عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #161  
قديم 06-22-2019, 07:08 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة emo-baby مشاهدة المشاركة
رجااااااااااء خاص كملي الرواية اني دخلت القروب لاجل ان ابدي اعجابي بها كنت اتابعها وقت المدرسه ولما امل من المذاكرة بجلس نصف ساعه بقرا منهل وبرتاح نفسيا ❤🌸
اسفة عالرد المتأخر
هلاء انتبهت اني اخر مرة نزلت فصل كان من اربع اشهر *-*
انا شخصيا انصدمت
بس كان عندي ظروف
امتحانات الاولاد وولدت هالفترة وهيك يعني
هلأ بكملها وان شاء الله معاش بقي كتير لتخلص ^^
اتمنى ما تكوني مليتي ورحتي ^^' ومعاش تنتبهي للفصل الي رح ينزل هلاء
__________________













  #162  
قديم 06-24-2019, 12:25 AM
 



الفصل 30
العودة الى الحاضر


تخللت اشعة الشمس الارجوانية قبيل المغيب اغصان الاشجار المحيطة بالنهر المتلالئ، فتحت اريج عيناها بعدما اعياها التفكير بماضيها وماضي الثلاثي جواد، لؤي وحسناء...



منذ ساعة فارقتها حسناء بعد ان انتهت من سرد قصتها الطويلة ثم بررت فعلة لؤي بكرهه لجواد ومحاولته الانتقام منه بتلك الطريقة...


نظرت حولها بملل ثم نهضت عن الارض لتنفض سروالها ثم يديها وسارت تتأمل المكان حتى وجدت اصدقائها مجتمعين يتحدثون، ابتعدت عنهم فلا رغبة لها بالتحدث الان مع احد...


سارت حتى وجدت بقعة كثيفة الاشجار فوجدته المكان المثالي للاختفاء عن الانظار


توجهت اليه ثم سارت ببطئ متوخية الحظر بما ان الظلام شبه دامس بسبب كثافة الاشجار حتى لاحظت عينان تلمعان وسط الظلام تراقبها بصمت، فزعت بداية لكنها وجدت العينان ابتعدتا عنها لتنظر بانزعاج لمكان اخر،


ارادت الانصراف غاضبة لكنها تذكرت ان بينها وبين هذا المخلوق الكثير من الحسابات عليها ان تصفى، نظرت الى دفتر مذكراتها في يدها ثم الى جواد بحقد لتسأل:


- من اين اتيت به؟


نظر للدفتر ببرود ثم قال:


- من اخوك


تفكرت بجوابه قليلا ثم قالت:


- وكيف وجده؟


- بانزعاج اجابها: وما ادراني!


- اتمنى ان تكف عن هذه العادة السخيفة وتكف عن التدخل في اموري...


- من هذه الناحية لا تقلقي... من الان وصاعدا سأقطع علاقتي بك كليا... لن اتدخل بشيء يخصك، كما سأحاول ان لا تتقاطع سبلنا قدر الامكان


راقبته وهو يتحدث بقهر وينظر للبعيد "هل تراه قرر ذلك بعد ان تعقل؟ ام ان زوجته اجبرته على ذلك؟ على كل حال هذا ما ارادته منذ البداية هكذا ستستطيع ان تكمل حياتها دون ازعاجاته ويتيح لها نسيانه اخيرا..."


- هذا افضل


قالتها بتكبر واستدارت لتنصرف، شد على قبضته عاقدا حاجبيه، هل سيترك الامور تنتهي هكذا؟ لكن هذا ما امره به والده، ان يبتعد عن تلك العائلة نهائيا، اذا لا خيار اخر امامه، لقد تناساها لسبعة اعوام ولم يزعجه ذلك-كثيرا- لكنه استطاع ان ينساها ولو لفترات...


نظر اليها بحسرة وهي تبتعد ثم قفز فجاة...


- اريج.... مهلا


توقفت بحزن فقال:


- فليكن لنا على الاقل لحظة وداع


نكست رأسها بحزن عادت لتنظر اليه بعد ان استجمعت بعضا من قواها لتقول بابتسامة:


- حسنا، وداعا


- لن يكفي هذا كوداع بالنسبة لي... اسمعي، ان البدر يظهر اليوم الثامنة مساء، انلتقي هنا في هذا الوقت؟ سأجهز عشاء خفيفا، بعض ما تعلمته من الطبخ في فرنسا...


شردت في كلامه، عشاءا معه تحت ضوء القمر معدا على يديه خصيصا لها... اليس هذا اكثر مما تتمناه؟ لكن ماذا عن زوجته؟ انها تستحق هذا العشاء اكثر منها هي؟


رأى طول سكوتها ولاحظ ترددها فقال:


- فقط نصف ساعة


تنهدت متوترة فقال:

- ربع ساعة فقط، عشرة دقائق على الاقل وبعدها نفترق للابد


امسكت دموعها التي كادت ان تنزل من عينيها، لقد امسكتهم لمدة سبعة اعوام، والان لطلب بسيط كادت ان تبكي، في الواقع ليست المشكلة بالطلب بل بما سيلي تنفيذ الطلب، ربما سيكون من الاصعب عليها مفارقته ان قضت معه بعض الاوقات الجميلة، اخذت نفسا عميقا كأنها كادت تختنق ثم قالت:


- اسفة... لن استطيع ذلك


- انها عشرة دقائق فقط


- لا يمكنني ذلك


- اذلك بسبب لؤي


نظرت اليه بحقد اذ ان الامر كله بسبب زواجه، ثم لما هو خائن هكذا، فليذهب الى زوجته، لما هي بالضبط؟


استدارت لتذهب فقال لها:


- سأكون هنا بانتظارك على كل حال، الساعة الثامنة مساءا، لا تنسي


قال الكلمات الاخيرة بصوت اعلى اذ انها كانت قد ابتعدت فظل يراقب ابتعادها بحزن حتى اختفت ليعود الى كآبته في الظلمة

----


جلست اريج بين العائلة تنظر اليهم بملل، هذه راوية التي كانت تعترض على ادعاء حبها لصالح تبدو مندمجة جدا في دورها، فهي جالسة قرب صالح بعيدة نسبيا عن الجميع يتهامسان ويضحكان، كذلك لؤي جالس قرب حسناء يلاعبان صغيرتهما ذات الخمسة اعوام، سليم يضحك مع صديقه ايمن ومع زوجته بينما اخته زهراء في كل حين تحاول لفت نظر ايمن دون جدوى، الكل منشغل بمن حوله على غرارها، لكن ماذا عن جواد؟


القت نظرة الى خيم عائلة جواد محاولة ايجاده بين افراد العائلة لكن بلا فائدة... نظرت للساعة في هاتفها فتبيين لها انه لم يتبقى اكثر من عشر دقائق للساعة الثامنة


وجهت نظرها للسماء باحثة عن القمر لكن كما يبدو انه لم يطل بعد


اتراه هناك ينتظرها؟ هل جهز العشاء؟ هل سيكون لذيذا ام انه سيكون سيئا في الطبخ، ان كان طباخا ماهرا فسيكون من حسن حظها لانها غير مستعدة للطبخ بعد الزواج، بالطبع ستكون منهمكة بالعمل بعد تخرجها ولن يتسنى لها العمل داخل المنزل...


لكن مهلا...


هي لن تتزوج جواد... أعادت كما كانت ايام المراهقة تغرق في احلام اليقظة!


تنهدت تبحث حولها بنظراتها كأنها تبحث عن موضوع اخر تشغل به تفكيرها فإن استمرت بالتفكير بجواد ستعود سخيفة كما كانت ايام مراهقتها، وهي بصعوبة استطاعت ان تتخلص من تلك الحالة...


وقع نظرها على كرسي صالح الفارع، لا اراديا توجه نظرها الى كرسي راوية لتراه فارغا ايضا، هل يا ترى اتفقا وذهبا ليتنزها نزهة رومنسية على ضوء القمر؟ ام انهما لم يطيقا المزيد من هذا التمثيل فادعيا التنزه ليأخذا استراحة قصيرة؟...


عادت لتنظر الى ساعتها لترى انه مرت دقيقتان، لم يتبقى الا ثمان دقائق على موعدها مع جواد...


حسنا لقد قررت انها لن تذهب اليه فلما تشغل بالها به؟ عادت لتنظر حولها لترى طيف كل من صالح وراوية في الظلمة يتمشيان ممسكان ايدي بعضهما


عقدت حاجبيها وابعدت نظرها عنهما منزعجة، حسنا، هل تراها الان تغار على صالح؟ ام انها؟...


كلا من السخف التفكير انها تغار من كلاهما على حالة الغرام التي يعيشانها، لقد تخطت احلام المراهقات بالحب وتلك الامور، لقد نضحت على تلك السخافات فما الذي يعتريها، عادت لتنظر الى السماء منتظرة ظهور القمر لكنه لم يظهر بعد...


نظرت لساعة هاتفها النقال لترى انه مرت دقيقة اخرى...


تبا لما يمر الوقت بهذا البطئ اليوم


حين لاحظت انها لن تستطيع الاستمرار جالسة نهضت لتنصرف فنظر اليها عمها مستفسرا فاجابته:


- اريد ان اتمشى قليلا


هز رأسه متفهما فانصرفت، سارت بمحاذاة خيمة جواد محاولة ايجاده بين الساهرين لكنها لم تجده، فكرت"ايعقل انه هناك بانتظارها؟ لكن الموعد لم يحن اوانه بعد..."


توجهت الى حيث تواعدت مع جواد وهي تبحث عن مبرر منطقي لتصرفها لكن انتهت مسافة الطريق دون ان تصل لنتيجة، التقت عيناها بعينان اغرورقتا بالسرور، اخفضت بصرها بخجل بينما تسمع كلماته...


انا مسرور جدا لانك قررتي الحضور، كنت سأضطر ان اكل كل هذا الطعام وحدي لو لم تأت


تهربت منها ضحكة لجملته الاخيرة وهي تلقي نظرة الى الطعام لتجد انه قد حضر وليمة تكفي لعائلة كاملة، قال حين لاحظ دهشتها:


- في الواقع لم اعلم اي نوع من الطعام تحبين فاحضرت من عدة انواع


ابتسمت بخجل قائلة:


- ما كان عليك ان تعذب نفسك، لا اظن انني قادرة على اكل الكثير


عادت لتنظر الى السماء ثم الى هاتفها، لقد ان وقت ظهور القمر لكنه لم يظهر بعد


نظرت لجواد معاتبة تقول:


- اكنت تخدعني؟ لا ارى اثرا للقمر في الوقت الذي حددته


علا وجهه علامات الخيبة ليقول:


- من اين ستريه ان كانت السماء ملبدة بالغيوم؟


نظرت اليه مستغربة ثم للسماء فقال ضاحكا:


- لا تقولي انك لم تنتبهي لوجود الغيوم؟


ابعدت وجهها عنه بانزعاج اذ انها بعد كل جهدها في الدراسة كل تلك الاعوام، بلحظة اثبتت انها مازالت بنفس الغباء الذي كانت عليه


دعاها للجلوس لتناول العشاء وهو يوجه مصباح هاتفه الى الطعام فاقتربت بحياء لتجلس على البساط الذي فرشه على الارض، نظرت بحسرة الى هاتفه الذي كان المصدر الوحيد للنور حيث هما جالسين، قالت بحزن:


- حتى السماء تعارض اجتماعنا حيث منعت عنا نور القمر...


نظر للسماء متفكرا ثم قال:


- تجول في ذهني فكرة اكثر تفائلا لكن لا ادري مدى استعدادك لسماعها


نظرت اليه بانزعاج لتقول:


ان افكارك مزعجة عادة...


ضحك ليقول:


- يعتمد على مشاعرك الحالية تجاهي، ان كنتي مازلتي تحبينني فقد يسعدك سماع ذلك...


نظرت اليه باستسخاف فقال:


- ان هذا العشاء كان لنودع بعضنا بعضا، لكن السماء معترضة على افتراقنا، لذلك حاولت تخريب الوداع...

