عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-21-2016, 03:04 PM
 
وقفات مع الأعاصير.


وقفات مع الأعاصير



الشيخ مشاري بن عيسى المبلع



الحمد لله الذي أذل من يشاء من خلقه بقوته، وأعز من يشاء من عباده بحكمته، يتصرف في ملكوته كيفما أراد بقدرته، ويبطش بمن عصاه من عبيده بسطوته، خلق خلقه لأمر واحد ﴿ وما خلقْتُ الْجن والْإنْس إلا ليعْبُدُون ﴾ [الذاريات: 56]، ومن تكبر عن أمره فعل به ما يريد ﴿ لا يُسْألُ عما يفْعلُ وهُمْ يُسْألُون ﴾ [الأنبياء: 23]، أحمده حمدا أدفع به نقمته، وأشكره شكرا أرجو به نعمته، وأعوذ به من غضبه، وأسأله رحمته، وأصلي وأسلم على سيد الجن والإنس، المبعوث إلى الناس من كل لون وجنس.


أما بعد:


فعليكم بتقوى الله من قبل ومن بعد، ثم اعلموا أن الله - تعالى - قوي قهار. خلق فابتلى، وأنعم فاختبر، عباده في قبضته، يفعل فيهم ما يشاء، وهو يسخر الأمر ويدبره، ويرسل الرياح ويصرفها، وينزل المطر ويفرقه، وهو سبحانه وتعالى يبتلي عباده بما يشاء. يأتيهم على حين فجأة، وعلى حين غرة، فلا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا. يخلق - سبحانه - ما يشاء من خلقه سهلا لينا، فإذا أراد قلبه - بأمره - عذابا أليما ﴿ وإذا أراد اللهُ بقوْمٍ سُوءا فلا مرد لهُ وما لهُمْ منْ دُونه منْ والٍ ﴾ [الرعد: 11].


أيها المؤمنون!


آيات الله من حولنا ترشدنا إلى التفكر فيها، وتأملها، والاتعاظ بها، ولا يعرفها حقا إلا من يرجع إلى الله ﴿ هُو الذي يُريكُمْ آياته ويُنزلُ لكُمْ من السماء رزْقا وما يتذكرُ إلا منْ يُنيبُ ﴾ [غافر: 13].


لنتأمل من مخلوقات الله - أيها الموفقون - هذه الريح التي نحس بها ولا نراها، نجدها تارة حاملة للسحب إلى الأرض الميتة فتحييها ﴿ أولمْ يروْا أنا نسُوقُ الْماء إلى الْأرْض الْجُرُز فنُخْرجُ به زرْعا تأْكُلُ منْهُ أنْعامُهُمْ وأنفُسُهُمْ أفلا يُبْصرُون ﴾ [السجدة:27]، ونراها مرة أخرى تنقل لقاح النبات ﴿ وأرْسلْنا الرياح لواقح ﴾، ونجدها أخرى محركة للسفن على سطح البحر، إذ لا تجري السفن حتى ما يعمل منها بالوقود إلا بالهواء ﴿ ومنْ آياته الْجوار في الْبحْر كالْأعْلام * إن يشأْ يُسْكن الريح فيظْللْن رواكد على ظهْره... ﴾ [الشورى:32-33]، وهي نفسها سبب لإدخال الفرح والسرور على النفس البشرية، وعلى الحيوان والطير ﴿ ومنْ آياته أن يُرْسل الرياح مُبشراتٍ ﴾ [الروم: 46]، آيات باهرات، ومخلوقات معجزات، تقف عندها العقول الواعية فلا تملك إلا أن تقول : ﴿ ربنا ما خلقْت هذا باطلا سُبْحانك ﴾ [آل عمران: 191].


أيها المسلمون!


هي كغيرها من مخلوقات القوي القدير، قد تكون عذابا أليما؛ فلما أن طغت عاد وبغت في الأرض، وبارزت الله - تعالى - بالشرك والمعاصي، أرسل عليهم ريحا عقيما صرصرا، فأهلكتهم وأبادتهم، وكانت تأخذ الرجل فترفعه إلى السماء وتقطع رأسه، ثم تعيده إلى الأرض منكس الجسد، فتلقي به وكأنه نخلة ساقطة ليس لهم رؤوس ﴿ وكذلك أخْذُ ربك إذا أخذ الْقُرى وهي ظالمة إن أخْذهُ أليم شديد﴾ [هود: 102].


أيها المؤمنون!


وإذا عاد بعض الخلق إلى فعل عاد الأولى؛ بعث الله لهم النذر من خلقه، وقد يعذبهم بما عذب أولئك، فنسمع اليوم من الأعاصير والرياح المدمرة ما يمر على بعض بلاد الكفر، فتهلك الحرث والنسل، وتهدم ما بنوا، وتحطم ما شيدوا، وتدمر ما صنعوا، فلا يجدون حيلة غير الهرب إلى الملاجئ، ولا تنفعهم وسيلة غير تجنب الطريق الذي تمر منه، فيعيشون أياما بلا ماء ولا كهرباء ولا غذاء، وإذا عادوا إلى بيوتهم وجدوها قد تطايرت، وإن طلبوا مركباتهم رأوها قد تناثرت.


