عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة

Like Tree3Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 05-05-2017, 08:41 PM
 
[frame="3 80"]عاد السيد فسأله بجمود :
_ أخبرتك أن تطلق النار على الفتاة الشقراء ، وأنت أطلقتها على أندريس .
حاول النحيل أن يبرر موقفه ، إذ سارع بالقول :
_ هو من قفز أمامها وتلقى الرصاصة بدلا منها .
رمى السيد لفلفة السجائر في النار لتحترق ، ثم صاح بغضب وهو يصر على أسنانه :
_ أيها الغبي كاد يموت بسبب طيشك !!
انفعل النحيل ، فصاح دون إرادة منه :
_ ولكنك تريد أن تقتله في النهاية ، أليس هذا صحيحا ؟؟
ضرب السيد الكرسي بيده ، وزمجر بغضب مضطرم :
_ بلى ، ولكنني سأفعل ذلك عندما أقرر أنا ذلك بنفسي ، وليس عندما تقرره أنت .
_ وما الفائدة من ذلك ؟؟
أطلق السيد زفرة طويلة محملة بكل ما في صدره من غيظ أنتجه غباء الرجل النحيل الجالس أمامه ، وقال :
_ ألم تسمع بشيء يسمى التسلية ؟؟
تمتم النحيل بذعر ، بدا جليا على ملامح وجهه :
_ التسلية ؟؟
نهض السيد من مكانه وقال وقد شقت الابتسامة وجهه بشكل مخيف جدا :
_ أجل التسلية .
اقترب من الرجل النحيل ، وأمسك بخصلات شعره المتدلية على رقبته فجذبها ، ثم قرب فمه من أذنه وهمس بصوت كالصرير :
_ منذ زمن ليس بالبعيد كثيرا ، قتلت والدة تلك الفتاة ، والدها كان يشكل تحديا كبيرا لي ، ولكن ... بعدما قتلت زوجته رأيت أنه ما من داع لألاحقه ، فتوقفت عن ذلك .
بدا وكأنه يتذكر الأحداث ، بل وبدا مستمتعا جدا بتذكر هذه الأمور ، واستأنف :
_ وبعد ذلك لم أجد ندا لي ، واختفيت طويلا ، كل ما أفعله هو الهرب من الشرطة .

ابتسم بانتصار وهو يستكمل قصته :
_ لكنني وجدت أندريس ، شاب قوي ، ذكي ، لديه المال ، ووسيم كذلك ، وهو ند لي ، وأن تجتمع فتاة بريسكوت مع السيد أندريس لهي فرصة عظيمة لي لأعوض ما فاتني من مرح .
ابتعد عن الرجل المرتجف وسار بخطوات ثابتة نحو الطاولة الخشبية الموضوعة في منتصف الغرفة ،
حدق في شاشة الحاسوب قليلا ، ثم زفر بغير رضا وقال محدثا نفسه :
_ لم يعد هناك من يمكنك الاعتماد عليه يا سيدريك ، ليس هناك أحد مثلك ، ولا أحد يفهمك .
حدق في الصورة المعلقة على الحائط ، وهمس :
_ لقد كنت ذكيا وعبقريا حتى وأنا في ريعان شبابي .
التقط مسدسه عن الطاولة ، وسار حتى الباب الكبير في آخر الغرفة ، وعندما وصله استدار بهدوء وسأل النحيل :
_ لقد قلت لك أني صفحت عنك ، أليس كذلك ؟؟
هز النحيل رأسه بالموافقة ، فرفع سيدريك مسدسه بهدوء ، وصوبه على رأس القناص ، ثم ضغط على الزناد
فاستقرت الرصاصة في رأس الرجل الذي وقع صريعا على أرض الغرفة .
استكمل سيدريك طريقه ، وهو يتمتم :
_ صدقني ، لقد عفوت عنك بقتلك ، كنت أنوي أن أجعلك تتعذب خمسين سنة أخرى ، ولكنني أفي بوعودي .
حدق في مسدسه ، ودسه في جيبه ، رسم على شفتيه ابتسامة مزيفة وقال بعزم :
_ انتظرني أيها الأمير
[/frame] .



__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 05-05-2017, 08:45 PM
 
- رحيل ووداع ....البارت السادس عشر


أ[frame="3 80"]
شعة الشمس التي مال لونها للأحمر القاني ، ترتمي على الموج الأزرق الهادئ ، الذي يعانق الرمال الذهبية على الشواطئ ، الجو لطيف وهادئ ، لا شيء سوى الطبيعة تنشر صوتها ، أمواج البحر ، والطيور المغردة ، عزفت مقطوعة ما قبل الغروب على شطآن القارة الصغيرة ، التي تبدو معزولة عن باقي القارات على سطح الكوكب.

وبعيدا عن تلك الموسيقى الهادئة ، كانت موسيقى من نوع آخر تعزف ، موسيقى من فوضى وضجيج ، وصراخ عال يصم الآذان .
اقتحم الزحام واضعا يديه على أذنيه ، لشدة الصراخ المحيط به ، وكان يهمس بصوت خفيض غاضب ببعض الكلمات التي لا تبدو سارة ، وعلى يمينه وقف شاب يشابهه في المظهر والهيبة يبدو سعيدا بالجو غير عابئ بالفوضى أو الضجيج ، كما بدا عليه الجهل بمناسبة هذه الفوضى وهذا الفرح البادي على وجوه الصغار ،
التفت إلى الشاب المنزعج بجانبه وسأله :
_ أندريس ، ما مناسبة هذه الفوضى العارمة ؟
أجاب أندريس بانزعاج شديد ، إذ لم يكن معتادا على مثل هذه الأجواء :
_ سيقام بعد قليل حفل خاص !!
حدق به ليسندر وسأله باستغراب :
_ ما الذي تعنيه بـ خاص ؟؟
تثاءب أندريس بملل وهو يجيب بلا مبالاة :
_ سوف تعلم بعد قليل فاصبر ، وحافظ على مظهرك الأنيق هذا .
واستكمل حديثه في حدة ، وهو يسير مبتعدا :
_ وإياك أن تفسده .
كان ليسندر يرتدي بدلة سمراء فاحمة ، وقميصا حريريا أبيض اللون يناقض سمرة بشرته التي لوحتها أشعة الشمس ، وكان قد رتب شعره بطريقة أنيقة للغاية ، ووضع عليها نظارة سوداء ،فبدا كأنه أحد الممثلين ، وكذلك كان أندريس ، فقد ارتدى هو الآخر بدلة سوداء وقميصا أسود اللون ولم يكلف نفسه عناء ارتداء ربطة عنق مناسبة ، فهي حسبما يعتقد إحدى سبل تقييد الحرية .


