عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة

Like Tree26Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 02-17-2018, 04:21 PM
 
الجزء الرابع عشر (( سـر برايـن مونـد والغرفة ! ))

رفعت شعري كله برباط مطاطي , و ألقيت نظرة خاطفة بالمرآة على نفسي ثم أنحنيت لأخذ حقيبتي ..
_ أأنت واثقة بما تفعلين ؟!.
رددت بخفوت و أبحث عن معطفي : أجل , والدي سوف يقلق ان ادعيت المرض و بقيت هنا , ولكن مالجدوى من هذا !.
ظل يحدق بي بعينيه المعدنيتين بصمت , ثم سبقي و خرج من الغرفة , ارتديت حذائي الجلدي الطويل , فبالأمس عند نومي أمطرت السماء و الأرض كلها وحل و برك مياه ..
_ إلى اللقاء أبي...
ودعته , ثم اسرعت لاصعد السيارة , كان دانييل هو من يقود , و جلست تيّرآ معي في الخلف و ليونارد في المقعد الأمامي ..
تحدث دانييل وهو يقود بهدوء : الليلة سنكثف المراقبة , سنذهب لأبعد مدى , كما أنه يجب أن نقضي على ذلك الوغد فوراً وإلا سيتسبب بجذب الكثير من الظلال .. وأنا لا أريد معارك هنا !.
رد عليه ليون : لا يمكننا جذبه و قتله و جزء منه بـ كلآرآ .. يجب أن .. نفعل شيئا قبل تنفيذ الخطة...
رفع دانييل عينيه الفضيتين الى المرآة و حدق بي قليلا , قال بهدوء غريب : بالطبع , يجب أن ننقيك كلآرآ ..
ننقيك ! , تبدو لي فكرة صائبة بمكانها ! , لذا وافقته سريعاً : أجل .. اعتقد هذا ..!
رفع حاجبيه مستغرباً , وأنا كذلك , لأول مرة أوافقه بهذا السرعة !.
لكن تيـّرآ عارضت فجأة بنبرة ضيق : لا , هذا .. مستحيل , أعني بالنسبة لـ كلآرآ هذا قد يؤلم بشكل رهيب , ربما ستموت... ربما سيتألم الوحش و يدرك ما يحدث فيقوم بقتل نفسه ويقتل كلآرا معه !.
وافقها ليونارد : أجل , التنقية شيء صعب جداً , مؤلم جداً وقد يموت الشخص بأسوأ الأحوال !. كما أن ذلك اللعين متشبث بها جداً.
فكرت , مؤلم , ... يموت .. لكن .. إن كان هو الحل الوحيد... فـ...
قال دانييل ببرودة : سوف نقوم بخداعه , بتنقية كلآرآ , كسر الختم , قتل الظلال , و تدمير البوابة .. هذه هي الخطة !. و سوف نقوم بها كما يجب ...!
قال ليونارد بحده : لكن .. كسر الختم هذا جزء جديد ! , لا يمكنك كسر الختم الذي وضعه سيد الظلام !. هذا مستحيل !. وهو لا يصح أساساً , كيف ستكسره وهو بكلآرآ و كيف ستدمر البوابة و هي بـ كلآرآ بالفعل .. يمكنك التفكير بشيء آخر , أنسى هذا !!.
قلت بقلق : حسنا .. هناك الكثير من الأشياء التي تريدون تدميرها بداخلي .. وخطة دانييل تبدو طويلة و...
قاطعني ليونارد ببرود : غير موافق على جزء التنقية و كسر الختم !
قال دانييل بهدوء : سنتناقش بهذا لاحقاً ليون .. و أنتِ كذلك يا كلآرآ , يجب أن تتعلمي بعض الأمور أن كنا سنمضي بهذا الطريق , أنا أريد أن أخلصك من كل تلك الفوضى و نقضي على المتحول تماماً .
قالت تيّرآ بقلق : هناك مخاطر كثيرة , و كلآرآ بشرية تماماً لن تتحمل...
بقي دانييل صامتاً , و قلت أنا بهدوء : لست واثقة من كل المخاطر , لكن .. سأبذل كل جهدي , وستسير الخطة على ما يرام !.
للمرة الثانية رفع دانييل حاجبيه و حدقت بي تيّرآ قليلاً...
مشيا في الممرات و سبقنا ليونارد و تيرآ , همس لي دانييل ونحن عند باب الصف
_ منذ متى و أنتِ ايجابية و متفتحة هكذا ؟!.
ألقيت عليه نظرة سريعة و هززت رأسي , ثم جلسنا .. حسنا , يجب أن ينتهي هذا الأمر المريع , و يجب أن ينتهي بشكل جيد , أي ننتصر نحن على الوحوش ..!
أني أدعو بقلبي , أن ننتصر مهما خسرت .. أي من نفسي وليس عائلتي , أن كان هناك ألم فسأتحمله .. و أن كنت سـ... سأموت , فسأموت .. لكن ... ليعيش أبي و أختي بأمان .. و لينتصر الحراس ..
ربما أنا مجرد مشكلة صعبة واجهتهم , و موتي هو أسهل الطرق .. دانييل وضع خطة .. و يبدو واثقاً جداً بها .. كسر الختم . تنقيتي .. مهما كان ما يقوله فهو يبدو لي صحيحاً جداً , سأبذل جهدي ..
في الخارج وقت الطعام .. جلست و أمامي شطيرة من اللحم و عصير طازج , جلست معي تيرآ و دانييل و ليونارد واقفين قربنا لا أدري ما يهمس ليون لـ دانييل , لكن وجهه مكفهر و متضايق.
بينما بدت الجدية و الهدوء و التماسك على دانييل... و تيّرآ تبدو تائهة بأفكارها بعض الشيء... لم تكن لدي الشهية قط للطعام !
_ألن تأكلي شيئا ؟!.
سألني ليونارد , أجبت بهدوء : آمم , ليس الآن , لا شهية لدي...
سأل دانييل بعيون ضيقه : أتشعرين بغثيان أو ألم ؟!.
_ آه لا .. أني بخير ..
مرت الصفوف سريعاً و عدتُ للبيت .. رحب بي أبي بحرارة و قال بأن ليلة الغد هو الحفل المقام بمنزل الطبيب لوك لشرفي !.
لم تعجبني فكرة الحفلة , أريد أن نتدرب على خطة دانييــل !.
سألت بقلق : هل .. علي الذهاب ؟!.
كان سؤالاً سخيفاً , رد أبي بعيون متسعة : الحفلة بشرفك كلآرا , كيف ستتغيبين عنها ؟!.
كشرت و جلست بعبوس , جاء صوت رافييل من خلف أريكتي أفزعني : ما خطبك ؟!.
التفت بتوتر أنظر نحوه , قلت : ماذا ؟!. لا شيء...
كان دانييل يحدق بي من طرف الردهة و هو يشرب فنجان قهوة بيده , ولا يبدو بأنه سيتدخل لينقذني من رافييل المخيف...
قال الشاب بعبوس في وجهي وعيونه الحمراء القاتمة تضيق :
_ راقبي جسدك ! , أتشعرين بتغير ما....؟! ألم .. شعور غريب.. أحلام حتى ..؟!
هززت رأسي نفياُ , قلت : أني اشعر بالهدوء...
أتكأ يتأملني .. قال ببرود : آووه .. لأنك غير منفعلة فقط , دانييل هادئ أيضاً...!
ترددت ثم همست و أنا أنظر بعيدا عنه أبحث عن دانييل لكنه قد غادر الغرفة : هذا جيـد ..!
_ كلا , هذا غير جيد أطلاقاً , لقد ارتكب خطأً .. و هناك مصيبة قادمة .. أرجو أن نستعد جيداً .
هززت رأسي بتوتر : سوف أبذل جهدي لنسير على الخطة...
لا أدري مالنظرة التي ألقاها بوجهي , ربما استهزاء .. لكنه قال ببرود :
_ هناك احتمالية 80 بالمائة أن تموتِ , يظن دانييل بأنه يستطيع تنقيتك .. هذا لم يحصل أبداً من قبل !.
حدقت به بقلق و قلت اقنعه أو أقنع نفسي : اعتقد بأنه يعرف تماماً عما يستطيع فعله !.
مال برأسه ورد : لكن هذا لم يحدث من قبل و لا يعرف أحد كيف يقوم به... ستموتين على الارجح !.
سألت : هل سيموت الظل معي...!؟
_ اعتقد هذا...
_ إذن , هذا جيد , أنه ليس سيئا جـ...
_ عما تتحدثان ؟!.
التفت معه أحد بـ دانييل , عاد بفنجان قهوة ساخن , و عينيه ... عينيه بلون الزئبق الثائر , لا يبدو هادئاً...
قال ببرود لـ رافييل : أليس واجبك حراسة السيد موند .. لا أراه هنا !.
غادر رافييل بصمت , و حدق بي دانييل لثوان ثقيلة بعيونه المقلقة هذه .. يبدو غاضباً لكنه يكتمه...
ناولني فنجان القهوة و قال بتكشيرة حادة لي : لا تفكري بأي شيء قبل أن أشرح لك الخطة و الوضع كاملاً .. أتفهمين ؟!
قلت وعيون تطرف كثيرا : أجل , لا بأس .. متى سيكون هذا ؟!.
_ ليلة الغد ...؟!
_ ولم ليس الليلة ؟!.
_ الليلة أراقب أنا وضعك و كذلك المنطقة , كي نحدد مكان العمل و الأبادة .. يجب أن يكون بعيداً جداً , لأن المنطقة ستنقلب رأٍاً على عقب , و سوف أخرج جحيم الظلام بنفسي لتأديبهم و قتلهم , وبعدها سيكرهون أي شيء يسمى بوابة !.
كانت عيونه تحترق بالنيران المتحولة للأصفر , اعتدل بوقفته و قلقت حقاً من خطته , يبدو بأنه سيقوم بمعركة كبيرة , لهذا رافييل و ليونارد غير موافقين و قلقين مما سيحدث .. حسبت الوضع أقل تعقيداً...
سألته بينما هو يدور حول النوافذ ببطء : هل .. هل .. آحم والدك يعلم بما تخطط ؟!.
شعرت به يتجمد .. التفت نحوي ببطء و قال ببرود : والدي يوافقني .. أنه لا يتعرض طريقي أبداً.
حسنا .. و قبل أن أبدأ عمليات التفكير و التحليل , قال دانييل بهدوء و صوت عميق لا يظهر دائماً :
_ لن يكون هناك ألم كلآرآ , أنا سأحميك من هذا , ربما ستفزعين قليلا مما سترين , لكن .. لن أجعل شيئا يمسك بسؤ , سوف تكونين بخير و ستعودين لطبيعتك ..!
توسعت عيني دهشة , و عينيه بلون العسل الدافئ مجدداً .. آووه كيف يمكنه فعل هذا .. يشعرني بالراحة والأمان ..!
لم أقاوم الابتسام له , لأول مرة ,, قلت بخجل : آوه حقاً , أتظن هذا... شكراً لك.
احسست بالدهشة في عينيه , ربما بسبب خجلي تباً .. لما أبدو خجولة الآن ><" لقد قال من قبل أنه سيحميني..!!!
_ أجل , أظن بأنك ستعيشين طويلاً , و تتزوجين كذلك .. ستنجبين أطفالك وستأكلين كل من يقترب منهم !.
يا ألهي , أحمر وجهي تماماً , اشعر بالسخونة , قلت بلا شعور : حسنا .. هذا يكفي هلا خرست.. !
مع أنه تكلم بهدوء طبيعي و كأنه يكلم شخص غريب لا أنا ..!!
_ ماذا , أليست هذه أحلام طبيعية ؟!.
قلت ببرود : هل أصابك دور العرافة الآن ؟!.
هذه المرة هو ابتسم , و كانت ابتسامة عميقة في عينيه اللامعتين , ضم شفتيه و اشاح بوجهه نحو النافذة , اللعنة أي نوع من الابتسامات يمتلك .. لكنه مبهجة جداً .. لما لا يبتسم دوماً .. سيسقط أي فتاة تعبر حوله هكذا...ليس أنا طبعاً !!
تناولت عشاءا خفيفاً مع والدي و لعبت مع جيني طويلاً , ثم قررت النوم باكراً ..
دخلت الغرفة المظلمة و لم اشعل الضوء , لبست بجامتي , و اندسست بالسرير .. تنهدت عميقاً ثم نمت ..
كان كل شيء هادئ , لولا الظلام الذي تسرب فجأة لعقلي...!
آه كنت بمنزلنا القديم , تحديداً أقف أسفل الدرج , يبدو الجو حالكاً جداً , شعرت بالرهبة الشديدة ولا أدري مالذي جلبني إلى هنا ؟!.
أريد أن أخرج..!!
لكن سمعت صوت أمي في الأعلى .. رفعت رأسي و حدقت بها واقفة أعلى السلم , كانت حاملاً , تمسك ببطنها .. و وجهها شاحب , تبدو مرهقة و متعبة جداً...
قالت بصوت بعيد مرهق : كلآرا... عزيزتي ... اتصلي بـ والدك و...
لا اسمع ما تقول .. لأن ما حاز على كامل انتباهي المريع هو...
تلك العيون الحمراء المريعة جداً تظهر خلف والدتي .. و يتكون ظلا مخيف اسود طويل خلفها , ثم صرخت بصوت مرعوب عالي!!!..
بينما أمي تنزلق و تتدحرج من أعلى الدرج حتى أسفله !!!
اغشي عليها من شدة الألم و أخذت تنزف دما من رأسها و بطنها , صرخت أحاول لمسها أو تحسسها ...
_ لاااااااااا ... أمييييي !!
هذا لم يكن حلماً...!!! كانت ذكرى حقيقية شنيعة !!!...لكني كنت طفلة في الخامسة ربما !!.. و سقطت أمي عندما كانت حاملاً بطفل ما والسبب.... الظل ...!! الظل اللعين المتوحش....!!
_ لااااااااااااه , سحقاً لك..!
_ آششش كلآرآ... افيقي !
فتحت عيوني بسرعة و أنا اتشبث بذراعه , لما لم يوقظني قبلاً... تباً...!
تمالكت نفسي بصعوبة , كنت اهتز بعنف و دموعي تملء وجهي ..! كان حقيقة .... كان حقيقة !..
_ اشربي , هاك سأمسح وجهك...
أخذت اشرب كأس ماء بارد , دانييل منحني نحوي يمسح جبيني المتعرق , اخذت المنديل منه بيد ترتجف .. و مسحت كامل وجهي ...
_ ما كان الكابوس عنه ؟!.
كدت ابكي مجدداً , بلعت غصتي و قلت بصوت مبحوح .. : أ.. أمي...!
افلتت شهقة و لكن تبعتها الدموع , آآآآآآآآآه أمي الحبيبة قتلها اللعين !!.. تبا له .. هو السبب... لم يتركنا حتى قتلها و حتى الآن يسعى خلفنا ... يريد قتل أبي.... سحقا له ... الموت له... سأقتله .. سأقتله !!
_ آششش كلآرآ ... اهدئي...

كنت اشهق و اهتز و أبكي بلا صوت , لكني أكاد أتفجر من داخلي !!.. أشعر بأحشائي تتقطع !!.
يجب أن انتقم أنا منه... بيدي اقتله ...!
هدئت بعد لحظات قصيرة , وانتبهت أن دانييل يجلس خلف ظهري يحيطني بذراعه وهو صامت جداً فقط يمسح كتفي مهدئاً...
تنفست عميقاً بارتجاف , ثم مرة أخرى بشكل أفضل ..
_ هكذا .. فتاة طيبة .. هل تريدين المزيد من الماء ؟!.
_ لـ... لا شكراً لك ..
نهض من خلفي و جلس مقابلاً لي .. نظرت بعينيه و تبادلنا التحديق , عيونه بلون الذهب الهادئ ~
سألني بهمس : أهو ذلك الظل ؟!.
_ أجل ...!
رفع رأسه بهدوء وقال بجدية : ليلة الغد , ... ستكونين أنت عنوان كوابيسه .. أتودين قتله بنفسك ؟!.
ابتعلت ريقي , وقلت بهدوء : أجل .. أريد قتله بنفسي...!
ظلت عينيه مركزة بعيني , قال موافقاً : بالتأكيد , فكرت .. إن كنت مكانك , لن يرتاح لي بال حتى انتقم منه .. كوني مطمئنة كلآرا , نحن سنعمل معاً على التخلص من هذا الشر الرهيب .. يجب ألا تجعليه يتحكم بك و يؤلمك .. اتفقنا ؟!.
قلت باشمئزاز : ان جزء منه بداخلي , أشعر بأني أود لو أقتل نفسي خلفه و....
_ لا هو يريد هذا .. ولكننا سنقضي عليه و على كل ذرة منه .. ثقي بي فقط ..
_ أجل ..
واقفته بصوت خفيض مرهق , رفع يده و وضعها على كتفي , ثم جعلني أعود للوسادة ..
قال بهمس هادئ : اطرديه حتى من أحلامك , نامي بهدوء...
اغمضت عيني و فوراً غرقت بالنوم الهادئ المسالم ~
صباح اليوم كان اجازة و الجميع هادئون , لم أرى سوى الفتيات بالمنزل , ولم أرى حتى دانييل منذ استيقاظي , تناولت افطاري المتأخر و تيرآ معي تحمل جيني ...
داليا بالخارج تعاون أبي على العمل بالسيارة , لا أدري تماما ما يفعلان لكني أسمع أصوات الحديد !
سألت تيرآ مجدداً و أنا أتناول الشطيرة الثانية : أين قلت بأنهم ذهبوا ؟!
_ أنهم قريبون هنا في الخارج , دانييل يبحث عن شيء ما , ويود أن يذهب سريعاً ليحضر شيء آخر لا يخبرنا ما هو من عند سيد الظلام .. بينما طلب من ليون و راف أن يراقبا المنطقة بحدود أبعد قليلاً...
سألت : أهناك أي شيء مريب ؟!.
ردت بهدوء : آممم لا شيء , الوضع يبدو هادئاً ..
أتى المساء و رأيت رافييل الذي لم يكلمني ولا كلمة و ليون فقط , دانييل لم يعد ربما .. قال والدي بهدوء :
_ ربما , لا يمكنك الذهاب لحفلة بشرفك بالجينز عزيزتي ؟!.
حتى والدي غير متأكد من نوع ملابس الحفلات ~~" !
قلت بضيق طفيف : لا أملك فساتين ولا أحبها...!
قالت داليا بلطف : يمكنني جلب واحداً لأجلك ..
لكني قلت : لا .. آه سألبس شيئا ما جيداً ..
دخلت غرفتي و اخرجت بنكال أسود ضيق من فوقه بلوزة جميلة طويلة حتى ركبتي .. و رفعت شعري هكذا كل شيء... اوه الحذاء , صندل عادي مفتوح...
حدقوا بي بعيون غريب , لكن والدي قال بسعادة : فتاتي الجميلة ..
واحاطني بذراعه , ثم ذهبنا لحفلة لوك , قال ليون بأنهم سيراقبوننا بخفاء شديد..
مشيا حتى منزل لوك بحسب الوصف , كان منزله كبير و لطيف و جميل من الخارج جداً .. نزلنا من السيارة و جيني بين ذراعي , ثم طرقنا الباب بهدوء , خرج أليكس محييا بمرح , و كان سعيداً برؤيتي حقاً ..
أتت أمه و حيتنا بحرارة و خاصة أنا حيث قبلتني على كلا وجنتي وهي تقودنا للردهة أخذت جيني مني ..
فوجئت بفم مفتوح لوجود والديّ الطبيب , السيد و السيدة فرانس .!!
حيتنا العجوز بشكل عام و لكنها استحوذت على جيني فوراً , بينما تبسم لي العجوز جورج قائلا :
_ هاي كلآرآ , أيمكنك الجلوس قربي ؟!.
استغربت طلبه لكني فعلت , وجلس أبي من جانبي الآخر , أتى أليكسس بالعصير ثم جلس بمكانه , استغربت لم أرى الطبيب لوك حتى الآن , ثرثرت السيدة فرانس على أبي كثيراً .. بينما بقي جورج صامتاً يرمقني بنظرات عميقة من آن لآخر فقط ...!
بعد دقائق ثقيلة , رن جرس الباب و جاء لوك يصطحب اخته "ليندآ" , حيتنا بلطف و جلست معنا , لم تكن ثرثارة كأمها .. و أخذت تهتم بجيني ..
لكن لوك حياني بحرارة و أنهضني لأجلس على كرسي أنيق وهو يقول :
_ هذه حفلة لأجل شجاعة كلآرا , وقوتها ..!
هئ , شجاعتي التي تطير بسرعة وبشكل عجيب .. هل يدركون معنى الصدمات المتأخرة التي تصيبني =="
ذهبنا لغرفة الطعام , كان هناك مالذ و طاب من الأطعمة و السمك المشوي و العصائر .. لكني لا أزال فاقدة للشهية , فتناولت القليل لأجلهم .. و جلس أليكس بقربي , فأخذت اعطيه مما أمامي وهو يضحك و يقول :
_ أنا هارب من أمي كي لا تفعل هذا ! و ها أنت تقومين به !
فابتسمت معه قائلة : لا آكل المشاوي كثيراً , لكن والدتك طباخة رائعة !.
_ و كذلك عمتي ساعدتنا كثيراً , لكنها ذهبت لشراء هدية لك .. آوبس يفترض بها مفاجئة ~~"
_ لم يكن عليكم فعل كل هذا...!

عدنا للردهة و جلسنا قليلا , جاء السيد جورج و جلس بقربي وهو يتبسم لي متأملاً عيني ..
مال إلى قليلا بينما الجميع منشغلون وهمس بصوته العميق الهادئ : أحب أن اعطيك كتاب ما , كان لدى جدك ..
حدقت به وبعينيه العميقتين , قلت مستغربة قليلا : كتاب .. لدى جدي ؟!
أومأ و قال : جدك .. براين , طلب مني كتابة رسالة ما , لأجلك .. أنت ترين بأنكما تمتلكان نفس العيون , خضراء شاحبة بعيدة .. لكن هادئة...
شعرت بشيء غامض قادم بالطريق , لا يبدو شيئا جيداً... قلت بهدوء : لكنه , في الحقيقة ليس .. جدي الحقيقي أنه...
قاطعني بهدوء : أنه قريب لكم .. و والدك عرف هذا قريباً .. هو .. عم "جاك" .. براين الأخُ الأكبر لجدك الحقيقي...!
توسعت عيني و كدت انطق لكنه استوقفني بهمس هادئ : في الرسالة ستعرفين كل شيء... وهو ليس كله أمر سيء .. اثبتي حتى النهاية كلآرا موند ..
كانت عيوني ضائعة و العجوز جورج ينهض و يتركني ليجلس بجانب زوجته أي أنه لا يريد الحديث أكثر شكك بأنه يعرف أكثر من هذا .. سلمتني ليندآ هدية لطيفة بعلبة كبيرة , خمنت أنها فستان ما .. و كذلك اعطاني أليكس علبة مغلفة قائلا بأنها من جده .. أنه الكتاب والرسالة بداخله كما يقول... , لا اطيق صبرا حتى افتحه !!
بينما قال أليكس بخجل : آسف , لم استطع شراء هدية لك !.
تبسمت له شاكرة : لا بالطبع , أني أسعد بصحبتك بشدة أليكس .. وهذا أهم شيء بالنسبة لي...
عدنا للبيت و طرت لغرفتي بسرعة أحمل الهدايا و الشيء الأهم , القيت بالتحية لأبي و قلت بأني سأبدل ثيابي و سأراه قبل أن أنام ... اغلقت الباب خلفي و جلست على السرير افتح الهدية بسرعة ..
ظهر لي مغلف كتاب يبدو قديما بني اللون متشقق الاطراف , عنوانه باهت اللون لكن قرأته " القوى العقلية و العين الثالثة "
رفعت حاجبي , قوى عقلية ... عين ثالثة , ما هذا المزاح ! , أني لا أفكر بهذه الامور كثيرا و لا أريدها حتى لو كانت حقيقة ... المهم فتحت الصفحات كثيرا .. ربما جدي فقط يتسلى بهذا الكتاب ..
و اخيراً... رأت مغلف رسالة , سحبته و قطعت طرفه , ثم أخرجت ورقة منه ..
رأيت خط يد مكتوب ( تلك المخلوقات الغريبة التي تتسكع بيننا في مكان غير مكانها الحقيقي ستؤذينا .. أنها بوقت ما تستيطع الخروج من شق يصل بين عالمينا .. و تدخل قاصدة أو غير قاصدة .. فتضيع وتموت أو تؤذي الناس و تستحوذ عليهم لأنها اشياء بلا جسد .. غير مجسمة و تستيطع ان تعبر بجسد الانسان .. كما أنها تكره الضوء .. لذا من المحتمل أنها تشيع بمكان مظلم .. وهي بلا جسد لذا تستيطع اختراق الجدران ... قد يتواصلون بالبشر عقليا .. كما أن بعضها لديه الفكر و الفهم و الضمير .. و الاخر لا يعرف سوى القتل والتدمير .. )
قلبت الرسالة و رأيت التتمة ( ... لقد قابلت أحدهم , لقد انقذني من آخر .. و كان يحاول تحذيري ... الاخر ذو العيون الحمراء يسعى للقتل ... أنه يعرف الحقد ...و سعى خلف "آليشيا" و "كراوس" .. أخي و زوجته .. لكني حاولت ايقافه بشكل ما .. فرماني بمكان قاتم كليا... كدت أموت لولا مساعدة الصديق لي .. و قدم لي رذاذاً أسوداً لا أدري ما هو .. علمني شيئا بحلمي ... و خلطته مع فضة سائلة ... و عندها استطعت أن انتقم من قاتل اخي و زوجته و أخذ ابن اخي لتربيته عندي و حمايته ...)
_ أغلقي فمك المفتوح كلآرآ....
طرفت بعيني بألم و حركت رأسي بصدمة .. كل هذا كثير... حدقت بعيني دانييل الرماديتين المشعتين ..
لم اقدر على النطق...
قال دانييل يخاطبني بهدوء : لقد عرفت قصتك أنا أيضاً... شككت بالسيد المدعو جورج فرانس , و طلبت من رافييل قراءة ذكرياته .. كنا نريد رؤية جدك البطل .. و لقد رأيناه .. يملك نفس حدة تفكيرك ولون عمق عينيك...
ظللت صامتة أحدق به غير قادرة على التفكير ..
قلبت الرسالة بين يدي , و سقط من المظروف صورة ما ... سحبتها و قلبتها لأرى ... صورتي .. بين ذراعي جدي براين ...
كان يجلس على أريكة , لم يظهر رأسه بالصورة , فقط أنا أجلس على ركبتيه وهو يمسكني جيدا بين ذراعيه .. ربما عمري سنتين فقط .. فقد كانت اسناني الصغيرة ظاهرة بضحكة كبيرة , وعيني تلمعان بلون أخضر قاتم ..
تحدث دانييل بهدوء : اقلبي الصورة ..
قلبتها و قرأت المكتوب ( الصورة عام **** , كلآرا موند مع جدتها براين موند ..) ثم خط يد
( كلآرآ ستكملين خطى جدك , أليس كذلك ؟! ) أنه نفس خط جدها براين ...
شعرت بأني أحبه أكثر مما مضى , أنه لقد فعل الكثير لحمايتهم ..
قال دانييل هامساً : ما قرأته في الرسالة ليس سوى افكاره و ظنونه و بعض الامور التي حدثت , لكن .. اقول لك بأن هناك المزيد , تحريت أنا و ليونارد في جدك .. أنه حذق جداً .. لكني سأخبرك بأمر الظل المتحول ..
التفت نحوه و نطقت اخيراً بصوت مبحوح : لقد .. ذكر اسم...
_ اسما جديك الحقيقيين , والدك السيد جاك هما آليشيا و كراوس .. سعى خلفهما الظل لقتلهما , و نجح , كان والدك جاك رضيعاً صغيرا جداً , لكن عمه براين , وجد طريقه للانتقام , ألقاه الظل في عالم الظلام ,لكنه خرج بمساعدة الظل الآخر والذي هو يدعى سيليووس .. هذا ظل عاقل لا يؤذي البشر .. جلب سيليووس رماد ظل آخر و اعطاه لـ براين و علمه طريقة قلت المتحول , فقام جدك بمزجه بالفضة السائلة و وضع شيئا آخر بعد لم نستطع معرفة ما يكون سلاحه تماماً .. ثم قابل الظل و قلته و أوفى وعده ..
كانت الاحداث تتشكل مبهمة بعقلي ... لست واثقة من صورة جدي , فأنا لم أرى جيداً .. لكن ..
قلت أسأله غير واثقة : لكن ... ماذا عن الظل الذي يلاحقنا....!
_ هذا ظل آخر , يريد الانتقام من رفيقه الذي قتل .. لاحق والدك جاك كثيرا لكن براين كان يقف بوجهه , والان , مات براين .. فعاد الظل يلاحقكم .. و تشائم من رؤيتك و أنت التي تشبيهن براين , فقرر قتلكم جميعاً , و بدأ بأمك ثم يريد قتل أبيك و عائلتك .. أنه ببساطة يريد تدميرك كلياً ..!
هذه الحقائق ... كنت ... أشعر بها .... لكن ... بالطبع أنا ... من سيجعل النهاية مختلفة عن البداية التعيسة ...
قلت اسأل : لكن .. كيف .. استطاع الظل...
قاطعني يكمل كلامي بهدوء : الهرب من عالم الظلام ! , اخبرك بأن ظلنا اللعين هذا يمتلك قدرات مختلفة عن المخلوقات الاخرى , أنه يستطيع تكوين بوابة ان توافرت له بعض الامور , وهو قد صنع البوابة بك أنت ..
بقلق همست : ولماذا صنعها بي أنا ...؟؟
_ لأنك أولاً هدفه من البداية , و ثانياً... لا تكون البوابة بسهولة بالبشر .. هذا .. شبة مستحيل .. لذا أنت حالة غريبة جداً بالنسبة لنا نحن العارفون بهذه الأمور .. هذا الامر يفترض به مستحيلا , حتى الظل نفسه لم يصدق ما فعل , ولم يعرف كيف يفتحك في البداية...
تنهد بهدوء و جلس على طرف السرير .. قال وهو ينظر الى النافذة :
_ يظن ليونارد ... بأن السبب هو .. تعاستك , فأنت ضعيفة جداً ... جداً بتلك اللحظات , عند موت والدتك .. استطاع أن يختم البوابة بك .. فهم .. تشتد قوتهم عند ضعف خصمهم العقلي والنفسي وعند الرعب والخوف أيضاً .. فيستطيعون فعل ما يشاؤون ... يستحوذون عليه , يسيطرون على عقله ويقتلونه .. و بحالتنا النادرة جدا... يصنع بوابة به !.

فكرت بصدمة , لهذا يسألني رافييل بجدية عن الحادثة التي حصلت وعلاقتها بظهور البوابة ..
قال بأن شيئا ما حصل في الماضي القريب .. وهي حادث موت أمي وأنا معها في السيارة .. كنت مرعوبة جداً و قد رأيت الظل بالفعل ..!!

قلت بصوت خافت مرتجف : إذن .. هذا ما حدث ... منذ .. منذ أن كان والدي رضيعاً ..
رد بهدوء : براين يثق بأنك ستتولين الامر من هنا ..!
قلت بصدمة و ذكرى أمي تطوف بعقلي : لو ... لو كنت أعلم منذ البداية .. لما ... لما استطاع النيل منا ولـ....
قاطعني دانييل بحده خافتة وهو يهز كتفي : الآن نحن جميعا عرفنا القصة , يجب أن نفكر بالقادم .. استمعي إلي كلآرا...
التفت احدق إليه بعيون واسعة .. قال وهو يمسح شيئا رطبا مر على خدي :
_ اتذكرين الغرفة , احزري من استطاع فتحها .. طلبنا من "جيني" هذا .. ففتحتها من أجلنا .. أتريدين ألقاء نظرة ؟.
صعدنا الدرج و وجدت ليونارد الذي ابتسم لي ابتسامة واهنة , قبلت والدي بين عينيه و قلت
_ تصبح على خير أبي ..
_ وأنت كذلك حبيبتي , لكنك لم تبدلي ثيابك بعد...
_ آه , سأفعل الآن , هاي كعكة , أنت نعسة أليس كذلك ؟!.
اخذت جيني بين ذراعي و ضمتتها بقوة وهي نعسة تحك عينيها الجميلتين بكلا يديها , تذمرت من قوة عناقي فنادت
_ باباباااا ... آآآه...~~
أخذها والدي مني وهو يضحك , قال : أنها مرهقة , ستنام فوراً .. و أنت كذلك كلآري...

ابتسمت له ثم انتظرت حتى دخل غرفته كي ينام , اسرعت الخطى نحو غرفة الرسم الغامضة ..
و وجدت بابها مفتوح قليلا , ترددت قليلا ثم فتحته بيدي , و دخلت بهدوء في الظلام ..
بحثت عن مفاتيح الضوء و وجدتها , لكن اشتغل مصباح واحد خافت قليلا ..
جاء صوت دانييل من خلفي : هكذا تبدو , أنها غرفة قاتلة بالنسبة للرفاق , لكن لا بأس علي أنا لأني أمتلك دماءا بشرية , و أنت كذلك غير أن الظل عكر صفوك قليلا...
رددت بهدوء و أنا أحدق باللوحات المرسومة المغطاءة بأكياس بلاستيكية لكنه بيضاء :
_ حقاً , لكن ذلك اللعين سيندم على معرفته باسم مونـد ..
اقتربت لأول لوحة و حاولت ازالة الكيس برفق , قال دانييل من مكانه وهو يتألم الجدارن :
_ لا يكادون يصدقون بأن هناك بشري وقف وحده بوجه أشرس الظلال ,أنا قلق بأن هناك بشر آخرون يحاولون ردع شر الظلال وحدهم , لذا طلبت من تيرآ أن تستدعي كل الحراس كي ينتبهوا للبشر كذلك و يحموهم جيداً .. قد يكون بعض الظلال هارب منذ أمد بعيد ربما منذ خمسين سنة أو مئة سنة حتى و لا يزال يتجول بين البشر ..
توقفت عن عملي و حدقت به , قلت هامسة : إذن .. مراقبة البوابات لا تكفي ..
قال بعيون باردة : اعتقد بأني سأآمر بتدميرها , فقط لو يوافق والدي .. لكنها .. لكنها منشأ أبي , و ... جدتي ... جزء مني من هناك... أشعر بأني ..
اغمض عينيه بقوة و اشاح بوجهه بعيداً , لم استطع فهمه هنا , لكني شعرت بألم عميق .. دانييل يشعر بالضيق , بال... بالظلم , فهو يقتل الوحوش القادمة من نفس عالمه , والده و ..جدته من هناك ..
قلت بخفوت وأنا ازيح الغلاف بعيداً : ما .. نظنه الصواب .. سنفعله , ومن يريد الاذية سيعاقب . .. آووه ...
فغرت فمي , لا أكاد أصدق , أني أحدق بصورتي تقريباً... كانت رسمة لي !!!
شكلي وأنا كبيرة .. شعري بني قاتم و عيني هادئتين ربما باردتين قليلا , بلون رمادي مخضر .. بلباس زهري باهت اجلس على نفس الاريكة التي بالأسفل .. كيف ... من ... رسمني .. لكن...
اخفت عيني وقرأت اسم ( براين مونــد , عنوان الرسمة , ((حفيدتي كلآرا )) عام **** )

جدي .. رسمها , كيف استطاع تخيل شكلي بهذا العمر و رسمه ..!!
بغض النظر على انه رسام بارع جداً , فهو قدر على التنبأ بشكلي ..!

همس دانييل من جانبي : لقد علمنا بأن جدك هذا ليس شخصا عادياً , هممم.. تبدين أفضل بالصورة !.
التفت نحوه بنظرة باردة , عدت للنظر الى الرسمة غاص قلبي في الاعماق , وشعرت بالحنين , ... رأينا اللوحات الاخرى , رسم والدي عندما كان صبيا في الخامسة عشرة , ثم رسمة اخرى لوالدي وهو بالغ لكنه كان ملتفتا , و رسمة آخرى لأنية بالأزهار ..
لكن رسمة غريبة استوقفتنا أنا و دانييل...
حدقنا بالظلام و الالوان القاتمة , ثم بظل متجسد على شكل بشري بلا ملامح .. يمد يديه الطويلتين نحونا و بينهما شيء غير واضح لكنه لامع ..
قلت بهدوء وعيوني مسمرة على اللوحة : ما هذا برأيك ؟!.
_ اعتقد بأنه المتشكل الذي ساعد جدك , اتذكرين الذي ساعدك , ربما يكون من سلالته .. هناك ظلال صديقه و تحب البشر !.
وقفنا قرب رف مكتبة و شاهدت العديد من الكتب عن الامور الغريبة و الخارقة للطبيعة , يبدو بأن جدي متهم بهذه الامور الخفية عن البشر العاديين ... ثم رأيت لفرحتي الشديدة دفتر ملاحظاته !!..
خطفت الدفتر بسرعة شديدة , وعلق علي دانييل ببرود : لا تكوني مهووسة أنت أيضاً...
ظللت في سريري أقرأ ملاحظاته ..
كان في المدرسة و الطلاب يسخرون منه لأنه عاشق للكتب و الاطلاع جدا , ثم كبر قليلا و اشتغل بالتجارة و اهتم اكثر بأخيه الاصغر ..
لم تكن هذه الامور تعنيني جداً...
استوقفتني الصفحات الاخيرة .. كانت مكتوبة قبل عشرون سنة ربما ..

( لم اكن استطيع النوم ليلا في منزل كراوس و آليشيا وهما لم يمضي على زواجهما سوى بضعة اشهر .. كان هنا شيء ما يقبض على قلبي ... و اسمع صوتا بعيداً لكنه غير مريح ...

ذات ليلة افقت على بكاء آليشيا وهي تخبر اخي بأنها حلمت بشيء مريع يقتحم حياتهما .. حاول آخي تهدئتها و قررت عندها أنا أن اسير حول المنزل قليلا.... و ذلك الوقت .. قابلته...
رأيته بعيني .. كان يظن بأنني لا أراه .. لكني استطعت هذا ... بدا لي متوحشا جدا بعيونه الحمراء و الباحثة عن القتل و الدماء ... لم اشعر بالفزع في البداية , قابلت نظرته بنظرة ثابته ... فغادر ..

انجبت آليشيا "جاك" , عم الفرح بأخي و زوجته و الاصدقاء , لكني كنت قلقاً بالفعل , ذو العيون ينتظر امراً يحدث , اقترحت بأن تترك آليشيا جاك لدى المريبة في منزلها هي عندما يذهبون الى العمل ..
بعدها بليال اصبت بصدمة و رعب شديد لا ادري كيف جائتني .. حلمت بأمور مريعة و أني اتصارع مع ذلك الوحش ذو العيون ... و كان يريد المرور عبري نحو اخي و زوجته .. لكني اصده بالرغم من أن الدماء تسيل في حلمي كنت أتألم ..

و افقت مرعوبا و رأيت نفسي جريحا حقاً بساقي كلاهما جروحا عميقة ...لم اقدر على المشي ابداً ,اسرع بي اخي نحو المستشفى وابقوني هناك ليلة واحدة لم ارتح بها قط , هربت راكضا لمنزل آخي و حينها ...

كانت الفاجعة , رأيت الوحش يصارع أخي وهو يحمي زوجته حاولت التدخل لكنه رماني بشيء ما و وقعت بظلمة ثقيلة كدت أموت , جائني ما يشبه ظل انسان طويل ثلاث امتار ربما , و سحبني بقوة الى الضوء ...

رأيت .... ان المعركة انتهت و ... قتل اللعين اخي و اليشيا .. و رأيته لا يزال موجودا و جاك بين يديه .. فانقضضت عليه كالمجنون , و ساعدني الظل الانساني و سحبت جاك و هربت منه لأنه كان قويا جداً ..

قررت الانتقام لأخي , فأخذت اهيم على وجهي هنا و هناك ووضعت جاك بدار عناية للاطفال .. اشتريت الاسلحة لحماية ابن اخي الوحيد .. لكني حلمت و رأيت الظل الانساني و قد اعطاني رزمة بها رماد غريب وكأنه كلمني بعقلي كيف اصنعها ... افقت من الحلم و وجدتها حقا لدي ...!
اذبت جزء منها في فضة سائلة و كونت الانبوب السيف مع دم من دمي الحار , وقطرات من دموع عيني ... و الجزء الآخر , صنعت به السلسلة التي قد تحمي جاك , و عائلته بالمستقبل .. ))

حاولت تقليب الصفحات , لكن انتهى ...

جاء صوت دانييل يفزعني من جانب رأسي : أكانت الامور الاخرى التي لم نعرفها هي .. دم براين و دموعه الساخنة ..
بالرغم من هدوءه لكنه كان متكأ قربي يقرأ معي .. مالذي يريده ><!
قال دانييل بهدوء وهو ينظر في عيني : يبدو بأن ك تشبهين براين بالصدمات التي تأتيك متأخرة ..!
أهذا وقت المزاح دانييل ><؟؟؟!!
قلت وانا ابعد نفسي قليلا عن وجهه : لقد .. جدي .. كان غريبا , لكنه محق تماماً .. كان يشعر بوجود الوحش ..!
وافقني دانييل بهدوء : أجل , لقد صنع السلاح , صحيح تحطمت السلسلة , لكن لديك الانبوب السيف ..
قلت بهدوء وأنا اغلق الدفتر و اضعه تحت وسادتي : سأكمل ما بدأه جدي , ربما من الافضل ألا يعلم والدي.. لقد عانى بما فيه الكفاية , لقد .. قُدر لي بأن أشبه أنا عم أبي , بعينيه و بغرابته ربما .. و أحلامه .. لكن يبقى جدي الذي ربى والدي و حماه...
قال دانييل وهو ينهض واقفاً : جيد , نامي الان قبل أن تطلع الشمس كلآرا ..