اخفضت بصرها بحزن اذ ان بما ينفعها ان تبقى على اتصال مع جواد ان كان متزوجا، فليختفي من حياتها للابد ويتركها تكمل حياتها كما كانت قبل ان تلتقيه بعد هذه السنوات

اخذت طبقا وملعقة وقبل ان تبدأ الطعام قال جواد:

- اعلمي ان طبخي ليس بتلك الجودة، ولكن على الاقل قدري جهدي اذ لم اسمح لاحد بمساعدتي ليكون معدا بجهدي الخاص

ابتسمت بحياء وتناولت لقمة وفنجرت عينيها ووضعت يدا قبالة فمها قبل ان يخرج اي شيء لا إراديا، حك جواد رأسه بحرج وقال:

- لم تعجبك

نظرت اليه تريد ان تنكر كلامه حياءا لكن قرف طعم اللقمة كان ما زال في فمها منعها من الكلام، فقال :

- لقد كانوا الشباب ينتحرون حين يأت دوري في الطبخ في فرنسا

نظرت اليه بانزعاج ثم ابتلعت اللقمة مرغمة اذ خجلت ان تبصقها امامه ثم قالت معاتبة:

- تعلم ان طبخك بهذا السوء وتدعوني للعشاء عليه، كان عليك على الاقل ان تقبل المساعدة التي عرضت عليك

- حسنا، ظننتك ستكونين معي في عالم اخر ولن تنتبهي لسؤء طعمه

- وهل تظنني اعيش حالة مسلسل رومنسي! اني فتاة واقعية

- انت!... هاهاها... هذه سمعة جديدة

- انها الحقيقة

قالتها رافعة رأسها بكبرياء فقال بحزن:

- اذا لم تعودي اريج القديمة؟

- لا... اريج القديمة ماتت

- مؤسف... كنت افضلها

- اذا ربما علي ان انصرف، فلست انا من تريد توديعه

نهضت لتذهب لكنه امسكها ليعيد إجلاسها قائلا:

- بل انت هي طبعا... ربما اضحيتي اكثر غباءا من ذي قبل لكنك مازلتي انت انت

دفعته بانزعاج لتبتعد فاسرع خلفها ليوقفها قائلا:

- مهلا مهلا ارجوك... كل ما في الامر إني لم اثر غضبك منذ زمن وقد تقت لذلك، تعلمين انها حفلة وداع وسيكون هذا اخر لقاء بيننا، اي لا فرصة امامي غيرها لازعاجك

نظرت اليه باستخاف تتسائل في سرها:

"هل يا ترى يسخر منها؟ ام ان هذه رومنسية من نوع جديد! "

تناست السؤال وعادت الى حيث كانت ليجلس الاثنين صامتين لا يدرون بما يتحدثون فقدم جواد لها طبقا جديدا قائلا:

- تذوقي هذا فاني بارع باعداده

- لا شكرا... لا اريد ان اصاب بتسمم، تكفيني لقمة واحدة

- لا هذا مختلف، جربيه ولن تندمي

نظرت اليه بشك واخذته منه لتتذوقه ثم راحت تفكر لتقول شاردة:

- لا بأس به... لكن لا يمكن للمرء ان يعيش على طبق واحد طوال عمره

- هذا صحيح، لذلك وجدت الزوجة

نظرت اليه بانزعاج ثم قالت:

- من الجيد إني لست زوجتك

فرط ضحكا ليقول:

- ربما كان علي ان اقول ذلك بدلا عنك، اظنك اسوأ مني الطبخ

قطبت بانزعاج من سخريته فقال وهو مازال يضحك:

- حقا لا امزح، هل تجيدين الطبخ؟

ابعدت وجهها بخجل لتقول:

- لم ادخل المطبخ هذه السبع سنوات الا في النوادر لشرب الماء

- رمش بعيناه مستغربا ليقول:

- الم تقلي البيض يوما؟

هزت كتفاها لتقول:

- كان لدي ما هو اهم لافعله

- وما كان رأي صالح بهذا الموضوع؟ لا اظنه يجيد هو الطبخ

- كنا قد اتفقنا ان نحضر خادمة

- يا له من مسكين، كنت ستكسرين ظهره

- ان لم يعجبه يمكنه ان يطبخ بنفسه

- هل انت جادة؟ وماذا لو كان طبخه سيئا مثل طبخي

- بالطبع سيبقى افضل من طبخي

- ربما انت محقة...

صمت كلاهما ليسود نقيق الدفاضع في المكان حتى قطعه جواد:

- اريج... ان كنت مازلتي تحبينني...

- انسى الامر

نظر اليها بحزن ليقول:

- كنت لاكون مستعدا ان اواجه العالم باسره لاجلك

- لا اريد ان تفسد علاقتك مع عائلتك، عائلتك جميلة ولا اريد لذلك ان يخرب بسببي

- وماذا عن حبنا... لا بد ان القدر قد جمعنا مجددا لنبني ما هدمه الاخرين

- جواد! لا تلقي اللوم على الاخرين... كل منا مسؤول عما فعله فدعنا نتحمل نتيجة افعالنا

- عن اي افعال تتحدثين، تعلمين ان المسؤول الاول والاخير كان لؤي

- بربك ما شأن لؤي... لقد افسدت كل شيء قبل عودتك من فرنسا

نظر اليها مستغربا ليقول:

- بما تهذين انت؟

- جواد، دعنا ننسى هذا الموضوع، اتينا لنودع بعضنا فلنبقى على هذا المنوال

صمت عند رؤية اصرارها لينظر اليها فسألها:

- هل عدتي تحبين ايمن؟

فغرت فاهها عند سماع سؤاله لكن بعد كل شيء، ربما هذه الطريقة المثلى لجعله يصمت فقد ضاقت ذرعا من تطرقه لهذا الموضوع، لا تتصور حتى انها ستكون المسؤولة عن فساد تلك الرابطة الجميلة بين جواد وابنه، لقد بدا جواد فخورا به اشد الفخر صباحا، ولكن ما الذي سيحدث لو انهما ارتبطا؟ ربما تهجره زوجته وتأخذ معها طفليها وتبعدهما عن والدهما، اذا فلتوهمه انها ما زالت تحب ايمن بعد كل هذه السنين، وقبل ان تتحدث خمن هو:

- هكذا اذا... كان بامكانك ان تخبريني منذ البداية، بدلا من تتركيني اسهب في شرح مشاعري تجاهك

ابعدت وجهها عنه بانزعاج ففعل هو المثل، لم تمر ثوان حتى نهض قائلا:

- حسنا... يبدو ان القمر لن يشرفنا الليلة بحضوره، على كل حال يبدو انه ليس مقدر لنا ان نكمل سوية

نظرت اليه بحزن فمد يده مصافحا، قال:

فلتكن نهاية علاقتنا سعيدة على الاقل، حسنا ليست سعيدة بقدر ما تمنيت لكن على الاقل فللا تكن عداوة

نهضت عن الارض لتمد يدها بتردد، تصافحا وابتسما لبعضهما بحزن ما لبث ان سحب جواد يده لينسحب لكن يده بقيت عالقة بيد اريج حين امتنعت عن ترك يده

عاد واستدار ليرى تلك النظرات الكئيبة في وجهها فعاد اليها وضمها اليه بقوة، تصاعدت حرارتها لتحمر وجنتيها واقشعر بدنها، لم تكد تستعد للانسحاب معترصة حتى سمعت:

- احبك... ونسيانك لن يكون بالامر السهل... بل ربما يكون مستحيلا...

شعرت بالدموع تتجمع في عينيها حاولت الامتناع عن البكاء لكن هذه المرة لم يتسنى لها، لكم تمنت ان تسمع هذه الكلمة منه، وحين اخيرا سمعتها كان في حفل وداعهما لبعضهما، لو انه لم يكن متزوجا ربما تجرأت واخبرته انها تبادله نفس المشاعر، ولكن... لا فائدة

شكرت ربها لان الظلمة حالكة ما سيمنعه من رؤية دموعها واكتشاف حقيقة مشاعرها، اخيرا ابتعد عنها قائلا بقلب مكسور "وداعا"

تفادت الرد عليه كي لا يكشف نبرة صوتها بكائها، قرص خدها وهو يتمنى لها السعادة ثم انطلق، توقف فجأة حين احس برطوبة دموعها بين اصابعه ليلتفت اليها يسألها مستغربا:

- اكنت تبكين!...

نفت الامر ببرود وهربت من ذلك المكان لعدم قدرتها على ايجاد سبب لتلك الرطوبة في خدها، اتخبره انه الندى مثلا؟... بينما بقي جواد ينظر اليها تارة والى اصابعه المبللة بدموعها تارة اخرى محاولا تفسير ما حدث...

----


ارتمت اريج في خيمتها باكية، حاولت مرارا وتكرارا التوقف عن البكاء والعودة الى برودها السابق لكن دون جدوى، ترى ما الذي حدث معها!

لقد ابدعت هذه السبع سنوات في طمر مشاعرها، من المزعج التفكير ان اخر مرة بكت فيها كان جواد السبب، واول مرة تبكي فيها بعد اعوام يكون جواد السبب ايضا

سمعت صوت العائلة تدخل لخيمها فعلمت ان الوقت تأخر ومر عليها ما يقارب الساعتان وهي تبكي، مسحت دموعها بسرعة قبل ان تعود راوية وتراها تبكي وتضطر ان تخبرها بالقصة كاملة

القصة انتهت هنا فلا داعي للشرح والاسهاب، انتهى الامر...

نظرت لمذكراتها لتفتحه على اخر الصفحات، تصفحتهم سريعا وعادت لتدمع عينيها عند قراءة احداثه

وصلت لآخر صفحة كتبتها لترى ان في ذاك اليوم بدأ برودها، قضت سبع سنوات بلا مشاعر، في خريف مميت، لكن اليوم... ما الذي حدث بالضبط!...

اخرجت من حقيبتها قلما وراحت تكتب:

" مضى وقت طويل على خريفي، خريف جاف مقيت، كنت قد اعتدت على هدوءه كل تلك المدة، لكن اليوم بدأت اشك انه لم يكن الا هدوء ما قبل العاصفة، اخشى ان تحطمني العاصفة، بدأت اليوم بالبكاء، واخشى ان يكون الاتي اعظم... اتمنى فقط ان يتراجع الشتاء ليعود الخريف الذي عرفت كيف اتأقلم معه لمدة طويلة، فالشتاء لا يرحم، انه الموت بالنسبة للطبيعة، واخشى ان يكون كذلك بالنسبة الي ايضا... اتمنى من قلبي ان انساك جواد... لأستطيع ان اكمل حياتي كما كانت بهدوء تام..."

اغلقت دفترها وعانقته ثم القت رأسها على وسادتها تفكر بمجريات الامور... بالفعل، الحل الامثل هو بنسيانه، وهذا ما ستفعله، لقد تجاهلت حبه لسبع اعوام وستفعل المثل من الان فصاعدا، كان بكائها مجرد لحظة ضعف لن تتجدد...

---

استيقظت صباحا لترى ان راوية ليست بقربها في الخيمة، ترى هل سهرت طوال الليل؟ لقد جافاها النوم لساعة متأخرة من الليل ومع ذلك نامت قبل عودتها

حسنا... يبدو ان هناك شيء جميل يحصل بالخفاء

ابتسمت وهي تنهض عن فراشها لتخرج من الخيمة، رأت الجميع يكادون ينهون فطورهم، شهقت فزعة لتتقدم اليهم تسألهم:

- لما لم توقظوني على الافطار!

- يبدو انك كنت غارقة في احلام لا تمط للواقع بصلة، فلم نشأ ان نوقظك كي لا نخربها

احمرت خداها وهي تنظر الى ايمن وتستمع لكلامه الساخر وهي تحاول ان تتذكر مجريات حلمها حتى فرط هو وسليم من الضحك فدفعتهم جلنار قائلة:

- الن تكف عن مقالبك هذه؟

فغرت اريج فاهها مصدومة ثم ابعدت وجهها عنهم بانزعاج لتجلس على كرسي بلاستيكي شاردة، جالت ببصرها سريعا على خييم جواد تبحث عنه بين اهله لتجده يلاعب ابنه

تنهدت مبعدة وجهها عنه كئيبة فجلست قربها راوية تسألها:

- الم تجدي غيره لتغرمي به! ان دمه ثقيل جدا

نظرت مستغربة الى راوية ثم قالت لها:

- من اين خطر لك انني احبه

- حسنا هذا واضح

تنهدت بانزعاج لتقول:

- سأنساه على كل حال

- اتمنى فلا يبدو انه مهتم بك ابدا

قالتها وهي تنظر لايمن بانزعاج بينما وجهت اريج نظرها لجواد بحزن، اذ انه البارحة كان يعبر لها عن حبه وعن مدى تعلقه بها وعدم قدرته على نسيانها، واليوم كأن لم يحدث شيء من ذلك

في هذا الوقت القى جواد نظرة الى اريج لتلتقي نظراتهما، احست فجأة بتوغق في قلبها، ازاحت نظرها مرتبكة ثم نظرت الى راوية ان كانت لاحظت شيئا لكنها لاحظت انها كانت تبتسم ببلاهة وهي تتبادل مع صالح نظرات غرام

لكشتها اريج فاستيقظت راوية من احلامها الوردية لتنظر الى اريج مرتبكة، قالت اريج مستفزة:

- اذا متى عرسكما؟

فغرت راوية فاهها مصدومة:

- عرسنا؟ من؟ انا وصالح؟ تعلمين اننا نكره بعضنا...

