01-14-2019, 05:15 PM
|
|
مدارس الفلسفة اليونانية Y a g i m a بسم الله الرحمن الرحيم أنا اليوم جبتلكم موضوع جديد عن المنتدى والذي هو مدارس الفلسفة اليونانية
1- نشأة الفلسفة اليونانية:
ظهرت الحضارة الإغريقية في بلاد اليونان الكبرى مكتملة الوجود ما بين القرنين الخامس عشر والتاسع قبل الميلاد بعد أن توحدت كثير من القبائل و المدن داخل كيان الأمة اليونانية بعد أن كانت متفرقة في جزربحر الإيجه وآسيا الصغرى ومنطقة البلقان وشبه جزيرة المورة وجنوب إيطاليا وصقلية. وقد أطلق على اليونانيين تسمية الإغريق من قبل الرومان لأنهم كاموا يتكلمون الإغريقية، أما هم فقد كانوا يسمون أنفسهم الآخيين ثم الهلينيين.
وقد مرت الحضارة الإغريقية بثلاث مراجل كبرى: العصر الهلنستي ابتداء من 300 ق.م مرورا بالعصر الكلاسيكي الذي يعد ازهى العصور اليونانية في عهد الديمقراطي بركليس ،ويمتد هذا العصر من القرن 350 إلى 500 ق.م ليعقبه العصر الأرخي وهو عصر الطغاة والمستبدين الذين حكموا اثينا بالاستبداد ناهيك عن الحكم الإسبرطي العسكري الذي سن سياسة التوسع والهيمنة على جميع مناطق اليونان ومد السلطة على أثينا.
وإذا كانت غسبرطة دولة عسكرية منغلقة على نفسها تهتم بتطوير قدرات جيشها وقوتها العسكرية فإن أثينا كانت هي المعجزة الإغريقية تهتم بالجاني الفكري والثقافي والاقتصادي. وفي عهد بريكليس ستعرف اثينا نظاما ديمقراطيا مهما أساسه احترام الدستور وحقوق المواطن اليوناني. وغليكم نصل لبركليس يشرح فيه سياسته في الحكم:" إن دستورنا مثال يحتذى، ذلك أن إدارة دولتنا توجد في خدمة الجمهور وليست في صالح الأقلية كما هو الحال لدى جيراننا، لقد اختار نظامنا الديمقراطية.
فبخصوص الخلافات التي تنشأ بين الأفراد فغن العدالة مضمونة بالنسبة للجميع، ويضمنها القانون، وفيما يخص المساهمة في تسيير الشان العام، فلكل مواطن الاعتبار الذي يناله حسب الاستحقاق، ولانتمائه الطبقي أهمية اقل من قيمته الشخصية، ولايمكن أن يضايق احد بسبب فقره أو غموض وضعيته الاجتماعية"[1]. وكانت المدن اليونانية دولا لها أنظمتها السياسية والاقتصادية وقوانينها الخاصة في التديير والتسيير والتنظيم، ومن أهم هذه المدن الدول اثينا وغسبرطة.
عرفت اليوان بالنهضة الكبرى في المجال الاقتصادي لكونها حلقة وصل بين الشرق والغرب، وكانت لاثينا اسطول تجاري بحري يساعدها على الانفتاح والتبادل التجاري بين شعوب حوض البحر الابيض المتوسط. وقد ساهم اكتشاف المعادن في تطوير دواليب الاقتصاد اليوناني وخاصة الحديد الذي يتم صهره وتحويله إلى أداة للتصنيع كما نشطت صناعة النسيج والتعدين وازدهرت الفلاجة التي كان يهتم بها العبيد والاقنان وقد ساعد هذا الاقتصاد على ظهور طبقات اجتماعية جديدة إلى جانب طبقة النبلاء كالتجار وأصحاب الصناعات وأرباب الحرف والتجار الكبار. ونتج عن الازدهار الاقتصادي رخاء مالي واجتماعي وتبلورت طبقة الأغنياء الذين سيتنافسون على مراتب الحكم والسلطة وتسيير مؤسسات الدولة التمثيلية لتسيير شؤون البلاد.
