عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-25-2008, 01:03 PM
 
رد: ظلَّ في البَيْداءِ يسعى


ظلَّ في البيداء يسعى

لم يكن يبصر في الدرب

سوي آثار أفعى

وإذا ما رفع الرأس رأي برقا ولمعا

@@@

ظل في البيداء يسعى

لم يكن يعلم أنّ الغابة السوداء

لا تعرف شرعا

لم يكن يبصر إلاّ السيف مسلولاً

وتمزيقاً وقطعا

أين عيناه

لماذا كلما أرسل عينيه

رأي سيفا ونطعا ؟

وإذا ما أغمض اليسرى

رأت يمناه صدعا !

وإذا ما أغمض اليمني

رأت يسراه صرعي !

وإذا ما قلب الوجه

إلى الخلف

رأي السبعين سبعا !

ورأى الأصل من الأشجار فرعا !

@@@

ظل في البيداء يسعى

أبصر الخيل التي تجري

وما أبصر نقعا

ورأي ما ترسل السحب من الأمطار دمعا

ورأي الوصل لمن يهواه قطعا

ورأي النجم كقطعانٍ

علي الآكام ترعي

ورأي حبات رمل البيد شفعا

وإذا ما طأطأ الرأس

رأي في الخفض رفعا

ورأي في الوتر شفعا

@@@

ظل في البيداء يسعى

كلما اصعد من منحدر في الدرب أقعى

لم يكن يقدر للإعصار دفعا

حدث الراوي الذي كان مطلا من جبل

انه أبصر إنساناً من التل نزل

والي أسفل وادي الوهم والهم وصل

ورأي في الجانب الأقصى من الوادي

بقايا من طلل

ورأي في المستوي الأدنى من الوادي

بقايا من بلل

سكت الراوي سكوتا

ملأ الوادي بأشباح وجل

ثم غابت صورة الإنسان من خلف التلال

واختفت في ظلمة الوادي

إشارات السؤال

فإلي أي المتاهات مضي ذاك الخيال ؟؟

خرج الراوي من الصمت ونادي

لست ادري

كلما أذكره خيالا كان يجري

ثم أخفاه الدجى عني ووارته الشعاب

كان موجودا فغاب

@@@

ظل في البيداء يسعى

يبصر المفرد جمعا

ويري ساق غراب البين جزعا

كلما أدركه الإعياء أقعى

ما الذي يطلب من فك بلا ناب

ومن ناب بلا فكي أسد ؟

ما الذي يطلب من جسم بلا روح

ومن روح تناءت عن جسد ؟

ظل يستنبت في ارض هواه الأسئلة

والإجابات تزيد المعضلة

يا تري

هل يسمع القيم تقاسيم البرد؟

يا تري

هل يشعر السيل بآهات الزبد؟

@@@

ظل في البيداء يسعى

ربما كان يري في غبرة الصحراء مرعي

ويري في لغة التفريق جمعا

ويري في ذلة استسلامه للخصم ردعا

أين يغدو ؟

ذلك اللاهث في البيداء يعدو

ماله يبدو ولكن ليس يبدو ؟

أبصرت عيناه ( أمريكا ) فطار

سابق الريح إليها

هشم القفل الذي يغلق باب الانتظار

لم يدع صورته الأولى كما كانت

ولم يبق الإطار

ظل يستوقد للسعي إلى المجهول

نارا أي نار

أبصرت عيناه أمريكا

فلا عاشت ترانيم الهزار

عندها الليل ولكن

ليلها في عينه مثل النهار

عنها الخندق لكن الفتي يبصر في خندقها

رمز انتصار

لم يزل يبحث عن أحلامه في كل حانوت وبار

في العيون الزرق

في لون بياض شابه لون احمرار

في التقارير التي ترعي حقوق الكلب

والقطة والخنزير

تستثمر أحلام الصغار

في القوانين التي تدعو إلى حرية الناس

وتجتاح الديار

@@@


ظلَّ في البيداءِ يسعى

نَحْوَها يَدْفَع رَكْبَ الحُلُمِ الواهمِ دَفْعَا

يَنْزِعُ الإحساسَ من جنبيه نَزْعَا

أبصرتْ عيناه للحرّية الرَّعْناءِ تمثالاً..