- حسنا اعلم انك كنت تكرهينه ولكن هو لا، اما بالنسبة اليك الان؟...

اخفضت راوية رأسها محاولة اخفاء خدودها المحمرة وابتسامتها الخجولة بينما تحاول النكران:

- مازلت كما كنت

- حقا!... ولما تغيبت لوقت متأخر عن الخيمة البارحة، هذا ان عدت اصلا

فعرت فاهها:

- عما تتحدثين، بالطبع عدت، ربما كان الوقت متأخرا قليلا لكن لم اسهر كل الليل خارج الخيمة

هزت اريج كتفيها ثم قالت:

- على كل حال لا يمكنك نكران حالة الغرام التي تعيشينها، انها تشع من عينيك ومن ابتسامتك...

عرضت ابتسامة راوية لتقول:

- التلك الدرجة واضح علي؟

- اكثر مما تتصورين...

القت اريج نظرة سريعة لصالح لتراه يراقبهما مسرورا، ابتسمت من قلبها، على الاقل استطاع صالح ان يجد سعادته وان يحب مجددا، على الاقل كان لجواد بعض النفع في حياتها، يوم وجدها مع ايمن وفضحها امام صالح،

ذلك شجع صالح على الانفصال عنها، والان بقيت هي وحيدة... حسنا، هذا ما كانت تتمناه دائما، الوحدة والعزلة والراحة والطمئنينة... الاهتمام بدروسها ومستقبلها، هذا كل ما ارادته...

وجهت نظرها لايمن لتراه ينظر اليها بطريقة مريبة، نظراته هذه اصبحت مألوفة لديها، حسنا الاما يخطط الان؟...

فجاة سمعو صراخا فالتفت الجميع ليجدوا زهراء في النهر تنظر لحالها شاكية "لقد كان ثوبي المفضل" قال سليم اخوها:

- الن تتخلصي من هذه العادة؟ متى ستتعلمين ان تسيري باستقامة دون ان تتعثري يمينا وشمالا؟

توجهت النظرات لاحدهم فرط ضحكا فجاة ثم قال:

- هل هذا ما كنتي تقصدينه بنزولك للنهر صدفة!

حدجته بانزعاج بينما هو جلس يتأمل شجرة معلقة عليها دزينة من الملابس المبللة فقال:

- ربما كنتي محقة باحضارك كل تلك الملابس، على كل حال، اظنه حان وقت السباحة

خلع سترته ليرميها جانبا ونزل للماء واخذ يرش الماء على زهراء، بادلته هي بدورها واخذا يضحكان الى ان قام سليم اليها غاضبا يعاتبها، خرجت من الماء بانزعاج، نظر سامر الى سليم مصدوما ليقول:

- ما بك يا رجل! كل ما فعلناه هو اللعب بالماء، لم نرتكب جريمة...

حدجه سليم بلؤم ثم قال لزهراء آمرا:

- اذهبي وغيري ملابسك وبسرعة

عاد سليم لمكانه متجهما بينما سامر يرمقه بحقد وتحد وما لبث ان خرج من الماء ليجلس قرب جواد بانزعاج وغديا الاثنان جالسان شاردين.

---



قبل الظهيرة اعلن سامر عن المخطط الذي كان قد سهر عليه كل الليل ليجمع زهراء بايمن، فقال معلنا:

- البارحة ليلا ابتكرت فقرات جديدة للعب الثنائيات خاصة للوافدين الجدد فمن يريد الانضمام

قالها وهو ينظر الى زهراء مبتسما بامل، اقترب الجميع ليرى ما الفقرات الجدد فقال سامر:

- حسنا ستكون الفقرة الاولى عبارة عن مسابقة...

لم تسمع اريج البقية فلا تريد المزيد من ازعاجات سامر ومخططاته ليجمعها مع جواد، ابتعدت عن الثنائيات المتجمعة حتى اصبح صوتهم بالكاد يسمع فجلست تحت شجرة مسترخية وما هي ثوان حتى بدأت تفكر بليلة الامس

كان من المفترض ان يكون عشاءا رومنسيا لكن حتى القمر تصدى لهما...

اي ان كان، انه متزوج على كل حال...

ادمعت عيناها مبتسمة وهي تتذكر عناقه "لقد اعترف لي بحبه" مسحت دموعها وهي تفكر "وما الفائدة على كل حال... انه متزوج..."

---


مر اليوم ببطئ حتى اقبل اليها ايمن ظهرا وجلس بالقرب منها قائلا:

- الا تريدين الانضمام للثنائيات؟

نظرت للمشاركين بانزعاج لتقول:

- تعلم انه للثنائيات وانا وصالح انفصلنا

- وماذا عن جواد؟ لقد كان وحيدا طوال الوقت...

نظرت اليه بحسرة، كان يقف بعيدا نسبيا عن المشاركين وكالعادة يحدث ابنه بحماس، تنهدت بخيبة لتقول:

- تعلم انه متزوج...

- اذلك ابنه؟

- اجل... يبدوان سعيدين...

- لكن لما لا يشارك مع زوجته في العاب الثنائيات؟

بحثت عن زوحته بين المشتركين لتراها تضحك مع بعض الاصدقاء، حالها كحال سبع سنوات مضت، تبقى مع الاصدقاء اكثر من زوجها، اتراه تعيسا معها؟ ربما، وربما ذلك هو سبب اعترافه بحبه لها البارحة واستعداده لمواجهة العالم باسره لاجلها...

تبا لدفتر مذكراتها الفاضح اذي فضح امرها ووضعها في هكذا موقف صعب...

قال ايمن:

- لما تجلسين هنا بعيدة، على الاقل اقتربي وشاهدي عن قرب

نظرت اليه بانزعاج لتقول:

- ان ذلك الاحمق سامر سيحاول جمعي مع جواد كما فعل البارحة طوال الوقت

نظر اليها متفكرا ليقول:

- اذا لم اكن اتوهم... يبدو انه يظن نفسه رسول الحب فقد كان يحاول طوال الوقت جمعي مع اخت سليم

نظرت اليه مستغربة ثم فرطت ضحك لتأكد له شكوكه:

- انه كذلك فعلا... يعتبر نفسه ملاك الحب منذ سنوات عديدة...

- حسنا... اذا دعينا نذهب ونخرب مخطته، فلنذهب انا وانت كثنائية

نظرت اليه مستغربة:

- انا وانت!... هل انت متأكد من طلبك؟ اظنك شاهدت مسابقة الثنائيات اليوم...

- لقد فعلت... في حال لم تعجبنا فقرة يمكننا الانسحاب، لا اظن ان سامر سيمانع انسحابنا لو لم تعجبه

تفكرت بالموضوع قليلا ثم ابتسمت حين توصلت ان ذلك سيدعم ظن جواد انها تحب ايمن فنهضت مباشرة معلنة موافقتها وانطلقا سوية

ولحسن حظهما كانت الفقرة عبارة عن اعداد الفتيات وجبة سريعة وعلى الرجال تذوقهم ومعرفة اي وجبة اعدته فتاته...

ابتسم سامر بفخر بعد اعلانه الفقرة الاخيرة ونظر الى زهراء ليراها مصدومة، زاد افتخاره بنفسه اذ صدمها بعبقريته بينما ضربت راوية على رأسها اما اريج فقالت وهي تنظر الى ايمن شامتة:

- لا يبدو لي انك ستخرج من هنا حيا

ابتسم قائلا:

- لا بأس... تريحينني من هم هذه الحياة المقيتة...

توجه الشباب ليأرغلو سوية بينما اخذت الفتيات تعددن الغداء، واخيرا انتهو ليدعو الجميع للإجتماع على المائدة ووضعت اصناف الطعام الذي اعددنه المشاركات في المسابقة جانبا ليتذوقه الشباب المشاركون

القى ايمن نظرة سريعة على الاصناف ثم قال شامتا وهو يشير الى صنف ما:

- لا بد ان هذا هو الذي اعدته زهراء

نظرت زهراء للصنف الذي يشير اليه لتفنجر عيناها، لا بد انه اختار اسوأ ما رآه، جالت بعينيها على المائدة للتؤمد ظنها، ابعدت عيناها حزينة حين فهمت رسالته، حين لاحظ سامر ذلك نظر الى ايمن بحقد بينما قال سليم اخ زهراء:

- ما بالك ايمن، قد يكون طعم طعام زهراء مقرف لكن منظره خادع، انسيت ذلك؟

حك ايمن رأسه حرجا ليقول:

- في الواقع اجل نسيت... لا اذكر الا طعمه

نظرت اليه اريج لتلكشه ثم قالت:

- ان استمريت هكذا سنخسر المسابقة

- في الواقع لدي مهمة اكثر اهمية من ربحي في المسابقة، لذلك احببت ان اشارك... اظنك شاركت لنفس السبب...

تفكرت اريج بالموضوع، انه محق، لم تشارك هي لتربح انما لتقنع جواد انها متعلقة بايمن، اذا هل يريد ايمن ايضا ان يقنع احدهم انه يحبها؟

مررت الاطباق على المتسابقين ليتذوق كل واحد منهم لقمة وما ان وصل ايمن للطبق الذي اختاره مسبقا قال برضا:

- انت محق سليم، لا يمكن لهذا الطعم المقبول ان يكون من صنع زهراء

نكست زهراء رأسها بحزن حتى اخيرا كاد احدهم ان يتقيء، نظر اليه الجميع مستغربين، رأى ايمن ان طبقه كان ذو منظر مغر فقال:

- لا بد ان ذلك هو طبق زهراء اذا

عقدت حاجبيها اذ طفح كيلها، نهضت من مكانها لتنصرف لكن سامر امسكها من يدها واجلسها مجددا، قال لايمن:

- المطلوب منك ان تتحزر طبق حبيبتك، فهل نفهم من كلامك انها حبيبتك؟!

احمرت زهراء بينما تجهم وجه ايمن اذ انقلب السحر على الساحر، قال اخيرا:

- لا ليس الامر هكذا، ان زهراء كأختي وانا كنت امازحها، ولانني اعرف طعامها جيدا اكثر من غيرها هنا فوجدت ان تحزر طعامها كان اسهل

- اذا هل تحبها حتى تعرف طعامها اكثر من الفتاة التي اخترتها لتكون معك كثنائية؟

- هه يا رجل! لا يجب ان احبها لاعرف ذلك، انا متأكد لو انك انت تذوقته فلن تنسى طعمه لبعد مئة عام

رفع سامر رأسه ناظرا اليه باحتقار ليبادله الاخر النظرات نفسها فقال سامر قاطع ذلك التحدي:

- لا اظن ان طعمه بذاك السوء

توجه مباشرة الى طبق زهراء ليأخذه من يد ذلك المتسابق ويتذوقه، اغمض عيناه بشدة محاولا عدم اظهار ردة فعله، كان قد جهز نفسه لاسوأ طعم لكن ليس لتلك الدرجة...

حين استطاع ان يعود الى حالته الطبيعية دون ان يشك احدهم انه كاد ان ينهار امام ذلك الطعم السيء قال بشجاعة:

- انه لا بأس به، ليس بذلك السوء الذي تحدثت عنه

نظرت زهراء لسامر متفكرة بينما قال سامر لصديقه:

- اهتم انت بباقي المسابقة فانا لدي عمل طارئ

اسرع ليبتعد قدر الامكان عنهم، توارى خلف شجرة ليتقئ ما اكله، وصلت اليه زهراء لتتفاجئ بذلك المنظر، رفسته معاتبة:

- ظننتك قلت ان الطعم ليس بذلك السوء

تأوه ممسكا قدمه موضع الرفسة ثم قال:

- كنت احاول ان احسن من صورتك امام ذلك الاحمق وهذا ما اناله منك! ثم... من اين تعلمتي الطبخ؟

- انا لم اتعلم... انا احب ان اتفنن

- حسنا ليكن بعلمك، ان حتى الفن يرضخ لقواعد معينة تجنبا لما حدث اليوم، واعلمي ان اهم قاعدة في فن الطبخ الا تخلطي السكر مع الملح

عقدت حاجبيها بانزعاج فقال بيأس:

- اتعلمين؟ اظن ان امركما ميؤوس منه... انسيه خير لك...