وفي الطرف الآخر ، كان ذلك المنزل يرتع بهدوء مكانه ، وقد ظللته أشعة الشمس القرمزية ودخلت نوافذه الصغيرة النظيفة دون أن تنسى إلقاء تحية المساء على أزهاره المزركشة وعلى الدرجات الخشبية الثلاث التي يرتقى بها إلى المساحة القليلة التي تشكل مكانا جيدا لتناول الفطور في الصباح ، كما وتصلح لشرب الشاي في الأمسيات الدافئة . في الداخل ، وفي الغرفة الدافئة ، وقفت ثلاث فتيات شديدات الأناقة والجمال ، يضعن آخر اللمسات على مظهرهن الفتان ، سألت صوفيا وهي تحدق بالمرآة وتحاول وضع سلسلة رقيقة من حبات لؤلؤية حول عنقها الأسمر الطويل :
_ دايزي ، أين هي ميديا ؟؟؟
تنهدت دايزي ، وأجابت بغير دراية :
_ لا أدري ! كل ما أعلمه هو أن هذه الدعوة وصلتني صباحا .
وكانت تنظر لمظروف أبيض مزين بشريط بلون الشكولاة ، قلبته بين يديها وعادت تتنهد مرة أخرى ، اقتربت منها ساندرا بعد أن أنهت تثبيت قرطيها ، وقطبت بهدوء وهي تقول :
_ وأنا أيضا تلقيت واحدا !!
تقدمت صوفيا والتقت الظرف من بين يدي دايزي ، وقالت :
_ وأنا أيضا تلقيت واحدا ، وكل ما هو مكتوب أنني مدعوة لحفلة مساء اليوم في الحديقة الخلفية للمخيم .
سألت دايزي بفضول :
_ أنا لم أسمع يوما بهذه الحديقة ، ولم أذهب إليها قط ، فهل تعرفان عنها شيئا ؟؟
هزت سان رأسها وأجابت بهدوء :
_ نعم ، أنا أعلم . تلك الحديقة خاصة بالسيدة هيلين ، الزوجة المتوفاة للسيد هاري ، وهي حديقة كبيرة وجميلة ومليئة بالأزهار والمائد الحجرية ، وهي كذلك مليئة بأقواس الزينة وفيها مجموعة من الشلالات الصناعية .
اتجهت إلى المرآة والتقتطت فرشاة التزيين ، وضربت بها على وجهها بهدوء ، وتابعت :
_ كانت السيدة هيلين ، حسبما قال السيد هاري ، تقيم فيها العديد من الحفلات في شهر الربيع ، ولكنها بعدما ماتت، لم يعد أحد يزور تلك الحديقة مع أنها جميلة والجلسة فيها ممتعة حسبما يقول نيكول .
سألتها صوفيا :
_وهل زارها نيكول ؟؟
ردت سان :
_ بالتأكيد ، أما أنا فلا !!
نظرت دايزي إلى الساعة المعلقة على الحائط ، فرأتها لاتشير إلى السابعة ، استدارت إلى الفتاتين وهمست :
_ علينا الذهاب ، هل أبدو جميلة ؟؟
أجابت الفتاتان :
_ نعم بالتأكيد .
كانت دايزي ترتدي فستانا قصيرا بحري اللون ، يماثل في زرقته زرقة عينيها الواسعتين المكحلتين ، كما رفعت خصلات شعرها الذهبية قليلا إلى الأعلى في حركة هادئة وتركت باقي الخصلات لتتناثر على ظهرها شلالا من ذهب ، وقد زينت عنقها الرقيق بسلسلة من حبات لؤلؤية زرقاء ناعمة ، وارتدت قرطا ملائما .

أما صوفيا فاختارت فستانا طويلا ناعما باللون الأسود ، ورفعت شعرها بالكامل ، ووضعت القليل من الزينة على وجهها الأسمر . في حين أن سان فضلت فستانا قصيرا باللون الرصاصي ، وجعدت شعرها الناعم وتركته منسدلا على ظهرها .

نزلت الفتيات ووقفن جميعا في الردهة الخالية أمام الباب ، همست دايزي بتوتر :
_ صوفيا ، افتحي أنت الباب .
لكن صوفيا كانت أكثر توترا ، فصاحت :
_ لا لا ، افتحيه أنت .
نظرت إليهما ساندرا بعجب وسألت بغرابة :
_ ماذا هناك ؟
احمرت وجنتا دايزي ودارت حول نفسها باضطراب :
_ لا أريد أن أراه !!
_ ترين من ؟؟ أندريس ؟؟
هزت رأسها مجيبة بنعم ، وهمست لنفسها : يا ترى ماذا سيقول ؟؟ أسيعجبه مظهري أم أنه سيسخرمني كالعادة ويذهب ؟؟ يا إلهي كم أكره التفكير في هذا !! ولكنني لا أستطيع منع نفسي من أن أفكر في الأمر، وكانت تتخيل أن يحدق فيها بسخرية ، وقد تقلصت عيناه وظهر شبح ابتسامة مائلة على زواية فمه .

التفت سان لصوفيا ، وقالت :
_ وأنت ، دعيني أحزر ، لا تريدين رؤية كايل ، صحيح ؟؟

وقبل أن تجيب كان الباب قد قرع ، فبادرت سان وفتحته ، ويا للعجب ، كان الواقف بالباب هو كايل ، يرتدي بدلة كلاسيكية بلون فاتح من مشتقات البني ، وقميصا سكري اللون ، وقد رتب شعره للخلف ، فبدا أكثر وسامة وجاذبية . ابتسم لسان وامتدح جمالها ، فشكرته ، تردد قليلا ثم سأل :
_ هل صوفيا هنا ؟؟
صاحت سان :
_بالتأكيد .
_هلا ناديتها لي رجاء ؟؟
لم تعطيه الجواب إذ اندفعت تجر صوفيا إلى الباب حتى أوصلتها لكايل ثم أغلقت الباب خلفها لئلا تعود ، وقفت صوفيا أمام كايل متوترة ، وشبه خائفة ، كانت تمسك مرفقها الأيسر بكف يدها اليمنى وتحركها جيئة وذهابا في توتر وسخط ، لفعلة ساندرا . كان كايل شبه منوم مسحور من جمالها ، فقد بهرته بل أسرته بمظهرها الأنثوي،
مد يده إليها في ابتسام وسأل بتهذيب :
_ هل للآنسة أن تقبل مرافقة شخص عديم الحيلة مثلي ، يقف عاجزا أمام جمالها ؟؟
ابتسمت لكلماته التي أذهبت توترها ، ووضعت يدها في يده الممدودة وهي تجيب :
_ بكل فخر أيها الفارس المغوار .
غمزها بهدوء وتناول يدها برقة وقربها من شفتيه ليلثمها ، ومن ثم قادها بدماثة في الطريق الطويل .

قفزت ساندرا ، وهي ترفع يدها بانتصار :
_ نعم ، وهذا هو أول انتصار تحققه ساندرا لهذه الليلة ، والقادم سيكون أروع .
أعادت دايزي الستارة إلى مكانها ، بعد أن ابتسمت لرؤية كايل وصوفيا على وفاق ، لفت انتباهها الساعة المعلقة على الحائط أمامها ، فشهقت بصوت عال وأمسكت ساندرا تجرها من يدها وأخذت تجري بسرعة ، خرجتا من الباب وصفقتاه خلفهما ، ثم نزلتا الدرجات الخشبية الثلاث بسرعة ، وكانت ساندرا خلف دايزي التي تجرها فلم تكن ترى شيئا ، ولم تعلم لم توقفت دايزي فجأة هكذا ، فأطلت برأسها ، وعندها عرفت السبب فقد لمحت أندريس واقفا قبالتها ، يحدق بدايزي بنظرات شديدة العمق ، سحبت يدها من يد دايزي بهدوء وانسلت بعيدا عنهما .

