عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي

روايات و قصص الانمي روايات انمي, قصص انمي, رواية انمي, أنمي, انيمي, روايات انمي عيون العرب

Like Tree274Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #91  
قديم 01-17-2019, 10:06 PM
 
ذهبي


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]







هالة






[11]






انسابَ نُورُ الشمسِ متدفقاً بدفءٍ من بيّن وريّقات شجرةٍ خضراءِ ضخمةِ معانقاً الأرضَ المُفترشةً بالأوراق ِ اليابسةِ المُلوّنةِ والتي كانت مجلساً للشابِ فضيُ الشعرِ ، حيث إتكأ على جذعِ الشجرةِ العريض مروِحاً عن نفسه بمطالعة أحرفِ كتابه بُني الغلاف ، فظلتْ خضراوتاه متمعنتينِ فيه دونَ أنْ تُلقليا بالاً لِما حولهُما من جمالِ فاتن ؛ جمالُ الغابةِ التي يتوسطها الآن ذات الأشجارِ الضخمةِ ، كل شبرِ مِنها كان أخضراً بالعُشبِ النضر مُزيّناً بتناثرِ الأوراقِ التي ظلتْ تتساقط مع هباتِ النسماتِ بيّن فنيةِ وأُخرى .
في اللحظةِ انبلجَ أليكس من بيّن أفرع الشجرِ الكثيفِ حاملاً حطباً بيديّه و وضعه قريباً من الخيولِ الأربعةِ البنيةِ المربوطةِ بإحدىِ الأشجارِ ، وصلتْ لعددها هذا بفضلِ ما كسبوه مِن مالِ كانَ نتيجةَ تعبهم بالعملِ مع بعضِ الحفارين في إحدى القُرى التي مرّوا بها، تركَ التحديقَ بالأحصنةِ المنشغلةِ بأكلِ العشبِ النامي قُربها وحول نظره لكين المنغمس في كتابه ، سأله بهدوءِ :
" أيّن مانكس وسيمون ؟ "
أجابه بذاتِ الهدوءِ بعد أنْ أغلقَ كتابه حيّن سمعَ قول سائله :
" مانكس ذهبَ ليجلبَ بعضَ الثمار من الجهة الُأخرى مِن الغابة ، وسيمون عندَ النهرِ يصطادُ السمّك"
أنهى كلماته ليواليها بالنهوضِ قائلاً :
" وأنا أيضاً سأذهبُ لجمعِ الأعشابِ الطبيّة "
ثمّ نطقَ بابتسامةِ لطيفةِ مُعلِقاً خضراوتيه بأليكس :
" أيُمكنكَ مساعدة سيمون ؟ "
ردَ ببساطةِ رغم اضطراب دواخله :
" بالتأكيد "
ودون تمهلِ منه استدار مغادراً لينفذَ طلبَ كين الذي ظل واقفاً وقد مُحيّت ابتسامته بهدوء غريب سكن محياه ، بقيّ يحدق حيث توارى أليكس بيّن الشجر ، ثمّ استدار هو أيضاً و خطى بالإتجاه المعاكس مُكلماً نفسه :
"قصدي الحقيقي ليسَ كما فهمته ، يستطيعُ الصيدَ بسهولةِ ولكن .."
صمتَ لوهلةِ بهمِ اجتاح عينيه ليهمسَ باختناقِ :
" لن يستطيعَ بمفرده حلَ العقدةِ التي ربط بها نفسه "


تابع ليليُ العيّنين طريقه بأرقِ بانَ عليه ؛ يأملُ أنْ يمر الأمر بسلام معه خاصة بعد سوء الوضع الذي ازداد بيّنهما منذ أن أغضبه في تلك الليلة ،شرد بفكره قليلاً ليجد نفسه وصل للنهر الشفاف متلأليء المياه ، رأه يجلس عند ضفته مُرميّاً بسنارته اليدوية المكونه من عصا وخيط في جوف النهر ، تابع خطاه الهادئة صوّبه وقبل أنْ يصله تفاجأ بصوته الجاد :
" ما الذي جاء بكَ ؟! "
تلقائياً ابتسمَ متذكراً احتكاكه معه والذي كثُر مؤخراً ، ثم جلسَ على بُعد منه بيمينه ورمى السنارة قائلاً بثقة :
" كين طلب ذلك "
تجاهل سيمون الرد الذي لم يُعجبه وظل يحملقُ أمامه بحِدة والآخر رمقه للحظات ليُدرك حجم انزعاجه منه فأفلت عيّنيه عنه وثبتهما بمياه النهر الجارية ناطقاً بهدوء :
" أمازلتَ غاضباً منذ تلك الليلة ؟، لم أكن أقصد شيئاً حيّنها أعتذر مما بدر مني "
بادله القول بجدية دون النظر به حتى :
" أنتَ سخيف جداً ، تعتذر لشيء نسيته منذ أمد! "
صمت ليلتفت إليه مكملاً :
" أنتَ تشغل نفسكَ بأمور فارغة "
اغتاظ أليكس منه بشدة حيّن علم أنّه اعتذر لشخص لايستحق ذلك ، فنهض نافضاً كل ما كان فيه من أمل لجعل الأمور بينهما أفضل ونطق بانزعاج :
" أتدري كم أنت نزق و لا تقدر مشاعر أحد ؟ !"
أجابه ببرود :
" ومَنْ هذا الذي عليّ تقدير مشاعره ؟! "
زاد سخط أليكس عليه وبالكاد ظلَ يلزم نفسه بيّنما تمادى سيمون بوقاحة قائلاً :
" لا تقل أنكَ ذلك الشخص الذي عليّ تقديره ؟! "
لم يعد يحتمله فصرح بكل ما فيه من غيظ :
" لم أطلب إليك تقديري هذا أولاً وثانياً بإسلوبك السيء هذا ستخسر كل من حولك "
تبدلت ملامح سيمون للانزعاج عوضاً عن سخريته فاستقام واقفاً لينطق بجد بلغه الغضب :
" أنتَ تحشر أنفكَ كثيراً فيما لا يعنيكَ وهذا مزعج جداً "
جادله بجدية أكبر :
" لستُ مزعجاً بقدركَ "
فقد سيمون أعصابه فتمتم بغيّظ :
" أنا مزعج! "
أكد أليكس بثقة جادة :
" وكثيراً إنْ لم تكن تعلم ذلك "
غضب بشدة فدخل معه في حرب الألسنْ والتي لم تكن إلا فتيلاً لاشعال الحرب بيّنهما أكثر ، ظلا هكذا لدقائق عدة كل يرد الصاع صاعين وفجأة مُدت يدان نحوهما ودفعتهما للنهر فسقطا معاً في داخله لتنخمض أصواتهما رغماً عنهما وتحل محلها ضحكات مانكس الساخرة .
نظرا له بحمق شديد وهما بين المياه الجارية العميقة التي غطت معظم جسديّهما هذا غير أنها بللتهما بالكامل ، نطقَ أليكس بانزعاج بالغ :
" مالذي فعلته ؟! ، جعلت الأسماك تهرب بفعلكَ "
سكت مانكس عن ضحكه مجيباً بسخريةٍ :
" الأسماكُ هربتْ من أصواتكما المزعجة وليس بسببي ، ثم إنّي مللتُ مراقبتكما وأنتما تتشاجرانِ كالأطفال لذا قررت التدخل "
عاودَ الضحكَ ببلاهة حيّن أنهى كلماته لكنّه سُرعانَ ما ابتلعَ صوتَه لإبصارِه ً كليّهما خرجا مِن النهر ِ بسرعةِ وهَمّا نحوه بغضبِ اعتلى تعابيرهِما َ فهرولَ مبتعداً بخوف مُلقياً ورائه بعضَ عباراتِ الفزع .

