عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11-22-2008, 12:18 PM
 
رد: مكونات الشخصية...؟؟

1. مفهوم الشخصية:
تعتبر الشخصية بمثابة أطراً عامة شاملة لكل خصائص الشخص في صورة دينامية . وتشتمل علي كل صفات الفرد وتجعله فريداً مميزاً عن الآخرين مع الاعتراف بوجود قدر من التشابه بين الخصائص العامة للشخصية بين الأفراد ولكن الشخصية تشبه البصمة فهناك أوجه تميز الفرد عن غيره. فهي تعتبر جملة الخصائص الجسدية والعقلية والمعرفية والمزاجية والوجدانية والخلقية والبدنية والحركية والفسيولوجية أي الجانب البنائي والنفسي أي الأجهزة العضوية والنفسية في صورة تكاملية دينامية .وخصائص الشخصية تكمل بعضها البعض وليست وحدات منفصلة. وبعض خصائص الشخصية يمكن التعرف عليها من خلال علاقة الفرد مع الآخرين أو من خلال مواقف معدة بطريقة علمية. والتالف والتناسق بين خصائص الفرد يعطي الشخصية مظهر عام سلوكي مميز ناتج عن الوحدة الاندماجية بين ما هو وراثي استعدادي وما هو مكتسب وبيئي وما هو كامن وباعث ومحرك لما هو ظاهر ويمكن قياسه للفرد لا يستطيع التعبير أو إظهار مسلك محدد إلا من خلال المنظمة العامة أو الإطار العام لمحددات الشخصية أي عند الإتيان بأي فعل أو تفكير في موضوع ما يتم من خلال الإطار العام لضوابط الشخصية سواء كانت هذه الضوابط الذاتية بعضها داخلي أم خارجي فهي تنبثق عن شخصية محددة.
وهناك بعض الخصائص التي تظهر في صورة واضحة لدي الفرد مما يجعلنا نصفه بها. وتخفي ورائها كثير من الصفات مثل سرعة التذكر ، الانبساط في الشخصية ، الذكاء ، وكذلك غالبية الصفات الاجتماعية ، وقدم ألبورت تعريف مبسط وشامل للشخصية جمع وألف بين الدينامية والوظيفية في تعريفه للشخصية فهو ينظر إلي الشخصية كانتظام دينامي عند الفرد لجميع الأجهزة النفسية والفسيولوجية الذي يحدد توافقاته الأصلية مع بيئته.
وهنا يلح علي الدينامية وليس علي الثابت في شكل نهائي بل التغير الدائم والمحاولة الدائمة لإقامة التوازن النسبي بين جوانب الشخصية كما جمع بين جميع جوانب الشخصية كما جمع بين الجانب الجسدي والفسيولوجي والنفسي كل بمحتوياته وعملياته التي لا يمكن الفصل بينها ولا يغفل البيئة من حيث علاقاتها بالفرد كموقف يعيشه الفرد. ويجدد سلوك الفرد خبرته وحاجاته وطموحاته ونظرته المستقبلية بالإضافة إلي المحددات التي تفرضها البيئة.
ويؤكد علي الغاية من السلوك أو الشخصية بصفة عامة هي لإقامة الاتزان بين متطلبات البيئة وحاجات الفرد ، وتشير أيضاً إلي الوظيفية للسلوك وما ينطوي عليه من دلالة وغاية. وإقامة هذا التوازن ليس له بداية ونهاية بل هو موقف سواء جزء خاص بالفرد أو البيئة كوحدة متناسقة في علاقة بموقف محدد.
2. العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية
مقدمة :
تتأثر الشخصية بمؤثرات داخلية وخارجية أي أن بعضها مصدره داخلي من الفرد ذاته وبعضها خارجي من العوامل والمتغيرات المحيطة بالفرد ومن تفاعله معها وتأثره بها. ويلاحظ أنه لا يمكن فصل تأثير أي منها عن الآخر فالعلاقة تبادلية التأثير وتكاملية النتائج التي تظهر في السلوك والأداء والمظهر المورفولوجي أو الفسيولوجي وبعضها كامن لا يمكن ملاحظته. ويستدل عليه من نتائجه وآثاره والبعض الآخر يمكن قياسه وملاحظته وتسجيله بصورة مباشرة . ويعتبر أهم عاملين أساسين هما الوراثة والبيئة بالمعني العام الواسع. سوف نتناول بالشرح والتوضيح أثر كل عامل منها علي حدة مع الأمثلة وفيما يلي رسم تخطيطي لتلك المؤثرات.