صباح اليوم التالي , جلست مع الفتاتين بالمطبخ و والدي يجهز القهوة بينما جيني بين ذراعي العب معها .. ثم تململت مني و انزلتها على الأرض لتحبو متجه نحو تيرآ بسعادة ..!
التفت والدي مبتسما لي بشكل اقلقني قال بنعومة : ألديك شيء تحبين فعله اليوم ؟!.
كنت أفكر بعقلي عن الخطط التي يجب ان نبدأها , و المعركة التي ستحدث .. لكن .. شيء أحبه , بربك أبي...!!
قلت بنبرة هادئة : ليس تماماً ..
رفع والدي أحد حاجبيه وقال وهو يضع فنجان القهوة أمامي : أني .. أفكر كيف هي دروسك , هل تجدين بها صعوبة , أتحتاجين بعض الكتب ..؟!
طرفت بعيني و قلت : آه .. ليندآ تساعدني كثيراً .. و .. ربما احتاج لكتاب لتبسيط الكيمياء فقط ..
قال والدي وهو يحتسي قهوة : ربما .. لم يتبقى شيء لانتهاء الفصل الاول و يبدأ الفصل الثاني , لستُ... لست أدري...
نظر نحوي بحيرة وارتباك خفيف : لست أعرف تماماً مالذي تودين دراسته في... الجامعة بعد انتهاء ثانويتك !.
زاغت عيناي وأنا أحدق بأبي مصدومة ... في الواقع ... هذه صدمة .. فأنا لم أفكر بهذا الموضوع من قبل....!
عصرت دماغي , حسنا لقد فكرت بهذا منذ سنتين , عندما دخلت الثانوية , ماذا كنت أريد ... كنت أريد أن أكون طبيبة !!. لكني لم أعد أريد هذا الآن .. اشعر ... بأني فقدت الرغبة في العيشة الطبيعية , ... بالاضافة أنا لست مجتهدة جدا هذه السنة -_-"
قلت لأبي بصدق : لستُ ... لست واثقة أنا أيضاً..
تبسم لي بحنان وقال : لا بأس حبيبتي , لديك المزيد من الوقت , يجب أن تفكري بحياتك , و شيء آخر , لقد رأيت حسابنا في البنك , جدك .. براين وضع حساباً آخر باسمك لك فقط لأجل اكمال دراستك .. به ما يقارب ستون ألف دولار !.
سقط فكي وأنا أحدق به , أبي هذا ليس وقت الصدمات >< ... هل فعل جدي هذا ؟!.
أكمل والدي بلطف : هذا جميل , ولكني ايدعت به بعض المال أيضاً , لأجل مستقبلك حبيبتي , وسوف أجمع الكثير أيضا لجيني ..
قلت اقاطعه بسرعة : لا , أبي .. أنا...
_ يمكنك الدراسة بأي جامعة تريدين بأي قسم تحبين أيضاً .. هذا مهم كلآري ...
_ أجل .. لكن ..لست افكر بأن ادرس شيئا مهما .. بعيدا ..
_ لن تكوني بعيدة , نحن سنكون معك .. لا يجب أن تقلقي بهذا الشأن !.
أومأت وقررت انهاء هذه المحادثة بموافقتي , حسنا قد اكون محظوظة جداً , فجدي كان ثرياً كما يبدو ... فكرت ما كان عمله ؟!
سألت أبي : ما كان عمل جدي براين ؟!.
همهم والدي مفكراً وهو ينظر بعيداً : رساماً... اعتقد يعمل بالتجارة قليلاً ... لكنه يحب الرسم , أنه يرسم أشياء كثيرة ..
_ آهاا , أكان يبيع رسوماته ؟!.
_ أجل , باع البعض .. و ابقى اللوحات العائلية لديه , لكني لم اعثر عليها , رسم لي لوحة أو اثنتين , و لك واحدة عندما كنت طفلة , أنت لم تريها , أنها بالغرفة التي ننام بها أنا و جيني ..
أراني والدي اللوحات لاحقاً , لوحتين متوسطتين وليست كبيرة كتلك التي رأيناها أنا و دانييل في غرفة الرسم , لقد اقفلت الغرفة مجدداً بعد خروجنا , رأيت لوحة لي و أنا صغيرة جداً , جالسة على ارض عشبية في الخارج شعري و عيناي تلمعان تحت الشمس , بين يدي كرة صغيرة مطاطية .. كنت فاتحة فمي قليلا أحدق بغرابة نحو الرسام .. الذي هو جدي ..
اللوحة الاخرى كانت لأبي و لأمي معاً .. و هذه شكلت صدمة طفيفة آخرى لي .. غاص قلبي لرؤية الابتسامات وهم جالسون في كرسي خشبي بحديقة ما ربما من خيال جدي ..
زم والدي شفتيه وهو يأخذها بعيدا عن ناظري و يعيدها لمكانها في رف داخلي قال :
_ جدك رسام ماهر .. ألا تحبين الرسم كلآرا .. ربما تملكين موهبته ..
طرفت بعيني وقلت بغرابة : أحب الرسم .. لكن ليس بهذه البراعة ..
تبسم لي والدي بحزن وقال بصوت خافت : ليس تماماً , لقد ورثتي عينيه و هدوءه و نضج باكرٌ جداً .. اشعر بأنك بعيدة جدا عني , لا تسمحين لي بحمايتك بل العكس .. كنت اراك دوما وأنت طفلة رضيعة , لم تكوني مشاكسة كـ جيني ولست بفضولية جداً , بل عميقة و لا تمنحين الثقة .. لقد اقلقتني قليلا .. لكنك كبرت و أدركتِ حياتك .. ها أنت أمام عيني .. كبرت و كبرت معك أسرارك و قلقك حتى أنك مستعدة للتخلي عن مستقلبك لا تفكرين به .. بل تفكرين الان كيف يمكنني أن أحمي والدي و جيني و ابعد الشر عنهما .. لا يمكنك امتهان مهنة الحراسة لنا ... علمتي بأن براين عمي و ليس جدك الفعلي .. ولكنك بقيت صامتة .. لماذا حبيبتي ؟!.
لم انتبه لفمي المفتوح كثيرا هذه الايام , هززت رأسي و قلت بعيون دامعة : أبي .. براين , أليس هو جدي , أنا لا فرق لدي , كان قريبنا , لكني بالفعل أريد حمايتكم مثله..
_ لا يمكنك فعل هذا لأنك تشبهين جدك قليلا... أنا لن اسمح بتعرضك للخطر .. لذا توقفي عن القلق...
_ لكني أريد هذا حتى قبل أن اعرفه جيداً
اقتربت منه و ضمتته بقوة استنشق عبيره , فضمني لقلبه وهو يهمس :
_ أنت ابنتي الاولى الثمينة جداً .. أنا من يحميكم هنا ..
قلت ممازحة و عيني مغمضة : أنا أملك سلاحاً , أنت لا تملك , اسمح لي بأن أكون حارستكم أيضاً ..
_ وماذا تكون وضيفتي في الحياة ؟!.
_ وضيفتك هي والدنا الحبيب ^^ ..
_ ما رأيك أن تذهبي للمكتبة و تدرسي بجد أكبر !!!
طردني من المنزل ورأيت دانييل يخرج معي بهدوء , لكن رافييل كان معه , قال ببرود :
_ أنا ذاهب لأمر مهم سريع جداً لن يستغرق سوى دقائق , رافييل معك و كذلك ليونارد .. تيرآ و داليا مع والدك والطفلة بالطبع , لا تتأخري طويلا بالخارج سنتناقش الليلة بالخطط ..
قلت محدقة بتوتر بـ رافييل : حـ ـسنا... لا بأس .
لكن يبدو بأن الفتى شعر بارتباكي , قال لـ دانييل : يبدو بأن كلآرآ لا ترتاح سوى مع ليونارد ..
قال دانييل ببرود : مهما يكن .. أنا مغادر ..
و ركض سريعا إلى ما خلف المنزل , بينما جاء ليونارد قائل بهدوء من خلفي : هيا لنذهب و لنعود سريعاً , أكل شيء بخير كلآرا ؟!
التفت و أنا أقول : أجل ..
ركبا سيارة ليون السوداء السريعة , و خلال دقيقتين توقفا أمام مكتبة بسيطة , نزلت و قال رافييل : سأحرس في الخارج ..
بينما رافقني ليونارد للداخل , ولم ابحث كثيراً فقد وجدت الكتاب الذي أريد بسرعة !.
التفت لاشتريه و نخرج , لكني رأيت مارك !!
ناديت بمرح : مرحباً مــارك !
التفت نحوي و ابتسم باشراق و أتى ليحييني .. لكني لم انتبه إلا وهو يعانقني بخفه , تركني سريعا وهو يقول :
_ لم أرك لفترة .. لقد كانت طويلة بالنسبة لي , كيف حالك كلآرا..
قلت وأنا أنظر حولي , اين اختفى ليون : آوه أنا بخير , مارك , كيف حالك أنت..!
قال بلطف : بخير جدا بعدما رأيتك .. أنت تشترين الكتب أيضاً , الدراسة هنا هادئة جدا أليس كذلك ؟!.
قلت بسعادة و أنا أضم الكتاب : أجل ..
قال مقترحاً بابتسامة مترددة : ما رأيك أن نذاكر معاً قبل الامتحانات , بصراحة فاتتني بعض الدروس لكني أحاول التعويض ..
_ آوه حسنــا لا بـ....
_ كلآرآآآ...
فجأة ظهر ليونارد بجانبي , قال يحدث مارك المتفاجئ ببرود : للاسف لا يمكنها , لديها بعض الدروس المهمة , والان المعذرة..
سحبني من ذراعي و خرجنا , نسيت نفسي بالفعل قليلا مع مارك .. ألا يمكن أن تكون الامور طبيعية لبعض الوقت ..
شعرت بالبؤس و بأن دانييل كان محقاً ذات مرة ...!
قاد ليونارد السيارة و أنا بجانبه , بينما رافييل في الخلف , قال هو ببرود : تذكري يا كلآرآ بأنك قد تؤذين البشر العاديين أو نفسك , بالرغم من أن الشاب حسن مزاجك ..
قلت بخجل و ارتباك : أعرف... أعرف .. لقد نسيت نفسي لثوان.
مرت ثوان صمت ثقيلة , ثم همس ليونارد وعينيه على الشارع أمامه
_ آسـف كلآرا .. سننهي كل شيء قريباً .

الجزء الخامس عشر (( ترقُب و جمود ))



بقيت أحدق بوالدي طويلاً وهو يعمل قربي على الأريكة بتدوين الحسابات , و تذكرت أنا جورج فرانس , لكن لا أدري , هو يعيش حياة طبيعية الآن .. هل يعرف شيئا ما عن الظلال ؟!.
تنهدت بحده غير مقصودة , التفت نحوي أبي و قال رافعا حاجبيه : أهناك خطب ما ؟!.
قلت بهدوء وأنا أراقب عينيه : السيد .. جورج فرآنس .. يعرف جدي , أتعرف أبي ...
قاطعني بهدوء وهو يتأمل الورق أمامه : أنا أعرف....
حدقت به بدهشة : آه .. أن برآين .. هو ..!
_ عمي .. هذا رائع كفاية ..!
نظر نحوي وابتسم بعمق و عينيه الزرقاوين تلتمعان .. أكمل بهدوء :
_ كنت أشعر .. بأنه قريب لي .. كما أنه لمح لي قبلاً .. لم يريد أن أناديه بـ أبي و أنا لم أكن لأفعل... شعر بالسعادة عندما بدأت اناديه بـ عمي فقط ..
همست : لكن .. ألم تعرف والديك الحقيقيين أبي...؟!
كان قلبي يخفق بقوة تصل لحلقي وتخنقي .. بقي صامتاً قليلا وهو ينظر بعيداً , ثم همس :
_ ... لا .
انخفض صدري بزفير أليم , وكدت أنطق بشيء .. لكني اختنقت .. و فجأة همس هو ناظرا نحوي بحب :
_ لدي حياتي الان .. أنتِ و جيني .. حياتي .. , لقد قال برآين شيئا عن والداي , كنت في السابعة وظن بأني سأنسى أو لن أفهم .. لكن كلماته رسخت بعمق .. قال بأن والداي كانا رائعين و يحبانني جداً .. لم يكن هذا شيئا غامضا لقد كان بديهياً .. ولكنه برآين كان يدمع وهو يقولها .. ذلك الوقت .. قلت بأني أحبه أيضاً .. ولكن قال بأنه يجب أن أعيش طويلاً .. لم أفهم ما عناه ذلك الوقت .. أم الآن ..
وصمت ..نهضت ثم جلست بجانبه و عانقته , ضحك قائلا : حسنا .. لقد ذهب الماضي .. يجب أن نرى الان المستقبل...
سألني بشكل مباغت : .. مالذي تريدين فعله بعدما تتخرجين من المدرسة...؟
حدقت به بصدمة ... : مالذي ماذا ....؟!
في الواقع لا أفكر بأني سأعيش حتى ذلك الوقت .. كان هذا مستقبلا بعيدا جدا .. جدا لي...
طرف والدي بعينيه الزرقاوين الداكنيتن يتأملني ثم قال مبتسما بهدوء : لا عليك حبيبتي , لديك متسع من الوقت , اجتهدي فقط في دروسك الآن ..

نهضت و ذهبت لغرفتي حيث أخذت حماماً سريعا و لبست بنطال أسود و قميص مخطط عادي كانت الساعة تتجاوز التاسعة ليلاً و غداً لدي مدرسة ! ,
عندما دخلت المطبخ و جدتهم كلهم مجتمعين ..!

التفت نحوي رافييل أولاً و قال ببرود : لقد أتت البوابة المتشككة !.
رددت عليه ببرود أشد : أرجوك اهدأ أيها الجليد الشمالي !.
كشر بوجهي بينما ابتسم ليونارد وتيرآ و كذلك داليا , قال دانييل بحده وعيون مشتعلة مقاطعاً النظرات والابتسامات :
_ المطلوب هو فقط الالتزام بالخطة بحذافيرها , هل من اعتراض !؟
انقلب الجو بالطبع سريعاً بعد صوت دانييل و كلماته , فكشروا كلهم , تحدثت تيرآ أولاً :
_ أنا اعترض ...!
_ و أنا كذلك ...!؟! قال ليونارد بعبوس
_ هل من وجود للخطة ب ؟!. " سألت داليا
_ لم تجب على سؤالي أن كان سيد الظلام موافقاً على هذا...؟! " نبرة رافييل منقبضة و عينيه كذلك ..!
زفر دانييل بحده و رد ببرود عليهم جميعاً معاً : لم يكن علي سؤال هذا أليس كذلك ؟, المهم أن كلآرا موافقة !.
التفت نحوي رافييل بحده و سألني بعيون مشتعلة غيضاً : هل توقعين على شهادة موتك الآن ؟!!!
لكن ليونارد قال متوتراً : أنني لا أريد تحطيم الختم و البوابة و.. التنقية ~~"
_ لكن هذه كل الخطة ليووون !!
زفر دانييل بوجهه , قالت تيرآ محركة رأسها نحوي : كلآرا لا تعرف مالذي سيحدث حقاً , هذا سـ... سيقتلها فوراً !.
_ التنقية صعبة دااان... بل مستحيلة .. لم تحدث من قبل ! " قال ليون مجدداً يحاول أقناعه.
رفع دانييل بصره نحوي , ولا تسألوني ما شعوري , كنت أشعر بالجمود والغرابة , لكن .. لا خوف , لا قلق... فقط متعجبة مما يقولون , رأيت عينيه الذهبيتين مشتعلتين كالنيران , هذا لا يبدو جيداً .. أنه غير هادئ ..!
قال ببرود يعاكس نيران عينيه : أني أريد شرح كل الأمر لـ كلآرا وهي من يقرر ..أنتم فقط ... نفذوا !.
أمرهم بحده .. ثم قال يحدثني بنفش النبرة : لنتحدث خارجاً , بعيداً عن هؤلاء الحمقى !.
_ دانييل !!
خرج من باب المطبخ الآخر , و ذهب يسير بعيدا... قلت لهم اطمئنهم قبل أن ألحقه :
_ ...أني لست خائفة , أشعر بأن ما يقوله هو الحل الأمثل , لكنه صعب قليلا ربما..
ثم خرجت راكضة , و أين اختفى هو بتلك السرعة ... ظللت اسير حول المنزل قرب الاشجار احدق ابحث عنه ولم أجده حتى أن الجو مظلم جداً ,
الان لو رأني والدي سيقلق مالذي افعله بالخارج هكذا >< ؟!
هل قصد بعيداً... بعيداً .. جداُ ~~" ؟ , ثم لما يهين اصدقائه ولا يراعي حتى رأيهم ..! يبدو مزاجه سيئا جدا اليوم !
!.
رأيت ظله عند الاشجار واقف بعيد قليلا , فهرعت نحوه , سيشرح لي كل الخطة بنفسه ..
قلت لاهثة بحماس لا أدري من أين جاء : ها قد جئت ..
نظر نحوي ببرود لكن عينيه لا تزالان مشتعلتين , قال وهو يجلس على الأرض ممسكا بغصن صغير :
_ اجلسي أمامي ..
تربعتُ أمامه بهدوء , فخط على الأرض بالغصن نقطة عميقة مشوهة و قال ببرود : لنفترض هذه أنتِ ..!
امتعضت قليلا ~.~ , لكن هززت رأسي , و فجأة خط على النقطة علامة أكس مخيفة و قال بصوت بارد لكن حاد قليلا :
_ وهذه التي بداخلك البوابة .. في البداية طبعا ..
_ حـ.. حسنا .. "
ثم وضع أكس آخر اعمق و اكبر فوق السابق و قال بتكشيرة : هنا جزء من الوحش اللعين .. ثم خط أكس أكبر من سابقيه واكثر عمقا وتشوها حتى أن النقطة "أنا" لم تبين ~~":
_ وهذا .. ختم سيد الظلام فوقهما كلاهما ...
وترني اسلوبه و نبرته , فقلت بضيق : أنا أعلم ..
رفع عيني حادتين بلون وقال بنبرة خافتة : ألا تلاحظين الترتيب , البوابة أولا ثم الوحش .. ثم الختم .. كلها معاً متشابكة و مختومة بإحكام شديد..
أنار هذا قليلا من فهمي , فقلت بتوتر مخفي : هذا .. واضح و.. معقد بنفس الوقت ..
طرف بعينيه اخيراً , وقال بهدوء بينما الهواء البارد يلفح جسدي : صحيح , لكن .. ما سأفعله أنا يختلف .. أولاً سنقضي على الجزء الذي بداخلك .. سأمسك به و أمزقه أرباً , أتعرفين ما سيحدث لك حينها كلآرا ..
وقبل أن أنطق , تابع بهدوء وعيونه مركزة علي بشكل مقلق : ستتألمين كثيراً .. سيقاوم مؤكد , وسيجعلك هذا تتألمين جداً...
أني متوقعه تماماً لوجود ألم شديد , سأحاول أن أتماسك .. وأحاول التحمل .. لكني بقيت هادئة أنظر إليه الان ..
لا أدري لم تأملني لثانية قبل أن يكمل : ...هذا هو الأفضل , أن نتخلص منه أولاً كي يضعف الظل الحقيقي لفقدانه هذا الجزء .. ثاني شيء سأقوم به هو .. كسر الختم !... وهذا يعني .. أن البوابة ستكون مفتوحة على مصراعيها , كسر ختم سيد الظلام القوي الذي لم يسبق لأحد أن حطمه , سأفعله أنا .. و.... بصراحة ....

تقلب لون عينيه بغرابة , ثم همس بضيق : لا أدري... ما مقدار الألم الذي سيسببه لك , الأختام للبوابات الجمادات والتي ستتفتت كلياً أن تحطم ...ليست .. للبشر .. الضعفاء ... فتاة مثلك .. بدأ أشك بأنني سأقتلك مع خطتي...
توسعت عيني قليلا , و تجمد عقلي .. مالذي... مالذي يتفوه به ؟!!!
زفر قليلا ثم همس بهدوء : أنا .. لن أقوم بهذه الخطوة قبل .. رؤيتي لشيء ما .. قبل أن...
قاطعته بهدوء وعقلي معطل تماماً : كيف ستدمر البوابة...؟!.
حدق بي بحده مفاجئة , قال بهمس يصر بين اسنانه : أني يجب أن أرى شيئا ما , بعد قتال الظل بك .. لا أدري .. هل ستتحملين , قد تموتين بالفعل , والدي حذرني , حدثته بشكل سري للغاية , واخبرته عنك .وعما سأفعل .. كنت واثقاً جداً , لكن اؤلئك الحمقى بدؤوا يثيرونني و يشككون بي... و جعلوني أخشى عليك بشدة .. و أن تخفق الخطة بأكملها وأن تموتِ وأن تتدمر البوابة و أن تثار الفوضى ..!
حدقت به مذهولة قليلا , لا أدري .. لكني لا أشعر بأي ذرة قلق الآن .. فقط اترقب .. لكني لست قلقة , بل مستعدة للقتال...
قلت بنبرة غريبة هادئة : لكني مستعدة للقتال ...! < وكأنني سأخسر شيئا رهيباً إن لم أقل هذه الكلمة ××!
ارجع رأسه فوراً للخلف ينظر لي بنظرات غريبة , كانت عيونه تتموج , همس بهدوء : مستعدة حقاً...؟!

هززت كتفي و نظرت الى خطوطة المشوهة الغريبة على الأرض الترابية
و قلت : أجل .. قلت لك سابقاً , أنا أثق بخطتك و موافقه عليها حتى لو مت مهما يكن يجب أن تنتهي هذه المأساة .. اعني الظلال , البوابة....!
رفعت عيني نحوه فوجدت يده على فمه وينظر نحوي بتركيز وكأنني مسألة رياضية صعبة !!!
أومأ و قال بهدوء : لا يمكنني تدمير البوابة إلا بتدمير الختم الذي يقفلها اولاً , وبهذه المرحلة , طلبت من رافييل وليونارد أن يكونا في مقابل البوابة في عالم الظلام , بينما تيرآ و داليا سيحميا والدك و الطفلة ..
سألته بهدوء : آممم لكن , عندما تدمر الختم هل سيظهر الظل مباشرة ؟! .

ضيق جبينه و سألني بهدوء غريب وهو يضع يده تحت شفتيه : بخصوص هذا , أيمكنني تغيير وعدي لك بقتاله , اعتقد بأنك ستكونين فاقدة لوعيك .. بعدما أحطم الختم ..!
رفعت حاجبي وقلت بسرعة رافضة
_ : لا يمكن .. أنا لن أكون صريعة ويجب أن أقتل بنفسي ذلك الظل الشرير. أنت وعدتني دانييل... أنت تعرف مالذي فعله بعائلتي ..!
عبس بوجهي واطبق شفتيه .. لكني هدأت وقلت
_: أظن بأني اتخيل الوضع مختلفاً , هل يمكن أن يخرج بتلك السرعة ؟.
رفع رأسه وتغيرت لون عينيه للرمادي اللامع , همس بهدوء :
_ تخيلك خاطئ جداً , كلآرا .. سأخبرك بالأمر ..نحن سندمر جزء ذلك الوحش الذي بداخلك , سنقطعه و سنجعله رماداً متناثر .. وهو .. سيتألم جداً ... جداً .. أنه بمثابة أنك تقفلين الباب بقوة على ذراعي سفاح ثم تقومين بتقطيع ذراعيه كلياً , بعدها ستفتحين له الباب , ما ظنك سيكون رده .. سأخبرك .. سيكون غاضباً جداً , متألماً جداً .. حاقداً جداً !!... سيكون مجنوناً تماماً سيحاول تقطيعك أنتِ ومن حولك كلهم و سيقاوم بشدة , أننا سنفتح له الباب في النهاية ... هل تخيلت هذا إذن ؟!.

شعرت بالخوف , لكن لا .. سأقتله أنا , من قال له أن يضع بوابة بي ! ظل أبله ~~ ؟!! سأنتقم لأجدادي و لأمي ..!

لكن دانييل أكمل : لن يكون هو فقط .. ستحاول الوحوش والظلال الأخرى العبور منك بشدة , بوابة فتحت لهم فجأة , لهذا سأرسل راف و ليون إلى هناك .. لكن الظل المتشكل مرتبط بك , حيثما تفتحين سيظهر هو .. لأنه .. هو من صنع البوابة !.
صمتُ قليلا أنظر مجدداً لخطوطه البشعة على الأرض .. حدثني بهدوء : أنه ظل مختلف , ليست كل الظلال تستطيع فعل ما فعله .. كل شيء يحدث غريب و جديد و مقلق علينا .. لكن ..
لاحظت صمته العميق لكني بقيت احدق بالأرض الباردة و شعرت ببرودة جسدي تزداد ~
جائني همسه الهادئ : لقد .. وعدت أن أحميك من الألم , لكن... لابد منه الآن .. أنا .. سأحاول بكل قوتي .. وستعيشين كلارآ , سأتطلع حقا الى اليوم الذي ستنسين به كل هذه المصائب و الآلام .. لن .. لن أجعلك تموتين ..
حدقت بصدمة به , هل ارتجف صوته في اخر كلمتين ؟!! ..
قلت ببطء : أنا .. لا أمانع .. أن كنت سأموت مقابل حل هذه الفوضى...
حدق بي بغضب و قال بحده : هل أنت عديمة الاحساس ؟! , لم أرى أي بشري مثلك , ما بك ؟!. أكثر برودة من رافييل حتى !!
ضمتت نفسي و قلت بضيق أنظر بعينيه الثائرتين : أعتقد .. بأنك ..محق .. أني اشعر بالجمود...
_ قولي بأنك لن تفعلي هذا مجدداً...
_ أفعل .. مـ ماذا ؟!.
_ الصدمات المتأخرة ما غيرها !!... لاحقا سوف تتجمدين رعباً. أو أسوأ...
_ لن أفعل >< .. سأقاتل دانييل... أنا واعية بكل شيء...!
حاولت اقناعه بأني بخير , لكنه ظل ينظر نحوي بعصبية , ثم زفر و همس :
_ لم أشعر بالتردد طوال حياتي .. حتى قابلناك .. لم تكوني بشرية طبيعية حقاً , أأنت بخير مع هذا ؟!.
قلت بامعتاض : أتظنني معتوهة أو غريبة الاطوار ..!
ضاقت عيناه و سألني : هل سقطت على رأسك في مرحلة ما في الطفولة..
_ هلا توقفت عن هذا دانييل...
لكنه ظل صامتاً ثابتا بمكانه ينظر يمينا بعيدا عني , تنهدت أنا وسرت رجفه بجسدي , نهض هو بخفه مفاجئة ومد ذراعيه قائلاً :
_ لم ألحظ بأن الجو بارد جداً عليك .. تعالي لنعود بسرعة ..!
لم أمانع وضع يدي بيديه فأنهضني بسرعة , ثم سرنا بهدوء إلى الداخل , لم أرى أي من الحراس ..
دخلت غرفتي و بقي دانييل يقف في المطبخ , لبست بجامة ثقيلة دافئة , ثم ذهبت لأحيي أبي , ولكني وجدته نائما هو وجيني بغرفتهم ,
اقتربت بهدوء شديد و قبلت جيني بحنان , ثم قبلت جبين والدي العزيز ..
همست بقلبي : سيكون كل شيء بخير .. أحبكم كثيراً جداً ..


نزلت لغرفتي و وجدت دانييل في ظلامها , سألني بهمس بعيد : أستذهبين غداً للمدرسة ؟!
_ أجل .. بالطبع ..
_ هل ... ستخبرين أباك بكل هذا ؟!.
اندسست بفراشي , ثم قلت ببساطة : آه لا اعتقد هذا .. سيكون مفزوعاً جداً وسيرفض خطتك بأكملها .. وأنا لن أجعل أبي يشعر هكذا أبداً ..
_ أتعتقدين ...؟! ... أتعتقدين بأنه سيسامحني لو ... متِ أنتِ ؟!
حدقت به بصدمة .. ذهبت أنفاسي بعيداً جداً .. مالذي يقوله , ألا تلاحظون بأنه يتفوه بأشياء غريبة هذه الايام !! .. كنت لا أرى سوى خياله الأسود و عينيه الرماديتين الباردتين...
ضاق جبيني و كذلك قلبي , بدا دانييل .. بدا ... لا أعرف ... لا .. فاقدا للثقة بنفسه ربما ...لا ...~
قلت وأنا استعيد أنفاسي بصعوبة : أخبره بأني .. أردت هذا.. حسنا... على كلٍ أظن بأني سأكتب له ورقة ما... لا... استطيع تخيل موقفه .. أرجوك .. لا تسألني بشيء كهذا مجدداً ..
انقلبت على جهتي مقابل الجدار و ظللت أحدق بالظلام طويلاً .. لا أدري أن غادر دانييل أم لا .. لكنه جعلني احزن حقاً .. لأجل والدي .. آه لا اتحمل رؤيته مصدوماً .. حزيناً ... أرجوك لا... هذا مريع كل شيء إلا حزن أبي وجيني ...!!

اغمضت عيني المحترقتين بقوة و دموعي الساخنة تسيل .. لقد تركني اتخيل موقف أبي وهو يراني جثة هامدة ..
استيقظت بصعوبة شديدة هذا الصباح و صداع مدوي برأسي .. كان أبي يجلس على طرف السرير يوقظني , نظرت نحوه بدوار ثم قلت بتعب : اهلا .. أبي...
_ هاي حبيبتي , هل أنتِ بخير ؟ , منذ ساعة وأنا أروح و أجي محاولا ايقاظك , آوه لما عينيك متورمتين هكذا...؟!
نظر نحوي بقلق , أنا لا أطيق قلقه فما بال حزنه .. تبا... هل عيوني متورمه بسبب بكاء أمس ><

و كل هذا بسبب سؤال دانييل الغبي...! لقد فتح لي مجالاً مرعباً للتفكير... ربما هذا دافع كي لا ألقي بنفسي للموت ~~

غسلت وجهي و تجهزت بلباس عادي ثم أخذت حقيبتي التي لم أفتحها منذ الأمس , كنت فقط كالبلهاء ادور هنا و هناك .. والدراسة ارسلت لها سلامي !!
رأيت بالردهة ليونارد و رافييل يتهامسان ثم حدقا بي بنظرات غريبة , قلت ببرود : و صباح الخير لكما أيضاً ..!
كشر رافييل و رد ليونارد بما بدا كابتسامة : اهلاً كلآرا , أنمتِ جيداً ؟!.
لكن رافييل رد عليه ببرود : أنظر لعينيها فقط و ستعرف .. كلآرا خائفة جداً ..
رددت بحده عليه وأنا أتقدم : أنا لست خائفة أتفهم ؟! , و توقف عن أغضابي و إلا سأقتلع عينيك هاتين .. أني أشعر بالغضب والحقد فقط .. سأجن اتفقنا !!.
كان يتراجع برأسه مذهولاً , بينما حدق بي ليونارد بدهشة أيضاً ..
ثم قلت ببرود وأنا اريد الرجوع نحو المطبخ : أرجوك أن تحمي والدي جيداً , وأشكرك كثيراً جداً ..
التفت بكل جسدي و فوجئت بـ دانييل يقف محدقاً بي عند المدخل ومن خلفه تيرآ وداليا .. قال دانييل بهدوء لي :
_ لا تفسدي مزاجك الآن كلآرا , ودعيني فقط احدث راف بنفسي..
مررت بهدوء من عندهم و لحقت بي تيرآ وهي تقول بنعومة هادئة : صباح الخير كلآرا , كيف تشعرين ؟!.
قلت بهدوء ارد عليها وأنا أسكب لنفسي بعض القهوة : آوه لا بأس , أحيانا أشعر بالجمود... لكني .. لست قلقة..
هزت تيرآ شعرها الأشقر وهي توافقني : بالطبع لا .. هذا واضح منذ أن التقينا بك عزيزتي , دانييل يظن بأنه يجب أن نبدأ الليلة , لقد اقنعنا بالأمس .. لكن لا تقسي على راف .. أنه يريد ارعابك فقط كي تكوني بأمان ..
رددت بهدوء وأنا احتسي القهوة : أنا بخير .. طالما دانييل معي سأكون بخير...
_ ضعي حقيبتك على كتفك الآن لقد تأخرنا..
التفتُ مفزوعة جداً نحوه , كان دانييل يقف عند باب المطبخ , شعرت بسقوط قلبي , منذ متى وهو هناك , أشعر بالحرج , هل سمعني ~~" !!!
ذهبت الى المدرسة المملة بشكل لا يصدق .. أكرهها , أريد أن نبدأ العمل الجاد لا أن ندرس الرياضيات والفيزياء ×× !
همس دانييل من خلفي وأنا جالسة مع ليون و تيرآ في فترة الاستراحة :
_ سنبدأ الليلة .. والدك يطلبه المدعو جورج فرانس لمراجعة بعض الملفات وقت العشاء و سيذهب مع الطفلة و تيرآ و داليا .. بينما ستبقين أنتِ متحججة بالمذاكرة , لكننا في الواقع سنذهب لمكان بعيد جدا عن المنزل .. و سنبدأ الخطة ..
أومأت بصمت , إذن والدي و جيني سيكونان بأمان بعيداً ..
_ أكل شيء بخير كلآرا ؟!.
سألني ليونارد بهدوء , فأومات .. بينما تنفست تيرآ بعمق و زفرت ولكنها لم تنطق , كان القلق واضحاً بعينيها ..
همس دانييل جائني مجدداً , لماذا يقف خلفي على أية حال لا يمكنني رؤية تعابيره ~~

_ الانبوب السيف سيكون معك .. ثقي بي فقط كلآرا ..
أومأت مجدداً ولم اقدر على تناول أي شيء , كان حلقي مقفلاً جداً ..و كنت فقط أريد رؤية ذلك الظل >< !!
عدت للمنزل و فاجئني دانييل قائلا : إلى النوم هيا...
حدقت به مندهشة بينما هو يحاول دفعي من ظهري : ماذا ؟!.. لكني...
_ لا أريد أن تكوني مرهقة , وعينيك لا تزالان منتفختين .. هيا نامي الآن .. اولاً حدثي والدك قليلا...
كشرت بوجهه أنه يحب التخطيط لكل شيء , دخلت الردهة , رأيت أبي فانطلقت اليه و عانقته !
قال ضاحكاً وهو يحيطني بذراعيه : هاي حبيبتي لقد عدتِ .. ما خطب هذا العناق المفاجئ ؟!.
_ لا شيء .. لم أحييك ليلاً , أحبك جداً أبي ..
_ لا عليك صغيرتي , وأنا أحبك كثيراً ..
عانقت جيني أيضا وعصرتها بشدة وأنا أهمس لها بشوق : أحبك... أحبك... أحبك... يا حلوتي الصغيرة الرائعة... اهتمي بأبي حبيبتي ..
تململت مني كثيراً وعندما وضعتها على الأرض وأخذت أراقبها وهي تلعب لدقائق .. ثم التفتت نحوي و لمست وجهي القريب منها
همست برقة : كلالا .. أحبك ... كلالا ..
توسعت عيني دهشة , أروع كلمات في التاريخ , قبلتها كثيراً , ثم أخذتها للنوم معي على سريري عندما جاء وقت قيلولتها .. فنمنا معاً ..
_ كلآرا ... عزيزتي... هيا انهضوا وإلا نمت بجانبكما أنا أيضاً..!!!
فتحت عيني وانا ابتسم بهدوء عندما رأيت أبي متكأ عندي على السرير , تبسم لي وقال بهدوء :
_ ها قد افاقت الاميرة الأولى .. بقي الأميرة الصغيرة .. هيا كعكتي .. هيا لنذهب لدينا موعد مهم...
حدثني أبي عن موعده مع فرانس و أنه سيعود بأقرب وقت .. جهزت داليا جيني , بينما أنا واقفة أحدق بهم فقط ..
قبلني والدي مودعاً , ثم غادروا ..
قبل أن أبدل ثيابي قبل قليل , امسكت بقطعة ورقة صغيرة و كتبت كلمات قليلة لأبي ,
"( أبي أنا أحبكم كثيراً , وأني فعلت هذا لأجلكم .. )" , لن أفكر أبدا بما ستكون ردة فعله ..!

التفتُ خلفي , و رأيت الشبان واقفين يحدقون بالسيارة المغادرة عيني ليونارد بلون أزرق فاتح لامع جداً و رافييل بلون الدم انقلبتا بسرعة , بينما عيني دانييل بلون الفضة القاتمة , ما خطب الجميع يرتدي بذلات سوداء لكن دانييل قميصه بلا أكمام و عضلات ذراعيه بارزة بينما يتدلى من حزامه الاسود سلسلة طويلة .. نظر نحوي و قال وهو يظهر الأنبوب الفضي الصغير من جيبه ..
_ هاك , اكتشفت بأني استطيع لمسه , عندما تضغطين عليه بقوة هكذا يظهر سيف غريب دقيق جداً...!
ركبنا السيارة السوداء كلنا معاً رافييل يقود و أنا في الخلف مع دانييل , ثم سرنا بسرعة شديدة الى مناطق بعيدة .. في ظلمة الليل ~
همس دانييل للشابين العابسين : احرسا ذلك المكان جيداً , الليلة سنصلح كل تلك الاخطاء الغبية .. ولن تتكرر ..
كشرت أنا أيضاً , لما لا يشجعهم بدل القاء الاوامر و اظهار الغضب ..

التفت نحوه و قلت بخفوت : أشعر بأني أكثر هدوئا منك ..
رد علي ببرود : أنا لا أريد أي خطأ صغير كي لا تزهق روحك بسرعة !.
توسعت عيني و قلت بحده خافتة : ماااذا ؟!.
رفع يده ببرود وقال : لا تصرخي مجدداً كي لا ينكسر الختم قبل آوانه !!.
عبست ثم التفتُ بعيدا أحدق بالخارج ... هذه الليلة ستكون طويلة جداً .. و... متعبة .. هل ستكون آخر ليلة لي ..
هل سيعود أبي للمنزل ولن يجدني بعدها أبداً .. ثم سيجلبون له جثتي ... هل سيسامح دآنييل أن علم بما حدث ..؟!

أظن بأنه سيصدق أن فعلت شيئا مماثلاً .. لكني , لا أريده مصدوماً حزيناً ..
توقفنا في باحة بين أشجار ضخمة مظلمة , و القمر هلال ضعيف بعيد وهناك غيوم خفيفة ..
تهامس ليونارد و رافييل بعيداً عني بشيء ما , بينما توقف دانييل بعيداً يتأمل المكان , ثم التفت نحونا ..
قال يحدث الفتية : يمكنكما الذهاب الآن , اقتلوهم أن تطلب الأمر ..
كان يبدو على رافييل عدم الرضى والغضب المكبوت , بينما نظر نحوي ليونارد و همس مشجعاً بعبوس
_ ابقي قوية كلآرا ..
أومأت و تبسمت له .. ثم غادرا في ظلمة المكان , نظر نحو دانييل , كان يمسك بالأنبوب الذي صنعه جدي .. قال لي ببرود
_ هذا سيقتله , سأستخدمه أولاً لقتل الجزء الذي بك , اتقفنا ..
_ حسنا ..
حدق بي قليلا بعيون رماديه عميقة ثم قال وهو يقترب مني خطوة : سأعيرك شيئا ما ..
اخرج القلادة من عنقه .. السلسلة الفضية الناعمة , و وضعها حول عنقي ..
_ هذه لمزيد من الحماية .. سلسلة سيد الظلام .
ثم فكر بينما اتحسس أنا السلسلة الباردة كالثلج حول عنقي , وآو سلسلة السيد معي ^^!

نظرت نحوه .. كان ينظر بعيداً , بعدها أغمض عينيه و قال وهو يمد يده إلى وجهي ..


_ انظري , سأمنحك شيئا من قوتي .. اهدئي اتفقنا . لا تفزعي...
توسعت عيني , واه حقاً... شكرا دانييل .. لكن ما يقصد بـ لا تفـ....!

ارتجفت بقوة و يده على جبيني وكأن كهرباءً باردة صعقني من رأسي أغمضت عيني بقوة , و شعرت بشيء غريب يحيطني كلياً كالماء البارد الثقيل ..
نزلت يده ليمسك بذقني بلطف .. ثم شعرت بالنعاس فجأة لكن ...

فتحت عيني و وجدت نفسي جالسة فجأة على الارض و قلبي يرسل نبضات سريعة و حرارة و برودة تتمازج بي... آه أشعر بالدوار .. ولا اقدر على النهوض...
اتى من خلف السيارة بدا وجهه غريباً , طرف بعينيه الذهبيتين كثيراً وسألني بخفوت وكأنه مذنب : أأنت بخير ؟!.
مالذي حدث !.