كان أندريس يسير في طريقه إلى الحفل عندما رآها ، هناك العديد من الطرق التي تؤدي إلى الحديقة التي ستقام الحفلة فيها ، لكن شيئا ما دفعه لأن يمر بهذه الطريق ، يصر قلبه على أنه أراد أن يراها قبل الحفلة ، لكن عقله يصر على أن هذا ناتج عن التوتر والانهاك الذي أصابه بعد تلقيه تلك الرصاصة ، إذ أصبح يختار الأشياء بطريقة عشوائية ، وما هذا إلا نتيجة لإحدى اختياراته العشوائية .
حدق فيها بانشداه ، وتعلقت عيناه بها ، تفحصها من شعرها الذهبي المرفوع قليلا للأعلى ، مرورا بثوبها الذي يبرز فتنة جسدها ، وانتهاء بحذائها اللامع .
همس بهدوء ، ودون وعي منه :
_ تبدين .... فاتنة .
ارتجف قلبها لهذا التصريح ، واندفعت الدماء تغزو وجنتيها ، وأخفضت بصرها إلى الأرض ، لكنه في تلك اللحظة بالذات كان يريد النظر إلى عينيها ، فمد يده القوية ، وبحنان رفع رأسها ، ولف ذراعه الأخرى حول وسطها وجذبها إليه مقربا إياها منه ، وهمس :
_ لديك أجمل عينين في الوجود .
أرادت أن تتكلم ، الكلمات أبت أن تخرج ، وكل ما استطاعت التفوه به ، كان عبارة عن همسات دافئة متقطعة،
أنزل يده وتركها تلتف هي الأخرى حول خصرها النحيل ، ثم أحنى رأسه بهدوء معانقا إياها ، حتى أحست بأنفاسها تنقطع وبضربات قلبها تتوقف عن النبض ، أغمضت عينيها بهدوء وأسندت جبهتها إلى كتفه ، وأحاطته هي الأخرى بذراعيها . رفع رأسه بهدوء ، وهمس لها برقة :
_ لنذهب .
أشارت له بالموافقة ، وهمت بالسي إلا أنه كان قد احتجزها بين ذراعيه مجددا، وأمال رأسه ليطبع قبلة حارة على خدها . كان رد فعلها العفوي أن رفعت يدها ووضعتها على موضع القبلة ، وهمست بصوت حالم :
_ إنها دافئة .
افتر ثغره عن ابتسامة كشفت عن صف من اللؤلؤ ، مخبء خلف شفتيه الرقيقتين ، أحاط خصرها بيده القوية وجذبها إليه ، فما كان منها إلا أن وضعت يدا على صدره والأخرى خلف ظهره ، شعرت بالضماضة التي تغطي صدره ، تحت قميصه الخفيف ، فسألته باهتمام وخوف واضحين ، وهي تتحسس مكان الإصابة :
_ هل تؤلمك ؟؟
أمسك أناملها وقبلها ، ثم أعادها لمكانها على صدره ، وأجابها باسما :
_ لقد شفيت عندما لمستها بيدك الدافئة .

كان توترها يزداد مع كل حركة يقوم بها ، همست لنفسها أنه لا بد أصيب بالحمى ، فما توقعته مخالف لهذا ،
توقعت جدالا ونقاشا حادا وبعض النصائح اللاذعة منه ، لكن جزءا منها ، الجزء الذي رعاه أثناء مكوثه في المشفى كان مدركا لرقته ، ولمساته الدافئة التي تبعث الأمان في النفس . توقفت عن التفكير ، فالشخص الذي يسير بجانبها ، شخص شبه مجهول ، لديه شخصية متفردة ، فهو تارة مستعد لتقبل كل شيء منها ، مزاحها وضحكاتها ، وتارة تراه بعيدا عنها بعد المشرق عن المغرب ، تارة أخرى ترى أنه يخفي من الأسرار ما يجعله كأسطورة قديمة لم يحل سرها .



شبح ابتسامة مائلة ظهر على شفتيه ، أمسك منظارا أسود اللون ونظر به إلى الشابين يسيران بجانب بعضهما البعض ، همس بغبطة المنتصر لنفسه :
_ يبدو أنك ستحقق نصرا جديدا يا سيدريك.
أنزل منظاره بهدوء ، ثم أخرج من حقيبته السوداء الكبية رداء يبدو كتلك التي يرتديها موظفو البريد ، ارتداها بسرعة ، ونهاية أخرج قبعة بنفس لون الرداء ، وضبطها على رأسه بهدوء ، تناول مسدسه ، تأكد من أن ممتلئ ، ثم أخذ بعض الرصاصات كاحتياط له ودسها في جيبه ، ورفع مسدسه وألقاه في داخل قميصه الفضفاض .

ابتسم بمكر ، وقد التمعت عيناه بشرر مخيف :
_ اهنأا بهذه الليلة ، فربما تكون الأخيرة التي تريان فيها بعضكما .
أغلق حقيبته الكبيرة ، بعد أن وضع ملابسه فيها ، وتمتم لنفسه بشكل كريه :
_ حسنا إذا سيد سوفاكيس ، سنرى من سينتصر في النهاية ، أنا ؟؟ أم أنت ؟؟
رسم على شفتيه ابتسامة ودودة مزيفة لرجل تجاوز أواسط الأربعين من العمر وشارف على الخمسين ،
همس لنفسه :
_ البداية تكون بك ، آنسة دايزي .


ومع حلول المساء ، اجتمع عدد كبير من الأشخاص ، كلهم ، على الأغلب ، بدوا غير معروفين بالنسبة لدايزي ،
وكان أول ما فكرت به عند رؤيتها لهم : ما هو السبب الذي يدعو ميديا لدعوة كل هؤلاء الأشخاص لحفلة بسيطة كهذه ؟؟ لكن هذا لم يكن الشيء الوحيد الذي جذب اهتمامها ، بل كذلك الطريقة العجيبة التي زينت بها الطاولات الحجرية ، والسجادة المخملية الحمراء ، الممتدة في الطريق الواقع وسط الحديقة ، والذي يوصل لمساحة دائرية ترتفع قليلا عن مستوى الأرض ، لكن المساحة كانت خالية ، فلم يضعون سجادا يقود إليها ؟؟ وكان هناك أيضا ،
المائدة المفتوحة ، التي تحوي ما لذ وطاب من أنواع الطعام المختلفة ، دون أن تغفل كذلك عن الأضواء البيضاء، التي تتخللها أنوار ملونة .

استأذنها أندريس باسما ، وتركها بعد أن طبع قبلة خفيفة على أناملها المرتجفة من دفء يديه ، وسار متجها إلى ليسندر الذي وقف بجانب ساندرا وعدد من الفتيات متحلقات حوله ويضحكن بسعادة غامرة ، وقف خلف ليسندر ووضع يده على كتفه ، فاستدار الأخير وكان يحمل في يده كأسا مملوءا بشراب أبيض اللون ، ابتسم للآنسات الواقفات ، ثم استأذن ساندرا بعد أن طلب منها الاهتمام بدايزي ، انتزع الكأس من بين يدي ليسندر ، وقاده إلى أبعد طاولة في الساحة ، حيث يمكنهما أن يحظيا بالهدوء رفيقا وحيدا لهما ، استمر ليسندر بالابتسام حتى جلس ،
فاستبدل ملامح الابتسام تلك بتقطيبة ، هي أقرب ما يكون للعبوس ، سأل باهتمام :
_ ما الأمر ؟؟
تراخى أندريس ، ومط جسده بكسل وهو يجيب :
_ لا شيء ، وإنما أردت رفقتك .
مال ليسندر إلى الأمام ، متكئا بمرفقيه عليها ، وسأل باسما :
_ هل مللت رفقة الشقراء الفاتنة.
نهض أندريس بسرعة ، ودنا من ابن عمه ، وأمسك بياقة قميصه جاذبا إياه منها ، وحذره بجدية :
_ إياك أن تقترب منها ، فهمت ؟؟
ضحك ليسندر ببلاهة ، وقال يستفز أندريس :
_ تلك الفتاة ليست سهلة !! لقد استطاعت أن تسقط السيد أندريس عن عرشه ليكون عبدا لها وأسيرا لحبها .
حدق فيه أندرس بحنق ، وقال مصرا على أسنانه :
_ لا تبتسم كثيرا ، وإلا هشمت لك هذا الوجه الذي تجذب به الفتيات .
تلمس ليسندر وجهه ، وسأل أندريس وقد بانت الجدية على ملامح وجهه :
_ أتحبها ؟؟
تنهد أندريس بعمق ، ومرر يده على وجهه ، واعتدل في جلسته ثم قال برقة شديدة :
_ أحبها ، لكن أكره قربها !
استفسر ليسندر :
_ وكيف يكون ذلك ؟
هز أندريس رأسه بسرعة وهو يقول :
_ لا ، لا تفهمني خطأ ، أنا أحبها وأحب أن تكون قريبة مني دائما ، ولكن هذا القرب قد يؤذيها ، لا أريد لذلك المجرم سيدريك أن يحتجزها كرهينة أو يفكر بتهديدي بها ، لأنه إن فعل ...........
وترك جملته دون أن ينهيها ، فأنهاها له ليسندر :
_ ستفعل أي شيء في سبيل سلامتها .
تابع أندريس يكمل الجملة :
_ ولو كان ذلك على حساب حياتي .
بسط ليسندر كفيه ، وقال ببساطة :
_ لا أدري ما أقول لك يا شقيق ، ولكنك غارق في الحب حتى أخمص قدميك، وعليك أن تسارع للإمساك بحبل النجاة ، قبل ألا تعود قادرا على الحياة .
تبسم أندريس ونظر باستياء لابن خاله وصاح :
_ ليس الأمر بهذا السوء ؟!
صحح له ليسندر :
_ في مثل حالتك ، إنه أخطر من ذلك بكثير ، صدقني !!