لم تصل اليونان إلى حضارتها المزدهرة إلا في جو سياسي ملائم لانبثاق مقومات هذه الحضارة. فقد تخلصت الدولة المدينة وخاصة اثينا من النظام السياسي الأوليغارشي القائم على حكم الأقلية من النبلاء ورؤساء وشيوخ القبائل والعشائر الذين يملكون الأراضي الواسعة ويشغلون فيها العبيد الأجانب وتم تجاوز الأنظمة السياسية المستبدة كالنظام الوراثي والحكم القائم على الحق الإلهي أو الحق الأسري . ومع انفتاح اليونان على شعوب البحر الأبيض المتوسط وازدهار التجارة البحرية ونمو الفلاحة والصناعة والحرف ظهرت طبقات جديدة كأرباب الصناعات والتجار الكبار والحرفيون ساهموا في ظهور النظام الديمقراطي وخاصة في عهد بريكليس وكليستين الذي يستند على الدستور وحرية التعبير والتمثيل والمشاركة في الانتخابات على اساس المساواة الاجتماعية وكان تخصص أجرة لكل من يتولى شؤون البلاد والسهر على حل مشاكل المجتمع اليوناني.
كانت اليونان في القديم من أهم دول البحر الأبيض المتوسط لكونها مهد المدنية والحضارة والحكمة. وغذا استعدنا جغرافيا اليونان غبان ازدهارها فكانت اليونان تطل جنوبا على جزيرة كريت العظيمة ويحيطها شرقا بحر إيجة وآسيا الوسطى التي كانت تخفق في تلك الفترة بالصناعة والتجارة والفكر. وفي الغرب عبر أيونيا تقع إيطاليا وصقلية وإسبانيا وفي الشمال تقع مقدونيا وهي عبارة عن شعوب غير متحضرة.[2]
وتتشكل اليونان تضاريسيا في جبال شاهقة وهضاب مرتفعة وسواحل متقطعة ووديان متقعرة . وقد قسمت هذه التضاريس بلاد اليونان إلى أجزاء منعزلة وقطع مستقلة ساهمت في تبلور المدن التي كانت لها أنظمة حكمها الخاصة واساليبها الخاصة في التسيير وتنظيم دواليب الإدارة والمجتمع. وتحيط بكل مدينة سفوح الجبال والأراضي الزراعية وكانت من اشهر المدن اليونانية اثينا وإسبارطة.[3]
وكانت أثينا مهد الفلسفة اليونانية وتقع في شرق إسبارطة ، وموقعها متميز واسترتيجي لنها الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن ىسيا الصغرى. وعبر هذه المدن كانت تنقل حضارة الشرق إلى بلاد اليونان. ومن أهم ركائز اثينا اعتمادها على مينائها واسطولها البحري. وبين عامي470-490 قبل المسيح صراعاتهما ووحدت شيوجهما لمحاربة الفرس تنحت حكم داريوس الذي كان يستهدف استعمار اليونان وتحويلها إلى مملكة تابعة للإمبراطورية الفارسية. ولكن اليونان المتحدة والفتية استطاعت أن تلحق الهزيمة بالجيش الفارسي وقد قدمت اثينا اسطولها البحري بينما قدمت غسبارطة جيشها القوي. وبعد انتهاء الحرب سرحت غسبارطة جيوشها وحولت اثينا اسطولها العسكري على اسطول تجاري ومن ثم اصبحت اثينا من أهم المدن التجارية في حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد عرفت اثينا نشاطا فكريا وفلسفيا كبيرا بفضل الموقع الجغرافي والنشاط التجاري ونظامها السياسي الدمقراطي وتمتع الأثيني بالحرية . وفي هذا يقول ول ديورانت:" كانت اثينا الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن ىسيا الصغرى، فاصبحت أثينا إحدى المدن التجارية العظيمة في العالم القديم، وتحولت على سوق كبيرة وميناء ومكان اجتماع الرجال من مختلف الأجناس والعادات والمذاهبن وحملت خلافاتهم واتصالاتهم ومنافساتهم إلى أثينا التحلل والتفكير... وبالتدريج تطور التجار بالعلم، وتطور الحساب بتعقيد التبادل التجاري، وتطور الفلك بزيادة مخاطرات الملاحة، وقدمت الثروة المتزايدة والفراغ والراحة والأمن الشروط اللازمة في البحث والتأمل والفكر".[4]
ومع ازدهار الاقتصاد ودمقرطة الحكم السياسي وانفتاح الدولة على شعوب البحر الابيض المتوسط وانصهار الثقافات انتعشت اليونان ثقافيا وفكريا وتطورت الآداب والفنون و العلوم. ففي مجال الأدب نستحضر الشاعر هوميروس الذي كتب ملحمتين خالدتين الإلياذو والأوديسا وأرسطو الذي نظر لفن الشعر والبلاغة والدراما التراجيدية في كتابيه فن الشعر وفن الخطابة. وتطور المسرح مع سوفكلوس ويوربيديس واسخيلوس واريستوفان، وانتعاش التشريعى مع الحكيم سولون وتطور الطب مع ابقراط والرياضيات مع المدرسة الفتاغورية وطاليس على سبيل التمثيل دون ان ننسى ظهور الألعاب الأولمبية مع البطل الأسطوري هرقلن وانتعاش الفلسفة مع الحكماء السبعة والفلاسفة الكبار كسقراط وأفلاطون وأرسطو.
لم تظهر الفلسفة اليونانية إلا في مدينة ملطية الواقعة على ضفاف آسيا الصغرى حيث أقام الايونيون مستعمرات غنية مزدهرة. وفي هذه المدينة ظهر كل من طاليس وأنكسمندر وانكسمانس. وشكلوا مدرسة واحدة في الفلسفة وهي المدرسة الطبيعية أو الكسمولوجية،[5] وكانت هذه الفلسفة مادية ترجع اصل العالم إلى مبدإ مادي ولا تعترف بوجود الإله الرباني كما سنعرف ذلك في الفكر الإسلامي الذي يعتبر أن العالم خلق من عدم وان الله هو الذي خلق هذا الكون لاستخلاف الإنسان فيه.
ولقد قطعت الفلسفة اليونانية ثلاث مراحل أساسية:
1- طور النشأة أو مايسمى بفلسفة ماقبل سقراط،؛
2- طور النضج والازدهار ويمتد هذا الطور من سقراط حتى أرسطو؛
3- طور الجمود والانحطاط و قد ظهر هذا الطور بعد أرسطو وأفلاطون وامتد حتى بداية العصور الوسطى.[6]
ظهرت الفلسفة اليونانية أول ما ظهرت مع الحكماء الطبيعيين الذين بحثوا عن العلة الحقيقية للوجود الذي أرجعوه إلى أصل مادي زوكان ذلك في القرن السابع والسادس قبل الميلاد. وكانت فلسفتهم خارجية وكونية اساسها مادي أنطولوجي تهتم بفهم الكون وتفسيره تفسيرا طبيعيا وكوسمولوجيا باحثين عن اصل الوجود بما هو موجود.
ولد أمبادوقليس في مدينة أجريجينتا بجزيرة صقلية وعاش في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد وتوفي تقريبا في عام 435ق.م وولد على وجه التقريب في 490 ق.م. وم مؤلفاته كتاب التطهيرات وهو اقرب على كتاب الاساطير والمعاني الدينية منها إلى الكفر العلمي وقصيدة حول الطبيعة على غرار قصيدة بارمنديس.
ويرى أكزينوفانوس المتوفى سنة 480ق.م أن اصل الكون هو التراب.