التقتْ نظراتهُما المستائة مُجدداً بعد أنْ هربَ مانكس ناجيّاَ بريشه ، كل حملّقَ بالآخر والمياهُ تقطرُ من رأسهِ لأسفلهِ ليُشيحا عينيّهما عن بعضهما بتعجرفِ في لحظةِ واحدةِ ، انسجمتْ حركاتهما دونَ قصدِ مِنهُما بل إنّ أليكس أصبحَ يجاري سيمون في سلوكِه الفّظ أيضاً ! .




سكنتْ الأصواتُ جميعُها فما باتَ يُسمعُ غير خرخرةُ مياهِ النهرِ المُضيئةِ بضوءِ القمرِ الساطعِ وسطَ السماءِ ليغمرَ ضِيائه مُحيطَ الغابةِ كلّه مُضيفاً له لذّة جمالِ آخر غفلته الأعيّنُ النائمةُ ؛ عدا ذُو الشعرِ الأسودِ كانَ مستيّقظاً ومعلِّقاً نظراته الأشبّه بالبائسةِ بالكرةٍ المُضيئةٍ فوّقه وهو طريحُ لمفرشهِ البسيطِ على الأرضِ ، أزاغََ زرقاوتيه عن البدرِ المُكتمل ليُثبتهما بقُرطه الكرستالي الذي كسبَ بريقاً كما كسبته المياهُ والفضل لبلورةِ السماءِ ، مكثَ يتطلّع قُرطه الأسير بيّنَ أصابعِ يُسراه فما انتّبه لزرقاوتينِ أُخرتيّنِ حمّلقتا به بعد أنْ أفاقَ صاحِبها حيّن انقلبَ مُغيراً وضعيّة رُقوده فصارَ مُقابلاً لسيمون بعيد المرقد عنه ، غريبُ بدى له و ليسَ كما عهده مُنذ شهر ! فمن أولِ وهلةِ لمسَ حزناً ويأساً دُفنا في زرقةِ عيّنيّه الهائمتينِ بالقُرطِ ليُجبره ذلكَ على مُراقبتهِ بصمتِ لعلّه يُدرك ما فيه فخذلته عيناه التي استسلمتْ للنومِ الطارقِ لجفنيها فأسدّلهُما عائداً كما كانَ قبلَ لحظاتِ .



توقفتْ أحصِنتهُم صباحَ اليومِ التالي أمامَ هضبةِ كانت مُفترقاً للطُرقِ ؛ بِجانبيّها طريقانِ كُل يُؤدي لجِهةِ مُختلفةِ ومَجهولةِ لهُم ، فتفقدََ كين الخريطةَ التي بحوذتهِ للحظاتِ ثمّ صرحَ :
" الطريقانِ يقودانِ لقريتيّنِ ليّستا بالبعيدتينِ مِن هُنا ، وبِما أنّنا أضعنا وقتاً بمكوثنا في الغابةِ يجبُ أنْ ننقسمَ لفريقينِ كل يسلكُ إتجاهاً "
نظرَ لمنْ معه ليجدَ القُبول رداً لِما قاله إذ لم يعترضْ رأيّه أحدهم ، فأتمّ بجدية هادئة مُخاطباً سيمون وأليكس :
" أنا ومانكس سنسلكُ الطريقَ الأيّمنَ وأنتُما ستذهبانِ في الطريق الآخر "
أعترض سيمون بغير رضا :
" ولماذا هذا المُزعج منْ سيرافقني ؟! "
ثارَ أليكس مُنزعجاً ومع ذلكَ ألزمَ نفسه بالصمتِ وتجاهلَ تمادي فظّ اللسانِ عليّه ، وإنْ كانَ الأمرُ بيّده فهو أيّضاً لا يُفضلُ مُرافقته يكفيه ما حدثَ بيّنهُما مِن مواقفِ جعلتهُما متنافريٍنِ ومستعصيٍينِ على بعضِهما .
خيّبَ كين أمالهُما معاً مُخاطباً سيمون بجديةٍ :
" لا يحقُ لك الاعتراض فأنتَ صعبُ الميراسِ مع الجميعِ ، أم أنكَ تُفضلُ أنْ يُرافقك مانكس وتقضيّا وقتكُما بالشجارِ كالعادةِ ؟!"
اغتاظَ بالرد المُلقى عليه فصرفَ نظره بانزعاجِ شاداً لجامَ خيّله ليحُثه على التحركِ ، سلكَ الطريقَ الذي أمره به كين فتبعه أليكس دونَ أنْ ينبسَ بحرفِ فتلقيّا قولَ كين قبل أنْ يبتعدا :
" لا تنسيّا قبلَ غروبِ الشمسِ سنلتقي هُنا "
تجاهله سيمون بيّنما رفعَ أليكس يدَه غيرَ ملتفتٍ خلفه علامةَ لوصولِ قوله ، تسائبَ زهريُ العيّنيّنِ وهو ينظرُ حيثَ الطريقِ المُقررِ لهم فتمتمَ بتذمرِ:
" أشعرُ بالمللِ مُنذ اللحظةِ "
ثمّ نظرَ لكين وأتبعَ ببعضِ الجدِ:
" كانَ مِن الأفضلِ فصلهُما ، هُما معاً أسوء مني وسيمون أخشى أنْ يتقاتلا عِوضاً عن تأديّة ما كُلِفا به "
أجابَه كين بثقةِ بعد أنْ بدأ يتقدمُ بخيّله:
" لا أظنُ ذلكَ ، أليكس مُختلفُ تماماً "
تلفّظَ بهذهِ الكلماتِ وفي رأسهِ تدورُ أفكارُ مختلفة كاختلافِ أليكس عنده ، بعدها أغمضَ عيّنيّه هامِساً بهمِِ اجتاحه :
" أرجو ذلكَ "
همهمَ مانكس الموازي بفرسه له قائلاً :
" ما الذي ترجوه !"
لم يجبْ سؤاله وإنّما نطقَ بجدِ :
" عليّنا الإسراع يكفينا ما أضعناه مِن وقتِ "
فأسرعَ بخيّله بعدَ قوله ليتبعه مانكس بصمتِ بائسِ راجيّاً في نفسهِ ألا يُعاني مللاً فظِيعاً.