رفعت رأسي إليه و اتكأت على السيارة كي اقف قلت بضيق : بخير , هل آ ... اعطيتني بعض القوة ..؟
أومأ ثم سحب االانبوب و ضغطه ليظهر السيف الرقيق جداً لامع في العتمة ..
قال بهدوء : أشيري لمكان طعنة الوحش , اتذكرينها ؟!.
قلت و قلبي لا يكف عن الخفقان بقوة : بالطبع . هـ.. هنا ..
_ سأطعن هذا المكان وامسك به , تذكري كلارآ هذا لا يؤلمك أنت بل الوحش , وهو سيحاول أيلامك .. السف لن يؤذيك ..
آه سيخرج الجزء و يقتله بسيف جدي .. حسنا .. تشجعي كلارآ , يجب .. أن ...
حدقت بعينيه الغريبتين , لما انقلبتا ذهبيتين فجأة ... هذا يعني بأن مشاعرة ثائرة رغم هدوءه ..!
قلت بهدوء : و.. أنت كذلك .. اهدأ ..
منحني ابتسامة غريبة , ثم بحركة لم أراها .. اخترق شيئا ما معدتي ..!!
و ارتفع ألم حاد و سمعت صوت صراخ أكثر حده يفجر أذناي ... صوت مزجع و ألم رهيب شيئا ما يصرخ بداخلي ..!!
شعرت بعظامي تسحق مجدداً .. لم أقاوم صرخت أنا أيضاً : آآآآآآآآآآآآآه !!
تمالكت نفسي و امسكت بالسيف الغارز بوسطي .. الالم ينبعث من هنا .. و الصراخ يفجر رأسي .. سحقاً...
_ .. تماسكي كلآرااااا !!..

ثم فجأة صرخ الصوت برأسي ... ( لن أموت هكذا... سأسحبك معي... لا احد يقدر على قتلي ....! )
صرخت متألمة بشدة وأنا أتلوى : دآنييل .. أخرجه !!!
_ اللعين أنه يؤذيك.. تماسكِ .. قليلاً... أني قابض عليه..
نزع دآنييل السيف و سقطت أرضاً بقوة أشعر بأني أنزف من وسطي .. لكن لم يكن هنالك دماء !!!
كل هذا الألم ولا .. شيء... دار رأسي بقوة لكن تماسكت , و نظرت إلا بـ دآنييل يقف موجها السيف بوجه ظل طويل يتلوى على الأرض و كأنه أفعى سوداء غليظة ...
نهضت بسرعة و اخذت السيف منه قائلة :
_ دعه لي....!
_ احذري... أنه...
لكني ركضت نحو الظل الاسود و رفعت السيف كي اقتله , غير انه التف بسرعة حول ساقي و اسقطني ..
فأخذت اقاومه بشدة و السيف بين يدي كيف يمكنني قتاله وهو يتلف حولي...
_ كلارا .. اضربيه .. اطعنيه فقط....!
ركلته بقدمي فابتعد عني قليلاً ثم اسرعت و غرزت السيف به .. أخذ يصدر صياحاً قوياً افزعني...
ثم ضربته مجدداً و كل مرة اغزر السيف يظهر مكان الطعنة ضياء غريب ينتشر حتى اخذ لونه الاسود يتغير إلى رماد... يتفتت... ثم ضربته بقوة في منتصفه ..
طار عالياً من شدة الضرب ثم سقط ... رماده !!.
و قبل أن استوعب الاحداث السريعة .. سمعت صراخ مدوي آخر برأسي ... ثم صوت وكأنه زجاج يتخدش !!!
بعدها ألم رهيب بساقي !!!... وكأن سيخ حديدي محمر من النار غرس بساقي التي كانت مصابة قبلاً...!!
سقطت ارضا امسك بها بألم و الصراخ بعقلي يزداد ... ( ستموتين ... سأقتلك أنا...! )
صرخت بقوة _ أخررررس .. هيا اخرج و تجرأ لمواجهتي...
_ سأكسر الختم الآن قبل أن يحطمه صراخك .. هل تسمعينه ؟!
ركع دانييل قربي يلمس كتفي , تأوهت و الالم ينحصر بشكل مفاجئ خفيف .. قلت لاهثة : أنه غاضب...!
_ سيندم قريباً .. هل تتألمين بشدة...!
_ لقد خف الان ..
اعاد لي السيف و قال بضيق : سأحطم الختم .. استعدي .. اتفقنا ..
تنفست بصعوبة و كأني أرى الاجواء تتقلب لأدكن و أظلم .. راودني شعور سيء...
همست بتوتر : أشعر بأنه .. معي دوماً .. ماذا لو سحبني لعالم الظلام مجدداً...
نظر نحوي بعيون ذهبية هادئة : لهذا تملكين سلسلتي .. لكن لن يفعل , راف و ليون هناك .. ما أن يخرج , سوف يندم .. الآن سأخرج سلاحي لأكسر ختم السيد ..
_ ألن ينفع السيف...؟!
_ أحتاج لشيء أقوى .. لا ترتعبي اتفقنا...!
لا أدري كيف , لكنه صفق بيديه و ظهر ضوء خافت أحمر ثم انحصر... لأراه يمسك بيده اليسرى , منجل !!!
منجل ضخم غريب و كبير و أسود يلمع بلا مصدر للضوء ..

.. أخافني جداً هذه المرة .. لا تقل لي بأنك ستضربني بهذا !!

كان ينظر نحوي بجدية مرعبة و عيون فضية لامعة ... ها هو الموت قادم إلي !!!
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 02-17-2018, 04:25 PM
 
الجزء السادس عشر [ مواجهة الظلام ! ]

الجزء السادس عشر
[ مواجهة الظلام ! ]



كنا متواجهين , الآن لا أدري ما الأفكار التي تتخبط برأسي , أو أن كنت أساسا أفكر ! , هذه ليلة مصيرية , و ستحدث بها أشد الأمور التي نخشاها , أو أخافها أنا ..!
, اعترف بأني مرعوبة الآن ورجفة تمر بي من آن لآخر , لكني يجب أن اتشجع , منذ أن رأيته يخرج هذا الشيء الكبير الأحمر اللامع و أنا لم استبشر بخير ..!
لوح به قليلاً جانباً وهو يتأمله , دآنييل هذا الشاب الذي لا يهتم للنتائج فقط يفكر و يفعل , وليحدث ما يحدث .. عيناه تقولان بأن النتائج سنتعامل معها لاحقاً .
و لا يبدو عليه القلق من شيء .. لكنه فكر بعض الشيء بأمري , و أنه ربما أموت ..
ربما لأن عائلتي التعيسة منذ زمن بعيد و الظلال تحاول العبث بها .. لكن هل سأنهي أنا هذه السلسلة من الألآم التي تسببها هذه الوحوش الغامضة !

نظر بعينيه المشتعلتين نحوي لقدمي أولاً .. ثم رفع بصره إلي , لم ينظر في عيني لا أدري لم كان يحدق جانباً إلى كتفي ربما..
سألته بخفوت شديد : و الآن.. ماذا ؟!.
حرك المنجل بهدوء وهو ينظر إليه , همس : أكسر .. ختم والدي .. و هذا الذي يقلقني . ربما لن يتحطم جيداً.
اخافني كلامه , يعني بأنه ربما ستحدث مصيبة .. أو بالأحرى ستحدث مصيبة !
لكنه نظر في عيني و قال : سأحاول بضربة واحدة منذ البداية , إن رأيتك تتألمين و لن تتحملي هذا فسأتوقف فوراً , لا تقلقي لديك نوعين من الحماية ..
حلقي جف بشدة , أومأت و لم أنطق و ظللت متجمدة بمكاني و قدمي ثابتتين في الأرض تماماً , تقدم مني بضع خطوات ثم حرك ذراعه أمام وجهي , لأرى جسدي يشع فجأة بضوء أزرق خافت يحيطني بهالة , هذا الضوء كأنه أمواج بحر غريبة تتموج محيطة بي تماماً .. حتى أنني أرى دانييل من خلف الأمواج الخفيفة هذه ..
قلت بتوتر : دآنييل...؟
_ هذا هو ختم سيد الظلام , هيا سأكسره .. مستعدة !
جائتني رغبة رهيبة لقول لا دع كل شيء كما هو لا تفعل ~.~" لكني أومأت بهتزاز و عقلي المتجمد لا ينفعني الآن بشيء.. رفع دانييل المنجل عالياً و ألتمع بلون أحمر دامي , ثم همس بشيء ما وهو يهبط به علي و فوق رأسي , شهقت وأنا أغمض عيني وأضم نفسي رعباً..
شعرت بضربة قوية صفعتني بوجهي و انفكت قدماي الثابتتان و جسدي حلق عالياً بعيداً , تأثر رأسي بشدة و كأنني اصطدمت بجدار ما بقوة ... آخذ الصداع يقسم رأسي نصفين من حدته و جسدي يتنفض و كأن عظامي تسحق ببطء !!
ارتطمت بالأرض لا أصدق بأني ضربت بهذه القوة لأطير بعيدا عن مكاني ... تدحرجت ثم توقفت و انفي بالأرض .. حاولت ان اتحرك قليلا , لكن عظامي تحطمت بالفعل .. تباً .. الآلآم تعود ..
رأيت سائل أحمر يخرج من فمي و انفي و على عيني .. بدأ كل شيء يقلب أحمراً ... تأوهت ... آآآآه مالذي حدث...؟!
سمعت صوت دآنييل يلمسني : لقد صديت الضربة .. لقد تصدى الختم للضربة , لقد خِفت كلآرا ...
تأوهت مجدداً و صدري مسحوق فوق قلبي .. تبا لك دآنييل , أكرهكم جميعاً ~.~ سأموت لكن بعذاب و ألم كله بسببكم .. وحوش بلا رحمة .. وهو يريدني ألا أخاف !!
رأيته و أنا أتنفس بصعوبة كان يساعدني لأنقلب على ظهري .. قلت : آسفة إن كنت خائفة .. فجأة تخلت عني الشجاعة !
_ وأنا آسف أيضاً .. الختم لم يخدش حتى !
مسح الدماء عن وجهي بيده و قال بعبوس : هل تريدين أن نحاول مجدداً ؟!
تأوهت متألمة : هل علي أن أقف ؟!
لا أدري ما نظرته لأن عيني تؤلمانني بسبب الدماء لكنه أطال النظر قليلا , ثم همس : كلا أبقي هكذا .. اهدئي اتفقنا ..
كدت اقول , أنا بحال ممتازة جداً .. فقط افعل ما تشاء ... لكن حلقي مملوء بالدماء التي بصقتها بألم ~.~ أني في حال مزرية تماماً..
ظهر منجله مجدداً يشع بقوة , لمسني دآنييل قليلا على كتفي , فظهر الختم مجدداً . إن لم يتحطم الختم هذه المرة سأموت أنا حتما , كنت أشعر بقرب حتفي .. ربما أن مت سأوفر الكثير من الجهد و الوقت !

نظرت نحوه و عيوني تؤلمني بشدة , لا تجعلني أتألم كثيراً أرجوك , قلت هذا بقلبي , لا أريد أن أتألم بشدة و أموت متقطعة هكذا بشكل بشع .. من سيجمع اشلائي إذن..؟
نظرت نحوه , لكن أخفض منجله و ابعده ...ما...؟! لماذا ؟! سألت بصوت خفيض : ماذا تفعل ؟!.
هز شعره الأسود و قال بعبوس : لا .. ستموتين .. قد يحطم المنجل البوابة , لكن الختم .. اللعنة لمَ والدي قوي جدا ><!!
زفرت بتعب , و قلت : لا يمكن تحطيم البوابة قبل فتح الختم ..
ثم حاولت الجلوس بدل أن أكون مستسلمة نائمة على الأرض العشبية الباردة .. هو حتى لم يقدم المساعدة , حدق بي طويلا ثم همس بتفكير عميق : لا يمكن فتح الختم بأي شكل كان .. إلا ..

توقف عن الكلام ثم التفت بعيداً يمشي خطوات بطئية فوق السهل , مالذي يفعله الآن ؟؟ , هتفت بتعب من خلفه :
_ مهلا ! , إلا ماذا ؟!... دآنييل أ...
قاطعني ببرود وهو يلتفت إلي من بعيد : لا يمكنني فعل هذا كلآرا .. أنت تجعلينه مستحيلاً...!
توسعت عيناي , رددت بصدمة : لا يمكنك فـ.... آآ .... أنا أجعله ماذا ؟!.
رفع كفيه بعلامة استسلام غريب .. و تابع بعبوس : هذه الطريقة لن تنفع , سوف تتقطعين لذرات و لن يتحطم الختم , لن أفعل هذا ..
تقطعت أنفاسي و أنا جالسة على الأرض هكذا أحدق به واقفاً بعيدا قليلا عني ..في ظلمة الليل لا أرى جيداً ..
قلت وأنا أشعر بألم شديد في صدري : مالحل.. إذن ؟!... مالذي تفكر به ؟!.
رد بهدوء بارد يقلقني بشدة : أفكر بأن أتوقف هنا .. كانوا .. محقين .. ستبقين هكذا إلى الأبد..
شعرت بعيناي ستخرجان من مكانهما من شدة ماحدقت به مصعوقة , مالذي يعينه !, مالذي يعـ.. أهو يستسلم ؟!

هززت رأسي غير قادرة على التفكير جيداً .. دآنييل لا يستسلم مستحيل ! بما يثرثر أصلاً , يتوقف !! ,
قلت بضنى : لا أفهم .. أنت .. أنت ستنسحب ؟!
_ سأترك كل شيء... نعم , و هذا لأجلك .. لقد تخلصنا من الجزء المظلم الذي بك , أليس كذلك؟ .. هذا هو الأسوأ , لكن البوابة و الختم لن يزولا .. إلا .. بزوالك أنتِ .. وهذا لن يحدث...
أخذت انفاسي تتسارع و قلبي يضخ بقوة , اجتاحتني الحرارة والبرودة في نفس الوقت... أسيترك كل شيء... بي إلى الأبد ...! , لن أعود طبيعية , ولكني سأظل خطراً إلى عائلتي... ذلك الشيء سيظل يطاردنا بقية حياتنا ما دامت بي البوابة التي صنعها... سأجلب لعائلتي و لحياتي البؤس أكثر و أكثر..
قلت بصوت يترجف : لـ... لا تفعل .. أ .. أرجوك.. لنستمر حتى النهاية .. حـ.. حاول مجدداً ... أو بأي طريقة أخرى...!
_ كلآرا ألا تفهمين !!!
صرخ بوجهي بحده أخافتني , حدقت به بقلق رهيب و طنين مؤلم برأسي , هل صرخ بي قبل قليل بي ؟!. لا أصدق ..
ولم ارتجف بعنف هكذا و أشعر بخوف رهيب يحيطني و ألم شديد منتظر و... ظلام ... دآنييل سيتركني... لا يمكنه !! مالذي سأفعله , سأموت...! سأموت معذبة...!
جائني صوته بحده خافتة تخرج من بين أسنانه يقاطع كل تخبطات عقلي :
_ تحدثت طويلاً إليك , بأني لن استمر ... إذا رأيت هذا ... كنت سأتأكد من شيء و أخبرتك بالفعل , إن رأيتك ستموتين بهذا سأتوقف عن كل شيء... أنا أتوقف هنا , هذا يكفي.
اعطاني ظهره و مشى مبتعداً , لا يمكنه ... مـ.. لااا ..

شفتي ارتجفتا و عيني تحترقان , أهي دموعي .. قلت بألم شديد في كل أنحاء جسدي و قلبي
_ أنت تتخلى عني ... دآنييل ... تتخلى عن كل شيء... و تعطيني ظهرك .. هكذا بـ..بـ..ببساطة...
توقف وهو ينظر نحو من فوق كتفه , كان عيناه كالحمم المتجمدة لا أفهمها , رد ببرود :
_ هذا .. لم يكن بسيطاً .. أؤكد لك بأن الوضع رهيب .. لقد منحتك قوة , و سلسلة .. لكنهما لم يحمياك جيداً , أنظري لوجهك الدامي , و جسدك متحطم تماماً ربما لن تستطيعي الوقوف لوقت طويل .. ضربة كتلك من منجل القمر الأحمر .. كانت كفيلة بالقضاء على جيش من وحوش الظلام , ضربة واحدة فقط ... و لكنها لم تخدش حتى الختم .. كادت تقتلك ... افيقي أيتها الانتحارية .. موتك لن يحل كل شيء... ربما ستبقى البوابة بجثتك .. و سيتخاطفها الوحوش و سيقطعونك لذرات ان استطاعوا ! و لكن الختم سيتلاشى بموتك .. لأنه معتمد على حياتك ..
شعرت بشيء حارق كالنار يمشي على وجهي ببطء يأكلني .. قلت بصوت ضيعف متألم : أحرق جثتي إذن ..
_ لن أفعل كلآرآ ! , تماسكِ فقط الآن ..
صرخت به بحرقة : أتمسك بماذا ! , أنت كنت أملي الوحيد .. أيها اللعين النذل ! قلت بأن أثق بك ! حقير خائن جبان ! كل ما عليك فعله هو قتلي و أحراق جثتي ..! أتتخلى عني الآن ؟!!.. و تطلب مني أن أتماسك !!... ربآآآه سأموت حقا بسببك... أتمسك بماذا ؟! أتمسك بماذا ؟؟! و أنت تتخلى عني, وأنت أ.....!
ولكن ضرب شيئا ما فوق عيني ..
ظلام اطبق .. و جليد .. جليد أحاطي بجسمي ... ظهرت لي الهالة الزرقاء , و مشى بها خط أبيض يتكسر.... شيئا ما خدشه .. هذا الختم الأزرق خدش .. و ....

_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه آآآآآآآآآآآآآآه ه ه ه !!!
صرخت بألم رهيب و كأن سيفاً بارداً غرز بمنتصف صدري تماماً على قلبي , أمسكت بقلبي أتلوى يمينا و يساراً , ليخرجه أحد ... ليساعدني أحد ... آآآآه المزيد من الألم و سأموت...!
طوخ , شيئا ما يضرب بمكان ما ... ثم تلاشى السيف فجأة و اختفت الهالة الزرقاء .. هتف بصوت عالي
_ لقد كسر الختم ..! اهربي كلآرا...


طرفت بعيني كثيراً بالظلام ... وقد أخذت الألآم تتراجع بشكل مفاجئ .. مالذي يجري ...؟! , لكن أخذت ملامح المكان تظهر ببطء ... صخور ... برودة .. صخور سوداء كثيرة و جبال و شقوق كل شيء أسود حالك..! شهقت برعب , لقد عدت لهذا المكان المريع المظلم .. كيف حصل هذا !!


تلفتُ حولي بخوف , بدأت أشياء سوداء تتجمع حولي بسرعة و عيون حمراء متشققة تظهر .. كنت جالسة ساقطة على الأرض ,
حاولت النهوض لكن ذراعي و ساقي ترتجفان بعنف و ألم.... لم اقدر على النهوض من هذا الجليد الأسود الذي تحتي...
تأوهت و الوحوش تنهض متشكلة من طولها الرهيب فوق رأسي تنظر نحوي إلى أسفل أخذوا يحومون حولي و أنا جامدة بمكاني ...
مالذي يفعلونه , أنهم يدورون حولي فقط و كأنهم ينتظرون فرصة ما...؟!
إني هالكة ..!
ظهر شخص ما من بعيد ولوح بشيء لامع بيده أرى ظله فوق صخرة ما , التفتت الظلال كلها نحوه و ثبتت عن الحركة , و لكن شيء ما أمسك بي من الخلف من وسطي
و سحبني بقوة ارتفعت بها عن الارض من شدة السرعة ..
وقعت بين ذراعي أحدهم شهقت وأنا أنظر لملامح مظلمة : من ؟ !
_ لنهرب من هنا سريعاً , لن يجمدهم رآف طويلاً..
أنه صوت ليونارد , آووه كم أحببته الآن , تعلقت به بقوة و هو يركض بي بسرعة رهيبة بينما الاشياء السوداء بدأت تظهر من الارض طويلة جداً بعيون مشققة و أذرع طويلة جداً ,
تجاوزها ليون بسرعة و أذرعها أمامنا تخترقنا وكأنها شفافة ..
صرخت باختناق ونحن ندخل في فجوة بين صخور مدببة كبيرة ... أنزلني على الارض لأن الفجوات ضيقة وهو يمسك بيدي قائلاً بصوت خافت
_ سوف نخرج من الجانب الآخر .. لا تفلتي يدي..
لست أفكر أبداً في هذا ليون أخرجني أرجوك , ذلك اللعين الخائن تركني ورآءه , كنا منحيي الظهر وندخل من فجوة لأخر أعمق و أظلم ,
همست بقلق وأنا أشعر ببرودة الصخورة تلسعني
_ ليون.. لـ...
همس يهدئني : ستخرجين من هنا قريباً كلآرا , اهدئي..
لست أفهم ما حدث في وقت قريب عندما تحطم الختم , أو مالسبب .. لقد انقلب كل شيء فجأة في ظلام ..
خرج ليونارد ليستقيم وهو يسحبني معه ليضع ذراعه خلف ظهري وهو ينظر عالياً بعيونه الحمراء الداكنة ,
تراجع خطوة مفاجئة وهو يشدني معه قائلا : تبا , هذه الاشياء الطائرة...!

لم أفهم ما يقصد إلا عندما دوى صرآخ عالي يفتت الصخور !! و ظهرت طيور ضخمة سوداء بلا عيون و لكنها بفم كبير حاد كالسكين ..
هجمت علينا بسرعة رهيبة , طرحني ليونارد أرضاً معه وهي تشق الهواء من فوقنا , كانت عشرة أو أكثر ..
ارتفعت عالياً ثم هبطت مجدداً صارخة بصوت مزعج حاد جداً .
التمعت عيون ليونارد وهو يقول بغيض : لست متفرغاً لك أنت أيضاً...
صفق بيديه معاً ثم انحنى ليمسح على الارض الصلبة المتجمدة , تراجع بسرعة وهو يمسك بيدي قائلا :
_ هذا سيتكفل بكم .. لنجد أقرب بوابة لنا كلآرآ..
بينما نحن نفر هاربين التفتُ خلفي لأرى الأرض التي مسح علينا ليون تنشق متفتته ليظهر وحش ضخم مريع وكأنه دب وحشي لكنه أضعاف حجم الفيل بعشرات
يمسك بفأس كبير بين مخالبة , صرخ بقوة جلجلت الأرض ثم أخذ يضرب الوحوش الطائرة مقطعاً إياها كقماش أسود رديئ , ما تبقى منها فر هارباً ..!

انزلقنا الى الأسفل قليلا بينما ليونارد يقول بنفاذ صبر : أين اختفى دآنييل بحق الآله ! , عليه أن يكمل ما بدأ به , لا أصدق بأنه حطم الختم ..
كنت أسأل نفسي نفس السؤال !, رغم أنني كرهته بشدة الآن , لقد تخلى عني بالفعل .. لكنه لم يحطم الختم بل...
رأيت ظلا يقف أعلى الصخور هناك , ظل وحش طويل له ما بدى كعباءة سوداء متشققة تتطاير ورآءه و عيونه الزرقاء المشعة تحدق بنا و تراقبنا...
شهقت : هنالك شيء في الأعلى ..!

رفع ليونارد رأسه ينظر حيث أحدق , فعض شفتيه قائلاً : آوه , هذا .. أحد أتباع سيد الظلام , أنه يراقبنا فحسب .. و الأخبار ستصل السيد بالطبع , تباً .. لن يعجبه ما يحدث !.
تمسكت بيدي ليونارد بكلا يدي , رغم أن يديه باردة لكن ليست ببرودة الجليد التي أشعر بها الآن .. " هآي , يجب أن نرى بعضنا البعض .. تخلي عن يدي الحارس و سوف ترينني ..."
تلفت حولي في الظلمة , و قلبي بالكاد يرسل النبضات , هذا الصوت الشبية بفحيح الافاعي , أنه ..
الظل يحدثني ...!
" ... تخلي عن يديه .!! ألست تريدين تصفية بعض الامور معي... كلآرا ... يجب أن نرى بعضنا أليس كذلك ؟! وأنت تودين لو ترينني...
أني أسمع كل حرف نطقتيه منذ أن وضعت بك البوابة... أني أعرفك جيداً .. أتريدين قتلي... تخلي عن يديه الان !! "

التفت ليونارد فجأة نحوي و حدق بي وهو يقترب مني أكثر ليحيطني بذراعيه : أنت مزرقة جداً ! يا ألهي كيف ادفئك هنا ! لا يمكننا فتح بوابة بأنفسنا هنا و إلا لفعلت سريعا! , يجب أن نجد أقرب بوابة للخروج... لا تتركي يدي كلآرا ستختفين برمشة عين ! وحشي هناك سوف يحمي هذا المكان مؤقتاً...
كنت متجمدة حقا لكن ... ليس بسبب البرودة , بل بسبب صوته ... الظل ذو العيون المشققة الحمراء...!
أنه كالشيطان المرتبط بي... يجب ... يجب علي التخلص منه بنفسي...
ابتعدت عن ليونارد بسرعة و قلت و يدي بيده : يجب أن اواجهه بنفسي..!
توسعت عينيه وهو يقول بصدمة : لـ...لا كلارا....!
تركت يده بسرعة و ركضت بعيداً عنه ... ولكن لم اركض سوى خطوتين حتى غرقت بدوامة ما فتحت تحتي تماماً و التهمتني...
شهقت و أنا اقع رأسا على عقب و صراخ ليونارد يدوي برأسي...!
وقعت لكن بلا ألم وسط... أهذا كوخ ؟!

رمشت بعيني كثيرا وأنا أضم جسدي بقوة كبيرة .. حولي ما بدا كخشب أسود مصفوف و هناك نافذة الى الظلام و باب فقط ..
غرفة صغيرة ككوخ سيء لسفاح ما .. لا يزال كل شيء معتم قليلا.. و الهواء ثقيل و قلبي يؤلمني يطلب الرحمة...!
دعوت بقلبي كثيراً , ثم التفت لأرى الظل... لأراه أخيراً... ها هو قاتل أمي...!

كنت اعصر يدي بقوة معاً وقد تجمدتا لا اشعر بالدم فيهما ابداً .. وبينما أحدق بالشقين الأحمرين رافعة رأسي نحوه أنه طويل يصل للسقف.. آآخ ما هذا... هل بدأ يقاتلني...؟!
لا أعرف كيف ولكن بشكل غريب تكون الانبوب الفضي بين يدي المتشابكتين وقد آلمني ظهوره المفاجئ... كيف أصبح معي...؟! كان مع....
" هآي , أخيراً يا بوابتي نلتقي بشكل جيد...!"
عدتُ وحدقت به و أوصالي ترتجف , برداً رعباً... هو سريع جدا سيقتلني برمشة عين..! بالاضافة , ليس هنالك من يدعمني , من يساعدني...
لقد تم التخلي عني.. في أحلك الأوقات و أظلمها .. اعتقد بأني لن اسامحه , سأموت دون أن يعلم عني أي أنسان..!
_ يبدو عليك البؤس و الخوف... لكني انظري ما فعلته بذراعي الحقيقية...
رفع ذراعه السوداء وكانت متقطعة من الاسفل و يقطر منها سائل أسود مقزز .. تبا كيف أحمي نفسي...!
ظهر صوته مجدداً لا أعرف من أين , لأنه لا يمتلك سوى رأس و عينين حمراوين مخيفتين..
_ نحن متصلين بالفعل , وكنت أود قتلك و قتل عائلتك , لكن تغيرت خططي قليلا ... أريد أن ابقيك حية , بجانبي يا بوابتي , كي أدخل و اخرج كيفما اشاء بلا عيون سيد الظلام و حلفائه .. أنت فرصة نادرة .. إن البوابة تعيش معك و تموت معك و ربما اجد طريقة لأخراجها منك وقتلك بعدها بالطبع...

لم أجد صوتي بعد .. ظللت متجمدة أحدق به , مال الظل برأسه قليلا محدقا بي ,
ثم همس : آووو .. هل فقدت روحك القتالية , ربما لا يوجد أحد من ابناء دمك قربك هنا... أنتِ لا تحبين الحياة كلآرا أليس كذلك؟؟ , ها أنت مستسلمة أمامي... لكن أن وجد والدك بين مخالبي فسوف تقاتلينني بالطبع.
صدمت مما يقول , هل هذا حقيقي...؟! حسنا لا أحب الحياة أنها كريهه ! لكني أريد عائلتي الآن..

_ حسنا يا بوابتي العزيزة أبقي مكانك حتى افصلك عن هذا الجسد المتجمد الخاوي من الروح...
في ثانية قبل أن ينهي كلمته و ينحني باتجاهي , شعرت بشيء ما دافئ مس كتفيّ .. من الخلف شيء... ما خلفي....!

هجم الظل علي بسرعة رهيبة لولا أن جسدي تحرك من تلقاء نفسه بشكل صدمني , تحركت ذراعي و امسكت بالانبوب بقوة ثم ظهر السيف لامعاً بقوة يشق الظلام... تراجع الظل محدقا بي بشرر " هذا ممتع , أشعر بهالة غريبة معك , وقوة ما .. بالطبع تلك السلسلة معروفة تماما في عالمنا... أتظنينها تحميك ؟! , أنها فقط تجعلك تتنفسين هوائنا و ترين ظلامنا... ستموتين الان سأخرج روحك... "
شهقت وأنا أٌتكلم بغضب : لن تفعل... لقد .. قتلت أمي... سأقتلك أنا.. !
تحرك نحوي بسرعة و ظهرت له أذرع كثيرة طويل كالسكاكين تحاول ضربي من كل اتجاه و بصعوبة أنا أتصدى لها , لكنه فاجئني بضربة قوية على وجهي..
فطرت بقوة لاصطدم بجدار الكوخ و اسقط... سقط السيف بعيدا عني...

_ " ستموتين , أنت ميتة ! "
مددت يدي لأخذه , لكنه بعيد...و اسرع الظل نحوه... صرخت لا يمكن !, لكن شيء ما خلفي مد يده شاهدت هالة بيضاء و طار السيف من تلقاء نفسه ليصبح بين يدي و مرة أخرى أشعر بأن جسدي و ذراعي اللتان تمسكان بالسيف يتحركان بقوة غريبة لا أعرف من أين أتيتني...! شيء ما يدعمني من الخلف...! شيء ما يقاتل معي ...!

شعرت بالراحة بشكل غريب وثقة عمياء بدأت تحيطني , سأقتل هذا الظل الحقير...!



هاجمني مجدداً يضربني بقوة و سرعة , لكني اتصدى له , و بحركة غريبة خاطفة جدا قطعت أحد أذرعه لتطير بعيداً , صرخ بصوت أصم اذناي و جلجل المكان , فارتعبت منه ..
عينيه احمرتا بقوة وهو يحدق بي بحقد رهيب " أيتها البشرية الضعيفة تجرؤين ثانية لقطع ذراعي ..! ساقطع ذراعيك بالمقابل قبل قتلك..."

فجأة اختفى من أمامي فشهقت و أنا التفت خلفي بنفس الوقت ضربني بقوة في صدري فسقط السيف من يداي
وأنا اطير لارتطم بالجدار في الأعلى و أقع أرضاً شاعرة بتحطم أضلاعي... لم اقدر على النهوض..
لقد أمسك بي بأحدى اذرعه وهو يقرب وجهه البشع الاسود المشهوة بلا ملامح و عينيه المشقوقتين وهو يحدق بي بينما يضغط على عنقي يخنقي بقوة
و كأنه سيفصل رأسي عن جسدي... آآآآه اتركني أيها الوحش...!
" الان لاحظت ... أنتِ تملكين عينا ذلك البشري , عيناه يغيضانني و كأنهما يتحديانني .. و لديك روح ما هنا ...
هه مستحيل أن تقاتليني بهذه القوة المثيرة للشفقة وحدك .. انظري الان كيف سأقطع ذراعيك..."
ألقى بي بقوة على الجدار و كأن ظهري قسم نصفي لكني لم أقع شيء ما يقبض على يداي , فأصبحت معلقة وكأنني ضحية في مذبحة ..!
تألمت بشدة من كتفي و شعرت بأنهما سنفصلان حقاً .. آآآه فليساعدني أحد... دآنييل...!
طار نحوي و وجهه يقابلني , وهو يرفع أحد اذرعه التي تشبة السكاكين , لديه اذرع كثيرة لما هو غاضب على اثنين فقط قطعتهما ... آآآآآآآآه دآننييييييل لن اسامحك...! ,
رباه سأموت الآن حقاً .. اغمضت عيني بقوة شاعرة بسكين بارد حاد يسير على ذراعي ..!

" هذه لحظة الانتقام , أليس هو جميلاً ؟ "
رفع ذراعه عاليا فوقه ثم هبط بها على رأسي , صرخت بقوة , لكن ... لم أشعر بشيء , سمعت صوت ضربة !
فتحت عيناي بسرعة و حدقت بالظل الشرير وقد طار بعيداً حتى اصطدم بالجدار ثم سقط ارضا متكوراً !
مالذي حدث ؟!. فكت يداي من التصاقهما بالأعلى و سقطت على ركبتي... جاهدت للتنفس و أنا اشعر بالدم يجري مجدداً في عروقي , لم يجرحني ..
لكنه نهض مجدداً وطار إلي , فركضت بسرعة الى الجانب الاخر , أين السيف؟؟... أين السيف تباً !!... هذا الكوخ يبدو بلا نهاية رغم ظلامه و صغره ..
قفزت متدحرجة بعيداً عندما كاد يمسك بقدمي ... لكنه لحق بي و رأيت ذراعه السوداء أمام عيناي فأغمضتهما بسرعة و حف شيء ما وجهي كالنار , صرخت متألمة و أنا أقع ... عيناااااي ... عيناي تحترقان...!
" أتصرخين من مجرد لمسة , ما رأيك بهذا إذن...! "
شعرت بشيء ما يضربني بوسطي , آآخ ظننتها طعنة ! , لكن عيناي لا أقدر على فتحهما ...أنهما تؤلمانني بشدة !.

تنفست بصعوبة و أنا ساقطة أضم جسدي كله بذراعيّ , الوضع يسؤ ... شعرت به قريبا من , البرودة و رائحة العفن والموت يطوف حولي , هو لا يستطيع قتلي سريعاً , شيء ما يصده ..!
حككت عيناي بقوة لعلي أرى شيئا لكنهما اطبقتا معاً و كأن صمغاً جمد فوقهما , نهضت ارتجف بعنف سوف اقع .. سوف آه...

شعرت بشيء ساخن قليلا بالنسبة للبرودة يقع بين يداي , أنه السيف , أمسكت به بقوة و أنا أرهف سمعي .. لكن صوته أتى من لا مكان معروف ..
" كيف ستقاتلينني وأنت لا ترين , ولا أي شيء يمكنه مساعدتك .. أني ظل لن تشعري بي حتى... "
تحركت يداي فجأة و صدت ضربة ما قوية دوى صداها في الظلمة , لا اقدر على التحكم بجسدي جيداً , أني ارتجف و أتألم و اشعر بالضعف و البطء و يكادان ساقاي يتهاويان بي...
لكن شيء آخر يمسك بالسيف معي , و يدعم ظهري من الخلف ..!
لست أدري ما هو , أهي السلسلة ؟!.

تحركت مجدداً بسرعة لأبتعد , ثم ضربته , أنه قريب , ضربته مجدداً فصرخ لكن السيف عالق .!!!
تأوهت وأنا أحاول جره , لكن جائتني ضربة حارقة على يدي لسعتني بقوة لكن لن أفلت السيف ..لا ...
غرزت السيف أعمق ثم ركلت بقدمي أمامي بقوة فشعرت بها تخترق سائل ما بارد جداً !

" ستموتيــن !! " صرخ الظل بحده و كأنه تألم ! , سحبت السيف بقوة و ثبتت قدماي على الأرض ثم بقوة و حرارة شعرت
بها تسري فوق يدآي ضربته مجدداً في الأعلى , فصرخ بقوة هزت الأرض التي تحتي , صرخت برعب و أنا أتهاوى إلى أسفل....
لكني أمسك بحافة ما عند آخر لحظة... ولا شيء قربي اتحسسه , بدا و كأني سأقع في فراغ أسود...

صرخت مجدداً بألم وأنا أحاول التماسك بأي شيء لكني انزلق... رباه سأسقط..
" هذه نهايتك... سأقتلك... "
ضرب شيء ما حاد أصابعي المتمسكة بالحافة الزلقة , فصرخت متألمة , سيقطع أصابعي.. النجداة... فتحت عيناي فجأة و أنا أرى نفسي على حافة الموت حقاً .. كانت دوامة مميتة تدور أسفلي و كأنها تجذبني وكل شيء مائل نحوها ..!

وهو يقف فوقي عالياً بعين واحدة !!! حمراء , و عينه الأخرى تصب سائلا أسوداً , قد شقها السيف واقتلعها من مكانها. و اذرعه اليسرى كلها مقطعه بينما بقي ذراعان له في جهته اليمنى !!.. لا اشعر بنفسي أتنفس , لكن شعرت بالسعادة لهذا ..
صرخ بحده عالياً ثم هوى بذراعه على يدآي , لكنه لم يصل إلي , خرجت عيناي من مجريحهما و أنا أرى ظلا آخر يخنقه من الخلف ويعصره وهو يجره بعيدا عني...

هذا الظل الذي أعرفه , أنه لم يمت من تلك المرة...!

انزلقت مجدداً ربآآآه ... ومع صراخي المفاجئ دفعت من الخلف عالياً وكأن رياحاً شديدة اقلعت بي , سقطت على الارض و تماسكت ,
ثم رأت السيف يلع في الظلمة فهرعت نحوه بكل ما استطيع , رأيت يدآي على ضوءه الخافت , مدميتان و بهما شق عميق في راحتي , لا أدري لما عقلي لا يوصل ألم هذا...؟!
لكن يجب أن أقضي عليه بسرعة قبل أن يستوعب جسدي و عقلي ما يحدث فيؤلمانني أكثر فوق هذا...!

قيده الظل بقوة في الزاوية وهو يلتف حوله كالحبال السوداء , وصاحب العين الحمراء يصرخ و يحاول تقطيعه... اقتربت منهما و أنا أتمنى أن تكون هذه الضربة الضربة القاضية ...!!
رأتني عينه فصرخ بي بصوته المخيف " اضربيني يا كلآرا و سيموت هو معي...! سيموت... "
تجمدت فجأة أحدق بهما , لكن جائني صوت هسهسة أعرفها ...
" هذه فرصتك كلارا اقتليه !!... اقتليه ما دمت ممسكا به حتى الان ... اضربيه على رأسه بقوة... مالذي تنتظرينه...؟! "
سأل قلبي مصدوماً لأجل هذا الكائن الذي يقاتل معي " أستموت...؟! "
" لن تقتليني ... بل ستقتلينه هو... الآن افعلي...!! سيكون كل شيء بخير , كلآرا... ستكونين بخير.. تشجعي قليلا بعد.. "

لا اعرف كيف ترجم عقلي كلامه , لكني عدت للتماسك بقوة و ركضت اقترب منهما , طعن الوحش الظل بقوة ثم ضربه بعيداً عنه , ثم هجم علي أيضاً ,
رفعت السيف بسرعة لا اعرفها وهو يسقطني أرضا ضربته بقوة في رأسه !!!
ولكنه طعنني في بطني بنفس الثانية , صرخت و صرخ هو بقوة و انفجر بوجهي شيء ما أسود , أخذت أتلوى على نفسي متألمة ,
و الدماء تسيل مني بلا شيء, لست أرى السائل الأحمر الساخن , لكنه مؤلم...!

حركت نفسي و نفضت ما كان على وجهي , فتحت عيناي مجدداً و أنا أرى حولي بركة من الرماد المتكوم الباهت ونصفه يتطاير بالهواء ,
كنت غارقة وسطه فزحفت بألم وقبضتي مشتدة متصلبة على السيف ودمائي متجمدة عليه....

... هل مات ؟!... هل قتلته ؟!! ما هذا الصمت الرهيب المفاجئ , صمت ثقيل هبط بقوة هنا...
أين اختفت كل الصرخات و الضربات و التأوهات والوعيد بالموت...!!

هل انتقمت حقاً..! , لدماء أمي ...؟! هل خلصت نفسي من هذه الفوضى , والظلمة و البرودة و الألم...
هل سيكون والدي و جيني بأمان ..؟؟!

زحفت قليلا بعد عن رماد ذلك الوحش , لأجد في الزاوية عن ملتقى جدارين أسودين عاليين , كومة رماد آخرى... رماد يلمع وكأنه رذاذ من فضة...!!
زحفت نحوه مختنقة بألم , هل هو... ذلك الظل...؟! أرجوك... لا تكن ميتاً...!
أهو أنت.... لمست رماده يدي المدمية , ناعم , دافئ قليلا... ظل السيف بجانب رأسي وعيني يؤلمانني بحرقة , و ألم لم ينتهي بعد... ألم بقلبي...
أرجوكم , ليجد أحد ما جثتي هنا... بمكان وسط الا مكان و يخرجني... و يدفنني...

ربما مت... لكن الحمد لله , قطعة واحدة على الأقل ...!





الجزء 16 [[ أمر مفقود ! ]]




كلآرا ...! كلآرا..... كلآرا..... هناك أصوات كثيرة تناديني.. حتى أنا لا أدري أين أكون...؟!

