عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-21-2018, 05:37 PM
 
Post منقولة~ رصاصة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


هذه الرواية منقولة من شبكة روايتي الثقافية


قراتها العام الفائت، ففكرت بنقلها هنا لانها اعجبتني


وطبعا اخذت اذن الكاتبة، وسمها دنيازادة ووافقة بشطر ذكرها


وذِكر أن


جميع الحقوق محفوظة لشبكة روايتي الثقافية

*
*
*
*









الجزء الأول

بقلم دنيازادة

تأملت بعينيها المطعم الصغير الذي يتناولان به العشاء، أضواء الشموع الخافتة منحت المكان جواً ساحراً، انتهت نظراتها للرجل الأنيق الجالس أمامها، لمحت عينيه الحزينتين الكئيبتين بينما لاحت على شفتيه ابتسامة ساخرة.
- هل تخافين مني ؟
- أحياناً تثير ريبتي .
لاحظت يديه اللتين لا توحيان بالقسوة، فعادت لذكرى فجر يومٍ بعيد اجتاحتها فيه نوبة نحيب هستيرية فصرخت بانهيار "أريد أن أموت"، هزها بعنف وأخذ رأسها بين كفيه مغمغماً "يجب إن تعتادي على الأمر... التزمي بمبادئ اللعبة ولا تتورطي عاطفياً فيما تفعلين".
هي إنسانة طبيعية عادية، وضعتها ظروفها القهرية لتمارس عملاً غريباً، خضعت لتدريب مكثف على يديه.
بمدة وجيزة استطاع تعليمها بكل دقة وحرفية، فحولها من مجرد طعم إلى صياده ماهرة تضع الخطط والتدابير.
سرعة استيعابها وفطنتها فتحت لها الأبواب على مصراعيها، تنظيمات وحركات لجهات عدة متباينة تطلب جهودها.
- لن يصدق مخلوق أننا ننتمي للكائنات البشرية... والحقيقة ليس لدي رغبة في تصحيح رأيهم لأنني شخصياً لا أهتم لأمرهم ولا لمعتقداتهم.
تنبهت أن أحدهما لم يلمس طعامه بعد، سمعته ينادي النادل طالباً زجاجة نبيذ، تم إحضارها فوراً.
- أنت لا تشرب هذا السم .
- أود تجربة ذلك الليلة.
سكب كأساً لنفسه، بدا أنه لا يستسيغ ما يتذوقه لكنة لم يتوقف عن شربه.
- ألن تقدم لي كأساً ؟
- أنتِ لا تشربين .
-
سأفعل الليلة .
رمقها بنظره حائرة ممتنعاً عن تلبية رغبتها. التفت أصابعها الرقيقة حول الزجاجة تسكب منها السائل الأصفر في كأسها، شعرت أنها بحاجه لهذا الشراب الذي يزيل بعضاَ من عقلها السوي .
سعلت عندما لسعتها المرارة لكنها واصلت احتساء شرابها دون ان تكترث لنظراته النارية...سألته:
- ما أسمك الحقيقي ؟
- لم اعد أذكر...أسمائي المستعارة وجوازات سفري المتعددة الجنسيات أنستني.
- ما عمرك ؟
- أعيش عمراً فائضاً ... من الغريب ان تسأليني ذلك الان بعد كل هذه السنوات التي مرت على معرفتنا ببعض.
- ربما هذا السائل اللعين يجعلني أبوح بأشياء لطالما راودتني ولم أتجرأ يوماً على ان أقولها .
ملأ كأسه مره أخرى، شربه وهو يتفحص ملامحها عن كثب.
- تبدين متعبه ... هل تعانين من إي اضطرابات ؟
- تلقيت مؤخراً مهمة خاصة...لا أنكر أنها جعلت أعصابي متوترة بحيث منعتني من النوم...أعلم ان هذا خطأ لا يليق بي كمحترفة .
- انه الصراع بين ما يجب إن ينفذ كالتزام في مبدأ العمل وعدم القناعة بالتطبيق لأسباب وجدانية.
- لا أظنك مررت يوماً بتجربة مماثلة...حتى ولو أننا افترضنا انك خضت تجربه مشابهة فسوف تحسم أمرك بلا تردد لصالح العمل.
- إذن أنتِ تعتبرين أنني بلا عواطف.
- دعني أقول انك خبير وقادر على السيطرة فتتحكم بقوه بمشاعرك.
- مع ذلك لم أستطع حتى ألان أنجاز المهمة التي أنا بصدد القيام بها.
- انا واثقة ان هذا التردد لن يطول .
أخذت تأكل من طبقها الطعام .
- لذيـذ .
- جيد ... سعيد انك تستمتعين بوجبتك المفضلة.
- تقول ذلك بطريقة غريبة !... كأنني لن أتذوقه مرة أخرى في حياتي .
أجابها بالصمت الرهيب، فطنت في تلك اللحظة لكل ما يجري معهما، تجرعت من كأسها المر وقد بدأ مفعوله يسري في شرايينها .
- أذن كنت تتبعني ؟
- نعم .
- منذ متى وانت تراقبني ؟
- 43 ساعة بالضبط .
- دعوتك لي للعشاء ليست وليدة الصدفة مثلما تهيأ لي.
أحتسى شرابه دفعه واحدة قبل ان يجيبها بصراحة قاسية.
- لا ... لقد رتبتُ لكل شيء.
- لستُ فريسة سهلة.
- لكني كما تعرفين قنّاص ماهر.
- تعلمت على يديك سر المهنة... الطالب النجيب يفوق على أستاذه أحياناً.
ارتشفت من شرابها هامسة بتأني تشد على كلماتها.
- لا أرغب بالمـوت.
- لن تحرميني شرف قتلك.
أجهز على كأسه بعدما ملأه قائلاً ببرود .
- ليس أمامك خيار فرصاصتي لا تخطأ هدفها مطلقاً.
- هل كان المبلغ ضخماً ؟
- أؤكد لك انه ليس السبب