خيّمَ الصمتُ عليّهما طيلة المسافةِ التي عبراها إلي أنْ وصلا للقريةِ ، لم تكنْ بالكبيرةِ جداً رغم وسعة شوارعها الرئيسيةِ وقد أصطفتْ بيُوتها حجريةِ الطرازِ بشكلِ مُنظمِ على جوانِبها ، ترجّلا عن فرسيّهما ليُتابعا سيراً بعد أنْ تملكتهما الحيرة من غرابة الوضع ؛ فمنذُ دخولهما القرية لم يُبصرا إنساً واحداً وقد أصبحا في وسطها الأن ، جميعُ المنازلِ كانت مغلقةَ الأبوابِ حتى سُوقها الصغيرُ بدى مهجوراً ! ، تسائلَ أليكس بتعجبٍ ليكنْ سؤاله أولَ ما نطقه لـ سيمون منذ انفرادهما :
" الآ يُوجدُ أحدُ هُنا ؟! "
أجابَه رفيقه بالصمت والسؤال نفسه يتقلبُ في عقلهِ ثمّ تحركَ ليتفقدَ بقيّة نواحي القريةِ فلحقه أليكس متمثلاً بذاتِ الفعلِ .

تجوّلا لوقتِ بها دونَ فائدةِ فكل أمكنتها أشارتْ بالهجرِ لها ، لا سيّما أنّهما طرقا عدةَ أبوابِ و عدم الردِ كانَ نتيجةً لجُهدهما ، تمعّنَ أليكس البيوتَ حوله بشعورِ غريبِ يعتريه ؛ يكادُ يجزمُ بيّنَ أمريّنِ لا ثالت لهما ولحظة استدراك فكره سمعَ صوتاً خافتاً يصدرُ مِن أحدِ الأزقةِ ، تفاجأ لأول وهلة ثمّ انتفضََ مُسرعاً حيث الصوتِ فعبرَ الزُقاقَ الضيّقَ ليُطلَ من خلاله على شارعِ كبيرِ، دُهِشَ بلمحِ طفلةِ صغيرةِ تركضُ تجاه أحد المنازلِ به شابة عشرينية تُطلُ برأسها مِن خلالِ بابها قليل الفتحِ تحُسها على الإسراعِ بهمسِ خافتِ ، تعثرتْ الصغيرةُ قبلَ بلوغها هدفها فسقطتْ أرضاً وشرعتْ بالبكاءِ كردةٍ فعلٍ للألمِ السقطةِ ، خطى أليكس بلا تريسٍ ليرفعَ ابنة السابعةِ كما بدتْ له ، قصيرةُ الشعرِ بندقي اللونِ كعيّنيّها التي لم تكفْ عن إذرافِ الدمعِ ، نفضََ الغبارَ عن فُستانِها الزهريِ قائلاً بلطفِ في محاولةِ ثنيّها عن البكاءِ :
" لا بأس أنتِ بخير "
صمتتْ الفتاةُ تحدقُ به والدمعُ مازالَ يلمعُ على عيّنيّها ، ابتسمَ أليكس لها وأرادَ النطقَ لولا صوت خائف علا مِن خلفهِ :
" اتركْ ابنتي وشأنها ، إنّها صغيرة لاذنب لها "
التفتَ أليكس مُتعجباً مِما سمعه وزادَ تعجبه بلمحِ الفزع المُتملك لوالدتها شبيهتها في الشكلِ ، فسألَ باستغرابِ :
" ماذا تقصديّنْ ؟، أنا لا أنوي السوءَ ! "
أجابته بلكنةِ خلطها السخطُ الخوفُ معاً :
" لا تكذبْ أنتَ واحد منهم "
زادتَ حيرته وقبل أن يستفسرَ أكثر أقبلتْ نحوه متشجعةً لتلمَ ابنتها الى البيتِ وأغفلتْ بابها ، استقامَ أليكس و الدهشةُ مازالتْ تترأسُ تعابيره ، تلفّتَ حوله ليلمحَ عدة رجالِ ونساءِ كانوا يختلسونَ النظرَ مِن خلفِ أبوابهم المفتوحة قليلاً ، هٌم ما إنْ وجدوه أبصرهم حتى كل واحدِ سدَ بابه بخوفِ .
اعتلاه الزهلُ مُجدداً وبلغتْ الحيرةُ فيه ما بلغت لتجعله يهمُ بمعرفةِ حقيقةِ القريةِ الغريبة وساكنيها الأكثر غرابة ، فقامَ بطرقِ عدة أبوابِ لعلّه يجدُ أحداً يُعلمه ما يحصلُ هُنا بالضبط ، يئسَ بعد عدةِ محاولاتِ ليتذكرَ عبارةَ الشابةِ
" أنتَ واحد منهم "
همسَ مستغرباً :
" ماكانَ قصدها بواحد منهم! "
فغرقَ بالتفكيرِ إلى أنْ نشله مِنه صوتُ سيمون الجاد :
" لا فائدة ، هؤلاء الناس لا رجاء فيهم "
تفاجأ به وإستدارَ ليجده مُتكِئاً بالحائطِ الذي خلفه مُربعاً لذراعيه ويرمُقه بحدةِ نظراتهِ التي لاتتغيّر ، سأله مُستغرباً :
" مُنذ متى وأنتَ تقفُ هُنا ؟ !"
أجابه بسخريةٍ :
" مُنذ البداية "
ثمّ تركَ إتكائه وهمَ قائلاً :
" لا فائدة مِن بقائنا ، عليّنا المُغادرة "
عارضه أليكس بثقةٍ :
" ليس قبل أنْ نعرفَ ما يحدث هُنا بالضبطٍ "
استاءَ سيمون لرده فاستدارَ مُغادراً بعد تلفظه ببرودٍ :
" افعلْ ما يحلو لك "
لم يؤثرْ فعله أو قوله على ليلي الشعرِ قطّاً بل ظل بثقةِ تتوطنُ زرقاوتيّه فاستدارَ يخطو للجهةِ المعاكسةِ لسيمون إلى أنْ انعطفَ بأحدِ المُنعطفاتِ .