أني تائهة , فليجدني أحد ما و ليعيدني لنفسي..و كأنني أطل من أعلى , أرى والدي و جيني بحجره وهو يداعبها , ما هذا المكان ؟!. آآه منزلنا القديم ..!!
دخل أحدهم الغرفة !!... آآآآه أنها أمي !! .. أميييي... أنها تبدو سعيدة ضاحكة , جلست معهم على الأريكة و هم يضحكون , شعرت بالسعادة , أجل .. كل شيء بخير .. سأطفو إلى الأعلى فقط .. جيني ستكبر بين الحنان و الحب والسعادة..
ولكنها لن تذكر أختها الكبيرة ..
آووه فجأة تألمت , أريد اللحاق بجدي برآين فقط... سأطير إلى هناك..
" كـــلآرا...!! "
آوووف ما هذا الأزعاج...؟! , " كـــلآرا ابنتي !! "
تجمدت عن الطفو... هذا صوت أبي !!!... أبي... شهقت أحاول مناداته... أنه قريب... أبي أمسك بي ... أرجوك...!!
ضغط شيء ما على يديّ , و شعرت بأني أقع رأسا على عقب من مكان سحيق , صرخت ... آآآآآآآه !!

شعرت بأجزاء جسدي المتحطم , و الأرض الباردة تحتي والهواء الصقيعي يحيطني .. أشعر بأحدهم قربي , مالذي جرى و كأنني عدت من مكان بعيد...
_ كلآرا صغيرتي... كلآرا... ردي علي..
فتحت عيني بوسعهما !! , يا ألهي !!! والدي هنا... و أنا أشعر بهذا المكان... والدي كيف جاء... كيف...؟؟؟!!!!
تأوهت و أنا أشعر بذراعيه حولي و اسمعه همسه فوق رأسي .. : " يا ألهي !! , حمدا لله .. حبيبتي أنت بخير...! "
تألمت ولا أقدر على تحريك أي شيء في ما عدا عيناي... قلت بألم : أبي... أبـــي أنت هنا...!
_ أنا هنا صغيرتي ! , أنت بأمان .. أنك معي...!
ولكن... و لكن هذا ... نحن لا نزال بعالم الظلام هذا ...؟! و كيف جاء أبي إلى هنا بحق ال....؟! هذا خطر مميت عليه !!!
شهقت الهواء بالكاد و أنا انتفض لأتحرك , لكني لم اقدر سوى على تحريك ذراعي لأمسك بوجهه و أنظر بعيناه الزرقاوين الداكنة و بالظمة بالكاد أرى ملامحه و اشم رائحته , أنه أبي بالفعل...؟!! تبا...أهذه خدعة ما !!
_ ككـ.. كيف أتيت...؟! أبي أن ال....
قاطعني بهدوء وهو يحرك يده ليلمس وجهي برقة : آآششش , سنخرج بشكل ما.. اهدئي صغيرتي.. سأحملك..!
و رأيته !! لا أصدق... رأيته ... أنه الجرس الضائع !! أنه الجرس الصغير الذي اضعته منذ زمن طويل... مربوط بخيط ما برسغ أبي , يرن بخفوت و يهتز ..!!
قلت و والدي يهم بحملي : لالالا... مهلا... لا يمكننا التحرك لأي مكان.. أعني.. هذا المكان المظلم...
رد علي بهمس غير مصدق : مهما يكن , لقد شعرت بأني سأفقدك لقد شعرت بالرعب ! , لقد اخذوا ابنتي لا أدري أين !! لكني وجدتك... حمدا لله , صغيرتي أنا سأحميك...!
كيف أتى إلى هنا !!! لا أصدق... لا أصدق هل ما زلت أحلم ؟؟؟؟؟!!!
حملني على ظهره , وأنا اتشبث به بقوة , و اشعر بالدفء البسيط ولكن أخيراً .. اسمع خطواته تتكسر فوق رماد الأرض الكثير جداً .. كان يسير نحو ما بدا كشق ما , الخارج يبدو أكثر اضاءة بقليل من هنا...!
كنت أريد تحذيره أو ما شابة فهذا أمر لا يصدق , لكنه سبقني قائلا بهمس لاهث :
_ اعرف بأن هناك ممر ما مشع قريب قادني إليك .. سأجده الآن.. لا تخافي اتفقنا..
حاولت شهق الهواء , و عقلي يعمل ببطء , لا شك بأن الجرس به قوة ما أجهلها جعلت والدي يجدني و....!
ما أن خرجنا قليلا , حتى سمعت أصواتا و ارتجت الأرض من حولنا... تماسك أبي وهو يمسكني بقوة . ثم ظهرت أمامنا أسراب كثيرة من فوق الأفق من بعيد , ظلال وكأنها تنسكب على الأرض مسرعة نحونا... حشود و حشود من الأسود المخيف ..!
شهقت برعب : أبي انتبه..!!
التفت أبي خلفه و اخذ يركض بصعوبة من فوق الصخور السوداء المعرقلة الحادة , خشيت بشدة عليه , ولكن ما الأمل نحن لن نقدر على الفرار بسرعة من وجه تلك الوحوش.... لقد قضي علينا...
كاد والدي أن يقع لكنه تمالك نفسه , فصرخت بصوت مبحوح : أبي !! اتركني , سأركض معك...!!
_ لا... لا... اهدئي فقط...!
نظرت للخلف , و شهقت , هاهم !!! أنهم ورائنا تماماً ظلال متوحشة بأسنان بارزة فقط و بلا عيون و مخالبها بطول الباب ستقطعنا ألآف القطع بضربة واحدة... ولكنها كثيرة جداً .. جدا كالسيل الأسود ... آآه سنموت لا أمل...!!
فكرت بثانية , أين هو السيـــف ؟؟!!!! لقد اضعته ... مجدداً...!!!
عندما عدت للنظر إلى الأمام لا أدري مالعمل ؟! , رأيت شيئا لا يصدق , هناك ظلال أخرى !! تصطف أمامنا بانتظام و كأنها بانتظارنا أو... لكن... هذه الظلال الطويل بلا ملامح تبدو منتظمة و على اكتافها خط أزرق يضيء قليلا و أمامها يقف ظل وحيد بعيون زرقاء وامضة كبيرة و ما يشبه العباءة ترف ورائه ..!
ما هذا ال.........

صرخت أنا و والدي معا و حفرة غريبة تفتح من أسفلنا لنقع منها و تغلق فوقنا , عبرنا حفرة أخرى ثم آآآخ !!
فتحت عيني ووجدت أبي بقربي ساقطين على الأرض خلف صفوف الوحوش المنظمة هذه و كأنه جيش ما.. احتظنني والدي بقوة وهو ينهض و أنا اقف معه بينما هو مشدوه جداً... و أنا تبعته بسرعة غير مصدقة ..

كانت هناك حقا معركة تدور بالأسفل , بين الوحوش المخيفة تلك وهذه الظلال ذات الخطوط الزرقاء , كان الظل ذو العيون الزرقاء الواسعة المضيئة يقف أمامنا تماما و يمد ذراعه الطويلة جدا أمامنا وكأنه يحمينا من السقوط لأسفل حيث القتال...
تراجع أبي خطوتين وهو يحميني... لكن آه وودت أن أرى مالذي يجري...؟!
_ ها أنتما هنا...!
التفتنا بسرعة و أنا أشهق مجددا أمام عيون رمادية باردة مضيئة , في البداية هتف قلبي "دانييل"... لكنه لا... كان هذا...!!
حرك سيد الظلام رأسه ببرود و كان هناك ظلين ذو عبائات زرقاء قاتمة وعيون زرقاء يحدقان بنا , ولكن خرج من خلفهما , "ليونارد" و "رافييل" .. هرعا إلينا و قال ليون وهو يحيطني بذراعيه على وشك حملي :
_ سأمسك بـ كلآرا سيد مونـد , اهدئ أنتم بأمان الآن...
بينما رافييل يدعم أبي ممسكا بذراعه , تحدث والدي بصوت مضطرب قلقا وهو ينظر نحوي :
_ أنا لن أسأل ما هذا المكان ! , لكننا يجب أن نخرج منه , اعتقد بأن كلآرا اصيبت بخطب سيء..!!
رفع سيد الظلام يده البيضاء المعاكس تماما لملابسه و رداءه الأسود قائلا بنبرة باردة آسفة غريبة :
_ كما تشاء تماماً , ها هي البوابة سأفتحها في منزلكم , أتريد بقاء الفتية لديك يا سيدي ؟!
قال والدي وهو يتنفس بصعوبة و يمسك بيدي بقوة : أ.. أجل .. تركت طفلتي مع الفتيات..
فتحت البوابة شق صغير مضيء جدا و والدي يجعلني أدخل أولا مع ليونارد وهو تبعني بسرعة مع رافييل ..
اختفى الضوء القوي و كل شيء تحول بسرعة مخيفة...
فها نحن بردهة منزلنا.. نظرت حولي برعب وأنا لا أكاد أحمل نفسي , كان ليون خلفي يمسك بي بقوة , التفت لأكلم أبي .. لكن رأيته شاحب جدا , نظر نحوي لثانية و همس لي بتعب :
_ أنت بأمان صغيرتـ...
ثم سقط مغشيا عليه !!!!
صرخت بقوة لا أصدق مالذي جرى لأبي ؟!!! القيت بنفسي عليه و رافييل يحاول معرفة مالذي جرى , وضعت رأسي على صدره أبكيه و أناديه... لكن تنفست براحة قليلة لأنني شعرت بصدره يعلو و يهبط... ثم فجأة اصبت بالعمى و قلب كل شيء أسود..
هتفت برعب و أنا اتشبث بجسد أبي : ليووووووووون لقد عدنا لعالم الظلام ... ليوووووون ساعدناااا.. لقـ...

شعرت بذراعين ورائي و ليونارد يهتف في اذني : لا لا لم تعودي كلارا !!! أنها فقط صدمة لعينيك هذا الضوء... اهدئي فقط و اغمضي عينيك ستكونين بخير ! ستكونون بخير... اهدئي... راف اطفأ كل الأضواء...!!
اخذت اتنفس الهواء ! , أحقا ما يقول ...؟! تحسست الأرض من وراء أبي .. شيء ناعم... آآآه سجاد... أننا لا نزال بالمنزل... شعرت بأنني غبت عنه دهراً...!!
كانت ذراع ليونارد فوق ظهري يمسح علي مهدئا , لكني بكيت قائلة بصوت لا اعرفه : ومالذي حدث لأبي...!
سمعت همس رافييل يجيبني من مكان قربي ربما جالس أمامي : أنه فقط تأثير عالم الظلام عليه , مثلما حدث معك أول مرة.. سيفيق قريبا أنه يرتاح فقط.. لكن جربي الآن افتحي عينيك..
أغمضت عيني بقوة ثم فتحتهما ... ظلام !! تبا الظلام مجددا..., شهقت مجددا وجسدي يرتجف : لا... لا أرى شيئا...!!
هدئي ليون وهو يمسك بكتفي : ربما يجب أن تنامي قليلا.. أنت بأمان كلآرا يا عزيزتي اهدئي... لقد انتهى كل شيء...
سمعت رافييل يتحرك وهو يقول بهدوء : أجل , هيا سنذهب جميعا لغرفة والدك جيني هناك مع الفتيات..
حاولت الوقوف وساقي ترتجفان بعنف , فأمسك بي ليونارد , ولم أعد اهتم بالتساؤل عن ذلك الشخص !!
همس رافييل : سأحمل السيد موند..
حاولت السير و يداي أمام وجهي ,لكني ليون جذبني و حملني بين ذراعيه ثم صعد الدرج خلف خطوات رافييل , فتح الباب و دخلنا لأسمع صوت الفتيات يشهقن , وشعرت بـ تيرآ تقترب مني بسرعة وهي تتحسس وجهي و عيناي بيديها الناعمة الباردة ..
_ يا ألهي , مالذي جرى لـ كلآرا...؟!
_ عينيها اصيبتا بصدمة من الضوء لقد بقيت وقتا طويلا في العالم المظلم , لكن سترى قريبا , كلارا قوية وكذلك السيد موند... يجب ان يرتاحا قليلا فقط..
قلت بنفسي ببرود يجب أن أنام لعدة سنوات على الأقل حتى ارتاح حقا...!!
أجلسني ليون على الأريكة وقلت بسرعة : أين جيــني ؟!
اجابتني داليا بهدوء : أنها نائمة الأن في سريرها هنا.. ارتاحي فقط كلآرا..
سألت مجددا و ليون يجعلني اضطجع رغما عني : كـ..كم مضى من الوقت...؟؟
أجابني هو هامسا واضعا يده برقة على عيني : أربعة وعشرين ساعة و الآن أتت ليلة آخرى.. نامي ريثما نعالجك...!
شعرت برغبة في الصراخ بقوة و البكاء في أرض خلا ! , أنني لم أتمم ما أردته , و والدي جاء للبحث عني و الرعب يتملكه .. كيف لا أعرف , و مالذي جلعني على قيد الحياة لا أعرف ..!

لا ارغب بالعودة لهذا الواقع , لكني لا استطيع ترك والدي ولا جيني , ولا هو والدي يريد العيش من دوننا... حسنا , لكن انتهى كل شيء .. كما اسمعهم يهمسون... اراحتني يد ليونارد الباردة على جبيني ... أنه هو الصديق الحقيقي..
مرت فترة هادئة ثم بدأت اسمع همسات .. أنها همساتهم..
_ اصابات كلآرا ليست بالبسيطة هذه المرة , تبا لقد تحطمت كل اضلاعها ما عدا اثنين !
همس ليونارد قريب مني , و جاء صوت رافييل من عند ساقي : لكن قلادة دآنييل حمتها بشكل رهيب..
_ أنها ليست القلادة .. أنها لا تحمي ..!
_ ماذا ؟!. كيف بقيت على قيد الحياة إذن ؟!
_ لا أدري... الوضع سيء جداً , سيد الظلام غاضبا جدا ولقد انهى المعركة قبل قليل..!
_ آه سيقتلنا لأننا اطعنا ذلك المجنون...! أين هو على أية حال..؟!
_ دآنييل لم يقدر على دخول عالم الظلام ذلك الوقت راف...
_ أهذا حقيقي !! لماذا ؟!" سأل رافييل بصدمة شديدة وصلتني ...شعرت بضربات قلبي تفور بدماء حارة و امعائي تتقلص , سمعت اجابة ليون الباردة :
_ لا أدري أسأل سيد الظلام !...
_ .. لكن مالذي فعله ..؟!
_ لست واثقا وهذا سر لا ينبغي لأحد معرفته , كما أن سيد الظلام بدأ خطط جديدة مع جيوشه هناك...
_ أكل هذا بسبب مشكلة كلآرا...؟!
_ المشكلة بالبوابات و كلآرا و دآنييل فعلا أمرا فضيعاً , أنت رأيت كيف جنت وحوش الظلام اللاعاقلة هناك..
همهم رافييل بشيء ما ذكر اسم دآنييل , ثم همس بهدوء : سيد الظلام سيجد حلا بالطبع , ولكن أين اختفى ذلك الوريث؟!
تنهد ليون هامسا : لا أحد يعرف مالذي حدث تماماً , ربما كلآرا رأت شيئا ما..
ماذا ؟؟؟!! , أنا لم أرى أي شيء... بالكاد كنت أرى هناك..؟! لا أفهم ما يقصدون...؟!و أين ذهب دآنييل ؟!
هزأ رافييل ببرود : المصيبة التي تبينت والتي سندفع ثمنها جميعا هو خداع دآنييل لنا بقوله أن سيد الظلام يعرف مالذي نحن على وشك فعله ! , سيقتلنا حتما أو سيسجننا في شقوق الظلام إلى الأبد..!
همس ليون وهو يزفر : آآه سحقا معك حق.. لقد خيبنا أمل السيد.. يا ألهي أتمنى أن تهدئه السيدة دراكنس قبل أن يقتلنا..!
حاولت العودة للتنفس طبيعيا , فقد كنت كاتمة أنفاسي دون أن اشعر , دآنييل مالذي فعله ؟!... أني لا استطيع الفهم الآن أي شيء , عقلي يثقل و التعب يطبق علي..

بعد مضى فترة هادئة ناعمة ودافئة من الظلام المحبب اللطيف ..
أول شيء سمعته هو صوت زقزقة العصافير.. ثم احسست بيد ناعمة للغاية تداعب وجنتي و صوت رقيق يهمهم عند أذني
_ كلالا ؟؟... دادادا... كلالا...؟ تاتااااا ><!
صرخت باذني عند الكلمة الأخيرة ففتحت عيني بقوة و أنا أشهق قائلة : أين أنــــــــــا ؟!!



آآخ طرفت بعيني متألمة . ضوء...>< آخ .. حككتهما و استنشقت الهواء المنعش , وليس هواءا ثقيل بارد يؤلم الصدر...
_ ها قد استيقظت اختك الكبرى جيني , لا داعي للصراخ فهي مرهقة كفاية..
مسحت عيني مجددا وأنا اسمع داليا تتحدث بنعومة , و وقع بصري أخيرا إلى الاريكة التي نمت عليها و الغطاء ثم الى الطفلة التي في حجر داليا الجالسة قربي , ابتسمت لي و صرخت جيني بصوت عال : تاااااا تااااااااا
وهي تصفق بيديها بمرح ثم تمدهما إلي ! , جلست على الاريكة مرة أخرى و اخذتها بهدوء من بين ذراعي داليا ثم ضممتها إلي اقبلها و اشعر بدفئها و رائحتها , آآآآوه المهم هو أن طفلتي الصغيرة بخير.. و والدي...
نظرت نحو السرير و توسعت عيني , والدي لا يزال نائما , دخل من الباب رافييل و تيرآ و ليونارد من خلفهم , قال رافييل بهدوء ناظرا نحوي : هاي أنت بخير كلآرا..
رددت بهدوء مستغربة أنه هو أول من سألني : أ..أجل >.> .. لكن أبي...؟!
_ والدك بخير , نحن نراقبه كلآرا , تلك المرة لقد نمت يومين كاملين.. مواجهة الظلام ليست شيئا سهلا..
ابتسم لي ليونارد بشكل شاحب , ثم تقدمت تيرآ لتمسك برسغ والدي تتفحصه , قال ليون هامسا لـ رافييل :
_ لقد ابعدت بعض المتطفلين عن المنزل , فنحن لسنا في وضع يسمح للزيارات !
وقالت تيرآ وهي تحدق بوالدي : همم السيد موند نائم تماما... أنه ليس مغشيا عليه و...
قاطعتها بهدوء و أنا أحرك قدمي و أقف باتزان : آآه , لا بأس أنا سأوقضه..
تحركت لأجلس بهدوء على طرف السرير و اراقب ملامح أبي , آه يبدو بخير جداً , ليس مثلي عندما انقلب شعري أبيضا و وجهي أقرب للرمادي و عيني محمرتان كالوحوش..!!
مسحت على وجنته هامسة عند أذنه : أبي... أبي.. أفق .. أبي حبيبي..
لكنه لم يحرك رمشا , وضع تيرآ يدها على كتفي قائلة برقة : لنحاول لاحقا , نحن لا نعلم ربما يحتاج لمزيد من النوم , تعالي لتأكلي شيئا , فـ جيني منذ أن رأتك ترفض أكل أي شيء قبل أن تفيقي...
وقفت و نزلت للمطبخ مع تيرآ و ليونارد الذي يسير ورائي خوفا من أن أقع فجأة على وجهي , و جيني بين ذراعي تيرآ تثرثر عليها " تاتا همممم !! "
كنت و كأنني أرى المنزل أول مرة , كل شيء يبدو هادئا طبيعيا براقا ربما زيادة عن اللزوم , أو أن عيني بدأتا تكرهان الضوء ؟!
جلسنا على المقاعد و أجلست جيني على الطاولة أمامي و قدميها الصغيرتين الناعمتين على ركبتي , بينما جلس ليونارد بجاني و تيرآ تعد القهوة وتخرج المربى من الثلاجة , داعبت جيني قليلا ثم نظرت نحو ليون , كانت عينيه زرقاوين غائمتين بلون محمر خافت !.
همست له بهدوء : آ... هل هنالك شيء ما خاطئ بي...؟!
طرف بعينيه ثم همس وهو يهز رأسه : لا .. خرجت من المعركة ببضعة كسور فقط ولكن لا أجزاء ظلاميه.. أنك صافية تماما كلآرا و دافئة..
حسنا , يعني بأني بشرية تماما , لكن هذا ذكرني بحديث الأمس السري.. ربما شعرا بي مستيقظة , لكن لا مشكلة لديهما على ما اعتقد...
شعرت بقليل من التوتر و القلق... ربما تسببت بالمشاكل هناك..

قلت بهمس هادئ و عيوننا متشابكة : إذن.. دآ.. دآنييل نجح في خطته , اعني , التنقية و.. كل شيء ؟!
أنا غير واثقة أبدا... و جسدي يرتجف عندما نطقت اسمه.. رفع ليونارد رأسه قليلا وعينيه تضيقان قليلا فقط , وكذلك احسست بنظرات تيرآ وهي تجهز الشطائر , أجابني بهمس :
_ حسنا , أجل .. لقد قتل الوحش الذي بداخلك و تحطم الختم لا نعلم كيف و كذلك دمرت البوابة.
ثم صمت تماما , لا يريد نقاش الموضوع الآن , لكني بحاجة لمعرفة مالذي حدث , هناك أمور مريبة حدثت فجأة..
قلت بهدوء و أنا احكم أمساكي بـ جيني : آممم .. ولكن.. أ.. أين اختفى دآنييل , عندما وجدت نفسي واقعة بعالم الظلام.. لا أعرف كيف...؟!
تنهد بوضوح : آآه أتريدين الحديث عنه الآن ! , تناولي شيئا أولا ..و أخبرك بأنني أنا أيضا أجهل الكثير مما حدث..
زفرت بعبوس و اقفلت الموضوع مؤقتا فقط , كان قلبي يخفق , مالذي جرى لـ دآنييل !! , ربما اضطر لتركي , لكن... لكني كدت أموت... و يئست كثيراً و حتى الشجاعة والثقة تخليتا عني , لقد أصبت بالرعب حتى الموت... كنت أريد بشكل مميت أي أحد قربي , لكن ...لا ... دائما يظهرون بعدما أتعذب و اتقطع و أوشك على الرحيل إلى الأبد..

شعرت بأنني أكرههم , أحقد عليهم بشدة لا أريدهم , لكن ليس ليونارد و تيرآ وداليا و رافييل.. لكني تعبت و أريد أن يكون الأمس آخر عهدي بذلك المكان البائس المظلم...!
بعد الإفطار رأيت الساعة تشير نحو التاسعة , داعبت جيني كثيرا بغرفة والدي , يا لها من كائن حي ظريف جميل مليء بالدفئ و الحب و الرقة , ويست تلك الكائنات المظلمة الشنيعة التي مللت منها !!!

تركتها تلعب و جلست قرب والدي أراقبه , كانت معي في الغرفة داليا و تيرآ , لكن خرجتا لتتحدثا بالممر .. انتبهت لنفسي أخيراً , يجب ان استحم من كل شيء.. و ألقى بكل هذه الملابس بعيدا... خرجت للفتيات و قلت بهدوء
_ أنا سأستحم في الأسفل...
تبسمت لي تيرآ وقالت داليا بمرح : حسنا , دوري لأداعب جيني .. أني لا أمل منها الملاك الصغير الجميل..
نزلت بهدوء و رأيت الشابين واقفين أمام ممر باب غرفتي يتهامسان , بما يتحدثان , بالطبع صمتا عندما رأياني..
قلت ببرود وأنا اتسأل عما يتكلمان , وربما لا احتاج للتساؤل حتى : هلا سمحتما..
ذهبا بصمت نحو ممر المطبخ المقابل للردهة , دخلت غرفتي , و اغلقت الباب , كل شيء بمكانه , سريري مرتب و الستائر مسدولة , اقتربت ببطء من وسادة السرير و رفعتها .. لأجد الورقة التي كتبها , قطعة ورق صغيرة , امسكت بها و قطعتها قطعا صغيرة ولم أفتحها , هي بمثابة وصية غريبة الطابع .. لكن هذا لم يعد يهم... حتى لو مت لاحقا بأي سبب...
اخرجت لي جينزا و قميصا , ثم أخذت حماما دافئا منعشا , لم أغلق الدوش حتى انتهت كل المياه الدافئة !!
ما أروع الدفء.. و الضوء و الحياة..!
خرجت بهدوء إلى الردهة و وجدتهما صامتين رافييل يقف مراقبا من عند النافذة وليون جامد بهدوء قرب المدفئة , نظر نحوي بصمت , خطوت في الردهة فتأوه هو... يعرف ماذا أريد , أحب ليونارد أنه يفهمني, بالرغم من ضجره مني...!!
قلت بهدوء و رافييل يعي بأني خلفه لكنه لم يلتفت نحوي : أود معرفة كيف دخل أبي إلى هناك !
اجابي ليون ببطء : لا نعرف حقا , كان ذلك الجرس مربوط برسغه فقط , ربما له علاقة ما..
سألت بقلق خفي : هل والدي حقا بخير ؟! , أعني أنا اذكر بأنني أصبت بتلك المرة عندما اغشي علي , لكن.. أبي لم يصب بشيء صحيح ؟!.
قال ليون مجددا بهدوء : لقد تفحصناه جيدا, أنه لم يصب بشيء كلآرا..

ابتعلت لعابي و قلت : حسنا.. هل.. هل .. السيد..آ .. السيد آه.. داركنس غاضب منا...؟! أعني أتسببنا بشيء ما ؟!
التفت رافييل فجأة قائلا بحده خافتة : تسببنا ؟! , أنه هو من تسبب.. لا شك بأنه أول من يحاسب ! , ألم تدركي بأن الختم لن ينكسر أبدا بسهولة , و دانييل استخدم سلاحه الخاص وهذا ممنوع قطعا ضد البشر , و المصيبة ضد ختم السيد أيضا ><! دآنييل هذا لقد خدعنا جميعا !!!
ترددت و توترت كثيرا ,أنا السبب أيضا بشكل ما .. أصراري على الثأر وهذه المشاكل..
قلت بقلق : ها أنا بخير و...

قاطعني ليونارد بصوت خامل هادئ لكن واضح النبرة : هذا ليس شيئا لنتكلم عنه أبداً .. أنت قد تبدين قطعة واحدة لكن شاهدت أشياء لم يفترض بك رؤيتها و تسببت لك بإضرار حتى لو أصلحناها , نحن من المفترض أن نحميكم لا أن ندفع بكم للخطر.. السيد موند غافل الفتاتين بشكل ما , وظهر بشكل مفاجئ في عالم الظلام لأجل أن يجدك بينما نحن عجزنا عن ايجادك و انقاذك..
!
أكمل رافييل بعبوس يخيف : باختصار لقد فشنا فشلا رهيباً ذريعاً في المهمة التي أوكلها إلينا , لقد جمعنا باعتبارنا النخبة الأقوى , لكن دآنييل تسبب بدخولك لعالم الظلام مجدداً , و أنا بالكاد صددت الوحوش الهائجة و ليونارد أضاعك بذلك المكان... سيد الظلام لا ينطق من شدة غضبه.. ولكن باعتبارنا اطعنا الوريث الرئيس علينا فهو سيتلقى العقوبة الأقسى...!
نظرت نحو حذائي متوترة , تبا... مالذي يجب فعله الآن..

تحدث ليونارد بهدوء : يجب أن ننتظر فقط كلآرا , الأوامر الجديدة , ربما سيد الظلام سيقوم بزيارة خاصة هنا...
نظرت نحوه بقلق اعرف بأنه يستطيع قراءة الافكار بشكل ما.. قلت آسفة : أنا من ترك يدك ذلك الوقت ليون , و رافييل فعل كل ما بوسعه ..
همست بقلبي , لكن دآنييل .. لا عذر لتركه لي أو لا سبب واضح...! آوووه أنا أيضا سأعقاب لأني أردت ذلك أن أدخل إلى هناك و أقاتل و وجودي سبب الفوضى...! لكني اعتقدت بأن الظل سيأتي لعالمنا و ليس أن اسقط أنا في أرضه..!!

حل المساء بهدوء ولكن لم أشعر بالهدوء أبداً في الأجواء بيننا , رافييل بارد قاسي النظرة و يشيح بوجهه عني و كأن مشاركة في جريمة ما , أو ربما هو يشعر بالتوتر أيضاً , ليونارد صامت جداً و هادئ , وكذلك الفتاتين و جيني لا تكف عن اللهو و اللعب بالمكعاب الملونة التي لا أعرف من جلبها...؟!

اصبحت غرفة نوم والدي غرفة الاجتماع , فعندما أجلس بها أنا و جيني بالطبع تبقى معنا تيرآ و داليا اللتان اخبراني بأن والدي غافلهما لأخذ دش ما ثم اختفى فجأة عن شعورهما .. كان قد سأل بالطبع عني عندما تأخرنا , اخبرته الفتيات بالحقيقة .. أنني خرجت مع الفتية كي اتخلص من ملاحقة الظلال... و يبدو بأنه لم يشعر بالارتياح أبداً لغيابي..
آآآووه أبي الحبيب , مؤكد بأنه مر بلحظات قلق رهيبة علي , مؤكد بأنه يتساءل أين أكون و مالذي يحدث.. بهذه الأفكار شعرتب لابذنب يعتصرني و يخنقني و كدت على وشك البكاء أمام الفتيات فجأة.. لن أجعل والدي يعاني بسببي , يكفي ما حدث , هو يعرف ببعض الأمور الأساسية كالوحوش التي تحاول إيذائنا , لكنه لا يعلم تماما مالسبب , ولا أريده أن يعرف.. كي لا يؤذى أكثر من ذلك...
جلبت لنفسي فراشا لأني أريد النوم هنا و جلست مع جيني ألهو معها أحاول تهدئة نفسي..

ثم أخيراً نامت الصغيرة عند التاسعة والنصف ليلاً .. بينما أشعر أنا بالأنهاك والحكة الغريبة التي انتابتني مع حلول الليل في قدمي اليمنى.. رفعت البنطال لعل شيء ما قرصني.. لكن صدمت وأنا أحدق غير واثقة من عيناي .. ما هذا ؟!..
كانت هناك علامة نجمة رباعية فوق كاحلي مزرقة قليلا لكن واضحة الخطوط وكأنها عميق تصل إلى عظمي !!
شهقت أنادي : تيـــرآآآآآآ !!
عادت لتدخل بسرعة الغرفة تيرآ وليونارد و رافييل و داليا خلفها...
جثى ليون بسرعة أمامي وهو يحدق بالعلامة الغريبة و تحملق البقية حولي... لمسها قليلا ثم سألني : هل تؤلم ؟!, كيف ظهرت ؟!
قلت بانفاس متسارعة : رباااه لا أدري ><! أنها لا تؤلم , لكن أرجوك لا تقل لي أنه بسبب ذلك المكان !!.
قال رآفييل ساخراً وعابسا بنفس الوقت : عالم الظلام لا يجعل البشر يخرجون منه بسهولة هكذا و بلا هدية !
لم أرد أن أصرخ وكأنني أنفجر مع أني وددت هذا , لكن والدي و جيني نائمين هنا..
قلت برعب وأنا أنظر لـ ليون : أرجوك .. مالسبب ؟!... ربما لأنني.. بقيت طويلا هناك... ربما شيء ما بداخلي مجدداً... آآه..
كدت أبكي لكن تيرآ قالت بسرعة بصوت بطبيعية : لا , هذا شيء مشابة لترك وصمة لوجودك اعتقد بأن الظلام يتعرف إليك..!
حدقت بها و عيوني تؤلمني من شدة التحديق , لا تمزحي معي أنت أيضا تيرآ !!!
_ هذا صحيح بنحو ما.. لم يبقى بشري هناك لفترة طويلة كالتي قضيتها كلآرا.
تحدثت داليا بهدوء يقلقني وهي تنحني لتتأمل العلامة و تكمل : الأمور التي كانت معك تحميك بشكل ما.. منذ أن وقعت بالظلام , لذا هو لم يحاول قتلك بشكل مباشر , كما أن ذلك اللعين متوعد بك , لكن ها أنتِ سحقته لرماد .. ربما الظلام معجب بك.. لكن هذا غريب و مضحك..
قال رافييل بعبوس : .. بشكل ما .. هذا ما قاله سيد الظلام منذ زمن طويل لنا.. الظلام يملك قوى غريبة تستجيب و تعاون الكره و و الآفعال الشريرة..! , ولهذا نحن نضع الحواجز و نبحث عن القوى الجيدة بداخله.. لكن لا أظن بأن كلآرا ستنجذب إلى هناك مجددا...!
قلت برعب لا أصدق ما يتحدثون به : هذا غير حقيقي !! .. مالذي تتفوهون به ! وكأن الظلام شيء ما حي !!.
قال ليونارد بهدوء وهو يمسك بيدي : بالطبع لا داليا و رافييل مهووسين قليلا.. دعك منهما , هذه العلامة ناجمة فقط عن قتالك ذلك الوقت.. لدينا نحن أيضا علامات لمعاركنا.. اهدئي فقط...
لكن فجأة صدر رنين خافت اكتسنا بالفعل رغم خفوته , ذلك الرنين المعروف.. رنين الجرس الصغير بحجم الأظفر في رسغ أبي.. تحرك لوحده... و فجأة رمشت الأضواء , و مرت رياح باردة كالصقيع بطيئة و ثقيلة..

تشبثت بقوة واقتربت من جسد ليونارد وأنا أكاد اغرز أظافري بذراعيه .. قلت برعب: لا... لا أرجوكم... لا...
هدئني ليون وهو يحيطني بذراع هامساً بتوتر أحسه : آه كلآرا... لا تخافي.. اعتقد بأن سيد الظلام آتٍ...!


بالفعل , انطفأ الضوء قليلا ليحلك المكان تماماً , لكن عادت الاضائة فوراً بعد ثلاث ثوان أو أقل , لنجد الرجل الطويل ذو الرداء الأسود و الملابس الرمادية المشابهة لعينيه الهادئتين – يقف عند مدخل الغرفة , نظر ببطء نحونا جميعاً...

ثم قال بهدوء شديد : مساء الخير !.
أومأوا قليلا , لكن ليونارد من استطاع النطق قائلا بهمس هادئ : مساء الخير سيدي..
ضاقت عينيه المعدنيتين قليلا ليقول بهدوء وهو لم ينظر نحوي : ألم يعد بعد ؟!.

من يقصد ؟!... ارتجف قلبي بقلق... تحرك بهدوء خطوتين للأمام وهو ينظر نحو أبي النائم بهدوء على السرير , همس ببرودة حركت الهواء المتجمد : لم يعجبني ما يحدث , و ما حدث قبلا... لذا سأتكلم معكم لاحقا , دعوني أنا و كلآرا هنا.. و اطلبوا منه المجيء الآن !.

تحرك ليونارد قليلا لكني متصلبة ملتصقة به ~.~ عيب علي يجب أن اتشجع ! ,و أترك ليون أشك بأني تركت علامات عليه حتى وهو مصاص دماء ذا بشرة حديدية..
بينما أحاول دس رأسي خلف كتف ليون , سمعت صوت سيد الظلام الهادئ البارد يحدثني : ألا تريدين التحدث معي كلآرا بشأن ما حدث ؟!. يجب أن تفسرا لي أنت و دآنييـل ما فعلتماه , قبل أن أقرر أي عقاب..!
تركت ليونارد قبل أن أعرضه لموقف محرج فنهض هامسا لي : ليس هنالك ما تقلقين بشأنه..!
_ نعم تماماً , لنهدأ الآن اتفقنا ! " وافقه سيد الظلام ببطء من مكانه عن طرف سرير أبي , خرجوا جميعا و بقيت أنا متشجعة للنظر في عينيه الرماديتين كالسحاب المنذر بعاصفة هوجاء مريعة..! على الأقل عيني دآنييل تتقلبان بالذهبي أحيانا..~.~"
لكن عيناه كانتا منخفضتين قليلا ينظر نحو... شهقت بلا قصد , لقد رأى العلامة الغريبة التي ظهرت !!
قال بهدوء وهويلوح بيده بحركة صغيرة ليغلق الباب لوحده : اجلسي على الاريكة كلآرا..
جذب هو كرسيا ليجلس بهدوء عليه , بدا المكان معتما قليلا و كأنني مجرم مكبل أمام محقق قاسٍ في غرفة صغيرة مقفلة تماماً.. سألني بهدوء :
_ متى ظهر هذا ؟!
أيقصد العلامة , آخ ما غيرها , قلت و أنا احاول الاسترخاء فوق الأريكة : آه... قبل دقائق في الحقيقة انتبهت لها..! "فكرت لم تكن موجودة عندما استحممت ! "
_ أنها لا تؤلم , أليس كذلك ؟!.
هل يعرف ما تكون ...و... , فجأة قال بعيون تبرق بالفعل كالبرق بين السحب الداكنة : بالطبع أعرف ما تكون...!
الويل لي , أنه يقرأ أفكاري !! حاولت تهدأت نفسي... فقال هو بهدوء و أقل برودة : كان عليكما أن تطلعاني عما تريدان فعله, لم اعتقد بأنك شخص يسعى للثأر كلآرا.. بدوت لي مسالمة جداً..
لا أدري لم قلبي بدأ يضخ بقوة , هل يقصد بأني خيبت أمله ؟!.. ووه , أهو حقا كان يفكر بي هكذا ؟!... مهلا هل كان يهتم حقا لأمري و لما يحد...
_ بالطبع كنت مهتماً لك و لعائلتك !
قاطعني ببرودة كالصقيع ! , فقلت خجلة و متوترة لحد كبير : آسفــة.. أعني.. لم...
رفع يده ببطء قائلا : على العموم الذنب ليس ذنبك تماماً , أنه ذلك الشاب الذي يجيد أخفاء الأمور عني.. ها هو آتٍ.. استحق ما حصل له .. كان عليه أن يفكر بما فعل...
دآنييل !!... مالذي حدث له..؟! ولكنه كان... طرق الباب بهدوء و فتح لـ.... أراه .. شعرت بأني لم أره لسنوات !!.. كان بنفس لباسه الأسود و قميصه الذي بلا أكمام , لكنه يبدو أنحل بكثير .. عظام وجنتيه بارزتين حادتين قليلا و ظلال قاتمة أسفل عينيه الذي يبدوان سوداوين قاتمتين .. بينما عضلات ذراعيه مشدودة و عروقه الزرقاء بارزة و شفتيه مطبقة تماما وكأنه لم يتحدث لفترة طويلة !!
نظر نحو سيد الظلام بطرف عينيه بلا التفات كامل , تقدم دآنييل خطوتين فقط كي يغلق الباب و يقف عنده وكأنه حارس ما , أو ربما مستعد للمغادرة فوراً وغير راضٍ للكلام ..!
لم استطيع أن ابعد عيني عنه , وهو حتى لم ينظر لأي أحد منا , كان يحدق .. في الفراغ بعيون خاملة بلا حياة !
قال السيد دآركنس بنعومة باردة وهو ينظر نحوي أولاً : جميل لقد اجتمعنا.. أولا كلآرا , أني فقط ألومك على شيء واحد وهو سعيك للانتقام بعشوائية هكذا.. فذلك الوحش لم أكن لأتركه بلا جزاء بعد كل ما فعله.. لكن بسبب أنه كان مرتبط بك بشكل ما فأنا تريثت قليلا بشأن قتله , لهذا سيكون عقابك فقط بعد موافقه السيد موند والدك..
لا أدري لكني لم أشعر بالاطمئنان .. عندما يعلم والدي بكل شيء , سيمنح سيد الظلام الأذن لعقابي آهئ...~.~"!
راقبته بهدوء وهو يلتفت لينظر نحو ابنه الصامت كالأموات , قال بهدوء لكن بجدية إليه : أنت مدين باعتذار إلى كلآرا و والدها و أنا , و رفاقك هناك.. ربما لم تشفى تماماً لكن يجب عليك أن تعود الآن للبداية و توضح لنا كل شيء..
انتظرنا تقريبا عشر ثوان مراقبين أنا وسيد الظلام دآنييل ليتحدث , بدا آه كتمثال جامد و ظننا بأنه فقد وعيه أو نائم.. بماذا يفكر كل هذا الوقت .. كما أن والده يبدو عليه الصبر الشديد , أهذه عادة دآنييل إن تعرض للتوبيخ أن يتجاهل و يصمت أو...!
_ أنا لم أكن أريد العودة بهذا الشكل , لو انتظرت للغد... لكن.. بما أنك اجبرتني فأنا سأؤخر اعتذراي الذي تظنون بأني مدين لكم به..!
تحدث بصوت خافت بارد لكن يبدو مجهداً بعض الشيء و لباقة ممزوجة بسخريته المعتادة لكنه مرهق ولا يبدو لي بمزاج للكلام أبداً...!!
شعرت بألم في قلبي , هو أمامي الشخص الذي لطالما تسائلت عنه .. لكنه لا يبدو بخير , لا شك بأن امراً ما رهيبا حدث له.. ولـ...
قاطع شعور بالقلق صوت سيد الظلام الجدي البارد : لقد سببتما اضطرابا رهيبا في الظلام , جنودي بالكاد هدؤوا الأوضاع , أنك ممنوع من دخول عالم الظلام هذه الفترة و الثاني سنتحدث عنه في مكان آخر , و الثالث عوقبت به بالفعل , أنت لن تقدر على استردادها.. ربما هي أمامك لكنك لن تعود كما كنت.. و أحاديث أخرى تتضمن والدتك و كونك الوريث من بعدي.. هذه سنتحدث عنها لاحقاً ..
شعرت بأن قلبي هوى في ظلام مريع خاص به , دآنييل في ورطة حقيقية.. لكن مالذي فقده ولا يمكنه اعادته ..!
قلت بقلق ولساني غير قادر على الصمت : لكن .. سار كل شيء جيد في البداية , لقد خلصني دآنييل من... آه البوابة و الخـ... و ذلك الجزء من الوحش...
ارتبكت بشدة لأن سيد الظلام نظر نحوي فارتفعت ضربات قلبي ولم أريد قط أن أنطق شيئا عن ختمه !! , اختطفت نظرة نحو دآنييل , لكنه لم ينظر نحوي بل بعيداً .. آآآه سأكمل على آية حال : ..لـ... لكن حدث شيء لم نتوقعه آه لم أفهم ال...
قاطعني سيد الظلام بهدوء ناعم ربما خصص هذه النبرة لي كي لا أجزع : لقد حدث الكثير بالفعل , سأريك مالذي حدث فعليا في البداية فقط.. أنكما تعرفان مالخطأ لكنكما لا تدركان كيف حدث هذا... يفترض بأن خطة دآنييل تسير جيداً ... لكنه عرف بأن لا يمكنه تحطيمه هكذا , فسخر منك و أنت تأثرت كثيرا و حطمت الختم من داخلك , هذا ليس بشيء طبيعي ولم يحدث من قبل , البوابة تملك مشاعر و تثور و تغضب وتفقد الثقة ثم تحطم الختم ..!
نظرت به بصدمة ... أحقا ما يقول ؟!... لكن... هذا يغير كل شيء ظنناه ! و ما ظننته أنا بأن دآنييل يتخلى عنه , هو خدعني فقط لأجلي.. لكن ذلك كان مؤلماً جدا و صادماً لي..

