لدي أموراً يجب القيام بها في الوقت الحالي ، وغادرت متوجهاً نحو المنزل ، لإضافة مجموعة من الأسئلة تحوي مجموعة من المعلومات ، فغداً ستكون نهايتهم حتماً بعد أن يفهم سوبارو الرسالة ..

سأخلص العالم من هؤلاء القذرين المجرمين ، سأضع حداً لجرائمهم التي لا تنتهي ، سأكشف للعيان حقيقة هؤلاء المتوحشين المختبئين خلف لباس البشر ..


***
~ ياماتو ~

لا أعلم ما إذا كان يجب أن أثق في سوبارو أو لا ، لكنني وبعد تردد حزمت أمري وتوجهت نحو مقر الشرطة لأعلمهم بجميع ما حصل لنا من رسائل وفديوهات ..

كنت في مقر الشرطة وقلبي ينبض بقوة موحيا بأنه سينفجر قريباً ، والأمر إستغرق مني وقتاً طويلاً لأروي لهم كل ما حصل ، ولازلت حتى الآن في المخفر ..


لقد طلبوا مني الإنتظار إلى حين حضور المفتش المسئول عن القضية والذي هو والد جوليا نفسه ..
كنت غارقاً في دوامة من التفكير ، لا أعلم حقاً ما إذا كنت على صواب الآن أم لا ، كيف لسوبارو أن يعلم ما إذا كنت مراقباً أو لا !!
لو حصل لجوليا أمر سيء فأنا لن أسامح سوبارو أبداً ، وأنا لا أظن أنه سيكذب بهذا الشأن ، فهو الآخر لا يريد إيذاءها ..


انتشلني صوت جهور يقول لي : أنت ياماتو الذي تحدثت معه مسبقاً صحيح ؟؟
نظرت إلى الرجل المتحدث والذي هو والد جوليا مجيباً بتوتر : نعم أنا ياماتو يا سيدي ..
جلس على الكرسي المقابل لي والطاولة الخشبية تفصل بيننا وقال : لقد أخبرني الشرطي الذي حدثته سابقاً بكل ما قلته ، لكن لدي بضع أسئلة أوجهها لك ، هل تعرف الخاطف أو تشك في أحد ؟؟

أجبت وأنا لازلت متوتراً : لا ، لا أعلم عن هويته ولا أشك في أحد ..
قال والد جوليا وهو يضيق عينيه : لماذا لم تخبرني بالمعلومات الضرورية عندما تحدثت معك سابقاً ؟؟
- كنت حينها لم أعلم أنني لست بمراقب ، فقد أخبرنا المختطف أن جوليا ستكون في خطر إذا ما تفوهنا بكلمة بشأن هذا الأمر ..
- وكيف علم صديقك سوبارو بأمر عدم مراقبتك ؟؟
تمتمت بهدوء : لا أعلم حقاً يا سيدي المفتش ، لكن لا يجب أن نسأله الآن ، فأنا أظن أنه مراقب ولو لم يكن كذلك لأتى هو إليكم بنفسه ..

ثم أردفت بنبرة متوسلة : أرجوك يا سيدي المفتش لا تُقدم على خطوة متهورة تعرض فيها حياة جوليا وحياته للخطر ..

قال وهو يشبك أصابعه ببعضها : لا تقلق لن أفعل ذلك ، فأنا أعرف ما يجب أن أقوم به جيداً ..
أنكست رأسي قائلاً بحزن : أنا آسف لأني لم آتي إلى هنا منذ البداية ، ولو فعلت ذلك لما كان يجب أن يعاني الجميع ، أعلم أنني شخص لا فائدة منه ، لذا ..........


لم أستطع أن أكمل حديثي ، فحلقي أصبح يؤلمني كثيراً ، والحزن يعصر قلبي ، وشعوري بالذنب ينهش روحي ..
دموعي أخذت تتساقط بضعف ، أنا لم أعد أستطيع منع دموعي من الانهمار بعد الآن ، كل ما يحصل حولي كثير جداً ، والمشاكل تمطر علي من كل الجهات ..


أحسست بأحد يربت على كتفي وصوت دافئ يقول لي : لا تلم نفسك يا ياماتو ، فأنت تأخرت في إعلامنا خوفاً على جوليا ، لذا توقف عن البكاء وحاول التماسك ..

لست أبكي بسبب هذا فقط ، أنا أبكي الآن خوفاً على جوليا ، ماذا لو علموا الآن بمخالفتي لقوانين لعبتهم ؟؟ ماذا لو قتلوها الآن بسببي ؟؟ إلهي ساعدني لم أعد أستطيع الإحتمال أكثر ..

جذبني والد جوليا لحضنه وهو يقول : يكفي يا ياماتو أرجوك ..
ابتعدت عنه بالقوة وأنا أقول بشفتين مرتعشتين وصوت مبحوح : سيدي لو حصل شيء لجوليا بسببي فلا تسامحني أرجوك ، لو قتلوها الآن فقم بقتلي فقد أتيت إلى مركز الشرطة على الرغم من منعهم لي ..

تغير وجه والد جوليا إلى خوف وقلق ، لقد فهم ما كنت أعنيه ، لذا صرخ بنبرة آمرة : قف يا ياماتو حالاً ..
نفذت أوامره والخوف يتسلل إلى قلبي ، وهو أخذ يدور حولي ويفتش ملابسي بشكل دقيق ، وبعد أن انتهى قال وهو يزفر براحة : لا يوجد جهاز تعقب ولا تنصت على ملابسك ..

قلت بهدوء وأنا أمسح دموعي بقوة : ربما وكّل أحدهم بمراقبتي ولهذا لا يجب أن نشعر بالراحة ..
قال والد جوليا : كن متفائلاً يا ياماتو ، ربما سوبارو صادق في قوله ، والخاطف لا يعلم بمجيئك إلى هنا ..
همست بصوت خافت : أتمنى ذلك ..


اقترب مني السيد روك ووضع يده على كتفي قائلاً : تستطيع المغادرة الآن ، ونحن سنتكفل بالباقي ..
سألت بتردد : ماذا ستفعلون ؟؟
ـ لقد وكلنا مجموعة بمراقبة المدرسة لمعرفة الشخص الذي يضع الرسالة في درج طاولة روز وسوبارو ..

قلت بسرعة : لكن تصرفوا بشكل خفي أرجوكم فأنا لا أريد .......
قاطعني بأبتسامة : لا تقلق يا ياماتو نحن نعرف كيف نقوم بعملنا ..

صمت لثواني قبل أن أنطق بقلق : أعلم أنكم أكثر خبرة مني في العمل ، وأكثر حرصاً مني على سلامة الجميع ، لكن كونوا حذرين أرجوكم ، فأنا لا أريد أن أفقد جوليا أبداً ، فلازلت بحاجة إلى الإعتذار لها على كل ما فعلته ..
- سنفعل ذلك ، وأنا مسرور لأن لجوليا أصدقاء رائعين مثلك ..


غادرت مقر الشرطة عائداً إلى البيت ، وكلمات السيد روك تشعرني بالذنب أكثر فأكثر ..
أصدقاء رائعين مثلي !!! أي روعة هذه ؟؟ أهناك شخص يطلب من فتاة أن تكون خادمة لديه للتكفير عن خطأ كان هو سببه ؟؟ أنا أسوء شخص في العالم ، وأبشع رجل في التاريخ ..


تذكرت فجأة أمر روز ، لذا أمرت السائق بالعودة إلى مخفر الشرطة ، يجب أن أسأل عن ما يخص روز ، فأنا أخشى عليها كثيراً ..
ركضت إلى الداخل لأقابل والد جوليا أمامي ينظر إلي بإستغراب ، بادر هو بالقول : ماذا تفعل هنا مجددا ؟؟ أهناك ما تريد إضافته ؟؟

قلت بفضول : روز ، ماذا سيحصل لها ؟؟ هل ستلقون القبض عليها حقاً ؟؟ أليس هناك طريقة لمساعدتها ؟؟
- روز حتى الآن لاتزال مفقودة ، ونحن نعمل جاهدين لإيجادها ، ثم أن دليل إدانتها لم تثبت بعد ، لذا هناك إحتمال في كونها بريئة ..


انفرجت أساريري حين سماعي هذا ، وشعرت بأنه لازال هناك أمل في براءتها ، لكن صوت الشرطي الواقف بجانب والد جوليا أحبطني بقوله : أنت الوحيد الذي يظن هذا يا سيد روك ، ولو تم إيجاد روز فسيتم إستجوابها وحبسها حتى تثبت إدانتها ..
قطب والد جوليا جبينه قائلاً بإنزعاج : أكان يجب عليك التفوه بهذا أمامه ؟؟


فقدت أعصابي وصرخت حينها : إذاً كنت تريد أن تكذب علي يا سيد روك ، لو وجدت روز فأنا لن أسلمها لكم أبداً ، ولن أدعها تُعامل معاملة المجرمين..
أنهيت جملتي وركضت مبتعداً ، متجاهلاً السيد روك الذي يناديني ، بعدها صعدت السيارة وعدنا إلى المنزل وأنا أشعر بأن الدم في عروقي يغلي من شدة الغضب ..

حتى لو كانت روز مذنبة فقد كان لديها دافع لفعلها ، فقد كُتب في الصحف أن.زوج والدتها صرح بأن روز كانت تعامل بقسوة من قبل أمها وابنها ، وربما كانت المرة التي اكتشفنا فيها الجروح الموزعة على جسدها والحروق الموجود في ظهرها كان سببها والدتها اللعينة ، لاشك في ذلك ، فقد رفضت إخبارنا عن الفاعل حتى لجوليا نفسها ..

فلا أحد يحب أن يُفصح بمشكلاته التي يواجهها في المنزل ، وخصوصاً إذا كان الوالدين طرفاً في المشكلة مثلي تماماً ..

مهلاً لحظة !!
سوبارو صرح لي بأنه كان يعلم بالأمر ، إذاً هي لم تكن تخفي الأمر ، وأنا الأحمق الوحيد الذي لم يكن يعلم ..

إطلقت زفيراً طويلاً وقلت وأنا أبعثر شعري بإنزعاج : أنا كنت الغبي الوحيد بينهم تباً لي ..

- سيدي لقد وصلنا ..
كان هذا صوت السائق الذي نبهني إلى أننا توقفنا ، وهو الآن ينتظر خروجي من السيارة بعد أن فتح الباب لي ..

سرت إلى غرفتي وألقيت بجسدي على السرير بعد أن أخذت حماماً ساخناً أراح أعصابي قليلاً ، وعندما حان وقت النوم أخذ عقلي الغبي بالعمل مجدداً والتفكير حول الأمور التي حصلت هذا اليوم طارداً النوم من عيني ، على الرغم من كل ما أشعر به من إرهاق ..
واستمر هذا الليل الطويل في التفكير حول ما حصل سابقاً وبما سيحصل غداً ..


***
وفي صباح يوم جديد

~ روك ~

كنت أتأمل منظر شروق الشمس من على الجسر الذي أقف عليه منذ الأمس ، منتظراً مكالمة من أحد رجالي الذين يراقبون المدرسة من كل الجهات ، والمنتشرين حول المنطقة بأكلملها بشكل سري ..