يثبت انبادوقليس ان الكون اصله الاسطقسات الأربعة: النار والهواء والماء والأرض( التراب). وقد اضاف العنصر الخامس وهو أميل إلى اللطف والسرعة وهو الأثير. وكل عنصر من هذه العناصر تعبر عن آلهة أسطورية خاصة. وقد ذهب انكساغوراس إلى ان أصل الكون هو عدد لا نهاية له من العناصر أو البذور يحركها عقل رشيد بصير.
اما ديمقريطيس ولوقيبوس أن اصل العالم هو الذرات.
تنسب المدرسة الفيتاغورية إلى العالم الرياضي اليوناني الكبير فيتاغورس الذي يعد اول من اكلق كلمة فيلسوف وكانت بمعنى حب الحكمة اما الحكمة فكانت لاتنسب سوى للالهة. ويذهب فيتاغورس على ان العالم عبارة عن اعداد رياضية كما أن الموجودات عبارة ‘ن اعداد وبالتالي فالعالم الأنطولوجي عنده عدد ونغم. وتتسم الفيتاغورية بانها مذهب ديني عميق الرؤية والشعور كما انها مدرسة علمية تعنى بالرياضيات والطب والموسيقا والفك وقد طرحت كثيرا من القضايا الحسابية والهندسية موضع نقاش وتحليلز كما أن الفيتاغورية هيئة سياسية تستهدف وضع النظام في المدينة على ايدي الفلاسفة الذين يحتكمون على العقل والمنهج العلمي.
ظهرت المدرسة السوفسطائية في القرن الخامس قبل الميلاد بعدما أن انتقل المجتمع الأثيني من طابع زراعي إقطاعي مرتبط بالقبيلة إلى مجتمع تجاري يهتم بتطوير الصناعات وتنمية الحرف والاعتماد على الكفاءة الفردية والمبادرة الحرة. وأصبح المجتمع في ظل صعود هذه الطبقة الاجتماعية الجديدة (رجال التجارة وأرباب الصناعات) مجتمعا ديمقراطيا يستند على حرية التعبير والاحتكام على المجالس الانتخابية والتصويت بالأغلبيةز ولم يعد هناك ما يسمى بالحكم الوراثي او التفويض الغلهي بل كان كل مواطن حر له الحق في الوصول إلى أعالي مراتب السلطة. لذلك سارع ابناء الأغنياء لتعلم فن الخطابة والجدل السياسي لغفحام خصومهم السياسيين الاخرينز وهنا ظهر السوفسطائيون ليزودوا هؤلاء باسلحة الجدل والخطابة واستعمال بلاغة الكلمة في المرافعات والنمناظرات الحجاجية وزالخطابية. وقد تحولت الفلسفة على وسيلة لكسب الأرباح المادية ولاسيما أن اغلب المتعلمين من طبقة الأغنياء. ومن أهم الفلاسفة السوفسطائيين نذكر جورجياس وكاليكيس وبروتاغوراس. وقد كان هؤلاء يعلمون الناس فن الخطابة والفصاحة وطرائق الجدل والبرهان المغالطي الذي كان ينطلق من مقدمات خاطئة ويصل إلى نتائج خاطئة. ولقد استغل هؤلاء سذاجة الناس وكانوا يزرعون الشك في كثير من المسلمات والقضايا ويستعملون التلاعب اللفظي واللغوي في إفحام الخصوم المعارضين ومحاجاتهم إذ كانوا قادرين على تأييد القول الواحد ونقيضه على حد سواء. وكان الهدف من زرع الشك في صفوف الناس هو الكسب المادي . وقد سبب هذا التيار الفلسفي في ظهور سقراط الذي كان يرى أن الحقيقة يتم الوصول إليها ليس بالظن والشك والفكر السوفسطائي المغالطي بل بالعقل والحوار الجدلي التوليدي واستخدام اللوغوس والمنطق.