حين ذلك يقف المؤمن الحق أمام هذه المشاهد فتذكره بأمور :


أولها: التذكير بمشاهد القيامة حين تخرب الديار، وتفجر البحار، ويحشر الناس إلى الواحد القهار.


ثانيها: أن يتفطن إلى قدرة الله القوي العزيز، خصوصا إذا علمنا أنهم قد أعدوا من الأقمار الصناعية ما تكشف الرياح والأعاصير قبل وقوعها، وبنوا من مصدات الرياح ما يزعمون صمودها، وشيدوا من السدود ما يظنون خلودها؛ فإذا وقع العذاب فلا ترى لكل ما عملوا أثرا، بل يبقون مكتوفي الأيدي أمام قوة القوي القدير.


ثالثها: أن يفرح المسلم بما يصيب الكفار من العذاب، ولا يلتفت لمن يقول : إن هذا يعتبر من التشدد!! بل هو من الدين، ألم نقرأ قوله تعالى عن موسى - عليه الصلاة والسلام - حين دعا على الكفار فقال : ﴿ ربنا اطْمسْ على أمْوالهمْ واشْدُدْ على قُلُوبهمْ فلا يُؤْمنُوا حتى يروُا الْعذاب الْأليم ﴾ [يونس: 88]، فقال الله ﴿ قدْ أُجيبتْ دعْوتُكُما ﴾ [يونس: 89] ولو لم تكن دعوة مشروعة عادلة لما أجاب الله دعاءهما.


ولم لا يفرح المسلم، والله يقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته : ﴿ يا أيُها الذين آمنُوا اذْكُرُوا نعْمة الله عليْكُمْ إذْ جاءتْكُمْ جُنُود فأرْسلْنا عليْهمْ ريحا وجُنُودا لمْ تروْها ﴾ [الأحزاب: 9]؟ لقد كانت منة عظيمة من الله - جل وعلا - على عباده، ومدعاة لفرحهم وسرورهم، وذلك حين جاءت الريح العظيمة وشتت الأحزاب في غزوة الخندق، ولذا يذكر الله بها عباده المؤمنين فيقول : ﴿ يا أيُها الذين آمنُوا اذْكُرُوا نعْمة الله عليْكُمْ ﴾.


وقد يقول قائل : أليس فيهم بعض المسلمين، ألا نحزن لمصابهم؟ فيقال له : ثبت في الحديث الصحيح من حديث زينب - رضي الله تعالى عنها - عندما قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - "أنهلك وفينا الصالحون؟" قال : "نعم، إذا كثر الخبث".


و معنى ذلك أن الصالحين قد يهلكون في بلاد المسلمين إذا كثر الخبث، فكيف ببلاد الكافرين؟ أما المسلمون فمن كان منهم صادقا فإنه يبعث على نيته.


ونعلم أن المسلمين ومن يقع عليهم مثل هذا البلاء بغير جرم فهو لهم من الابتلاء والتمحيص والتكفير، ورفعة الدرجات، وقد يكون شهادة للبعض، كمن مات غريقا أو في حريق فله أجر الشهداء كما ورد في الأحاديث الصحيحة.


نسأل الله أن يجنبنا غضبه وعذابه، وأن يهبنا رحمته وثوابه، إنه هو البر الرؤوف.
Gene likes this.
__________________


سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ،-، سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-24-2016, 02:21 AM
 
موضوع رائع جزاك اللة خيرا عنا وجعلك من اهل الفردوس الاعلي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-25-2016, 08:13 AM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة islamsharaf1050
موضوع رائع جزاك اللة خيرا عنا وجعلك من اهل الفردوس الاعلي




اللَّهُمَّ آمين

جزاكَ الله خيراً أخي الكريم على مرورك وتشريفك الطيب المبارك ...
جعله الله في ميزان حسناتك ...
تقبل تحياتي.

__________________


سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ،-، سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-26-2016, 09:09 PM
 
جزاكَ الله خيراً أخي الكريم على مرورك وتشريفك الطيب المبارك ...
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-27-2016, 02:52 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sheri_hamada
جزاكَ الله خيراً أخي الكريم على مرورك وتشريفك الطيب المبارك ...




???!!!
__________________


سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ،-، سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأعاصير [Hurricanes] αиτɪĸ علوم و طبيعة 13 06-30-2014 02:44 AM
أعظم الأعاصير و البروق في العالم βяọķзή أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 06-21-2010 03:10 PM
خمس وقفات مع غزة امل مجروح نور الإسلام - 1 01-29-2010 02:11 PM
وقفات ليتك تحس أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 05-06-2009 01:29 AM


الساعة الآن 06:23 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011