أنا أجلس بعيداً لأنهم سيشكون في أمري إذا ما رأوني بالقرب من المدرسة ، فلابد من أنهم يعرفون شكلي جيداً ، وعلى الرغم من أن أحد زملائي في العمل ألح علي بالعودة إلى المنزل وأخذ قسط من الراحة إلا أنني رفضت ذلك رفضاً قاطعاً ..


لا يهمني ما إذا كنت قد عملت لوقت طويل دون راحة أبداً ، ولا أهتم إذا لم أكن في المنزل لتناول العشاء ، كل ما أريده هو إستعادة جوليا بأسرع وقت ممكن ، فلا أظن أن التأخير في صالحنا ..

لازلت لا أفهم لماذا كان الخاطف يرسل لأصدقاء جوليا رسائل شبه يومية ، ويأمرهم بالقيام بأمور فوق طاقتهم تحت مسمى { لعبة } ..

أكان يهدف إلى التلاعب بهم فقط ؟؟ أم أن هناك مغزىً آخر من قيامه بكل هذا !!
المشكلة أن جوليا هي من تتحمل أخطاء أصدقائها ، فهي من تُعذب إذا لم ينفذوا أوامره المجنونة ، لماذا يفعل ذلك يا ترى ؟؟

الغريب أيضاً أن جوليا لم تتعرف على ياماتو وصاحب الضمادات إلا منذ فترة قصيرة فقط ، ولا أظن أن هذه الفترة يمكن أين يكونوا متقاربين جداً ، إذاً لماذا أرسل الرسائل لهما وليست لنا ؟؟ نحن أحق بهذا من الشابان ..


النقطة الغامضة كذلك هو لماذا أرسل الخاطف رسالة إلى هاتف ياماتو المحمول بينما وضع رسالة روز وصاحب الضمادات في درج طاولتهم ؟؟ ثم انقطع بعدها عن إرسال أي شيء لياماتو وكأنهم أرادوه أن يكون بعيداً عن الخطر أو شيء من هذا القبيل ..

وربما لأنه ذهب إلى مدرسة أخرى وأصبح بعيداً عنهم ، وهذا يعني أن الخاطف داخل أسوار المدرسة أو أن هناك شخص متواطئ مع الخاطف يعمل في المدرسة ..

كيف لصاحب الضمادات أن يدرك بأن ياماتو غير مراقب ؟؟ من أخبره بهذا ؟؟ وكيف توصل إلى هذا الإستنتاج ؟؟

العديد من النقاط الغامضة والمبهمة تثير حيرتي ، والأجوبة جميعها سأحصل عليها قريباً ، عندما أكتشف هوية الخاطف ..

أحسست بيد وضعت على كتفي يتبعها صوت رجولي يقول : لا تُظهر هذا الوجه القلق والمتوتر ، فهذا لا يليق بك أبداً ، لطالما عهدتك واثقاً يا روك ..

إلتفت إلى زميلي في العمل الجالس جواري وقلت بإبتسامة باهتة : لا أعلم حقاً لماذا ، لكن هناك شعور غريب يخالجني وصوت في داخلي يقول لي أن المهمة لن تكون بهذه البساطة ..

لم يعلق زميلي على ما قلته ، وكأنه هو ذاته يشعر بذلك ، وهذا الشيء أقلقني أكثر ، وقلبي أخذ بالإنقباض بشكل مزعج .


مر الوقت ببطء شديد والصمت هو الجو الطاغي على المكان ، لا أنا ولا زميلي تفوهنا بحرف بعد المحادثة القصيرة التي حصلت ، كسر حاجز الصمت صوت رنين هاتفي النقال ، لأنظر إليه بلهفة فإذا بأحد رجالي هو المتصل ..

أجبت بلهفة : هل رأيتم شيئاً ؟؟
- للأسف لم نرى أحداً يقرب من الطاولتين اللتان أمرتنا بمراقبتها ، والطلبة والمعلمون أخذوا بالحضور ..

أصابني إحباط شديد حين سماعي لهذا ، لكنني تذكرت أن ياماتو أخبرني أن الرسائل قد انقطعت قبل يومين ، لكن ماذا يعني هذا ؟؟
هل من المعقول أن الخاطف قد ........

هززت رأسي طارداً الفكرة من رأسي ، لا لا ، لا أظن أنه سيقتل جوليا ، لكن ماذا كان يقصد برسالته الأخيرة التي أرسلها قبل إنقطاعه ؟؟

ولماذا أستبعد هذا الإحتمال ؟؟ لا أظن أن هناك شيء يمنعه من قتل جوليا ، لكنه لم يستفد شيئاً من قتله لجوليا إذا فكرت هكذا ، إذاً لا أظن أن هذا حصل ، ربما هو يهدف لشيء آخر ..

قلت بهدوء : أكمل المراقبة حتى النهاية ، ربما نلاحظ شيئاً .
- حسناً يا سيدي ..


أسندت برأسي إلى الخلف ، وأغمضت جفوني محاولاً جمع شتات نفسي ، أشعر بأنني أنهار من الداخل ، ولا أستطيع التركيز جيداً ولا إتخاذ الخطوة السليمة ، لأول مرة أشعر بالعجز الشديد وهذا محبط للغاية ..


***

~ كازوما ~

شددت على الفأرة محاولاً كبح جماح غضبي ، لابد أنه هو السبب في هذاً ، تباً لذلك اللعين ..
أمسكت بهاتفي الخلوي ولازلت محافظاً على تلك الملامح الجامدة ، فأنا يجب أن أتحكم بإنفعالاتي جيداً وإلا كُشف أمري ..

إتصلت على يوما وما هي إلا ثواني حتى أتاني صوته المستفز : ماذا تريد ؟؟
قلت وأنا أضغط على أسناني من شدة الغيظ : لماذا فعلت ذلك يا يوما ؟؟ لا أظن أنه يجب عليك أن تتدخل في حياتي المهنية ..
أجابني بنبرة باردة : لا أعلم لماذا لكن حدسي من أشار لي بذلك ،فأنا أشعر بأن تلك الأسئلة ستشكل مشكلة لنا ، لذا قمت بهكر جهازك ومحوها ..

أحسست بدمي التي في عروقي تغلي من شدة الغضب ، لقد تعبت كثيراً في تجهيز الأسئلة لأضع عليها المعلومات المهمة ، وهو يقوم بمسحها بكل برود ..
قلت بهدوء عكس البراكين المتفجرة في داخلي : حسناً هذا لا يهم ، فهي لم تكن مهمة على أية حال ..
- هذا جيد ويبدو أن حدسي لم يكن في محله ، وداعاً ..


أقفل الخط في وجهي ، وأنا أحاول التماسك أكثر ، لا أستطيع إظهار غضبي ، وإلا شك في أمري ..
يوما شخص مرعب بحق ، حدسه مرعب كثيراً ، كما أنه ماهر في التسلل إلى أجهزة الغير والعبث بها كما فعل بجهازي ويعد أفضل قراصنة الحاسوب ، لذلك كان هو من أذكى الرجال بعد ساي ..

كيف سأوصل المعلومات المتعلقة بالمنظمة لسوبارو ؟؟ هل علي أن أفكر في طريقة أخرى ؟؟
أخشى أن أعيد كتابة الأسئلة ذاتها فيشك يوما بي من جديد ، وحينها لا أستبعد أنه قد يقتلني ، فأنا لست بالعضو المهم جداً ..

حسناً حتى لو لم أخبره بالمعلومات الإضافية فأنا واثق من أن رسالتي الأولى قد وصلت له ، وهو بدوره قد أوصلها إلى ياماتو بطريقته ، لذا لا بأس ربما ..
وللتأكيد فقط قررت جمع الأذكياء العشرة لأتحدث مع سوبارو بطريقة غير مباشرة ، لأطمئن على الأوضاع ..


طلبت من المعلمين والمعلمات إعلام الطلبة العشرة بأمر رغبتي في مقابلتهم الآن وفوراً ، وما هي إلا دقائق حتى اجتمعوا جميعاً في مكتبي ..
جلت ببصري نحوهم وقلت بنبرة جادة : كما تعلمون فأنا قد أخبرتكم مسبقاً عن الإختبار الذي سأقيمه اليوم لتحديد الأذكى ، لكنني جمعتكم لأعلمكم أن الأسئلة قد حذفت قبل أن أتمكن من طباعتها ..

رُسمت على ملامحهم الإحباط ، في حين أكملت : لا تُظهروا مثل هذه التعابير ، فأنتم أذكياء حتى لو لم يكن هناك إختبار يحدد نسبة ذكائكم ، ويمكنكم الإستفادة من أقل المعلومات التي اكتشفتموها سابقاً ، وتستطيعون تدبر أمركم والوصول إلى الحلول من دون مساعدتي ..

قال طالب لي : حضرة المدير نحن لم نفهم ماتعنيه حقاً ..
إبتسمت بسخرية في داخلي ، بالطبع لن تفهموا ، فالكلام موجه إلى سوبارو وحده ، نظرت إلى سوبارو قائلاً بإبتسامة غامضة : لاداعي لأن تفهموا ، المهم أنه لن يكون هناك إمتحان ..


رد سوبارو : هذا أفضل ، فأنا لا أريد أن أضيع وقتي في إمتحان سخيف ، المعلومات التي بحوزتنا تكفينا لا داعي لأن تزيد من ثقافتنا إذا كان هذا سيسبب ضغطاً عليك ..
قالت إحدى الفتيات ساخرة : لاشك من أنك تقول هذا لأنك لست واثقاً من قدراتك ، أنت لا تستحق الوقوف معنا هنا ..

هز سوبارو كتفيه بلامبالاة قائلاً : حسناً سأغادر إذاً الآن فأنا لا أستحق البقاء معكم ..
توجه ناحية الباب وأمسك بقبضة الباب وقبل أن يدير القبضة قال بنبرة مستفزة وهو يدير برأسه نحو الجميع : فمقامي أعلى منكم جميعاً ، ومكانتي الحقيقية ضمن العباقرة ..

أنهى جملته وغادر المكان ، مخلفاً وراءه براكين ثارت بسبب جملته الأخيرة ، هذا السوبارو بارع حقاً في إستفزاز الآخرين ، وهذا يذكرني بأحدهم ..
ابتسمت لا أرادياً فور تذكري لها ، لإسمع أحدهم يقول بحنق : لماذا أنت مبتسم يا حضرة المدير ؟؟ هل أعجبك ما قاله المغرور المشوه ؟؟
محوت الإبتسامة التي كنت أرسمها وقلت بنبرة صارمة : أستحاسبني على إبتسامتي أم ماذا ؟؟ غادروا الآن فقد أنهيت ما أردت قوله ..

أخذ الجميع يغادرون مكتبي ، وأنا عدت إلى كرسيي وأخذت أفكر في ما قاله سوبارو ، أنا واثق أنه قد فهمني جيداً ، وقد قصد بكلامه أنه يستطيع تدبر أمره دون تدخلي ..
من الجيد أن سوبارو موجود ، فلو كانت روز لوحدها لكنت قد وقعت في ورطة حقيقية ، فهي غبية جداً ، ولا أظن أنها ستفهم تلميحاتي أبداً ..