سئمَ سيمون الحالَ فتوقفَ ملتفتاً ليفشلَ في رؤياه لتواريه عن الطريقِ ، علاه استياءُ كبيرُ للحظاتِ ثمّ أرخى تعابيرَ وجههِ المشدودةِ وتراجعَ حيث ذهبَ أليكس مُسلماً نفسه للهدوءٍ الذي باتَ يفقده بيّن فنيةِ وأُخري .
لمحه أليكس بعد ابتعاده عن بيتِ صغيرِ فشلَ في جعلِ صاحبه يُجيبه كما فشلَ مع غيرهِ ، توقفَ يطلعُ عليه ليُخاطبه ببعضِ السُخريةِ كردٍ لسُخريته قبل لحظاتٍ :
" ما الأمر ! ، لما لم تغادرْ حتى الآن ؟ ! "
أشاحَ بوجهه عنه مُجيباً بتعجرفٍ :
" هذا ليسَ من شأنكَ "
اكتفى بهذهِ العبارةِ وداخله يغلي غيّظاً بلا سبب مُقنع لحاله ، توقعَ أنْ يُثيره أليكس أكثر لكن تفاجأ بعكسِ ذلك إذ انصرف عنه وتابعَ ما كانَ يفعله ، حدقَ به بصمتِ وهو يتكلمُ بهدوءٍ أمامَ بيتِ آخر ليخسرَ للمرة المئة ، تعجبَ مِن إصراره رغم جُهده ميؤوس الرجاءِ فبقيّ يتبعه بنظرهِ حيثُما ذهب غيرَ منتبهِ لنفسهِ أو فعلهِ حتى .

فجأة علتْ أصواتُ مُستغيثةُ مُتألمةُ بثت القلقَ فيهما فانطلقا معاً حيث مصدرها دون تأنِ ليجدا عُصبةً من الرجال مُتسلحين بالسيوف والعصي يضربون رجليّنِ قرويينِ بقسوةِ ، تدخّلَ أليكس ضارباً صاحب العصا وأحاله جانباً كما فعل سيمون الأمرَ نفسه بعد أنْ هبَ لمساندته وأبرحَ اثنينِ مِنهم ضرباً فأبعدا بذلك أذاهم عن المسكينينِ طريحيّ الأرضِ بدماءِ تنزفُ مِنهُما ، هبطَ أليكس إليّهما بقلقِ متفقداً حالتهما السيئة فقال ً :
" هل أنتما بخير ؟ "
بيّنما رفيقه فضل الصمت محملقاً بالجماعة أمامه ذوي الملامح الماكرة، فاق عددهم العشرون رجلاً منهم مفتك العضلات ومنهم الهزيل ، لكن أكثر ماجذب نظره اثنانِ ضخميّ البُنية أصلعا الرأس خشنا الملامح أسمرا البشرة ، مُتشابهانِ تماماً كأنّهما توأم فكشرَ أحدهما قائلاً :
" كيف تجرؤآن على الوقوفِ ضِدنا ؟!"
جذبَ بكلماته انتباه أليكس لهما خلاف سيمون الذي سبقه بتدقيق شكلهما ، فتكلّم الآخر بتكبرٍ :
" يبدو أنّهما لا يعرفانِ من نحن ، لذا عليّنا تعريفهم بنا بطريقتنا الخاصة يا أخي "
أنهى عباراته ليتبسّمَ بخبثِ شاهراً عصاته الحديديةِ فشاركه أخوه الفعل نفسه كبقية أتباعهما وبعض الضحكات المستهزءة علت منهم ، بعدها تقدموا ليهجما عليهما عدا التوأم ظلا حيث هما بتبسمٍ قبيح لا ييُفارقهما ، شيئاً فشيئاً زالت بهجتهما وزبلت بسماتهما المنكرة لتساقط أتباعهما وأحد وأحد كتساقطِ أوراقِ الخريفِ ، لم يُصدقا جثو أخر تابع على ركبه متألماً فغدا بعدها رقِيداً للأرض متوجعاً بيّن آهات الوعي والاوعي ، غضبَ كلاهما ومازادهما غضباً أنْ خصميهما لم يستعملا سلاحاً وقد هزما جمعهما ببساطة، فباشرَ أحدهم مهاجماً بشراشةِ بتلك العصا الغليظة ليتجنبَ الاثنانِ معاً خط ضراباتها ، شقيقه دعمه بالهجوم أيضاً ليُصبحَ كل منهما يتولى خصماً وقد تفرقت اتجاهتما .
تجنبَ سيمون إحدى الضرباتِ بانحاءة سريعة وبادرَ بلكم الأصلع وسطَ بطنةِ بقوةِ ، صُدمَ حيّن فعلَ ذلك فخصمة الضخم الذي يساوي أضعافه عدة مرات لم يتألمْ أو يحركْ ساكناً ، بل ابتسمَ بنصرٍ وأمسكَ برأسِ سيمون بيدهِ الكبيرةِ وقذفَه بعيداً ليصطدمَ بأحدِ الجدرانِ وتستقبلَ الأرضَ جسده بعدها ، أذآه الأمرُ رغم كتمانِ ألمه فنهضَ مُتقدماً وما إنْ خطى خطوتين حتى عرقله أليكس الذي قُذف علية من حيث لايدري فسقط كلاهما أرضاً ، نهض باستياء مزيحاً َ عنه جسد أليكس المرمي فوقه و نطق بانزعاج :
" ألم تختر مكان آخر لتهبط عليه غيري ؟ !"
بادله ألكيس الانزعاج نفسه مجيباً وقد نهض أيضاً :
" أتدري كم أنتَ مزعج ؟! ، كان بامكانك التنحي عن طريقي وكف لسانك عني لكنك فضلت ماحدث "
ثار سيمون بشدة فتمتم بغيظ :
" من المزعج هنا غيرك ؟! "
أجابه بجدية :
" أنتَ كما ترى "
فاضَ الغضبُ على عيّنيهّ فكاد يردُ بكل انزعاجِ وربما بأسوءِ العباراتِ لكنه ألجّم لسانه متفاجئاً بقفزِ أليكس نحوه ناطقاً بقلق :
" احذر "