-نحن نقتل لأجل المال.
- و أسباب أخرى... لقد تم اتخاذ قرار تصفيتك وان لم أفعل أنا سيقوم بهذا أحد أخر...في الحقيقة لا أريد ان تتعذبي سأجنبك المعاناة...رصاصه واحده فقط وينتهي كل شيء...لن أدعك تشعرين بأي ألم فلا تخافي انها مجرد لحظة.
أفرغت باقي السائل في جوفها ودون ان تنطق بكلمة نهضت فجأة، ترنحت قليلاً من أثر الشراب المخدر، قاومت رغبتها بالعودة لمقعدها وقد مادت بها الأرض تحت قدميها، تمالكت نفسها وخطت تخرج من المطعم.
أرتاح لهروبها بعدما أعترف لها بالحقيقة كاملة، أتى على كأسه الأخير، دفع الفاتورة وغادر المكان.
في ظلام الشارع النائي صدم بها واقفة قرب سيارته وقد أشهرت مسدسها كاتم الصوت في وجهة قائلة:
- لا تظن أنني أدافع عن نفسي...مهمتي تنفيذ الأوامر.
كان قد سحب بخفة مسدسه من تحت سترته يواجها به، لم يرَ وميض خوف في عينيها رغم اهتزاز يدها التي حملت السلاح وصوبته إلى رأسه بدقة مثلما دربها يوماً، أنتابها غثيان مفاجئ أفقدها التركيز متيحة له الفرصة للنّيل منها، لم تسمع شيئاً فسلاحه أيضاً كاتم للصوت، سقطت على الأرض وقد لفها الدوار، توقف كل ما حولها لتغيب عن الوجود
.


نهاية الجزء الأول


__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
  #2  
قديم 01-21-2018, 06:02 PM
 
شكراا لازاري

مرحبااا , كيغك هلا.
شكرا ع الدعوة , لطف منك ان تشاركيني ما نال اعجابك, سررت بذلك.
الرواية ذات عنوان جذاب يدفع من يراه لمعرفه محتوى ثناياه.
القصة غامضة.ومثيرة لتساؤلات
اظن ان بتتممتها سيتضح كل شيى , من الصعب ان يقتل احدهما الاخر لاسيما لمعرفتهما التى دامت لسنوات .
هل هما اتباع احد منظمات المجرمين ياترى?
اترغب للنهايه.
اكرر شكري لك ولمجهوداتك الطيبة.
جميل ان تشاركينا ما اعجبك

سلامي واحترامي

التعديل الأخير تم بواسطة نبعُ الأنوار ; 01-21-2018 الساعة 06:17 PM
  #3  
قديم 01-22-2018, 04:45 PM
 