- ظننتك لك مصلحة في جمعنا

- هناك طرق اخرى لمصالحي

نظرت اليه باحتقار ثم انصرفت، تنهد سامر منزعجا ثم عاد للمجموعة، عاد ليجلس مكانه ثم استرق نظرة لزهراء ليرى ان اخوها يعاتبها كالعادة، اراد ان ينهض ليضربه لكن جواد امسكه ليعيد اجلاسه قائلا:

- يفضل ان تبتعد عنها... الشابة ليست من وسطك، انك تسبب لها المشاكل

- انا من اسبب لها مشاكل ام اخوها؟

- كل عائلة ولها عاداتها وتقاليدها، ويبدو ان تلك الفتاة تربت على هذا فيفضل ان تبتعد عنها

- في الواقع لا يعجبني ذلك

- لست لا اباها ولا اخاها لتقرر

- ليس هم من يقررو انما هي، انها حياتها

- هنا لا تسير الامور هكذا...

- حقا!... اذا انا افضل العودة لفرنسا

- افعل ما يريحك...

- سافعل

قالها ساخطا عاقدا ذراعاه وهو يبعد نظره عن الجميع

---

تأملت زهراء ايمن شاردة ثم قررت، نادته وما ان نظر اليها طلبت منه ان تحدثه جانبا، نظر لسليم متفكرا فهز سليم كتفيه، نهض ايمن من مكانه وابتعد عن الباقيين فتبعته زهراء حتى ابتعدا بما يكفي، نظرت اليه بحرج ثم ابعدت نظرها عنه لتقول بحياء:

- اعلم انك ما زلت تحب طليقتك... لكنني احبك... ولا اظنك ستنساها بتلك السهولة، ولكن قد تعطي فرصة لنتعرف على بعضنا و...

- لن يحصل ذلك...

- لا يمكنك ان تستمر بالوفاء لطليقتك لمدى الحياة

- ليس الامر هكذا... حتى لو اني لم احب نوال يوما ولم احب غيرها، ما كنت لارتبط بك

اغروقت عيناها بالدموع وراحت تنسحب لكن ايمن ربت على كتفها مناديا باسمها:

- زهراء... اسمعي... اظن انه آن الوقت لنضع حدا لهذا الموضوع، ظننتك يوما ستنسيني دون ان نضطر ان نتطرق لهذا المضوع، لم اتصور ان تبقي على حبي حتى بعد طلاقي... لكنك اخت صديقي المفضل... واخشى ان ارتباطنا قد تهدد صداقي له

- وما شأن هذا بذاك، على العكس، من شأنه ان يزيد من وثاق صداقتكما

- هذا في حال كنا متوافقين لمدى الحياة، لكن في حال كان بيننا خلافات ولو قليلة، لو كنت مكان سليم وصديقي تزوج من اختي ثم بدر منه ما يؤذيها فانا لن اسامحه ابدا، وطبعا لن نعود اصدقاء كما كنا

- لكن... سليم لا يفكر مثلك بهذه الطريقة...

- ربما... لكني افكر هكذا، ولا اقبل لغيري ما لا اقبله على نفسي، لذاك من المستحيل ان ارتبط بك حتى لو كنت متيم بحبك...

اخضت راسها تمسح دموعها، عادت لترفعه مبتسمة ثم قالت:

- اذا انت متيم بحبي لكن لا يمكنك الارتباط بي لانني اخت صديقك المفضل

فنجر ايمن عيناه ثم قال:

- من اين اتيت بهذا الاستنتاج؟

ببرود قالت:

- سأعتبر الامر سار هكذا مواساة لنفسي

قالت جملتها وانصرفت بينما ظل شاردا يفكر بطريقة تفكيرها حتى اخيرا هز كتفيه وقال:

- ان كان هذا الاعتبار سينهي الامر بسلام، فلتعتبر الامر كذلك، اين المشكلة؟...


*****

السلام عليكم

كيف حالكم
لي زمن على هذه الرواية
انا شخصيا انصدمت من طول الفترة ^^'

المهم

اتمنى ما تكونو نسيتو احداث الرواية
وما تكونو مليتو الانتظار ^^'
نذهب للاسئلة


- اريج وجواد كما يبدو ودعو بعضهم للابد، اكيد ما رح تضل هيك التحوال
بس كيف بتتوقعو يرجعو يتصالحو؟
- شو رايكم بزهراء؟
بتبقى لحبها لايمن بعد رفضه لها ام انها ستنساه :
- رايكم بالثنائي راوية وصالح والاحداث عنهم كانت سريعة او طبيعية؟
- توقعاتكم للفصول القادمة





__________________













  #163  
قديم 06-30-2019, 11:47 PM
 



الفصل الاخير


توجه تامر ليفتح الباب للطارق فيفاجئ بجواد، قال:

- هل اتيت لتصلح خطأك ام لتزيد من بؤس اختي؟...

- بؤس اختك! وما بها؟

- ابدا، اعطيتك مذكراتها لتعيدها كما كانت قبل سبع سنين مضت فاراها تعود اسوأ مما كانت، انها تغرق نفسها بالدرلسة طوال النهار ولم تعد تكلم صديقتها راوية كما كانت منذ شهر بسبب دراستها، حتى ازعاجياتي لم تعد تتعنى لهم، انها... شبه ميتة

- هذا طبيعي فهذه اخر سنة من جامعتها وتريد النجاح

- تريد النجاح، اتقصد انها تريد ان تسبق ما قبل الاولى، ام انها تريد ان تتهرب من شيء يؤرقها

تنهد جواد بانزعاج وهو يتذكر اخر لقاء بينه وبينها ثم قال بملل:

- اظنك اخطأت الشخص، كان عليك ان تطلب ايمن وليس انا

- حقا! لذلك تتجنبه منذ شهر كما تفعل مع بقية اصدقائها

- لم آت الى هنا لهذا الموضوع

- وهل هناك موضوع غير اريج هنا لتأت لاجله؟

ناوله جواد ورقة كانت في يده لينظر اليها تامر متأملا ثم عاد لينظر الى جواد سائلا:

- ارى ان علامة الفزياء قد زادت عدة علامات... اقل مما كنت احتاج بكثير لكن رغم ذلك نحجت... هل كنت قد اخطات الحساب حينها؟

- لا... لم تخطئ لكن قصدت كل معلم خمنت انني استطيع ان اقنعه، واقنعتهم بان يزيد لك ثلاث علامات، هكذا لن يبدو انني تلاعبت بعلاماتك، والان ها قد نجحت ورددت ديني لك حين سلمتني مذكرات اختك

نظر تامر لجواد ببرود وسرعان ما مزق شهادته، تلعثم جواد وهو يعاتبه:

- ما الذي فعلته! اتدري كم كلفني اقناعهم بزيادة علامتك!

- لا يهمني... ما اذكره اني اخبرتك اني ارغب في دخول المهنية ولم تعد تهمني الثانوية، لكن اذكر اني طلبت منك ان تعيد اختي لسابق عهدها بدلا مما فعلت

رفع جواد يديه مستسلما ثم قال:

- اخبرتك لست من عليه ان يأخذ هذا الدور

- لكنها تحبك انت

- بل كانت

- لا مازالت

- انسى الامر... اظنني انتهيت مما اتيت لاجله... ان كنت لا تريد النجاح فهذا شأنك

- ادخل واسألها ان كنت لا تصدق

تجاهله جواد واكمل ذاهبا فقال تامر بغيظ:

- يا لك من جبان

توقف جواد في مكانه غاضبا ثم استدار ليقول:

- لقد سألتها بالفعل منذ شهر، لا ينقصني ان أرفض مرتين...

صمت تامر حينها فذهب جواد

---

نظرت اريج حولها، اصدقائها المقربون وعائلتها مجتمعين يحتفلون لاجلها، شعرت براحة بال وطمئنينة، حلمها اخيرا قد تحقق، وصلت لاعلى مرتبة في دراستها، وبدء منذ الان ستصبو لتصل لاعلى مرتبة في عملها...

شهد الجميع حولها انها كانت من الاوائل في تخصصها وقريبا سيشهدون انها الاولى في وظفيتها، كلهم سيشهدون... هل كلهم حقا؟...

نظرت حولها بأسى، هناك احدهم ناقص كانت تتمنى ان تريه انها ليست فاشلة دراسيا كما كان يدعي، حيث قال يوما انها لا تركز ابدا في الصف وعلاماتها تدل على ذلك

وهل كان حلمها هذا اصلا... ربما لم تحلم يوما ان تكمل الجامعة، ارادت فقط بيتا صغيرا يجمعها مع الشخص الذي تتزوجه عن حب، وتربي اطفالا لطفاء، او ربما مشاكسين...

لكنها بدلا من ذلك انتهجت نهجا علميا عمليا خال من المشاعر، وكل ذلك بسبب من؟ بسبب لؤي... لا، لا دخل للؤي، لو ان والدها لم يجبرها على الزواج من صالح ما كان للؤي اي شيء يجبرها فيه على ما لا تريد...

ايقظها من شرودها راوية التي لكشتها قائلة بحماس:

- اين تشردين عنا؟ انه حفل تخرجك هيا كوني اكثر بهجة، اتعلمين؟... ربما عليك ان تلقي كلمة ناصحة الاصغر منك ليصلو الى ما وصلتي اليه...

ابتسمت اريج بوهن قائلة:

- لا، لا داعي لذلك، لا اظن انه...

- اسمعو جميعا... لدى اريج ما تريد قوله لنا، ستكشف عن سرها الذي جعلها تصل لهذا الامتياز

لكشتها اريج بانزعاج لكن الكل صار يصر عليها حتى قالت:

- حسنا حسنا اهدؤا...

صمت الجميع يترقب قولها بينما هي تتأمل وجوه الموجودين محاولة التذكر، ما الذي جعلها ناجحة هكذا، قالت:

- حسنا درست بكد، هذا كل ما في الامر...

- لكني افعل المثل ولا اذكر اني استطعت ان اصل لنتيجة مرضية

نظرت اريج باستهزاء الى المتكلمة اذ انها طوال الوقت تفتح الكتاب لتدرس لكنها تقضي وقتها على هاتفها تتحدث مع حبيبها فقالت بابتسامة ساخرة...

- اذا ربما يلزمك والد كوالدي يجبرك على الزواج ممن لا تريدين الزواج منه كي يحطم احلامك الوردية التافهة ويعيد عقلك الى مكانه

صمت البعض مصدوما وضحك البعض الاخر ظانا انها مزحة بينما انسحبت اريج من ذلك المكان لا تريد الخوض اكثر في هذا الموضوع حتى سحبها احدهم من ذراعها ليقابل عينيها بحقد، قال اباها:

-ما كان ذلك!...

اخفضت اريج رأسها بحياء اذ انه ربما اخطات بوصف والدها بطريقة غير لائقة، لكنه بعد كل شيء كان بالفعل السبب في كل ما حدث ومنهم نجاحها بتفوق فرفعت رأسها بتحد قائلة:

- يمكنك اعتباره تعبير شكر

احست بلدغة صفعته على خدها ثم قال:

- ويمكنك اعتبار هذا على الرحب والسعة

- وضعت يدها موضع الصفعة مصدومة ثم قالت بغضب: لكنك كنت السبب الاساسي في تحويل حياتي لهذا البؤوس، دفنت نفسي بالدراسة كي اتجاهل مشاعري تجاه ما اجبرتني عليه، كنت سعيدة لنجاحي في الدراسة، لكن ظهر لي انني كنت اتظاهر السعادة حتى امام نفسي

- لقد كان صالح انسانا جيدا ولن تجدي من هو افضل منه كما انه لن يخذلك يوما...