_ هناك شيء ما يحدث هنا ، ويبدو أننا الوحيدتان اللتان لا تعرفان شيئا عن هذا .
صرحت دايزي لساندرا بذلك وهما تقفان معا بالقرب من إحدى الطاولات الحجرية ، طلبت دايزي منها أن تنظر إلى كايل وصوفيا ، ففعلت وعندما رأتهما تبينت أنهما ولا شك يعرفان بما يجري ، قالت سان :
_ لا بد أنهما يعرفان .
استدارت دايزي ناحية أندريس وليسندر وتمتمت بهدوء :
_ وأراهنك بكل ما يملك والدي من أموال ، بأنهما يعرفان .
كانت سان تهم بقول شيئا تعقيبا على كلمات دايزي ، لكن الصوت الذي انبعث من خلفها ، جعلها تجفل قليلا ومن ثم تبتسم مرحبة بالقادمة ، كانت تلك سوزي رفيقة نيكول وسان في السنوات الدراسية ، وهي صديقة حميمة لهما،
وهما يعرفانها منذ فترة ليست بالقصيرة ، رحبت دايزي بالقادمة بمودة واحترام . كانت سوزي تمتلك جسدا مصقولا وبشرة بيضاء شديدة النقاوة ، وعينان واسعتان بنيتان ، تحيطهما أهداب كثيفة ، شديدة السواد ، وتمتلك شعرا يتمايز ما بين الأحمر والبني ، مجعد وليس طويلا كثيرا ، وكانت قد ربطته بعفوية وووضعته على كتفها لتنزل خصلاته إلى الأمام ، كان ثوبها شديد الأناقة والرسمية ، وبلون أسود حالك . مدت سوزي يدها لدايزي مرحبة بها بحفاوة شديدة .

وفي غمرة انشغال الناس بالأحاديث والطعام والشراب ، تصاعد دخان كثيف غطى المكان ، وأثار دهشة المدعوين وفزع بعضهم ، لكن ذلك الدخان سرعان ما بدأ يزول ، وبزواله كشف عن مقعد واسع أبيض اللون
قد ظهر فجأة على تلك اتلمساحة المرتفعة ، وعن طاولة غطيت بغطاء أبيض ووضعت عليها باقات من زهور حمراء ، وكؤوس زجاجية لامعة .
ومن ثم بدأ صوت الموسيقى يصدح في الأرجاء مبددا سكون الليل الحالك ، وعلى أنغام هذه الموسيقى
تقدم اثنان بهدوء على تلك السجادة الحمراء ، واخترقا ما تبقى من ذلك الدخان الأبيض اللون ، صفق الجميع بحرارة وارتفعت بعض الهتافات وأصوات التصفير ، في حين علت صيحة دهشة من دايزي وساندرا وصاحتا معا باستغراب .

كانا ملائمين لبعضهما البعض ، نيكول ببدلته السوداء وقميصه الأبيض ، وربطة عنق سوداء ، وميديا بفستانها السكري الطويل الرقيق ، الذي انساب على جسدها برقة ، كانا رائعين وبسيطين في مظهرهما ، وهذا ما زادهما روعة ، كان ثوب ميديا ضيقا يتسع قليلا في الأسفل عند قدميها ، وشعرها رفعته بأكمله وتركت بضع خصلات مجعدة تتاقط على جانبي وجهها المدور الجميل ، كما وضعت طرحة طويلة جدا وناعمة جدا ، وأمسكت في يدها باقة من الزهور . ثم جاء بعد ذلك موكب من الصغار ، صف طويل من الفتيات يرتدين فساتين بيضاء متشابهة ، ويقف إلى دانبهن صف من الفتية الصغار ، يرتدون بدلات سمراء اللون .

كانت كالملاك السائر على الأرض ، بابتسامتها الرقيقة ، وإيماءاتها الصامتة ، وتلويحها للمدعوين بتأنق ، التقت عيناها بعيني دايزي ، فبان فيهما غبطة غامرة تنضح منهما ، ابتسمت لصديقتها بخفة ورقة ، ولوحت لها فردت دايزي على ذلك بضحكة خفيفة ، وقد بدأت قطرات كثيفة من الدموع تحتشد في عينيها الزرقاوين ، أرسلت لها ميديا قبلة في الهواء وهمست لها بأنها تحبها ، ثم استكملت سيرها بجانب نيكول ، الذي كان قد غمز أندريس بعينه، ورد على عدد من التهاني والمباركات .

سارا حتى وصلا المساحة المرتفعة ، حيث صعدا درجاته بهدوء ، واتجها يجلسان على الكسي الكبير المزين ، أما الحشد الكبير الذي كان يسير خلفهما فقد افترق عند ذلك الدرج ، فاتجهت الفتيات لليمين ، واتجه الفتية لليسار،
ومن بعد ذلك تطاير عدد كبير من الحمام الأبيض ، الذي وباختفائه ، ظهر السيد هاري يرتدي بدلة رسمية اعتلاها ثوب أبيض زينت حوافه بزركشات ذهبية اللون ، يحمل في يده اليمنى كتابا أبيض اللون كذلك .

سار بهدوء ووقار ، وصعد إلى جانب العروسين الشابين ، استدار وحمل مكبر الصوت موجها كلامه للجمهور، وبصوته الجهوري استطاع وبكل سهولة جذب انتباه الجميع :
_ مساء الخير أيها السادة والسيدات .
رد الجميع بود لهذا العجوز :
_ مساء النور .
حدق بهم ثم قال وقد تهللت أساريره فرحا للدور الذي سيقوم به في هذه الحفلة :
_ اليوم لن أكون السيد هاري ، بل سأكون مأذون الزواج السعيد السيد هاري .
استدار إلى العروسين ووجه إليهما ابتسامة خفيفة :
_ ويسعدني أن أكون الشخص الذي يجمع شمل هذين الاثنين .
وضع الكتاب من يده جانبا ، وقال :
_ ولكن قبل أن أجري مراسيم الزواج ، سأقول لكم هذا .
حرك يده في الهواء وهو وكأنه يشرح لهم درسا مهما :
_ سيكون على هذا الشاب الوسيم الجالس هنا ، أن يهتم بالآنسة اللطيفة الجميلة ، وسيكون عليه أن يرعاها ويراعي شعورها ، وأن يكون زوجا وأبا جيدا .
تبسم نيكول وهمس بهدوء :
_ سأكون كذلك ، سيدي ....... على الأقل سأحاول .
رد عليه السيد هاري مداعبا :
_ سيكون من الأفضل لك أن تفعل ، وإلا فإن عقابك سيكون على يدي الهرمتين هاتين .
قال ذلك مشيرا إلى يديه ، ثم حول بصره نحو ميديا الخجولة وقال لها :
_ وأنت أيتها الآنسة سيكون عليك أن تساعدي هذا الشاب الأخرق ، وتقفي معه في السراء والضراء ،
وعليك أن تشجعيه ، واحرصي على أن تطعميه جيدا ، فكما يقال : أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته !!
ضحكت ميديا باستئناس وهتفت :
_ سأفعل ذلك .
قال لها بحب :
_ أعلم أنك ستفعلين .
احتج نيكول :
_ لم يكون التهديد موجها لي فقط ؟؟
رد السيد هاري بمشاكسة :
_ لأنك فتا أهوج ، أما هي قليست كذلك أبدا ، أم أنك تخالفني الرأي ؟؟
هز نيكول رأسه :
_ إنها أجمل ، وألطف فتاة رأيتها ، وهي كذلك الأكثر حكمة بينهن .
صفق الجميع بفرح لهذين العروسين السعيدين ، وبدأ السيد هاري بمراسيم الزواج ، ثم انتهى إلى قوله :
_ آنسة ميديا ، هل تقبلين بالسيد نيكول زوجا لك ، وللأبد ؟؟
ردت بإيجاز :
_ نعم ، أقبل .
ثم سأل نيكول :
_ هل تقبل يالآنسة ميديا زوجة لك ، وللأبد ؟؟
سأل نيكول متظاهرا بالهلع :
_ ولكن ، ألا تظن أن ( إلى الأبد ) بعيدا جدا ؟؟
خرجت من الأفواه شهقات مصدومة ، وكان نيكول يبدو مستمتعا بوجه ميديا الذي شحب قليلا ، حك رأسه بهدوء، وقال بحب :
_ وهل لي أن أرفض ؟؟ أنا وبكل تأكيد أقبل .
تهلل الجميع فرحا ، وصاح بعضهم مهددا نيكول بالقتل كان من بينهم ساندرا ، التي توعدته بالقليل من الأفاعي في سريره .

