عيون العرب - ملتقى العالم العربي - عرض مشاركة واحدة - هل الموتى يسمعون ؟ _ بحث علمي _
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-02-2008, 05:57 PM
 
هل الموتى يسمعون ؟ _ بحث علمي _

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

فهذا بحث مختصر في مسألة سماع الأموات التي اختلف فيها العلماء مع ذكر أدلة الفريقين والترجيح بينها

الدليل الأول على عدم سماع الأموات
قوله تعالى (( وما أنت بمسمع من في القبور )) (فاطر :22)

قال الطبري في تفسير الآية (10/407) ط دار الكتب العلمية (( كما لا يقدر أن يسمع من في القبور كتاب الله، فيهديهم به إلى سبيل الرشاد، فكذلك لا يقدر أن ينفع بمواعظ الله، وبيان حججه، من كان ميت القلب من أحياء عباده، عن معرفة الله، وفهم كتابه وتنزيله، وواضح حججه، كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة {إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور} كذلك الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما يسمع ))
قلت فابن جرير يرى أن الميت لا يستطيع أن يسمع القرآن مطلقاً وبناءً عليه لا ينتفع به بل ويروي عن قتادة أن الآية على ظاهرها في عدم سماع الأموات ووجه تشبيه الكافر بالميت في عدم الإستفادة من الخطاب
وقال ابن أبي زمنين المالكي في تفسيره (4/29) ط الفاروق (( أي وما أنت بسمع الكفار سمع قبول كما أن الذين في القبور لا يسمعون ))
وقال القرطبي في تفسيره ( 14/328) (( أي كما لا تسمع من مات كذلك لا تسمع من مات قلبه ))
وقال العز بن عبدالسلام في تفسيره (3/26) (( كما لا تسمع الموتى كذلك لا تسمع الكافر ))
وقال الشوكاني في تفسيره المسمى فتح القدير (4/486) ط سيد إبراهيم (( كما لا تسمع من مات كذلك لا تسمع من مات قلبه ))
وقال محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره المسمى التحرير والتنوير (22/295) (( فكأنهم الأموات في القبور وأنت لا تستطيع أن تسمع الأموات ))
والقول أن الآية فيها تشبيه للكافر بالميت من حيث عدم الإنتفاع بالخطاب قول صحيح ولكنه لا ينفي دلالة الآية على عدم سماع الأموات بدليل قوله تعالى (( وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ
* وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ )) (فاطر : 19_20_21_22)
فكما لا يخفى أن الكفار يبصرون ولكنهم لما كانوا لا ينتفعون بالآيات التي يرونها كانوا كالعميان الذين لا يرون ولا يتفكرون بالآيات المرأية فالتشبيه بوجه من الوجوه فقط ومع ذلك هذا لا ينفي عدم رؤية العميان وكذلك الكفاركالموتى الذين لا يسمعون لأنهم لا ينتفعون بما يسمعون ومثله قوله تعالى ((وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ )) (يونس :42)
فأثبت لهم سمعاً ثم شبههم بالصم الذين لا يسمعون مطلقاً فتأمل
فتشبيههم بالصم من وجه من الوجوه لا ينفي عدم سماع الصم

الدليل الثاني على عدم سماع الأموات
ومن أدلة عدم سماع الأموات قوله تعالى (( فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين )) (الروم :52)
ووجه الدلالة أن رب العالمين شبه المشركين بالموتى والصم الذين لا يسمعون لعدم انتفعاهم بما يسمعونه من التنزيل فكما أن الأصم لا يسمع فكذلك الميت لا يسمع
والقول الذي اختاره السقاف من أن قوله تعالى (( إذا ولوا مدبرين )) عائد على الموتى والصم معاً قول ساقط لأن الميت لا يتحرك فكيف يولي مدبراً وفائدة تقييد الإدبار بالأصم أن الأصم إذا كان مقبلاً قد يقرأ الشفتين فينتفع بالخطاب وأما إذا أدبر فلا مجال للإنتفاع
وقد تشبث السقاف بحديث (( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت )) _ انظر الإغاثة ص 7_
قلت ومعنى الحديث مختلف عن معنى الآية فالمقصود هنا حياة القلب وموته ثم إنه لا ذكر للسماع في الحديث على خلاف الآية

قال ابن جرير الآخر في تفسير سورة الروم (10/197) (( يقول تعالى ذكره: {فإنك} يا محمد {لا تسمع الموتى} يقول: لا تجعل لهم أسماعا يفهمون بها عنك ما تقول لهم، وإنما هذا مثل معناه: فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم الله على أسماعهم، فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله، كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين قد سلبهم الله أسماعهم، بأن تجعل لهم أسماعا ))
وقال القاسمي في تفسيره محاسن التأويل (5/409) (( وقال الزمخشري : شبهوا بالموتى وهم أحياء صحاح الحواس ، لأنهم إذا سمعوا ما يتلى عليهم من آيات فكانوا أقماع القول ، لا تعيه آذانهم وكان سماعهم كلا سماع، كانت حالهم لانتفاء الجدوى السماع كحال لالموتى الذين فقدوا السماع ))
قلت وقد أقر القاسمي الزمخشري على ما قرره
وقال صديق حسن خان في تفسيره المسمى فتح البيان (10/69) (( شبه الكفار بالموتى الذين لا حس لهم ولا عقل ))
وقال أبو حيان الأندلسي في تفسيره المسمى البحر المحيط (7/124) (( ولما كان الميت لا يمكن أن يسمع لم يذكر له متعلق ))
وفي المشاركة القادمة سأذكر بقية أدلة القائلين بعدم سماع الأموات
رد مع اقتباس