- افضل ان يخذلني احدهم على ان اعيش تلك الحياة التي جبرتني عليها

صمت الاب لوهلة ثم قال غاضبا:

- ان كان هذا ما تريدينه فافعلي... انا اسحب مسؤوليتي، لقد اصبحت كبيرة كفاية لتتخذي قرراتك، وان خذلك احدهم فلا تأتي الي باكية


انسحب من الحفلة غاضبا فتبعه صالح ليهدء من روعه بينما جلست اريج في اقرب كرسي وجدته فارغ، راحت تتحسس الصفعة في خدها وما هي ثوان حتى اجهشت بالبكاء، تجمع حولها المقربون يواسونها حتى عادت الامور الى طبيعتها "تقريبا"، قالت راوية لاريج:

- اتعلمين... بعد كل شيء كان للامر بعض الحسنات، فها انت لن تضطري ان تخبري والدك بانفصالك عن صالح فقد اعطاك حريتك من تلقاء نفسه

- وما حاجتي للحرية! لا اظنني ارغب بالزواج فكما تعلمين من احبه متزوج من غيري

- يا الهي، كم ان مشاكلك معقدة، لكن لا بأس، ها قد تخرجت الان، اطوي حياتك الماضية وابدئي بحياة جديدة، فعلى كل حال ذلك الغبي مجرد متفاخر احمق، لست ادري حتى ما يعجبك به، حقا ان الحب اعمى

نظرت اليها بتستهزاء ثم قالت:

- تعلمين لا يمكن ان اقول الامر نفسه عن حبك

- بالطبع، فصالح لا غبار عليه... حسنا، سأذهب اليه لارى ماذا جرى مع والدك، ان كان قد استطاع طمئنته

انصرفت راوية فجلس مكانها ايمن قائلا:

- اذا... ما شعورك بعد نيل حريتك

نظرت اليه بحزن لتقول:

- اشعر انني طير اطلق ليطير وجناحاه مقطوعتان

- ولما ذلك؟

- حسنا ليستا مقطوعتان، لكنني لم استعملهما منذ امد بعيد للطيران، اشعر انني ارغب في اللجوء الى قفصي الامن والعودة للدراسة، حياة سهلة ومبسطة

- لا اظن ان اي طالب كان ليقول كلامك، ولو سمعتك منذ اعوام لكنت ضربت رأسي في اي جدار الى ان استيقظ

ضربته لتسكته ثم جلس كلاهما ساكتان فقال ايمن:

- اظنك تحتاجين لتجربة جنونية حتى تستطيعي التحليق دون خوف

نظرت اليه مستغربة فقال:

- تعلمين ان النزول الى الماء البارد تدريجيا لا بنفع، عليك ان تنزلي فجأة كي لا تشعري بالبرد

- لكني لا اربد النزول الى الماء

- لكني ارغب فعلا بالقيام بامر جنونيا ايضا، اظن ان ذلك سيعيد الي بعض الحياة، وقد يكون ايضا كذلك بالنسبة لك...

نظرت اليه بشك ثم قالت:

- اذا ماذا تقطرح؟ ان نقفز من سطح بناء شاهق؟

رمش عدة مرات ثم قال:

- قلت امرا جنونيا وليس انتحاريا

- حسنا هذا ما خطر ببالي عن الامر الجنوني، اذا ما هي خطتك؟

- لما لا نتزوج؟

فنجرت عيناها مبدئيا ثم رمشت عدة مرات وبصدمة قالت:

- انا وانت!... نتزوج!... لا بد انك تمزح معي...

- ولما لا؟... انت شابة جميلة وانا شاب تتمناني الجميع

- هذا لا يكفي للزواج... علينا ان نحب بعضنا على الاقل

- لقد احببني يوما

- ربما... لكنك لم تحبني ابدا... كنت تسعى دائما للانتقام مني، وكنت دائما قاسيا معي... لم استطع حتى الدفاع عن نفسي بسبب كذبتي الغبية... ويا ليتها نفعت... انظر كيف انتهى بكما الحال...

- وذلك لانك قررت ان تنهي تلك الكذبة لتفسدي حياتنا

- اسفة لكني كنت مضطرة الى انهائها لان نوال الغبية اسرت ان احارب لاجل حبي لذلك المغفل الذي كان قد تزوج من تلك الجميلة الطويلة الذكية... لم اجد طريقة اخرى لاسكاتها

تفكر بكلامها قليلا ثم قال:

- على كل حال هذا اصبح من الماضي... دعينا حاليا نعيش الحاضر... قلتي انني لم احبك يوما... حسنا هذا غير صحيح... لقد احببتك يوما ما، كنتي تعجبينني كما كنت احب عفويتك...

نظرت اليه بشك فقال مؤكدا:

- صدقي ام لا تصدقي تلك هي الحقيقة

- لقد كذبت علي العديد من المرات مسبقا بهذا المجال

- لكني الان لست اكذب، انا لا اقول الان انني احبك، بل اقول انني احببتك يوما قبل ان احب نوال، لقد كنتي تشعرين بحبي لك من نظراتي طوال الوقت... لا تنكري ذلك...

شردت قليلا ثم قالت:

- اذا لم اكن اتوهم حينها... كنت محقة... وما حدث بعدها، تعرفت على نوال واعجبتك اكثر مني؟

- لا، لم اعجب بها يوما... كجمال خارجي، لكنك كنت السبب، بدر منك موقف سيء جدا تجاه صديقتك غير من نظرتي اليك... كما اعجبت حينها بنوال لوفاؤها لك...

- هه... اتذكر ذلك الموقف جيدا... لا يمكنني نسيان سخريتك اللاذعة حينها، لم يكن لها سابق، لكن كان لها لواحق...

- اخبرتك يوما انني اخترت نوال لانها طيبة القلب، لاني شرير ولا يمكنني ان اختار شخصا شريرا فنكون شريران في بيت واحد فينفجر بنا البيت

- والان لا بأس ان انفجر البيت؟

- في الواقع لم اعد اهتم

- انت مجنون حقا...

- لا.. ابدا لست مجنونا عادة، عادة ما اكون عاقلا لكنني الان سئمت من التعقل... احتاج لبعض او الكثير من الجنون ليعود لحياتي معنى... او لاقضي عليها بالكامل...

- هه... لا بد انك جننت بالكامل...

- ربما انت محقة... على كل حال ان لم تعجبك الحياة الزوجية يمكننا ان نتطلق... انت على كل حال قررتي ان تبقي عانس... اليس هذا ما اخبرتني به يوما؟... فلتجربي الحياة الزوجية على الاقل، ان اعجبتنا نستمر بها وان لم تعجبنا نفترق

تفكرت بالامر ثم هزت رأسها قائلة:

- ربما انت محق، قد نقتل بعضنا بعضا، ولكن حاليا لنخوض تجربتنا المجنونة، اتمنى فقط ان لا يفقد والدي عقله لو اخر التجربة كانت غير مرضية

ضحك ملء قلبه ثم قال:

- فعلا...ومن يدري... اذا هل اعتبر هذه موافقة على الخطة

هزت كتفيها قائلة:

- اظن ذلك

- حسنا سأدعو سليم وجلنار لزفافنا ثم نقر الموعد

ترقبته وهو يبتعد، هل كان قرارا صائبا ان توافق على مطلبه الغريب؟ لكن الفكرة بدت مغرية، لقد عاشت حياة مملة لمدة طويلة آن لها ان تقوم بمغامرة غريبة، وبما انهما متفقان منذ البداية على الطلاق ان استلزم الامر فما من امر مخيف،

ما ستكون ردة فعل نوال ان علمت بالامر، هي اول من دعاها لهذه الخطوة، ايفترض ان تكون سعيدة لاجله؟ ربما دعتها لتنجب لايمن طفل لكن للصراحة لا تظن انها ستنجب له طفلا لان الاتفاق الى الان مجرد مغامرة جنونية سيتحمل الطفل نتائجها لمدى العمر

اغمضت عينيها وزفرت بتعب ثم قالت:

- حسنا مهما كان... لنخوض بالامر دون تفكير ثم تصلنا النتائج دون مشقة التفكير

---

فتحت ياسمين الباب لترسم على ثغرها ابتسامة عريضة عند رؤية فارس احلامها، سرعان ما اسرعت للداخل بينما اقبلت ريم تسألها عن الطارق فوجدته واقفا مستغربا، ألقت التحية عليه فقال:

- تلك الصغيرة هربت بسرعة، لم استطع ان اسلم عيها حتى

نظرت للداخل حيث اختفت ياسمين لتقول:

- ذلك اليوم كانت كل النهار بسيرتك، تخطط لمستقبلكما الرائع، لقد قررت عدد اولادكما كما قررت اسمائهم وكل شيء اصبح جاهزا، لم يتبقى الا زوجكما...

فنجر تامر عيناه ثم قال:

- لقد بدات اشعر بحبس حريتي منذ الان، ربما علي ان اهرب

- هههه لا تكن سخيفا هيا ادخل

- دخل تامر يسأل

-ما الذي تفعله عندك على كل حال؟

- اه... اليوم اجتماع العائلة عندنا...

ابتسمت لتردف:

- كما اخبرني عمي انك نجحت هذه السنة بصعوبة

هز كتفيه قائلا بلا مبالاة:

- وانا مزقت الشهادة، لست مهتما فانا لن اكمل علمي في الثانوية، ان نجحت هذه السنة سارسب السنة القادمة...

- اذا لن تكون السنة القادمة معنا

- كم هذا مريح ومطمئن

توجت الانظار الى المتكلم فاكمل طارق كلامه:

- كنت قلقا من ذهابي للجامعة وترك ريم الى جانبك

دفعته ريم بانزعاج قائلة:

- لا تكن سخيفا، اننا مجرد اصدقاء لا اكثر

اقبل صوت غير منتظم لكعب عال يفرقع على الارض حتى ظهرت اخيرا ياسمين تقول ببرائة:

- بالطبع فتامر سيتزوجني انا

فرط الجميع ضحكا حين سمعوا كلامها بعد ان شاهدوا وجهها المصبوغ بكل انواع الميك اب، امسكته من يده لتسرع به الى غرفتها لتجلسه قرب العابها وتضع امامه طبقا بلاستيكيا صغيرا ضمن العابها قائلا:

- هيا كل قبل ان يبرد الطعام

نظر اليها ضاحكا وهي تضع طبقا اخرا امام دمية لها تقول:

- افتح فمك جودي لتأكلي، لا ترفضي كي لا يزعل بابا منك

فرط ضحكا لكنه قطع ضحكته فجأة حين سمع صوت تصوير، التفت الى ريم ليراها تفرط ضحكا وهي تنظر لهاتفها ثم قالت:

- ما سيكون رد فعل اصدقائك ان رأوا هذه الصورة

فنجر عينيه ثم قال مهددا:

- احذفي الصورة

- لن افعل

- احذفيها الان

اخذت الهاتف وهربت به، نهض تامر ليتبعها لكن طارق وقف امامه مانعا اياه من المرور، واشتبكت مشكلة بينهما فحضرت العائلة الى الغرفة ليروا ما يحدث، ابعدوهما عن بعضهما فنفض تامر سترته يبتسم في محاولة استفزاز طارق، اراد الاخر ان يعود ويلكمه لكن والده سخبه من ذلك المكان ليتفاهم معه جانبا

القى تامر نظرة سريعة الى الموجودين ليجد بينهم جواد يرمقه بنظرات مبهمة، اراد ان يقترب منه ليكلمه لكن ريم سحبته مسرعة الى غرفتها وما هي دقائق حتى اقبل شادي وبلال اصدقاء تامر

دخلا الى الغرفة وانضم اليهم طارق ليس حبا في مساعدة تامر لكن لاجل خاله جواد وبسبب اصرار ريم عليه...

---

بعد انتعاء اجتماعهم بفشل ذريع وقف تامر امام الباب المدخل يودع ريم قبل ذهابه فرأى جواد يتوجه الى المطبخ نظر اليه بحقد، ربتت ريم على كتفه قائلة:

- لا بأس... سنصل لنتيجة لاصلاح الامر

نظر اليها بغضب قائلا:

- متى يكون ذلك؟... كل يوم يمر نقص من وقتنا

- حسنا لست ادري... لكن سنجتمع غدا مجددا للبحث في الموضوع

نظر تامر لطارق قائلا:

- مع اني لا اطيق رؤيتك الا انك ستأتي غدا ايضا لتفيدنا بذاكرتك القوية، فهذه الغبية لا فائدة من ذاكرتها

- ان كنت تذكر، هذه التي تصفها بالغبية تكون حبيبي، لا اظنك تريد ان نتشاجر مجددا

- ولما لا؟... لست انا من وبخه والده جانبا

تقدم ليضربه لكن ريم وقفت بينهما بسرعة قائلة لتامر:

- حسنا يمكنك الذهاب الان

نظر لكلاهما وقبل ان يذهب رأى جواد يخرج من المطبخ ليعود الى حيث كان فنداه:

- هاي انت!...