تابع ببرود وقد غابت سخريته التي قبل قليل وهو يلقي بنظرة مخيفة إلى دآنييل : بعد تحطم الختم التهمتك بوابة الظلام التي بداخلك و لم تتدمر إلا بعد تدمر صانعها .. الذي... قتلته أنتِ... وهذا فعل غريب ولا أظنه يحمل عواقب جيدة... أن تدخل بشرية مثلك عالم الظلام و تقاتل به وحشا .. أنكم شجعان حسنا .. لكنه نوع الشجاعة الذي تخالطه الحماقة !
قلت بصوت متكسر ضعيف وأنا أشعر بالبؤس و الذنب وكل الأمور المتعبة للقلب : لم نظن أنه... يمكنني هذا ببساطة , أعني آسفة لأنني أردت الانتقام لأمي وجداي..!

بعد كلمتي الأخيرة كنت ألتقط انفاسي التي توترت منذ دخولهما ,وتغيرت نظرة دآركنس نحوي اختفى لمعان عينيه لكنه بقي يحدق بي لثوان طويلة بدت نظرته مشفقة قليلا نحوي أو متفهم ربما .., ثم حرك رأسه قليلا لينظر نحو وجه أبي النائم , همسه صدر بهدوء من زاويته المعتمة :
_ هذا.. لا يمكننا لومك عليه , لقد أظهرت شجاعة عجيبة لا يمكن لأي كان أن يمتلكها...
قلت بسرعة و تعب : لم أكن لا استطيع هذا لولا دآنييل..! لقد فعلنا أمرا ما لكن أموراً أخرى تداخلت لا اعتقد بأن...
قاطعني ببرودة مشابة لنبرته التي يخصصها لـ دآنييل : لستِ ناجية من العقاب كلآرا حتى تدافعي عن دآنييل !.
أحمر وجهي اشعر بحرارته تآكلني , هل هذا حقا ما أفعله...؟! تابع وهو ينظر نحو ابنه نظره باردة : كل شيء يمكن أن يهون إلا اخفاء الأمور عني !.
_ ما كنت لتوافق !!.
تحدث دآنييل بهدوء فجأة و نظرت نحوه , لا تزال عينيه غائمتين داكنتين , تابع بهدوء مؤدب : كنا نحاول أن نعيد كل شيء لطبيعته , لا يمكن لـ كلآرا أن تعيش فترة طويلة من حياتها بذلك الشكل البؤس و الظلال تحيطها .. لذا خططنا لكل شيء و بمسؤليتي كـ رئيس لحرس البوابات لا يمكنني فقط ألا أفعل شيئا.
رد سيد الظلام ببرود : لم تجعلها تدرك خطورة الأمر.. و ظهر أيضا أنك أنت تجهل خطورة ما سيحدث.. لذا سأعفيك عن مسؤليتك حالياً و أجعل ليونارد هو الرئيس ..
لكن دآنييل لم يظهر متأثراً , وكأن أمرا عاديا يحدث , قال هو بتهذيب هادئ : حسنا سيدي كما تشاء .
نظر نحوه سيد الظلام من طرف عينيه وقال ببرود : لا تظهر نفسك مهذباً أمام كلآرا فهي تعرف حقيقتك..
رد دآنييل بأدب يخفي سخرية اعرفها : لكني أفعل هذا أولاً لأجل أمي , سيدي!.
لأول مرة في حياتي أرى ابتسامة كهذه تشق ثغر "سيد الظلام" ببطء وكأنه يقاوم ظهورها التمعت عينيه بجمال الفضة في الظلام... و كأن الدف غمر الغرفة فجأة .. دف هادئ داكن مريح و يبعث على الاسترخاء...!
نهض بهدوء , وهو يقول بنعومة : ستدفع ثمن هذه الكلمة لاحقاً ! , لكن الآن.. يجب أن تجلب شيئا ما يعجل بإيقاظ السيد موند لأن عالم الظلام مسه بسؤ لم يلاحظه الحراس.. فهو لن يفيق حتى سنوات..
شهقت مصدومة فجأة ماذا ؟!!!... عقد دآنييل ذراعيه قائلا ببرود : لكنك منعتني من دخول ذلك المكان...!
تنفست بصعوبة ونظري يرتجف نحو والدي النائم بلا حركة : لكن.. مالذي حدث لـ أبي !!.
حرك سيد الظلام يده فوق جسد أبي ليرد ببطء : لأنه كان جريحا قبل دخوله الظلام , هوائنا مسموم و قد تسرب السم ببطء كـ لص يتسلل لم يلاحظه أحد في دم والدك .. ولاشك بأنه جرح نفسه متعمداً حتى تسقط قطرة دماء على هذا الجرس ليتبعه نحو سليله أو ابنته التي من نفس دمه.. لا أعرف كيف علم والدك بهذا أو ربما فعله غريزياً.. لكنه فعل أمراً سحرياً..
هذا أمر جديد لا معقول ... لقد جرح والدي نفسه كي تبعني .. يجد شخصا من دمه عن طريق هذا... الجرس لكن ظننت..
قلت بسرعة : لكن هذا الجرس لا يعتبر بوابة إلى ذلك المكان أو...
رد علي وهو ينظر عالياً : لا ليس كذلك , ولكن يجب أن يدمر حتى نحافظ على أمنكم , هو أداة للتحذير لكنها اداة مصنوعة من روح جدك المقاتل أليس كذلك ؟, لكن... كانت به قوة عميقة وجدتك... قوة حب والدك بالطبع , هو سيفعل المستحيل كي لا يفقدك..
لسعت عيناي بألم .. طوال هذا الوقت كان والدي شديد القلق علي أو يفقدني..
قلت و أنا أجثو على الأرض قرب سريره لأمسك بيده ذات الخيط المربوط به الجرس : ولكن أنا سأموت لو فقدته...
شعرت بلمسه لطيفة سريعة مرت على كتفي و سيد الظلام يقول بهمس هادئ : لن يحدث هذا أبداً , سأرسل دآنييل هذه المرة فقط لجلب شيئا للمساعدة..
التفت نحو ابنه وقال بهدوء : اذهب لجلب صخرة من صخور الضوء الأزرق , هي ستمتص السم من جسد السيد موند..
_ أجل فوراً..
نهضت أنا قائلة : لكن.. هل سيذهب أحد من ليون أو راف لمسـ...
قاطعني السيد درآكنس ببرود : كلا ! وحده سيذهب و يجلبه , لأن هذا خطأه.. حتى وهو بنصف قوته..
حدقت بـ دآنييل , أنه ليس بكامل قوته.. وقد يتعرض لعوائق..أو...!! لكن تابع سيد الظلام قوله لي : لا تقلقي سيجلبها بسرعة لأجل والدك.. وأن تأخر أو قتل بنصف الطريق سآمر بشخص آخر لجلبها ويجب أن تكون هنا قبل حلول ليل الغد أفضل.. التأخير ليس جيداً...
ثم حدث أبنه ببرود : سأفتح لك منفذاً صغيراً بما أنك لا تملك القدرة لهذا الآن..
لماذا يتحدث بهذه البرودة نحو دآنييل أنه ابنه~.~".. أعلم بأنه خطأنا كلانا لكن.. دآنييل ليس بخير الآن.. يجب أن يساعده أحد..
تحرك دآنييل ليغادر الغرفة , و نظر نحوي سيد الظلام بهدوء قائلا : سيشفى والدك تماما و بسرعة لا تقلقي , حتى لو فشل دآنييل يمكننا جلب الحجارة بسهولة , لكن بنصف قوته هذا عقاب آخر جيد له..
قلت بقلق و أنا لا استطيع النظر نحو عيني سيد الظلام الباردتين : آآه لكن كيف... أعني أين نصف قوته الثاني.. وأيضا...
قاطعني بنعومة : آووه لم تعرفي أنه منحك إياها .. ولكنه لن يقدر على استردادها.. وهي لن تفيدك كثيراً الآن ستتلاشى لأن جسدك لن يستوعبها , فعل هذا بشكل ما.. لكنه ساعدك بلا شك في قتالك أليس كذلك ؟!.
اظهر لي ابتسامة جانبه صغيرة و أنا أحدق به بتجمد , مهلا لا استطيع استيعاب كل ما يقوله.. هنالك الكثير مما قال شديد الاهمية.. أعني .. هل كانت قوة دآنييل من يساعدني ذلك الوقت ولكن كيف... آآه رأسي سينفجر...~.~!!
_ و الآن أنا مغادر , بالنسبة للعلامة التي ظهرت بساقك , أنها لا شيء يؤذي لا تقلقي.. عمتم مساءاً..

أظلم المكان فجأة و حلت رياح باردة لعبت حتى بشعري , ثم عادت الأضواء , و بقيت أنا وحدي في الغرفة...لقد غادر الجميع و لم يشفي أحد فضولي حتى الآن.. هناك خيوط تنتهي بي لكن لا أحد يخبرني بكامل التفاصيل !!

فتحت الباب أريد أن أخرج لأجد الرفاق كي اسألهم أي شيء , لكن طآآخ , آه كدت اقع و أنا اصطدم بصدر ليونارد..
الذي قال بهدوء وهو يمسك مرفقي : أأنت بخير...؟!
_ كلا أشعر ببعض الصداع..!
أومأ برأسه قائلا : لقد وضع سيد الظلام حاجز حول الغرفة لم نسمع ما قاله لك , لكن دآنييل كان هنا..!
أهذا ما حدث !.. قلت و أنا أحدق خلفه لكن لا وجود لأحد : أين البقية ؟!
_ في الأسفل , جئت لأطمئن عليكم.. مالذي حدث تبدين في غاية التوتر...؟!
قلت بقلق وأنا اضع يدي على قلبي المضطرب : دآنييل ليس بخير , أنه مرهق و يقول السيد داركنس بأنه منحني نصف قوته هذا الأحمق حتى أنه لم يقل لي هذا ...!
طرف ليونارد بعينيه ثم قال بهدوء :.. حسنا اعتقد بأن هذا جيد لك..!
قلت بسرعة : آآه لا بالطبع , أنها لن تفيد و ستتلاشى , و دآنييل لا يقدر على دخول ذلك المكان ببساطة ..
_ بالطبع زيادة على كونه نصف بشري...! " تدخل فجأة رافييل و من خلفه الفتيات..
قالت تيرآ بقلق : معها حق ! هذا ليس أمرا سهلا... دآنييل سيكون بخطر , أظافة إلى أن سلسلته بعنق كلآرا..
قال ليونارد ببرود : يجب أن تبقى السلسلة لدى كلآرا حتى تشفى كليا من تحطم عظامها و اعضائها , إذا نزعت منك وأنت لم تشفي كليا ستضعفين و تموتين !
هذا شيء جديد سيء آخر ..!!... نظرت و تحسست عنقي , قلت برعب وارتجاف : لقد اختفت السلسلة !!!
قال رافييل ببرود و ملل : لم تختفي ! أنها بداخلك !!..
طيب يمكنني تصديق هذا ..!!! فهدأت اركز على ضربات قلبي... ثم قلت لهم : ألن تذهبوا لمساعدة دآنيـ...
لم أكمل حتى قاطعني رافييل ببرود : بالطبع لا !. لا شأن لنا بهذا و سيد الظلام لم يأمرنا , كما أنه يعاقب بهذا.
قلت بحده خافتة انتبهت لحركة يد جيني النائمة : لا يمكنه أن يعاقب وهو مرهق و مـ...
قاطعني رافييل مجدداً لكن بعيون حاد : بالطبع و أين لسانك أمام سيد الظلام عندما قال هذا...!
تبا له >< أكرهه رافييل أكرررررهه لماذا لم أقل لسيد الظلام بأنني لا أرغب بوجوده !!...

قال ليونارد ببرود : لننزل للأسفل..
قالت تيرآ : سأبقى هنا.. , وقالت داليا بهدوء : سأدور حول المنطقة سريعا..
ماذا ! أين يذهبن الفتيات و يتركنني ..مع هذا القطب الجنوبي و ليون الذي يبدو بمزاج عكر صامت !
نزلت إلى الأسفل حيث المطبخ وهم يتبعونني , فتحت الثلاجة لأخرج لي بعض العصير قلت لهما من باب الأدب : هل تشربون شيء ما؟!.
أجابني رافييل ببرود من الخلف : ليس هذا النوع من الشراب !.
بينما قال ليون بهدوء وهو يأخذ كأس زجاج فارغ : سأستعير هذا , سأغيب دقائق قليلة فقط..
لا أدري لكنه اختفى بسرعة , نظرت متسألة نحو رافييل , فقال لي ببرود : ذهب لرؤية دآنييل ! ربما سيعطيه بعض من قوته..
قلت و أنا ألتفت حولي بقلق : أجل .. أعني... هو لن...
قاطعني ببرود : لكن سيعلم سيد الظلام بهذا و.. سيغضب من ليونارد وهو أصلا غاضب منا جميعاً , كما أننا يجب أن نغادر قريبا..!
قلت بدهشة : تغادرون ؟!.
رد ببرود : ماذا ! , أتريدين بقائنا هنا إلى الأبد ؟!. ستنتهي هذه الفوضى قريبا و ما أن يفيق السيد موند حتى نغادر , لقد أمرنا بهذا سيد الظلام قبل أن يغادر المنزل منذ دقائق ..!
قلت مأخوذة لا أدري بما أفكر : هل سيكون كل شيء بخير ؟!. اعني لا وجود لـ...
قاطعني مجددا بملل : أجل , فالبوابة الأقرب لهذا المكان قد دمرها رئيسنا الأحمق أعني المحترم بعدما خرجتم بالأمس.. لكنها بعيدة جداً وليس خطراً عليكم أبداً ,أنها لا تفتح إلا بأمر من سيد الظلام !.
قلت بصدمة : دآنييل دمر بوابة !!.
رد علي بحده خفيفة : ربما اعجبه فعل هذه الأمور , لا أدري لما مزاجه حاد جداً ويريد تدمير كل شيء يوصل إلى هنا...
بدأ رافييل يعطيني أخبارا جديدة مريعة صادمة !!... أهذا حقيقي..! مالذي يجري للجميع لقد جنّو !!!
_ ولكن هل السيد داركنس يعلم ؟!..
_ بالطبع علم بهذا ! , اعتقد بأن الوريث قد جن ! , و ربما يجب أن يبحث عن وريث آخر !.
رددت بحده عليه كيف يقول هذا : لا تتكلم عن دآنييل هكذا ! , أليس صديقك ! عليك أن تحترمه أكثر..
قال بملل وهو يلوح بيده و يجلس على طرف الطاولة : كلا لسنا أصدقاء , تجمعنا المصالح المشركة لكن كونه رئيس الحرس أنا احترمه !.
_ إذا كان هذا هو احترامك فـ وفره لنفسك ! " رددت بحده قاسية .
_ استرخي أننا لا نتأذى من مجرد كلمات تافهة مثلك , و تتسبب بتحطيم ختم سيد الظلمة !.
ها قد انقلب يسخر مني ! , قلت : أتمزح معي !. الجميع يتأثرون مهما يكن بما ينطقه اللسان !.و أنت لست استثناءً حتى..!
التمعت عينيه , فقلت ضاحكة أشير إليه : هاه أنظر لنفسك قد بدأت تغضب !.
_ حسنا استمعي يا حمقاء !... لا تعتقدين بأنك تحت حمى سيد الظلام بأمان , لا اعتقد بأن تجربة مرورك من عالم الظلام مرتين هي بالسهلة .. ستطبع بعقلك إلى الأبد..
تنفست بعمق و كأس العصير بيدي و كأنني بدأ أشعر بالبرودة , قلت بهدوء وأنا احتسي قليلا من الشراب و أجلس على أقرب كرسي :
_ لا اعتقد بأني سأنسى أو أحاول حتى , لكن هذا ليس المهم .. ما يشغلني هو...
نظرت نحوه : كيف يمكن لـ دآنييل أن يستعيد قوته أو يصبح أقوى؟!
رفع حاجبيه ببرود وهو يردد بسخرية : يستعيد أو يصبح أقوى !.. هل تمزحين ؟! لا يمكنه هذا !.
قلت بحده : بلى مؤكد بأن هنالك طريقة ..!
_ سيد الظلام بنفسه قال بأن هذا لا يمكن ! , لقد سلمها لك و أنت أضعتها , بلهاء !!
كيف يشتمني ببساطة هكذا, قلت له بحده : توقف عن السخرية مني و إلا سأطردك خارج منزلي ولن أسمح لك بالدخول..!!!
قال ببرود وهو يتأمل قبضتي التي أهزها أمامه : طيب , رغم أنك مضحكة بالفعل !.
قلت له ببرود : و لكن لا أذكر بأنه اعطاني القوة.. أعني .. هناك أمور مشوشة...!
رد بلا مبالاة : مؤكد بأنه قام بفقدك الوعي.. ذلك اللعين يجيد التحرك بالخفاء , لا أصدق بأن سيد الظلام لم ينتبه لتحركاته و نحن سخر منا و قال بأن السيد موافق !. لقد خادعنا جميعاً وأنت مشتركة في جريمة تشجيعه..!
لا يهمني .. شربت العصير بالكاد , لقد اصيب دآنييل بالضعف لأنه أمدني بقوة, لكن مع هذا أنا أصبت بالكثير , ولا يمكنه هو استرداد قوته وهي ستتلاشى .. و الآن مالذي بيدي لأفعله.. لقد ظلمته قبلاً ~.~ و اشعر بالذنب الشديد نحوه و نحو هذه الفوضى التي حدثت و بسببها والدي بحث عني إلى هناك..

دآنييل لم يتركني قط و قام ما بوسعه لمساعدتي , مع أنني أجهل كيف , أهو ذلك الشيء الخفي الذي كان يمسك معي السيف و يدعمني...! آآه , كيف فعل هذا بعدما سلمني القوة.. ؟! كان علي أن أتحدث معه لكنه غادر سريعا...
...لكن أنا حقا فقدت وعيي بفترة ما قبل أن أدخل عالم الظلام...! مالذي حدث ؟, حتى قلبي يضخ الدم بقوة متوتراً..
جرعت كل العصير و انتابني التعب والنعاس من كل ما يحدث قلت له وأنا أنهض : متى تعتقد بأنه سيعود ؟!
رد ببرود : ربما سيقع في مشكلة أو يقتل , لا أضمن أي شيء.. و لن أتحرك حتى يأذن لي سيد الظلام..

لم أرى ليونارد , لكني صعدت للأعلى و تلحفت بغطائي بعدما ألقيت التحية على تيرآ ثم غبت في نوم عميق متعب تتخلله أحلام غريبة و أصوات غير واضحة ... اعتقد بأني سمعت رنين جرس طفيف في مكان ما... واعتقد بأني رأيت دآنييل يقف بعيدا هناك .. هل يمكنني الكلام معه.. حتى لو بالأحلام...؟!



__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 02-17-2018, 04:28 PM
 
السابع عشر + الثامن عشر بعنوان الزيارة الأخيرة

السابع عشر

كنت أعرف بأننا نقف معاً عند السيارة و بدا أن هنالك شيء ما شديد الأهمية على وشك الحدوث , حدقت بعينيه قليلا , الذهبيتين الغائمتين لا افهمهما .. سألت بتردد : و... ماذا الان ؟!.
_ ننتظر .. فقط.. انظري نحوي واهدئي اتفقنا , ساعطيك حماية من قوتي .
لماذا يعطيني الحماية ؟! و لما نحن هنا , بدا دآنييل غامضا و اقرب للتردد على الاقتراب , لكنه فعل واقترب مني خطوتين , لكن ألم ننتهي من المعركة ! , بانتصارنا , اعني بعد استماتة .. لكننا فعلناها...
لماذا عدنا لهذا المكان ؟!. أريد الذهاب للمنزل !.
ردد صوت في داخل عقلي , أنها ذكرى ...!
ذكرى..؟! ذكرى ماذا بالضبط ؟! , آها قبل أن نبدأ بتلك الأمور الرهيبة التي بدأت وبصعوبة انتهت .. لكن .. لماذا هذه بالضبط ؟!.
أيمكن أنني سأرى كيف منحني دآنييل , قوته !. يجب أن تكون هناك طريقه لاستعادتها ! , أنني أحلم عنه ! وفي هذا الموقع , لاشك بأن خطبا ما سيحدث .. عقلي يريد أن يريني شيئا شديد الاهمية هذا مؤكد !.
_ ثقي بي.. .
صوته هادئ و غريب , هل حقاً قال هذه الكلمات قبلاً , لا أذكر , أم أن عقلي الغريب يتلاعب بي ؟!.
وقفت هادئة جداً انظر إليه وانتظر , توقف أمامي تماماً و مد يده بخفه ليضعها على رأسي , يفترض أن اشعر بكهرباء خفيفة تمر بي ولكن لا شيء , أنما حدث أن ... احنى دآنييل رأسه قليلاً ليقابل وجهي !.
رأيت رموش عينيه تنخفضان على الذهب الذي يلمع بهما ثم بلفحة باردة تضرب وجهي و كأنني اشهق , لا أصدق ما فعله !!!
شعرت بشفتيه الباردتين الناعمتين جداً كجليد جاف بارد تمس شفتي !!!.
لكن قلبي كاد أن ينفجر و كل شيء آراه أمامي حقيقي , احسست بخصلات من شعره الناعم الأسود على وجهي !! و ضياء فضي خافت يحيطنا لم اقدر على اطباق عيني !! ولا حتى أن اتحرك ..أنا ... أشعر .. بدفء ما في أعماق صدري !... لكن...

شهقت مصعوقة و قفزت منتفضه ألوح بيدي أمام وجهي و كأنني أدفع شبحاً ما !!.
سمعت صوت ينادي قربي و يد تمسك بكتفي !, التفت مذعورة ... ما هذا أنا في غرفتي , بفراشي الذي على الأرض قرب سرير والدي .. و تيرآ جالسة بجانبي و داليا واقفة أمامي و كلاهما تحدقان بي..
_ مالأمر كلآرا !, أهو كابوس...؟!
سألتني تيرآ بتوتر , عدت للتنفس جيداً ... هذا ليس كابوساً , أنما أسوأ .. !! أهو حقيقة ؟!.. أم أن... لكن لما رأيت هذا...!! لا اتذكر ما حدث حقا بتلك الدقائق القصيرة جداً... أهذه ذكرى حقيقية أم وهم....!
الويل له لو كانت حقيقة !!! هل فعل ذلك اللعين ذلك بي ! أفقدني وعيي , ثم... ثم....
همست داليا بتعجب : وجهك محمر و ضربات قلبك قوية جداً , أأنت بخير ؟!.
جيد , الفتيات هنا فقط ... تنفست بعمق و استعدت صوتي لأسألهن بصوت خافت : أ.. أين الشبان ؟!
_ آممم أنهم في دورة بسيطة حول المكان , أخبرينا كلآرا ما بك ؟!.
اجابتني تيرآ , ثم سألتني بريبة و ترقب , اخذت نفسا عميقاً آخر , ثم همست : آآه ألا تعرفون , كـ.. كيف يمكن لـ.. دآ.. دآنييل أن... أن يمنح... قوته .. أعني بشكل كـ... آ... أن يضع يده و هكذا...!
تبا صوتي يرتجف بوضوح , مسحت تيرآ على ذراعي تهدأني , و اجابت داليا وهي تهمهم مفكرة :
_ حسنا... يجب أن يكون شديد التركيز , أعني هو فعل شيئا جديداً جداً .. لا نعرف أن فعل أحد قبله مثل هذا الأمر , يمنح نصف قوته لشخص آخر.. يحتاج هذا ثقة قوية للغاية و رضى ..
زاغت عيناي وانا اشهق : مالذي تعنينه , رضى !!.
سألتني تيرآ بعيون ضيقة : أنت رأيتي ما حدث ؟!. لقد افقدك الذاكرة , لكن لا شك بأنك شاهدتِ شيئا ما كحلم !.
احسست بقلبي يصعد متضخماً في عنقي و لم اعد اقدر على التنفس , ضممت نفسي و اخذ امسح على ذراعي و كأنني مريض نفسي تعرض لصدمة عنيفة ! , لكن ذلك كان.. صدمة أيضاً , كيف جرؤ ...!!
صوت تيرآ القلق ظهر مجدداً : لا تقولي لي بأنه ... طعنك بمنجله !.
_ يا ألهي...!
شهقت داليا أيضاً , لكني قاطعتهما بسرعة و ارتباك : لا !... لا لم يفعل ...!
حسنا ليس بتلك اللحظات !... , أكملت بقلق و أنا أنظر نحوهن بتبادل : آآيه لا أعرف حقاً , ربما هذا اختراع من عقلي...!
ظللن يحدقن بي ... فتنهدت قائلة : أرجوكم , مؤكد بأن هنالك طريقة ما لأعادة قوته إليه..
_ اخبرينا كيف أمدك بها وسنبذل جهدنا لأيجاد الحل !. ربما يمكننا عكس الطريقة أو شيء ما ...
أومأ داليا وهي تقول هذا بثقة و تجلس على الأريكة التي أمامي...

هاها هذا مضحك ! بالطبع لن اخبر أحداً... فقط لو اضع يدي على ذلك ال....!! ألم يجد سوى هذه الطريقة !! ياله من... من وقح بغيض ! , و أنا الحمقاء لم أفعل شيئا .. مهلا لقد فقت وعيي ~.~" لماذا أفقد وعيي عند الأمور المهمة ! و عندما اتعذب و ألاحق من قبل الوحوش أكون بكامل وعيي و ادراكي و رعبي ! كم هذا لعين !!!

رفعت عيني لأجد الفتياتين تتبادلان الابتسامات الغريبة السرية , شعرت بالدماء تسحب من وجهي بسرعة ! ذلك ليس خطأي..!!
كانت داليا تكافح لاخفاء ابتسامتها وهي تغمز لي : حسنا ! ليس عليك نطق هذا !. لكن تيرآ رأت حلمك عندما لمستك..
التفت نحوها بسرعة و أنا ابعد يدها عني , فضحكت وهي تقول بهمس خافت : آسفة عزيزتي , ظننته أمر خطير ! , لكن , ظهر بالفعل أمر مهم..
قلت بقلق : آآه هل كان عليه فعل هذا ؟!.
أجابت داليا بهدوء : ربما كانت تلك الطريقة الوحيدة , لا نعرف.. لكنه وحده يعلم كيف يسترد قدرته كلآرا.. ويبد بأنه لا يريد هذا.
تأوهت باحباط و أنا اعود لوسادتي , طمئنتني تيرآ بمرح : لا تقلقي هذا سرنا نحن الفتيات فقط..
لكن داليا علقت بضحكة رقيقة : لم اعتقد بأن لعوب بهذا الشكل , عليك به كلآرا , أنت ليست فتاة عادية و عليه أن يتوقف عن العبث معك , ربما يمكنه ايجاد طريقة آخرى لمنح بعض القوة.. كأن يضعها بشيء ما و يعطيك أياه..

بقيت صامتة , و همست تيرآ بهدوء : بالفعل , مثلما وضع قوة بالسلسلة و ذلك الأنبوب.
ضاق جبيني و أنا اتذكر الانبوب ! , السيف الفضي الصغير الذي ساعدني بشدة في المعركة ! أين يكون ؟!, لقد تركته هناك بلا شك .. لقد نسيته آآه يالا حظي ..!
لا أدري كيف عدت للنوم مجدداً , نوم بلا أي أحلام أو ذكريات , لكني افقت كالعادة على صفعات جيني المؤلمة و صراخها بأذني !
_ تاااتـــــــااااا ؟!
فتحت عيني بثقل لأجدها بجنبي و من خلفها ساقي تيرآ الواقفة , والتي همست بذنب : كانت تريدك بشدة.. لقد كادت تبكي..!
حوطت جيني بذراعي لأضمها لصدري وأنا لازلت مستلقيه فأخذت اقبلها صغيرتي الحلوة , لكنها تذمرت مني و نهضت بعيدا عني لتحبو ناحية سرير والدي , جلست اعدل من شعري المنفوش وأنا أراقبها , استندت على السرير ثم مشت خطوات صغيرة بسيطة لتصل الى وجهه
_ ببابا... بابا .. بابا ؟!.
اعتصر قلبي ألما و أنا أراها تناجيه متعجبه من نومه الطويل , شعرت بالحرقة في كياني كاملاً , فنهضت نحوها و ضممتها بقوة لأهمس لها : يا حبيبتي بابا سيفيق قريباً , اهدئي.. تاتا مستيقظة الان.. هيا لننزل كي نأكل همم...
حاولت حملها لكني صدمت من مقاومتها لي !, صرخت فجأة تبعدني عنها , ثم عادت متعثرة لتقف تتلمس وجهي والدي الساكن , صعدت الدموع سريعا لعيني وأنا أراها تناجي بصوت حزين باكي...
نظرت بقلق نحو تيرآ التي بدت متأثرة هي أيضاً و همست لي : هي تفتقده بشدة...
شهقت رغما عني أكتم دموعي و قلت بصوت مختفي : آآه , سيعود الليلة صحيح ؟!
تردد تيرآ أرعبني بشدة , رغم اجابتها الهادئة : نعم مؤكد , وإلا سيأتي سيد الظلام بنفسه مجدداً..
دآنييل سيتأخر كثيراً أنا واثقة , فهو ليس بقوته الكاملة , وهو لا يبدو أصلا بحال جيدة , سيد الظلام ذاك قاسي .. وأنا لا اقدر على الجلوس هكذا و الانتظار , شيء ما يخبرني بضرورة القيام بفعل ما..

بعد الافطار , هدأت جيني كثيراً وهي تلعب بكل تلك الالعاب التي جلبتها الفتيات لأجلها فقط , كانت الردهة مليئة بألعابها و الجميع يشجعها للمشي , لكن رافييل خارجاً , و رأيت ليون قليلا فقط ثم خرج هو أيضاً..
والصغيرة سعدت جدا بكل هذه الاشياء الجميلة البراقة , عندما كنت صغيرة لم تكن لدي سوى دمية منفوشة الشعر بعين واحدة!! ,أما الثانية لا تسألوا مالذي حدث لها ××"

حلت فترة الظهيرة بعد انتظار طويل وكأن اليوم لا ينتهي.. غلبني نعاس غريب , و كان ذلك أيضا موعد نوم جيني , اهتمت بها الفتيات , بينما صعدت أنا للأعلى كي أرى والدي , آوه عندما اتذكر ما حدث في الصباح , يا حبيبتي يا جيني أنا أيضا اشتقت له و لصوته و لعناقه الدافئ..

فتحت غرفة أبي بهدوء , لكني فزعت لرؤية رآفييل جالس على الكرسي أمام السرير ..وكأنه يحرس أبي !.
سألت بهمس بينما هو يلتفت نحوي ببطء : مالذي تفعله هنا ؟!.
_ احرس السيد موند بالطبع , أتريديني النوم ؟!.

سؤاله غريب و بدا أيضا بمزاج هادئ مريب ؟!. هممم سألت مجددا : اشعر بالنعاس لكني لا أريد النوم..
رفع حاجبيه هامساً :.. حسنا .. جيد , هنالك رسالة لك من دآنييل...!
زاغت عيناي أحدق به ! , اسم ذلك المعتوة يوتر كل احشائي !!.ماذا الآن ؟!
_ أنه يقول بأنه حاول أن يمدك بأكبر قدر من المساعدة , لكن هناك حدود.. وهو آسف..!
ظللت مسمرة بمكاني .. همست بلا شعور : آ... لقد.. قابلته ؟!. متى ؟!. وما هو حاله ؟!.
كذلك عيني رآفييل الحمراوين القاتمتين بقيتا ثابتتين في عيني , تكلم بهدوء ولا شيء يتحرك منه سوى شفتيه :
_ نعم , بالنسبة لوقتكم هنا.. كان هذا فجراً , حاله.. هممم..
_ مـ..ماذا ؟!
لا اعرف صدقوني لكن انتابني شعور رهيب بالقلق عليه !, أنه سافل أحمق.. لكن.. فعل الكثير.. لأجلي , لأجلنا...
_ حسنا , لا يبدو بحال ممتازة , و.. مع الاسف أظنه سيتأخر كثيراً , لكن لا داعي للقلق , سيد الظلام سيأتي لعلاج والدك..

و دآنييل !! , ماذا سيحل به ! هناك ما يعيقه و يؤخره !! أسيبقى هناك...؟! أم سيعود ؟!. هل سيرجع إلى هنا.. أم سيغادر لمكان آخر...؟! و قوته .. قدراته التي تتلاشي معي.. لا استطيع الاحتفاظ بها ولا حتى فعل أي شيء !.

سألت وأنا أحاول ترتيب أفكاري التي ينبض بها التوتر و القلق : مالذي , كنت تفعله .. عنده...؟!
ماطلني بسخريته الباردة وهو يزم شفتيه الحمراوين : نلعب الشيطرنج , و نتسكع حولنا..!
زفرت بوجهه : أتمنى لو للحظة أن نتبادل أحاديث جدية محترمة , رآفييل ؟!.
أومأ وهو يرد : لكن لا استطيع ! , لو ترين نفسك .. تبدين مريعة بالنسبة للبشر حتى نحن لاحظنا هذا !.. جدية , سوداوية , متشككة ! , لا أعرف لكن لدي سؤال هل حاولت قتل نفسك من قبل كي تتخلصي من هذه الحياة ؟!. أعني كما تسمونه .. انتحار..!
حدقت به بصدمة : هل أنت مجنون !!, أنا لست كذلك أولاً , ثانيا من يفكر بالانتحار! , لدي عائلتي...
قاطعني ببرود جدي : و أن لم يكن لديك عائلة , هم فقط السبب الوحيد لتحملك و بقائك على قيد الحياة ؟!.
شعرت بصدمة كهربائية , سؤاله... يخيفني... لو كنت وحيده بلا عائلة , لا اعتقد بأن هذه ستكون شخصيتي.. وهل صحيح ما قاله عني.. لا أنا لست كذلك .!! قد أكون متشككة قليلا.. فقط...~.~" قلت لكم أكره الكلام مع رآفييل هذا...><!

توازنت و تمالكت نفسي وأنا أقول : حسنا.. لا يمكننا أن نقارن انفسنا بالآخرين بعد كل ما حدث معنا.. بعدما نسترد الحياة الطبيعية سيتحسن كل شيء..
أومأ بهدوء : أوافقك على هذا...
حدقت به مصدومة مجدداً , هو يوافقني على شيء !!, أنا و رآفييل نتفق هذا ... مريب , أبه شيء ما ؟!. >.>؟؟! حمى مصاصي الدماء ربما.. أن كانوا يصابون بالحمى..! يجب أن استدعي داليا و تيرآ ليرياه...!

_ تعابيرك غريبة , لكن هذا مقبول من كلآرا ذات الصدمات المتأخرة والغباء الغريب..
ضاق جبيني ورددت بحده خافته : هل عدت لسيرتك ؟! , أن اتى سيد الظلام سأذكرك له...
اختفت لمعة التسلية في عينيه و همس بجدية : سيد الظلام يعرف تماما ما أفعله !.
_ أنه لا يعرف مالذي تقوله لي ...!
وابتسمت بمكر , وهو يعبس بوجهي بشدة حتى أنني رأيت طرف انيابه... فشعرت بالقلق... ثم تذكرت لأقول بريبة :
_ مالذي كنت تفعله عند دآنييل ؟!.
_ لا شأن لك..
_ أنت قلت بأنه ليس صديقاً لك..
_ و لا شأن لك بهذا أيضاً...!
آآخ من هذا المعتوة ! كيف تتحمله دآليا ! , لا شك بأن لديها مقدرة ما.. عدت للهدوء و الجدية لأسأله ربما يعرف حيلة ما :
_ هل تعرف كيف أعيد قوى دآنييل إليه ..؟!
_ عندما يعود .. أسأليه هو.. هذا أن بقي منها شيء و إذا هو عاد إلى هنا ,عندما يفشل هو لن يعود.. سيمضى الوقت سريعا و سيد الظلام لا يحب التأخير ...!
عاد شعوري بالقلق , والارتباك بنفس الوقت , عندما تذكرت الحلم و الهالة الخفيفة كالرذاذ الفضي المتطاير..
فقلت مجدداً بتوتر : حسنا... و ..لا حتى أي حيلة لمنح القوى أو استردادها...!
_ لا.. اسأليه هو..
رد بضجر .. ولكن..
أنا واثقة بأن هنالك طريقة ما... يجب أن تكون هناك طريقة سريعة.. وكان على ذلك المعتوة أن يتحدث معي.. أو يقول أي شيء آووه الأمور حتى الآن لا تمشي على مسارها الصحيح !
ماذا لو.. لو... ذهبت أنا إليه , كما يدعون أنه سيتأخر كثيراً و لا تبدو حالته جيدة...
ولا أحد منهم يمد يد المساعدة , لكن السيد دآركنس لم يقل لي أي شيء.. لذا لا بأس علي...

.. هم لن يجعلونني أذهب إلى هناك مجدداً , ذلك المكان الأسود البارد القاسي.. الذي بلا ملامح حتى.. دآنييل نصف بشري و بنصف قوته.. لن يتركوه ينهار ثم يأتون في آخر اللحظات , هذا لا يجدي... وأنا لن اسمح بحدوثه..

جلست على طرف سرير والدي أنظر لوجهه الساكن و أمسك بيده الباردة , قبلتها و اغمضت عيني , والدي الحبيب سيعود كل شيء الى طبيعته قريباً و سنكون جميعا بخير..

شعرت بـ رآفييل يغادر الغرفة , فبقيت وحدي مع افكاري , عندما يحل الليل , وهو لم يعد... فهو لن يعود.. و سيأتي السيد دآركنس فقط .. و دآنييل... لن... نراه مجدداً...
هل هذا يعني بأنه فشل في مهمته أو عقابه مهما يكن.. بعدها .. لا يدري أحد مالذي سيحدث.. إن لم يستطع أحد مساعدته , أنا سأفعل , لكن.. كيف...؟!
تنهدت و أنا أغمض عيني بقوة , ثم فتحتهما لأنظر ليدي الممسكة بيد والدي... و ظللت أحدق دقائق بطيئة بـ الجرس المعلق بخيط رقيق من الصوف.. ضيقت عيني , الجرس الغريب الصغير جداً... ظهر أنه شيء لا يستهان به..

توسعت عيني و عقلي يلتقط فكرة خاطفة مرت به كالبرق !

سحبت السوار من يد الدي بهدوء , هذا الشيء يستطيع أن يدخل الى عالم الظلام عندما.. حسنا سأجرح نفسي و سأرغب بالدخول إلى هناك بشدة.. تحديداً عند دآنييل..
مهلاً... لكنه ليس قريبا لنا كي أجده... تنفست بعمق و أنا أقف باتزان و السوار في معصمي .. سأحاول , لم لا...!

مهلاً مجدداً .. يجب أن استعد قليلاً .. اخذت كنزتي الصوفية التي قد رميتها بوقت سابق على الاريكة , و لبستها فوق ملابسي , ثم سحبت معطفي أيضاً و ارتديته من فوقها , هذا جيد.. قد يحميانني من البرودة قليلا..

اخرجت شفرة صغيرة من الدرج , وتشجعت لأجرح نفسي جرحا صغيراً.. آآخ هذا مؤلم حقاً...!!
بسرعة قبل أن يأتون و رائحة دمي ستنبههم , مسحت بدمي على الجرس, همست بتركيز شديد , أريد الذهاب حيث دآنييل.. ركزت عيني على الجرس الملطخ بنقطة الدم الصغيرة , ثم صدر رنين طفيف مفاجئ بلا أدنى حركة مني... رن مرتين , ثم...