Post



الجزء الثاني



*
*
*



فتحت عينيها الذابلتين، صداع فظيع، موجات من الألم تتوالى في رأسها، تساءلت ان كانت في العالم الأخر، هل ماتت حقاً؟ الأموات لا يتألمون، هكذا فكرت.
لا هي لم تموت، فماذا حدث؟ لمَا لمْ يقتلها؟
هل أطلقت عليه الرصاص قبل ان تقع على الأرض ويغمى عليها؟ هل قتلته؟
تحسست بيد مرتجفة أغطية السرير الذي تنام فوقه، كيف جاءت لهذا المكان؟ من أحضرها إلى هنا؟
حركت رأسها ترقب ما حولها بعينين زائغتين، رأته، كان مستلقياً على أريكة جانبية بإنهاك رافعاً إحدى قدميه فوق المنضدة الصغيرة أمامه مغمضاً عينيه، يده اليمنى تقبض على سلاحه المرتخي فوق صدره وكأنه على أهبة الاستعداد.
أرادت النهوض لتستولي على المسدس، دوار رأسها وإعيائها من أثر الشرب في الليلة الماضية خدراها، فبقيت بالفراش في حالة ارتخاء.
عيناها تابعتا تململه، حرك رقبته المتشنجة من جهة إلى أخرى، أنزل قدمه عن المنضدة ودعك بأصابعه جبينه النابض بألم.
بغتة التفت نحوها لتصطدم النظرات بينهما، همست بصوت مبحوح:
- لماذا؟ .... لماذا لم تقتلني؟
أشعل سيجارة راح ينفث دخانها بحنق، تأملها بعينان ضيقة وملامح متجهمة، أخيراً سألها:
- ما اسم الجهة التي كلفتك بقتلي؟
أفلتت من بين شفتيها ضحكة رنانة قصيرة تحولت إلى سعال حاد، قالت بصوت مخنوق:
- ظننت أنني تعلمت منك كل شيء!...أنت بالفعل ذكي...لقد تهيأ لي للحظة انك لم تقتلني لأنك تحبني.
ضحكت مرة ثانية بقهقهة مجلجلة، تدافعت أنفاسه انفعالا قائلاً باقتضاب:
- مـن أرسـلك؟
- أنت تهدر وقتك فالتحقيق معي لن يأتيك بنتيجة.
- ما المهلة الممنوحة لك لتنفيذ العملية؟
- قلت لك لن تستفيد من تحقيقك معي ألا تفهم؟
أنتفض واقفاً من على الأريكة مصوباً فوهة سلاحه إلى رأسها بيد ثابتة، غصباً عنها تصلبت عضلاتها لكنها نطقت بثقة:
- لـن تقتلني.
- سـأفعل.
- حياتي هي ضمانتك لبقائك على قيد الحياة... أنت تدرك أني لو متُ سيرسلون مجهولا أخر ليقتلك.
كلماتها لم تؤثر به، حرك أصبعه الى الزناد قائلاً:
- أسم الجهة والمدة المحددة؟
- لـن أجيب.
- ستموتين...سأخفي جثتك وعندما يتم العثور عليك سأكون في مكان أمن.
- أقتلني .
زعق بعصبية ونزق.
- سأفعل حالاً.
شعرت بارتجاف أوصالها وارتفاع حرارتها، أغمضت عينيها بخوف كاد يوقف دقات قلبها.
خطر في بالها ان كل من قتلت ربما ماتوا خوفاً قبل ان تنطلق الرصاصة من مسدسها، تسائلت لماذا لا يطلق رصاصته؟ لماذا يواصل تعذيبها؟ هو لا يعذب الضحية! بسرعة وبمهارة يصوب الرصاصة أما الى القلب مباشرة أو الى الرأس فيصيب الجبهة بين العينين تماماً، فأيهما سيختار هذه المرة؟