التفت اليه جواد بانزعاج فقال تامر:

- اردت فقط ان اذكرك باريج... ان استمريت هكذا ستفقدها حقا وللابد...

عاد جواد ليكمل سيره بينما قدمت ياسمين لتامر بالعابها قائلة:

- أذاهب الان؟ لم تلعب معي ابدا... امضيت وقتك كله مع ريم...

تجاهلها تامر وصاح ليسمعه جواد:

- قريبا ستتزوج من ايمن وحينها لن يمكنك ان تفعل شيئا

لم يتعنى جواد لكلامه واكمل سيره فصاح تامر غاضبا:

- تبا ابدي ولو ردة فعل صغيرة... اقول لك انها ستتزوج من غيرك ولا تهتم...

عاودت ياسمين التدخل بينهما فصاح تامر بها غاضبا:

- اصمتي انت قليلا ودعيني اتحدث مع ذلك المغفل، لا ينقصني الان الا ان الاعب لاطفال، ما رأيك ان افتح حضانة ايضا!...

صمتت ياسمين مصدومة بينما ناد لجواد بغضب:

- اتعلم... ابق كما انت فمثلك لا يستحق ان يكون صهري

فتح باب المنزل ليخرج مسرعا، جلس جواد بين عائلته غاضبا صامتا والكل يراقبه بصمت، قال والده:

- ما الذي حدث توا؟...

- نظر جواد لوالده ثم صاح غاضبا:

- انت تطلب مني ان انسى اريج، كيف افعلها وذلك الاحمق يلاحقني باستمرار ليذكرني بها...

نظر الاب حوله ليرى طارق وريم مايزالان واقفان قرب الباب فقال:

- انتما الاثنان، يمنع لكما مقابلة ذلك الفتى مجددا

اعترضت ريم لكن اعتراضها ذهب سدا بينما هز طارق كتفيه ليجلس قرب امه وسرعان ما ضمته الاخرى محاولة الدفاع عن ابنها معنويا

نظرت شيماء لوالدها لتسأله:

- ولما تعترض على ارتباطهما اصلا؟ ان كانا يحبان بعضهما فما المشكلة؟

- يكفي ما تسببه لنا جواد من مشاكل مع عائلة ابو صالح... ثم انها لا تحبه فقد فضلت صالح عليه منذ اعوام وذلك ما ادخل جواد المستشفى وكاد ان يموت بسببها، لا اريد ان اخسر ابني لاجل فتاة فضلت غيره عليه...

- وماذا لو كانت تحبه فعلا؟... فحسب ما اذكر انها اجبرت على الزواج من صالح

- رغم ذلك ما اعرفه ان صالح انفصل عنها ليرتبط بصديقتها، وحسبما قال ذلك الفتى منذ قليل انها ستتزوج، لا اظنها اجبرت ايضا على الزواج من الاخر

صمتت شيماء متفكرة بالموضوع بينما ما كان من البقية الا ان يتقبلو وجهة نظر الاب

---


- بهذه السرعة!...

رددت راوية نظرها بينهما واكملت تقول بعتاب:

- على الاقل انتظرا شهرا لتتفقا على كل شيء

ردت اريج لا مبالية:

- انها تجربة جنونية لذلك لا مجال للتعقل فيها، علينا ان نخوضها دون تفكير

فغرت راوية فاههها مصدومة بينما ايمن يتأملهما ضاحكا، اطبقت راوية فاهها ثم قالت:

- لا يمكنك ان تكوني جادة

- لا ادري ان يمكن للمجنون ان يكون جادا لكنني كذلك، سنتزوج بعد الاسبوع

- ايمن: البيت جاهز وكل شيء كذلك ونحن نعرف بعضنا منذ الصغر، فلما الانتظار

- يا اللهي، لقد فقدتما عقليكما بالكامل

- حدث

قالها ايمن بابتسامة واثقة، نهض قائلا:

- حسنا انا سأذهب لعملي، انت انظري ان كنتي تريدين ان تجهزي شيئا كفستان زفاف او شيء من هذا القبيل...

هزت كتفيها لا مبالية فذهب هو بينما عادت لتنظر اليها راوية وتقول بصوت خافض:

- لما مستعجلة هكذا، فكري بالامر قليلا...

- لقد فرحتي كثيرا حينما اخبرتك بقرارنا عن الزواج، فلما تعترضين الان؟

- لأنني يومها ظننتك تحبينه، لكني رغم ذلك كنت ابغضه واعربت لك عن ذلك عدة مرات

ابعدت اريج وجهها منزعجة:

- كنت اظنك تتحدثين عن جواد

- هه لا تكوني سخيفة، ان جواد رائع مقارنة بذلك الاحمق

- هزت كتفاها قائلة: لكنه متزوج، ليس صالحا للحب ولا للزواج

- رغم ذلك لا داعي للاستعجال، ستلتقين يوما ما احدهم افضل منه وتتزوجينه عن حب

- لكني لا اريد ان احب ولا ان اتزوج عن حب، حتى هذه الزيجة لم اكن ارغب بها لكن ايمن استطاع ان يقنعني بها

- يا اللهي كيف يمكنني منعك

- لا تعذبي نفسك... لن يحدث ذلك...

- سأحدث صالح عن الامر ليمنعك

قفزت مسرعة من مكانها تنبهها:

- اياك ان تفعلي... لا تخبري احدا بذلك

- بل سأفعل... على احدهم ان يمنعك

- هو لن يمنعني... فقط سيصعب الامور علي وعلى ابي، لذلك ابقي الامر سرا افضل، لست ادري حتى لما اخبرتك بحقيقة مشاعري

- انا ادري لما... انت خائفة من فكرة الزواج منه لكنك ترغبين بخوض تلك التجربة المجنونة... لذلك عرضتي علي الفكرة لامنعك منها

- هذا غير صحيح

- بل انه كذلك

- مهما يكن... عديني انك لن تخبري صالح بذلك

- لكنك...

- فقط عديني بذلك

صمتت تنظر اليها شاردة ثم قالت:

- لا تلوميني يوما ما ان ندمتي، لقد نصحتك وحاولت منعك لكنك ابيتي

"نصحتك" هذه الكلمة ذكرتها بشيء ما... "النصيحة بجمل" لطالما كان ينصحها جواد ، وهي كالعادة لم تتغير، مازالت ترفض النصح وفي الاخير ستندم، لكن الان لن يهمها، تريد فقط ان تفعل ما في عقلها، استيقظت من شرودها على طبشة باب منزلها لتلاحظ ان راوية ذهبت

---

نظرت الام الى ابنتها التي كانت ترتدي فستانا ابيضا قطنيا بسيطا وتضع المساحيق بنفسها، هل من عروس تضع مكياجها بنفسها ليوم عرسها، ألحت عليها الآف المرات لتأخذها الى صالون للتجميل لكنها رفضت قائلة ان الامر ليس بتلك الاهمية، ظنت يوما انها ستكون اكثر حماسا لو انها اختارت عريسها بنفسها لكنها...

اقتربت من ابنتها لتجلس مقابلها تقول:

- اريج!... حالتك الان نفس ما كنت عليه يوم خطبت صالح... لا تبدين سعيدة بزواجك

- بلا انا سعيدة

- لا تبدين كذلك

- ايجب ان اقفز حماسا كطفلة لاعبر عن حماسي

- على الاقل ابتسمي

ابتسمت بتصنع ثم محت ابتسامتها قائلة:

- هل هذا افضل؟

تنهدت الام بانزعاج ثم قالت:

- اانت واثقة انك تريدين هذا الزواج

نظرت اريج لامها شاردة، حقا هل تريد هذا الزواج؟ ليس ما حلمت به يوما، لكنها قررت ان تعنس، فلتجرب الزواج ولولشهر فقط، وان لائمهما يستمران به، ولكن الاغلب انهما لن يتفقا لذلك رأت ان وضع مئات الدولارات على بعض غبار التجميل في وجهها لامر سخيف خصوصا ان زواجهما مجرد مزاح...

هزت كتفاها وقالت:

- طبعا اريده

عادت الام لتتنهد ثم قامت من امامها قائلة:

- على الاقل اسمحي لتامر اخوك ان يبرجك فانت فاشلة في ذلك فشلا ذريعا

نظرت الى امها مستغربة ثم نظرت لنفسها في المرآة وقالت في نفسها "يبدو انني سأكون ابشع من في لعرس، على كل حال تامر رفض ان يبرجها فهو قد رفض هذا الزواج من اصله"

وضعت علبة المساحيق جانبا لتخرج الى الشرقة عندما اشتمت رائحة لطالما احبتها، انها رائحة اختلاط المطر بالتربة...وهل تمطر صيفا؟... مدت يدها خارج الشرفة لتلمس المطر وهي تستعيد بعد ذكرياتها السعيدة والمؤلمة في ان معا...

---

ابتسم جواد ابتسامة جانبية وهو ينظر الى المطر ينهمر، كان منذ برهة يتأمل البرية ذات الحشائش اليابسة التي نبت عليها الشوك ويتذكر اول يوم رأى فيها اريج عن بعد صيفا، وها الان امطرت السماء لتذكره بثاني لقاء له بها وعن قرب حيث كان بعد المطر مباشرة، وتلاه العشرات من القتئات تحت المطر... فلما لا يجمعها المطر بها مجددا؟ يبدو ان السماء مازالت تصر على ان جمعهما... اولا اخفى عنهما قنر الوداع، ثانيا انزل اليهما مطر اللقاء، سرعان ما اخرج هاتفه من جيبه ليتصل بسامر

---

خرجت اريج من بيتها متمسكة بذراع ايمن بيد متشنجة، نظر اليها مستغربا فقال لها:

- ما بالك؟ هل غيرتي رأيك؟...

نظرت اليه شاردة ثم هزت رأسها نفيا وقالت:

- هيا دعنا نمضي

هز كتفيه ومضيا ينزلان السلالم، خرجا من البناية وفتح لها باب سيارته، همت لتدخل لكن احدهم اغلقها قبل ذلك، نظرت للفاعل مستغربة وسرعان ما جحظت عيناها عند رؤيته، احست بقلبها ينبض بقوة على غرار ما اعتادته مؤخرا

قال ايمن:

- لا اذكر اني دعوته لعرسنا، هل انت من فعل؟

نظرت لايمن مستغربة ثم عادت لتنظر لجواد قائلة:

- ما الذي تفعله هنا!

- اتيت لامنعك من ارتكاب اكبر حماقة قد ترتكبينها في حياتك

توقفت سيارة جانب سيارة شيماء لينزل منها اب وام جواد وكذلك رولا وسامر، تقدموا مستفهمين عما يحصل، قال سامر:

- اتينا لنخرب عرس معشوقة ابنكم

نظر الاب بغضب الى جواد فحدج جواد سامر بغضب ثم توجه لابيه قائلا:

- ابي... اني احب اريج واريد الزواج منها، اقولها امامك وامام والدها... وارجو الا تمانعا زواجي منها

- والد جواد: انت تطلب فتاة في يوم عرسها

- كان يجب ان انتظر لتنهي عرسها كي اطلبها؟

نظر اليه ابوه بلؤم ففقال جواد:

- انها لا تحبه

- جواد... دعنا نعود للمنزل ولنا حديث مطول

- ابي... لما تعترض على زواجي منها؟...

- لقد تناقشنا في هذا الموضوع مسبقا... ثم لا يمكنك ان تطلب فتاة يوم عرسها

- حسنا... لو هي قبلت الزواج مني ووالدها قبل، هل يبقى هناك اعتراض منك؟

صمت الاب ينظر الى اريج ثم الى ابيها، قال جواد: "اظن ان سكوتك علامة رضا..."

توجه الى والد اريج يسألها:

- لقد طلبتها منك منذ زمن... ووعدتني ان تسألها، لكن ذلك لم يحصل... تجاهلت طلبي وخطبتها من صالح

نظرت اليه اريج بصدمة ثم الى والدها الذي بدوره كان ينظر الى جواد مستغربا، قال:

- انا لم اتجاهل طلبك... لقد سألتها فعلا عن رأيها، لكنها رفضتك... اما اخبرك لؤي؟

توسعت عينا جواد صدمة ونظر الى لؤي الذي كان يحك رأسه حرجا، تدخلت اريج فجأة معترضة:

- انت سألتني عن رأئي!... لم تخبرني يوما انه طلبني...