فأَلْقَى الرَّحْلَ مبهوراً، ودارْ

وعلى التِّمثال دارْ

مرَّ عامٌ بعدَه عامٌ وفي الرأسِ دُوَارْ

وابنُ أمريكا الذي يعشقها..

يبحث عن شيءٍ.. تسمّيه القوانينُ «قرارْ»

مَرَّ عامٌ بعدَه عامٌ، وفي الرَّأْسِ دُوَارْ

والفَتى يطلبُ تحديدَ المسَارْ

لم يزلْ يعشق أمريكا وفي أَهدابها..

يبحث عن عَطْف الكبارْ

ظلَّ في البَيْداءِ يَسْعَى

كلَّما أَبْصَرَ بُنْيَاناً رأى في أُسُسِ البُنيانِ صَدْعَا

لم يَزَلْ يطلبُ في الدَّائرةِ الحمراءِ رَبْعا

دخل الواحةَ ليلاً..

لم يجدْ فيها سوى بعضِ الأَباريقِ تُدَارْ

ورأى المسرحَ، والمُخرجَ، والفاتنةَ الشَّقراءَ..

من غير عِذارْ

ورأى الحُرِّيةَ الرَّعناءَ تمثالاً قبيحاً..

خبَّأتْ أحشاؤه جَمْراً..

وفي عينيه نارْ

ورأى من خَلْفِه بئراً بلا ماءٍ..

وجَرَّافاً، وآلاتِ دَمَارْ

وبياناً يُنكر الإرهابَ، والقَتْلَ وترويعَ الدِّيارْ

لم يزلْ يعشق أمريكا، ويَستمنحها حُسْنَ الجوارْ

لم يجدْ فيها سوى دفترِ تحقيقٍ، وقُفلٍ وحصارْ

@@@

ظَلَّ في البيداءِ يسعى

يسأل الرَّمضاءَ أن تمنحه في القيظ نَبْعا

طالت الرِّحلةُ في بَيْدائه..

شطَّ المَزارْ

وسؤالٌ جارحٌ يَهْتِكُ ظَلْماءَ السِّتارْ

أين أمريكا؟..

سؤالٌ لم يُعِرْه الغافلُ الحيرانُ سَمْعا

وجوابٌ يَصْفَع الواهمَ صَفْعا

إنَّها صاحبة الحقل التي تَمْنَعُ عنه النَّاسَ مَنْعَا

وهيَ في كلِّ حقولِ الناسِ تَرْعَى

أغلق المسكينُ جَفْنيهِ..

وأَقْعَى..



لقد أبدع الشاعر الكبير د. عبد الرحمن العشماوي أيما إبداع,
وأجاد أيما إجادة, فأخرج لنا هذه القصيدة الجميلة البديعة.

أخي سيف السنة جزاك الله خيراً على حُسن اختياراتك,

وسلمت الذائقة , وسلم الناقل والمنقول والشاعر.
مودتي وتقديري.
__________________
مع تحيات أخوكم / خالد (information)
--------------------

هِيَ أُمَّةٌ
طُبِعَتْ على عِشْقِ الدَّمارْ


هِيَ أُمَّةٌ
مَهْما اشتعلتَ لكي تُنير لَها الدُّجى
قَتَلتْكَ في بَدْءِ النَّهارْ


هِيَ أُمّةٌ
تَغتالُ شَدْوَ العَندليب
إذا طَغى يَومًاعلى نَهْقِ الحِمارْ


هِيَ باختصارِ الاختصارْ
غَدُها انتظارُ الاندثارِ
وأَمسُها مَوتٌ
وَحاضِرُها احتِضارْ
= = =
أحمد مطر
رد مع اقتباس