ببطء وحذر فتحت عينيها، رأته جالساً على الأريكة وقد أخذ رأسه بين كفيه حائراً بين مدارات الصراع.
- لماذا؟... لماذا لم تقتلني؟
نهض من مكانة وراح يذرع الغرفة لا يستكين في موضع، تابعته بنظراتها القلقة وقد تكومت على نفسها وانكمشت.
أخذ يدخن السجائر شارد الذهن قبل ان يقول:
- إذا أخبرتني باسم الجهة سأضمن لك سلامتك.
- ما الذي يجعلني أثق بقولك؟
بقبضة يده ضرب المرآة القريبة بقوة، تحطم لوح الزجاج وتناثر بقطع صغيرة على السجاد، صرخ:
- لا تجبريني على قتلك.
- بكل الأحوال أنا ميتة.
- لـن تموتي ... إذا أخبرتني باسم الجهة لن تموتي.
- لا يمكن لي البوح باسم الجهة.
أومضت عيناه ببريق وحشي بدائي، سحق سيجارته في المنفضة، تحرك نحو باب الغرفة قائلاً:
- سأمنحك فرصة للتفكير ... لا تحاولي الفرار فلا سبيل لذلك.
سمعت صوت المفتاح يدور في قفل الباب ثلاث مرات من الخارج.
قفزت من السرير تجوب بأرجاء الغرفة، النافذة محاطة بقضبان حديدية، قلبت الغرفة رأساً على عقب باحثة عن أداة أو وسيلة تساعدها في تحطيم الباب الموصد فلم تجد.

عاد بعد فترة ليست بالقصيرة، لاحظت شعره المبلل واستبداله لثيابه، عهدته دائما يصر على ان يكون أنيقاً حتى في أحلك الظروف، بدا أكثر هدوءاً وقدرة على احتمال الموقف، إغاظتها بشدة جاذبيته مقارنة بوضعها المزري.
أشعل سيجارة وناولها لها بلياقة، مجت نفساً قائلة بأعصاب مشدودة.
- لا أستطيع أعطاءك اسم الجهة التي أرادت التخلص منك.
نفث دخان سيجارته في فضاء الغرفة قائلاً:
- لا تكوني عنيدة... لقد قمت بترتيب كافة الإجراءات للسفر...أنتِ بحاجة لي...لنفترض أنني قررت ان لا أقتلك وأتركك تغادرين هذا المكان هل فكرتِ ماذا تفعلين وأنتِ مهددة بالقتل؟ الى من تلجئين؟ أكبر كابوس بحياة المرء كشفه انه على وشك الموت برصاصة من قاتل محترف ولا يمكنه ردعه...الهاجس قد يجعله يقدم على الانتحار مفضلاً الموت بسلاحه الخاص.
- أظنني مشوشة التفكير... نحن الاثنان أصدر بحقنا قرار تصفيتنا...ربما وضعي أسوء بكثير منك...أنا أعمل في نطاق خاص منفرد وليس ضمن شبكة أخطبوطية.
- عنادك وتشبثك بمعرفة أكثر مما يجب ان تعرفي أوصلهم لاتخاذ قرار تصفيتك...ما يحيرني متى وكيف وأين ومن أعطى الأوامر بقتلي؟؟؟
قاطعت تساؤلاته
- هل حقاً تريد مساعدتي؟!
- قلت لك أنني أضمن سلامتك،
تأملها مطولاً بإمعان، سترتها الفضفاضة تخفي معالم أنوثتها ترتديها فوق بنطالها الجينز، وجهها خالي من أي عيوب، بشرتها صافية لم تلمسها مساحيق التجميل فبقي طبيعياً، شعرها قصير مثلما أمرها ذات زمن.
****************************
- أحبه طويلاً.
- عليك ان تقصيه و إلا لن أقوم بتدريبك.
- انه شعري ولا شأن لك به.