أولا : العوامل الوراثية والعضوية
‌أ- العوامل الوراثية:
يقصد بالوراثة انتقال الصفات والخصائص الإنسانية من جيل لأخر عبر الجينات الحاملة للصفة الوراثية. وهناك الكثير من الخصائص التي ثبت انتقالها بواسطة الجينات تؤثر العوامل الوراثية تأثيراً قوياً في الخصائص الجسدية والعضوية. ولقد ثبت أخيراً مسئولية بعض الجينات علي الاضطرابات والأمراض النفسية. وللوراثة دور هام في المحافظة علي النوع وأيضا المحافظة علي الاعتدال في الخصائص أي تظل الخصائص في حالة متوسطة مثل الطول أو اللون أو غيرها بين الخصائص الجسدية.
وتحافظ علي الصفات العامة داخل النوع الواحد. ويبدأ عمل الوراثة منذ اللحظة الأولي لعملية الإخصاب في رحم الأم ويوجد بالخلية الجنسية سواء في الحيوان أو البويضة (23) من الكروموسومات بها عدد من ناقلات الخصائص يطلق عليها الجينات وعند التلقيح يحمل الزيجوت (46) كروموسوم . ويوجد بجسم الإنسان نوعين من الخلايا وهي الخلايا الجسمية التي تكون جميع أعضاء الجسم وتشتمل الأعصاب والعظام والعضلات وغيرها. والخلايا الجرثومية (الجنسية) وهي البويضات من الأنثى أو الحيوان المنوي من الذكر. وينقسم كل كروموسوم طوليا إلي شطرين ويتضاعف عدد الكروموسومات لتصبح (46) كروموسوم وبالانقسام الاختزالي أو غير المباشر يذهب كل كروموسوم إلي الطرف المقابل من الخلية وبذلك عندما تنقسم الخلية نفسها تكون كل خلية جديدة محتوية علي (46) كروموسوماً كما كانت في الخلية الأصلية وبتكرار عملية الانقسام يتكون آلاف الخلايا وبعد ذلك تأخذ الخلايا في التخصص بوجود الطبقات الجينية الثلاث المعروفة (الاندودرم والميزودرم والاكتودرم) وكل طبقة مسئولة عن تكوين مجموعة من الأجهزة المتخصصة.
يتركب الجين من مادة كيمائية اختصارها (d n a) والتي تحمل الشفرة الوراثية ، والكروموسوم هو الهيكل الذي يحمل هذه الجينات ، ويتكون جزئ (d n a) من سلسلتين تلتفان حول بعضها علي شكل لولبي مزدوج معها أزواج من المركبات تصل بين السلسلتين بالعرض مثل القاعدة والسلسلتين يمثلان السكر والفوسفات.
ويوجد زوج من الكروموسومات ال (23) يسمي الكرموسوم الجيني المسئول عن تحديد نوع الجنس ففي حالة الفرد الذكر (x y) وفي حالة الأنثى (x x) وعند الانقسام إذا اتحد x مع x يعطي التركيب الكرموسومي الأنثوي وإذا اتحد x مع y يعطي التركيب الذكري وبذلك يكون المسئول عن تحديد نوع الجنس هو الكرموسوم الذكري من الأب.
‌ب- الغدد الصماء (اللاقنوية):
1. الغدة الصنوبرية:
توجد أعلي المخ ولها دور في ضبط النمو الجنسي حيث تضمر قبل البلوغ حيث تعمل هرموناتها علي وقف نشاط الغدد التناسلية عن القيام بنشاطه
وإفرازاتها في سن مبكر وقبل سن البلوغ والنقص في إفرازات هذه الغدد يعمل علي ظهور مظاهر النمو الجنسي الثانوي عند الطفل.

2. الغدة الدرقية:
توجد أسفل الرقبة أمام القصبة الهوائية وتفرز هرمون الثيروكسين الذي يؤثر في النمو الجسمي والعقلي للفرد . والنقص في إفراز هذا الهرمون قبل البلوغ يسبب نقص الطول وتأخر في المشي والكلام والضعف العقلي. ونقصه يؤدي إلي انخفاض معدل ضربات القلب وسقوط الشعر وانخفاض النشاط العام للفرد إذا حدث بعد البلوغ.
