عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الأدبية > شعر و قصائد > قصائد منقوله من هنا وهناك

قصائد منقوله من هنا وهناك قصائد مختاره بعنايه و أعجبتك ,منقوله من شبكة الإنترنت او من خارجها

Like Tree1Likes
  • 1 Post By |الفتاة المجنونة|
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-20-2017, 09:11 PM
 
Talking قصيدة إرادة الحياة | أبو القاسم الشابي

[img3] https://b.top4top.net/p_6356otrs0.png[/img3][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://d.top4top.net/p_635p8xz82.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




موضوع فخامة ينقصه بس تفتيح الالوان مشان الخلفية وتم التعديل عليه
فلور ~






المحتويات :


1 قصيدة إرادة الحياة
2 مصدر قصيدة إرادة الحياة
3 شرح بعض الكلمات
4 تحليل و شرح قصيدة إرادة الحياة
5 شتاء يحمل يأسا وربيع يحمل أملا
6 إرادة حياة نابعة من أعماق الشاعر
7 خاتمة




قصيدة إرادة الحياة :


إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة * فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ

ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي * ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ

ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة * تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ

كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ * وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ

ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج * وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ

إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ * ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ

ولــم أتخوف وعــورَ الشِّـعاب * ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ

ومن لا يحب صعود الجبال * يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ

فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب * وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ

وأطـرقتُ أصغـي لعزف الرياح * وقصف الرعود ووقع المطر

وقـالت لـي الأرض لما تساءل * تُ : يا أمي هل تكرهين البشر ؟

أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح * ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ

وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ * ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ

هــو الكــونُ حـيٌّ يحـبُّ الحيـاة * ويحــتقر المَيّت المندثر

فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـور * ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ

ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم * لفرّت عن الميت تلك الحفر

فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا * ة مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ

وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف * مثقَّلـــةٍ بالأســـى والضجـــرْ

سـألتُ الدُّجـى : هـل تُعيـد الحيـاةُ * لمـــا أذبلتــه ربيــعَ العمــرْ ؟

فلـــم تتكـــلّم شــفاه الظــلام * ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ

وقــال لــيَ الغــابُ فــي رقَّـةٍ * مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ

يجــئ الشــتاءُ شــتاء الضبـاب * شــتاء الثلــوج شــتاء المطــرْ

فينطفــئُ السِّـحرُ سـحرُ الغصـونِ * وســحرُ الزهــورِ وسـحرُ الثمـرْ

ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ * تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ

وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ * ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ, غَــبَرْ

وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ * وعِطْــرِ الزهــورِ وطَعـمِ الثمـرْ

ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ * سُ فــي هيكـلٍ حـالمٍ قـد سُـحِرْ

وأعْلِــنَ فــي الكـون : أنّ الطمـوحَ * لهيـــبُ الحيــاةِ ورُوحُ الظفَــرْ

إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ * فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر



مصدر قصيدة إرادة الحياة :



قصيدة ‘ إرادة الحياة ‘ هي للشاعر التونسي الكبير أبو القاسم الشابي الذي قضى حياته القصيرة كالشمعة ، تنير لغيرها وتحترق هي بالنار.


معلومات عن الشاعر أبو القاسم الشابي : طائر تونس الحر الخالد.


وقصيدته التي بين أيدينا هي من ديوانه ‘ أغاني الحياة ‘ نظمها في 16 سبتمبر سنة 1933 ، وهي من البحر المتقارب ، وهو بحر يصلح للسرد والتعبير عن العواطف الجياشة ، وهذا ظاهر وجلي في أبيات القصيدة . وقد حاولنا أن نختصر قدر الإمكان بعض أبيات القصيدة لطولها .



شرح بعض الكلمات :


– دمدم : تكلم وهو غاضب .

– الفجاج : الطريق الواسع بين جبلين .

– وعور الشعاب : ما عظم من سواقي الأودية .

– كبة اللهب : معظم النار .

الرؤوم : الأم التي تعطف على ولدها .