***
~ يومي ~

مستلقية على جنبي الأيمن ووجهي نحو الباب ، وجوليا جالسة خلفي تحاول عبثاً إقناعي بتناول الطعام ..
ظهري ليس بأفضل حال من الأمس ، ولازلت أشعر بحرقة مكان الجلد ، لكن إمتناعي عن الأكل هو شعوري بالذنب تجاه جوليا ..

تذكرت كلماتي القاسية التي قلته لها بعد أن تم جلدي ، لقد لمتها على ما حصل لي مع أنه لاذنب لها ..
فعلت ذلك بسبب الألم الذي عانيته من شدة الضرب ، فقد شعرت وكأن ظهري قد انقسم إلى نصفين من قوة الألم ، في حياتي لم أجرب مشاعر التعذيب ، وحين ذقته تمنيت الموت حينها ..

في النهاية صببت جام غضبي على جوليا المسكينة ، التي ضحت بنفسها عدة مرات من أجلي ، فعلاً أنا إمرأة حقيرة وأنانية ..

- آنسة يومي إنهضي أرجوك لتناول الفطور ، أنت لم تأكلي شيئاً منذ البارحة ..
كان هذا صوت جوليا التي لم تيأس من المحاولة بعد ، لم أعد أستطيع تجاهلها أكثر من هذا ..
تمتمت بخفوت وأنا على حالي : أنا لا أريد شيئاً يا جوليا دعيني وشأني ..

أتاني صوتها المغمور بالحنان : كفى عناداً أرجوك يا آنسة يومي ، أدرك أنك مرهقة جداً ولذا تحتاجين إلى الغذاء للتزود بالطاقة ..

نطقت بسخرية مريرة : تتحدثين وكأنها وليمة ستشبع شعباً كاملاً ، والحقيقة هي ليست سوى لقيمات تبقيني حية لأذوق عذاباً أشد مما ذقته ..
صمت جوليا لبرهة قبل أن تسأل بهدوء : إذاً أنت تنوين الموت في هذا المكان ..
أجبت بذات النبرة الهادئة : إن كان سيريحني من هذا الجحيم فلا بأس عندي ..

أحسست بيدها التي وُضعت على عضدي برقة ويتبعها صوتها العذب : لا تقولي مثل هذا الكلام يا آنسة يومي ، ثقي أننا سننجو حتماً ، وبعدها سنستمتع بحريتنا كما نشاء ، ونعود لعائلتنا وأصدقائنا وجميع أحبابنا ، لا تتمني الموت في مكان قذر كهذا ..

لم أكن أركز على كلماتها ، فالحرارة التي أحسست بها من يدها الموضوعة على عضدي أشغلتني كثيراً ، يدها ساخنة جداً ..
نهضت بصعوبة ، ووجهت ببصري إليها ، فإذا بوجهها شاحب ومرهق ، وقد احتقن احمراراً من شدة التعب ، والعرق يتصبب منها ، ومع كل هذا لازالت ترسم على شفتيها إبتسامة هادئة ..

وضعت يدي على جبينها لأتحسس حرارتها ، وكما توقعت كانت لاتزال مصابة بالحمى ..
صرخت بغضب : أيتها الحمقاء أنت مريضة لماذا لا تزالين تتصرفين بشكل طبيعي ؟؟ يجب أن تقلقي على نفسك قبل غيرك ..

وضعت يدها على جبينها لتتحسس حرارتها قائلة ببراءة : لكنني لا أشعر بالإرهاق، أنا على ألف ما يرام ..
أدرك أنها تتصنع القوة ، وتتظاهر بالغباء معي لتبدد قلقي ، لكنني لست بحمقاء حتى أصدق تمثيلها السخيف ..

نقلت ببصري نحو الطعام الموضوع بجانبها ، والذي من الواضح جداً أنها لم تمسه ولم تذق منه لقمة واحدة ..
قلت بجدية : عليك الإهتمام بنفسك يا جوليا ، فلست الوحيدة التي تحتاج إلى طعام ، فأنت كذلك تحتاجين إلى شيء يزودك بالطاقة ..

تحدثت بإبتسامة عريضة : إذاً لنأكل سويةً ، ما رأيك يا آنسة يومي ؟؟
أدرك تماماً أنها لن تأكل إذا لم آكل معها ، لذا أومأت برأسي ، وقسمت الرغيف إلى نصفين تعمدت فيها جعل النصيب الأكبر لجوليا ..
ناولتها قطعة الخبز وبدأنا بالأكل ...


كنت أفكر في ما كانت تفعله جوليا معي ، لقد كانت تمسح ظهري بالماء دائماً لتمنع تلوثها ، وتهتم بي جيداً وكأنني الوحيدة التي تحتاج إلى رعاية ، وأنا الممرضة الحمقاء التي لم ألاحظ بأنها مرهقة مثلي تماماً ..
حتى أنني واثقة بأنها لا تنام جيداً مطلقاً ، فهي أثناء نومي تقوم بحراستي خوفاً علي من هؤلاء المجرمين ..
آه يا جوليا كم أنت فتاة عظيمة ، لا أظن أنني سأجد شخصاً بمثل إيثارك ..

أنهيت الرغيف الذي معي ، بينما جوليا لم تنتهي بعد ، قبل أن أتفوه بكلمة رأيتها تمد يدها الممسك بالرغيف وتقول بإبتسامة : تفضلي بأخذ ما تبقى من حصتي ، فقد شبعت حقاً ..
أجبت بصرامة : عليك إكمال طعامك يا جوليا ..

ثم إلتفت إلى الحارس قائلة : أحضر دواءً للحمى أرجوك ..
رفع الحارس ببصره إلي لثوان،. وبعدها قذف بعلبة الدواء نحونا قائلاً : خذا وتناولا الكمية التي تريدانه ..

زحفت بإتجاه الدواء بصعوبة ، فلا زالت الجروح التي في ظهري لم تلتئم بعد ..
وقبل أن أصل إليه إمتدت يد جوليا والتقطته قبلي قائلة بضحكة قصيرة : لا أعلم لماذا ترهقين نفسك من أجلي ، أنا أستطعي الإعتماد على نفسي ..

إن كنت أرهق نفسي من أجلها فهي تقتل نفسها من أجلي ، هذه الفتاة تحرجني بتصرفاتها البالغة حقاً ، أشك في أنني الأكبر هنا ، لا أستطيع أن أصدق أن فتاة في السابعة عشر من العمر تساعد إمرأة في الثلاثين ، هذا مخزٍ حقاً ..

قلت وأنا أشيح ببصري بعيداً عنها : أنهي الطعام وتناولي الدواء قبل أن تزداد صحتك سوءً ..
أكملت طعامها بصمت ، وتناولت الدواء كما أمرتها ، وأسندت بظهرها إلى الجدار وأغلقت عينيها لتريح نفسها قليلاً ..

أخذت أتأمل ملامحها الطفولية والبريئة ، فتاة مثلها لا تستحق البقاء هنا ، ولا تستحق كل ما يحصل معها .
تمتمت بهدوء : جوليا أنا آسفة على ما قلته سابقاً ..
فتحت إحدى عينيها وأبقت الآخر مغلقاً قائلة بتساؤل : علام الإعتذار ؟؟
- لقد قلت لك كلاماً قاسياً قبل أمس بعد أن تم جلدي ..

إبتسمت نصف إبتسامة وقالت وهي تعاود إغلاق عينها : لاداعي للإعتذار ، فأنا لم أغضب أبداً ..
لم أستطع منع دموعي من الهطول ، فتاة رائعة جداً ، كم هي مذهلة وعظيمة ، كل الكلمات تقف عاجزة عن وصف هذه الفتاة ..
أخذ صوت شهقاتي بالعلو حتى أن جوليا فتحت عينها بذعر ناطقة : آنسة يومي ما بك !! هل يؤلمك ظهرك ؟؟ هل تحتاجين إلى شيء ؟؟

إحتضنتها بين ذراعي بقوة وأخذت أشد على جسدها الضعيف بقوة ، وبين كل شهقة وأخرى أتمتم بالإعتذار ، ولا أعلم كم من الوقت بقيت هكذا ..


***

~ روك ~

- هي لازالت حية يا سيدي وأنا واثق من ذلك ..
صرخت بهذا عالياً أمام رئيس مخفر الشرطة ، وأخذت ألهث من شدة الغضب ..
نظر إلي الرئيس صاحب الجثة الضخمة بحدة ، وكأن تصرفي لم يعجبه ، لكنني لا أبالي ..
قال الرئيس بخشونة : روك يجب أن تفكر بعقلانية ، رغبتك في نجاة إبنتك ليس سبباً كافياً يجعلني أثق في أن إبنتك حية حتى الآن ، ما من دليل يُشير إلى ذلك ..
أجبت بثقة : وما من دليل يثبت عكس ذلك أيضاً ، إذا كلتا الإحتمالين ليست مؤكدة ..

ضرب الرئس بقبضته الضخمة سطح الطاولة مصدراً ضجة كبيرة أتبعها صوته العالي : مر على إختفاء إبنتك ما يقارب أسبوعين ، لماذا تظن أنهم لايزالون يبقونها حية ؟؟ كما أنك تعرقل التحقيقات كثيراً يا روك خصوصاً في قضية موت عائلة كازيهارا ( عائلة روز ) ..
وقفت منهياً النقاش وأنا أقول : أنا متأكد من أن القضيتين متعلقتين ببعض ، لذا أمهلني أسبوعين لأثبت ذلك ..

زفر الرئيس ناطقاً : حسناً لديك أسبوعين تثبت فيها صحة كلامك ، وأنا سأنتظر نتائج تحقيقاتك ..

غادرت مكتب الرئيس وأنا أشعر بالضياع ، كيف سأثبت صحة كلامي وأنا لا أمتلك طرف خيط يقودني نحو الحقيقة ..
لحظة !!
من قال بأنني لا أمتلك طرف الخيط ؟؟ بلى أنا أستطيع فعلها بما أن لدي بعض المعلومات التي أخبرني بها ياماتو ، وهو سيساعدني حتماً في إتمام المهمة ..

إن كان الخاطف قد أرسل إليه رسالة من قبل فهو لن يشك فيه إذا ما تدخل في الأمر ، وسيبدو طبيعياً جداً ، إذاً يجب أن أستفيد من ياماتو قدر الإمكان ..


***

~ شينا ~

أنتهيت من الحديث مع الطبيب المسؤول عن حالتي ، وحاولت جاهدة إقناعه بالسماح لي بالخروج ، لكنه رفض ذلك وبشدة حفاظاً على صحتي ..
عدت إلى غرفتي المشتركة مع قالب الثلج آلبرت ، وحتى الآن علاقتنا ببعضنا ليست جيدة البتة ..
من الجيد أن السرير الثالث خالي من المرضى وإلا لكنّا قد أزعجناه بكثرة شجارنا ..