وزيادة إفراز هذا الهرمون قبل البلوغ يزيد من النمو الطبيعي. أما الزيادة بعد البلوغ فتؤدي إلي سرعة الانفعال والتوتر وزيادة معدل ضربات القلب. وزيادة إفراز العرق والشعور بالضيق.
3. جارات الغدة الدرقية:
توجد حول الغدة الدرقية اثنتان علي كل جانب وتعمل علي تنظيم نسبة الكالسيوم والفوسفور في الدورة الدموية وزيادة الإفراز يؤدي إلي الجويتر وهشاشة العظام وتشوها. ونقص الإفراز يؤدي إلي التشنجات وأعراض التيتانوس.
4. الغدة التيموسية:
توجد في الصدر وتتكون من فصين وتشبه الغدة الصنوبرية من حيث دورها في وقف النشاط الجنسي حتى البلوغ في مرحلة الطفولة أي أنها تضمر قبل البلوغ تدريجياً ونقص إفرازها يسبب البكور الجنسي والضعف العقلي.
5. الغدة الكظرية:
تقع فوق الكلية أي أنها غدتان. وتبعا لنوعين الهرمونات التي تفرزها ،فهناك هرمونات تفرز من القشرة تساعد علي مقاومة العدوى والنشاط الطبيعي ومعدل النمو العقلي الجسدي الطبيعي وبنقصها يحدث العكس. وبزيادة النقص أكثر يؤدي إلي الأنيميا وضعف القوي التناسلية والعقلية والزيادة في إفراز هرمونات القشرة يؤدي إلي زيادة معدل النمو الجنسي بإفراز الاندروجين وتأخر معدل النمو العقلي كما يسبب زيادتها سرعة نمو العظام والأسنان ويؤثر علي حساسية الفرد وتوتره.
وهرمون اللب يطلق عليه الأدرينالين بما له من تأثير علي الجهاز العصبي الأوتونومي وله أثر في التعرض للأزمات الجسدية والنفسية سواء بالزيادة أو النقصان. كما ينظم ضربات القلب وحركات الرئتين وانطلاق طاقة ونشاط الفرد.
6. الغدة التناسلية :
يتحدد نوع الجنس تبعا للجين الوراثي (y) كما سبق توضيحه والمسئول عنه الذكر ومتى تحدد الجنس يتكون لكل جنس غدد جنسية خاصة به ، ففي الذكر توجد الخصيتين تقومان بإفراز الحيوانات المنوية والهرمونات الذكرية المسئولة عن تنشيط وظهور الصفات الذكرية الثانوية مثل خشونة الصوت وظهور الشارب واللحية وغيرها، وعند الأنثى يوجد المبيضان يفرزان الهرمونات التي تظهر الصفات الجنسية الثانوية المميزة للأنثى مع إفراز البويضات.
7. الغدة النخامية:
تعتبر الغدة النخامية هي المنظمة لعمل كل الغدد السابقة والجهاز العصبي ، تقع أسفل المخ وتتكون من فصين :-
§ الفص الأمامي: يتحكم في النمو ومعدله إذا زاد الإفراز أدي ذلك إلي العملقة أي الزيادة في الطول عن المعدل المعروف ، وإذا نقص الإفراز أدي إلي قصر القامة (القزامة).
§ الفص الثاني : ويعمل علي تنظيم ضغط الدم وتنظيم الماء بالجسم.
‌ج- الجنس:
يختلف معدل النمو ومظاهره في مرحلة الطفولة بناءاً علي نوع الجنس، فعند الميلاد يكون الأولاد أكثر وزناً وحجماًُ من البنات وعند مرحلة البلوغ يزداد معدل النمو عند البنات أسرع بفارق قد يصل في بعض الحالات إلي عامين. ثم يتفوق البنين علي البنات في النمو الجسمي في مرحلة المراهقة وتتفوق البنات في النمو اللفظي والاستقرار الانفعالي عنه لدي البنين كما يتفوق البنين في النشاط الحركي والقدرات الرياضية.