2- المدرسة السقراطية:
4- المدرسة المثالية الأفلاطونية:
قسم افلاطون العالم الأنطولوجي إلى قسمين: العالم المثالي والعالم المادي، فالعالم المادي هو عالم متغير ونسبي ومحسوس. وقد استشهد أفلاطون بأسطورة الكهف لتبين بان العالم الذي يعيش فيه الإنسان هو عالم غير حجقيقي وأن العالم الحقيقي هو عالم المثل الذي يوجد فوقه الخير الأسمى والذي يمكن إدراكه عن طريق التأمل العقلي والتفلسف.. فالطاولة الحقيقية غير حقيقية في عالمنا المادي الذي أساسه الهيولى او المادة اما الطاولة الحقيقية فتوجد في العالم المثالي. كما ان المعرفة الحقيقية هي معرفة عالم المثل فحكل الحقائق المعرفية الموجودة في العالم المادي نسبية تقريبية وجزئية وسطحية. اما المعرفة في العالم المثالي فهي مطلقة وكونية وصادقة ويقينية. كما أن المعرفة مرتبطة بعالم المثل عن طريق التفلسف العقلاني ومن هنا فالمعرفة حسب أفلاطون تذكر والجهل نسيان. ويعني هذا أننا كلما ابتعدنا عن العالم المثالي إلا واصبنا الجهل لذا فالمعرفة الحقيقية اساسها إدراك عالم المثل وتمثل مبادئه المطلقة الكونية التي تتعالى عن الزمان والمكان. ومن هنا فاصل المعرفة هو العقل وليس التجربة او الواقع المادي الحسي الذي يحاكي عالم المثال محاكاة مشوهة.
وعلى مستوى الأسيولوجيا فجميع القيم الأخلاقية ىمن خير وجمال وعدالة نسبية في عالمنا المادي وهي مطلقة في عالم المثل المطلق والأزلي.
وفي جمهورية افلاطون يؤسس افلاطون مجتمعا متفاوتا وطبقيا إذ وضع في الطبقة الأولى الفلاسفة والملوك واعتبرهم من طبقة الذهب بينما في الطبقة الثانية وضع الجنود وجعلهم من طبقة الفضة أما في الطبقة السفلى فخصصها للعبيد وجعلهم من طبقة الحديد؛ لأنهم أدوات الإنتاج والممارسة الميدانية. ويعني هذا أن أفلاطون كان يانف من ممارسة الشغل والعمل اليدوي والممارسة المنفعية وكان يفضل غنتاج النظريات وممارسة الفكر المجرد. كما أن افلاطون طرد الشعراء من جمهوريته الفاضلة لنهم يحاكون العالم النسبي محاكاة مشوهة وكان عليهم ان يحاكوا عالم المثل الذي هو اساس الوجود الحقيقي.
وهكذا يتبين لنا أن فلسفة افلاطون فلسفة مثالية مفارقة للمادة والحس. تعتبر عالم المثل العالم الأصل بينما العالم المادي هو عالم زائف ومشوه وغير حقيقي. كما تجاوز افلاطون المعطى النظري الفلسفي المجرد ليقدم لنا تصورات فلسفية واجتماعية وسياسية في كتابه" جمهورية افلاطون"[8]. كما يلاحظ ان التصور الافلاطوني يقوم على عدة ثنائيات: العالم المادي في مقابل العالم المثالي، انشطار الغنسان على روح من اصل سماوي وجسد من جوهر مادي، ومعرفة ظنية محسوسة ومعرفة يقينية مطلقة. وعلى المستوى الاجتماعي هناك عامة الناس وهم سجناء الحواس الظنية و الفلاسفة الذين ينتمون على العالم المثالي بتجردهم من إسار الحس والظن.
يعد ارسطو فيلسوفا موسوعيا شاملا كانت تعني الفلسفة عنده كل ضروب المعرفة والبحث العلمي، وكان يبحث في الطبيعة والميتافيزيقا والنفس وعلم الحياة والسياسة والشعر وفن الخطابة والمسرح. وقد وضع المنطق الصوري الذي كان له تأثير كبير على كثير من الفلاسفة حتى حل محله المنطق الرمزي مع برتراند راسل ووايتهاد.
