بسم الله الرحمن الرحيم
تَدَهْوُر العقول!
ناديا هاشم العالول- تدهور الحافلات والمركبات بأنواعها وظاهرة دهس المشاة المتزايدة لا تقتصر أسبابها على حالة المركبة أو الطرق وإنما تعود إلى السرعة الزائدة الناجمة عن غياب الوعي المؤدي إلى تهوّر نفسي وعملي وسلوكي..
والتدهور لا يرتبط بالمركبات فحسب بل هنالك تدهور من نوع آخر أكثر خطورة.. إنه التدهور الذي يصيب العقول.. فإن تدهورت العقول يتعطل التفكير وتتخدر الحواس ويتعطل الشعور فلا يميز الوعي بين الصواب والخطأ، وكيف والسائق يطلق العنان لسرعته غير آبهٍ بعواقبها التي تنعكس نتائجها سلباً عليه وعلى الراكبين معه والموجودين في دائرة سرعته من مشاة ومركبات!
فمن سائق سيارة ينال عائلة بأكملها في منطقة خلدا وهي تقطع الشارع.. الأم قضت نحبها والخالة خرجت من المستشفى وابنة الخالة جروحها شديدة وأما الحفيدة البريئة فقد بقيت سليمة معافاة جسدياً بعد أن كُتِبَ عليها مشاهدة حادث رهيب قد يترك آثاراً نفسية سلبية عليها..
والغريب أننا لم نسمع عن تفاصيل الحادث.. ولم نشاهد مسيرات تطوف الشوارع.. ولا اعتراضات.. ترى هل تخدّر الإعلام والعالَم من حولنا لكثرة تكرار الحوادث؟
ناهيك عن باص يتدهور في منطقة إربد عندما تفاجأ سائقه بإشارة ضوئية حمراء فيحاول تخفيف سرعته الفائقة فيميل الباص ويضرب بجزيرة وينقلب على جنبه مخلفاً قرابة الخمسين جريحاً!
وحادث آخر على طريق الزرقاء يروح ضحيته اثنان من المواطنين ويُجرح من جرائه العديدون.. والحبل على الجرّار! ويقولون: باص يتدهور، ونحن نقول:عقول تتدهور!
فهذه الحوادث قد وقعت في أيام الجفاف قبل انهمار المطر.. وها هي خصوصية الشتاء ببردها ومطرها قد بدأت تشق طريقها إلينا ونحن ننتظرها بمزيج من فرح يشوبه الخوف من النفوس المتهورة والعقول المتدهورة.. كيف.. وماذا ستبدع في الظروف الطارئة؟
يصرّ البعض على التوعية عبر الإعلام المسموع والمقروء والمرئي والمحاضرات، فلعلّ وعسى.. ولكننا ننبه بأنه لا فائدة من هذا كله إن لم يدرِك العقل ويعقل!