- اذن لن أسمح لك بمرافقتي أثناء العمليات...أكره الشعر الطويل انه يذكرني بالساعات الطويلة المرهقة التي تسبق لحظة التنفيذ...بينما الشعر القصير يكون قصر الثواني التي تجتاز بها الرصاصة المسافة من المسدس الى جسد القتيل.
- هل حقاً يجب ان أقصه؟
- عليك ذلك اذا أردتِ ان تكوني قاتلة محترفة و الا الأفضل ان تعملي غانية في ملهى ليلي فعندها يمكنك استعراض شعرك الطويل مثلما تشائين.
- لا ... لا أريد ان أكون غانية بل قناصة.
************************************
صوتها أرجعـة مـن ذكرياته.
- هل تصدقني لو قلت لك أني أجهل اسم الجهة؟
راح يدور حولها كنمر يقيّم حجم ضحيته.
- أقسم لك أني لا أعرف اسم الجهة...تلقيتُ التعليمات عبر وسيط...حصلتُ على نصف المبلغ المالي على ان أحصل بعد انتهاء العملية على النصف الأخر.
- ما المهلة.
- اتفقنا ان لي الحق في تحديد الزمان والمكان.
- هل كنت ستقتلينني بالفعل.
- طبعـاً.
- والان لو أعطيتك سلاحاً هل ستفعلين؟
- درسك الأول لي كان ان أضع مشاعري جانباً ... لك الفضل بتعليمي حمل السلاح ورمي الرصاص .. عملنا معاً في كثير من المهمات .. لكننا لسنا أصدقاء حتى بالكاد نعرف عن بعضنا شيئاً.
- افهم من ذلك انك ستقتلينني اذا ما سنحت لك الفرصة؟
- لا أعرف.
- لطالما أعجبتني شجاعتك وجرأتك.
- لستَ خائف من الموت؟
- ......
ملامحه المحايدة لم تدل على ما يعتمل في أعماقه من مكنونات، خرج من الغرفة ولم يغلق الباب، سمعته يناديها:
- تعالي الى هنا.
أطلت من الباب تستكشف المكان بحذر، كان كل شيء نظيفاً مرتباً.
- لا بد انك جائعة... أحضرتُ بعض الطعام.
- هل هذا بيتك؟
- نعم .
- تقيم هنا لوحدك ؟
- نعم .
أجابها وهو يواصل فتحه لعلب الطعام الجاهز، أمرها بالجلوس الى المائدة، ظنّت أنها لن تأكل شيئاً لكن فوجئت بنفسها تلتهم الطعام بشهية.
قال رداً على تعليقها بشأن اختياره الدائم لآكلة طعاماً خالياً من اللحوم.
- أنا نباتي ... ألم تكتشفي ذلك حتى الان!
- لاحظت ذلك لكني لم أكن متأكدة.
- انا لا أكل اللحوم بتاتاً...لا أتصور ان تذبح الحيوانات لنأكلها!...هذه قسوة لا أحتملها....لماذا تبتسمين؟....أنا لا أمزح...هل تظنين أنني لا أملك مشاعر رقيقة؟...ماذا لو أخبرتك أنني أمتنع عن التدخين في مكان يتواجد به طفل صغير...أجل أنا حريص على صحة الأطفال الأبرياء.
احتقن وجهة غاضباً من نظراتها.
- أنا لست شريراً...لم أقترف السيئات فانا لا أعاقر الخمر ولا ازني...الذين قتلتهم يستحقون الموت.
- هل صحيحاً ما سمعته عنك؟
- لا أعرف ماذا سمعتِ؟
- أنك أبن قيادي لحركة يسارية تم تصفية جميع أفرادها بعملية أشبه بالمجزرة؟
- هل تريدين ان أساعدك ؟
- طبعاً .
- اذن أبقي فمك مغلقاً .