تفاجأت حين دخولي بوجود رجل يبدو في الأربعين من عمره ومعه إمرأة مسنة بالإضافة إلى طفلة صغيرة وجميعهم متحلقين حول آلبرت ..
كانت المسنة تبكي بشدة ودموعها بلل وجهها المليء بالتجاعيد ، والطفلة لم تكن بأفضل حالاً من هذه المسنة ، فصوت صياحها العالي صدح في المكان ، أما الرجل فقد كان يقف بعيداً عنهم بقليل وينظر إليهم بملامح جامدة ..

جلست على سريري وأنا لازلت أحدق فيهم ، إنتبه إلي الرجل ونظر إلي بإستغراب ، حين انتبهت على نظراته أشحت بوجهي بعيداً ، وأغلقت الستارة التي تفصل بيننا واستلقيت على السرير ..

لقد ظننت أن آلبرت لا يمتلك عائلة ، فلم أرى أحداً يزوره إلا ذالك الطالب المسمى بياماتو ..
ولكن يبدو أنه يمتلك عائلة تعتني به ، كم هو محظوظ ..
لاشك في أن تلك المسنة هي والدته وتلك الطفلة هي إبنته ، والرجل الواقف بعيداً هو أخوه الكبير أو أحد أقاربه ، ومن المستحيل أن يكون والده ، فوالدته كانت مسنة جداً ، أما هذا الرجل فلا زال صغيراً مقارنة بالمرأة العجوز ..
لحظة !!
أذكر أنني رأيت وجه ذلك الرجل قبلاً ، لكن أين يا ترى ؟؟

إختلست النظر إليهم وبالتحديد إلى ذلك الرجل ، وبعد التدقيق في ملامحه تذكرت أين رأيته قبلاً ، هو ذاته الذي أتى صباح اليوم الأول لآلبرت وجر ياماتو خارجاً ، إذا ربما يكون والد ياماتو ، وهذا هو الإحتمال الأكبر ، فالشبه بينهما كبير جداً ..

رأيت آلبرت يمسح على ظهر والدته بيدين حانيتين وقال بصوت دافئ : أمي لا داعي لكل هذا النواح ، إصابتي ليست بتلك السوء ..
لا تعلمون كم أصبت بالصدمة حين سماعي لهذا ، لا أستطيع التصديق أن قالب الثلج هذا يستطيع التحدث بهذه النبرة الحنونة ، ظننت أنه جاف التعامل مع عائلته أيضاً ، لكن يبدو أنني أخطأت ..

دار بين آلبرت وبين والدته حوار قصير حاول فيها آلبرت تهوين الصدمة على والدته ، ومحاولاً إنتشال الحزن من قلب والدته ..
بعد مدة أفلح آلبرت في ذلك بكلماته التي كانت كالبلسم ، ومن ثم وجه ببصره نحو الصغيرة وقال وهو يمد يده إليها قائلاً : فيفي تعالي إلي ، لقد توقفت جدتك عن البكاء لذا يجب أن تتوقفي أنت كذلك ..
مسحت تلك الطفلة دموعها واقتربت من آلبرت وارتمت بين ذراعيه ، وهي تضحك بسعادة ..

شعرت بقليل من الغيرة حينها ، لماذا قالب الثلج هذا يمتلك عائلة وأنا لا ؟؟
صرت أتأمل ملامح وجهه المسترخية ، وإبتسامته الدافئة وهو ينصت إلى والدته بإهتمام بالغ ، لم أتصور أن أراه هكذا قبلاً ، ربما يكون بارداً مع الغرباء فقط ..


سمعت والدته تقول : أنا سعيدة لأن السيد كودو سيتكفل بتكاليف العلاج ، إنه فعلاً رجل طيب ..
ثم إلتفتت إليه قائلة بإمتنان : سأكون شاكرة لك طوال حياتي كلها يا سيد كودو ، ولن أنسى صنيعك هذا أبداً ..
رد المدعو بكودو : آلبرت خادم مخلص لذا قررت مكافأته ..

لمحت إبتسامة ساخرة صدرت من ثغر آلبرت ، وعينيه مثبتتان على السيد كودو بإستحقار ، لم أفهم سر تصرفاته جيداً ، لكنني لم أعر الأمر إهتماماً ..
عدت إلى سريري واستلقيت فيه ، وبقيت أنصت إلى ما يقولونه بصمت ..

مر الوقت سريعاً وغادر جميع من كان مع آلبرت ، لكنني لازلت مستلقية على سريري ، فإذا بي أسمع آلبرت يقول : لماذا كنت تختلسين النظر أيتها المزعجة ؟؟
قلت ببرود : ومتى فعلت ذلك ؟؟
أصد حينها آلبرت ضحكة ساخرة وفضل الصمت دون أن يجب علي ..

قلت بفضول : بالمناسبة يا آلبرت هل كانت تلك الصغيرة إبنتك ؟؟ وإن كانت كذلك فأين هي زوجتك ؟؟
- ولماذا تسألين ؟؟
- مجرد فضول ..
- هي إبنة أخي المتوفى..

لانت ملامحي حين سماعي لهذا ، ووقفت لأزيح الستار الذي يفصل بيننا وقلت وأنا إجلس بالقرب من سريره : وأين هي والدتها ؟؟
أجاب وهو يتأمل سقف الغرفة : لقد تركتها وهربت بعيداً بعد وفاة أخي ..

شعرن بالشفقة تجاه تلك الصغيرة المدعوه فيفي ، وتمتمت بحزن وأنا أحدق في يدي الموضوعة في حضني : لابد أنها عانت كثيراً ، من الصعب جداً العيش دون الوالدين ، إن والدتها قاسية ماكان يجب أن تتركها مهما كانت الظروف ..
سمعت آلبرت يقول : أنا وأمي نهتم بها جيداً ولن نسمح لها بالشعور بالنقص أبداً ، أنا حللت محل والدها وأمي حلت محل والدتها ، لذا لا مشكلة أبداً ..

ثم صمت لثواني قبل أن ينطق : بالمناسبة لماذا تسألين عن أمور لا يعنيك ؟؟ ألا يجب عليك القلق على نفسك عوضاً عن فيفي ؟؟ فأنا لم أرى أحداً يزورك حتى الآن ..

قلت بتعالي : أنا من منعتهم من زيارتي ، فأنا لا احب لأحد أن يراني على سرير المشفى ..
أمال فمه قليلاً وأخذ ينظر إلي بطرف عينه قائلاً : أليس هذا مجرد عذر سخيف لتخفي حقيقة أنك وحيدة ؟؟

لم أرد أن يعرف أن هذه هي الحقيقة لذا قلت محاولة تغيير مجرى الحديث : بالمناسبة لم يزرك ذلك المسمى بياماتو ، لابد أنه قد مل من التوسل لك ، وقرر الإستسلام ..
رد ونظراته قد احتدت كثيراً : هذا برهان قوي على أن ندمه كان مجرد تمثيل ، في النهاية أنا لست سوى خادم عنده ، ولن يهتم بي أبداً ، يظن أنه ما إذا تكفل والده بعلاجي فأنا سأسامحه ، تباً لذلك الغبي ..

نظرت إلى ملامحه الغاضبة ، إنه يعاني حقاً ، عدم مقدرته على السير بعد أن كان سليماً لهو أمر مؤلم ، حتى لو كان يتظاهر بالهدوء إلا أنه يعتصر حزناً ، فعلاً أشفق عليه ..

وقفت لأغير الأجواء الكئيبة وقلت متصنعة الحماسة : آلبرت ألم تمل من هذه الغرفة الكئيبة ؟؟ ما رأيك أن نتسلل إلى خارج المشفى قليلاً ..
تحدث بهدوء : هي شينا منذ متى ونحن كنا نتحدث مع بعضنا هكذا ؟؟ لا أتذكر أننا أصبحنا صديقين ، أم أنك بدأتي تشفقين علي بعد أن علمت أن نسبة نجاح العملية أقل من النصف ..

نظرت إليه قائلة بتفاجؤ : هل حقاً ما تقول ؟؟ لم أسمع بهذا مطلقاً ، كل ما أعلمه أن سيدك سيتكفل بعلاجك فقط ..
نظر إلي لثواني وقال : يبدو أنني تفوهت بشيء لم يكن يجب أن أتفوه به ..

قربت جسدي إليه قائلة : أخبرني كم هي نسبة نجاح العملية ؟؟ أهي بذلك السوء جداً ؟؟
أبعدني مجيباً : لا شأن لك ، وأتمنى أن تبتعدي عني فأنت تزعجينني ..
قلت بإصرار : لا لن أبتعد حتى تخبرني .. رد بإنزعاج : ٤٠٪ هل ارتحتي الآن ؟؟ هيا إبتعدي .. إبتعدت عنه قليلاً وقلت : أحمق ظننت أنها ستكون في العشرين ، ٤٠٪ ليست سيئة كثيراً .. صرخ حينها وهو ينهض بإنفعال : ماذا تعنين أنها ليست بتلك السوء ؟؟ تخيلي لو كنت في مكاني ، هل كنت ستجرين العملية بهذه النسبة الضئيلة ؟؟ قاطعته بهدوء : نعم كنت لأفعلها ، فلازال هناك أمل في إستعادتي لعافيتي .. قال وقد اكفهر وجهه : لكنك ستشعرين بالإحباط إذا لم تنجح العملية ، ستشعرين بالإحباط والحزن أضعاف ما كنت تشعرين به قبل العملية ، لذا أنا لن أخضع أبعداً لهذه العملية فأنا لاأريد أن أتمسك بسراب .. لأول مرة أراه منفعلاً هكذا ، وهذا مفاجئ قليلاً ، قلت بإبتسامة هادئة محاولة بث الأمل في روحه اليائسة : لماذا تفكر بصورة سلبية ؟؟ لماذا لا تفكر كيف ستكون مشاعرك إذا ما نجحت العملية ؟؟ كيف ستكون عائلتك سعيدة بعودتك سالماً إليهم ، هذا مايجب عليك أن تفكر بشأنه يا آلبرت .. نهاية الجزء ..
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس
  #74  
قديم 12-16-2016, 07:37 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://d.top4top.net/p_145wzuq2.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

_٣٢_

~ ياماتو ~

إنتظرت قدوم سوبارو في مقهى قريب من مدرسته ، بعد أن أرسلت إليه رسالة أعلمه برغبتي في التحدث معه ..
يجب أن أتحدث معه بهدوء ، فمن الواضح جداً أنه يمتلك الكثير من المعلومات المتعلقة بقضية جوليا ، وإذا ما علمت فأنا سأبلغ الشرطة بذلك بلا شك ..