شهقت رغما عني و شيء ما يفتح تحتي كالدوامة لأسقط بسرعة خاطفة , رأيت أمامي الفتحة البيضاء تغلق و.. يحل الظلام الحالك جدا ليضرب عيني و البرودة القارصة تعود لتقتحم جسدي ...مجدداَ...!

صرخت وأنا لا أزال اقع !, لكن والدي ذكر شيئا ما عن ممر ...~,~!!! يا ألهي , دائما حظي مختلف بشكل سيء...!!
ارتطمت بأرضٍ صلبة وبقيت ساكنة بمكاني اتنفس بصعوبة و ارهف سمعي بما أن عيني فزعتا من عودة الظلمة , لاشك بأني سأصاب بالعمى نهاية المطاف !.. و حرارة جسدي ستتغير أيضاً ولن تعود لطبيعتها..

آهئ.. لماذا فعلت هذا...! فليذهب ذلك الاحمق بعيداً لا اكترث ..! لماذا أنا حمقاء بهذا الشكل... هل كان علي فعل هذا.. آآآه لا أريد مساعدته , لا اقدر عليها أصلاً ... أريد العودة , فليعيدني أحد , لقد ندمت بسرعة على فعل هذه البلاهة...~~"

أبي سيكون بخير , ودآنييل سيكون بخير أيضا , لكن الوحيد الذي لن يكون كذلك هو أنا بسبب غبائي... آآه ياربي.. أريد الخروج من هذا الظلام و البرد و الخوف...


_ ما هذا الكائن ؟!
_ أنه ملتصق بالأرض !. هل رأيته من قبل ؟!
_ لا أعرف , أين رأسه من قدميه؟!.

ما هذه الأصوات؟؟!! , صوتين مبحوحين مخيفين قليلا لكن.. رفعت جسدي قليلا و بانت ملامح المكان من حولي..
أرض مسطحة سوداء واسعة و هنالك مابدا.. هضاب أو مرتفعات ما لست متأكدة !.. كان علي جلب مصباح ما !!


ولكن الذي افزعني بشدة رؤية شخصين !!, يبدوان كالبشر تماما , رجلين شاحبي البشرة بشدة و عيونهما حمراء مضيئة مخيفة و انيابهما بارز قليلا وهما يقفان على بعد ثلاثة امتار تقريبا مني بملابسهما القاتمة .. يحدقان بي..

تحدث أحدهما ببرود لرفيقه : هاقد تبين.. ذلك هو الرأس..!
من يكونان !! مصاصي دماء......!! مثل ليون و رآف...؟!
ضاقت عيون الآخر قائلا : مهلا.. انظر جيداً , هذه بشرية !!
_ لا ! ... مستحيل أن يدخل بشري إلى هنا...

لا أعرف و لم أحبذ أن اتكلم معهما لا يبدوان لي خيرين.. يجب أن ابتعد.. كان علي أن أجد دآنييل سريعاً...لكني وقعت هنا !!
_ لا يا رفيقي.. أنها تلك البشرية التي من أجلها سير سيد الظلام جيشاً من جيوشه..!!

صعقت برعب , مالذي يقوله.. كانا ينظران نحوي بعيون مشتعلة و وتكشير شديد مخيف .. هذا.. لا يبشر بخير...!
لم أطرف بعيني حتى فجأة اصبح أحدهما أمام وجهي مباشرة , رغم طوله فقد انحنى لرؤية عيناي و وجهه و نظرته المرعبة تجمد جسدي.. هل سيؤذوني.....؟!
بعدما تأمل قليلا رفع رأسه و حدث رفيقه الذي تقدم ببطء : بلى أنها هي , لقد تلقينا تحذيراً بشأنها.. يعني لا نستطيع قتلها مع الأسف.. كل هذه الدماء الساخنة..!
نظر نحوي الآخر بنرة مسمومة وهو يهمس : أنا أشعر بقوى غريبة تتموج حولها.. لو قتلناها ستكون جائزة رهيبة !
حاولت القفز بعيدا او الهرب لكن لا جدى... ظللت أحد بهما بجزع..

_ .. معك حق , لكن سنتجاهلها و نستدير.. بالكاد تخلصنا من تلك المشاكل , كي يظهر لنا شيء مغري و لذيذ كهذه..!
_ حسنا , لنعود للمدينة.. قبل أن يرانا أحد الحراس مع هذا الشيء..!
استدارا على عقبيهما و سارا مبتعدين نحو الهضاب , بعد ثوان فقط وقعت على ركبتي اشهق بتعب , مالذي فعلاه لي ! , لكن حقا كيـ...
_ أنت جالسة تستريحين هنا في ساحة الموت هذه ؟!
التفت مذعورة نحو هذا الصوت الذي اعرفه , مر زمن... كالدهور... حتى أقابل هاتين العينين الرماديتين ذات الخطوط الذهبية المنطفئة.. واقف خلفي بهدوء بلباسه الأسود الكلي بلا كمين.. لم يبدل شيئا... غير أن هناك خطوط العبوس والتقطيب في وجهه بدأت بالظهور..!

مد يده ليرفعني من خصري بحركة خفيفة , شهقت محاولة أن أتنفس هذا الهواء الثقيل الغريب المسموم , لا أدري ما أقول..
_ أنت مجنونة تماماً كلآرا..
_ دآ.. دآنييـل..
_ كنت أراقب ما يحدث , كدت أقتلهما .. لكن حكيم ما فعلاه بتركك وشأنك !
تنفست بصعوبة : لقد كنت أبحـ...
رفع حاجبيه مقاطعاً : لا استطيع أن اعيدك يا حمقاء.. ابقي هنا ريثما أرسل رسالة لـ ليون كـ...
_ لا , اسمع .. جئت لـ.. لـ.. آ.. للمساعدة , و.. لـ.. لأعيد قوتك إليك..
لم ينظر نحوي كان فقط يحدق من فوق رأسي , حيث لا شيء.. همهم : لست بحاجة للمساعدة..
اخفض بصره قليلا لينظر في عيني مكملاً بهمس بارد : .. لو مازحتني بهذا مجدداً سأقتلك , وعندها ستعود قوتي إلي , ولن أبالي بالعواقب..
ضيقت جبيني , هه أنا أعرفك , حتى لو كنت بأسوأ حالاتك..

_ لكني لن اسمح بقتلي قبل أن اقتص منك ! , و الآن أين الحجر الأزرق مهما كان اسمه لنأخذه لوالدي...؟!
هز كتفيه ببرود ثم التفت يمشي بعيدا وهو يردد : افعلي ما تشائين , ألحقت بي أم بقيت عندك لن اهتم لوجودك..
لكن ركضت خلفه قائلا بحده : اجلب ذلك الشيء...!
رفع ذراعه عاليا فجأة يشير لشق أسود عميق أمامنا يظهر ببطء من بين ضباب رمادي
_ أنه فوق سفح ما خلف هذا الشق الكبير.. مليء بالوحوش الهمجية التي لا تعقل.. سوف تقتلك ببساطة.. و أنا سأقول بأني لم أرك و أنه ليس من شأني ما حدث لك..
قلت ببرودة تنافسه و أنا أخطوة بجانبة : لا يهم , لدي نصف قوتك .. سأكون بخير..
يا له من لعين وقح حقير تافه بغيض ! , لا يبالي بي..! هل جن ؟!.. رغم ما يبدو عليه من الشحوب الغريب و الانهاك لكنه لم يفقد حسه المتجمد الساخر الغبي الاحمق , كم امقته... عندما ننتهي من هذا , سأخنقه حتى يكاد يموت..>< !
وصلنا عند حافة الجرف المخيف الذي تصدر من اصوات وحوش مرعبة جعلت ساقي تنهاران ارتجافاً , لم اقترب من الشق و بدأت تأتين نوبات الرعب خاصتي ~.~" .. كيف يفكر بأن يعبر هذا.. أفضل أن أناقش رآف على صحبة دآنييل..!!!

وقف هو على الحافة ببرود و انحنى ليلقي نظرة أيضاً.. كدت اصرخ به , لو ينزلق و يسقط من سينقذنا...؟!
رجع خطوة وهو يضع يده على رأسه و ينظر نحو الطرف الآخر البعيد الغير واضح بسبب الضباب.. قلت بصوت يرتجف :
_ لا تفكر بأن تقفز..
_ افكر بأن أنزل و اصعد مجددا للجهة الآخرى , لكنه شق عميق بداخله شق آخر و ثالث.. لذا سأتأخر كثيراً..
قلت بتوتر و أنا أحاول جاهدة أن أبعد ذكرى الحلم عن عقلي : لو تستعيد قواك مني , لربما سهل عليك الكثير..
ضاقت عينيه و شعرت بألم في صدري , هل هذا حقيقي , هل يتذكر هو أيضاً... تبا لـ...
_ هل أتيت قلقاً على والدك أم لمنحي قواي التي لن تعود...؟! أم لسبب آخر..؟!
مرحى عاد لهدوئه , لكن سؤاله... أجبت ببطء : لكلا السببين.. اعتقد..
زفر ببرود : من يجلب لي أحداً أحمق من هذه الفتاة سأعطيه ما يشاء !!
_هييييييييه >.<؟!!!
مشى عن حافة الجرف خطوات بسيطة ثم قال لي بنبرة جدية : اريدك ان تلتصقي بتلك الصخرة جيداً و كأنها حياتك! سأنادي أحد الوحوش لقتله وأخذ جناحيه..!
هتفت بنبرة جزعة : ماذا ستفعل ؟!!
_ سأمسك به أنا وهو لن يلتفت نحوك.. فقط انبطحي أرضاً و تمسكِ بتلك الصخرة هناك.. هيا كلآرا...!

رغم غرابة ما يطلبه , لكني اعتدت على هذا , رحت أركض نحو أقرب صخرة غريبة و اختبأت خلفها , ألقى نحوي بنظرة غريبة , ثم عاد يمشي خطوتين نحو حافة الجرف , صفق بيديه بقوة تصاعد صداها عالياً كأمواج قوية , كانت الصفقة قوية آلمت حتى أذني ..
صدر صراخ مفاجئ لوحش ما من أعماق الجرف , وانطلق شيء أسود رهيب عالياً في الظلام , ثم هبط الوحش بجناحيه الشبيهين بجناحي خفاش , لكنهما ضخمين جداً ممزقي الاطراف وحادين تشقان الهواء , والصفير الذي يصره عالٍ مزعج و مخيف !!.

كدت أصرخ بخوف و أنا أرى الوحش الطائر ذا الوجه البشع المرعب ينقض على دآنييل الذي سحب سلسلة فضية كبيرة من حزامه في مكان ما لم أره..!
التمعت السلسلة كالبرق وهي تضربه , صرخ الوحش مجددا وحاول الطيران للهرب , لكن السلسلة التفت حوله كأفعى ضخمة قيدته بقوة ولم يستطع الحراك !, اخذ الوحش يصرخ مستنجداً , لكن دآنييل قفز فوقه معطيا ظهره لي , فعقد السلسلة بقوة عليه.
التفت نحوي و نادى بسرعة : تعالي هيا.. ليس لدينا الوقت..

ماذا ؟! ألن يقتله... , ركضت نحوه لكني ابطأ قليلا بقلق و خوف , شكل الوحش الكبير مخيف و اجنحته حادة جداً قد تقطع ساقي لو اقتربت منه..
_ لا تخافي , اقفزي خلفي هيا..
ارتعبت كثيرا و عينا الوحش الحمراوان ترمقانني بشرر.. آآآه كان عليه قتله أنه يخيفني ><"... ذكروني مالذي جعلني أقفز إلى هنا...؟!... هذا صحيح أنه غبائي...!
_ كـــلارآآ ><!!!
مد لي ذراعه , فشهقت و أنا أركض ثم أقفز خلفه , صرخ الوحش غاضباً و كاد يلقي بنا , ومن رعبي التصقت بـ دآنييل بقوة , سنموت ~~"!

وكأنه يمتطي طائراً عاديا ضخماً , شد على سلسلته الكبيرة الفضية اللامعة في الظلمة , فقفز الطائر الوحش رغما عنه و حلق عالياً بقوة ... تشبثت به فقط و اغمضت عيني , لن افتحهما أبداً...
لكني فعلت ! , و حدقت بالاسفل حيث الشقوق المظلمة !!.. رأيت فقط المئات من الخيالات تتحرك متقافزة من جانب لآخر و أصواتها يملء المكان و يزيده رعباً..!
اخيرا قطعنا الشق و هبط بنا الطائر بقسوة و كأنه يريد تحطيمنا معه على الأرض القاسية.. صرخت بجزع... و هتف دآنييل وهو يضع كلا ساقيه من جانب واحد و يحيط ظهري بذراع ,بينما يده الاخرى ممسكة بالسلسلة..

_ سنقفز قبل أن يصطدم هذا المجنون بالارض.. استعدي... الآن...
قفزنا معاً بسرعة و اصطدمنا بالأرض لنتدحرج معاً , لكن لم اشعر بالصدمة حقاً , فقط كان قلبي يخفق كالطبول , و دآنييل حماني وهو يحيطني بذراعيه تماماً..
نهض قائلا : أأنت بخير ؟!.
أومأت غير قادرة على الكلام , التفت وهو يهمس بحده ناظرا نحو الوحش الطائر الذي أخذ يتخبط بالسلسلة غير قادر على التخلص منها : هذا اللعين ! , لقد اشفقت عليه بالبداية , لكني سأقتله الآن ! , وحوش الظلام لا أمان لها..
التفت نحوي قائلا ببرود وهو يسحب شيء آخر فضي لامع : اسمحي لي باستخدام هذا...!
شهقت , أنه الأنبوب !!... سيفي العزيز الرائع !.لقد استعاده !!
أومأت هامسة : كما تشاء...
_ اغمضي عينيك أن أردت وسدي اذنيك , فهو يملك صراخا مزعجاً..
بالفعل فعلت ماقال , ورغم هذا.. سمعت الصراخ الحاد و التخبط , ثم الهدوء.. عاد إلي و سلسلته حول حزامه والسيف بيده , قال بهدوء بينما أنا أقف : اعتادي هذا لأننا سنفعله بطريق العودة.. رغم أن راف علمني طريقة لاستخدام الاجنحة..
سرت معه على الارض الفلاة السوداء التي بلا حجارة ولا صخور , بل تراب و رمادي أسود متناثر ..
_ حقا..! , أنت و رآف صديقين..؟!
لكنه وضع ذراعه على كتفي من الخلف وهو يجعلني أمامه قليلا تحت ذراعيه : سيري أمامي , لا أريد ان تخطفي من وراء ظهري , و نعم أنا و ذلك المعتوة اصدقاء منذ زمن طويل , قبل أن اتعرف ليون حتى...!
حدقت به و قلت مصدومة : لكنه يتفوه بأشياء فضيعة.. عنك أعني.. يشعرني بأنه...
_ أنه يحب أن يتلاعب بأعصابك رغم أني هددته , دعك منه فمزاح مصاصي الدماء ثقيل جداً..
ذلك ال .. رآف من يتحمله ؟!>.< صوت دآنييل جعلني انتبه إليه : هناك جبل يجب أن نصعده..
عيناه ذات الذهب المخفي تنظران نحوي وهو يكمل بنعومة : لا تتوقعي مني أن أحملك على ظهري مجدداً كتلك المرة..
شعرت بالخجل من نفسي , و رددت بثقة مهزوزة : لـ.. لا .. أ .. أنا سأفعل بالطبع..
بعدما سرنا قليلا فقط واقتربنا من الجبل , سمعت صوتاً ما.. و اهتزت الارض فجأة من أسفلنا.. هزات مرتجه متتابعة خفيفة لكن مقلقة جداً..
شتم دآنييل بحده و التفتنا الى الخلف حيث صوت هدير مرعب قادم من بعيد... أو .. قريب..
_ ربآآه !
شهقت و أنا أرى عاصفة مريعة قادمة من.. الملايين من القطع اللامعة الحادة كالسكاكين منطلقة نحونا , عاصفة من السكاكين ! هذا أسوأ شيء في حياتي...!!
سحبني دآنييل بقوة من ذراعي و ركض بسرعة خاطفة لا اقدر على مجاراته , نحو الجبل الاسود الذي نقصده.. بينما العاصفة المريعة تركض هي أيضا ورآئنا...!!
_ يجب أن نختبئ بسرعة قبل أن تقطعنا سكاكين جليد الظلام لألآف القطع !!
شهقت مجدداً فزعة و أنا أرى بعض الاشياء اللامعة الحادة تتطاير من أمامنا و تتخطانا.. يا ألهي سنموت !! , لكن اقتربنا من الجبل كثيراً , و رأينا شق ضيق في ناحية قريبة , اسرعنا نحوه وقرب الفتحة تعثرت و وقعت على وجهي بشدة فشعرت بأنفي يتحطم على الأرض الصلبة الباردة , آآخ... ~~
اسرع دآنييل نحوي و رفعني لكن هطلعت علينا موجة من سكاكين الجليد !!
ظننت بأنني سأطعن بالكثير منها لكنه حمى ظهري وهو يدفع بي للداخل الفتحة , سقطت بداخلها في ظلامها الشديد و شعرت بجسد دآنييل يترنح بجانبي , جر صخرة ما بذراعيه القويين وسد المدخل بسرعة و أنا أسمع صوت الضربات يرشقُ كالمطر القوي على جدران المغارة هذه...!!
كان الظلام تام للغاية وكأنني مغلقة عيني , لا أدري ما سعة هذا المكان لكنه ضيق قليلا وهو أقل برودة بقليل من الخارج ..
انتبهت لـ دآنييل بجزع , لمست كتفه وهو يتنفس بصوت مسموع و بصعوبة , كان جالساً على الأرض , جثوت بجانبه بقلق شديد , هل أصيب عندما كان يحميني !!؟!
_ دآ.. دآنييل...
_.. أعـ.. أعتقد بأن علينا المكوث هنا قلـ.. آآه..
تأوه رغما عنه و أنا ألف ذراعي حوله كي يجلس مستريحا قليلا , همست برعب وأنا أشعر بالدم الحار على يدي على ظهره!!.
_ يا ألهي ..دآنييل..!!
_ آششش! .. لا تجزعي..
_ لكن..! لكنك أصبت ! مالذي يمكنني فعله ؟ يألهي..
هدر بي بحده خافتة : اهدئي فقط ! , سأكون بخير !, امنحيني عدة دقائق فقط لأعالج جروحي بنفسي..
كنت امسك بكتفه وأنا جالسة بقربه , كان يتنفس بصعوبة وهو منحن الظهر ويديه على الارض القاسية , بينما ظهره مليئ بالدماء... آوووه يا ألهي فليكن بخير... كل هذا بسببي.. مالذي عليه فعله الان...!

مدتت يدي ولمست يد دآنييل كانت باردة كالصقيع !. كان جسده كله متجمد ويرتجف..
همس لي بصوت متقطع من التعب : سـ.. سأكون بخير.. قليلاً... فـ..قط..
كان الألم يحرقني لعجزي .. نزعت معطفي , وخلعت الكنزة الصوفية , ثم وضعتها أحيطها من ظهره إلى وسطه لأحاول عقدها
_ مالذي.. تفعلينه !, توقفي... كـ.. كلارا...!
كان صوتي يرتجف أيضا قلقا وأنا أرد محاولة منع يديه من ايقافي : لا.. ارجوك.. لا تتحرك..
عقدتها بقوة حوله , ثم ساعدته ليتكأ قليلا على الجانب , وجلست أنا بجانبه الآخر ثم وضعت المعطف من فوقه.. لقد بقيت بالقميص , لكنه البرودة سواء بالنسبة لي.. لا بأس علي لكن دآنييل يجب أن يرتاح كثيراً بعض الوقت على الاقل...
_ من يصدق.. !
قال ساخراً بصوت خافت : ...كلارا ترتدي معطفاً قبل أن.. تنزل لعالم الظلام.. هذا سيضحك أبي لسنوات...!
هم الحمقى ! , المكان جليدي أسود حقاً...!
همست بعبوس وأنا احيط ظهره بذراعي والتصق إلى جانبه كي ادفئه قليلا : فليكن ..! أنا.. أنا.. لا أحب والدك..
_ هو لا يهتم لهذا.. سوف تدهشين مالذي يثير اهتمامه فقط..
ترددت وأنا أهمس : أ..أشعر بأنه قاسٍ قليلا عليك..
زفر ببطء وصوت خافت : وكأنه يرسلني لغرفتي لأفكر بأخطائي! , ذلك ليس مهماً..
رفع ذراعه ببطء ليحيط ظهري أيضا و يقربني منه.. همس بتعب : اقتربي مني..
لا أصدق بأني أفعل هذا.. لكن ضممته بذراعي بهدوء والمعطف من فوق كلينا أريده أن يدفأ أن يرتاح.. , ساد الصمت الشديد في الظلمة الحالكة..
همس ببطء ناعم غريب ربما لأنني قريبة منه جداً و رأسه فوق رأسي : أتعلمين كيف تعيدين لي القوى؟!.. بنفس الطريقة التي منحتك أياها..
توسعت عيني صدمة , أهو مجنووون ؟!!
_ مااااذااا ؟!!! , إذن ودّعها فقط !! هي لن تعود إليك أبداً !
أردت أن أدفعه بعنف بعيداً كي يتألم , لكن تأوه بالفعل متألماً وهو ينحني قليلا.. شعرت بالرعب وأنا أناديه :
_ دآنييل ! ما بك...؟!
_ هل كان عليك أن تصرخي ؟!. عقلك الأحمق يثير غضبي ! , كان عليه ألا يتذكر..!
شعرت بالغضب وأنا أرد عليه ببرود : عقلي رائع جداً وبخير. ساؤجل حسابك لوقت آخر حتى تتعافى..
عاد لوضعه المريح وهو يهمس ببطء : جيد , عندما أكون بخير سأعرف كيف اتعامل معك!.

آوبس ! , ما كان علي فعل هذا.. عندما يكون بخير لا أود رؤية أو الكلام معه , سيكون شيطاناً...! , مع أنه يبدو مسكينا و ضعيفاً الآن , وغريباً قليلاً.. لكن لا أريد التفكير أكثر.. عدت لاقترب منه و أعدل المعطف فوقنا جيداً..
لا يزال هنالك هدير العاصفة بالخارج ,... و ياللهول .. عواصف عالم الظلام قاتلة !!. لاشك عندما تحل واحدة منها يندس الجميع مفزوعين..!! كيف أمكنني معرفة مكان رهيب كهذا !!... إن كل شيء به قاتل و مريع...
رغم هذا... يختبئ بزواياه.. بعض الخير.. و الظلال العاقلة كما يسمونها..
مر بعض الوقت لا أدركه , لكني امسيت استمع الان فقط لقلب دآنييل , ودقاته القوية , ولكنها هدأت الان.. تنفسه أصبح مريحا أكثر وبطئياً منتظماً والدفء قد عاد لجسده .. بينما يدي على صدره و رأسي على كتفه , اغمضت عيني متذكرة الكثير من الأمور التي تتضمن هذا الشخص..!

كان مزعجاً و قاسياً و بغيض جداً , ويخطط لقتلي في البداية أيضاً ليريح نفسه, لكنه اختلف.. أو.. لا.. ظهرت بعض حقيقته , هدوءه , اهتمامه و قلقه.. أنه ليس سيئا قط.. وأنا... لا أكرهه..!




الجزء 18 [[ الزيارة الأخيرة ! ]]




أخذت انفاسي تتصاعد ساخنة في البرد القارص الذي تسلل حتى عظامي , الظلام شديد للغاية هنا , لا أرى أي شيء و كأنني معصوبة العينين .. المهم هو أن اسمع صوت قلبه , دقاته قلبه بطيئة قليلاً وهذا يرعبني.. همست باسمه قبل لحظات لكنه لم يجبني.. وكان هناك تلك العاصفة المهولة لا تزال تضرب في الخارج استطيع سماع صوتها المكتوم..
حقاً لا يخطر شيئا كهذا ببال أحد ! , هل استطيع تشبيهها بـ انهيارات ثلجية عنيفة في عالمنا...؟!

لا أريد أن ينتابني الفزع الرهيب.. ربما.. هو يريح نفسه قليلا.. لكن أخشى , أن ينام طويلاً و يضعف وعندها لن يكون بيدي شيء لاساعده .. مالذي يمكن لشخص ضعيف مثلي أن يفعل بهكذا وضع..؟!

اشعر بقلبي يطرق بقلق و قوة عكس قلبه , يا ألهي .. ساعدنا... همست مجدداً باسمه.. لكنه لم يجبني , تنفسه خافت و بطيء , ارتعشت برعب .. " دآنـــييل !! .. دآنييــل !!" هتفت باسمه بصوت أعلى وأنا اهزه قليلاً , بينما كل جسدي يرتجف بعنف ليس بسبب البرودة أنما الخوف , لا يمكنه ان يتركني مجددا !...
هممت بالصراخ باسمه مجدداً , لكن صوت ما اوقفني.. هل تخيلت أم ماذا ؟! , التفتُ ببطء حولي.. ظلام فقط.. لا شيء آخر.. و اعتقد بأننا في ثغر صغير أو مغارة مهما كانت.. ليس هنا أي شيء.. لكن انصت بشدة احاول التركيز وتجاهل صوت ضربات قلبي القوية التي تهزني قلقاً...

آوووه العاصفة توقفت..!! لا يوجد أي ضجيج في الخارج.. هذا.. جانب جيد... يجب أن اوقظ دآنييل بسرعة..
تعدلت بجلستي لاصبح أمامه تماما يدي على ركبتيه والجاكت فوقه.. امسكت بوجهه بين كفي , كم كان بارداً , رددت بقلق و شفتي ترتجفان :
_ دآنييــل .. أرجوك.. دآآن .. دآآنييــل؟!
مسحت على وجهه مراراً لعله يشعر بي لكنه ثابت تماما بلا أي حركة... لا يا ألهي.. ابقى حياً... ماذا أفعل... ماذا أفعل...؟!
شعرت بالجنون , لا اقدر على التفكير بأي شيء.. سيموت.. أنه سيموت حقاً , ماذا أفعل.. فليحدث أي شيء.. أي معجزة.. صرخت في الظلام :
_ النجدااااااااااااااة !!!... يا ألهي ... انقذوناااا... النجدااااااااة !!
تلفت في الظلمة و حولي بسرعة , لكن حتى الفتحة التي دخلنا منها لا أعرف أين تكون.. زحفت على ركبتي و لمست الصخر الصقيعية لجدران هذه المغارة... صرخت بيأس و قلبي يكاد ينفجر : سحقاً... فليساعدنا أحــــد !!!
يا ألهي كلانا هالك !!.. و كل هذا بسببي ..!! ربااه كيف أفعل الآن...!!
التفت مجدداً بخوف , لقد اضعت مكانه .. زحفت على ركبتي شاعرة بأن المكان والظلام يخنقي لا اقدر على التنفس !!.. لا اقدر على التفكير.. سأجن... سنموت...!
لمسته اخيراً فاندسست بجانبه و ضممته وأنا أناديه بقوة لعله يسمعني لعلي اعيده الان لينصحني بأي شيء للتصرف هنا.. سأفعل أي شيء للخروج.. فقط قل لي..
_ دآنييــــــــــل أنا أرجـــــوك .. أرجــوك !!.
أتعلمين كيف تعيدين لي القوى؟! فجأة ظهر هذه الكلمة بعقلي المتجمد , توقف الزمن , كلانا على حافة الموت..
همست أشجع نفسي , يجب أن تعود... يجب أن تعودي إليه أيتها القوى .. يجب أن تعودي.. يجب أن يكون بخير.. سنكون جميعا بخير... لم أقدر على العودة للتنفس و حلقي الجاف المتجمد لن يستطيع الصراخ مجدداً سيتقطع كأسوأ نزلة برد تصيبني عندما أسعل دماً..!!
مسحت على وجهه بيدي , و تشجعت لاهمس لنفسي : سيكون كل شيء بخير.. لن أجن الآن.. سنكون بخير..

ضمتته إلي قليلا , أنه عزيز إلي , لا أريده أن يموت.. بل أن يعيش بسعادة .. يجب أن أخلصه من هذا لأنني السبب في مأزقنا , وربما كنت مزعجة قليلاً سابقاً , لكني فهمت ما يجري..
ليس لدي أي فكرة حقاً الآن عن.... لكني انحنيت لأقبله بين عينيه أولاً , شاكرة.. ثم طبعة بأشد رقة استطيعها على شفتيه الباردة لا أريده أن يشعر بشيء , لكني كنت ارتجف.!!... لا أريد أن أفكر ما تكون ردة فعله لاحقاً , و أدعو أن تعود كل القوى إليه..!!
احسست بشيء ما ينسحب من كامل عروقي.. وخافقي الذي توقف لثانية ثم عاد للعمل.. رغم شدة الظلمة إلا أنني رأيتها.. الهالة الفضية الغريبة كضوء قمر مشتت.. خرجت مني سريعاً و احاطت بـ دآنييل ثم اختفت به.. لقد.. نجح هذا !!... و... تباً له ~.~"!

عدت لأعدله كي يتكأ على الجدار و من فوقه الغطاء , ثم انحشرت بجانبه شاعرة بالبرد الرهيب يصل لقلبي والجمود لأطرافي.. لن استطيع التحرك بعد ثوان , والضعف بدأ يتسلل لعظامي شاعرة بثقل الظلام على جسدي.. , آآه .. سأتجمد حتى الموت..

أخذت انفاس ثقيلة متعبة وأنا أغلق عيني بقوة .. ثم فتحتهما بتعب.. مجدداً الظلام الذي أ.....
شهقت بلا صوت رغما عني ... وأنا ... حقاً أرى شيئا... يا ألهي... مـ... ما.. ما هذه ؟! عيون...!
كانت هناك على بعد قريب لا استطيع تحديده , عينين صفراوين كبيرتين و ذاتا بؤبؤ أخضر فاقع , تحدقان بي بقوة و صوت حشرجة عميقة وكأنها قادمة من حلق جائع..
رغم الظلمة القاتمة لكني شعرت بضخامة هذا الشيء لأنه يميل بنظرته و رأسه المخفي .. واحتكاك جسده بالجدران الصخرية..
حسنا... قضي علينا..
ويالا الخسارة بعد كل ما فعلته..!

فقط لأجل الأمل... سأجرب الصراخ مجدداً , لكن ظهر مني توسل كسير ضعيف : أرجوك.. لا تؤذنا...!
_ هذا.. نآيت.. لقد أتى أخيراً .. للمساعدة..!
لم أصرخ مثل هذه الصرخة من قبل !!! , لأقفز مفزوعة مرتطمة بالجانب الآخر من الصخور.. متألمة اعدت أطرافي إلى جانب جسدي أضمه..
وأحدق بالضوء الخافت الذي ظهر من كف يد دآنييـل وهو ينهض واقفاً ممسكا بمعطفي ..

رأيت خيال ذلك الوحش في الضوء الخفيف الشاحب... جسده ضخم وبدا كنمر أسود لكن أضخم من الطبيعي بمرات...!!
عينيه تحدقان بي بقوة لكنه هرهر بخفوت و بقي بمكانه...
اقترب مني دآنييل وأنا انزع عيني من ذلك الوحش لأنظر نحوه وهو يمد ذراعه ليوقفني , سألت بصدمة وتعب :
_ لقد .. عدت..
_ أجل.. لا تخافي من هذا.. فهو حيواني المدلل.. لقد ذكرته من قبل لك.. اسمه نآيت.
صدمت وهو يضمني إليه و يلف المعطف من فوقي هامساً : أنك متجمدة تماما كهذه الصخور.. يجب أن تدفئي.. سنخرج من هنا فوراً..
لم ينطق بأي شيء آخر.. اشار للنمر فاقترب منا بخفه كالظلال.. و توقف قربي , وضع ذراعاً خلف ظهري ليقول : اصعدي..
ههه.. هل يمزح...؟!
دفعني رغما عني لأجلس فوق الفرو الناعم القوي المليء بالعظلات , ثم صعد هو خلفي تماماً وهو يهمس مجدداً :
_ لقد استطعت ان استدعيه قبل أن افقد وعيي.. ضعي يديك على كتفيه كلآرا.. وأنا سأمسك بك..
شعرت بصدمة الحرارة تعود إلي بقوة جعلني أشعر وكأنني ألقيت بفرن ضخم..!!
قلبي يضرب بقوة و حرارة تحرقني و تصل لوجهي.. لم انطق بشيء.. لكن هذا كثير لأنه يحتظنني من الخلف ويهمس لوحشه أو حيوانه المدلل كما يقول بالانطلاق..!

قفز الحيوان بقوة عالياً و تسلق فتحة ما ضيقة لكنه سريع .. ثم اخيراً خرجنا من بطن الجبل لجانبه , كانت القمة أعلانا و نحن بالمنتصف و هنا بعض الضياء كضوء النجوم بليلة بلا قمر.. لقد زالت العاصفة بالفعل.. و بقيت فقط تلك السكاكين الجليدية منغرزة بكل مكان.. يبدو بأن "نايــت" هذا الهر الضخم القوي لا يواجه مشكلة معها.. فهو يدسها بقدميه لتنسحق تماماً..

ظللنا نصعد للقمة بلا أي مشاكل.. و هذا كان رائعاً للغاية و كأن الشمس قد اشرقت هنا.. أن تمشي متراً بلا أخطار في هذا العالم.. أنها معجزة...!
شعرت بعظلات الحيوان تستعد , ثم قفز بقوة عالياً جداً , و هبط بخفة كالريشة على سفح الجبل الأسود هذا.. وآآه هذا الحيوان مذهل بالفعل.. أنه قوي للغاية لكن خفي كالظلال..

رأينا من بعيد و "نآيت" يسير بنا ببطء وحذر.. الاضواء الزرقاء الشاحبة.. للحجارة المقصودة.. والتي كنا نقتل بسببها...! أو بسببي.. لا يهم ~.~".. المهم بأننا وصلنا أخيراً..
كانت جميلة كالبلورات , و ضوئها خافت و جميل وكأنه ساطع جداً في الظلمة.. لكنها كبيرة و صغيرة وبعضها أكبر مني حجماً.. همس دآنييل وهو يقفز من خلفي :
_ ابقي هنا.. سأجلب لنا بعضاً منها..
أومأتُ فقط بجمود.. ذهب راكضاً لايزال سيف جدي يلمع بحزامه , بينما خفق قلبي بشكل غريب قوي , لكن متباطئ الايقاع.. ما كان هذا...؟! ..
ربما فقط سعيدة جداً لأنه عاد لقوته..
لم انتظر سوى ثوان ثقيلة فوق ظهر النمر الكبير , ليعود هو بتلك البلورات الجميلة الزرقاء بين يديه ,
لا استطيع ان أصفها بحجارة..!! أنها كالبلور الصافي النابض بالضوء الازرق السماوي الجميل..!
كنت اعتقد بأن واحدة تكفي , لم جلب ثلاثة إذن ؟!.
قفز خلفي مجدداً قائلاً بهدوء : سنعود الآن.. , امسكي بهذه مباشرة على بشرتك كلآرا..
مد لي ببلورة صغيرة بحجم الكف , فقلت بدهشة : أنا !, لماذا...؟!
_ لأنك جريحه..! ودخلت العالم , وأنا كذلك جرحتْ و نحن كلآنا بشريان دمائنا مملؤه بالسم الآن..

ترددت لا أدري ما أفعل.. قفز "نآيت" من أعلى الجبل و اخذ يهبط بقفزات كبيرة وأنا اتمسك به بقوة بينما دآنييل يلف ذراع واحده حول وسطي والآخرى يمسك بها البلورات..
هبطنا الى الارض أخيراً , نزل"دآنييل" أولاً , ثم لأنزل أنا من خلفه بحذر فالحيوان طويل جداً رغم انه انحنى قليلاً لأجلي , التفت نحوي بهدوء ولكني بخجل رهيب لا أدري من أين اصابي نظرت بعيداً هاربة من عينيه.. تباً , مالذي يجري لي.. اهدئي.. كلآرا..
_ الآن إلى تلك البوابة .. سنظهر قرب المنزل تماماً..
اردت أن اتحرك خطوة صغيرة لكن صدمت بدوار شديد ضرب جسدي فجلست سريعاً أرضاً احاول التنفس و اراحت رأسي
أشعر بالنيران تحترق بصدري ,والبرودة المجمدة في اطرافي , آوه سأموت..
_ كــلآرا...!
شعرت به قربي وذراعه على ظهري.. همست بالكاد : دعني.. ارتاح.. قليلا..
_ سترتاحين كثيراً أنها قوى السلسلة فقط من يحميك , لكن بقي القليل.. تعالي فوق نـآيت..
حملني بخفة ليضعني فوق نمره , وهو يقول : اتبعني بحذر , وانتبه لـ كلآرا جيداً .. سأسير أمامكم..
تابع بصوت بارد : هناك من سيزعجنا قليلا عند البوابة..
سار بسرعة أمامنا.. ومشى خلفه النمر بحركة خفيفة سريعة , مررنا بستار من الضباب , ثم ظهرت تلك البوابة الغريبة معلقة في الهواء بالأعلى..
ولكن ظهرت لنا أيضاً مجموعة من الظلال , لا أعرف عددها ربما عشرة أو أكثر يعترضوننا مصدرين اصوتاً مخيفة .. كانوا معاً بعيونهم الحمراء المشقوقة المريعة , زمجر النمر بحده وهو يقف مشدود العظلات و شعرت بالقلق الشديد.. ستحصل معركة..!!
وقف دآنييل أمامنا هامساً لـ حيوانه : اهدأ نـآيت.. هم فقط لا يعرفون ما سيحدث لهم. اهتم بـ كلآرا فقط..
تراجع بي قليلا بخفة , عير أن عيني معلقة به وهو يرفع يده اليمنى بوجوههم و يهمس بصوت بارد : ستموتون..!
اضاء نور قوي من يده و انطلق كشعاع ليزر ليخترقهم و تتفجر الصخور, يتصاعد غبارها يملء المكان.. والصرخات اختفت .. ثم ... سويت الأرض تماما و اصبحت خالية..!
لقد قتلهم جميعاً بحركة صغيرة واحدة .. حسنا.. قوته مرعبة هل كان علي اعادتها ~~؟ ؟!!

التفت نحونا بعيون بلون الزئبق السائل اللامع جداً , واشار لـ نآيت الذي اسرع نحوه.. فقفز خلفي بحركة خاطفة وهو يحيطني بذراعه اليسرى , قال بهدوء : اقفز إليها الان..
اصبحنا على عتبة هذه البوابة البرونزية الضخمة الغريبة , فقط لمسها دآنييـل بيده , فانشقت تنفت لنا بضوء ساطع يخرج منها , دلفنا ببساطة , و قفز النمر عدة قفزات في الضياء الذي آلم عيني قليلا ..
ثوان فقط .. واصبحنا في باحة .. منزلي ..!
الجو ليلاً.. والقمر في منتصف السماء... لقد... تأخرنا كثيراً جداً..
اختفى النمر الذي لآحظت تقاسيمه جيداً الآن , أسود لآمع جداً حول عنقه الغليظة حلقة ذهبية كلون عينيه الكبيرتين و رأسه الضخم بحجم وسادتين !!
تحرك برشاقة و اختفى في ركن مظلم..

ظللت ممسكة بالبلورة الزرقاء بيدي , سرت خطوة , لكن ضربني الدوار مجدداً و الارهاق المفاجئ الذي سحب كل القوة من جسدي..
فجلست على عتبة المنزل سريعاً قبل أن أقع.. وضعت رأسي على ركبتي.. لكن هذا لا ينفع احتاج إلى أن أتمدد قليلاً...
آآه كم احتاج للهواء الجيد..
_ لا بأس عليك.. ارتاحي قليلا..
طبطب على ظهري برفق , لكن تمتمت بتعب طفيف والنجوم تتراقص في عيني : لنصعد..

لف وسطي بذراعه و رفعني ببساطة , صعدنا الدرحات و بدا منزلي خالياً هادئاً.. شعرت بالتوتر..
حتى وصلنا لغرفة أبي.. قام هو بفتح الباب و دلفنا... ظللت ثانية ثقيلة احدق بـ
والدي الذي يجلس بكل ارتياح على الأريكة و بحجره جيني , و السيد "آرثر دآركنس" جالسا على الكرسي في المقابل باستراخاء...

تركني دآنييـل لأسرع كي اعانق أبي و أشعر بقلبه.. قبلته على جبينه وهو يضحك بسعادة و يضمني إليه.. أنه بخير يا ألهي.. حمدا لله.. احتجت جيني علي لأنني انافسه على اهتمام أبي.. فابتعدت قليلا عنه ليتنفس.. و أنا كذلك..
همس لي والدي برقة : أجلسي هنا يا حبيبتي..
جلست قربه.. و انتبهت لأختفاء دآنييـل..! , بقينا مع سيد الظلام وحدنا.. الذي راقبني بعيون رمادية عميقة لا أعرف ما مقصدها..
همس لي بعد ثوان : مرحبا بعودتك كلآرا..!
رددت وأنا أشعر ببعض القلق : شـ..شكراً ..
الويل لي ! , تابع متمتماً وهو يرفع يده باتجاهي : ألقي لي بالجرس لو سمحتِ..