لم يستوعبْ شيئاً غير العصا الحديديةِ التي هجمتْ على محلهِ الذي كان به وأثارتْ تشققاً كبيراً بالأرضِ مُتصاعدةِ الدخانِ بفعلها ، كانَ سيكونُ مُتشققاً مِثلها لولا منْ أبعده في أخرِ لحظةِ وتدحرجَ معه بعيداً ، نجى مِن هجمةٍّ خطرةٍ بعد استغلال خصمه لغفلته فهجمتْ على عقله كلماتُ أليكس السابقةُ :
" " أمّا إنْ كنتَ تعملُ بالأسبابِ فهو صديقي ويستحيلُ عليّ تركه يُقتل ببساطةٍ "

تناهتْ عليه فجأة لتجفله بشدةٍ وتُثيرَ جُنونه لأبعد الحدودِ فدفعَ أليكس عنه بكلِ سخطٍ قائلاً :
" ابتعدْ عنّي "
تحيّر أليكس مِن فعلهِ الغريبِ ؛ هو أنقذه وحسب ولم يقصدْ ازعاجه كما يظنُ ، سرى تفكيرُ أليكس هكذا غافلاً عن الحقيقةٍ التي أثارتْ سيمون بهذا القدرِ فجمّلَ نفسَه بالصمتِ وهو يتمعنُ تعابيرَ رفيقهِ المنزعجةِ ، بعد برهة أشاحَ بصرَه عنه وثبته بالاثنينِ المُقبلينِ صوبهما ملوحيّنِ بعصيهما ، تنهدَ سائماً الوضعَ ثمّ نهضَ راكضاً تجاهما فتفادى هجمةَ أحدهم وردَ عليه بلكمةٍ طيّرته بعيداً ليسقطَ مغشياً عليه بعد أنْ استقبله الحائطُ بقسوةٍ ، زُهلَ أخوه وكذلك سيمون الذي أبصرَ هالةَ حمراءَ تُحيطُ قبضةَ أليكس المشدودةَ ، هالةُ تخصُ قلادتهِ لكن ما أزهله أنْ القلادةَ لم تكنْ تنبضُ ولو بومبضٍ بسيطٍ.
وجّه أليكس ناظريّه للآخرِ وشرعَ بالخطوِ نحوه ليتقمصَ خصمه دورَ الجبانِ المتردد فصارَ يتراجعُ للوارءِ إلى أنْ انتهى مطافه عند جدارِ بيتِ أعاقه ، تلفّتَ ببلاهةٍ وهو يُتمتمُ :
" مارأيك أنْ نتفاهم بهدوءِ ؟ ، سأكونُ تابعاً لكَ والقرية منذ الآن صارتْ تحت تصرفك "
فهم أليكس أمراً مِن قوله فتابعَ خُطاه نحوه مُصرحاً بجدٍ :
" إذاً أنتم السبب في حالِ القريةِ وفزعِ ساكنيها ! "
استنتج مُخاطبه عدم قبوله عرضه فهمّ في حل ينجدهُ منه فانتّبه للبابِ الخشبي الذي قربه لتخطرَ له فكرةُ خبيثةُ كابتسامتهِ التي تمادتْ في الظهورِ ، شرعَ بتنفيذها مُداهماَ البيت بعد أنْ دفعَ بابه وحطمه بكلِ يسرِ والفضل لصلابة جسدةِ ، قلقَ أليكس بذلك فأسرعَ داخلاً ورائه ليسمعَ صرخات خائفة مترجية قبل إبصاره للرجلِ يطوقُ طفلةَ بيدهِ الكبيرةِ وأمهما منهارة أرضاً تتوسله أنْ يصفحَ عنها بصوتها الباكي ، ترددَ بما وجده خاصة أنّه علِم نوايا خصمه متبسم الوجهِ الماكرِ وصوت بكاءِ الأمِ وصرخات ابنتها الأسيرةِ شوشته ، فسمعه يقولُ بنشوةِ منتصرِ :
" إنْ تحركتَ خطوة سأقتلها فوراً "

