]بسم الله الرحمن الرحيم
احضنوهم .. وحاوروهم قبل النوم
ريم الرواشدة - اطرقت سارحة في نجوم ليلة تشرينية لمحتها من نافذة غرفة نوم صغارها،بعد ان انتهت من مساعدتهم على ارتداء ملابس النوم،و مساعدتهم أيضا إلى الذهاب إلى الفراش محدثة نفسها :كان يوما طويلا،مليئا بالعمل داخل المنزل و خارجه...لم اجلس معهم منذ فترة طويلة ولم نلعب سويا خارج الشقة منذ اسابيع .
و استعرضت في برهة امتدت للحظات،ان تصرفاتهم باتت عدوانية ،فهم قليلو الكلام ،كثيرو التعارك،اما تناولهم للطعام فلا مفر منه امام جهاز التلفاز.والذي بات يشغل معظم وقتهم لكنها تذكرت انهم لا يتطرقون الى الدراسة كما يجلسون امام جهاز الكمبيوتر مستغلين فترة رجوعهم من المدرسة و حتى انتهائها من إعداد الطعام بعد عودتها من العمل و الذي يستمر حتى الرابعة ليبدأوا دراستهم بعد المغرب.
ما تفكر فيه هذه السيدة الثلاثينية يشكل معضلة لاسر عديدة هذه الايام،في ظل عمل الوالدين و حتى في حالات أخرى عدم عمل الأم، نرى أن الأبناء باتوا يقضون اوقاتا طويلة امام اجهزة التلفاز والألعاب الالكترونية، لإشغال وقت فراغهم كل هذه الساعات الطويلة ايضا و بحسب تربويين و علماء نفس و اجتماع باتت المغذي الأول و الملقن لتربية الابناء.
ويشيرون الى ان انتشار هذه الاجهزة وبقاء الاطفال لساعات يشاهدون برامج الاطفال او حتى المسلسلات باتت المرسل الاول في حياتهم بعد ان كانت العائلة و المدرسة تحتل هذه المرتبة.
ويقر خبير علم الاجتماع د.سري ناصربان تربية الابناء باتت تميل كثيرا لجهة التربية الاعلامية لا الاسرية،فبعد ان كانت التربية في الماضي تتم وجها لوجه على عاتق الاسرةالاب و الامو الجدة في الاسر الممتدة،فاصبحت الان عبر اجهزة الاعلام و الالكترونيات و الخادمات و الحضانات ايضا.
و يضيفلم يعد امر التربية يتعلق بجهة واحدة بل اصبح مسؤولية تطوعت لها برامج الاطفال و المسلسلات و العاب الكمبيوتر و البلاي ستيشن و غيرها. و يحدد المشكلة في ان التغيير التقني الهائل،و سرعة تطور الحياة،اجبر الاطفال لان يكونوا هدفا لمصادر اخرى غير الاسرة.
و ينصح د.ناصر بإعطاء الوالدين وقتا اكثر لابنائهم،و الحديث معهم و لو في اضيق الاوقات على مائدة الطعام،وويفضل ان يغلقوا أجهزة التلفاز والكمبيوتر لوقت زمني محدد .
و يقول:الجلوس مع الأبناء أمر في غاية الاهمية لمعرفة طريقة تفكيرهم و تقويم سلوكهم،و الخروج معهم لممارسة الالعاب الرياضية او حتى الجلوس في الحدائق يعطي فرصة لكلا الطرفيين، للتخلص من ارهاق العمل للوالدين والطاقة الزائدة عند الاطفال و يمنح الطرف الاخير راحة و أمان و طمأنينة هم بحاجة اليها.
و يزيد فان لم يتمكنوا من الخروج، على الوالدين ان يشاركوا ابناءهم مشاهدة ما يتلقونه من برامج تلفزيونية او يمارسونه من العاب الكترونية.
و يحذر من ترك الابناء عرضة للاعلام غير المسؤول ،لما له من انعكاسات خطيرة تؤثر على شخصياتهم و سلوكهم والغالب ان يكون مقترنا بالعدوانية والعصبية.
ولا تختلف المرشدة الاجتماعية وعضوة جمعية العفاف عائشة جمعة، في تخوفها من تاثير وسائل الاعلام على تربية الابناء مع د.ناصر وتقول:يجب ان يوازن الوالدان بين معطيات الحضارة و تربية الابناء،وعلى الوالدين تقع مسؤولية تكوين شخصية ابنائهم لكن ذلك لا يمنع ان يتعرف الأبناء على المتغيرات الحضارية.
و تتفق عائشة مع ما طرحه د.سري ،بان يتم تحديد ساعات لمشاهدة التلفاز واللعب على الأجهزة الالكترونية،لأنه لا غنى عن الالعاب الحركية للابناء في تفريغ طاقاتهم و حتى اذا ما كان الوالدان منغمسين في العمل،كما تنصح بان لا يتم حرمان الاطفال من مشاهدة التلفاز او لعب الالعاب الالكترونية حرمانا باتا .
و وتشدد على اهمية ان يتم مناقشة الابناء فيما يشاهدونه أو يلعبونه،و عدم اخذ الأمور بأنها مسلمات،وإذا ما جلسنا معهم فلنفسر لهم كثيرا من المشاهد لان ذلك ينمي لديهم روح الحوار و المناقشة واحترام الرأي و الرأي الأخر و يخلق نوعا من التواصل بات مفقودا في كثير من العائلات.
و تقترح ان تجلس العائلة و قبل موعد النوم للحديث والتواصل فيما قاموا به ذلك اليوم من اعمال منتقدين وراصدين لهذه الاعمال ان كانت جانبت الصواب ام لا و ليبدأ الوالدان بانفسهم ليحتذي بهم الابناء. window.google_render_ad();