‌د- الجهاز العصبي المركزي والطرفي والذاتي:
يمثل الجهاز العصبي بكل مكوناته الأساس الفسيولوجي للنشاط النفسي بكل صوره أيضا. ويعتبر سلامة الجهاز العصبي شرط لحدوث عملية النمو والتعلم والنشاط النفسي هو وظيفة للجهاز العصبي. ويقوم الجهاز العصبي بضبط والتحكم في وظائف أجهزة الجسم وآلية عملها. وأيضا يحقق التفاعل الديناميكي المستمر بين الكائن والبيئة علي الرغم من أن جزء منه يعمل بطريقة لا إرادية وينظم وظائف الأجهزة الداخلية مثل الجهاز الهضمي والدوري والتنفسي وغيرها. ويصل إلي الجهاز العصبي الإحساسات الصادرة من جميع أجزاء الجسم والحواس ليتم تمييز المثيرات وتحليلها داخل الدماغ أو الجهاز العصبي المركزي في مراكز متخصصة ثم إصدار الاستجابات المناسبة للموقف مما يشمل تناسق الاستجابة بين مختلف الوظائف في آن واحد.

ثانيا: العوامل البيئية
يوجد العديد من المؤثرات علي الشخصية وتكوينها والتباين بين مظاهر النمو من مرحلة لأخرى وأيضا من مجتمع لأخر. وسبق أن وضحنا أنه لا يمكن الفصل بين ما هو بيئي عما هو وراثي، ولكن هنا نظهر تأثير العوامل البيئية دون إغفال لتأثير ما هو وراثي الموجود مسبقاً. ولكن يمكن التعديل والتغيير في هذه العوامل فهي مؤثرات يمكن التحكم فيها ومنها مرحلتين. المرحلة الأولي داخل رحم الأم يطلق عليها ما قبل الميلاد ، والمرحلة الثانية ما بعد الميلاد وسوف نتناول كل منهما علي انفراد.
‌أ- مرحلة ما قبل الميلاد:
وتتركز العوامل المؤثرة علي الجنين في رحم الأم علي متغيرات خاصة بالأم وظروفها الصحية وتغذيتها واتجاهها نحو الحمل وتعرضها للأشعة وتناولها للأدوية أو المهدئات أو المنومات وتعرضها للحوادث وغير ذلك من المؤثرات. وسوف نتناول كل منها علي حدة:
(1) تغذية الأم:
فلابد من التوازن الغذائي للأم من حيث العناصر الغذائية الضرورية المطلوبة. ويظهر سوء تغذية الأم في المظهرين التالين:
§ الإفراط الغذائي: في كمية الطعام عموماً أو في عنصر غذائي أو أكثر مما يعرضها للسمنة أو غيرها.
§ النقص الغذائي: (القصور) في عنصر واحد أو أكثر ويترتب هذا علي السبب السابق.
(2) الحالة الصحية للأم:
ولوحظ أنه كلما كانت الحالة الصحية للأم طبيعية كلما كان تكوين الأجنة أصح جسداً من أجنة الأمهات المريضات حيث يتم انتقال العديد من الأمراض عبر الجينات الخاصة بالأم. وهذه المرحلة بالذات (الجينية) من الصعب فصل تأثير ما هو بيئي عما هو وراثي حيث هي المرحلة التكوينية الأولي لانقسام الخلايا الحاملة للعوامل الوراثية ،ولقد أثبتت الدراسات أن الأطفال لأبوين في سن (30-35) يكونون أصح بدنا والحمل للأمهات بعد سن الأربعين يؤدي إلي احتمالية زيادة إنجاب أطفال مشوهين عقلياً حيث وجد أن الأطفال المنغوليين وهي حالة من حالات التخلف العقلي ولهم خصائص مميزة ونسبة منهم ترجع إلي أن الأمهات المنجبات عمرهن الزمني في متوسط عمر زمني (40-45) سنة وعلي الرغم من ذلك فالعمر الزمني ليس هو المحدد فقط. فقد وجد أن التكوين الجيني لهم شاذ عن الأطفال العاديين.