تحليل و شرح قصيدة إرادة الحياة :


عرفنا في الموضوع الذي تناول حياة الشاعر أبي القاسم الشابي أنه عاش لأجل مبادئ الثورة والحياة الكريمة ، فكان حريصا على نشر الوعي والقيم الوطنية بين أبناء وطنه ، وحثهم على الثورة ضد المستعمر ، وضد الجهل والتخلف ، وقصيدته ‘ إرادة الحياة ‘ ما هي إلا مثال حي وعنوان عريض تتجلى فيه شخصية الشاعر الطموحة الثائرة .

إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة * فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ

ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي * ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ


بيتان يفتتح بهما الشاعر قصيدته ، حيث أكسبا قصيدته من الشهرة والصيت ما بقي أبد الدهر ولم يندثر ، حيث تغنى به الثوار منذ الاستعمار في تونس وإلى يومنا هذا .

يربط الشاعر تحرر أي أمة ونجاتها بعزيمتها وإرادتها في التغيير ، هذا التغيير يلزمه إيمان ويقين ودعاء ، وكأن مفهوم القدر هنا ينطبق على قوله تعالى : ‘ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ‘ ( الرعد 11 ) .

بعدها يظهر الشاعر حكيما يخاطب الكائنات ويصغي لهمسات الطبيعة ، التي تدعو إلى الأمل والتفاؤل والسعي إلى استعادة أمجاد الأمة ، فلعب دور الطبيب المشخص للداء وفي الوقت نفسه وصف العلاج والدواء ، وهذا أسلوب عاطفي يلامس القلوب قبل العقول ،["color="white] مثلما فعل الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته ابتسم .



كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ * وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ

ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج * وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ

إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ * ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ

ولــم أتخوف وعــورَ الشِّـعاب * ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ

ومن لا يحب صعود الجبال * يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ

b


شتاء يحمل يأسا وربيع يحمل أملا :


ويبدع الشاعر في تصوير الحياة التي يعيشها شعبه ، فهي كخريف جاف كئيب يعقبه شتاء بارد شديد ، ويقصد به المستعمر .



وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف * مثقَّلـــةٍ بالأســـى والضجـــرْ

سـألتُ الدُّجـى : هـل تُعيـد الحيـاةُ * لمـــا أذبلتــه ربيــعَ العمــرْ ؟

فلـــم تتكـــلّم شــفاه الظــلام * ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ

وقــال لــيَ الغــابُ فــي رقَّـةٍ * مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ

يجــئ الشــتاءُ, شــتاء الضبـاب * شــتاء الثلــوج شــتاء المطــرْ

فينطفــئُ السِّـحرُ سـحرُ الغصـونِ * وســحرُ الزهــورِ وسـحرُ الثمـرْ



لكن من رحم المعاناة والقهر ينبثق شعاع من الأمل الذي يحيى في البذور التي طمرتها سيول الأمطار العارمة ، فينبت جيل جديد من الثوار الذين يحيون أمجاد الأمة ، ويعيدون لها حريتها . وخلال ذلك يحدث صراع داخلي بين أنا الشاعر وذكرياته ، فلطالما حلم بحياة كريمة تقوم على الحرية والعدل والكرامة ، لكن بوجود ظلام المستعمر فقد بدّد جمالية هذه الأحلام وحوّلها إلى كوابيس وآلام شديدة ، زادها مرض الشاعر الذي أحاطه بهالة من التشاؤم .

لذا نراه يكثر من أسلوب الاستفهام ، وكأني به يربط الماضي بحاضر مجهول ومستقبل أكثر منه غموضا وعبر عنه الشاعر بكلمة ظمأ .