نهاية الجزء الثاني




__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر

التعديل الأخير تم بواسطة lazary ; 01-22-2018 الساعة 04:55 PM
  #4  
قديم 01-22-2018, 06:19 PM
 
السلام عليكمورحمة لله
كيفك لازا, امل انك بخير.
اولا اعتذر ع التأخير في الرد.
القصة ممتعة, سعدت انك قررت اكمالها,
كما قلت لا اظن ان احد منهما قادر ع قتل الاخر ومع ذلك لا اضمن صدق توقعي.
الامور لاتزال غامضة, ستتضح بالتتمة بفضلك صديقتي.
وشكرا.
دمت بخيــر.
  #5  
قديم 01-28-2018, 01:08 PM
 
Talking

الجزء الثالث
-هل صحيح انك أبن قيادي لحركة يسارية تم تصفية جميع أفرادها بعملية أشبة بالمجزرة؟
-هل تريدين ان أساعدك ؟
-طبعاً .
-اذن أبقي فمك مغلقاً .
فجأة نهض من مقعدة دون ان يكمل أكل طعامه، حذرها من محاولة الهروب أو التصرف معه بخبث لأن ذلك سيؤدي بها الى التهلكة.
شغل جهاز التلفاز ونصحها بمتابعة برامجه، أنسحب الى الغرفة يجري سلسلة مكالمات هاتفية، نظراته لم تكف عن ملاحقتها، صوت التلفاز المفتوح على أتساع صورته منعها من استراق السمع على أحاديثه الهاتفية.
فكرت انه ربما يخدعها وهي بغبائها تصدقه، حانت منها التفاته نحوه فرأته يستلقي فوق السرير بتعب.
مع مرور الوقت أخذت تفكر بالمستقبل المجهول، متأملة شريط حياتها الدامي، ما كان أمامها طريقاً أخر الا عالم الإجرام الذي فضلته على عالم البغاء.
طافت بالشقة بعملية استطلاع لمقتنياتها، صورة في أطار خشبي لصبية لم تتجاوز العشرين من عمرها لفتت انتباهها، العينان بركتان من العسل الصافي، الشعر متموج طويل تداعبه نسمات الهواء فبعثرته حول وجهها الضاحك ببراءة.
تسألت عمن تكون هذه الشابة التي يحتفظ بصورتها كجزء من محتويات شقته.
تناهى لها صوته خافتاً من الغرفة، مشت بأطراف أصابعها تختلس النظر إليه، لاحظت انه نائم، همهم بكلمات لم تفهمها، أدركت انه يعاني من كابوس ما، اقتربت من السرير منصته بتركيز، حاولت تركيب الحروف والكلمات التي ينطقها، اكتشفت انه يناجي احد لا يسمعه.
امتدت يدها الى جيب سترته باحثه عن سلسلة المفاتيح، بغتة فتح عينيه بسرعة منتفضا عن السرير، تراجعت بفزع خطوه للوراء، قالت تخفي ارتباكها كتبرير لوجودها بقربة:
-يبدو انك رأيت كابوساً في منامك.
كان جسده يرتعش كما لو مسه تيار كهربائي، والعرق يتصبب من جبينه، همس بألم.
-ماذا فعلت لهم؟.. عذبوها بوحشية... ما الذنب الذي استحقت الموت لأجله؟

بدا كأنه يتحدث الى نفسه، وضع رأسه بين راحتيه لكنها لمحت الدموع في مقلتيه.
-أنا تعيس... تعيس ولستُ شريراً... كان يجب ان يقتلوني أنا لا هي.
شعر بالراحة وهو يبوح بكل ما يخفيه أمامها كاشفاً عن مكامن ضعفه، انفتحت صدفته وانطلق ينشر أسراره الخاصة ويأتمنها عليها بعدما ألحت عليه حاجته للاعتراف.
روى لها عن ذويه والمجزرة التي راح ضحيتها كل أعضاء التنظيم، حدثها عن أخته التي تم اختطافها من قبل المليشيات للضغط على والده ليتراجع بشأن قراراته المعارضة.
-قتلوها في بربرية.
راح يهتز مجهشاً بالبكاء وهو يخبرها عن مشهد جثتها المشوهة بشكل لا يتخيله عقل، ذلك المنظر الذي اخذ يطارده في نومه وصحوة.
-لكني انتقمت منهم جميعاً... قتلتهم واحداً تلو الأخر... أصبحت قاتلاً محترفاً... تركت الجامعة حيث كنت ادرس الطب في الخارج لأعود وانتقم بذات الطريقة التي يتبعونها هم.. أنا قاتل بالفعل إلا إني لم أقتل يوماً نفساً بريئة.. صدقي أو لا تصدقي لكن انا أيضا لي قلب... لي قلب مثل كل الكائنات.. أملك عواطف وأستطيع أن أحب.. هل تظنين أنني لست قادرا على الحب؟
سؤاله المباغت جاء كفرصة لها حتى تقترب منه، جلست بجواره على السرير، نظراتها لم تفارق المسدس الفاصل بينهما.
عاد يسألها بإلحاح:
-هل تظنين أنني لستُ بقادر على الحب؟
-ربما ... لا أعرف.
تسللت أصابعها بخفة تلمس المعدن البارد للمسدس، فوجئت بقبضته فوق يدها تمنعها بحزم، سحب مسدسه من مكانه.
-تريدين قتلي؟
لم تملك الوقت لاختراع كذبة والعينان الحادتان تسبران أغوارها.
-لستُ غبية للحد الذي أصدق فيه أنك تريد مساعدتي كمبادرة حسن نية.
أظلم وجهه في وجوم، تجمد واقفاً فوق رأسها بدون أي حركة.
-لا أفهم!... لماذا؟... لماذا تهتم بسلامتي؟... لماذا لم تقتلني؟.. ولماذا أخبرتني أنك سوف تقتلني؟
-قد أقتلك الان.
-لن تفعل...لو انك أردت قتلي لفعلت ذلك من البداية... سنحت لك أكثر من فرصة ولم تستغلها... أنت لن تقتلني.
قشعريرة حادة هزت جسده كله، حدق بالمسدس في يده قبل ان يرمي به إليها قائلاً:
-هذا صحيح ... لا أستطيع قتلك ومن لا قدره له على القتل لا يستحق حمل السلاح.