تلعثم الاب وهو يقول:

- حسنا... انا... لم اخبرك انه طلبك هو شخصيا... لكنني سألتك ان كنت تفضلين الزواج من غير صالح وانت اجبت بالنفي... قلتي انك لن تجدي من يفهمك اكثر من صالح لانكما تعرفان بعضكما منذ الصغر

نظر جواد لاريج غاضبا وقال:

- رجوتني حينها لكي اخترع لك طريقة تمنع والدك من زواجك من صالح، وعندما اخيرا اتجرأ واطلبك ترفضينني قائلة انك لن تجدي مثل صالح!؟..

- انا لم افعل... فلا اتذكر ان ابي فتح لي سيرة الزواج منك ابدا

- حسنا... لنفترض ان اباك لم يخبرك... لقد حاولت التواصل معك على المسنجر، لما لم تجاوبيني؟... سألتك حينها عن رأيك لكنك قرات وتجاهلتي

- انا؟... انت لم تحدثني بالامر مطلقا

- وجه نظره للؤي قائلا:

- هل كنت انت من فتح حسابها وقرأ رسائلي ثم الغى حسابها؟

رفع يديه متبرأ من قوله يقول:

- لا شأن لي هذه المرة بهذه التهمة

عاد لينظر الى اريج ليراها مفنجرا عينيها، قالت:

- اهذا ما اردت ان تسألني عنه حينها؟

ضيق عينيه وقال:

- بالطبع، الم تقرئي حينها ما كتبت!

- في الواقع... الغيت حسابي دون قراءة لانني ظننت حينها...

صمتت حين علمت ان ظنها سيبدي مدى سخفها، فقط لو انها قرأت يومها ما كتب دون تخمين...

- ظننت ماذا؟

ابعدت وجهها تأبى الكلام فاعاد السؤال، استعادت الاحداث حينها فهبت تهاجمه:

- انت كيف يخطر لك ان تطلب يدي وانت متزوج وزوجتك حامل بطفلك الاول؟... الا تقيم لمشاعر زوجتك وزنا؟...

- زوجتي!!!...

- اجل زوجتك لا تتظار بالجهل

نظر حوله ليثبت نظره على لؤي مجددا يساله:

- وهل هذا من ابداعاتك مجددا؟

- لما علي ان اكون الشرير دائما، كان لي مواقف سيئة كثيرة لكن يبدو ان هناك من هو اشر مني...

نظر الى حسنا مستفسرا فقالت:

- لا شأن لي...

نظر لمن حوله قائلا:

- اذا من اخترع هذه الكذبة

- اريج بسخرية: لا تدعي البراءة... لقد كنت انت من اخبرتنا بنفسك

- انا!... اخبرتك انني متزوج وزوجتي حامل!...

- اجل يوم قدمت من المطار، اتيتمع زوجتك المثالية الشقراء الطويلة الذكية

فغر فاهه بينما فرطت رولا ضحكا لتقول:

- يبدو ان احدهم مازال مصدقا مقلبك

نظر اليها مستغربا فقالت رولا:

- انسيت زوجة صديقك التي ادعيت انها زوجتك لتبعد حسناء عنك؟

فغر فاهه ونظر لاريج ليراها مصدومة مثله وسرعان ما ادمعت عيناها، كل ذلك الوقت تتحسر لزواجه بينما الامر لم يكن اكثر من مقلبا

توجهت الانظار الى ايمن الذي فرط ضحكا قائلا:

- اذا ليس هناك زوجة ولا اطفال!...

- لا... لذا يمكنك ان تبتعد عنها الان بما ان المسالة توضحت

نظر ايمن لاريج قائلا:

- قال ايمن انكمل اازواج ام تريدينه؟

مسحت دموعها نظرت اليه بتكبر لتقول:

- لكني لم اعد احبه

تنهد جواد بانزعاج ليقول:

- الان كفي انت ايضا عن الكذب... رأيتي ما فعلته كذبتي بنا لسبع اعوام، اتريدين سبعة اعوام مثلها

عبست وزادت من اصرارها:

- لست اكذب، لم اعد احبك...

- لقد اعطاني اخاك مذكراتك مجددا وقرأت ما كتبته

- مذكراتي!... كل ما فيها قديم، كنت احبك ونسيتك

- بل فيها ذكرى واحدة وحيدة جديدة تعبرين فيها عن كم تتمنين لو انك تستطيعين نسيان جواد

قالها تامر مبتسما ففغرت اريج فاهها ليرفع اخاها حاجبا متحديا فقالت:

- ليس هناك شيء من هذا النوع

شغل تامر هاتفه ليريها صورة عن الذكرى التي كتبتها حدجته بحقد ثم قالت:

- على كل حال هذا ليس خطي... وانت بالاخص جواد اكثر من يعرف خطي... غير مرتب ولا يفهم... ربما اخي كتبهم ليقنعك باني مازلت احبك

صمت جواد متفكرا في الامر بينما صرخ تامر:

-تبا لم افعل ذلك لما لا تريدين الاعتراف

- تعلم ان لا تتدخل بأموري

- اسفة اريج، لكن عليك ان تعترفي بالحقيقة، لن اسمح لك ان تكملي بهذه المهزلة

نظرت اريج لراوية لتراها تخرج هاتفها، اعطته لجواد بعد ان شغلت مقطعا صوتيا كانت قد سجلته مسبقا وهي تتحدث مع اريج حين كانت تحاول اقناعها بالعزوف عن زواجها من ايمن، نظر جواد اليها بحزن ليسألها:

- لما تفعلين ذلك؟ ان كنت احبك وتحبينني فلما تفعلين ذلك؟

- لن استطيع مسامحتك ابدا... لقد كنت سبب معاناتي طوال هذه السنين لقد كنت هناك ورأيتني... علمت انني سمعت بالكذبة، لما لم تتعنى طوال هذه السنين لتخبرني بالحقيقة

- لقد علم كل من حولي بالحقيقة ولم يبقى احدا دون ان يعلم، وما ادراني انك لم تعلمي واولاد عمك علموا، ظننت انهم اخبروك

- تدخل صالح قائلا: حسنا... لو علمت انك تحبينه لاخبرتك، لكنك لم تظهري طوال هذه السنين الا نفورا منه

- وما تريدني ان اظهر له بملاحقته لي وهو متزوج

عاد لينظر جواد الى لؤي، ضحك بسخافة ليقول:

- لست ادري حتى كيف خطر لي انه يمكن ان يصدر منك خيرا لتخبرها بالحقيقية...

اخفض لؤي رأسه اسفا ثم توجه اليها قائلا:

- حسنا... لم تكن هذه الحقيقة الوحيدة التي اخفيتها عنك

اقترب منها ليفتح صورة في هاتفه، نظرت للصورة وانصدمت لرؤية جواد في المستشفى محاط بالاف من الاجهزة، قال لؤي:

- اتعلمين ما سبب حالته هذه؟

نظرت اليه مستفسرة فقال:

- انه انت... حين علم بخطبتك اصابته نوبة ربو دخل اثرها الى المستشفى، وكاد ان يموت حينها... لولا ان لطف الله به لما كان اليوم امامك... ثم تأتين وتقولين انك لن تسامحيه ابدا؟...

صمتت قليلا ثم قالت:

- لم يكن الذنب ذنبي... بل ذنبك انت لانك اجبرتني على الزواج من صالح

- حسنا... كان الذنب ذنبي... استغليت هوس والدك بتزويجك من احد اقربائك لابعدك عن جواد باي طريقة، كنت حاقدا عليه ولم اكن اريده في العائلة، اخفيت عنك ان زواجه كان مقلبا... كما وجدت تلك الطريقة لاجبارك على الموافقة على صالح... وفي النهاية خربت كل شيء... اظنني المذنب الوحيد هنا... لا شأن لجواد بما حصل...

- قال ايمن: اني اعاني من فراق نوال واعلم ما يعنيه ذلك... ان كنت حقا تحبينه فانسي ما مضى وتزوجيه... لقد عانيت سبع اعوام، الا يكفي؟...

نظرت اليه مترددة ثم عادت للبكاء، دفعها ايمن لجواد لكنها امتنعت لتعود خطوات للخلف، لؤي:

- وما بك الان! لن اعارضك الان بل ادعمك... ايمكنني ان افهم ما بك؟...

نظرت لوالدها خائفة فأبعد والدها وجهه كأنه لا شأن له، اقترب جواد منه ليعيد عليه طلب يدها، نظر بطرف عينه لابنته ثم قال:

- اكد لها انني كنت قد قبلت ان اغير من رأي بتزويجها من صالح لولا انها هي من رفضت

- حسنا لست ادري بالنسبة لرفضها فلم اكن موجودا، لكن والدك اكد لي انه سيسألك ليأخذ رأيك ثم يجيبني

- لكنه لم يخبرني انه انت، ولم يخبرني حتى ان هناك احد معين، فقط كان الامر اشبه باقتراح لم يطمئن له قلبي ظننته يختبرني او شيء من هذا القبيل...

- لم يكن هذا قصدي... اردت ان اتأكد فقط انني لست اظلمك بتزويجي لك من صالح، دون ان افسد الامر باخبارك عن وجود شخص اخر... وبما انك لم تعارضي الزواج وبدوتي مقتنعة لم ارى سبب لاخبارك...

- جواد: اذا؟...

- انا موافق ان كنت مازلت تحافظ على وعدك بتلك الشروط

- كلها مضمونة وان اردت الزيادة

اخفض الاب رأسه متأثرا ثم توجه لاريج ليمسح على رأسها قائلا:

- بنيتي، لا اظنني سأجد لك افضل منه لتزويجك، ارجوك ان تقبلي به...

نظرت لجواد حائرة ثم سالت:

- ما كانت الشروط؟

- ان يتزوجك بشرط ان يكون لك ان تطلقيه في حل اختفاؤه كما حدث مع زوج عمتك

نظرت اليه مصدومة ثم ادمعت، قالت:

- لقد كان الحل موجودا طوال الوقت ولم تخبرني به حتى

- اعذربني، تعلمين ان موافقتك على صالح كان حلم حياتي... لكن بعد اقتناعي ان زواجك من صالح اصبح مستحيلا... لن اجد من هو افضل من هذا لتتزوجيه

غضت شفتيها حائرة وهي تنظر لجواد فدفعها تامر صائحا:

- لا يحتاج الامر كل هذا التفكير، انت تحبينه وهو يحبك، اقبلي به وتزوجا وانتقلي من البيت واريحيني من وجودك لاخذ غرفتك

نكست رأسها متوترة لتقول:

- لكنني خائفة... اعتدت طوال هذه السنوات ان ابتعدت عن كل ما احب كي لا اخسره حتى اضحى الامر شعاري في الحياة، اخشى ان اوافق الان على الامر واخسر مجددا... سيؤلمني الامر كثيرا...

ربت الاب على كتف ابنته مبتسما وقال:

- انت الان تملكين تأييدي، لن يستطيع احد اذيتك بعد الان...

ضمها الاب اليه فبادلته العناق، مل تامر لان المشهد المؤثر طال اكثر مما ينبغي فقال معترضا:

- هيا اذا اذهبي الى حبيبك، بما انك ترتدين فستان الزفاف اذهبا وتزوجا وانتهى الامر...

صحصح له والده ليقول:

- يا لك من فتى مزعج، لا تكون هكذا الاصول... هيا تفضلو جميعا للمنزل لنشرب القهوة ويتم الامر بطريقة رسمية، ربما كان علي ان ادعوكم من اول الحديث لكن الامر كله حدث فجاة

استأذن سامر ليذهب ويخبر سليم بالغاء حفل الزفاف وفي طريقه يطلب يد زهراء للمرة الثالثة ، ففي المرة الاولى رفضته هي، والثانية قبلت لكن اخوها رفض، ويتمنى لو يوافقه لحظ هذه المرة كما حدث مع جواد... او ربما عليه ان يعرض عليهم بعض الشروط كما فعل جواد ليقبلوا به

صعد البقية لمنزل اريج بينما بقي ايمن محدقا بهم يصعدون، تنهد بأسى حتى سمع صوتا عذبا قربه يقول:

- هل انت حزين لفراقها؟ اكنت تريد الزواج منها حقا؟...