دقائق ولمحته يدخل من الباب وعيناه تبحثان عني ، لوحت له بيدي وفور أن رآني سار بإتجاهي وأنظار الجميع تلاحقه ..
جلس في الجهة المقابلة لي ، وقبل أن يتفوه بكلمة بادرت بسؤاله : هل تريد شرب شيء ؟؟
أجاب بهدوء : ليس لدي الوقت الكافي لذلك ، أخبرني لماذا طلبت مقابلتي ؟؟ أتريد أن نكمل ما بدأناه في الأمس ؟؟ ألم يكفيك ما أصابك من لكمات ؟؟

لا أعلم حقاً كيف أخبره بأنني أريد مزيداً من المعلومات التي يمتلكها ، فأنا أعلم أنه مُراقب ، وهذا لن يكون بالأمر الجيد ..
شبكت أصابعي ببعضها وقلت : لنكمل ما بدأناه لكن هذه المرة بطريقة أكثر عقلانية ، وأنا أعني بالحوار ..


أسند بظهره إلى الوراء وعقد ساعديه أمام صدره وقال بإزدراء : وماذا تريد أن تقول ؟؟
بلعت ريقي بتوتر ، لم أظن أنه سيكون بارداً بهذا الشكل ، كنت أعتقد بأنه سيتعاون معي من أجل إنقاذ جوليا و روز ، لكنه غير مهتم ..
أو ربما هو يمثل البرود فقط ، من أجل إبعاد الشبهات ..

سألت سوبارو : هل حصلت على رسالة من الخاطف هذا اليوم ؟؟
- لا أبداً ، لقد انقطع منذ أيام ، وأنا لا أعلم لماذا حقاً ..

أرغب حقاً في معرفة كيف علم بأنني لست بمراقب ؟؟ ولماذا طلب مني إبلاغ الشرطة ولم يذهب هو إليهم بنفسه ، لكنني لا أعلم الطريقة السليمة لفعلها ..

قلت بإرتباك : سوبارو لو رغبت في معرفة أمر ما ، فهل تنتظر أحداً يخبرك بهذا أم تكتشفه بنفسك ؟؟
أجاب سوبارو : أنا لن أعرف شيئاً إذا لم يخبرني أحد ، فمثلاً في المدرسة لن أعلم بما يحصل إلا إذا أخبرني المدير بهذا ..

حاولت جاهداً إخفاء إندهاشي ، هل من المعقول أنه فهم مقصدي ؟؟
لأتأكد من ذلك سألت بحذر : هل أنت واثق من ذلك ؟؟
أجاب بثقة : أنا أفهمك جيداً يا ياماتو ، فأنت الثري المغفل في النهاية ..
أغاظني كلامه جيداً ، لكنني حاولت أن أخفي ذلك ، فأنا يجب أن أركز على المهم الآن ..
أعني أنه بجوابه هذا أثبت لي أنه فهم مقصدي ، وإجابته تلك تعني أن المدير هو من أعلمه بذلك ، إذاً المدير متورط أيضاً في القضية ..


نطق سوبارو : إسمعني يا ياماتو لا تظن أنني أمتلك الكثير من المعلومات ، فنحن في نفس المستوى الدراسي ، إذاً كلانا في مستوى واحد ، ولا أحد متفوق على الآخر ..
حاولت تحليل كلماته في ذهني ، ربما هو يقصد بأنه لا يمتلك المزيد من المعلومات ، وما يعلمه قد أوصله إلي ، وهذا هو كل ما لديه ..

إبتسمت قائلاً : تقول أنه لا متفوق بيننا !! أنت محق ، لكن الأشخاص الأكبر منا متفوقون بلا شك ..
لمحت شبه إبتسامة رسمت على شفتيه وهو يتمتم : هذا أمر مؤكد ولا غبار عليه فهم أحرار تماماً في تصرفاتهم بسبب إستقلاليتهم ..


هذا السوبارو يعجبني حقاً ، إنه يفهم ما أريد قوله من دون أن أبذل مجهوداً ، فعلاً كم هو ذكي..

قلت بتردد : سوبارو هل سمعت أي خبر عن روز ؟؟ وهل لديك أي فكرة عن مكانها ؟؟
أجاب ببرود : لا أعلم ، ولا أريد أن أعلم ..
قطبت حاجباي بإنزعاج متسائلاً : ماذا تعني بأنك لا تريد أن تعلم ؟؟ ألا تهتم لأمرها ؟؟
- أنا أساعد جوليا لأنها ضحية ، أما روز فهي من جنت على نفسها ..


لم يعجبني جوابه أبداً ، لذا وقفت من مكاني بقوة حتى أن الطاولة قد اهتزت ، وأمسكت بياقة ملابسه قائلاً بحدة : حتى لو كانت روز مخطئة ، نحن أصدقاءها ويجب أن نقف معها في محنتها ..
أبعد قبضتي عنه ودفعني إلى الوراء لأسقط على الكرسي الموضوع خلفي ، وقال بصوت عالي : الوقوف معها يعني هلاكنا أيها الغبي ، أنا غير مستعد لأن أزج في السجن بسببها ..

ضغطت على أسناني من شدة الغضب ، وأنفاسي أخذت بالتسارع والبراكين قد تفجرت في داخلي ، ولم أعد أستطيع تحمل حديثه أكثر ..
قلت بغضب عارم : أيها الخائن اللعين ، لا تستحق ثقة روز أبداً ، ألسنا أصدقاء ؟؟ أليس الصديق وقت الضيق ؟؟ أليس من الواجب أن نقف معها في محنتها ونثق بها أكثر ؟؟ لماذا تريد خيانتها في المواقف الصعبة ؟؟ تباً لك يا سوبارو ، أغرب عن وجهي فأنا لم أعد أتحملك أيها البغيض ..

رمقني بنظرة باردة وبعدها أدار ظهره نحوي مغادراً المكان ، وعندما إختفى من أمامي إنهرت تماماً ، وقدماي لم تعودا تقويان على حملي ، إذا لم نقف مع روز الآن فمن سيقف معها ؟؟




سمعت صوتاً أنثوياً ينادي : هل أنت بخير أيها الفتى ؟؟ هل أحضر لك شيئاً تشربه ؟؟
رفعت رأسي إلى النادلة أنظر إليها ، فإذا بي أكتشف أن الجميع كانوا يراقبوننا ، ولازالت نظراتهم الفضولية مصوبة نحوي ..
وقفت بسرعة وغادرت المقهى راكضاً ، وأنا محرج كثيراً من نفسي من جهة وغاضب جداً من سوبارو من جهة أخرى ..


لمحت سيارة السائق تنتظرني خارجاً ، صعدت على متنها وعدنا إلى المنزل ..
فور وصولي نزلت من السيارة لأتفاجأ بأبي الذي يقف أمامي مباشرة على بعد عدة خطوات ، وحاجبيه معقودتان ، ووجهه لا يبشر بالخير ..

أخذ الخوف يتسلل إلى قلبي بعد رؤيته يقترب مني ، وما هي إلا ثواني حتى طبع كفه على وجهي، وأتبعها صوت صراخه الذي هز أرجاء المكان : لقد تماديت كثيراً يا ياماتو ، لم أعهدك عنيداً هكذا ، أنا واثق من أن هذا بسبب الأشخاص الذين كانوا حولك ، وأنا قد تساهلت في معاقبتك كثيراً ، كم مرة منعتك من مقابلة أولئك التعساء وأنت تتجاهلني ؟؟
تمتمت وأنا أطأطئ رأسي : أبي لكنهم .......

قاطعني بغضب : لكنهم ماذا ؟؟ لا تقل أنهم أصدقائك ، أحدهم قد شيع بأنه سارق والأخرى إتضح بأنها عاهرة هربت من المنزل والأخيرة ليست سوى مجرمة قتلت عائلتها وولت هاربة ، أي نوع من الأشخاص الذين تصاحبهم ؟؟ أنت بتصرفاتك هذه تسيء إلى سمعة عائلتنا أيها الأحمق ، فكر أولاً بعقلك لا بقلبك ، دع مشاعرك الغبية جانباً .........


صرخت مقاطعاً له بإنفعال : مشاعري ليست بغبية يا أبي ، وهم ليسوا كما تظن أبداً ، إياك وأن تتحدث بسوء عنهم ، صحيح أنني لم أتعرف عليهم إلا قريباً إلا أنني ....
صمت لبرهة قبل أن أرفع بصري نحو أبي وأقول بجرأة : إلا أنني أحبهم أكثر منك ، وهم ذو فائدة أعظم منك أيها الأب عديم الفائدة ..

أنهيت عبارتي وأغمضت عيناي إستعدادا للصفعة الثانية التي سيوجهها لي أبي بعد كلماتي الوقحة ، لكنني لم أتلقى شيئاً لذا فتحت عيني ببطء لأجده ينظر إلي دون حراك ..
وما هي ألا ثواني حتى بدأت حاجباه بالانعقاد ، وطغى على ملامحه الألم ، وجسده الصلب أخذ بالتمايل ، ويديه ممسكة صدره الأيسر ..


صرخت بفزع وأنا أمسك به قبل أن يتهاوى أرضاً : أبي ماذا أصابك ؟؟
سمعت السائق يقول بقلق : لنحمله إلى المشفى يا سيدي بسرعة ..
حملته بمساعدة السائق وصعدنا به إلى السيارة متوجهين نحو المشفى ..



***

~ آلبرت ~

إلتفت إلى السرير المجاور لي فإذا بشينا غارقة في النوم ، كلماتها مفاجأة للغاية ، حتى أنا لم أكن لأفكر هكذا ..

أعدت بذاكرتي قبل ساعات قليلة ، عندما كانت تسدي لي النصائح ، وتقنعني بالخضوع للعملية ..
{ شينا : لماذا تفكر بصورة سلبية ؟؟ لماذا لا تفكر كيف ستكون مشاعرك إذا ما نجحت العملية ؟؟ كيف ستكون عائلتك سعيدة بعودتك سالماً إليهم ، هذا مايجب عليك أن تفكر بشأنه يا آلبرت ..

ثم صمتت لتتيح لي التفكير بكلماتها ، وبعد دقائق عاودت الحديث قائلة : وإذا لم تنجح العملية لا يجب عليك التفكير بالإحباط ، وإنما عليك ...
تغيرت نظراتها إلى نظرات حادة ومرعبة وأكملت بنظرات حاقدة : التفكير بالإنتقام من السبب الرئيسي لمصيبتك ، واسلب منه ما سلبه منك ..

لأكون صريحاً لقد ارتعبت من نبرتها ، ونظراتها الحادة فاجئني كثيراً ، وانقلابها غريب جداً ..
نظرت إليها محاولاً إستيعاب كلماتها ، ثم قلت وأنا أرمش بغباء : هل تعتبرين ما قلتيه نصيحة ؟؟

قالت بنظرة سوداء : هذا نهجي في الحياة ، وأنا أسير عليه منذ زمن ، ولذا لا زلت حية حتى الآن ، أتمسك بالحياة من أجل الإنتقام ، وهذا هو الطريق الأفضل للعيش ..
سألت ببطء : ماذا تعنين بأنك متمسكة بالحياة بسبب الإنتقام ؟؟ هل هناك أشخاص تهدفين إلى الإنتقام منهم ؟؟

أجابت بشرود وكأنها تحدث نفسها : لا أقول أنها إنتقام ، بل رد للدين ، فإذا ما تسبب أحدهم بجرحي فيجب أن يُجرح بالطريقة ذاتها ، وإذا ما قتل أحدهم أخوك الوحيد فيجب أن يُقتل أيضاً ..
تهدج صوتها وهي تكمل بحزن وقد ترقرقت الدموع في عينيها : كان آخر من تبقى لي والآن غادر دون رجعة بسبب ........