وارتفعت الموسيقى الصاخبة تصدح في المكان ، فترك الناس كؤوسهم وطعامهم ، واندفعوا جميعا إلى الوسط يرقصون ويهنؤون ، أما دايزي فقد اندفعت ناحية ميديا بسرعة شديدة وعانقتها بفرح ، تأرجحت الفتاتان قليلا ،
وصاحت دايزي بفرح غامر :
_ مبارك لك عزيزتي ، أنا مسرورة جدا .
ترقرق الدمع في عيني ميديا ، وهي ترد :
_ شكرا لك دايزي ، حقا شكرا لك .
صاح نيكول بهلع :
_ لماذا تبكين عزيزتي ؟؟ أتريدين أن يقطع السيد هاري رقبتي الآن ؟؟
ضحكت دايزي :
_ أنا من سيقطع هذا العنق نيكول ، لأنك اختطفت أعز صديقاتي مني .
مد نيكول يده وتلمس عنقه ، وردد بهدوء :
_ الكثيرون يسعون خلفك ، يبدو أن علي تخبئتك !!

تقدم أندريس من الخلف يحمل كأسا زجاجية وبرفقته ليسندر ، ألقى تحية المساء ، وبارك لميديا ، ثم عانق نيكول
وقدم له مباركته ، ربت نيكول على ذرا أندريس :
_ شكرا لك على المساعدة ، لن أنسى لك هذا .
رفع أندريس كأسه :
_ أنت على الرحب والسعة ، في أي وقت .
تبسم نيكول ، ثم احتضن سان التي أقبلت من بعيد وحيا سوزي التي جاءت معها وشكرها ، لتدبرها أمر زينة الحفل ، وكل الترتيبات الأخرى من ملابس وزينة العروس وتسريحة شعرها ، وبطاقات الدعوة وكل الأمور الأخرى .
[/frame]
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 05-05-2017, 09:38 PM
 
[frame="3 80"]حدقا بالجميع من بعيد ، كانت تكره كل واحد فيهم حتى ليسندر الذي لا تعرف اسمه بعد ، لا لشيء إلا لأنهم يساندون دايزي وميديا ، شدت قبضتها على الكأس الزجاجية بيدها حتى كادت تتكسر ، وصرت على أسنانها بشدة ، ثم وضعت الكأس على الطاولة بقوة كبيرة ، وصاحت بالشاب الواقف خلفها ، فلحق بها متذمرا ، أقبلت من بعيد ، وقطعت عليهم ضحكهم ، صاحت مهنئة بصوتها الحاد :
_ مبارك لكما .
ولسوء حظها كانت قريبة من ليسندر الذي لم يتردد بالتصريح ، بأن صوتها حاد ومزعج ، صاحت به بكره :
_ ومن طلب منك رأيك بصوتي ؟؟
حدثها ببرود ، وعيناه تظهران اشمئزازا واضحا من مظهرها المنفر :
_ ومن طلب منك أن تهنئيهما ، لا أظنهما سيموتان إن لم تفعلي ، أيتها المتشردة !!
صاحت بدهشة :
_ أنت شديد الوقاحة .
فرد :
_ وأنت خالعة للحياء .
لم تعرف بم تجيب ، فقد بدت مترددة أمام نظراته الجليدية ، وبروده المزعج ، جاء الصوت من خلفها ، يقول بملل :
_ حسنا سيلفيا ، لقد انتهت اللعبة ، وأنت خسرت وأنا منسحب وعائد للبلاد .

صوت آخر ليس بالغريب ، عميق جدا ، وواضح جدا ، صوت شاب واثق ، قال بهدوء :
_ وأنت أيضا سليفيا ، ستعودين للوطن .
تجمدت سيلفيا من هول الصدمة ، وبدأت أطرافها بالارتعاد ، واتسعت حدقتا عينيها بخوف جلي ، اختفى ألبرت وظهر بدلا منه شاب صغير العمر ، لم يتجاوز بعد الرابعة عشرة من عمره ، يرتدي بدلة رسمية ، ويصفف شعره بطريقة جذابة ، يمتلك شعرا حريريا بني اللون وعينان بنفس اللون ، واسعتان تحيط بهما رموش كثيفة سوداء ، تقدم إلى جانبها ، وألقى تحية المساء بلطف على المدعوين ، ثم تقدم من ميديا وقدم لها تهنئته ، وقال معتذرا :
_ لم أكن أعلم أنه يوم زفافك وإلا لكنت أحضرت هدية في طريقي .
أجابته ميديا بأنه لا بأس في ذلك ، فاستدار إلى دايزي وعانقها بحرارة كبيرة ، وبادلته هي العناق بسرور كبير ، وهمست :
_ مايكل ، ماذا تفعل هنا ؟؟
أجاب بلهجة اعتذار :
_ كالعادة ، ألحق بسيلفي ، أصلح أخطاءها ، وأعتذر لكل من أساءت لهم ثم أعود بها للبيت .
ربت أندريس على كتفه وقال :
_ ما رأيك هذه الليلة أن تشغل نفسك بشيء آخر ، هناك احتفال وطعام ، فاترك سيلفيا قليلا ومتع نفسك .
ابتسم مايكل لأندريس شاكرا ، لكنه اعتذر وقال إن عليه أن يعيد سيلفيا .
كان مايكل قوي البنية ، طويلا بالنسبة للفتية من نفس عمره ، ويملك تقاطيع جذابة ، ويبدو من قسمات وجهه أنه شاب حنون وهادئ ، ولكن قوي وشديد الثقة بنفسه ، انسحب بهدوء بعدما زجر سيلفيا بنظرة جعلتها تتبعه دون أدنى كلمة منه . ورحل مايكل بالسرعة التي جاء بها ، آخذا معه مصيبة كبيرة ، كانت تهدد هدوء حياة دايزي.

صاح كايل :
_ يفاجئني ذلك الفتى دائما بقدرته على إيقاف شقيقته .
أيدته دايزي وأضافت :
_ تعجبني قوة شخصيته ، إنه يخيفها ، فهو يشبه والده لدرجة كبيرة ، وكم كانت سيلفيا ترتعب من والدها .
سألت صوفيا بتعجب :
_ كانت ؟؟
ردت دايزي :
_ والدهما ،إنه مريض ولا يستطيع مغادرة المشفى وهكذا فإن مايكل يحمل نفسه مسؤولية العائلة ، ويحاول إصلاح أخطاء سيلفيا وينجح أحيانا في تداركها .