آآخ من الآباء أنهم لا يبدؤون سريعاً بتوبيخك , بل تعذيب النفسي البطيء أولاً , اخرجت الجرس من جيبي و ألقيته نحوه ببعض التوتر , التقطته سريعاً و تأمله قليلاً , ثم همس : لقد اتفقت مع والدك على تدميره , أنه يشكل مدخلاً بشكل ما نحو الظلام.. ما رأيك أنتِ ؟!.
آووه , لكنه شيء جيد و... قلت موافقة بهمس ضعيف : أجل.. ~~"
_ حسنا.. شابة جيدة , ماذا عن السيف ؟!
أشار برأسه على السيف الذي وضعه دآنييل دون أن ألاحظه على المنضدة الصغيرة قرب مدخل الغرفة .. نظر والدي نحوي , فقلت بهدوء : لا.. أريده معنا , من فضلك.
طرف بعيونه الرماديه العميقة و أومأ ببرود , ثم تحدث مجدداً بهدوء شديد : رغم أني غاضب منك لكن الدهشة اخذتني أكثر , واخبرت والدك بما فعلت..
همست بانكسار و عيني على يدي المضمومتين فوق حجري : آســفة حقاً.. أنا..
قاطعني صوت والدي الهادئ : مع أن تصرفك شجاع وغريب حبيبتي , لكني لا أزال غاضب منك , ماذا لو فقدتك إلى الأبد..؟!
بقيت صامتة و والد "دآنييـل" يقول ببرود : ...وأنتِ لستِ تحت حماية تامة هناك ! , و فعلتما الكثير من المصائب , لا استطيع احصائها الآن.. اعرف بتهور دآنييل , لكنني حسبت أكثر تعقلاً.. ذلك المكان ليس ملهٍ أيتها الشابة , وأحاول أن ابقيه بوضعه بعيداً عنكم.. لكنكما حطمتما القوانين..!
بدأا التهزيئ سريعاً , يا ربي سأموت ~.~".. همست بتوتر رهيب وقلق : صدقاً , لم نقصد هذا..
ولماذا دآنييـل ليس هنا ليتلقى التوبيخ أيضاً ؟!.
_ سأتصرف مع دآنييـل لآحقاً , لقد تحدثت مع السيد موند والدك كثيراً , يجب أن تعودوا لحياتكم السالمة الطبيعية..
همس والدي بهدوء : ليس هنالك أي داعٍ للقلق بعد الآن يابنتي , كان عليك التحدث معي.. رغم هذا , تجاوزنا تلك الأمور , وقال السيد دآركنس بأن كل شيء انتهى الآن , حتى الحراس سيغادرون اليوم..
حدقت بأبي بصدمة , حقاً....؟! الحراس...؟!... لكن....؟!
قال السيد "دآركنس" : لكني سأبقي دآنييل بضع ليالٍ فقط لأجل أن يطمئن قلبي تماماً , بما أن كامل قوته عادت إليه..
ثم تبسم بشكل رقيق هادئ نحوي يا ألهي هل يعلم ؟!... شعرت بالحرارة تجتاح وجهي بقوة..., وهو ينهض و يقول : سأعود لزيارة خاصة لكم لاحقاً , يجب ان ترتاحوا تماماً من كل ما حدث , ولا اعتقد بأن رؤيتنا اصحاب ذلك الجانب قد تنفع بهذا..
نهض والدي وهو يضع جيني جانبا و يقول بضيق : لا حقاً , كانت معرفتكم من أجمل ما حدث.. يجب أن تفعلوا هذا.. هل تعتقد بأنه يمكننا نسيانكم بهذا الشكل..
ظل سيد الظلام مبتسما برقة و هو ينظر نحوي ويهمس : ونفس الشيء لنا , لكني سأترككما معاً قليلاً وأنا سأحدث الحراس بالأسفل.
خرج بهدوء وخطوات بلا صوت , اغلق الباب تلقائياً , التفتُ و ضممت والدي بقوة بينما جيني ملتهيه بلعبتها عند قدمي أبي على الأرض.., فضحك هو بصوت رقيق قال :
_ آوه يا صغيرتي.. انظري إلي..
ابتعدت عنه قليلاً وانا ابتسم بسعادة , ابتسم لي بعيون لامعة , ثم اختفت الابتسامة ليقول بعبوس و جدية :
_ مالذي بحق ال.. فعلته ؟! , أذهبت إلى هناك مجدداً ؟! , لقد افزعتني كلآرا لحد لا يتصور و وحدك هكذا..! مالذي كنت تفكرين به ؟!
همست بخجل وتوتر وقد توقفت جيني عن اللعب لتحدق إلينا بعيون واسعة مستغربة ...: كنت أحاول.. المسـ...
_ لا أرجوك عزيزتي ! , لم يكن هناك أي داعٍ لوجودك !.. وحتى عند آخر لحظة عندما ظننت بأننا خرجنا بخير في منزلنا.. أنا لا أريد أن أفقدك.. أرجوك..
شعرت بالذنب الشديد يؤلمني في قلبي , قلت هامسة و يداي تداعبان البلورة الصغيرة الزرقاء : آسـفة أبي.. سامحني..
_ تعالي إلى هنا..
وعانقني بلطف وقبلني على رأسي هامساً : لا أريد معاملتك كطفلة صغيرة ! , لكنني لا استطيع , تبقين أنت وجيني طفلتي دوماً.. أحبكما كثيراً..
همست بخفوت وأنا اتذكر أمي فجأة و تلك الآلآم ..: أحبك أبي.. آسـفة لقلقك..
نزلنا إلى أسفل , وكان سيد الظلام واقفا في الردهة التي اعتمت قليلاً ..و أمامه يقف الحراس تيرآ بجانب ليونارد و داليا قرب رآفييل.. لكني لم أرى دآنييل.. كان يهمس بشيء ما لهم و وجهه شديد الجدية بعيون معدنية ضيقة التفت نحوها , ثم تلطفت نظرته و ابتسم نصف ابتسامة
قال بهدوء : ألقوا التحية يا فتيان , ثم عودوا لمراكزكم كما كنتم قبلاً..
آووه أهذا الوداع حقاً...؟!!.. ألن... أراهم مجدداً...؟!
قال والدي للفتيات و تيرآ تداعب جيني برقة : لقد اعتادت عليكم حقاً , لقد احبتكم.. هل ستعودون للزيارة ؟!
ابتسمت داليا : لا أدري , ربما ان سمح سيد الظلام لنا..
رفعت عيني لأنظر نحوه , كان يرمقنا دون ان يلتفت , وثبتت عينيه الرمادية القوية العميقة بعيني .. شعرت بالخجل الشديد و الاحراج من نفسي.. لقد سببت مشاكل لا تحصى أيضاً بالتعاون مع ابنه..! هذا محرج...~.~"
حيا رآفييل والدي , ثم غمز لي قائلا ببرود : لن أقول سررت بالتعرف إليك أنتِ , لكن العمل معك لم يكن سيئا.. كنت تثيرين الكثير من الازعاج.
أومأت مواجهة عيونه الحمراء الداكنة و همست : لكنك كذلك مزعج !.
رفع رأسه عالياً وهو يرد بابتسامة : لكن.. معجب بروحك القتالية..
والتفت بعيداً قبل أن ابتسم له ..
ليونارد لمس وجهي بنعومة هامساً : لا حاجة للخوف عليك كلآرا..
همست ناظرة في عينيه : ألن أراكم مجدداً..
ضاقت عينيه وهو يهز رأسه هامسا بصوت خافت جداً : لا أدري عزيزتي.. اهتمي بعائلتك.. شابة جيدة.
ضحكت تيرآ وداليا قائلتين بهمس لي بينما والدي يتحدث مع الفتية : آوه و كيف عادت قوى دآن إليه.. كيف فعلت هذا كلآرا؟!
بالتأكيد هذا غير معقول !!.. قلت بخجل رهيب وصوتي يتقطع : لا أعرف كيف !! , و أرجوكما لا تلمسانني..!!
وأنا أضم نفسي مبتعدة عنهما قليلاً , ضحكت تيرآ و همست داليا بنعومة : طيب.. نستطيع التخمين..
_ لا تنزعجي منا كلآرا , لأننا سنحاول زيارتكم مجدداً , العمل معك كان ممتعاً و فريداً جداً ^^
قالت تيرآ برقة ثم نسيت و تعانقنا ثلاثتنا بمرح ..

أنهم اصدقاء اعزاء ! , سأفتقدهم حتماً بشدة .. ولكن لم السيد "دآركنس" يريد ابقاء دآنييل هنا وحده ...
أليس يحمله الكثير من العمل , اعتقد بأننا بخير تماماً الآن..

__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 02-17-2018, 04:33 PM
 
الجزء19 + 20 الأخير (( كمثل المحيط تحت القمر ؛ مشاعري تجاهه ! ))

(( كمثل المحيط تحت القمر ؛ مشاعري تجاهه ! ))


قال لي والدي بالأمس " هذه الأيام السوداء التي لا يعرف ليلها من نهارها قد تكون قد مرت , وانتهت . لكنها ابقت في عقولنا ذكرى تظل تطوف.. و نظل نتذكر ذلك الخوف , الرعب.. لكنها أيضاً اظهرت لنا اشخاصاً لا يمكن نسيانهم كذلك.. هم ذلك الجانب , الأمان , الحماية.. بعد كل هذا.. سنمضي إلى الأمام مرتاحين.. "
وابتسم لي تلك الابتسامة الرقيقة الدافئة : ليس هنالك ما تخشين منه الآن , ولا جيني , أنا سأظل هنا لأجلكما , أحميكما و أحبكما..!
بقيت في فراشي , أتأمل السقف في غرفتي المعتمة قليلاً , لا أصدق بأني أسمع الآن بوضوح اصوات العصافير , والرياح تداعب الشجر مصدرة صوتاً رقيقاً.. رفعت جسدي بكسل , لكن رأسي لا يزال مثقلاً , وذلك الصداع .. آآخ ~

يفترض أن أذهب للمدرسة اليوم ! , كم هذا.. غريب , و سيء أيضاً.. مدرسة هه !! من يحتاج المدرسة في الصراع مع الظلال الشريرة ؟! , لكنها رغبة والدي .. ~.~
دخلت المطبخ اتثاءب ملء وجهي بقوة شديدة و كأنني لم أنم لسنوات..!
لكن آآه , بقي فمي مفتوحاً وأنا أحدق بدهشة !! , صحيح .. هو هنا..!
كان والدي يتحدث مع دآنييل بهمسات لطيفة وهو يعد فطيرة الصباح , ضيقت عيني , هل ارتدى الأبيض من قبل ؟!
لا أصدق , دآنييل يرتدي قميصاً ناصعاً أبيضاً على الجينز الرمادي وقد شمر عن ذراعيه وهو يسكب القهوة , وكأنه فرد من العائلة..!

التفتوا نحوي فقط عندما هتفت جيني بمرح لي : كلالا !!
ابتسم والدي بارتياح : هآي صغيرتي , لقد افقتِ باكرة هذه المرة , تعالي و تناولي هذا..
لم تعجبني كلمة صغيرتي جداً , لكني رفعت شعري جانباً أنه يبدو في حالة مزرية وحالتي كلها فوضى , هذا محرج !, بينما اختلستُ نظرة في عيني دآنييل الهادئتين بلا لون واضح , كان صامتاً يراقبني من خلف أبي بهدوء.. لا أدري كيف قفزت ببالي تلك الذكرى اللعينة !! , لكني كدت أقع قبل أن أجلس على الكرسي..!!!
سأل والدي فجأة وأنا احتسي شيئا من عصير البرتقال : أسترافقك كلآرا إلى المدرسة ؟
كدت اختنق بشرابي , وأنا أنظر سريعاً نحوهما , ثبتت عينيه علي قليلا ثم همس بهدوء : أجل . لكني سأعود باكراً لنظر حول المكان .
تجهزت سريعاً و قبلت جيني بقوة , بينما دآنييل يقول بهدوء : سيارتي هنا..
أومأت وأنا أرى حقيبتي بيده , آوه .. دائماً ما انساها رغم أنها أهم شيء للمدرسة !
ودعت أبي الذي كان مطمئناً تماماً و مرتاحاً , أما هو فكان يتصرف بتهذيب و هدوء شديد مريب..! , فتح لي باب سيارته التي أراها أول مرة .. سبورت زرقاء داكنة مركونة جانباً وتلمع حتى في الظل , وضع حقيبتي في الخلف , وجلس برشاقة لننطلق..
مرت ثوان من الهدوء وهو يقود على مهل وتروٍ شديد وكأن لا شيء ينتظرنا , .. كنت احدق في الخارج وثقل ما غريب يملئ قلبي.. أشعر بأني أود أن اتنهد كل ثانية و أخرى , الاكسجين لا يدخل كافياً إلى رئتيّ .. ربما لا تزال هناك بعض البرودة قد علقت بي إلى الأبد.. تذكرت تلك العلامة الغريبة بقدمي.. لا أعرف ما هي ولكن اخبروني بأنها لا شيء يثير القلق..
لكنها شيء بالنسبة لي.. أنه شيء سيظل يذكرني بما حدث حتى أموت.. لا اعتقد بأني سأنسى كل ما حدث !!.. بل سأظل اتذكر التفاصيل حتى.. لقد اخذت بثأر عائلتي , تعرضت للألم.. و دخلت ذلك المكان.. عدة مرات.. لا , لا اعتقد بأني سأنسى الظلمة والبرودة..

تنهدت بحده , و مالداع لهذه المدرسة السخيفة الآن ؟!.
_ ما كان هذا ؟!
التفتُ بسرعة وقد نسيت نفسي , لأقابل عينين ذهبيتين هادئتين ولمعة فضية غريبة بهما , همس بهدوء ويده على المقود :
_ هل أنتِ بخير ؟!.
أومأت كالخرساء وفمي نصف مفتوح بحاجة الى الهواء , الكثير منه , لم يبتسم لكنه همس بصوت عميق مجدداً وعينيه تضيقان قليلاً :
_ أتشعرين بألم ما ؟!
هززت أرسي كالخرساء مجدداً , لاحظت بلاهتي الغريبة المحرجة, فقلت بصوت غريب وكأني لم أتكلم لأشهر : لا .. أنا بخير..
عاد للنظر إلى الأمام قائلا بهدوء : أخبريني بأي شيء يضايقك كلارا , من فورك..
نطقه لأسمي اشعرني بحزن غريب طرق قلبي و كأن حرقة ما علقت بحلقي وكأن هذا الاسم لا ينتمي إلي بالفعل .. تماسكت و زفرت لأتنفس جيداً بعمق..
نظر نحوي وهو يوقف السيارة عند باب المدرسة , قائلا بريبة : أنتِ لا تبدين بخير , ربما شحوبك بسبب ما نعرفه كلانا وهو سيزول لاحقاً , لكنك لا تتنفسين جيداً.. وكأنك مختنقة.. مالأمر ؟!
توترت و تلعثمت قليلاً وقلبي يرجف بقوة تهزني : حقاً , لا.. لا أدري..!
قال بضيق وهو يهز رأسه قليلاً وعينيه تلمعان : آه أرجوك كلآرا.. ليست صدمة متأخرة.. أرجوك..
قلت بسرعة : آووه لا أنا بخير.. حـ.. حقا..!
شعرت بيدي ترتجفان , فتحت باب السيارة لأخرج منها بسرعة واقفة.. خرج بخفة هو أيضاً و جلب حقيبتي , ثم أتى من خلفي و أنا أحدق بمبان المدرسة والسيارات و الطلاب يسيرون بطبيعية و يثرثرون , شعرت به يقف قربي و ينظر بوجهي , ثم همس بعبوس :
_ آعتقد بأني سأظل معك اليوم كله , أنكِ فزعة جداً ولا أدري مالسبب..
آه أنا أعرف نفسي حقاً , إن الحياة تبدو لي غريبة أو ناقصة هنا.. و اشعر بأني لا أريدها.. أريد أن أكون وحدي , أو مع أبي.. أو أن أموت.. لا فرق , فليخرجني أحد من هذا الشعور بالنقص , قلبي به فجوة ما ! ..
تأوهت مجدداً والتفتُ بعيداً عن باب المدرسة لأسير بسرعة نحو الأشجار..

_ حسنا كان عليك القول , أريد البقاء وحدي قليلاً.. لا أن تركضي هاربة بعيداً!
ظهر صوته الهادئ من خلفي بعد دقائق من جلوسي تحت اشعة الشمس الخفيفة الظاهرة من خلف السحاب فوق جذع شجرة ضخمة قديمة.. رغم أني أشعر بالدفء لكني كنت أضم كل جسدي إلي و فمي مفتوح قليلاً , كم أكره النسمات الباردة التي تمر علي..!!
همست وأنا أشعر بوقوفه خلفي : فقط.. احتاج للهواء..
_ ...والدفء , أنا أعرف.. ذلك التأثير عميقٌ جداً وصعب التخلص منه.. لكن مع الوقت سيتركك..
أخذت انفاساً كثيرة وشعرت به يتحرك ليجلس على نفس الجذع بجانبي , حسناً لا اعتقد هذا تماماً.. همست :
_ أنت واثق ؟!.
زفر بهدوء : يمكنك قول كل ما تريدين , أو حتى الصراخ عالياً إن كان هذا يريحك..
هززت رأسي ببطء : لا أرغب بفعل أي شيء.. قلتم , بأن كل شيء سيختفي.. أظن.. إلا هذا..
كان يعرف تماماً ما أقصد , تلك العلامة , فقال : أننا لا نقول بأن تنسي كل شيء تماماً.. هذا محال.. خاصة بك , أنه مثير للقلق قليلاً..
تمتمت: مثير للقلق حقاً , إن قلبي قاسٍ ,.. اخبرك أنا آسفة أني لست تلك الفتاة الطيبة جداً البريئة أو المرحة مهما كانت التي تنسى الماضي السيء وتمضي قدماً .. أنا قلقة من شيء ما لا أدري ما هو..
_ أنه نفس السؤال !.
نظرت نحوه بضيق كان بجانبي تقريباً ويحدق بي بعينيه الذهبيتان الهادئة من بين خيوطهما الرمادية , ارتجف قلبي بيأس وألم و كأن أضلعي تطبق عليه..
كررت ببطء احاول فهمه : سؤال... ماذا ؟!.
أومأ عابساً : ها أنتِ حية , والسؤال الذي سألته و أنت تكتبين شيء ما كوصية .. هل سيسامحني والدك ؟. لم نعرف جوابة حقاً , لكن الآن هل ستسامحيني أنتِ على ذلك العذاب..؟! خداعي لك ؟!. وذلك الألم.. يستحيل أن ينساه أيُ شخص مهما كان !
توترت قليلاً , همست مترددة : بالطبع.. لن أنساه.. لكن لن.. أ.. أكرهكم أو.. احقد..
مد يده التي كانت ترتاح فوق ركبته فجأة نحوي وقال ببرود : لنرى أيتها الكاذبة , دعيني أمسك برسغك..
توترت أكثر وقلت عابسة وأنا أضم يداي : لا , لا يمكن أن تعتقد هذا.. وهو ليس بالأمر المهم..
_ أننا نعرف بأنك كائن عجيب مختلف عن بقية البشر , تصرفاتك غير متنبأ بها , الجميع قلق مما سببه لك الولوج لعالم الظلام بضعة مرات !.. هذه صدمة كبيرة للجميع..
_ بالطبع !, ولا حتى أنا ظننت بأني سأعيش !.
رفع حاجبيه هامسا : لكنك تعيشين الآن , وبعدها لا تدرين مالعمل ؟! , ربما رغبتك بحياتك قلت بشدة , صحيح ؟!.
صدمتُ حقاً بما يقول , أنه محق بهذا, جزء منه..! , من الصعب التعمق كثيراً بما أشعر به , أنا نفسي لا أعرف ما أريد ومالذي أنفر منه الآن , رغم أني أحب عائلتي و أريد البقاء قربها لا الابتعاد .. لكني ها أنا أتكور وحيدة.. رغم ثأري , لا أشعر كثيراً بنشوة الانتقام , لقد ظننت بأني سأعمل على هذا الشيء و بعدها تنتهي حياتي ولست أفكر أبعد من هذا.. اطمأنت قليلاً لعودة الآمان لعائلتي.. لكن ماذا عن المستقبل..؟
تمتمتْ وأنا أحاول لملمة أشتاتي والسيطرة على الدوامة في داخل عقلي و ذكرياتي : أنا.. قلقة من.. المستقبل.. أني و والدي.. عرفنا بوجود.. ذلك المكان , أو العالم المظلم الموحش.. أشعر.. بالقلق المتواصل منه.. قد.. أخاف حتى من ظلي.. و .. والدي لا أعلم بما يشعر به..
نظرت نحوه في عينيه العميقتين هامسة : لا يمكنك القول , بأن كل شيء بخير الآن وإلى الأبد..
_ لا , ليس تماماً , لكن.. نحن حولكم دائماً..
هززت رأسي : ستغادر بعد بضعة أيام..
بنبرة غريبة همس : لا يجب أن ترونا , رغم أن البشر أقوياء جداً وتلك الأشياء تهابكم بالفعل..
مستحيل !, أنها مرعبة شريرة وخطرة , هزأت ببرود : في ذلك الظلام اللانهائي البائس.. هي التي تملك شكلاً مريعاً و تختفي وتعبر الجدران وتمد أذرعها كالسكاكيـ..
_ كلارا.. هذا يكفي.. أنت تلومين العالم بأكمله..!
فجأة تكلم بحدة خافتة وعيون حادة تومض كالنار الصفراء , أكمل بعبوس شديد في وجهي :
_ ولكن كان هنالك الظل المتشكل الذي أنقذ حياتك أيضاً , أليس كذلك ؟!. انسي قليلاً انتمائي أنا و ليو وتيرآ ورآف و دآليا إلى ذلك المكان.. تلك الجيوش التي تحت أمرة أبي , والذي ينتمي كلياً إلى هناك .. من الظلال التي تؤمن بالعدل والحياة !.
زفرت ببطء ,ثم همست بحزن يؤلمني ناظرة في عينيه الثائرة : أنا لا ألوم شيئا.. أني فقط.. لا اقدر.. على العودة..
تنهد وهو يرفع رأسه عالياً : ليتك شخصاً عاديا نستطيع محو ذاكرته.. مع أننا فعلنا هذا بك قبلاً أنا و ليون.. لكنك لم تنسي شيئا..! لمَ لا تنسين الأشياء المؤلمة كلارآ ؟! لماذا ؟!.

اخفض رأسه ليسألني بهدوء شديد وعينيه تعودان لهدوئهما العميق محدقا في عيوني أنا , شعرت برغبة عارمة في البكاء.. أنا شخص فضيع جداً يا ألهي لو يعلمون !!.. أنني أكره و أحقد أكثر مما أحب و أصفح..! , لا يمكنني السيطرة على هذا.. طبيعتي غريبة تميل إلى كره الغير .. و أخشى بأني بعد زمن اتذكر من آن لـ آن ما حدث فأشعر بالغضب و أن كان هذا ماضياً.. ستظل تدور و تدور بعقلي.. الذكريات , الألم !.. و أفكر بما سأفعله مستقبلاً لو تكررت حادثة ما..

هكذا أنا , أعيش متعذبه بالماضي , و أفكر بيأس في المستقبل والذي أظنه مظلماً قاتماً بعيداً أو ربما غير موجود !!.. و انسى عيشي في الحاضر.. لا أبالي به .. أنما.. مالذي أفعله ؟!. هل أقطّع نفسي لعدة قطع , أخرج عقلي السوداوي و انظفه , أو ربما يكون مسوداً جداً فألقي به...؟! , فأصبح نهائياً بلا مشاعر ..!
هم قالوها بأنفسهم.. لا نقدر على فقدك الذاكرة.. هذا لأني أعيش متمسكة بقوة بالغضب والكره , الذي استمر بتذكره دائما و أبداً.. هذه ليست حياة.. هذا جحيم... ربما لهذا لدي رغبات انتحاريه..!!
فهمت لمَ رغبت أن أموت حقاً في سبيل الدفاع عن عائلتي.. سيكون هذا شرف أبيض في سوداوية عمري.. و أيامي.. سيقولون كلارا تلك الفتاة الباردة التي تحتفظ بكل انواع المشاعر السيئة و تنسى كل جيد.. قد ماتت من أجل عائلتها.. على الأقل لم تكن سيئة في النهاية..!!
شهقت قائلة و حلقي يتقطع : لا أريد أن أكون سيئة..!!
دموعي تحرقني , لهذا البرودة والظلام لا يتركانني.. أني كالبيئة الممتازة لهما..! يا ألهي.. أقسم بأني أحب والدي و جيني..!
_ لا ! , كلآرا ..؟
شهقت بقوة وأنا أغمض عيني بشدة لعل الحرقة تنطفئ..
_ بما تتفوهين ! , فجأة غامت عيناك..!
_ ليتني مت بذلك الوقت.. آآآآه .. لا أريد أن أعيش هكذا..
_ لا لن تفعلي.. اهدئي فقط..
لم أقدر على التنفس !! أقفل شيء قاسٍ على قلبي , أريده أن يفهم هو على الأقل شيئا ما , أنا لم أقصد أن ذلك الظلام سيء تماماً , هم حقاً منه يفكرون ويهتمون بنا ويستخدمون كل طاقتهم لحمايتنا , همست بألم : لقد ساعدتنا كثيراً , جميعكم , حـ.. حتى والدي أحبكم بصدق.. و.. جيني التي.. لا تفقه شيئا.. تحبكم.. لكن.. أنا لا أعرف..
_ هيه , لا بأس اهدئي ..
همسه ناعم هادئ جداً و ..دافئ أيضاً قريب من قلبي الذي تصعقه البرودة بقوة لتنتشر في اطراف جسدي مع دمي , هذا يؤلم .. أريد التخلص منه سريعاً , تأوهت ويدي على وجهي : يحدث بداخلي شيء سيء.. البرودة تتملكني.. لا اقدر على التخلص منها..
_ هذا وهم كلآرا.. آه أنها بالفعل صدمة متأخرة..
بالكاد ركزتُ على صوتِه , أقسم بأني أشعر بالبرد في عظامي , وعينايّ تتألمان من الضوء العادي , أنا لست بخير.. سأمرض و أموت من هذا..!!
بكيت شاهقة : لا !, أنا أعرف ما يحدث لي.. أنها لن تتركني.. سأجن !
ما هذا البؤس ؟, الموت كان أرحم بكثير من هذا..! , سوف أظل هكذا حتى المستقبل , و ستشتد علي كل لحظة , فأتغير كلياً ببطء سيستحوذ علي الظلام.. لا أعتقد بأنه سيتركنا نعيش هكذا بسلام !, لقد قالوها بأنفسهم , نحن بحاجة للحراسة من آن لآخر..
_ الأسوأ , أننا .. نعـرف... لا .. لا أريد هذا..
كان صوتي يتقطع , والماضي البعيد السعيد لن يعود.. كل شيء لن يعود كما كان..

_لا يمكنك حتى التركيز على الأشياء الحسنّة التي حدثتْ , آهٍ منك كلآرا.. أنكِ مكتئبة جداً..
حاولت أقسم , و بيأس اشحت بوجهي كي أمسح الدموع اللعينة التي بدأت تسيل بلا استئذان.. ارتجفت هامسة بضعف :
_ أخشى.. أخشى المستقبل بشدة.. دآنييل..
_ أنا هُنا , لأجلك.. لأجلكم.. اهدئي..

احسستُ بيديه على كتفيّ , التفتُ نحوه , لكنه انحنى بهدوء نحوي لفنيّ بلطف غريب دافئ ووضع رأسي على صدره, أنه أكثر دفئاً مني حتى !!.. رغم كونه ينتمي إلى هناك أو نصفٌ منه لا يهم.. لكنه قوي جداً لا يزال يحافظ على قوة قلبه ودفء دمه..
احببتُ حقاً وجوده معي .. رفعتُ يدي لأضمه إلي أقرب شاعرة بحرارته , بشعره الأسود الناعم على جبيني وانفي , متمسكة بقوة بكتفيه القويين , قلبي سينفجر حقاً من شدة طرقاته , آووووه لا أريده أن يبتعد... كيف يمكنني قول هذا له !!.. .. أنا.. متعلقة به تماماً.. ان ابتعد عني سأتحطم.. تركتُ دموعي تسيل بصمت انصت لقلبه القوي ! اعتقد بأني.. أحبه.. دآنييل.. , تنهدت باسمه اسأله شيئاً لا اعرف ما يكون , لكنه رجاءً أن يبقى معي أطول..
شعرت بصدره يعلو وهمسه يلامس اذني بلطف : استمعيّ.. لهذا كلآرا .. أنتِ.. لا تحتاجين لأحد..
ممماذا ؟!!.. رفع رأسه , وشعرت بشفتيه تضغطان على قمه شعري , لا.. أرجوك..
نظرت نحوه وهو يتركني ببطء , واجهني بعينيه الذهبيتين اللامعتين وهو يلمس طرف وجنتي بيده : هذه حقيقة.. لحظة عن لحظة ستعرفين هذا حتماً.. امنحي نفسك بعض الوقت.. اطلب فقط أن تمنحي نفسك الوقت !
تمتمتُ بتردد وأنا اخفض يدي ببطء عن كتفيه و أنظر بعيداً : لكن.. آه.. صدقني لا استطيع أن أقـف وحدي..
_ تستطيعين بالتأكيد.. استمعي إلى هذا..
همس بنعومة جعلتني التفت للنظر إليه : اخبرني والدي بهذا.. لقد وصفك بالمحارب القوي.. قال نحن نتعامل مع شخص قوي لا يخاف الموت تقريباً.. رغم كونك فتاة.. الأشخاص مثلك ومثل جدك برآين و والدك الذي ولج العالم نادرون..

نظرت نحوه بدهشة , أوصفني والده بالمحارب القوي ~.~"؟؟ .. هذا لا يرفع معنويات الفتيات غالباً , لكن شيء لطيفاً مس قلبي كالسعادة لأطراء غريب كهذا..
أومأ لي باسماً نصف ابتسامة : ها أنتِ , الأنثى البشرية الثانية التي دخلت عالم الظلام و قلبت موازينه !.
عدت للتحديق به بتوتر.. تمتم ببطء وهو ينظر إلى الأشجار : والدتي فعلت الكثير لأجل والدي الذي لا يفقه شيئا بالمشاعر , لقد دخلت لأجله بمساعدة جدتي , حسناً والقصة منذ البداية كانت مأساة !...هو بالمقابل يلاحقها لأجل السلسلة ..وكم كان هذا مضحكاً اخبرتني جدتي بأنه صعد بأمي أعلى ناطحة سحاب و ألقى بها من فوق ليجرب شيئا ما..
شهقت مرتعبة !, مالذي فعله والده ؟؟!!! ما هذا ؟!

ضاقت عينيه وهو يكمل بعبوس طفيف : كان فقط يريد التأكد أن كانت القلادة تعمل و تنقذ أمي.. حسناً هو كان يفترض !, وحياة أمي لم تكن تعني شيئا له...!
سقط فكي وأنا أحدق به..!! السيدة فلورا.. الجميلة العذبة , الرقيقة , وذلك ال.. ذو العيون المعدنية البارد .. كيف.. اجتمعاً بعدما حدث...؟! هذا جنون ماذا لو ماتت...!!
ضاقت عيونه بحده طفيفة ليهمس : لا أريد أن أفكر ماكان سيحدث لو تحقق الافتراض الثاني !.
ابتلعت غصتي , والده هذا الرجل ><!!! مؤكد بأن السيدة فلورا كان مجنونة تماماً بحبه ذلك الوقت =="
همست سألته خجلة ومصدومة بينما هو لزم الصمت وكأنه يفكر : و.. ولكن.. لقد اصبحا.. والديك..
أومأ بتكشيرة شديدة وعينيه تنظراً بعيداً : وهذا ما يصدمني.. كان على أمي البحث عن رجلٍ أفضل.. حتى أنه في صغري , كان يحاول التخلص مني!
_ مــــاذا ؟!!
لم استطع منع صدمتي الأخرى... سيد الظلام هذا.. هناك شيء ما خاطئ بعقله ××"!!
ضحك دآنييل ساخراً قائلا وهو يلتفت لينظر في عينيّ : حسناً.. لولا جدتي , كان يفتح مدخلاً صغيراً سريعاً ويلقيني به دون علم أحد قائلاً لي "افعل هذا لمصلحتك كي تعيش هناك و تتعلم ".. فتجن أمي و جدتي و يدخلان بحثا عني.. بينما هو يتكأ جانباً يفكر بطريقة أخرى لأبعادي..
قلت بلا تصديق : دآنييل أنت تهزأ بي.. مستحيل أن يفعل الأب شيئا كهذا لأبنه..
همس بهدوء : هذا عندما كنت في الخامسة.. وحتى العاشرة تقريباً , ثم بدأ يقدرني , هو ذو مشاعر غريبة تجاهي..
شعرت بشيء من التعاطف معه , همست بأي رقة استطيعها : بالتأكيد هو مهتمٌ بك الآن..
طرف بعينيه قليلاً و كأنه يقيم نبرتي.. أومأ مسترسلاً بكلامه بهدوء : هو لم يكن يكرهني قط.. أنما يغار قليلاً ويخشى أن تهتم بي أمي أكثر منه , أنه مضحك.. مسكين أبي , هو لم يعرف الـ.. ذلك الشعور أبداً , لكن والدتي تهتم به كثيراً .. أنا لا خوفٌ علي من ناحية هذه الأشياء.. فهو مهتم بي كثيراً جداً , يريد منحي الكثير كي أكون وريثه ..!
ابتسمت بلا شعور , قلت هامسة : هذا واضح , رغم أنه كان قاسياً قليلاً معك..

نظر بعيداً وابتسامة لطيفة تظهر بوجهه , تمتم : حسناً , تلك لم تكن قسوة.. أنا لم أجرب قسوة أبداً , ولا نريد فعل هذا.. أنه ظلامي تماماً لولا وجود جدتي سيسا معه في حياته هناك ربما لتدمر عالمكم الآن..! , لكننا بخير أليس كذلك؟.
~.~" , حسنا سأعترف بيني وبين نفسي بأن والده خطير وذو عقل عجيب جنوني قليلاً رغم أنني رأيته بضعة مرات كان يبدو لي هادئاً رصيناً ..و الجميع لا يحاولوا اغضابه !. لكن حمداً لله لوجود السيدة فلورا معه وكذلك ابنه ..
لم أعد للمدرسة بقينا نتحدث قليلاً بعد , ثم نهض قائلا بهدوء : سأنظر حول المنطقة هنا قليلاً , أستبقين جالسة هكذا؟.
أومأت ببطء وأنا أتأمله وهو واقف هكذا , سألني مجدداً : هل لا تزالين تشعرين بالبرودة ؟!
_ لا , ليس تماماً ..
بعدما غادر , تمددت على العشب تحت اشعة الشمس الضعيفة على جانبي ويدي تحت رأسي , ثم أغمضت عيني اتنفس بهدوء , حسناً , بعدما تمضى الأيام سنرى.. سأرى هل ستتغير حياتي للأفضل أم للأسوأ ..؟ أم تعود إلى ما كانت عليه.. هادئة مسالمة .. لا اعتقد بأن ردة فعلي غريبة حقاً , فلو دخل شخص ما ذلك الظلام و خرج منه.. هل سيعود لحياته بكل طبيعية وكأن شيئا لم يكن.. أم يظل قلقاً يترقب..! هذا إذ لم يمت مثلي.. أتسال ما شعور والدي.. أنه يبدو أهدأ مني بكثير.. و سيحاول أصلاح حياتنا و عودتنا كما كنا..

لا أدري كم مر من الوقت لكني عيني اطبقتا بثقل و نمت بهدوء , فقط لدقائق.. أنا لن أمكث هنا..
سرت رجفة بجسدي.. آآه البرودة لاسعة أيضاً . لكنها ليست تلك البرودة , التقطت اذنيّ صوت مشي خافت على العشب الرطب.. أشعر بأن الجو ثقيل و الهدوء غريب.. من هذا .. صوت الخطوات يقترب قليلاً ببطء.. تنفست بعمق و حاولت الحركة رغم أن جسدي يؤلمني قليلا..

فتحت عيني وأنا أجلس متألمة قليلاً من وضعي الخاطئ في النوم , كان الجو قد اعتم بالفعل.. لكن هناك بعض الأضواء.. هذه أشجار الغابة.. رأيت شخص يقف مقابلاً لي , على بعد اربعة امتار تقريبا.. طويل وذا ملابس داكنة ومعطف .. شاهدتُ عينيه الزرقاوين وشعره الفاتح واضح تحت الضوء الخافتة.. من هذا الغريب..؟!
سألني بصوت هادئ وذا نبرة مميزة ناعمة : لمَ تنام آنسة مثلك هنا ,تحت هذه البرودة ؟!, هل أنتِ بخير ؟!
لم يبدو لي خطراً قط.. : من أنت..؟!
همست و أنا أفكر أين اختفى دآنييل !!.
تمتم بهدوء راداً علي : لم تجيبين لكن اعتقد بأنك بخير, تلك العلامة جميلة !
ماذا ؟! , أي علامة , نظرت لقدمي , البنطال يغطيها , توترت لكن بقيت جالسة بمكاني.. كيف يرآها ؟!..
فجأة همس وهو يرفع رأسه قليلاً : مرحبــاً..!
نظرت الى خلفي بسرعة , كان دآنييل يقف قربي , وعينيه إلى عيني ذلك الشخص الغريب.. أتاني وهو يمد يده إلي :
_ انهضي كلارا.. هاتِ يدك..
امسكت به و نهضت اطبطب عن نفسي , يالا الفوضى ~!
وضع على كتفي معطف أسود وقربني منه قليلاً .. سمعه يتكلم : غريب وجودك هنا ,لآيريك .
رد الشخص بهدوء شديد وهو ثابت بمكانه : لقد شعرت بوجودها وحدها فجئت للاطمئنان !.
أومأ دآنييل ثم التفت وهو يمسكني معه ونغادر بعيداً , قلت بتوتر : من هذا ؟!. هل هو.. حارس ؟!.
كان يبدو أكبر سناً بقليل من دآنييل و الحراس , هذا واضح بوجهه.. هدوءه ربما..
_ كلا.. دعك منه.. كيف أمكنك النوم هناك !.
تمتمت غير قادرة على الاستيعاب ونحن نصل للسيارة : لقد غابت الشمس .. و...
قاطعني وهو يفتح لي الباب ويدفعني برفق : لم تغب !, أنها الغيوم تنذر بعاصفة , لقد نمت لساعتين تقريباً , تعالي سنعود لبيتك ..
قلت باضطراب وهو يركب السيارة بسرعة لينطلق : وماذا سأقول لأبي..!
_ أنك لم تقدري على مواصلة اليوم الدراسي .. لم تقدري على البدء به بالأحرى.. لكننا لن نخيف والدك أليس كذلك ؟.
عدنا للبيت و مضى بنا اليوم بشيء عادي تقريباً غير أن العاصفة حلت بالفعل فوقنا وبقي دآنييل حتى العشاء رغبة من والدي , ثم غادر قائلاً بأنه سيكون دائما بالجوار.. و سيأتي عندما نحتاجه !.

امضيت ساعة كاملة بعد العشاء في المياه الساخنة , فكرت به و تذكرت محادثتنا النادرة تلك , علمت بأننا لن نتكلم مثلها أبداً , أفصح لي بالكثير وكذلك أنا.. , وما كان شعوري ذلك بحق ال... , مؤكد بأنه وليد اللحظة .. أنا.. بالتأكيد ممتنة له بحياتي , وهو شخص جيد.. لكن لا.. لا أظن بأنني أحبه , لم اقع في الحب الذي يتحدثون عنه , لا اعرفه لكني واثقة حدثتُ نفسي بأنه لن يأتي الآن , أنا لست متفرغة له.. يجب أن اعتني بعائلتي..
تنهدت , آآه كنت اشعر بالفزع الغريب هذا اليوم ..!, بعدما انتهت كل تلك الفوضى , أنهم محقين .. أنا أعاني من صدمات متأخرة ××؛ , هو كان محقاً.. فقط أن اهدأ واسلم الأمر للوقت.. سيتحسن كل شيء ويعود لطبيعته مع بعض الوقت..

~*~

في صباح اليوم التالي , مر بنا لوك فرآنس .. وكان يطمئن علينا , لقد انقطعنا عن الوجود لثلاثة ايام تقريباً , رغم أني أشعر و كأنها سنوات ..!!
تشجعت واستعدت للذهاب للمدرسة , وعلى الإفطار , سألني والدي بهمس بينما الطبيب لوك منشغل بمداعبة جيني :
_ ألم تري دآنييل اليوم ؟!
احمررت خجلاً , لما يسألني عنه ؟! أبي يتصرف بغرابة أيضاً ,... رددت بارتباك : لا .. لم أره ~~" !
همهم أبي بعبوس ثم التفت نحو لوك يدعوه لتناول الإفطار.. بعدما انتهينا , اقترح فجأة : يمكنني أن أوصلك بطريقي إلى المدرسة كلارا..
وابتسم لي بلطف , نظر نحونا والدي أيضاً و وافقه : إذا كان هذا لا يعطلك عن عملك في المستشفى..
_ بالتأكيد لا.
لم انطق بشيء , ودعتُ والدي و جيني , ثم خرجت لسيارته البيضاء الجميلة , قال ونحن ننطلق : يذهب أليكس عادة مع رفاقه , ولا يدعني أوصله كثيراً..
ابتسم وهو يركز على الطريق : أظنه يكبر بسرعة..
ابتسمت وأنا أهز رأسي , نزلت و شكرته بلطف , ثم ما ان غادرته سيارته و التفت أنا لأواجه المدرسة والناس , حتى خفق قلبي بشكل غريب.. آوه ها أنا أعود للحياة الطبيعية , يجب أن اتصرف بهدوء , ما حدث في الأيام القليلة الماضية لا يمكن قوله كدردشة عادية لأصدقاء المدرسة..! , وهذا سيبقى سر.. الجميع يعرف دون أن ينطقوا شيئا بأمره..
تمنيت بشدة لو أنه هنا معي.. افتقده , افتقد ليون , تيرآ .. و داليا , وحتى رآفييل.. ويقول أنت قوية و لا تحتاجين لأحد..!