وإذا أصيبت الأم ببعض الأمراض مثل الحصبة الألمانية قد تسبب التخلف العقلي للطفل. وكذلك حالات النزيف الرحمي إن الاضطراب الفسيولوجي أثناء الحمل. وتعرض الأم للصدمات النفسية والحوادث يؤثر علي الجنين في الرحم فيزيد إفراز الأدرينالين الذي ينتقل إلي الجنين فيؤثر في استجاباته الفسيولوجية وكفاءة جهازه العصبي . أي أن الظروف الانفعالية والنفسية والجسدية تؤثر في نمو الأجنة.
(3) تعرض الأم للأشعة :
تتعرض الأم الحامل للأشعة أحيانا بقصد العلاج مثل أشعة اكس وخصوصاً إذا كانت جرعة هذه الأشعة من حيث تعرض الرحم لها كبيرة فتؤذي تكوين الجنين. وأحيانا أخري تتعرض الأم للأشعة من أي نوع بدون وعي منها مثل العاملين في المستشفيات . وعلي الأمهات البعد بكل طريقة عن التعرض بأي وسيلة لأي نوع من الإشعاع لأن الأبحاث في هذا الجانب ما زالت غير كافية من حيث معرفة أثارها المدمرة علي الأجنة وذلك لصعوبة التجريب وتجريمه.
(4) تناول الأم للعقاقير:
ينصح دائما بتجنب تناول الأمهات للكثير من العقاقير والأدوية خلال الشهور الثلاثة الأولي للحمل علي الأقل. وذلك كما لها من تأثير علي تكوين الأجنة وإصابتها ببعض الأمراض والتشوهات. وهناك أيضا بعض المنومات أو المنبهات يجب عدم تناولها أثناء الحمل لأثرها علي الجهاز العصبي للجنين. وكذلك التدخين والإدمان أو شرب الخمر فلها أيضا تأثير مدمر علي الأجنة .
(5) الحالة الانفعالية للأم:
تؤثر انفعالات الأم سواء السارة أو غير السارة علي الجنين نظراً لما يصاحبها من استجابات فسيولوجية، يتحدد ذلك من درجة ومستوي الانفعال الذي تتعرض له الأم ففي الحوادث والانفعالات المفاجئة قد يصل إلي حدوث الإجهاض. كما أن الاضطرابات النفسية التي تعاني منها الأم مثل الاكتئاب أو القلق وغيرها وخصوصا إذا تناولت مضادات لهذه الحالات يكون له تأثير علي الجهاز العصبي للجنين.
§ واتجاه الأم نحو الحمل بالقبول أو الرفض له علاقة بالحالة الصحية للأم ففي
حالات كثيرة من حالات عدم رغبة الأم في الحمل أو الاتجاه السلبي نحوه يكثر القيء وانخفاض عام في صحة الأم مما يؤثر علي الجنين وربما يؤدي إلي الإجهاض.

(6) إصابات الولادة:
إن عملية الانفصال عن الأم والتعرض فجأة إلي بيئة مخالفة لبيئة الرحم ربما يقابل بمشاكل لدي الطفل. وأيضا ميكانيكية عملية الانفصال ، وتنقسم إصابات الولادة إلي قسمين:
§ إصابات خاصة بعملية التوليد مثل الضغط الشديد (بالشفاط) علي رأس الجنين يسبب تمزق للأوعية الدموية . أو الشد بقسوة للجنين يؤدي إلي بعض الإصابات مثل الخلع لأحد الذراعين مثلا.
§ اضطرابات خاصة بالتنفس وخصوصا لدي الأطفال المبتسرين والمولودين قبل الميعاد وهو 37-40 أسبوعا فلا يستطيعون تنفس الأكسجين الجوي بسهولة ، فيحدث نقص مما يكون له آثار علي كفاءة عمل الجهاز العصبي وقد تصل إلي إحداث تلف في خلايا النخاع الشوكي.