تقدم السيد والسيدة بروس من الخلف ، وقالا بهدوء :
_ إنها لحفلة رائعة بني ، وإننا لمسروران بك ، والآن اعذرونا فلدينا رقصة نؤديها .
ضحك نيكول :
_ أوه ، لستما وحدكما فنحن سنرقص كذلك .
وجذب يد ميديا ، وقادها إلى ساحة الرقص ، حيث خفت صوت الموسيقى وحل محل تلك الصاخبة أخرى هادئة وسلسة ، أمسك نيكول بيد ميديا بيد ، ووضع يده الأخرى حول خصرها النحيل ، في حين رفعت هي يدها الطليقة وجعلتها عل كتفه . انحنى كايل بحركة مسرحية ، مادا يده لصوفيا :
_ هل لي بهذه الرقصة آنستي ؟؟
وضعت يدها في يده ، وسألت :
_ ماذا ستفعل إن قلت لا ؟؟
أجابها بثقة :
_ أنا أكيد من أنك لن تفعلي .

وضع ليسندر كأسه على طاولة قريبة ، وقال بضجر :
_ حسنا ، أنا الآخر سأذهب للرقص .
وتقدم من ساندرا وهمس بدماثة
_ هل لك أن ترافقيني آنستي ؟؟
ابتسمت ساندرا بود وقالت :
_ بكل تأكيد ، وخلال رقصتنا سنناقش الكيفية التي يمكنني بها شكرك ، لأنك أهنت سيلفيا بتلك الطريقة .



وبقي الاثنان وحدهما ، الكل منشغلون إما بالرقص أو بتناول الطعام أو بأي شيء آخر ، تناولت دايزي كرسيا ، وجلست عليه بتوتر ، اختلست النظر إلى أندريس ، كان يحدق بساحة الرقص ، وتساءلت بصمت عن الشيء الذي يجذب انتباهه ، ركزت نظرها إلى الجهة التي ينظر إليها ، فإذا بها عصبة من الفتيات الجالسات حول طاولة لوحدهن ، يتجاذبن أطراف الحديث ويتبسمن في هدوء تام ، شعرت دايزي بالغيرة تحرق قلبها ، ودون وعي منها ضربت الطاولة بيدها ، أفاق أندريس من شروده، وهو للحقيقة لم يكن ينظر إلى أولئك الفتيات وإنما يفكر بالشقراء الفاتنة الواقفة إلى جانبه ، وعلى الفور نقل بصره إليها فالتقت عيناه ببحر واسع لا ساحل له ، شتت أفكاره وبعثر كلماته ، حدقا في عيني بعضهما البعض لفترة طويلة ، قبل أن تقرر دايزي إنزال ناظريها للأسفل بخجل تام .


لديها أجمل عينين رأيتهما على الإطلاق ، إنهما تشتتان كياني ، وتمزقان خيوط أفكاري المترابطة تمزيقا يمنع تلك الخيوط من الترابط إلى بعد فترة ليست بالقصيرة ، هناك لألأة خفيفة تتأرج في مقلتيها ، وهناك خجل متأرجح على أعتاب رموشها الكثيفة الطويلة ، لا أدري لماذا تخفض عينيها دائما ، ألا تدرك أنهما كالسحر ، تطوقان الشخص فتعزلانه ، وعند زوال ذلك السحر ، يعود الشخص لواقعه الذي يبدو فجأة مرا بعد كل تلك الحلاوة .

تبسم بقليل من المرارة مقتربا منها ، وعندما أصبح واقفا أمامها ، أحست بكل تلك الهيبة تنضح منه ، فرفعت نظرها إليه ، وتمنت لو أنها لم تفعل ، فقد رأت فيه كل ما تمنته يوما ، الرجولة ، والقوة ممزوجتان بالعطف والحنان ، وتساءلت إن كان كل الرجال يملكون تلك الهالة من السلطة ، لكن قلبها أنكر ذلك ، إذ لا يمكن أن يكون هناك اثنان بهذه الروعة ، ولا يملك هذه الروعة سوى أندريس سوفاكيس ، الرجل الغامض ، الحنون ، المعطاء ، شديد الثقة والاعتداد بالنفس ، الرجل الذي أحبته ............!!

سألها برقة :
_ هل يمكنني أن أحظى بشرف مراقصتك ، آنستي ؟؟
رددت لنفسها ، بل إن الشرف لي أن تراقصني سيدي ، ولكنها لم تقل شيئا من هذا وإنما ابتسمت بهدوء ، وأجابت برقة :
_ نعم .


قادها بهدوء إلى الحلبة ، حيث استقرا في مكان بعيد قليلا عن باقي الراقصين ، وضعت يدا على كتفه والتقط هو الأخرى ، تبسم لها بهدوء وقال :
_ لدي بعض الأفكار الأخرى .
تناول يدها الأخرى ووضعها خلف رقبته وجعل يديها تتشابكان خلف عنقه ، وأحاطها هو بذراعيه القويتين .
تمايلا معا بهدوء على وقع تلك الموسيقى الحالمة ، وسرعان ما ضمها إليه بحنان ، لتضع رأسها على صدره الواسع ، أسند ذقنه لرأسها ، وسألها بحنان :
_ هل أنت مرتاحة ؟؟
أغمضت عينيها ، وهي تشعر باسترخاء كبير بين ذراعيه :
_ أجل ، بالتأكيد .
أزاح خصلة شعرت تهدلت على وجهها ، وسأل بتردد وكان السؤال يؤرقه :
_ أتكرهينني ؟؟
رفعت رأسها بهدوء عن صدره ، حدقت في أعماق أعماق عينيه الجليديتين ، وهمست برقة :
_ بل على العكس تماما .
ثم أعادت رأسها إلى صدره ، تكمل رقصتهما الأولى والتي يمكن أن تكون الأخيرة كذلك .



كانت ترقص في الطريق المؤدية إلى المنزل ، دارت بضع دورات حول نفسها ، وخطت خطوتين إلى الخلف ، ثم مدت يديها في الهواء وكأنها تراقص أحدا ، وأخذت تسير إلى الأمام وتدندن ببعض الألحان .

صوت حمحمة قريبة منها جعلها تفزع ، وتصيح بذعر ، رفعت يدها لتستقر على صدرها ، وهتفت بانفعال :
_ من هناك ؟؟
حاولت أن تنظر من بين الشجيرات لكنها لم تلمح أحدا ، عادت تسأل إن كان هناك أحد بالجوار ، وكان هناك بالفعل !! إذ ظهر سيدريك أمامها راسما على وجهه تلك البسمة التي تخدع الكثيرين ، ابتسمت له دايزي واعتذرت بأدب موضحة له أن ذلك كان رد فعل طبيعي ، أجابها بأنه كان ليفعل الشيء ذاته لو كان في مكانها،
فشكرته للطفه ، ثم سألته عن مقصده ، فتأوه برقة مصطنعة ، متظاهرا بأنه نسي ما جاء لأجله ، مع أنه لم ينس ذلك لحظة واحدة ، أخرج ظرفا صغيرا أسود اللون من جيبه ، وقدمه لدايزي ، ساءلا إياها إعطاءه لأندريس ، لم تتردد دايزي أبدا وإنما هزت رأسها بسرور كبير والتقطت المظروف من يد سيدريك ، الذي رفع قبعته بهدوء يحييها ثم استدار خارجا .

