عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-09-2008, 10:08 AM
 
الخجل.. إرث تراكمي مرده التنشئة

بسم الله الرحمن الرحيم
الخجل.. إرث تراكمي مرده التنشئة



عبدالله اعريق - رجّح العديد من أخصائيي علم النفس والاجتماع أن مشكلة الخجل هي ظاهرة تراكمية مردها الآباء، نتيجة انقطاع آفاق التواصل وغياب الحوار ما بين الآباء والأبناء واعتباره عاملاً مساعداً في تناميها وتزايدها منذ الصغر ويتضح كثيراً مع التقدم بالعمر ناهيك عن الانعكاسات السلبية على شخصية الشاب في المستقبل.
تقول لينا أحمد (22 عاماً) إنها ما زالت تشعر بالخجل في التحدث أمام الناس خصوصاً والدها والإجابة عن السؤال الذي يطرحه أمامها بشكل مباشر، مشيرة إلى أنها تربت منذ الصغر على احترام الشخص المتكلم والنظر في الأرض وتلبية ما يطلب منها بسرعة ودون تردد.
وتضيف ''أنها لا تفضل التواجد الاجتماعي بين الناس لعدم التعرض إلى مواقف محرجة والتي تؤدي إلى زيادة التوتر لديها وتزيد من الشد العصبي وظهور العديد من الأعراض الجسمانية مثل التعرق وإحمرار الوجه، وزيادة ضربات القلب وارتعاش الصوت وبالتالي يضعها في موقف صعب''.

علم الاجتماع
ويبين أخصائي علم الاجتماع والنفس في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور محمود الخوالدة أن الدراسات والاستبانات التي أجريت على العديد من الشباب من مختلف الفئات العمرية أظهرت غياب الحوار والتواصل من قبل الآباء مع الأبناء منذ الصغر، والخوف والرهبة التي تسيطر على الأبناء عند المثول أمام آبائهم أو بمجرد سماع صوتهم الذي يدل على القوة والجبروت وفرض السيطرة الأبوية على البيت بأكمله، مشيراً إلى أن العديد من الدراسات بينت أن مشكلة الخجل تظهر بشكل أكبر في فترة المراهقة مع احتمال ظهورها بعد هذه السن أيضاً.
ويؤكد الخوالدة ضرورة التصدي لهذه الظاهرة والحؤول دون تناميها حتى لا تؤدي إلى ظهور صورة انعكاسية في التصرفات التي يسلكها الإنسان في المواقف المختلفة وحتى لا تتطور إلى مشاعر مرضية كالشعور بالاضطهاد أو العزلة أو الشعور بالفشل التي تسبب لاحقاً العديد من الأعراض الجسمانية المرضية والعديد من الأعراض الوجدانية والانفعالية، وظهور العديد من السلوكيات والتصرفات التي يقوم بها الخجول والتي تتجلى في قلة الحديث في ظل وجود بعض الأشخاص وعدم القدرة على التحدث أمام الجماعة بشكل فردي وعدم النظر إلى من يتحدث إليه والنظر إلى أي شيء آخر بديل، وعدم الرغبة فى المبادرة والبدء في الحديث، والتبرم إذا طُلب منه البدء هو أولا بعمل ذلك.
ويشير إلى العديد من العوامل التي ترافق غياب الحوار والتواصل داخل الأسرة وتساعد في تنامي هذه الظاهرة كعامل الوراثة وافتقار الشخص لتقدير ذاته وكيانه، وأسباب صحية، إضافة إلى النقص في التغذية والأسباب البيئية التي ينشأ فيها الطفل من البيت أو المدرسة أو المجتمع الذي يعيش بداخله، والتي تحفز على الخجل بدلاً من الاندماج وسط المجتمع الذي يعيش فيه وتترجم لضعف فى تكوين المهارات الاجتماعية.
وفي سياق متصل يقول استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة: هناك كثير من الأشخاص يعانون من هذه المشكلة في صمت لأعوام طويلة ولكنهم لا يطلبون المساعدة إلا في حالة تزايد درجة الحالة وتسببها للعديد من الأزمات في الحياة، مشيراً إلى ما نسبته 15-20% من الأشخاص يعانون من الخجل خصوصاً الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي أو الاكتئاب والعديد من المشاكل النفسية الأخرى.
ويبين أن الأعراض النفسية التي تظهر على الشخص تظهر فى صورة تفضيل العزلة والابتعاد عن التجمعات، وعدم تقدير الذات للشعور بالنقص، والتركيز الزائد على الذات، والشعور بالإحراج، والشعور بعدم الأمان نتيجة التربية السلطوية ''التثبيط الاجتماعي'' وفرض نمط الأدب واللباقة بطريقة مؤذية حتى لا يعبر الطفل عن ذاته بشكل جيد لنظرة الأبوين السلبية ومرور الشاب بالعديد من التجارب السابقة في الحياة التي تؤدي إلى الخجل ''التجربة الصامتة'' وبالتالي عدم المقدرة على مواجهة أي موقف يتعرض له.

مواجهة الخجل
ويرى الحباشنة ضرورة أن يتطلع الشخص دائماً منذ طفولته ومروراً بمراحل عمره المختلفة إلى علاقاته مع الآخرين وإلى التوافق مع المجموعة التي ينتمي إليها، وأن يواجه الشخص الموقف نفسه وأن يكون أكثر إيماناً وثقة بشخصيته وأهدافه وأنشطته التي يقوم بها والحرص الدائم على تحقيق النجاح مع إتقانه وإجادته له حتى يكسب احترام الآخرين وإعجابهم وأن يحاول البحث عن أسباب شعوره بالنقص الملازم لخجله و لا يركز تفكيره على الآخرين فقط، وأن يكون كثير الحركة ونشطاً في مواجهة المواقف دون تردد أو تحير أو ارتباك، إلى جانب استخدم السبل كافة لاكتساب خبرات سلوكية اجتماعية متنوعة وفقاً لمن يتعامل معهم وأن يعطي ثقته للآخرين، فيتبادل معهم مشاعر التعاطف والود.

المعالجة النفسية
ويشدد الحباشنة على ضرورة التفاعل مع الآخرين اجتماعياً وأن يفهم الشخص نفسه والمسؤوليات تجاه الآخرين وتغيير الأفكار والسلوكيات السلبية والمقدرة على مواجهة الواقع بشكل لبق والتحرر من الإحساس بالإثم والخوف والقدرة الذاتية على مواجهة مواقف الحياة المختلفة. داعياً إلى ضرورة اكتساب المفاهيم الجديدة والاتجاهات المرغوبة في ميادين العمل والدراسة والترويح عن النفس كونه يمنح الشخص المتعة والإشباع والنشاط البدني، والتنفيس عن المشاعر العدائية والحصول على خبرات ومعلومات جديدة والاستعانة بالعديد من الحالات التي تمت معالجتها
.