‌ب- مرحلة ما بعد الميلاد:
تشارك العوامل البيئية بدرجة أكثر من عملية الولادة في تشكيل الأطر والمميزات الأساسية لشخصية الطفل وتردد مسار نموه فيما بعد. والمؤثرات البيئية تشمل كل الجوانب الحضارية والاقتصادية والتنشئة الاجتماعية والأسرة وتكوينها وتغذية وصحة الطفل كما تتأثر أيضا بالظروف المناخية والسياسية أيضا. ومن هذه العوامل:
(1) التغذية:
يعتبر الغذاء من حيث كميته دعامة أولي في تربية الطفل، فلا بد من توافر واتزان العناصر الغذائية اللازمة لنمو الطفل. كما أن الغذاء مكون للعلاقة بين الأم والطفل. وهذه العلاقة النفسية الاجتماعية يترتب عليها النمو النفسي في مراحل لاحقة. كما يتأثر نوع الغذاء وكميته وطريقة تغذية الطفل بالثقافة والوعي الصحي للأم والأسرة. ويؤدي الغذاء إلي تزويد الجسم بالطاقة اللازمة للقيام بالأنشطة الخاصة والأنشطة الداخلية بالجسم. كما يقوم بعملية تجديد الخلايا التالفة وتكوين خلايا جديدة. ويزيد من المناعة الطبيعية وتزداد الأمراض بالجسم. ويساعد الفرد من تحقيق إمكانيات نموه وتحقيق ذاته. ولابد من التوازن في كمية الغذاء ونوعه حتى لا يترتب علي نقصه الإصابة بالضعف وانخفاض معدلات النمو العام أو زيادته والإصابة بالبدانة (السمنة) وما يترتب عليها من فقدان النشاط والحيوية والعرضة للإصابة بالسكر وضغط الدم .
ولابد من توافر المواد الغذائية اللازمة المعروفة بالمجموعات الغذائية : وهي المواد السكرية والنشوية والدهنية والمواد البروتينية والأملاح والمعادن والفيتامينات والماء.
(2) الترتيب الميلادي للطفل:
يتأثر معدل نمو الطفل بترتيبه بين أخوته ميلادياً. فالطفل الأول يلقي الاهتمام والاستعداد من قبل ولادته من قبل الأسرة والمحيطين به ونظراً لعدم خبرة الأم والأب بتربية الأطفال سابقا ، فالكثير من الأطفال ذوي الترتيب الميلادي الأول يلقي التدليل الزائد ويقل هذا الاهتمام تدريجيا بزيادة عدد الأطفال والملحوظ في أغلبية المجتمعات أن الطفل الأول والأخير يأخذان الاهتمام أكثر من بقية الأطفال ذوي الترتيب الأوسط مع ملاحظة وجود محدد آخر وهو جنس الطفل فإذا كان ذكراً زاد الاهتمام وإذا كانت أنثي حدث العكس وخصوصا في الأطفال الإناث إذا كان الترتيب الميلادي متقدم. رغم الدعوة المستمرة بعد التفريق بين الأبناء علي حساب نوع الجنس أو الشكل أو المستوي التعليمي وخلافه . ويقوم الطفل بالتعلم بنسبة عالية بالتقليد والمحاكاة للآخرين ولذلك يؤثر الأطفال في بعضهم من حيث نطق بعض الكلمات أو اللعب والنشاط. وأيضا ما يقلده من الكبار.
(3) علاقة الطفل بأسرته:
يرتبط الطفل بعلاقة نفسية غذائية بالأم تقوم علي إشباع الحاجات الأساسية للطفل. ثم تتسع هذه العلاقة إلي الآباء والأخوة فتتسع الدائرة الاجتماعية في علاقته بالآخرين من أبناء الجيران وأطفال الروضة والمدرسة وغيرها. وعلاقته بأسرته تنعكس علي علاقته بالآخرين وعلاقة الطفل بأسرته تشمل تواجد الأبوين مع الطفل بصورة مستمرة أم تغيب أحدهما أو الاثنين لفترات طويلة وفي أحيان أخري يترك الطفل لشخص آخر يقوم علي رعايته غير الأب والأم. علاقة الأب والأم واستقرار الحياة الزوجية أيضا لها أثرها علي حياة الطفل ، فكلما استقرت الحياة الزوجية وقل الخلاف بين الأبوين أدي إلي الأمن النفسي للطفل لما يحتاجه من دعامة نفسية. وأيضا رغبة الأسرة أو أحد الأفراد في الطفل أو الاتجاه السلبي نحوه لسبب ما .
أو علاقة الطفل بأخواته ،ويؤثر في ذلك أيضا الحالة الصحية للطفل والتعليم ومدي ارتباط واهتمام الوالدين به.