ظمِئـتُ إلـى النـور فـوق الغصونِ * ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ

ظمِئـتُ إلـى النَّبْـعِ بيـن المـروجِ * ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ

ظمِئـتُ إلـى الكـونِ ! أيـن الوجـودُ * وأنَّـــى أرى العــالَمَ المنتظــرْ ؟



ثم يقول الشاعر :


هـو الكـونُ خـلف سُـباتِ الجـمودِ * وفـــي أُفــقِ اليقظــاتِ الكُــبَرْ



إرادة حياة نابعة من أعماق الشاعر :


لا بد عزيزي القارئ وأنت تقرأ هذه الأبيات الرائعة ، تلامس الشوق الشديد للشاعر وحنينه لأمجاد وطنه وشعبه ، والبيت الذي بين أيدينا يوضح ذلك وبقوة ، فبالرغم من صراع التشاؤم والأمل ، الشك واليقين ، إلا أنه متأكد أن الأصل دائما ينتصر ويعلو ، لأن تاريخ شعبه راسخ وضارب في الأصالة والقدم ، و لن تستطيع يد الاستعمار أن تئده في ليلة عاتمة .

ولأن أي سبات عميق تعقبه يقظة ونهوض ، وأي جمود وركون تعقبه حركة ونشاط ، فإن الشاعر ينتظر اليقظة الكبرى والتي آثر أن يصيغها جمعا ( اليقظات ) ، لأن القضية قضية شعب بأكمله ، والجمع عصا لا تكسر ، والوحدة قوة لا تقهر ، وعليها يخيب كيد المستعمر .

وفي ختام قصيدته يعود ويكرر الحقيقة التي لا تحجبها أي شمس ، وهي أن أساس مجد أي أمة ، وطبيعة تقدمها ، هي إرادة قوية في التحرر والثورة على الظلم والاستعباد ، ويظهر أسلوب التكرار جليا في كلمة ‘ الحياة ‘ والتي تكررت في القصيدة خمس عشرة مرة ، كما تفوقت على كلمة الموت في ديوانه ككل ، وهذا دليل على تشبت الشاعر بالأمل والحياة ، بالرغم من نظرته التشاؤمية التي طالت حياته .

كما لجأ الشاعر في قصيدته إلى أسلوب التضاد لتصوير مدى الإضطراب الذي تعانيه النفس فيما يعتريها من أهوال وخطوب ، وهذا ظاهر في ألفاظه
: ( تنمو – تذوي ) ، ( الحياة – الموت ) ، ( أبارك – ألعن ) ، ( فوق – تحت ) .


خاتمة :


رحل أبو القاسم الشابي عن الحياة تاركا وراءه قصيدة تدعو إلى إرادة الحياة ، فمعه كانت الحياة ثمرة عطاء دائم ومتجدد ، وكان الشعور بها مصدر إلهام فجّر لديه مكامن الإبداع التي أثرت الحركة الأدبية المعاصرة في تونس .

قصيدة طبعت في قلوب الثائرين الأحرار ، الناشدين للأمل والعيش الكريم ، النابذين لكل تعسف وقمع واستبداد ، ولعمري أنها قصيدة وصلت الماضي بالحاضر ومنه للمستقبل ، وانتهت بحكمة بليغة وهي أن استجابة القدر رهينة بالشعب الذي يملك إرادة الحياة .



إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ * فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر





[img3] https://b.top4top.net/p_635r6o2e1.png[/img3][/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/COLOR]
__________________


شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 11-23-2017 الساعة 09:46 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-20-2017, 09:40 PM
 
[img3] https://b.top4top.net/p_6356otrs0.png[/img3][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://d.top4top.net/p_635p8xz82.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





المحتويات :


1 من هو أبو القاسم الشابي ؟
2 مؤلفات أبو القاسم الشابي
3 المعاني الوطنية في شعر أبو القاسم الشابي
4 أبو القاسم الشابي شاعر الوجدان والألم
5 أبو القاسم الشابي شاعر الإنسانية
6 وفاة أبو القاسم الشابي



من هو أبو القاسم الشابي ؟


هو أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي ، ولد سنة 1909 في منطقة الجريد على مقربة من بلدة توزر التونسية . تلقى علومه الأولى على يد والده الذي اشتغل بدار القضاء ، ويقول أبو القاسم عن والده : ‘ إنه أفهمني معاني الرحمة والحنان ، وعلمني أن الحق خير ما في هذا العالم ، وأقدس ما في هذا الوجود ‘ .