لم تكمل ما كانت ترغب في قوله وبدت تصرفاتها غريبة ، وصوتها مخنوق ، وملامح الألم يكسو وجهها ، كان وجهها مرعباً ، وأطراف شفتيها يميل إلى الزرقة ..
وضعت يدها ناحية قلبها وأخذت تضغط عليه متمتمة : قلبي ... يؤلمني ..
ذعرت كثيراً و لذا ضغطت زر إستدعاء الممرضات ، لتأتي إلي الممرضة مسرعة ..
صرخت بذعر : أنظروا ماذا أصاب هذه الفتاة ، أرجو ألا تكون قد ماتت ..

أخرجنها الممرضات من الغرفة ولا أعلم ماذا أصابها ، في الحقيقة أنا حتى لا أعلم سبب مكوثها هنا وما نوع المرض التي تشكو منه ..


مرت ساعة كاملة كنت فيها قلقاً ، وبالي مشغول بأمرها كثيراً ، عندما فُتح الباب رأيتهم يضعونها على السرير ويشبكون في يدها إبرة المغذي ..
نظرت إلى الطبيب الذي أعتقد بأنه مسؤول عنها وقلت : أيها الطبيب ماذا أصاب هذه الفتاة ؟؟
نظر إلي الطبيب وحرك نظارته مجيباً : شينا لديها ثقب في قلبها ، ولذا قلبها ضعيف جداً ، وإذا غضبت كثيراً أو حزنت بشدة فهذا سيؤثر عليها سلباً ..
ثم أعاد ببصره إليها وقال وهو يتأمل وجهها النائم : هي مصرة كثيراً على مغادرة المشفى لكنني لن أستطيع الموافقة على ذلك ، فهي لازالت متأثرة بموت أخيها ولهذا أنا أخشى من أن تسوء حالتها أكثر .. }

إذاً هي ليس لديها أحد كما توقعت ، ولهذا لم يأتي احد لزيارتها ، حسناً أشعر بالشفقة عليها قليلاً ..
لم أظن أنها ضعيفة القلب هكذا ، فقد بدت لي فتاة حيوية وصلبة ، لكن على ما يبدو موت أخاها أثر عليها كثيراً ، يالها من مسكينة ..

سمعت صوت طرقات على باب الغرفة ، وبعدها فُتح الباب ليدخل منها ياماتو ووجهه مظلم بشكل غريب ، وعينيه قد فقدتا لمعانهما المميزتين ، وأخذ يسير بخطوات ثقيلة نحوي ..
ألقى بجسده على الكرسي المجاور لي ، ودفن وجهه في السرير وهو يتمتم بكلمات لم أفهمها ..


عقدت حاجباي باستغراب ، ما الذي يحاول هذا الياماتو قوله ؟؟
قلت بإنزعاج : ماذا بك أيها السيد الصغير ؟؟
لم يرفع رأسه وينظر إلي وواصل تمتمته التي لم أفهم منها شيئاً ..
أمسكت شعره ورفعت رأسه قائلاً : أيها الغبي إذا إستمريت على هذا فأنا لن أفهمك ..
قال ووجه ينذر ببكائه : أنا .. أنا شخص حقير ..

أملت فمي ساخراً وأنا أقول : أأدركت هذا لتوك ؟؟ أنت هكذا منذ زمن ..
تركت شعره ووضع هو كفيه على وجهه مانعاً نفسه عن البكاء وقال : أبي يا آلبرت أصيب بسكتة قلبية بسببي ، كان سيموت إذا ما تأخرنا دقيقة في إسعافه ، كلماتي القاسية تسببت في كل هذا ، أتمنى أن أموت فقط ..


تفاجأت حين علمت أن والده أصاب بسكتة قلبية ، سألت بهدوء : هل ألقيت نظرة على والدك ؟؟
هز رأسه نافياً وهو يقول : لم أمتلك الجرأة الكافية للنظر إليه بعد ما قلته له وتسببت في إصابته ..
قلت بقهر : ولماذا أتيت إلي ؟؟ هل نسيت أنك تسببت في شللي ؟؟ أم أنك تظن أن ما سببته لي لا يستدعي القلق ..

نظر إلي بذعر وقال محاولاً تدارك الأمر : الأمر ليس هكذا يا آلبرت صدقني ، أنا ....
وضعت يدي أمام وجهه لأمنعه من إكمال جملته وقالت : سئمت من الاستماع إلى تبريراتك السخيفة ، أغرب عن وجهي حالاً ، فأنا لم أعد أطيق رؤيتك ..

قال بوجه متألم : إلى أين تريدني أن أذهب ؟؟ لم يعد هناك أحد حولي يا آلبرت ، أرجوك كن معي ..
أجبت بقسوة : إذهب إلى الجحيم أيها المزعج ، لا أذكر أنني كنت معك قبلاً ، غادر من أمامي بسرعة ، رؤيتي لك ستسيء من حالتي ..

نظر إلي بإنكسار والحزن بادٍ عليه ، إلا أنني لم أتأثر ولو قليلاً ، فهو تسبب في إيذائي أكثر مما هو متأذي الآن ..
وقف بصمت وغادر المكان بهدوء بشكل غريب ، لم أتوقع أن يفعل هذا ، فقد ظننت أنه سيبكي كما يفعل دائماً ، فهو ليس من الرجال الذين يعتبرون البكاء ضعفاً ..

أتذكر عندما كان في العاشرة وكنت أنا آن ذاك في التاسعة عشرة من العمر ، وكانت سنتي الأولى في العمل ، عندما كان يبكي كنت أقول له دائماً : الرجال لا يبكون يا سيدي الصغير ..
ليرد علي ببراءة : لماذا خُلق الدموع إذاً للرجال ؟؟ أليس لنبكي عندما نحزن ؟؟

ذلك المزعج ماذا سيفعل الآن ؟؟ أرجو ألا يُفكر في أمر متهور ..


***
~ يوما ~

لا أعلم لماذا لكنني أشعر بضيق شديد ، وهذا يُنذر بخطر محدق قادم من المجهول ..
يخالجني شعور غريب ، شعور يسبب لي الأرق ، مذ أن توليت منصب قيادة المجموعة بعد ساي وأنا لم أذق طعم الراحة ..
أتذكر ماقالته لي راي سابقاً بشأن كلمات ساي الأخيرة ، لكنني لم أتوصل إلى الشخص الخائن بعد ، لكن شكوكي تحوم حول كازوما العضو الجديد بيننا ، ولكن هناك إحتمال أن يكون الخائن شخص آخر ..

لم أعد أستطيع تحديد الوفي من بين الجميع ، ولا تمييز الخائن المخادع ، أنا حالياً أصب كل إهتمامي نحو كازوما العضو الجديد ، مع أنني قد أكون مخطئاً ، إلا أنني أثق ثقة عمياء في حدسي ..

الأسئلة التي كان كازوماً منشغلاً بها أوقعتني في حيرة ، فهي أشبه بجمل لا معنى لها ، وأسئلة غبية تافهة للغاية ..
لكن ولتجنب الخطر قمت بمحوها ، وإذا ما أعادها كازوما فأنا واثق من أنها مهمة ، وهناك سر وراءها ، لكنني حين راقبته من الكاميرات الموزعة في أرجاء المدرسة بأكلمها لاحظت أنه لم يُعد كتابتها ، ولم يُعر الأمر إهتماماً ..


لذا تبدد شكي تماماً ، وقررت بعدها مراقبة شخص آخر ، والذي هو ذلك الحارس الذي أُصيب بحروق في جسده بعد أن سُكب الزيت الحار عليه ، وتشوه كثيراً في وجهه ومناطق عدة من جسده ، والتشوه لن يزول بسهولة ، والحروق كانت عميقة جداً ..


لازلت أتذكر رغبته في الإنتقام من السجينة المسماة بجوليا ، فقد ألقى باللوم عليها هي والحارس كيتورا ، لكن ساي منعه من الإنتقام قائلاً أنه لازال بحاجة إليها ..

على ذكر كيتورا أتذكر أنه قد قُتل على يد ساي بعد أن حاول إنقاذ السجينتين ، وقد سمعت بأنه قبل موته صرح بحبه لإحدى السجينتين وكان هذا الدافع الذي جعله يفكر في خيانتنا ..
أنا مندهش جداً من أن إحدى السجينتين إستطاعت خطف قلب كيتورا الذي كان لا يهتم بشيء في الحياة إلا أخته المريضة بسبب ثقب في قلبها ، هل فعلاً تلك السجينة بتلك الجاذبية !!

بالتفكير بالأمر أنا لم أقابل السجينتين يوماً ، ولا أعلم عنهما شيء إلا إسميهما ، حتى أنني أجهل عمرهما ..


قررت حينها إلقاء نظرة على السجينتين ، لأقتل هذا الفراغ ، فساي دائماً يخبرني بأنه من المسلي جداً التحدث مع السجينة جوليا ..

توجهت نحو قبو المنزل ، وسرت نحو الغرفة التي يتواجد فيها السجينتين ، دخلت فإذا بي أرى الحارس يعبث بهاتفه المحمول ، وفور أن رآني اعتدل بجلسته ، ووقف إحتراماً لي ..

أدرت رأسي نحو السجينتين ، لأجد شخصان جالسان بهدوء بالقرب من القضبان ، إحداهما إمرأة تبدو في الثلاثين من العمر ، ووجهها شاحب للغاية ، ولم تكن تسند بظهرها إلى الجدار ..
والأخرى فتاة من الواضح جداً بأنها لاازالت صغيرة في السن ، وأستطيع القول أنها في المرحلة الإعدادية ، وحالها لم يكن بأفضل من حال المرأة السابقة ، الهالات السوداء تحيط بعينيها الذابلتين وشعرها رث للغاية ، ووجهها محتقن بالإحمرار ..


على الرغم من مظهرها هذا ألا أنها كانت ترسم إبتسامة غريبة على ثغرها ، إبتسامة لم أفهم مغزاها ، لذا سألت بحدة : لماذا تبتسمين بهذا الشكل ؟؟أأنت مجنونة ؟؟

لم تجبني تلك الفتاة وعوضاً عن ذلك قامت بإبعاد بصرها عني ، قطبت حاجباي بإنزعاج وقلت بنبرة عالية : لماذا تتجاهلينني أيتها الفتاة المزعجة ؟؟ ردي علي ..

لم يُرعبها صراخي ، ولم يتغير ملامحها البتة ، نقلت ببصري نحو المرأة التي تنظر إلينا بتوتر وقلق ، وكان هذا واضح كالشمس ..

قلت وأنا أقترب من القضبان الحديدية ونظراتي مصوبة نحو جوليا التي تنظر إلى الفراغ : إذاً أنت جوليا التي سمعت عنها كثيراً ، الفتاة التي كانت تضحي بنفسها من أجل السجينة يومي ، لم أتوقع بأن تكوني صغيرة جداً ، ظننت أنك أكبر عمراً من هذا ..