يذهب ارسطو أن العالم الحقيقي هو العالم الواقعي المادي اما العالم المثالي فهو غير موجود. وان الحقيقة لا توجد سوى في العالم الذي نعيش فيه وخاصة في الجواهر التي تدرك عقلانيا وليس في الاعراض التي تتغير بتغير الاشكال. أي ان الحقيقي هو الثابت المادي اما غير الححقيقي فهو المتغير الظاهري. ولقد اعطى ارسطو الأولوية لما هو واقعي ومادي على ماهو عقلي وفكري. ومن هنا عد أرسطو فيلسوفا ماديا اكتشف العلل الأربع: العلة الفاعلة والعلة الغائية والعلة الصورية الشكلية والعلة المادية. إذا أخذنا الطاولة مثالا لهذه العلل الأربع، فالنجار يحيل على العلة الفاعلة والصانعة، اما الخشب ماهية الطاولة فهي العلة المادية، أما صورة الطاولة فهي العلة الصورية الشكلية اما العلة الغائية فالطاولة نستعين بها لتناول الغذاء.
تذهب المدرسة الرواقية التي ظهرت بعد فلسفة أرسطو التي استنفذت إمكانياتها النظرية إلى أن الفلسفة هي فن الفضيلة ومحاولة اصطناعها في الحياة العملية، ولم تعد الفلسفة تبحث عن الحقيقة في ذاتها بل أصبحت معيارا خارجيا تتجه على ربط الفلسفة بالمقوم الأخلاقي وركز الكثيرون دراساتهم الفلسفية على خاصية الأخلاق كما فعل سنيكا الذي قال:" إن الفلسفة هي البحث عن الفضيلة نفسها، وبهذا تتحقق السعادة التي تمثلت في الزهد في اللذات ومزاولة التقشف والحرمان".[9] ويعني هذا أنه بعد موت أرسطو وتغير الظروف الاحتماعية والسياسية انتقل التفكير من الوجود إلى البحث في السلوك الأخلاقي للإنسان. ولقد ارتبطت المدرسة الرواقية بالفيلسوف زينون (336-264ق.م) الذي اقترنت الفلسفة عنده بالفضيلة واستعمال العقل من اجل الوصول إلى السعادة الحقيقية.وتعد الفلسفة عند الرواقيين مدخل المنطق والأخلاق والطبيعة. وقد كان المنطق الرواقي مختلفا عن المنطق الأرسطي الصوري. وقد اثر منطقهم في الكثير من الفلاسفة والعلماء.
تنسب الفلسفة الأبيقورية إلى أبيقور(341-270 ق.م)، وتتميز فلسفته بصبغة أخلاقية عملية. في النظرية الأبيقورية إلى اللذة وان الفلسفة تسعى إلى الحصول على السعادة باستعمال العقل التي هي غاية الفلسفة يخدمها المنطق وعلم الطبيعة.ايإن المنطق هو الذي يسلم الإنسان على اليقين الذي به يطمئن العقل والذي بدوره يؤدي على تحقيق السعادة. ويهدف علم الطبيعة على تحرير الإنسان من مخاوفه وأحاسيسه التي تثير فيه الرعب. ويعني هذا ان لابد للفلسفة ان تحرر الإنسان من مخاوفه وقلقه والرعب الذي يعيشهىفي الطبيعة بسبب الظواهر الجوية والموت وغير ذلك.[10]
انتقلت الفلسفة إلى مدينة الإسكندرية المصرية التي بناها الإسكندر المقدوني إبان العصر الهيليني وكانت معروفة بمكتبتها العامرة بالكتب النفيسة في مختلف العلوم والفنون والآداب. ومن اشهر علماء هذه المدرسة اقليديس وارخميديس واللغوي الفيلولوجي إيراتوستن. وقد انتعشت هذه المدرسة في القرون الميلادية الأولى وامتزجت بالحضارة الشرقية وامتداد الفكر الديني والوثني وانتشار الافكار الاسطورية والخرافية والنزعات الصوفية.