في سنة 1920 التحق الشابي بجامعة الزيتونة أين نهل من شتى العلوم وأصنافها ، وقد كان شغوفا بالمطالعة والغوص في أعماق الكتب ، كما نهل من أدب النهضة الشيء الكبير ، وعلى غرار الشاعر جبران خليل جبران ، تأثر بأدب الرومنطيقية الفرنسية ، فقد شدته كتب الغرب الأدبية التي ترجمت إلى العربية .

في عام 1928 تزوج أبو القاسم تلبية لرغبة والده ، ورزق طفلين ، ليفجع بعدها بعام بوفاة والده ، الشيء الذي قلب حياته رأسا على عقب ، وبدت له ظلال التشاؤم واليأس تحيط بحياته ، إذ كان والده يوفر عليه كل ضروريات العيش ، وبما أنه الأكبر بين إخوته ، فقد تولى أبو القاسم رعايتهم ، متحملا أعباء المسؤولية بنفسه . هذه الصدمة خلفت ألما عميقا في نفس الشاعر ، وانعكس ذلك في قوله :

يا موت قد مزقت صدري * وقصمت ظهري

وفجعتني فيمن أحب * ومن إليه أبث سري

وأعدّه غابي ومحرابي * وأغنيتي وفجري

ورزأتني في عمدتي * ومشورتي في كل أمري



ويبدو أن تأثير وفاة والده قد فاق التصور ، إذ أصيب في العام نفسه بداء تضخم القلب ، ولم يكن قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره ، واشتدت عليه الآلام حين لم يأخذ بنصائح الأطباء له بالإخلاد إلى الراحة ، وأصرّ على مواصلة عمله وفي نفسه ثورة على الحياة .



مؤلفات أبو القاسم الشابي :


بالرغم من أن الشابي مات وهو في ريعان شبابه إلا أنه خلّف عددا كبيرا من الآثار الأدبية ، والتي تنمّ عن عبقرية فذة تفوق فيها الشاعر وبقوة على أقرانه من الأدباء والشعراء ، ويمكن تقسيم قصائد و مؤلفات الشابي إلى :


1 – آثار مطبوعة :

– أغاني الحياة : وهو ديوان مهم اعتنى الشاعر بترتيب قصائده وتنقيحها .

– الخيال الشعري عند العرب : محاضرة ألقاها الشابي في القاعة الخلدونية بدعوة من النادي الأدبي لجمعية قدماء متخرجي مدرسة الصادقية .

– يوميات الشابي : وهي مذكرات نشرت في الدوريات والمجلات قبل موته وبعده .


2 – آثار مخطوطة :

– جميل بثينة ( قصة ) .

– صفحات دامية ( قصة ) .

– المقبرة ( رواية ) .

– السكّير ( مسرحية ) .

– مجموعة من الرسائل .

– مذكرات الشابي .



المعاني الوطنية في شعر أبو القاسم الشابي :


لقد حمل الشابي في قلبه حب الوطن ومحاربة التخلف والجهل ، إذ أدرك جليا مدى خطورة الأفكار والسيطرة الاستعمارية على العقول وحشوها بكل ما يبقيها فقيرة جاهلة وجائعة ، فثار رغم آلامه ومرضه يزرع الحماس في قلوب المواطنين ، ويوقظ الضمائر المسلوبة الإرادة ، ويدعو بنهضة وثورة على الجهل والذل والظلم ، وقد عانى كثيرا أمام صدود غالبية الناس واستنكارهم لأفكاره ، يقول الشابي :


أيها الشعب ، ليتني كنت حطابا * فأهوي على الجذوع بفأسي

ليتني كنت كالسيول إذا سالت * تهدّ القبور رمسا برمس

ليت لي قوة العواصف يا شعبي * فألقي إليك ثورة نفسي

ليت لي قوة الأعاصير لكن * أنت حي يقضي الحياة برمس !