التفت ايمن مذهولا لسماع صوتها، قالت بحرج:

- طلب مني جواد ان اتي معهم وابقى في السيارة مستمعة ليؤكد لي ان اريج تحبه هو فعلا ولا تحبك انت... لكنني انصدمت انك انت الذي اضحيت تحبها

ضمها اليه فجأة ليقول:

- ايتها الغبية... ليس الامر هكذا... كان مجرد امرا جنونيا اردنا ان نقوم به حين فقدنا عقلنا بعد ان خذلنا الحب... اتمنى ان تكوني قد اقتنعت هذه المرة انها حقا لا تحبني ولا تعيدي الكرة...

ابتعدت عنه تنظر اليه نظرات مبهمة مبتسمة، سألها عن سبب تلك النظرات فأجابت بحماس:

- لقد سافرت في هذه الفترة للصين وخضعت لعلاج طبي طبيعي... اتمنى ان ينجح معنا الامر هذه المرة

ابتسم ابتسامة عريضة فقال:

- باولاد او دونهم، ستكون حياتنا ناجحة، احبك واريدك دئما بقربي

فتح لها باب السيارة، صعدت وذهبا...

---


وقفت بفستانها الابيض قرب جواد تأخذ صورا تذكارية مع الاقارب والمعارف، وفجأة هجمت شلتها ايام الثانوية بحماس ليحاوطونهما طالبين صورة تذكارية

ابتسم الجميع واخذت الصورة، باركوا لها وانصرفوا الى طاولتهم الا نوال عانقتها ثم نظرت اليها:

- لا اصدق، الامر كالحلم... اخيرا عدنا صديقتين... لكن لما كذبتي علي هكذا... كان الامر جحيما لسنوات

- تعلمين...

- اجل اخبرني ايمن لكنني سعيدة جدا ان كل شيء تغيير... وخاصة...

مدت يديها تمسح على بطنها مبتسمة، فنجرت اريج عينيها وقالت:

- انت حامل!...

هزت الاخرى رأسها ايجابا فسارعت اريج لتعانقها واغرقتها بشتى انواع المباركات، اقبل سامر الى نوال طالبا منها ان تاخذ زهراء بعيدا عن اهلها ليكلمها سرا ليخططا لطريقة لاقناع اهلها ففعلت،

ما ان ذهبت حتى توجه سامر الى اريج يبارك لها الزواج ثم توجه الى جواد يبارك له وفتحا حديثا

في هذه الاثناء اقبل ايمن يبارك لها، ابتسمت تتقبل مباركته وباركت لها بدورها لانه سيصبح ابا، شكرها وابتسم وهو ينظر الى نوال بسعادة ثم عاد لينظر الى جواد قائلا:

- اتعلمين كم انك محظوظة بوجوده قربك؟... لا تعلمين مما انقذك...

نظرت اليه مستغربة فقال:

- اتذكرين ايام الثانوية حين عرضت عليك الارتباط بك حين تشاجرت مع نوال

- اه لا تذكرني بذلك اليوم... لكم كرهتك حينها، ذلك اليوم علمت اهمية جواد في حياتي فقد كان من نصحني برفضك

- حقا!... كم انت محظوظة به... فلو تزوجنا لكنت كرهتني الاف المرات اكثر مما كرهتني ايام الثانوية

- في الواقع خمنت انك قد تفعل بي ما فعلته حينها، لكنني لم ابالي لانني لم اعد احبك... فانا من كنت سأطالب بالطلاق على كل حال، فكما تعلم كنت انوي ان اعنس

- لم تكوني تحبينني اذا!.. ولم تتحججي بزواج جواد لاشفق عليك واطلب الارتباط بك؟...

- هاهاها... لا تكن سخيفا... فعلا انك مغرور لا تطاق...

- حسنا هذا كان سيخفف عنك ولو قليلا... ولكنك لم تخمني انك بذلك الزواج كنت ستفقدين ثقة والدك للابد... فانا كنت قد خططت للتخلي عنك فعلا ولكنني لم اكن قد خططت للطلاق... كنت سستمرين بتجربة عمتك واذيق والدك نفس العذاب

ذهب تاركا اياها في صدمة اوقظتها منها راوية، نظرت اليها مصدومة فقالت راوية:

- هذا الفتى خسيس جدا... اخبرتك منذ البداية اني لم احبه

هزت اريج راسها موافقة وهي تقول:

- وانا ايضا لم اكن احبه فانا اعرفه شريرا منذ ايام الصبا، لكني لم اتوقع ان يصل شره لهذا الحد

- ربما عليك الابتعاد عنه

- من؟

نظرا لجواد الذي تدخل فجأة فقالت راوية:

- كنت اخبرها انني اكره ذلك الايمن... لم احبه ابدا...

- وانا ايضا لم احبه، ربما عليك الاستماع الى نصيحة صديقتك

ابتسمت اريج قائلة:

- طالما هذا ما ترغب به فلك ذلك

ابتسم ليضمها اليه ثم نظر الى راوية قائلا:

- وانت متى ستتزوجين... ربما تبعدين صالح عنا ايضا

فغرت اريج فاهها لتركله ثم قالت:

- لن تبعد صالح عني... صالح كأخي وراوية كأختي... سيبقيان الى الابد قربي

- ربما تتخذين من زهراء اخت لك وسامر اخ لك بدلا منهما

- يمكنك ان تحلم... لن ابدلهما باي ان كان

- حسنا... بما ان اريج تثق بكما لتلك الدرجة فتحتم علي ان افعل المثل...

ضحكا سوية حتى سمعوا صوت طفلة تنادي اريج، نظروا اليها فحملتها اريج لتضمها اليها بسعادة لكن ياسمين سألتها:

- من تكون ليليان؟

نظرو اليها مستغربة فسألت اريج:

- لست ادري، لما تسألين؟

- لقد سمعت تامر يتحدث عنها ووصفها بالجميلة

- اه صحيح... انها حبيبته

اغلق جواد فم اريج لكن ذلك كان بعد فوات الاوان، ولم تسأل اريج جواد عن سبب اسكاتها فقد وجدت الجواب في نظرات الصغيرة الحائرة

اخذ جواد ياسمين من اريج ليقبل خدها مداعبا اياها ثم قال:

- انسي ذلك الاحمق النتن وابحثي عن فتى من عمرك

عقدت حاجبيها لتقول بإصرار:

- لكنني لست اصغر منه بكثير فبيني وبينه اقل مما بيني وبين جدي وجدتي

- عصر جدك مختلف عن عصرك يا عزيزتي... فالى ان تكوني انت اصبحت صبية سيكون تامر قد اصبح عجوزا

- من سيصبح عجوزا يا صهري العزيز... امثالي لا يهرمون ابدا... نبقى شبابا الى اخر العمر

وصل تامر اليهم ثم نظر الى اريج بفخر قائلا:

- ارأيتي؟... ابتسامتك السعيدة تبرز جهدي... اما لو زينتك يوم اردت الزواج من ايمن، لكنت ضيعتي عملي بل جعلت الإناث يهربون مني...

- جواد: اتمنى ان لا اسمع باسمك ذاك المزعج مجددا

-تامر: كذلك انا، لم احبه يوما فقد كان يخطف بريقي بين النساء

اجابت اريج بسخرية:

- كلاكما ابشع من بعضكما

عانقت جواد لتقول:

- جواد اجمل منكما الاثنان

- تامر شامتا: القرد بعين زوجته غزال

قالها شامتا وهرب ضاحكا قبل ان ياكلها ضربة محترمة من اخته مدري صهره لا يدري


--- بعد خمس سنوات ---


صرخت اريج:

- تامر... اهدأ انت والاولاد فاني اتحدث على الهاتف

مد تامر سبابته امام فمه قائلا:

- صه ان امكم تتحدث على الهاتف

صمتت فتاتات بينما اكمل عليه الهجوم صبي في الخامسة من عمره غير آبه لما قاله خاله، امسكه تامر ليمنعه من الهجوم وقال هامسا"

- تعالوا لدي خطة رائعة

اقتربت الفتاتان بينما الصبي يحاول ان يضرب خاله ليفلت منه:

- ما رأيكم، سنهجم على الماما بالوسائد

سرعان ما ارتسمت ابتسامة عريضة على الوحوه الثلاثة الصغيرة واسرعوا الى الارائك ياخذون من وساداته ويركضون الى المطبخ وسرعان ما فرط تامر ضحكا حين سمعا صوت اخته تشتكي منهم

لم تدم ضحكته طويلا اخفاها ما ان راى اخته قد اقبلت اليه ورماها بوسادة واكمل ضحكته

فست الوسادة عسى ان تصيب وجهه لكنها كادت ان تصيب مزهرية زجاجية، زمت شفتيها فزعة فقال اخوها مستفزا:

- لن استغرب انك لم تخضري خادمة بعد، كل اموال عملك تذهب الى طيشك، تمرني على. اب ماية ثم ارميني

اقتربت منه لتق صه قايلة:

- هذه اسهل واقل كلفة، المهم... لدي لك مهمة

- زبونة جديدة؟ ان كان لاجل الغد فاعطيها عنوان الة التجميل خاصتي، فلدي غدا الكثير من العمل

- لو انه غدا لاخذت المهمة ولكنها بعد غد ا الاثنين... سأكون صباحا مشغولة بالتدريس... عليك ان تذهب وتحضر ياسمين من المطار

- يا الهي... في النهاية ربح الجد في الجدال... وما لفرق بين الدراسة هنا او هناك

- تلعم انها ثانوية العائلة، لما تدرس في فرنسا حين يمكنها ان تدرس هنا...

- ولما علي ان احضرها انا... تعلمين كم كنت اتهرب منها في صغرها... اخشى ان يزداد ظنها اني احبها ان ذهبت لاستقبالها

- لا تكن سخيفا... لقد مضى على ذلك سنوات عدة... لا بد انها نسيتك الان

- حقا هذا ما ارجوه

- حسنا لا تنسى... الساعة العاشرة صباحا

لم يكد يرتمي على الاريكة حتى اقبل اولاد اريج يقفزون على بنته كي يلاعبهم مجددا

---

نظر تامر لساعته منزعجا... لقد تأخرت نصف ساعة، شرد عن مهمته حين لاحظ شابة طويلة رشيقة شقرا تسير بثوبها الصيفي الازرق كلون عينيها، ابتسم لها ابتسامته العذبة محاولا جذب انتباها حتى توقفت امامه قائلة:

- لا بد انك تامر اخ اريج

رمش بيعينيه مستغربا حتى استدرك الامر قال بلهجة غير مصدق:

- ياسمين... هل انت نفس تلك الصغيرة التي كنت اعرفها

نظرت اليه بملل لتقول:

- لا اصدق ان اخي ارسل الي عجوزا ليصطحبني الى المنزل، وماذا يظنني؟ اريد ان افتح دار عجزة! اتمنى فقط ان يكون نظرك صحيحا فما زالت شابة كي اموت بحادث سير

فغر فاهه ثم قال:

- هل قلت عجوز

رمقته بنظرة فوقيه لتقول:

- انظر الى نفسك... من الجيل السابق... انسى الان هذا الموضوع وخذ عني الحقيبة

ناولته حقيبة سفرها فاخذها عنها ليقول:

- لا تدرين حتى عن من تتحدثين... يبدو انك بأعجوبة نسيتني... لكنك ستتعرفين علي مجددا وسترين انه لا يقال عني عجوز

سبقها للسيارة جارا حقيبة سفرها بينما ابتسمت ابتسامة جانبية وهي تتأمله متفكرة:

- نسيتك!... محال، لن انسى من استهزأ بي يوما واصفا اياي بالطفلة... سأريك الان من هي الطفلة ايها العجوز المغرور

ارتسمت علامات التحدي على وجهها وتبعته وهي تسير على ما خططت له هذه السنوات للانتقام



~تمت بحمده تعالى~







__________________













 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ذهبية :: شتاء الحياة... ربيع حياتي... Ladybug روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 45 04-24-2018 05:15 PM
شتاء الحياة... ربيع حياتي... Ladybug أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 08-13-2015 04:06 PM
ربيع ,صيف,خريف و شتاء, انمي من كل فصول السنة izayoi أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 04-09-2015 12:37 AM
ربيع ,صيف,خريف و شتاء, انمي من كل فصول السنة .~(مشاركتي في مسابقة عشرة لعشرة^^)~ izayoi صور أنمي 11 04-23-2013 08:07 PM
كان يا ما كان .. خريف وراء خريف ~ بقلمي برو@ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 8 08-27-2011 03:26 PM


الساعة الآن 07:04 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011