ومن مميزات هذه المدرسة التوفيق بين ىراء افلاطون المثالية وارسطو المادية، والتشبع بالنعتقدات الدينية المسيحية واليهودية والافكار الوثنية من زرادشتية ومانوية وبوذية وبدء الانفصال بين العلم والفلسفة بعد ظهور فكرة التخصص المعرفي.كما انتشرت المبادىء الصوفية والعرفانية والغنوصية والاهتمام بالسحر والتنجيم والغيبيات والغيمان بالخوارق. وقد تشبعت الفلسفة الأفلاطونية بهذا المزيج الفكري من المعتقدات الدينية والمنازع الصوفية واىراء الوثنية فنتج عنها فلسفة غربية امتزجت بالطابع الروحاني الشرقي وذلك من أجل التوفيق بين الدين والفلسفةز بيد ان الذين كانوا يمارسون عملية التوفيق كانوا يعتقدون انهم يوفقون بين ارسطو وافلاطون ولكنهم كانوا في الحقيقة يوفقون بين افلاطون وافلوطين مما اعطى مزيجا فكريا يعرف بالافلوطينية الجديدة، ومن اشهر فلاسفة المدرسة الإسكندرية نستحضر كلا من فيلون وافلوطين الذين كانت تغلب عليهما النزعة الدينية والتصور المثالي في عملية التوفيق ففلسفة افلوطين هي" مزيج رائع فيه قوة واصالة بين ىراء افلاطون والرواقيين وبين الافكار الهندية والنسك الشرقي والديانات الشعبية المنتشرة ىنذاك.
والطابع العام لفلسفته هو غلبة الناحية الذاتية فيها على الناحية الموضوعية، فهي فلسفة تمتاز بعمق الشعور الصوفي والمثالية الافلاطونية ووحدة الوجود الرواقية، وكلها عناصر يقوي بعضها بعضا ويشد بعضها بازر بعض، حتى لتخال وانت تقراها كانك أمام شخص لا خبر له بالعالم الموضوعي او يكاد. فالمعرفة عنده وعند شيعته تبدا من الذات وتنتهي إلى الله دون أن تمر بالعالم المحسوس؛ هذه المعرفة الذاتية الباطنية هي كل شيىء عندهم".[11]
ونستنتج مما سبق ذكره أن بلاد اليونان مهد الفكر الفلسفي والثقافة العقلانية خاصة مع سقراط وأفلاطون وأرسطو، وقد تأثرت في ذلك بالحضارات الشرقية السابقة وبحضارات الشعوب المجاورة. ويعني هذا أن إرث الفلسفة لم يكن يونانيا محضا، بل ساهمت فيه الشعوب الشرقية بقسط وافر. كما أن تأثير الفلسفة اليونانية في الشعوب اللاحقة سيكون له أثر كبير في تطوير حضاراتها. وساهمت الفلسفة الإغريقية في عقلنة الفكر الإنساني بعد ان كان تفكيرا أسطوريا خرافيا وتخييلا شاعريا مجازيا وفكرا لاهوتيا يؤمن بالأفكار الوثنية والمعتقدات الدينية والنحل العرفانية الصوفية. ونلاحظ كذلك أن الفلسفة لم تنشا إلا في جو سياسي ديمقراطي ، وتعايشت مع العلوم والفنون والآداب وانصهرت في بوتقة فكرية واحدة كانت فيها الفلسفة أم العلوم والمعارف. اتمنى ان تزوروا مدونتي https://lch3.blogspot.com/ |
|
__________________ فليعلم العرب ان نهاية اي شيء هي بداية لشيء جديد
لا تنسوا هذا
التعديل الأخير تم بواسطة Y a g i m a ; 02-05-2019 الساعة 08:19 AM |