تصنمَ أليكس في محلهِ بيّنما تعالتْ صرخاتُ الأمِ وأمسكتْ رداءَ آسرِ أبنتها مترجيته بدموعٍ منهمرةٍ بكثرةٍ ، بدوره دفعها جانباً لتسقطَ مُنهارةً المنالِ وخطى نحوَ البابِ المقتلع آمراً أليكس بالتنحي عن طريقه ، استجابَ له حِرصاً على الصغيرةِ بندقيةِ الشعرِ والعيّنيّنِ ذات الفستانِ الزهريِ ، خرجَ ليتفاجأ بالشابِ مُسود الشعرِ يعترضُ طريقه شاهراً سيفه ، فهدده بجدِ بالغِ :
" سأقتلها بلا ترددِ ، أنصحك بالتنحي إن أردتَ الحفاظَ على حياتها كما فعلَ رفيقك "
مواجهته لسيمون كانت فرصة لأليكس لكنّه لم يغتنمها خشية على ابنة السابعة والأمر نفسه أرغمَ سيمون بتركهِ يعبرُ بسلامِ ، فركضَ فرحاً والصغيرة مازالت بحوذته تنادي ببكاءِ أمها .
اختفى عن الأنظارِ بعد أنْ سلكَ منعطفاً يقوده بعيداً بين صفوف البيوتِ المُغلّقةِ ، باشرَ أليكس بالركضِ خلفه دون أنْ يشعره بذلك بيّنما بقيّ سيمون عنده يراقبُ بصمتِ بكاء الأم التي خرجتْ تستند بعجزِ على الجدارِ الرمادي ، صرفَ نظره المتأثرَ عنها ليلمحَ بعضَ الرؤوس تطلُ من أبوابِ فُتحت تختلسُ النظرَ وسرعان ما عادتْ مختبئةً راضيةً بالمهانةٍ ، أثارَ ضعفهم وذلهم سيمون الذي ماعادَ يحتملُ صوتَ النياح قربه فمضى لحيث اختفى الرجلُ بالطفلةِ.



دخل زُقاق ضيّق متصدعَ الجدران يحوي عدد من البراميل الصدئة والتي تمثل مكباً للنفايات ، تفقدَ حوله ليتأكد أنّه نجى بالفعل فنزل يجلس مسترخياً غير مهتمٍ بقذارة المكان ويده ظلت تغلق فم ذات الشعر القصير مدمعة العيون مخافة أنْ تدل على مكانه ببكائها ، تبسّمَ ناطقاً بغرور :
" المغفلانِ ، خسرا من أجل حياة طفلة فقط "
فسمع قولاً جاداً متبوعاً بهبوط شخص أمامه فجأة من سقف البيت المتكي بحائطه المتشقق :
" أهكذا تظن حقاً "
زُهلَ بالشاب ليلي الشعر جاد النظرات الذي انبثق أمامه فجأ من العدم فتلعثم غير مدرك لحروف ينطقها لتحديد موقفه لتتعالى صرخته مترددة الصدى بعد ذلك.

والآخر ظلَ يبحث عنهما إلي أن لمح أليكس مُقبلاً من بعيد حاملاً للصغيرة بيسراه وهي تتوق بيديّها عنقه خوف الوقوع ، رأه يتبسمُ لها بطيبةِ متبادلاً معها أطراف الكلمات مهدئاَ لها فثبتَ مُحدقاً بهما بصمتِ .





تناولتْ فلذةَ كبدها بيّنَ أحضانها بلهفةٍ ليسبقَ الدمعُ كلامها ، فرحتْ بعودتها إليها بقدرِ ما جزعتْ وتألمتْ عليها ، هي مُمتنة لمَنْ أساءت الظنَ به قبلاً والذي كان يُراقبهما بابتسامةِ متأثرةِ ؛ صورُ من الماضي اجتاحتْ مخيلته بسببِ ماتشهده عيناه فسمحَ لنفسه بالتعمقِ ببقايا ذكرياتِ لوالديّه.

شكرته بعدها بإمتنانِ كما اعتذرتْ عما سبق منها تجاهه فتقبلَ ذلك برحابةِ صدرِ .
بعضُ الأبوابِ فُتحت مُخرجة مَنْ اختبؤوا خلفها لشعورهم بالأمانِ ، فعلمَ أليكس منهم حقيقة حالهم الذليل أمام عصبةِ الرجالِ المتنمرين الذين لقنهم درساً مع رفيقه ، كما خابَ بجهلِ جميعهم لأمر القلادات أو أي شيء يخُصها لتنتهي مهمته هُنا .

