عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree10Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-12-2009, 02:49 PM
 
حقيقة العلم وحقيقة الإيمان

حقيقة العلم وحقيقة الإيمان
للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله
فائدة عظيمة:
أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة: هو العلمُ والإيمان.
ولهذا قرَن بينهما سبحانه في قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ[الروم:56]، وقوله: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[المجادلة:11].
وهؤلاء هم خلاصة الوجود ولُبّهُ والمؤهلون للمراتب العالية.
ولكن أكثر الناس غالطون في حقيقة مسمَّى العلم والإيمان اللذين بهما السعادة والرفعةُ، وفى حقيقتهما! حتى إن كل طائفة تظن أن ما معها من العلم والإيمان هو هذا الذي به تُنالُ السعادة! وليس كذلك، بل أكثرهم ليس معهم إيمانٌ يُنجى، ولا علمٌ يرفع، بل قد سدّوا على نفوسهم طرق العلم والإيمان اللذين جاء بهما الرسول صلى الله عليه وسلم، ودعا إليهما الأمة، وكان عليهما هو وأصحابُهُ من بعده، وتابعوهم على منهاجِهم وآثارهم.
فكل طائفة اعتقدت أن العلم ما معها وفرحت به؛ ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون:53]، وأكثر ما عندهم كلامٌ وآراءٌ وخَرْصٌ! والعلمُ وراء الكلام؛ كما قال حماد بن زيد: قلت لأيوب: العلم اليوم أكثر أو فيما تقدم؟
فقال: الكلام اليوم أكثر، والعلم فيما تقدم أكثر!
ففرق هذا الراسخُ بين العلم والكلام، فالكتب كثيرةٌ جداً، والكلام والجدال والمقدَّراتُ الذهنية كثيرة، والعلم بمعزلٍ عن أكثرها؛ وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه ؛ قال تعالى: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ [آل عمران:61] وقال: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ[البقرة:120]، وقال في القرآن :﴿أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ[النساء:166] أي: وفيه علمه.
ولما بَعُدَ العهد بهذا العلم؛ آل الأمر بكثير من الناس إلى أن اتخذوا هواجس الأفكار وسوانح الخواطر والآراء علما، ووضعوا فيها الكتب، وأنفقوا فيها الأنفاس، فضيعوا فيها الزمان، وملأوا بها الصحف مدادا، والقلوب سواداً، حتى صرَّح كثير منهم انه ليس في القرآن والسنة علمٌ! وان أدلتها لفظيةٌ لا تفيد يقيناً ولا علماً! وصرخ الشيطان بهذه الكلمة فيهم، وأذَّنَ بها بين أظهرهم حتى أسمعها دانيهم لقاصيهم، فانسلخت بها القلوب من العلم والإيمان كانسلاخ الحيَّةِ من قِشرها، والثوب عن لابسه...
وقد كان علم الصحابة الذي يتذاكرون فيه غير علوم هؤلاء المختلفين الخراصين - كما حكى الحاكم - في ترجمة أبى عبد الله البخاري، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا إنما يتذاكرون كتاب ربهم وسنة نبيهم، ليس بينهم رأى ولا قياس.
ولقد أحسن القائل:

العلمُ قال الله قال رسولُهُ ... قال الصحابة ليس بالتَّمويهِ
ما العلم نَصبَكَ للخلافِ سفاهةً ...بين الرسول وبين رأى فقيهِ
كلا ولا جَحدَ الصفاتِ ونَفيَها ...حذراً من التمثيل والتشبيه
وأما الإيمان؛
فأكثر الناس أو كلُّهم يدعونه: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ[يوسف:103]
وأكثر المؤمنين إنما عندهم إيمان مجمل، وأما الإيمان المفصل بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة وعلما وإقرارا ومحبة ومعرفة بضده وكراهيته، وبغضه فهذا إيمان خواص الأمة وخاصة الرسول، وهو إيمان الصديق وحزبه.
وكثير من الناس حظهم من الإيمان الإقرار بوجود الصانع، وأنه وحده الذي خلق السموات والأرض وما بينهما!! وهذا لم يكن ينكره عبُّاد الأصنام من قريش ونحوهم.
وآخرون؛ الإيمان عندهم هو التكلم بالشهادتين! سواء كان معه عمل أو لم يكن، وسواءٌ وافق تصديق القلب أو خالفه.
وآخرون عندهم الإيمان مجرد تصديق القلب بأن الله سبحانه خالق السموات والأرض، وأن محمدا عبده ورسوله، وان لم يقر بلسانه ولم يعمل شيئا، بل ولو سب الله ورسوله وأتى بكل عظيمة، وهو يعتقد وحدانية الله ونبوة رسوله فهو مؤمن!!
وآخرون عندهم الإيمان: عبادة الله بحكم أذواقهم ومواجيدهم وما تهواه نفوسهم، من غير تقييد بما جاء به الرسول.
وآخرون؛ الإيمان عندهم: ما وجدوا عليه آباءهم وأسلافهم بحكم الاتفاق كائنا ما كان، بل إيمانهم مبنى علي مقدمتين:
إحداهما: أن هذا قول أسلافنا وآبائنا.
والثانية: أن ما قالوه فهو الحق.
وآخرون عندهم الإيمان: مكارم الأخلاق وحسن المعاملة وطلاقة الوجه وإحسان الظن بكل أحد، وتخليه الناس وغفلاتهم.
وآخرون عندهم الإيمان: التجرد من الدنيا وعلائقها، وتفريغ القلب منها والزهد فيها، فإذا رأوا رجلا هكذا جعلوه من سادات أهل الإيمان، وان كان منسلخا من الإيمان علماً وعملاً.
وأعلى من هؤلاء من جعل الإيمان هو مجرد العلم وان لم يقارنه عمل!!
وكل هؤلاء لم يعرفوا حقيقة الإيمان ولا قاموا به ولا قام بهم، وهم أنواع:
منهم من جعل الإيمان ما يضاد الإيمان.
ومنهم من جعل الإيمان ما لا يعتبر في الإيمان.
ومنهم من جعله ما هو شرط فيه ولا يكفى في حصوله.
ومنهم من اشترط في ثبوته ما يناقضه ويضاده.
ومنهم من اشترط فيه ما ليس منه بوجه الإيمان.
والإيمان وراء ذلك كله؛
وهو حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علماً، والتصديق به عقداً، والإقرار به نطقا، والانقياد له محبة وخضوعا، والعمل به باطنا وظاهرا، وتنفيذه والدعوة إليه بحسب الإمكان.
وكماله في الحب في الله، والبغض في الله، والعطاء لله والمنع لله، وأن يكون الله وحده إلهه ومعبوده.
والطريق إليه تجريد متابعة رسوله ظاهراً وباطناً، وتغميض عين القلب عن الالتفات إلي سوى الله ورسوله.
وبالله التوفيق.

من كتاب الفوائد لابن القيم
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-12-2009, 05:46 PM
 
رد: حقيقة العلم وحقيقة الإيمان

بارك الله فيكم
أسال الله ان يعم النفع الجميع
__________________
ربًي
أؤمْن كثًيرآ بأن المًسآإحْه الفآإصًله بين الحْلم ۆالۆآقْع مجْرد دعْآء
..
:ht:
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-12-2009, 10:29 PM
 
رد: حقيقة العلم وحقيقة الإيمان

جزاك الله خير
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-12-2009, 10:57 PM
 
رد: حقيقة العلم وحقيقة الإيمان

الله أكبر والحمدُ لله رب العالمين
والعزّة لله ورسوله والمؤمنين

وبارك الله فيكم على المرور والإضافات والدُعاء القيّم
أخوكم في الله
فارس السنّة
★•﹏•★ likes this.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-13-2009, 08:43 AM
 
رد: حقيقة العلم وحقيقة الإيمان

يعطيك العافية
وجزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
امااانه كل واحد يكتب برجه كاكووو أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 5 07-11-2009 08:41 PM
الإيمان -14- حقيقة لا خيال نور الإسلام - 1 12-05-2008 07:57 PM
التحرش الجنسي بالمرأة في العمل عطر البنفسج أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 3 01-17-2008 07:48 PM
الشباب والعمل الاجتماعي التطوعي الوطن العربي نور الإسلام - 9 10-18-2007 08:34 PM
كيف تكون قائدا ناجحا وفعالا في العمل ؟؟؟ بــو راكـــــان أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 10 09-18-2006 07:05 AM


الساعة الآن 07:59 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011