لم تحاول رفع المسدس الذي بين يديها باتجاهه.
-لماذا؟... ما الذي يمنعك من قتلي؟
-ربما لأنني متورط عاطفياً.
-أنت!
-قد أكون قاتل لكني لستُ مخلوقاً من حجر.
سلسلة مفاتيح ودفتر ملاحظات صغير أخرجهما من جيب سترته الجلدية، وضعهما فوق منضده قريبة قائلاً يزيد ذهولها.
-تلك مفاتيح الشقة والسيارة اما هذه المفكرة تحتوي على عناوين وأرقام لجهات يمكنها مساعدتك في الهرب الى خارج البلاد... والان نفذي الأوامر وأطلقي النار عليّ... اذا كان من المفروض ان يموت احدنا فليكن انا.
اعترتها رجفة عندما تلمست برودة المسدس، انحنت أكتافها من هول الذهول، همست بصوت خافت من وقع المفاجئة.
-لقد .. لقد كذبتُ عليك.
-بماذا كذبتِ بالضبط؟
-الجهة التي أرادت التخلص منك ليس لها وجود... لم أقبض اي أموال لقتلك... أنا مخادعة بارعة.. مهارتي في التمثيل تليق بأحد المناصب السياسية.
تعالت من بين شفتيها ضحكة رنانة انقلبت الى نشيج وبكاء مرير معلنة توقفها عن مكابرة جرحها.
- ما الذي تهذين به؟
- أنا أقول الحقيقة ...أردت التلاعب بأعصابك لتشعر بالعذاب الذي انتابني وتحيا بجحيم في كل لحظة بعدما تقتلني لكنك... لكنك حاولت حمايتي... وفكرت بإنقاذي!.. لا أصدق.. لا أصدق.
- الأفضل ان تنهي فوراً دورك في هذه التراجيديا لأنها مهزلة لن أقتنع بها.
- انا أقول الحقيقة لا أحد يريد قتلك.. انا من تستحق القتل.. خذ المسدس واقتلني برصاصة الرحمة ماذا تنتظر؟.. أرحمني من هذا العالم الخانق الذي أحيا فيه بشقاء... لقد تعبتُ من تشردي وبؤسي... الخيوط التي تربطني بهذه الحياة مقطوعة... لماذا تنظر لي هكذا؟ هل تظن أنني جننت؟... لا لم أفقد عقلي بعد... أتريد أن أتوسل إليك لتقتلني؟ ما بك؟... لما تحدق بي بهذه الطريقة؟... أنا لا أحتاج الى شفقتك بل أريدك ان تطلق الرصاص على هذا القلب الذي أمتلكه... قلب ممتلئ بالأحقاد والضغائن على كل الكائنات دون استثناء... ولدت من رحم المعاناة عشت في دار الأيتام قبل ان يلتقطني الشارع... البرد يقرصني والجوع يعضني فأخوض معركتي مع الكلاب... أجول بين الأزقة باحثة عن مأوى يحميني فلا أعثر ألا على ذئاب بهيئة بشر هم الشر بعينه لهذا عندما استطعت إتقان رمي الرصاص قتلتهم بدمٍ بارد... أنقذت الأرض من شرورهم... هل تعرف لماذا لم أتمكن من قتلك عندما حانت لي الفرصة الآن؟
- ....
- لأنك لست مثلهم... انت الوحيد الذي يعاملني بنبل وأخلاق.. انت فقط اهتممت بمصيري وحياتي.. كنت دائماً اشعر بأن لك قلب طيب مهما بدوت قاسياً اما انا فقلبي أسود ولهذا أستحق الموت... أرجوك أقتلني.