أمّا سيمون ظل يقفُ بعيداً مسنداً ظهره بحائطِ حجري وعيّنيّنه سبحتا ً بالأفقِ متناثرِ السحبِ المكتسي بالحمرةٍ كبعضِ أجزاء السماءِ التي مالتْ لذاتِ اللونِ علاوة على اقترابِ الغروبِ ، تذكرَ ماقاله كين فحول نظره لأليكس ليخبره بأوآن الرحيل ليبصره يقبل صوبه ، في لحظةِ التقتْ عيّناه بزرقاوتيه الداكنتينِ ليتذكرَ حينَ وجده عائداً بالطفلة بطيبةِ تفيضُ مِنه ثمّ لحظة انقاذه له وردة فعله العنيفة التي كانت نتيجةَ مقولةٍ تخصُ أليكس داهمته عنوة ليحدثَ الأمر نفسه الآن ؛ شيء من الإنزعاجِ طفى عليه مع مزجة حزن لم تكنْ واضحة للغير إلا سوى مَنْ يتجه إليه لمحها بوضوحِ وهو يخطو فتذكر كيف وجده ليلة البارحة بذات اللمحة الحزينة فسألَه باهتمامٍ :
" مابك! ، تبدو مُنزعجاً و .."
ترددَ قليلاً باكمالِ ما أحسّه فيه غيرَ الانزعاجِ ليصمتَ دون التصريح به ، تفادى الآخرُ التحديق به مجيبه بجديةِ منزعجةِ :
" هذا ليّس مِن شأنك "
برده تذكرَ آخر حدث بيّنهما حيّن دفعه بكل سخط فخمّلَ أمراً ليطرحه بهدوءٍ :
" أعتذرُ إنْ كنتُ أسأت إليك أو أزعجتك دون أنْ أشعرَ بذلك "
اعتذرَ له ببساطةِ فمرَ عليه اعتذاره السابق عند النهر ، أثاره ذلك وربما قهره أيضاً فقابله بالنطرِ المنزعج قائلاً بجد تام :
" كلما تكلمتَ معي أدركتٌ مدى سُخفك وانشغالك بالتوافه ، حقاً لا أراك سوى مُزعجاً مُلفتاً إليّه الانتباه "
صدمَ أليكس بكلماته الجارحة التي لم يكن يتوقعها فنطق بأسى :
" أهكذا تراني حقاً ؟! ، ظننتكَ تعتبرني كصديق كما أعتبرك! "
ماج الغضب بسيمون خاصة بكلمة صديق التي ترددت كالصدى على مسمعه لتثير جنونه وتجعله يُلقى بأسوء العبارات :
" صديق! ، إنّها أسخف كلمة سمعتها ، أنْ أعتبركَ كذلك هذا من الجنون كما أنّي لست صديقاَ لأحد لتنسبني لصفكَ ياهذا "
تضاعفت صدمته به وألجمته حيرة كبيرة فنطق مُتعجباً :
" عجباً ، أولستَ مَنْ تحمل قلادة تمثل هذا المعنى ؟! "
أجابه باستياء أكبر بعد أنْ استدار يخطو :
" هي ليست سوى سخافة بحوذتي لا فائدة منها "
وراح يبتعد مخلفاً كماً من الزهل على أليكس الذي بقيّ يحدق بظهر السائر عنه متذكراً ما لمحه فيه قبل لحظة فراوده إحساس تجاهه دفعه ليُخاطبه بثقة :
" ربما أستطيعُ مساعدتك فقط أخبرني ماهي مشكلتك أو ما الذي يزعجك بالضبط ؟! "
أوقفتْ كلامته متوشح السوادِ عن الخطو محدثةً فوضى عارمةَ بداخله ليُترجمها السخط الجلي عليه فالتفت يرمقه بنظراتِ حادةِ ويردفها بنطقِ خليط قسوة وانزعاج :
" أنتَ مَنَ تظن نفسك لتحشرَ أنفك في أمورِ لاتخصك ؟! "
صمتَ ليكملَ بسخطِ أكبرِ :
" لقد سئمت منك فلا شأن لك بي "
رمى كلماته القاسية غير مهتم لما فعلته بمِنْ تركه خلفه وسار مبتعداً ، حقاً آذته فظاظته وجرحت نفسه عميقاً فأغمض عيّنيّه المكتحلتين بالحزن هامساً :
" آسف "
غفل المبتعدُ عن سماعها وإنْ سمعها لما هدأ باله المُضطرب للحظةِ رغم هالة الهدوءِ المحيطةِ به ، كان سيقهرُ مرة ثالثة ويصبُ جمام غضبه عليّه بلا أدنى سبب لعناده.


تعجّبَ كين بمنظر المقبليّن بحصانينهما نحوه ومانكس الواقف جواره ؛ لمح انزعاجاً واضحاً بأسود الشعر كما لحظ حزناً ويأساً بالآخر فتسائل في نفسه عن الأمر الذي جعلهما هكذا بل وشعر بالذنب تجاه أليكس لجعله في موقف كهذا ، بالأساس هو من جعله رفيقاً لسيء الخُلق فالقى اللوم على نفسه رغم نفي أليكس حدوث شجار بيّنهما وانكاره لحاله المبتئس حيّن سأله والأمر نفسه مع سيمون تجاهله وفضل الصمت على الإجابة.





الثلاثة إستخرجوا قواهم مِن القلاداتِ المتوهجةِ إلا هو بقيّ وحيداً في الظلمةِ يبصرُ بعجزِ بعده عنهم ، تناهتْ لسمعه همساتُ تخصهم وبالكاد ميّز صغيتها ، صدمَ عندما أدركها شتم وسب له !، حتى كين كان مثلهما فرمقه بحقد قائلاً :
"إنّه عديم الفائدة وعاقة أمامنا " صدمَ بقسوةٍ غير مصدقٍ لكين وكلماته فألتقط سمعه كلاماً آخر بلغةِ الاستياءِ :
" سأردُ إهانتك لي أيُها الفظ السيء "
نظر للقائل فوجده أليكس منزعج العيّنين بشدةٍ لتغرقه صدمة أكبر ويتيه في ظلمة أحاطته فماعاد يرى أو يسمع شيئاً غير صرخاته التي يجهل سببها! .

فتحَ عينيه بفزع لينهض بسرعةِ جالسِ بأرقِ بانَ على وجهه المتعرق ، أدركَ أنّه حلم ومع ذلك قلبه ظلَ ينبضُ بشدة فجوّل نظره حوله مُبصراً رفاقه النيّام تحت ضوء القمر ، سكنَ للحظاتٍ يحدقُ بهم بتوترِ يغزو زرقاوتيه إلى أنْ استقام متجهاً لأغراضهم تحت الشجرة باحثاً عن شيء فيها ، بعدها عاد واقفاً بهدوءِ أمامَ كين النائم مُتمعناً النظر به لتظهرَ لمعةُ حزنِ برقتْ على زرقاوتيّه .







يُتبْع...



[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



-



التعديل الأخير تم بواسطة Mārionēttē ; 11-15-2019 الساعة 03:46 PM
رد مع اقتباس
  #92  
قديم 01-17-2019, 10:10 PM
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسعدَ الله أوقاتكم بكل خير أعضاء / زوار عيون الغالي

هالجزء سعيت أنزله بسرعة وللأسف استغرق حكاية 20 يوم
أعتذر لكل من كان ينتظر نزوله
أيضاً هو إهداء للجميلة براءة

أتمنى يعجبك وتستمعي فيه
كما أشكر العزيزة هالة

لها جزيل الشكر لمساعدتها الدائمة لي

دمتم بخير
Rėd Møøn likes this.