أنه لا يعرف شيئا عني.. أنا بحاجة لشخص قربي يدعمني.. وليس فقط عند مسألة , الحياة أو الموت !! , بدأت اشعر بالغضب , لمَ يتركوننا .. يتركوني قائلين بأن كل شيء بخير الآن..
بدأ اليوم الدراسي بملل رهيب رغم أني قابلت سيلآ و لونا اللطيفتان واللتين اطمأنتا علي , بينما اخبرني الأستاذ المرشد بأن عذر غيابي بأصابتي بمرض الانفلونزا موجود , و حمد الله على سلامتي..!! , تسألت , أي عذر..؟؟! , لا شك بأن أصحاب الظلال تدبروا الأمر بطرقهم المميزة..
سألتي سيلآ في فترة الاستراحة : غريب , ألن يأتي اقربائك الى هنا مجدداً..؟!
حدقت بها بغرابة , عماذا تتحدث ؟!.. آووووه .. قلت بتردد طفيف : لا.. لا أظن , أنهم يعيشون بعيداً..
_ حقا...!
و تنهدَت بأسى.. , و تنهدتُ مثلها.. افتقدهم بشدة..
امضيت الصفين الأخيرين بالنوم العميق.. ولم يضايقني أحد.. حتى افقت و خرجت بهدوء من البوابة لأقف قليلاً و اشاهد الطلاب الأخرين يتمشون بمجموعات و يضحكون بسعادة لأنهم اطلقوا للحرية الآن ..
مشيت قليلاً خارجة سارحة بعقلي , لكن صوتاً خلفي ناداني ..
_ هآي كلآرا..!
التفتُ بهدوء و دهشت لرؤيته لم اكد اعرفه بالبداية , اقترب مارك بابتسامة مترددة وهو يرتدي تيشيرت ازرق و حقيبته على كتفه , وقف أمامي قليلاً وهو يسألني بحرج احسسته :
_ أنها أنتِ , كيف حالك , لم أرك لوقت طويل.. أكل شيء بخير ؟!
رددت بسرعة : آه أنا بخير الآن , شكراً لك..
أومأ وبدا أنه اضاع الكلمات قليلاً , لكنه تمتم بلطف : اراك وحدك , أين صديقك ؟!
ماذا الآن ~.~" !!, لماذا يتذكرونه , هو سيذهب ولن يعود , رددت بهدوء : أنه ليس هُـ....
_ كلآرا !.
التفتُ مصدومة , و رأيته , واقفاً قرب سيارته الداكنة بقميص أسود بلا أكمام عضلات ذراعيه بارزة وهو يضع يديه على وسطه ,
مرتدياً بنطالاً رمادي داكن مشابه للون عينيه , والتي عرفت منهما كالعادة بأنه في مزاج ليس جيد..!
قال مارك بتردد : ذلك هو.. هل يدرس هنا ؟.
قلت شاهقة وأنا أعود للنظر نحوه : لا..
همس : إذن لا يمكنني رؤيتك مجدداً..
_ بلى !..
لا أدري لكني نطقت بهذا بيأس غريب آلمني , أكملت و أنا أشعر بالعيون الرمادية الباردة معلقه في ظهري :
_ سوف أراك مجدداً.. أعنى لنتحدث..
ابتسم باشراق قائلا : آه حقاً.. بالتأكيد..!
ودعني وهو يلمس يدي شيئا طفيفاً , ثم مشيت بحذر من قرب دآنييل , الذي بقي يحدق بالفتى , ثم التفت لينظر نحوي قائلا :
_ مهلك !, تعالي إلى هنا.. سأعيدك أنا..
قلت بهدوء وغضب طفيف ينمو قرب قلبي : آه , حقاً , ظننتك تركتنا..!
فتح لي باب السيارة وأنا أسمع زفيره الحاد وهو يأخذ حقيبتي ببرود , ثم انطقنا بسرعة هادئة
مرت لحظات ثقيلة من الصمت المزعج , قلت وأنا أحاول أن أكون طبيعية : لا بأس , اعتقد بأني سأعود لحياتي الطبيعية..
همس بتكشير وعينيه على الطريق الخالي الجميل : نعم , أسرع مما توقعت !.
مالخطب ؟!. نظرت و حدقت بعينيه الرماد يتموج بحده مع الذهب كالبركان , نعم كما كان قبلاً , دآنييل لا يتغير لكن لديه هذين الجانبين .. , لكن عندما يختلطان بعنف هكذا.. ما يكون شعوره ؟!.
_ لما تحدقين بي هكذا ؟!.
التفت نحوي بضيق , همست له بلطف : اطمئن عليك.. تبدو منزعجاً..
_ لا أنا لست كذلك ..
رد بسرعة و تكشير.. ثم قال وهو ينظر إلى الأمام : كيف كان يومك ؟!.
_ كان مملاً للغاية..
_ لا يبدو لي هكذا حتى اللحظة الأخيرة !.
_ أتتحدث عن مارك ؟!. أنه شاب جيد.. أنا أشعر بهذا..
زفر مجدداً , واطبق شفتيه.. وعندها تذكرت تلك اللحظات التي كالخيال.. كخيال غريب في وقت ما , أو أن الوقت اختفى , مالذي كان يحدث.. أنا هناك اشعر بالتشوش.. و.. آه ضيق في التنفس..
التفت بوجهي بسرعة الى هواء النافذة و اخذت اتنفس بعمق..
_ مالأمر ؟!. لا تستطيعين التنفس مجدداً..!
سألني بضيق وهو يلتفت نحوي.. قلت بتوتر وقلبي يخفق خفقات غريبة , بطيئة لكن قوية تزعجني..
_ آه لا أدري.. مالذي يجري..
هدأ السيارة حتى توقف جانباً , ليتفت نحوي بكامل جسده , سائلاً بقلق خفي شعرت به :
_ وأنا كذلك لا أدري ما يصيبك عندما اقود السيارة بالذات , هل علي تغييرها ؟!
كان يهزأ بي.. نظرت نحوه وعيوني تحرقني قليلاً : اني افتقد ليون و تيرآ وداليا بالمدرسة.. وكذلك راف.. هل حقاً لن أراهم مجدداً..
سألني بنبرة بدت لي يائسة , وكانت عينيه تتموجان بالذهب السائل , صدمة لعبوسه بوجهي , التفت لينطلق بالسيارة بسرعة قائلا بنبرة باردة :
_ آوه حسناً.. اتركي هذا للوقت أيضاً.. تفكيرك بالمستقبل يزعجني..
كان مسرعاً و وصلنا للمنزل بلمح البصر , نزلت متضايقة و اختطفت حقيبتي قبل أن يأخذها , ذهبت لغرفتي بسرعة لأبدل ملابسي.. ما خطبه , لا أريد بروده , هل يمكن أنه يكره مارك ؟! , ولكن كذلك عندما ذكرت الحراس بقي عابساً..
جاء الليل سريعاً وهو باقٍ هنا مع والدي , بينما أنا ألاعب جيني في الردهة , لكنها ملت مني سريعاً و اخذت تزحف إلى المطبخ وهي تمتم بسعادة
_ دآآن .. دآآن ..
حقاً , هذه الصغيرة ><" , لكني نهضت خلفها أحاول تعليمها المشي , قبضت على يديها الصغيرتين و أخذت اسير الى الوراء وهي أمامي وأنا أشجعها : هاهي كعكتي اللذيذ تتعلم المشي.. من هي جميلتي الفاتنة الذكية.. نعم أنها أنتِ... أ...آه..
اصطدمت بأحدهم من الخلف وكدت اقع , لكن يداً قبضت على خصري لأثبت بمكاني.. رفعت رأسي لأراه الشخص الذي تتغنى به جيني قبل قليل .. قال بضيق وأنا اتوازن واقف : احذري..!
_ اسفة..!
مر العشاء بهدوء و كذلك اليوم التالي , والذي يليه , حسنا كنت حقا استعيد حياتي الهادئة الطبيعية , اتحدث مع الفتيات صباحاً و وقت الغداء اتناوله مع مارك متحدثين عن أي شيء.. كان أليكس ابن لوك فرآنس يمر بي دائما يلقي التحية ونتحدث بمرح..
بينما اتى والدي ليعيدني للمنزل , لم تكن المسافة بعيدة , سأحاول أقناعه بأن أعود مشياً مثل سيلا ولونا بيوتهما على نفس الطريق , و تسألت لم لا أرى دآنييل كثيراً , يأتي ليتحدث قليلا مع والدي قرب الغروب و يختفي بعد العشاء.. لا أراه صباحاً أبداً..
حتى أتى نهاية الأسبوع , وقد خرج صفي باكراً لأن الأستاذ متغيب, فقررت عندها أن أجرب العودة وحدي للمنزل.. لا بأس سأستنشق الهواء و أحرك دمي قليلاً عن كثرة الجلوس في الصف..!
مشيت حتى صفوف الأشجار على نواح الطريق , و أنا أشعر بأني وحيدة , لكن حرة.. أو أن الحرية قد تعني الكثير من المعانِ الأخرى.. اشعر احياناً بأني فقدت جزء كبير من حياتي , أنا لن أحاول نسيان الماضي.. حتى جيني أحيانا عندما اتركها وحدها تناجي تيرآ و داليا وليو بطريقتها الخاصة.. و تظل عينيها الواسعتين الزرقاوين لامعتين تحدقان بالفراغ , بانتظار ظهورهم...
لكنهم لم يظهروا قط..

شهقت رغما عني وأنا ابطء الحركة .. يجب أن نراهم مجدداً قريباً.. المنزل.. خالٍ جداً.. حتى ولو أرى رآفييل سأكون سعيدة للغاية.. هل يمكن أن يوافق سيد الظلام ؟ , اعتقد بأنه أبعدهم من أجل مشاعرنا نحن.. حراس من ذلك المكان , يحرسوننا من المكان نفسه..!!
فجأة سمعت صوت الرعد , لكنه بعيد والغيوم متجمعة بالفعل فوق رأسي , لم امشي سوى خطوات بسيطة حتى هطل المطر بطيئاً قليلاً , فأسرعت في مشيتي ..

اقتربت من المنزل وقد تبللت كثيراً تحولت القطرات البسيطة لزخات غزيرة باردة تطير مع الرياح بعنف على كل سنتيمتر من الأرض , ومن جسدي أيضاً..!
دخلت المنزل بسرعة و خطواتي مكتومة , لكني سمعت والدي يتحدث بالمطبخ قائلا : هل يجب أن تغادر الآن ؟! , إن الوقت باكر.. وكلارا لم تعد بعد من المدرسة..
_ يجب أن اغادر سيد موند , والدي اخبرني بهذا.. اشكركم لكرمكم معي..
توقفت مصدومة قبل أن أدخل , هل سيغادر الآن !!. أيضاً كالأخرين.. لقد كنت اتجنب هذه اللحظة منذ أيام.. لكن الآن.. أنا غير مستعدة...!
_اعتقد بأن كلارا تود أن تودعك.. ألن تنتظر قليلاً..؟ وجيني نائمة أيضاً..
جاء صوته الهادئ : لقد ودعتُ جيني في الصباح , لا أريد أن أكون فظاً . لكني ودعت كلارا بوقت سابق..
سمعت صوت مصافحة و والدي يقول : يجب.. أن تعود يوماً ما لرؤيتنا , جميعكم..
_ سأرى سيد موند.. حقاً.. شكراً لك..
_ أنا أشكرك بشدة لاعتنائك بنا.. أنت شاب صالح مسرور جداً بمعرفتكم..
تنفست بضيق , بل توقفت عن التنفس المتقطع المؤلم , مالذي يجري..؟ , هذا اللعين يريد المغادرة دون قول أي شيء لي.. لو لم أخرج باكرة من المدرسة .. لعدتُ ولن أجده.. أبداً..
صوت صراخ جيني أرعبني لثانية وجعلني اضم نفسي جزعة .. خرج والدي مسرعاً من جانبي قائلا : لقد استيقظت , سأراها سريعاً..

ربما لم يلاحظني.. لكني جمعت انفاسي والتفتُ لأدخل بسرعة الى المطبخ , رأيته قد خرج من الباب الآخر مغادراً تحت المطر.. بعيداً.. ترددت كيف يغادر , مالذي .. آآه...!
اسرعت خلفه و انزلقت و وقعت بسرعة على ظهري وسط الوحل والمطر وكأنني أشعر بارتجاج في جسدي !!, لكني وقفت بسرعة وهتفت بصوت متقطع غريب : مهلاً... أنت !!
كان قد التفت مندهشاً وقد خرج من سور المنزل .. عيناه غريبتان علي ..
هرعت نحوه وأنا في حال مزرية , مسحت عن وجهي المياه و الأشياء التي طارت عليه , قلت و أنفاسي تتسارع في سباق متعب :

_ هل أنت مغادر الآن !. دون أن تنتظرني لأعود من المدرسة...!
لكن قال شيئا آخر : أنت مبللة تماماً , عودي للداخل و إلا أ...
قاطعته بعيون حارقة و أنا أرى العينين الذهبيتين القاتمتين كالعسل الأسود ربما للمرة الأخيرة : دعك مني الآن , أنا لم اعتقد بأنك ستغادر اليوم !.
_ ماذا ؟! , يجب علي هذا.. لا تقلقي سيكون هناك حرس آخرون في المنطقة لـ..
قاطعته مجدداً شاعرة بالغضب من برودته الغريب التي تنافس برودة المطر : لا نريد حراسة ! , لم كذبت على والدي قائلا.. أنك ودعتني.. لـ..
تمتم بهدوء وهو ينظر إلى شعري الذي يقطر من شدة البلل : ليس هنالك أي حديث يقال بعد ذلك الحديث.. أنت تعلمين أنني مغادر , لا أفهم سبب انفعالك , عودي للداخل قبل أن تصابي بالمرض !.
_ آوووه فلأموت ! , لا تتحدث هكذا.. أريد.. أريد أن أتأكد بأنك... أنك..
لا أعرف ما أقول , لكن مهما كان ما يدور بعقلي أو قلبي الذي يطرق بقوة تهزني هزاً , يجب أن يخرج بسرعة على لساني.. ليس لدي الوقت..! لم أشعر بأني اتشبث بسرآب !
_ أني ماذا كلآرا ؟ , أني بخير ؟, نعم هذا صحيح , ليس على كلانا أن يشعر بالذنب , حتى لو تظنين بأنك سيئة , أنت تعرفين بأنك مهما فكرتِ , سيكون كل شيء بخير في النهاية..!, ليس عليك امتلاك تلك النظرة السوداء مجدداً.. هل تدركين ما لون عينيك الآن..؟!
اقترب مني خطوات حتى تلامست اطراف قدمينا وأنا أحدق بعنقه غير قادرة على استيعاب الكثير , همس هو بهدوء :
_ لونهما أخضر قاتم جداً كالزمرد غريب من نوعه , عندما تنفعلين هكذا و تضيعين تماماً , أفهم هذا الشيء منك على الأقل , أنتِ لن تحقدين علينا في نهاية المطاف..
رفعت رأسي قليلا و نظرت في عينيه الذهبية اللامعة في عتمة الجو.. كان المطر يتساقط من شعره أيضاً.. همست بتعب :
_ لن .. أفعل.. لكن.. أنا.. آسفة كل ما سببته لك... من متاعب.. حتى ذلك اليوم القريب.. لقد غضبت لكني لم أفهم لماذا؟ , رغم هذا.. سامحني..
طرف بعينيه ببطء و اختلفت نظرته قليلاً للقتامة وهو يسبلهما قليلاً , ثم همس وهو ينحني شيئا يسيراً نحوي :
_ لا بأس , آسفٌ أنا أيضاً.. حاولي مسامحتي.. و.. غضبي ذلك اليوم.. ربما لأنني لن أترك أثراً جيداً كما فعل الحراس بالنسبة إليك.. ها أنا أقولها صراحة .. بعدها لن أوجد كي أنطق بأي شيء..
ابكاني تبا له , دموعي الساخنة تحترق فوق بشرتي المبللة الباردة وشفتي تنتفخان وعيني تحمران بشدة , ها هو يقولها , لن يعود مجدداً.. يقول بأني لن افتقده ؟!!! أيمزح معي... ما عساي أفعل بحياتي المتبقة بعد اختفائه ؟؟!!
لمس وجنتي بيده متمتماً : آششش , لم هذه ؟ أنت مبللة كفاية ؟! , ها نحن نتصافى , لا بأس عليك..
شهقت قائلة لا اصدق ما يقول : سأفتقدك.. يجب أن تعود.. يوماً ما..
لم استطيع تمييز نظرته لأنني رفعت كفي لأغطي كامل وجهي محرجة باكية يائسة.. لا أدري مالعمل..؟
شعرت به فقط يميل نحوي و يغمرني بذراعيه ويقربني من صدره.. همس بهدوء : أقول لك.. بأن الأيام كفيلة بكل شيء.. كوني بخير اتفقنا.., أنك قوية كفاية للعناية بنفسك وعائلتك..! , سأتركك الآن.. حسناً ؟.
كلماته تقتل كل أفكاري , الأيام كفيلة !!. هل يمزح معي وأنا غارقة ببؤسي هذا..! شعرت بشفتيه على رأسي , ثم تراجع سريعاً بضع خطوات , وشفتي ترتجفان , لا تتركني.. ,فوجئت بملابسي جافة دافئة وهالة فضية تختفي , ثم رأيت عينيه الذهبيتين الداكنتين ذاتا الخطوط الفضية فقط.. ليختفي في موجة من رياح المطر البارد...
بقيت متجمدة مكاني.. أحدق بمكانه الفارغ..
لقد غادر.. لقد... اختفى...
...

ظللت احدق بقطرة ندى صغيرة لامعة على طرف العشبة و وجهي على الأرض و جسدي كله ممدد على العشب الرطب و الشجرة من فوقي تقطر من الأمطار الغزيرة في الأيام الفائتة.. , التي مضت كسراب.. تكورت على نفسي.. ودمعة حارة تسيل مجدداً بنفس مسار سابقتها فوق خدي حتى شفتي , لم أعد أرى جيداً من انتفاخ عيني.. زفرت .. ها أنا أتنفس.. و اشهق الهواء البارد.. و اخرجه ساخناً كبخار متكثف أمام وجهي..
اغمضت عيني بقوة و تنفسي يضطرب.. جزء آخر من قلبي مفقود .. وقد ترك فجوة أكبر و أعمق من سابقتها , و أشد ألماً , بينما لا أقدر على التفكير بأي شيء.. سوى أنني لن أرى تلك العينان مجدداً..

ليتني أحلم عنه.. لقد مر أسبوع كالعذاب رغم تفاهة ما يحدث في الأيام.. لهذا لا اتذكرها.. فقط.. أريد البقاء في هذه البقعة التي تكلمنا بها أنا وهو .. عن أشياء راكزة في قلوبنا.. و تكلم معي.. كثيراً.. صوته.. كان جميلاً.. اتذكره.. ما عساي أفعل .. لأعيده...
شهقت .. وانهمرت الدموع... لم اعد استطيع فتح عيناي.. لا أريد هذه الحياة من دونه.. من دونهم جميعاً..

غبت في دوامة من الظلام الهادئ , كنت اسمع انفاسي كآهات ~ , و يدي تضمان جسدي.. هناك بعض البرودة.. والضيق..
لا أعرف كيف لكني تعبت من نومي, ففتحت عيني بصعوبة , لم أرى سوى العتمة قليلاً.. لكن هناك شيء ما فوقي , ثقيل , بارد قليلاً لكنه جاف و مريح .. معطف...؟!
رفعت عينيّ قليلا لأجد شخصاً ما جالساً أمامي على بعد قصير.. ينظر نحوي.
.
لم أرى ملامحه جيداً بسبب ركونه في زاوية الشجرة المظلمة .. لكنه كان ينظر نحوي منتظراً.. لا يمكن...!
هتفت بصوت مبحوح : دآنييـــل !!
و الأمل.. هل الأمل يعو... هز رأسه هامساً مقاطعاً حبلاً من الشوق :
_ آسفُ حقاً أنني لستُ هو..
من هـ...؟!, تذكرت.. تلك النبرة , وقد اعتدتُ قليلاً على عتمة المكان لأرى عينيه الزرقاء الفاتحة ,وشعره الفاتح.. تمتم بينما بقيت أنظر نحوه :
_ خفتُ عليك , فبقيت هنا لأجلك .. هل أضعتِ الطريق لمنزلك يا صغيرة فنمت هنا في الغابة ؟!
مؤكد بأن المعطف الذي فوقي هو له , اشغلني عن دوامات بؤسي , فسألته بتعب : هل أنت حارس؟!
رد بهدوء ورصانة وهو جالسٌ بمكانه : لا , هل احبطتُ أملك مجدداً , رغم أنني غطيتك بمعطفي ؟!
من يكون ؟!, لقد ذكر دآنييل اسمه.. لكنه ليس شريراً.. مؤكد شعوري بهذا , لكنته غريبة وقديمة وكأنه من زمن آخر..
سألته بخفوت : هل أنت مصاصُ دماء ؟!.
تنهد بوضوح أمامي وهو يرفع رأسه عالياً قليلاً : آيه , بدأت أشعر بالخيبة .. يبدو بأن ذوقك صعب , آنستي..
تنهدت أنا كذلك , يا له من غريب ما يكون ؟؟!! , استويت جالسة ببطء وألم شديد في عظامي وأنا أشد معطفه علي لعلي أدفئ ..
فجأة أتى صوته الخافت الهادئ : إذن.. عدتِ إلى هنا.. بحثاً عن طيف حبيبك؟ مر زمن طويل قبل أن أشعر بالحزن لأجل بشري ما.. ألم تجدي أي شخص آخر سوى وريث الظلام , آنسة ؟!.
بقيت متجمدة بمكاني ذكرني بسخرية رآفييل لكنه يغلفها بكلمات مهذبة , رغم هذا تظل سخرية !, قلت ببرود له : لا شأن لك يا سيد مهما كنتْ..!
اخذت أدلك ساقيّ قليلاً كي انهض واتحرك.. لا أدري منذ متى وأنا هـ...
_ كنتِ تخططين للموت هكذا طريحة بين الوحول ؟, هذا سيء آنستي..
نهضت واقفة و أنا أرفع معطفه من فوقي بسرعة و غضب , نهض هو أيضاً بسرعة و بلمح البصر كان يقف بالقرب مني , قائلا بأسف مهذب :
_ اعتذر جداً عما قلته الآن , لا تنزعي المعطف أرجوك.. البرد سيء جداً عليك..
رفعت رأسي بحده فرأيت وجهاً جميل التقاسيم وكأنه نبيل ما من عصر قديم ذا شعر أشقر فاتح جداً كلون الشمس وعينين زرقاء كالسماء الصافية.. طويل رشيق و يبدو بآواخر العشرين ..
ابتسم لي برقة هامساً : كنتُ عابر سبيل , لكني رفيق جيد للبشر , أنا أعرف من تكونين آنسة كلآرا , وأعرف بأن سيد الظلام بنفسه مهتم بأمرك و عائلتك.. لكني صديق , ألا تتذكرين اسمي.. أدعى لآيريك شايروس. اسمحي لي بمرافقتك للمنزل..
حاولت نزع المعطف وأنا أقول بهدوء : لا .. شكراً.. خذ معطفـ..
_ كما تشائين , أردتُ المساعدة , لكن.. الآنسة كلآرا ليست بحاجة لأحد !.
همس بهدوء وهو يومئ برأسه.. قلت بألم وأنا أسلمه معطفه بينما الدموع تهدد بالانهمار : مهما يكن.. شكراً على هذا.. وأرجو أن تكمل طريقك بسلام..
قال فجأة من خلفي : لكن ذلك غير صحيح , ما قاله وريث الظلام.. الجميع , كائن من كان .. بحاجة لصاحب بحياته..
التفتُ نحوه لكنه اختفى فجأة و هبت ريح باردة خفيفة في المكان..
_ أنه التهاب في الرئة ! , وحرارة سيئة, اعتقد بأن كلارا ستلازم الفراش هذه الليلة هنا !.
تحدث لوك لوالدي وأنا بالكاد أنظر نحوهما من شدة التعب و النيران التي تتأجج بداخلي.. كنت بالمشفى , عندما حاولت النهوض صباح اليوم فوقعت من السرير غير قادرة على حمل نفسي..!! آآخ ولما وضعوا هذه الإبرة ذات الأنبوب هنا بيدي ××"
تمتم أبي بقلق : ارجوك أن تعتني بها جيداً..
أوما الطبيب قبل أن أطبق عيني و شفتي تهمسان : آسف أبي..
كنت أعلم بأنني حلمت عنه , أو الذكرى الأخيرة تدور بعقلي.. كنا تحت المطر وهو يهمس بتلك الكلمات الغبية التي تثيريني دوماً ولا تتركني إلا مع موجة بكاء متعب.. لذا سأقبع هنا قليلا في الظلمة الدافئة حتى استيقظ.. أنه حلم..
شعرت بيد تمسح على يدي.. آه والدي الحبيب لا يزال هنا.. لكن.. أليس الوقت متأخر؟ وهو غير مسموح بوجوده ؟؟
من الذي يداعب يدي واقسم بأن هنالك ثقل ما معي على السرير !!, لأفتح عيني بسرعة...
لكني فعلت بصعوبة و بعد وقت طويل.. ولم... لم أجد.. شيئاً..
اغمضت عيني بقوة و أنا أقاوم البكاء و الحرقة.. لا شك بأن هذا وهم..~!

بقيت يومين في المشفى , لقد اشرف لوك على علاجي سريعاً و كان أليكس يزورني وكذلك فعلت سيلا و لونا .. في اليوم الأخير أتى مارك ومعه باقة صغيرة لطيفة من الزنبق الأبيض..
في المنزل مضت الأيام بهدوء و من يساعدني على الدراسة والعناية بـ جيني هي.. ليندآ , لقد عادت للمساعدة و والدي قبل بها.. تأتي منذ الصباح ثم تغادر ظهراً لتعود مع عودتي من المدرسة فندرس حتى وقت العشاء ..

كان فقط تحب رفقتنا و مساعدتنا قليلاً.. وبفضلها تجاوزت الدرجة الأدنى من النجاح..!, لقد اعتدت عليها ولست أكرهها الآن..
رغم أنني أنهيت الدراسة بمعدل جيد .. وانتهت السنة وبدأت الأجازة , إلا أنني في كل ليلة وعندما أضع رأسي على الوسادة.. اتذكره , و اتذكرهم جميعاً ..!
لم يعد أحد لزيارتنا..!!..
كنت اتخيله.. و أغمض عيني بقوة لأرى عينيه مطبوعة في عقلي.. أحاول تذكر كل تفاصيل عنه.. لكن الأشياء بدأت تختفي.. وأنا لم أعد قادرة على التشبث كثيراً بالأمل.. أنه لن يعود.. قط..
اعرف.. بأنني وقعت بحبه.. وأنا خائفة من هذا.. أظن بأني أسلك طريقاً يدور بي بلا نهاية.. , لكن يجب أن ينتهي.. وأخشى بأنها لن تكون نهاية سعيدة..!.. ليتني أراه مجدداً.. مرة اخرى فقط.. هنالك الكثير مما أود قوله.. لا أعرف تماماً.. لكن أن رأيته سأتحدث ... يجب هذا..
لعلي ارتاح قليلاً من همي و بكائي في الليالي.. و نحيبي لن ينفع , لكني لا أملك غيره الآن ..
و أتى الصباح التالي وأنا أفزع لرؤية وجهي الشاحب في المرآة.. وعيناي المنتفختين جداً تثيران الرعب..
لا أذكر آخر مرة نظرت بالمرآة و كان شكلي مرتباً جيداً..! ما هذه الحال , ربما لهذا أنا فاشلة مع الناس أمثالي ولا أملك سوى القليل من الأصدقاء...!!
بقيت نصف ساعة في الحمام واضعة الكمادات الباردة على عيني كي يزول الانتفاخ , طرق والدي الباب بقلق فطمأنته بصوت غريب مبحوح..

جلست على الأفطار معه , وجيني تلهو بكرسيها الخاص .. شعرت بنظرات أبي الدقيقة علي.. فلم أرفع بصري لرؤيته , أكملت طعامي بهدوء..
همس فجأة برقة : ما بك عزيزتي.. لم تبدين كعجوز في الخمسين ! بشرتك شاحبة وعليها خطوط الغطاء وعينيك منتفختين..!
قلت ببرود : أن كنت تحاول فتح حديث طيب معي, فأنت تفعل العكس..!
عبس قليلاً ثم أكمل : هيه يا كلاري , أنت تخيفيني طوال الوقت.. منذ مغادرتهم.. أنا أفهم هذا و أراه..
القيت بنظرة هادئة نحوه ثم عدت للأكل , همس برقة : جميعاً نفتقدهم.. وأنا أتذكرهم تماماً.. و ما نفعله الآن هو أن نمضي إلى الأمام..!
بعد دقائق قصيرة , رن جرس الباب فجأة , نهضت قائلة : سأفتح..
لا أعرف من يأتينا الآن , ربما لوك..؟! , لكن صدمت عندما فتح الباب لأجد عينين ذهبيتين دافئتين أولاً و صوت ناعم جميل يهتف : كلارا..
ثم اجدني اعانق بقوة وأنا اشتم رائحة عطرة من شعرها الجميل.. هذا.. لا يصدق.. رفعت رأسي و قابلت عينين كالمعدن البارد ثابتتين علي..
أتى والدي قائلا : كلارا من....؟!
بعد ثوان كنا في الردهة والسيدة داركنس و كذلك السيد بالطبع جالسين على اريكة واحدة طويلة وهي تحمل جيني بحجرها و تضمها إليها بحب شديد..
_ لا شك بأن هذه الملاك جيني.. آووه ما أروعها !
ابتسمت انا بارتباك.. بينما كان والدي أيضاً مندهشاً قليلا , قال بأسف : ليتني أعلم بقدومك , لجهزت طبقاً جيداً من الكعك..
وأنا أتأمل ملامح المرأة الشابة الجميلة الهادئة وعينيها المشابهتين لعيني ابنها , مهلا أين هو..؟!
_ لا أبداً , لا بأس علي .. كنت أود زيارتكم منذ أمد طويل.. لكن آرثر يستمر بالقول بأنكم بخير..
وهي تلقي بنظرة تخفي الكثير من التعب نحو زوجها الصامت بجمود .. سيد الظلام لا يبدو مرتاحاً هه ..!
كان والدي يرد : بالطبع نحن بخير.. أشكرك سيدتي , آمم ليس عليكم القلق..
_ بالطبع !.
تحدث سيد الظلام بنبرة هادئة وهو ينظر نحو والدي , ثم التفت إلي مكملاً : أنا أحاول ابعاد تلك الحياة قدر المستطاع عن طريق حياتكم..
عبست أنا بوجهه و والدي يقول بلطف : لكن.. أين دآنييل ؟!
لم يسأل عن دآنييل كثيراً ! , هذا غريب بالنسبة لأبي.. بينما هما اتيا بدونه , فهو بالطبع لم يرد القدوم..!
تحدثت السيدة فلورا بعبوس : آوه اخبرته أن يأتي.. لكنه لا يبقى كثيراً في المنزل حتى.. يقلقني أنه يعمل كثيراً..
وهي تنظر نحو زوجها , الذي قال ببرود : إن أراد أن يأتي , فهو سيفعل .. أنه دائماً ما يفعل ما يشاء..!
اخفضت بصري افكر , بينما سمعت صوته مجدداً يذكرني : وأنتِ يا كلارا كيف هي حالك , تبدين لي مرهقة ؟!
رفعت عيني نحو عينيه الثابتة الباردة , قلت بتوتر طفيف : لا أنا بخير..
رفع كلا حاجبيه فوق عينيه ذاتا النظرة الباردة الغريبة بينما السيدة فلورا و والدي يتحدثان عن جيني , سألني هو بهدوء :
_ يبدو بأن الأيام لا تتغير عليك كثيراً , أعلم بأن ذلك الظلام يجعلك تكره حياتك .. لكن أن اردت المحاولة , أو لا تفعلي..
قلت بتعب و عيناي تؤلمانني : لا أفهم ما تقول سيدي..
نظر نحو والدي قليلاً , ثم نحوي هامساً : أي نوع من التجارب كانت تلك , أنا لا أؤيد أن تنسي ذلك.. أنه شيء مهم بالنسبة إليك..
منحني نصف ابتسامة مسترخية , ثم نظر نحو زوجته التي تلاعب جيني..
عندما ذهبت للمطبخ , لم انتبه إلا بالسيدة فلورا لاحقة بي قائلة بلطف : لقد انهيت المدرسة تهانينا عزيزتي , مالذي تخططين له مستقبلاً ؟
_ لا أدري.. حقاً, افكر بمساعدة أبي في عمله.. ربما ان سمح لي..
ابتسمت لها بتوتر وأنا أضع الفناجين في المغسلة , أومأت و همست برقة وهي تلمس خدي : آوه تبدين متعبة جداً وهذه الهالات.. أنا أعرف بأن فتاة حساسة مثلك مرت بتلك التجربة لن تكون بخير تماماً.. اردتهم أن يبقوا فترة أطول , لكن آرثر يستمر بالقول بأنه سيراقبكم من بعيد.. و دآنييل أيضاً يقول بأنكم اكتفيتم من وجودهم..
تسمرت.. كنت أشعر بوجود شيء كهذا !!.. قالت هي برقة اكثر وعينيه مشفقة : يظلون لا يشعرون بالارتياح تماماً.. لكن ليس عليهم هذا أليس كذلك ؟!
تنهدت و قلت محاولة جعل صوتي هادئاً طبيعياً : أعلم , نحن نفتقدهم..
عانقتني بلطف هامسة : لا أفهم لما التظاهر .. سأجعلهم يمرون بكم لاحقاً.. وذلك ال دآنييل لا أدري أين يختفي !!, السيد موند بنفسه سأل عنه..!

~

لكن مرت الأيام بسرعة , وأنا لم اعد انتظر أي شيء..

جلست بغرفة الرسم أتأمل لوحات جدي "برآيـن" والسيف معلق جانباً قرب درج أدواته , الضوء الوحيد القادم من النافذة يبدو شاحباً خافتاً , إن الاضاءة سيئة قليلاً هنا , رغم أنها غرفة للرسم.. نظرت نحو لوحة الظل الغريبة.. تذكرت ذلك الظل.. تنهدت حزناً.. قد يكون أسوداً لكنه ذو روحٍ نقية..
مشيت في الخارج بين الأشجار , لكن الوقت ربيع والأمطار خفيفة والجو منعش.. جلست وحدي ثم تكورت وسقطت على جانبي اتذكره , ليس لدي سوى تذكر حديثنا الأخير..
يتحدث عن ترك أثر طيب ! , لقد اختفى و سلب معه عقلي و قلبي , تاركاً فجوة سحيقة مؤلمة في داخلي في نومي و صحوي..

تساقط مطر خفيف , ليته يطفئ الحريق الذي بداخلي... بكيت بصمت ودموع تسيل يائسة للسقوط إلى الأرض.. واحدة تلو الأخرى..
سأبقى هنا إلى أن أتعب أو أجد سبباً لأكرهه !.. هو لا يهتم بما يجري لي حقاً.. ربما كان يشفق علي في النهاية..
اطبقت عيني بألم .. كيف سأكرهك.. دآنييـل ..
شعرت بدوار طفيف.. فتحت جزء يسيراً من عيني المرهقة.. رأيت الأرض بعيدة تتحرك في الأسفل.. ورأسي متكأ على شيء ما.. أنا محمولة !!
طرفت بضعف هامسة : أبــي ؟!.

لكن لا جواب.. باب غرفتي يفتح وأنا انخفض لأتمدد على السرير والغطاء يرفع فوقي.. لا استطيع الرؤية جيداً , ضباب خافت وشخص ما يقف بجانبي..
أنّ السرير تحت ثقله وشعرت بيده تزيح شعري عن وجهي , تنفست بعمق و راحة.. كنت أشعر بالأرض صلبة باردة مؤلمة تحتي لكن الآن بسريري مرتاحة .. تمتمت بإرهاق : أشعر بالألم..
_ آششش لا تتكلمي.. نامي..
ارتجفت شفتي : لا أريد.. رؤيته في احلامي.. أنا أكرهه..
سألني صوت خافت للغاية قرب اذني : من ؟! , مالسبب ؟!
حاولت كتم شهقتي والدموع تسيل مجدداً من عيني المغمضتين بقوة : لقد رميت نفسي من خلفه بذلك المكان.. وهو لم.. لم يعد حتى لأجل أي شيء..!
_ آسـف... ظننتك تنسين .. لكنني نسيت أنك لا تفعلين , كلآرا..
فتحت عيني بسرعة و ألم شديد يتصاعد في جسدي كله.. انحنى ليتمدد بجانبي على السرير فوق الغطاء , اضطررت لالتفت بجسدي لأصدق ما تسمعه أذناي !!... هذا صوته... يا ألهي.. !!
وهذه .. عيناه !!. هاهما أمامي تماماً تبعدان عني فقط مسافة انفينا.. داكنيتين قليلاً , أرى لمعان الذهب الخافت وسط ظلمة الغرفة..
مسح وجهي ببطء بأصابعه ماسحاً اثر الدموع .. بينما أحدق به بصدمة.. قلبي لا يتحرك, ودمي يتجمد..
حركت شفتين : دآنـ..ييل...؟!
_ أنت.. لا تحلمين.... وأنا أيضاً .. لا أريد أن أحلم.. أريد رؤيتك هكذا أمامي..!
وضعت يدي على قلبه الخافق بقوة.. أنه حقيقي.. همست بألم : لا تذهب بعيداً..
_ سأظل أقرب .. آسف.. لكني لا اتحمل العذاب أكثر من هذا..
مد ذراعيه من حولي و ضمني بقوة إليه , وأنا اتشبث به وكأنه حبل نجاة.. أنه حبل نجاتي حقاً من الجنون..
تمتمت مستمعة لصوت قلبه : أحبـك.. دآنييل.. أنا أحبك..
_ كلآرا , ظننتك تكرهيني.. لأني كنت مجنوناً بك.. أحببتك منذ أن منحتك قوتي منذ أن قلتِ أنك تثقين بي.. هل لا تزالين ؟!
_نعم !!
_ غداً سيأتي الرفاق لرؤيتكم.. أننا حقاً سنظل قربكم..
تنفست مستنشقة الحياة أخيراً.. أنه حياتي سأموت من دونه حتماً .. أنه دفئي و دعامتي.. لا أصدق هذا الشعور , بعدما كدت أيأس..
_ لا داعي للقلق الآن.. لا أريدك أن تنتظريني حتى تمرضي كتلك الليلة..! سأبقى قربك يا فتاتي الشجاعة السوداوية..
شعرت بشفتيه تضحكان فوق جبيني.. فابتسمت لأول مرة منذ زمن طويل..
_ أنت.. كنت تراقبني..؟!
_ حاولت ألا أفعل , يوجد الكثير من الحراس.. لكني.. لن استطيع.. أنا أريدك قرب قلبي..!
أظن بأن هنالك مستقبل رائع لي.. سأعيش حاضري وحياتي كلها مع دآنييل الآن.. عائلتي واصدقائي.. والماضي لم.. يكن بذلك السؤ نهاية المطاف..!
هل أنا ايجابية متفائلة الآن ؟!!.
لا يهم.. المهم ... أني سعيـدة ~





النهاية
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 02-17-2018, 04:37 PM
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

هذه مشاركتي في مسابقة مواهب العرب

سالتُ المشرفة عليها فقالت لا توجد هذه الرواية.

الرواية جميلة للغاية فحبيت انقلها لهنا

استمتعوا

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وريث الضلآم للكاتبة Đάrkήεss Άήgεlά Sia روايات طويلة 20 01-18-2018 05:50 PM
وردة بالشرائط بالصور،طريقة عمل وردة بالشرائط خطوة بخطوة،ورود روعه بالشرائط،اعمال يدوية FATIMA27 إقتصاد منزلي 1 08-25-2012 09:09 PM
لكل شهر وردة ومعنى.....فأي وردة انت/ي ؟ loai72m نكت و ضحك و خنبقة 9 03-15-2011 11:15 PM
وردة لكل شهر فأى وردة تناسب تاريخك المشتاقات إلى الجنة مواضيع عامة 9 03-08-2010 07:49 PM
ناروتو شيبودن الحلقة 148 | naruto shippuden 148 | وريث الظلام | مترجمة من أحمد ش شرنجان أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 02-19-2010 11:27 PM


الساعة الآن 08:05 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011