افتر ثغره عن ابتسامة ماكرة ، ولمعت عيناه كعيني نسر ، وشعتا وسط الظلام ، بدأ يضحك ، ورويدا رويدا بدأ صوت ضحكته يرتفع حتى تحول إلى قهقه جلجلت المكان بأكمله ، ومن شدة حماسه بما حققه ، انتزع هاتفه النقال بسرعة من جيبه ، وضغطت أصابعه الأرقام بسرعة ، وكأن ذلك روتين اعتادته ، استغرق الأمر بضع رنات قبل أن يجيب الطرف الثاني بتحية اعتيادية ، اتسعت ابتسامة سيدريك :
_ كيف حالك عزيزي ، أندريس ؟؟
أندريس الذي كان جالسا مع ليسندر ، يتجاذبان أطراف الحديث بعيدا عن الأعين ، استاء لسماع هذا الصوت ، فكشر بغضب ، وأجاب بحدة :
_ كنت بخير أيها العجوز الخرف قبل أن أسمع صوتك !!
جاء الرد بلهجة مستاءة :
_ عيب عليك يا آندي ، ألا تحترم من هم أكبر منك سنا .
قهقه أندريس ، ورد بسخط وهو يضرب الطاولة أمامه بقوة :
_ و أي احترام تستحقه أيها المجرم ؟؟
بدا الاستمتاع في صوت سيدريك وهو يقول :
_ أستحق الاحترام ، لأنني بعثت لك برسالة صغيرة استفسر فيها عن أحوالك !!
تمتم أندريس بسخط :
_ أي رسالة هي تلك ؟؟ لم تصلني أي واحدة !!
_ لقد بعثتها مع الآنسة بريسكوت ، ألم تصلك ؟؟
وبدا في صوته عجب مزيف ، ثم ما كان منه إلا إن قهقه بسرور وهو يسمع صوت أسنان أندريس المصطكة وهي تكاد أن تتحطم :
_ لا تخف ، لم أؤذها ، لكن أتعلم ما المضحك ؟؟
صرخ أندريس بغضب جامح :
_ لا أرى شيئا مضحكا في الموضوع !!
رد سيدريك باستمتاع شديد :
_ بلى بلى ، فلو عرفت دايزي الصغيرة أنني من قتل والدتها لكانت تحولت لمجرم سفاح ، ولكنها كانت تبتسم لي بسرور ومودة عندما أعطيتها الرسالة .
ثم عاد فقهقه ، واستكمل بصوته الكريه :
_ أكره ضحكتها تلك ، وكنت أفكر بأن أزيلها كما سبق وأزلت والدتها من قائمة الأحياء !
حاول أندريس اصطناع الهدوء ، ولكنه على ما يبدو فشل في ذلك ، إذ كان صوته مرتجفا ، عندما قال :
_ ابتعد عنها ، أنا الآن عدوك ( سيد ) .
_ ( سيد ) أهذا اسم دلع لي ؟؟ لقد أعجبني حقا ! و...لا تقلق ، فأنا أنوي القضاء عليك قبل تصفية أمردايزي ، فلربما ستجد هي أن من المثير مشاهدة مصرعك .
تبسم أندريس في ثقة :
_ لن أمنحك هذا الشرف ( سيد ) ، كما لن أمنحك متعة هذه التجربة .
بدا أن أندريس قد أرضى غرور سيدريك ، إذ قال الأخير في اعتداد :
_ حسنا إذن ، من الأفضل لك الآن أن ترى رسالتي ، وخذ بنصيحتي وغادر هذا المكان ، قبل أن أقرر تصفية أصدقائك الحثالى واحدا تلو الآخر .
وكاد يغلق الخط ، لكنه استدرك أمرا :
_ وسلم لي على ليسندر ، وقل له إنني معجب بشجاعته تلك .
ومن ثم كان كل ما سمعه أندريس هو صوت الهاتف بعدما أغلق سيدريك الخط ، التفت ناحية ليسندر وقال له بسرعة :
_ جهز كل شيء ، سيكون علينا المغادرة غدا صباحا .
لم يناقش ليسندر في الأمر ، بل بدا عليه أن اعتاد مثل هذه الخطط المفاجئة ، وقال :
_ كما تريد آندي ، أنا ذاهب الآن .
ولم ينتظر أندريس أكثر من ذلك إذ أسرع يحث الخطى نحو البيت الذي يسكنه ، فإن صح ما قاله سيدريك ، فأن رسالة قد بعثت إليه وحاملها ليس سوى دايزي ، ونخزه قلبه ، لاحتمال إصابتها بالأذى ، ما زاد من سرعته ، فقطع الطريق في ثواني معدودة ، حتى وصل بيته ، وكان بيتا صغيرا جميلا ومنزويا عن باقي البيوت إلى حد ما، له شرفة صغيرة وضعت عليها طاولة طعام أنيقة بكرسيين اثنين ، كان أول ما لفت انتباهه ، هو باب البيت المفتوح ، وفكر على الفور : إنها ولا شك دايزي !
وجرى بسرعة إلى الداخل متجاوزا الردهة الأنيقة ، والمطبخ العصري الصغير ، وغرفة الاستقبال الفخمة ، متجها إلى المكتب الذي كان بابه مفتوحا ، تطلع بهدوء إلى الداخل ورأى دايزي هناك ، تحدق بشبه ذهول إلى المكتب الضخم وإلى أثاث الغرفة الذي طغا عليه اللونين الأبيض والأسود ، همست بصوت عال بعض الشيء :
_ يا لها من غرفة باردة !
وجاءها الرد من الخلف :
_ إنها تعجبني كما هي ، وأنت لم يكن عليك دخول البيت هكذا دون إذن .
استشعرت في صوته الغضب ، وإن كان حاول إخفاءه ، استدارت ومدت له برسالته :
_ هذه لك ، وأنا آسفة إنما باب البيت كان مفتوحا وظننت أنك في البيت ، وقد ناديت وناديت فلم يجب أحد.
أخذت نفسا عميقا ، ثم تابعت :
_ ثم رأيت باب هذه الغرفة مفتوحا فدخلتها ، ثم وصلت أنت .
تناول الرسالة من يدها ، وحدق فيها ببرود، ثم فتحها ، فرأى فيها مجموعة من الصور ، كادت عيناه تخرج من مقلتيهما ، هناك صورة له وقت أصيب بالرصاصة ، وصورة أخرى له ولدايزي في المشفى ، وأخرى وقت خروجه ، ورابعة في الحفل عندما راقصها ، أما الخامسة فكانت له ، طفل صغير يبكي على مقتل والديه ، والأخيرة كانت لطفلة صغيرة وجميلة ، لديها بشرة كالحليب وخدود منتفخة ومحمرة ، وشعر أشقر طويل ربطته على شكل ضفيرتين ، وكانت الدموع تنهمر من عيني الطفلة وبضع قطرات من الدماء أمامها على سطح خشبي .

مد أندريس بالصورة لدايزي ، ارتجفت بل اهتز كيانها بأكمله ، وتناولت الصورة بيد مرتجفة ، وبدأت شفتاها بالارتجاف كذلك ، حدقت فيه بحزن :
_ أكانت في الرسالة ؟؟
هز رأسه مجيبا بنعم ، فشهقت ، ثم بكت ثم انهارت على أرض الغرفة ، كان أندريس يعتزم الرحيل بصمت ، دون دموع ودون وعود بالعودة وكذلك دون آمال يعلقها عليه أحد ، فتناولها من كتفيها ببرود ورفعها لتقف ، وهمس لها بصوت يكاد يكون متجمدا :
_ ما كان عليك محادثة الغرباء ولا استلام الرسائل منهم !
حدقت فيه بقليل من الكره ، لأنه لا يعطي مقتل والدتها أدنى اعتبار ، مع أن هذا الحادث كان له أكبر الأثر في حياتها . استدار إلى النافذة معطيا إياها ظهره ، وهمس :
_ إنك طفلة مدللة ، وأنا قد سئمت حقا من مسح دموعك التي تنهمر بين الفينة والأخرى .