وفي قصيدة ‘ تونس الجميلة ‘ يصور حياة التعسف والاضطهاد التي يعانيها مجتمعه ، فيقول :


لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ * أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ

إنَّما عَبْرَتِي لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ * قد عَرانا ، ولم نجد من أزاحهُ

كلّما قامَ في البلادِ خطيب * مُوقِظٌ شَعْبَهُ يُرِيدُ صَلاَحَهْ

ألبسوا روحَهُ قميصَ اضطهادٍ * فاتكٍ شائكٍ يردُّ جِماحَهْ

ضَيَّعَ الدَّهْرُ مَجْدَ شَعْبِي وَلكِنْ * سَتَرُدُّ الحَيَاة ُ يَوماً وِشَاحَهْ



أبو القاسم الشابي شاعر الوجدان والألم :


من بين ثنايات حياة آملة يشوبها ألم يائس عاش الشابي حياة غلب عليها طابع التبرم والسخط والتشاؤم ، وإذا نظرنا إلى خط سير حياته والأحداث التي طالتها فستتضح لنا البوثقة التي جُمع فيها الخليط المكون لشخصية الشاعر ، فمن فقدان الوالد إلى هموم الوطن انتهاء بمرضه العضال والذي جعله ينشد الموت في كل لحظة وحين :


قد كنت في زمن الطفولة والسذاجة والطهور

أحيا كما تحيا البلابل والجداول والزهور

واليوم أحيا مرهق الأعصاب ، مشبوب الشعور

هذا مصيري يا بني أمي ، فما أشقى المصير !



والرومانسية في شعر الشابي وليدة ثورة وألم وأحزان ، مما ولد له شعورا بالتمرد وكسر القيود ، فهو إن كان يتفق مع شاعر التفاؤل إيليا أبو ماضي في نظرته إلى الحياة أنها زائلة وفانية ، إلا أنه يقف في مواجهة حقيقة الموت الحتمية بصمود وشجاعة ، وهو هنا يتأرجح بين إيمان راسخ تولد إثر تربيته الدينية الكبيرة ، وشك متذبذب فرضته تيارات العقلانية والفلسفة الأدبية الغربية ، ويقول في ذلك الأديب المؤرخ حنا الفاخوري :

‘ نظر الشابي إلى الوجود نظرة تشاؤم ، واصطرعت في نفسه نظريتان ، نظرية الإيمان ، ونظرية الشك . وذلك أنه نشأ في بيت عامر بالتدين فامتلأت روحه ، وامتلأ قلبه وكيانه بعبق الروح وبنعمة الإيمان ، وتناهت إليه تيارات العقلانية التي عصفت بفرنسا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، والتي زعزعت إيمان الكثيرين ، ثم تراكمت في حياته النكبات والآلام التي قدمت له سوانح للتساؤل في موضوع الماورائيات ، وكاد يضطرب إيمانه أحيانا ، ولكنه تغلب على الشك بما في أعماقه من عقيدة راسخة ‘ .

خبّروني هل للورى من إله راحم – مثل زعمهم – أواه !

إنني لم أجده في هاته الدنيا فهل خلف أفقها من إله ؟

لكن سرعان ما يتدارك الشاعر شكه بيقين راسخ فيقول :

ما الذي قد أتيت ، ياقلبي الباكي ، وماذا قد قلته ، ياشفاهي ؟

يا إلهي ، قد أنطق الهم قلبي بالذي كان ، فاغتفر ، يا إلهي !




أبو القاسم الشابي شاعر الإنسانية :


بالرغم من كل آلام الشابي وتمرده وسخطه ، إلا أن قلبه كان يحمل بذرة مليئة بالخير والحب والأمل ، إذ كان يحلم بعالم يسوده السلام ، ولا يعيش فيه الإنسان شقاء وحروبا .

فما المجد في أن تسكر الأرض بالدّما * وتركب في هيجائها فرسا نهدا

ولكنه في أن تصد بهمة * عن العالم المرزوء ، فيض الأسى


وينظر لأحوال الناس وما يعانونه من مآسي ويدعو لمشاركتهم آلامهم :

يا رفيقي ! أما تفكرت في الناس ، وما يحملون من آلام ؟

كم بقلب الظلام من أنة * تهفوا بغصات صبية أيتام

فإذا سرّني من الفجر نور * ساءني ما يُسرّ قلب الظلام


وينادي طائر الشعر أن يخفف عن أصحاب القلوب الكئيبة أحزانهم وآلامهم :