اقترب مني الحارس هامساً : لا يغرك مظهر وجهها الطفولي ، إنها في السابعة عشر من العمر ..
قلت بتفاجؤ : في السابعة عشرة !! هذا مفاجئ ظننتها في المرحلة الإعدادية ..

طويت قدمي لأصل إلى مستواها ، وكانت قريبة جداً مني ، قلت بإبتسامة : لدي سؤال يحيرني يا جوليا ، كيف استطعتي إغراء كيتورا وجعله في صفك ؟؟
لم تجبني هذه المرة كذلك ، ووقفت مبتعدة عن القضبان لتصبح بعيدة عني ، شعرت بالغيظ من تجاهلها ، لذا أمرت الحارس بفتح الزنزانة ، فتصرفاتها استفزني كثيراً ..

بينما كان الحارس يقوم بفتح القفل سمعتها تنطق أخيراً بنبرة هادئة ومتزنة : أنا لم أحاول إغراء أحد ، كل ما هنالك أن جانبه الإنساني قد أفاق ، ولهذا قرر مساعدتنا ..
تعمدت الضحك عالياً لأستفزها وعندما انتهيت تمتمت ساخراً : جانبه الإنساني !! هه أنت مضحكة حقاً ..

فتح الحارس باب السجن ، وعندما هممت بالدخول همس لي : إحذر منها فهي تجيد فنون القتال ..
قلت بإعجاب : حقاً !!
نظرت إليها وقلت بإبتسامة : هل تجيدين القتال ياصاحبة الجانب الإنساني ؟؟
أجابت ببرود : لا ..

إقتربت منها بخطوات بطيئة وأنا أرمقها بنظرات حادة محاولاً بث الرعب في قلبها ، لكن المفاجئ أنها تقابلني بنظرة قاتلة كانت لتجعل أي سفاح فخوراً!!
عندما وصلت إليها نزلت إلى مستواها وقلت هامساً بخبث وأنا أقرب وجهي منها: لديك نظرات مرعبة حقاً ، من المؤسف أن صاحبة هذه النظرات ستُقتل قريباً ..


على الرغم من أنني بهذا القرب الشديد منها إلا أنني لم أرى في عينيها ذرة خوف ، وكل ما أراه هو الثقة والقوة ..
سمعت صوت أنثوي مرتعش يقول : إبتعد عن جوليا أيها الحقير ..
أبعدت رأسي عن وجهها والتفت إلى تلك المرأة التي تفوهت بهذه الكلمات بصوت عكس الخوف والاضطراب اللذان في داخلها ..
رفعت إحدى حاجباي قائلاً : ماذا قلتي للتو !!

نطقت بجرأة على الرغم من جسدها الذي يرتعش خوفاً : لماذا جميعكم تحاولون إختلاق الشجار مع جوليا التي تصغركم بسنوات ؟؟ لماذا لا تتصرفون كالرجال وتواجهون أحداً بسنكم ، أم أنكم مجموعة من الجبناء لا تستقوون إلا على الصغار ..

أصدرت ضحكة ساخرة وقلت وأنا أرمقها بنظرات مستحقرة : على الرغم من كلماتك الشجاعة إلا أنك تبدين كطفل أوشك على أن يبلل نفسه من شدة الخوف ..
ثم أردفت بحدة : لا تتفوهي بكلمات أكبر منك ، وإلا جعلت تندمين على كل حرف تفوهت به ..

كلماتي سببت لها الكثير من الرعب ، حتى أن الدموع قد ترقرقت في عينيها ، في النهاية هي إمرأة جبانة كما توقعت ..

انتصبت على قدماي قائلاً بملل : أنت لست ممتعة البتة ، لابد أن الإشاعات كانت كاذبة ..
ثم سرت خارجاً لكنني توقف للحظة والتفت إليها قائلاً : لو كنت كما سمعت لكنت قد جعلتك واحدة منا ، بما أن ساي لا يُكن لك الحقد كما يُكنه لأصدقائك ..


عندما هممت بمتابعة طريقي سمعتها تقول : أنا لن أنضم إليكم حتى لو أجبرتموني ، لكنني مستعدة للتضحية بنفسي من أجل أصدقائي ، لذا أرجوكم دعوا روز وسوبارو وشأنهما وأنا سأكون كبش فداء لهما ..
حككت رأسي بحيرة وأنا أقول : للأسف الأمر ليس بيدي ، في النهاية أنت ستموتين سواءً أرغبت في التضحية بنفسك أو لا ..
قالت بنبرة قوية : أقنع ساي بذلك أرجوك ، لاداعي لقتلهما فهذا لن يعيد إليه قدمه المبتورة ، ولن يزيد إلا من عدد الضحايا التي تسبب في قتلها ، لذا تحدث معه علّه يغير رأيه ..

إبتسمت نصف إبتسامة واستدرت نحوها قائلة : ساي الآن في غيبوبة وأنا من توليت قيادة الجميع الآن ، ولا أفكر في أن أعدل عن رأيي ..
قالت بإندهاش : ساي في غيبوبة !! أتمنى لو مات فقط ..

قلت بمكر : حتى لو مات ودفن وتحللت جثته ، لازلنا نحن هنا لنتابع خطته ونسير على خطاه ، لذا لا تفرحي كثيراً ..
ضيقت عينيها متسائلة : أخبرني ما الممتع في القتل ؟؟ ما الشيء المسلي في زهق أرواح الأبرياء ؟؟ ألا تخشون من أن يُلقى بالقبض عليكم ؟؟

وضعت يدي أسفل ذقني بتفكير قائلاً : أنت لن تفهمي هذا الشعور حتى تجربيه بنفسك ، كل شخص هنا لديه هدف يسعى إليه بجرائمه ، فمنهم من يسعى للمال ، والآخر للإنتقام والبعض للترويح عن أنفسهم ، وهناك من قرروا التوقف إلا أنهم لا يستطيعون ذلك ، ولذا وجب عليهم المواصلة حتى النهاية وإلا فالموت هو خياره الأخير ..

ثم صمت لثواني وأردفت بإبتسامة واثقة : أما بالنسبة للشرطة فهم لم ولن يقبضوا علينا ، فنحن بارعين في عملنا ولا نترك وراءنا نصف دليل ، لذا لا تقلقي علينا ..
حملقت فيني بإستحقار وتمتمت : أقلق عليكم !! لا تضحكني أيها الأحمق ..
لم أرد عليها وغادرت المكان بصمت ، وقد عاودني ذلك الشعور بالخطر ..



***


~ روك ~

- حسناً شكراً لك على هذه المعلومات ، وداعاً ..
أغلقت خط الهاتف وشعور غريب ينتابني ، شعور بالسعادة ربما ، أشعر بأنني قريب من الحقيقة وقد أصل إليها في أي لحظة ..

كان من الصواب أن أراقب السيد كيداي وأشك به ، فليس علينا الشك في روز وحدها ، وترك البقية يسرحون ويمرحون ..

وردني للتو معلومة كان فيها أن السيد كيداي قد توجه إلى منزل أحدهم ، والغريب أنهم لاحظوا أن مدير مدرسة روز وجوليا قد ذهب إلى ذلك المنزل نفسه ، وحتى إحدى معلمات تلك المدرسة والتي هي زوجة والد ياماتو ..

وبعد التحقيق في صاحب المنزل إكتشفنا أنه رجل الأعمال المعروف ساي ، وهو أخ راي التوأم ، كما أنه الآن في غيبوبة ..
لن أستغرب من ذهاب المعلمة راي إلى هناك فذاك منزل أخاها ، لكن ما علاقة السيد كيداي والسيد كازوما ؟؟

أخبرني أحد الشرطة أنهما لم يتعرفا على بعضهما إلا في الأمس ، وكان سبب تواجد السيد كازوما هناك هو للتأكد من صحة الخبر بصفته مديراً للمدرسة ، هل من المعقول أنهما وطدا علاقتهما بهذه السرعة ؟؟
لا لا أظن ذلك ، لاشك في أنهما كانا يعرفان بعضهما قبلاً ، وهناك سر خلف إخفاء ذلك ..

الأمر الآخر الذي أثار إستغرابي هو أن عدداً من الرجال توافدوا نحو ذلك المنزل أيضاً ، حسناً ربما قد يكون أمراً عادياً كأن تقوم راي بدعوتهم مثلاً من أجل تناول العشاء ، أو من أجل أمر آخر ، لذا أمرت إحدهم بمراقبة المنزل عن كثب ومراقبة كل شخص يدخل ويخرج من المنزل ..

نظرت إلى مساعدتي التي تلتزم الصمت إذا رأتني صامتاً ، وتبادلني أطراف الحديث إذا بدأت أنا التحدث ..
قلت لها وبريق الأمل تلمع في عيني : سايو أشعر بشعور أفضل من الصباح ، ماسبب هذا يا ترى ؟؟
إبتسمت مجيبة: ربما حسك الأبوي يخبرك بأن الموعد لعودة إبنتك قد اقترب ..
تمتمت براحة غريبة : أتمنى أن تكون محقة في إستنتاجك ..
صمتنا لبرهة لتتحدث سايو مجدداً : ألم يحن الوقت لأن تعود إلى عائلتك يا روك ، لا شك أن زوجتك وإبنتك قلقتان عليك بما أنك لم تعد منذ البارحة ..
نطقت بتفاؤل : أنت محقة ، حسناً سأغادر الآن ، تستطيعين العودة إلى منزلك كذلك ..

عدت إلى منزلي وحين دخلت تفاجأت بوجود أمي جالسة على الأريكة الموجودة في وسط الصالة الصغيرة ، وبجانبها خادمها الذي يرافقها في كل مكان لأجل الحفاظ على صحتها ..
فور أن رأتني أمي وقفت بمساعدة العصا التي تمسك بها وقالت : إخيراً عدت يا روك ..
قلت وأنا أقترب منها : أعذريني يا أمي لم أعلم أنك كنت تنتظرينني ..

صرخت حينها بحدة : كاذب إبنتك اللعينة إتصلت بك مرات عدة وأخبرتك بمجيئي ، لكنك قلت أنك لا تود رؤيتي ..
بلعت ريقي بتوتر ، لا أذكر أنني تلقيت إتصالاً من جودي ، فجأة أدركت أن جودي قد كذبت على أمي ..
أخذت نفساً عميقاً وصرخت عالياً : جودي تعالي هنا بسرعة ..
ثواني قليلة حتى سمعت صوت أحدهم يتخبط من الدرج ، وبعدها رأيتها تقف أمامي بإرتباك ..
قلت بنبرة عالية : لماذا كذبت على جدتك ولم تتصلي بي ؟؟ أنت وقحة جداً يا جودي ..