حدثت نفسها : لماذا يقول كل هذا الكلام بعدما كان بيننا ؟؟ لماذا يفعل بي هذا ؟؟ ألا يزال يكرهني؟؟ أم أنا حقا فتاة مدللة لا تحتمل ؟؟ هل أنا عبء عليه ؟؟ لماذا يتغير من حال لحال بهذه السرعة ؟؟ لماذا لا يخبرني بما يزعجه في ؟؟ ربما لأنه غير مهتم ! وربما لأن الأميرة لوسيتا التي تنتظره تشغل كل وقته وتفكيره فتمنعه عن غيره !!
وكان انجذاب تفكيرها لحياة أندريس الشخصية قد راعها ، فمنذ متى بدأت تغار بهذه الطريقة المزعجة ؟؟ إنها لا تجد الحل ....... ولكنها تعلم أمرا واحدا ، إن كان أندريس قد أحبها يوما ما ، فقد أحبها كما يحب صوفيا وسان وميدي ، وليس أكثر من ذلك ، ما لم يكن أقل . هذا الاكتشاف كان كفيلا بالقضاء على كل أمانيها وتبديد حلمها في أن تعيش مع الرجل الذي أحبت ، والذي رقصت معه أجمل رقصة في حياتها قبل وقت قصير، فنهضت بسرعة ومدت له بالصورة الحزينة ، تمنت له ليلة سعيدة ، وهمت بالخروج ، لولا أن قال لها ، ببرود فيه بعض التوتر:
_ أنا راحل غدا ..
قطعت العبارة آخر حبال الأمل لديها ، فابتسمت في دعة ، وتمنت له أن يصل بالسلامة ، ثم عادت فتمنت له ليلة سعيدة مرة أخرى ، وانطلقت إلى منزلها بخطى سريعة متأرجحة .


أشرقت الشمس ، وكان صباحا عاديا آخر ، شمس مشرقة وجو لطيف ، أصوات صاخبة تهز المكان ، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لدايزي ، فالجميع سيرحلون . مايكل جاءها في الصباح وتمنى لها إقامة طيبة ، كان فتى ودودا
ولطيفا جدا بعكس شقيقته الشريرة ، وكان يتحمل المسؤولية ويقوم بكل ما يطلب منه على أتم وجه ، وكذلك جاءها ألبرت ، وابتسم لها باعتذار ، أو هكذا بدا لها ، وودعها إلى الأبد ، فهو يعتزم السفر إلى إيطاليا والإقامة هناك ، مع قريب لأمه يدير منتجعا سياحيا في مدينة توسكانا الشهيرة . صوفيا التي قرر رئيساها في العمل الرحيل ، لم تجد بدا من الرحيل هي أيضا ، فقد حان الوقت لتستلم العمل بدلا من سيديها اللذين قررا السفر إلى لندن لبعض الوقت ، وكذلك كايل فقد كان عليه العودة ليشرف على عمل آخر ومشروع جديد . نيكول وميديا قررا العودة إلى لندن قليلا ، ليلتقي نيكول بوالديها وينال مباركتهما ، ثم يسافران معا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليكمل نيكول دراسته . ساندرا قررت السفر إلى أندونيسيا برفقة سوزي التي ترتب حفلة زفاف كبيرة في تلك البلاد الجميلة ، أما السيد والسيدة بروس فقررا أن الوقت قد حان ليقوما بجولة سياحية تبدأ بماليزيا الفاتنة.

وكان أول المسافرين أندريس وليسندر ، حيث قدمت سيارة فخمة سوداء اللون وطويلة نوعا ما لاصطحابهما، توقفت أمام المخيم الكبير وفتح أحد أبوابها ، فترجلت منها فتاة ذات قامة رشيقة ، تبدو في كامل أناقتها ، رفعت الفتاة النظارة السوداء عن عينيها الخلابتين ، وانطلقت بسرعة إلى أندريس وعانقته دونما استحياء ، ما أثار حفيظة دايزي التي اشتعلت الغيرة في قلبها على الفور ، دققت في ملامح الفتاة وخطر في بالها فجأة أنها تعرف هذه الفتاة الجميلة وأنها رأتها في مكان ما ، بل هي واثقة أنها رأتها ، دققت أكثر وأكثر ، شعر مصبوغ بالأشقر،
عينان واسعتان ، قامة رشيقة ، ثياب غالية ، نظرة واثقة ، ودلال فطري ............ز ولع ىلافور أدركت كنة هذه الفتاة ، إنها قريبة الملك ريتشارد ، وهي تقيم في قصره منذ ولدت ، وهي تحظى برعاية الملك وحبه الشديد لها .

أفاقت دايزي على صوت الفتاة ( لوسيتا ) ، وقد هتفت بفرح :
_ ألست أنت الآنسة دايزي بريسكوت ؟؟
هزت دايزي رأسها مجيبة بنعم ، فعانقتها الفتاة وهي تصيح بسعادة :
_ تبدين أجمل من صورك في الصحف والمجلات .
ظهر الاستغراب على وجه دايزي ، واستفسرت :
_ الصحف؟؟ المجلات ؟؟
هزت لوسي رأسها بسرعة وهتفت :
_ لقد تم اختيارك ، كأكثر الفتيات أناقة في بريطانيا ، وقد اعتذرت الصحيفة التي نشرت هذا الخبر أولا عن إجراء لقاء معك ، لأنك وكما قالوا مسافرة بناء على رغبة والدك .
تبسمت دايزي للفتاة بقليل من الحماس :
_ نعم إنها رغبة والدي ، وأنا سعيدة لأنني التقيتك أخيرا آنسة لوسيتا ، فقد سمعت عنك الكثير .
التهبت عينا الفتاة المدللة :
_ وهل ما سمعته جيد أم سيء ؟؟
ابتسمت دايزي بعفوية :
_ سمعت أنك بالغة الجمال ، واكتشفت أنك تنضحين جمالا .
عانقتها الفتاة بشكر ورددت :
_ أتمنى أن أصبح بجمالك يوما ما !!

لكن دايزي لم تكن ترى أنها بذلك الجمال ، كما أن أناقتها كانت فطرية وعفوية ، فهي بطبيعة الحال تميل لتنسيق الألوان ، وملاءمة الأشياء ، وإظهار الشيء بأبهى شكل ممكن . ولم يكن هذا يهمها كثيرا ، ففي الوقت الذي تحدثت فيه لوسيتا إلى دايزي ، كان أندريس قد ودع الجميع ، عداها هي بالطبع ، ويبدو أنه لم يكن يعتزم توديعها، لكنه اقترب منها بهدوء وببرود شديد مد يده إليها ، أمسكت هي بيده فكانت دافئة ، شد قبضته على يدها بهدوء ، فأرسل هذا في جسدها ارتعاشة بسيطة ودفع بالدماء لتكتسح وجنتيها البيضاوين ، تمتمت بهدوء :
_ أتمنى لك رحلة سعيدة !!
رد هو بهدوء ورتابة :
_ وأنا أتمنى لك إقامة طيبة ، وداعا !!

قالها ثم انطلق ، لم يقل أتمنى أن التقيك مرة أخرى ، ولم يقل ( إلى اللقاء ) بل قال ( وداعا ) ، وهذا دليل آخر على أنه لا يحبها بالطريقة التي تتمناها هي ، كانت تتمنى منه كلمة واحدة ، أي كلمة تدل على أنه لن ينساها ، لا تريده أن يتذكرها على أنها شيء مميز ، ولكنها تريد فقط أن يتذكرها ، تطلعت في إثره بهدوء ، وتبسمت : لا شك أنه سينساها حالما يخرج من هذه البلاد . وظلت التساؤلات تخز عقلها وهكذا حتى اختفى خر شعاع للشمس ذلك اليوم .
[/frame]
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 06-05-2017, 01:12 AM
 
هي نهاية القصه؟؟
لييييش
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماسك طبيعى لمشاكل البشرة صيفا جمالك مهم أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 3 08-30-2014 05:07 AM
رواية جديدة للدكتورة ناعمة الهاشمي 2012 تعالوا يا بنات رواية شما وهزاع احلى رواية florance أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 02-26-2014 02:28 PM
نصائح ووصفات للعناية والمحافظة على شعرك صيفا اياامنا الحلوة حواء ~ 3 09-07-2012 01:36 AM
وكان لقاء عبر الهاتف.. وكان حمد الكاتب قصص قصيرة 4 10-17-2007 12:22 AM


الساعة الآن 01:21 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011