التعديل الأخير تم بواسطة نبعُ الأنوار ; 01-17-2019 الساعة 11:24 PM
رد مع اقتباس
  #93  
قديم 01-18-2019, 12:49 AM
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يلاا هلا بالغلا وكيفكم يا نااس
وكيفك يا اجمل القصص

هههه اولا و بالبداية طبعا شكرا عالدعوة كتير مرة كتير
فرحت لما قرأت الفصل جدا، ارتوى حماسي بس رجع عطشان كالعادة ما يرتوي زين

وكالعادة اقعد انسجم مع الرواية و خاصة اننا بالليل فيزيد شعوري بالانسجام و الراحة اكتر

خلينا مالثرثرة و يلا عالجد

لا زالت تعجبني شخصية اليكس كتييرا
و كين لرزانته و حكمته و حبه لجمع الفريق جميل
ومانكس جنونو كتير حلو و يضيف لمسة خاصة بالفصل
و سايمون كمان حلو بس للان و كأنو غامض بس واثقة انو راح يصير عادي بعدين رغم انو راح يحتفظ بعجرفتو<<<<<<يشبه فيجيتا من دراغون بول
بس ككذا احبو

الاحداث عجبتني
شجار ذاك الثنائي المتنافر جميل غير اني انسجمت وياهم حتى انحبطت مكان و مع اليكس
اعجبني تصرف مانكس لما رماهم خلا الجو مرح شوي 😂

كين اخذ خيارو و خلاهم يروحو مع بعض و كذا رغم انو عارف حالو خاطر بها الشي بس حلو انهم ما تقاتلو 🤣

بعدين يرجعوا و مانكس منزعج و الاخر يائس و كذا <<<<<عاااااا اشفقت عليه انا قلبي الصغير لا يتحمل😎

...
يبدو انهم لسا ما عرفوا انو اليكس امير او اقول ابن حاكم مملكة النور...
اكيد عدم معرفتهم راح يصير فيه مفاجأة بعدين<<<<متأكدة يافتاة انعلي ابليس تراك متابعة بس😋🙄
...

لما قرأت جزء حلم سايمون حسيت بالغرابة لانو ما يمكن كين يتكلم بذيك الطريقة بس الحمد لله طلع حلم ههههه

.....

ملاحظة صغيرة بس
ما حسيت لما قرأت جزأي الفصل انو في ترابط
بس اذا كان حقا ارادتك فيجي حلو هيك كمان
او ممكن ضيعت ما قرأت شي بس المهم
تابعي والله
.....

مافيني اعلق عطريقة الكتابة فماراح اقدر اوصفها
ليست جميلة
بل اكتر مما يمكن للسان وصفه
ابدعتي قليلة بحقك يا بنت
كذا واصلي

عارفة انو ردي مو كافي و قصير بالمقارنة مع الرواية بس مالي افكار اكتبها غير
و اسفة لذا الرد و عا المرة الي فاتت لما ما رديت
كالعادة كسل و كذا

و ان شاء الله تتابعي الكتابة و لك عندك موهبة و هبة ما يملكها و يدركها الكثيرون
فحافظي عتألق قلمك و واصلي
فسماء الابداع لا تنتهي<<<<<خلص بديت اتفلسف


و شكرا للمرة اللانهائية

و دمتم شاكرين و برحمة الله متنعمين

سلااام 🖤
__________________







صراحة


رد مع اقتباس
  #94  
قديم 01-18-2019, 10:42 AM
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أهلاً بمتابعتي الخفية
نورتِ بطلتكِ الجميلة مثلك
أنتِ الأجمل
الحمدلله تمام وكيفك أنتِ ؟

العفو ، وأنا فرحت بمرورك البهيج
رجع عطشان » حلو هاد

سعيدة أنو الشخصيات نالت إعجابك خصوصاً أليكس
سيمون لسا قدامه وقت لتفهموا شو هو بالضبط

حمدلله مشهد النهر عجبك

يب ماعرفوه أمير
وليش لا » لازم تحصل مفاجأة


سيمون كمان صدم
بس كويس طلع حلم
كان يجن لو كين قال هاد!

ملاحظة صغيرة بسما حسيت لما قرأت جزأي الفصل انو في ترابطبس اذا كان حقا ارادتك فيجي حلو هيك كماناو ممكن ضيعت ما قرأت شي بس المهمتابعي والله


آه شكلك ضيعت الجزئية الثانية
هم ثلاث مشاركات مو اثنين
يعني كتير أحداث فاتتك

شكراً للملاحظة
بتمنى دائماً هيك الحدا يصارحني باي خلل أو نقص يلاقيه


شكراً لكِ على كلامك المشجع وأنا كمان مش أقدر أوصف فرحي بعبورك

ردك كافي و وافي مش قصير
ولا تأسفي بكفيني مرورك ولو بصمت بين سطوري البسيطة


شكراً جزيلاً على كلامك الحلو

آميين وياكِ
في حفظ الله


Rėd Møøn likes this.
رد مع اقتباس
  #95  
قديم 01-18-2019, 06:49 PM
 
هاي هاي هاي
كيفك با فتاةة
هلأ قرأت الجزء الي فاتني و كان الجزء التاني اي الوسط
هععععع
اسفة لاني وضعت تلك الملاحظة المنتقدة فالخطأ مني اني ماشفتها اتخربطت هععععع
اعتذر
عالعموم ها الجزء حلو كمان و لساتني اشعر بغموض بسايمون و متل ما قلتي لساتنا ما نعرفوا بس كذا اشفق عليه و عارفة انو فيه سبب يخليه كذا
ع
المهممم
ان شاء الله بس ماني ثقيلة عليكي
و دمتي بخير
__________________







صراحة


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
~طاقة القوى الأربعة~ نبعُ الأنوار أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 14 02-20-2018 07:18 PM
البراهين الأربعة. أ. كمال بدر نور الإسلام - 0 11-11-2016 11:51 PM
قصة الملك وزوجاته الأربعة ~ ɒɪffєяєητ قصص قصيرة 2 01-19-2012 03:02 PM
زوجات الملك الأربعة ahmed_89 أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 01-23-2010 09:09 PM
قصة الشمعات الأربعة .......................mk mk1990 قصص قصيرة 12 10-13-2007 02:03 AM


الساعة الآن 08:07 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011