قلت بصوت مرتعش ينذر ببكائها : أنا آسفة يا أبي أرجوك أعذرني ..
قلت بحزم : لا تعتذري إلي بل إلى جدتك ..
قالت أمي بحدة : لا أحتاج إلى اعتذار هذه الوقحة ، أتيت إلى هنا لأعرف عن ما إذا كنت قد وجدت خاطف جوليا أم لا ..
- على الرغم من أنني لم أتوصل لشيء بعد ، إلا أنني أشعر بأني قريب جداً من إنقاذها ..
- هذا جيد لكن لا تنسى أنك إذا ما وجدتها ستعيش حينها معي كما وعدتموني ..

قلت بصدمة : متى وعدناك بذلك ؟؟ لا أذكر أبداً هذا ..
قالت وهي ترمقني بنظرات نارية : حصل هذا عندما أتيت لزيارتكم المرة السابقة ، لا تتظاهر بالنسيان ، فهي ستبقى معي بعد أن تجدوها ..

حاولت تذكر ما حصل في المرة السابقة ، لأتذكر أننا بالفعل وعدناها بذلك ، يا إلهي كيف أمكنني نسان ذلك ..
قلت بتردد : القرار سيكون بيد جوليا يا أمي ، وإذا رفضت فلن نرغمها ..
قالت بصرامة : لا يهمني رأي الجميع ، هي ستسكن معي بدون أي نقاش ..

فضلت إلتزام الصمت ، فالجدال مع أمي لن يجدي نفعاً الآن ، وسيكون لنا حديث آخر بعد أن أنقذ جوليا ، لذا لأركز على إنقاذها أولاً ..
غادرت بعدها أمي على الرغم من أنني ألححت عليها بالبقاء قليلاً ، لكنها وكالعادة رفضت ذلك بشدة فهي لا تتحمل وجود جودي وزوجتي ..


حينما غادرت ألتفت إلى جودي التي كانت واقفة مكانها ومنكسة برأسها نحو الأسفل ، وقلت بهدوء : لماذا لا تستطيعين يا جودي تحسين علاقتك بجدتك ؟؟
أجابت جودي : هي تغيظني كثيراً حينما تهين أمي أمامي ولا تحترمها ، وأنا كما تعلم سريعة الغضب ، ولذا أنا وتلك العجوز لا نتوافق إطلاقاً ..


خلخلت شعري بين أصابعي وأنا أتمتم بيأس : لا أعلم حقاً كيف أتصرف معك يا جودي ..
ثم أردفت بتساؤل : على أي حال أين هي والدتك ؟؟
أتاني صوتها المرهق من خلف جودي : أنا هنا يا عزيزي ..


قلت بهدوء : هل كنت متواطئة مع جودي في كذبتها ..
تحدثت جودي بسرعة : لا أبداً ، أمي لا تعلم بأنني كنت أكذب صدقني ..
رمقتها بنظرة حادة وقلت : التزمي الصمت يا جودي فأنا لم أسألك ..
رفعت ببصري إلى كينور مجدداً منتظراً إجابتها ، فقالت حينها : آسفة يا عزيزي لكنني لم أعلم أن جودي تكذب ، لكن اللوم يقع على عاتقي فأنا لم أربيها جيداً ..
تدخلت جودي مجدداً وقالت وهي تنظر إلى كينور : لا يا أمي ، لا تدعي كلمات تلك العجوز تؤثر عليك ، أنت أم جيدة ..
صاحت حينها كينور بعصبية : لو كنت كذلك حقاً لما كذبت علي أنا وجدتك ، وما كنت لتناديها بالعجوز ..

بعدها وضعت يدها على رأسها ، ويبدو أن الصداع قد عاودها ..
هرعت إليها مسرعاً ، وأمسكت بها قبل أن تتهاوى إلى الأرض ، أشرت لجودي التي تنظر إلى كينور بقلق وأمرتها بالمغادرة ، وعلى الرغم من رفضها إلا أنني أرغمتها على ذلك ..

قدت كينور إلى السرير وساعدتها على الاستلقاء ، وبينما كنت أغطيها سمعتها تقول بصوت متألم : يوماً بعد يوم أشعر بأن والدتك محقة في حديثها عني ، أنا لا أصلح لأن أكون أماً لأحد ..
- لا تشغلي بالك بالتفكير كثيراً ، إستريحي الآن وسنتحدث بهذا الشأن لاحقاً ..

غادرت الغرفة متوجهاً نحو غرفة جودي ، توقفت أمام باب غرفتها وطرقت الباب بهدوء ، ودون أن أسمع ردها قمت بفتح الباب فإذا بي أجدها تبكي فوق سريرها الزهري ..
ما إن رأتني حتى ارتفع صوت نحيبها أكثر ، جلست على الكرسي الموجود في غرفتها وقلت بحزم : إرفعي رأسك يا جودي حالاً ..
لم تستجب لي ولذا أعدت ما قلته لكن بنبرة أعلى جعلها تخاف مني وتستجيب لما قلته ..
لم أهتم لبكائها الذي كان خطأها وقلت بصرامة : اسمعيني يا جودي تصرفاتك هذه لا ترضيني أنا ولا والدتك ، وأنت تسببين الحزن لأمك أكثر مما هي حزينة الآن ، هل يعجبك حقاً أن يقول الناس عن والدتك أنها سيئة في التربية ؟؟

هزت رأسها نفية لأكمل بقليل من العصبية : إذاً لماذا تتصرفين بهذه الطريقة مع جدتك ؟؟ ليست جدتك وحدها وإنما صديقك زاك كذلك ، لأكون صريحاً أنت فتاة فظة ، كنت دائماً أقول لنفسي أنك صغيرة وستتغيرين قريباً ، لكنك كما أنت مذ أن كنت صغيرة ولم يكبر عقلك ولو قليلاً ، إن أردتي أن نسامحك فمن الأفضل أن تعدينا بتحسين سلوكك ..

وقفت حينها جودي وهي تقول وسط دموعها : أعدك بذلك يا أبي ، لكن أرجوك لا تغضب مني ، أنا آسفة لن أكرر تصرفاتي الطفولية ، سامحني أرجوك ..
وقفت بدوري وسرت نحوها وأخذتها في أحضاني ، حسناً لا أستطيع أن أقسو عليها كثراً فهي إبنتي الصغيرة والمدللة ..
قلت بإبتسامة وأنا أمسح على رأسها : أنا أريدك أن تكوني فتاة جيدة ليحبك الجميع يا جودي ، ولم أقسو عليك إلا من أجل مصلحتك ..


***


~ سوبارو ~

أقلب بالمسدس يميناً وشمالاً ، وعقلي منشغل بالحوار الذي دار بيني وبين ياماتو ، فعلى الرغم من أنه قد فهم ما أعنيه ، إلا أنني غير مطمئن لسبب أجهله ..

هززت رأسي قليلاً محاولاً طرد هذه الأفكار الغبية ، بما أن ياماتو قد فهمني جيداً فلا شيء يجب أن أقلق عليه ، إذا راقبوا المدير كازوما فسوف يتوصلون إلى مكان جوليا بلا شك ..
الآن يجب أن أركز في قضية روز الذي لازلت أجهل ما إذا كانت هي من قتلت والدتها والوقح ماركو ، وقد جرت الأمور كما وصفتها لي ، أم أن هناك من خطط لكل هذا ؟؟
أنا لا أستبعد الخيار الثاني أبداً ، فالحياة التي نعيشها الآن تجعلني أشك في كل شيء ..


لقد طلبت من السيد روكاوا البقاء معها بعد أن أقسمت له مرات عدة ببراءتها ، وقد سرقت المسدس منها حتى لا تريه للسيد روكاوا ويظن أنها القاتلة فعلاً ..
السيد روكاوا يثق بي ، ويثق بأنني سأثبت براءة روز حتى لا يتورط مع الشرطة لاحقاً ، لكنني لا أعلم حقاً كيف أثبت براءتها ..

أول خطوة علي عملها هو أن أعرف صاحب هذا المسدس ، فربما هو من ارتكب الجريمة وألقى بالتهمة على روز ..
لكن الغريب أن روز لا تتذكر ما حصل لها بعد أن شربت المشروب الغازي الذي اتضح فيما بعد أنه مشروب كحولي ، هل هي فعلاً كانت آن ذاك ثملة وقامت بإرتكاب هذه الجريمة ؟؟

أوه يا إلهي كلما فكرت بشأن هذا الموضوع لا يسعني سوى التفكير بهذه الطريقة حتى لو كنت أشك في براءتها ..
لحظة ، ماذا لو كان في المشروب الغازي منوم أو ما شابه ، هذا سيفسر سبب تشوش ذاكرتها في تلك اللحظة ، نعم هذا محتمل ، كيف لي ألا أتوصل لهذا مبكراً ..

لكن لم يوجد في القمامة إلا علبة نبيذ ، إذاً فربما قد تم إستبدال العلبتين لإلقاء التهمة على روز ، لكن من يكون الفاعل ؟؟
إذا أردت الإشتباه في شخص مقرب فزوج والدتها هو الشخص الوحيد الذي أشك فيه ، ولكن ماذا لو كان القاتل شخصاً غريباً ؟؟
عندما سألت روز عن زوج والدتها أخبرتني أنه رجل طيب ، وروز لم تكن لتمدحه لو لم يكن كذلك ، فروز لا تحب الرجال بصفة عامة إلا المقربون منها جداً ..

وإن كان هو طيب كما تقول روز فهذا سيصعب من حل هذا الغموض ، فالمشتبه به سيكون صعب الوصول إليه ، ولا شيء يمكن أن يدلنا إليه ..

اجتاحني نوبة صداع جعلني أغمض عيني بقوة ، وأمسكت برأسي بألم ، أنا لم أتوقف عن التفكير منذ إختطاف جوليا ، ولا أنام إلا لساعات قليلة حين أرهق تماماً ، لولا هذه الضمادات على وجهي لفزع الناس من شكلي الآن ..

شيء في داخلي يحملني مسؤولية ما يحصل ، وكأنني المتسبب في كل هذا ومن دون أن أعلم ، ولا أعلم سر هذا الشعور ..
فكرة أن كل حركة من حركاتي مراقبة لهو شيء يبعث على الغضب ، فأنا لست مراقباً من قبل الشخص الذي اختطفني ، وإنما مراقب من قبل الشرطة أيضاً ..
عندما أخرج من المنزل يكون هناك شرطي يلاحقني أينما ذهبت ، فهم يشكون في أنني أعرف مكان روز ، ولهذا لا أستطيع الذهاب إليها والبقاء برفقتها ..

<< نهاية الجزء .. [/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس
  #75  
قديم 12-16-2016, 07:57 PM
 
حجز
__________________





رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قولي انك مو حاقد على هذا الشخص avine مواضيع عامة 10 10-16-2016 01:57 PM
حاقد المحشش لموره احلى اموره نكت و ضحك و خنبقة 5 05-09-2013 10:52 AM
حاقد جُ ـنۉכּ أنْثىَ~}- ● نكت و ضحك و خنبقة 20 01-13-2013 12:45 PM
..:>>&* ولد حاقد *&<<.. *مودا* نكت و ضحك و خنبقة 10 05-03-2010 08:10 PM
مين حاقد ومقهور من بوووووش ؟ م. أبونجم™ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 5 01-25-2008 09:21 PM


الساعة الآن 04:30 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011