يا طائر الشعر ! روّح على الحياة الكئيبة

وامسح بريشك دمع القلوب فهي غريبة

وعزها عن أساها فقد دهتها المصيبة




وفاة أبو القاسم الشابي :


هذا هو شاعر الحياة المحارب ، فنظرته الثورية التشاؤمية النابعة من رحم المعاناة ، ما هي إلا تشبت بالحياة وتمسك بالصبر على المصاعب والمصائب ، وما ديوانه الخالد ‘ أغاني الحياة ‘ إلا دليلا على تعلق الشاعر بالأمل والحياة ، إذ أن كلمة الحياة تفوقت وبقوة على كلمة الموت في ديوانه .

تفاقم المرض على الشاعر في آخر أيامه ، فهزل جسده ، وهو الفتى الشاب الذي كان مولعا بممارسة الرياضة والتنزه بين جنبات الطبيعة ، يقول الشابي : ‘ ها هنا صبية يلعبون بين الحقول ، وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ، ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر عليّ ذلك ؛ لأن بقلبي ضعفا . آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ، ومستودع أحزاني ، وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ‘ .

وأسلم الشاعر الروح لبارئها في الثالث من أكتوبر سنة 1934 ، بمستشفى الطليان ، ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه توزر أين ووري الثرى . رحل الشاعر الشاب مخلفا كلمات خالدة تفوح حرية وثورة وصمودا أمام مصاعب الحياة .



[img3] https://b.top4top.net/p_635r6o2e1.png[/img3][/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
n
__________________


شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 11-23-2017 الساعة 09:51 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-21-2017, 07:26 PM
 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيفك يا صدقتي ان شاء الله تكوني بخير
إرادة الحياة عنوان جميل للغاية و يجذب نظر القارئ
أهنؤك على هذا الإختيار الموفق فالقصيدة حقا مذهلة للغاية
ومعانيها رائعة
أحببت كثيرا تصويره للاستعمار بأنه ليل و ينجلي في قوله
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
ما أجمل تعبيره الذي يقول فيه
من يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
فالإنسان الجبان و الذي لا يحب المخاطرة و يحب ان يحظر كل شيء له
وهو جالس لا يفعل شيء سيعيش حياته كلها ذليلا يتعثر في
أي شيء و يسقط و لا يقوى على النهوظ مجددا
هو الكون حيا يحب الحياة ويحتقر الميت مهما كبر
صور الكون هنا بأنه إنسان حي يحب هذه الحياة و هو متعلق بها
وشبه الإنسان الكسول الخامل بالميت الذي لا يفعل شيءا
وإذا طمحت للحياة النفوس فلا بد أن يستجيب القدر
يخبرنا الشاعر هنا أن الانسان المحب للحياة لا بد أن يستجيب القدر له
كما شبه القدر بإنسان يستجيب لمتطلبات النفوس و ينفذها

سلمت على هذه القصيدة المذهلة التي أحسنت حقا في اختيارها
واستحقت أن يكون لها مكان في هذا المكان
ودمتي بخير أرجو أن تتقبلي مرو ري


__________________
maissa and malak toghether 4 ever


توامتي روحي و حياتي
احفظها يا رب





ستظل القدس عربية اسلامية











رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصباح الجديد (أبو القاسم الشابي ) توفيق موسى قصائد منقوله من هنا وهناك 8 06-28-2014 05:44 PM
" لحن الحياة " ( أبو القاسم الشابي ) ǻ ץ Ł ı ļ ● قصائد منقوله من هنا وهناك 8 09-15-2013 09:54 PM
إرادة الحياة ابو القاسم الشابي ذاكرة الروح أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016 4 04-21-2013 02:43 PM
الصباح الجديد(ابو القاسم الشابي) شاطيء الماء•ღ°♥‏ قصائد منقوله من هنا وهناك 8 09-16-2011 04:36 PM
مهداه ... الى شباب ابو القاسم الشابي bilalco لوحات فنية و خط عربي 0 01-18-2011 05:28 PM


الساعة الآن 08:26 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011