بحرقة انتحبت وقد انفجرت أحزانها بلوعة من الألم.
التقط مسدسه عن الأرض، أمعن النظر إليه يتفحصه قبل ان يفتح خزّانة مخرجاً الرصاصة الوحيدة التي بداخلة قائلاً:
-لن أقتلك أنتِ لا تستحقين القتل هذه قناعتي من اللحظة الأولى التي صدر فيه قرار تصفيتك... كما لن أقتل إي مخلوق.. أعلن اعتزالي هذه القذارة... عرضي ما زال قائماً بمساعدتك اذا ما توقفت عن احتراف القتل.
رفعت وجهها المبلل بالدموع هامسة.
-لا مكان لي بهذه الحياة... أرغب بالموت.
-لندفن ماضينا الدموي معاً ونحيا الآن فلقد كنا أموات.
-انا مهددة بالقتل أموت الآن أفضل من انتظار رصاصة غدر.
-لن يجرؤ مخلوق على أطلاق رصاصة واحدة عليك أنتِ في حمايتي... سنوات ونحن غارقان في قهرنا... نسينا ان في الحياة أشياء كثيرة يمكن ان تسعدنا.. لكنا سنعوضها.
تعلقت نظراتهما...
سرى بينهما تيار ما غريب...
حنيناً ما شق شرايينه وتسرب...
شعر بأنفاسه تتلاحق قال بصوت مبحوح:
-رغم ان علاقتنا ظلت ملتبسة على الدوام...لكني عندما وضعت إمام مواجهة فقدانك... اكتشفت ان الحياة ستفقد رونقها وسأكون أكثر تعاسة... الدنيا مظلمة بدونك...
أمعنت التحديق به غير قادرة على تصديق ما سمعت بللت شفتيها قائلة:
-هل تعي ما تقول؟
-كل الوعي ... لما لا نتشارك معاً مصيرنا الذي أختاره لنا القدر؟
حضرت نفسها لسماع أي شيء ألا تلك الكلمات التي ما ان استوعبتها حتى أنتفض قلبها.
-ماذا تقصد بقولك ان نتشارك مصيرنا؟
بصوت مفعم بالإثارة همس.
-لا أقصد شيئاً سيئاً.. أريد ان نكون معاً.. نتزوج؟
-انا... تريد الزواج مني انا!!
-لطالما أدهشتني وأبهرتني بتمردك.. بمشاكساتك وانفعالاتك حتى لسانك السليط لا يخلو من الفكاهة.
انهمرت دموعها الحارة، أحس بلهيبها في صدره عندما ضمها إلية برفق، همست بنشيج:
-لطالما أحسست معك بالأمان ... أستمد منك القوة بالصمود في عالمنا الوحشي.
براحة يده داعب شعرها القصير مهدئاً من روعها بحنانة، كانا يجربان لأول مره مشاعر الفرح.
-هل أبوح لك بسر.
-أكثر من كل ما قيل.
-سر لطالما أردت قوله... أنتي أجمل أنثى رأيتها.
-هل تحبني حقاً؟
-أحب كل ما فيك من تفاصيل....
-توليت مهمة قتلي؟
-للحصول على وقت حتى أتمكن من تهريبك وإنقاذك...لو أردت قتلك ما كنت أخبرتك بذلك...
-هل تسامحني لأنني كذبت عليك...اعذري إنني عشت حياة صعبة لوحدي.
-لن أدعك وحيدة في الحياة...لن أتركك أبداً.
هما قررا ان ينفصلا عن الأشياء التي فرضت عليهما، محطمان القيود التي كبّلتهما بالعقد، سيكونان يداً بيد.
تمت
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر

التعديل الأخير تم بواسطة lazary ; 01-28-2018 الساعة 08:52 PM سبب آخر: الفصل الاخير
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
(( رصاصة الرحمه )) بقلمي jehan1970 أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 19 02-27-2012 02:53 AM
رصاصة عمرها 55 سنة - في راس امراة - العرومة موسوعة الصور 8 09-24-2010 05:52 PM
صور لبنادق رشاشة .................... عبدالله قصي أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 10 12-31-2007 07:42 PM
رصاصة فى القلب د/احمد جاداللة على حوارات و نقاشات جاده 5 05-22-2007 12:53 AM


الساعة الآن 12:56 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011