(4) الحالة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية للأسرة:
ويتضح من العنوان السابق الترابط بين المتغيرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في تأثيرها علي الطفل. فالعامل الاقتصادي مؤثر من حيث توفير احتياجات الطفل الأساسية ثم توفير الجانب الثقافي والتعليمي والترفيهي للطفل فكلما ارتفع المستوي الاقتصادي سواء علي مستوي الأسرة أو الدولة كلما زاد الاهتمام بتوفير وإثراء بيئة الطفل بمعينات النمو في جميع مظاهره. وينمو الطفل اجتماعيا ولغويا من خلال تواصله مع الآخرين في اللعب ومن خلال النشاط وحب الاستطلاع. وتؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية في اكتساب الطفل المعايير والقيم والاتجاهات السائدة بكل مجتمع. كما تعطي لكل جنس الأدوار الاجتماعية التي يهيأ لها مستقبلا حسب نوع الجنس. كما أنه كلما زاد المستوي الاجتماعي والثقافي للأسرة زاد معه الوعي الصحي والتربوي في رعاية الأطفال . وعلي الجانب الأخر من دور الأسر يوجد دور الجمعيات والهيئات الحكومية والأهلية التي تقوم الدولة بإنشائها وتحويلها لتقديم العون للأطفال والحالات الخاصة مثل رعاية المعوقين ودر الرعاية الاجتماعية للقطاء ورعاية الموهوبين وغيرهم.
(5) الصحة العامة للطفل:
سبق أن أوضحنا أن العلاقة بين مظاهر النمو وتأثيرها علي الشخصية موجب بمعني أن أي إعاقة أو انخفاض في معدل النمو لأي مظهر سوف يؤثر علي بقية المظاهر بمعني أن الطفل إذا أصيب بأي اضطراب أو مرض نفسي أو عضوي أدي ذلك إلي التأثير علي بقية المظاهر الأخرى. وخصوصا أن مرحلة الطفولة وطفل التعليم الأساسي أكثر عرضة للعدوى بالأمراض المعدية وتزداد استعدادات الطفل للعدوى كلما انخفض المستوي الصحي له ، وتنشر منظمة الصحة العالمية المعايير النمائية والصحية الخاصة بالأطفال تبعا للتوزيع الجغرافي وللعمر الزمني للطفل في جداول بمؤشرات توضح بصورة رقمية المعايير النمائية. ووجد في دراسات حديثة أن الأطفال الموهوبين أطول قامة وأكثر نشاطا اجتماعيا وثقافيا وفنيا ، كما يتميزوا بالعديد من الهوايات والابتكار.
(6) الظروف الجغرافية:
تختلف معايير النمو من دولة لأخرى تبعا للظروف الجغرافية التي تحدد نوع النشاط البشري الغالب علي السكان وأيضا نوع الثقافة التي تؤثر في مسار حياتهم ففي البلاد الحارة والباردة معدلات نمو الأطفال أقل من البلاد متوسطة الحرارة ووجد من الدراسات عبر الحضارية المقارنة أن الأطفال وحالتهم المزاجية والوجدانية والعقلية تتغير بتغير درجات الحرارة.
كما أن الظروف السياسية التي تتعرض لها الدول من حيث الحرب والسلام تؤثر في تلبية احتياجات الأطفال الأساسية الجسدية والنفسية .
(7) تعليم وتربية الطفل:
تبدأ عملية التنشئة والتعليم منذ ولادته وتتولي هذه العملية مؤسسات شتي أولها الأسر وأعضائها. والمقصود بالتربية سواء المباشرة المقصودة وغير المباشرة هو تنمية شخصية الطفل في شتي جوانبها بطريقة سوية ومتكاملة.
ويعتبر التعليم الابتدائي إلزامي في أغلبية الدول نظراً لأهميته والتعليم ما قبل المدرسة الابتدائي ليس إلزاميا ولكن يقع علي عائق الأسرة بصورة أكبر من أي مرحلة عمرية أخري.
وفي عام 1989 صدر قانون حماية الطفل في مصر نظراً لأهمية هذه المرحلة حيث يعتبر أكثر من نصف سكان مصر تحت (14) سنة مما يستوجب الاهتمام بتعليمهم وتثقيفهم وحمايتهم حيث تنتشر عمالة الأطفال وغيرها من المظاهر السلبية في مجال عمالة الطفولة والتسرب من التعليم هو المصدر الدائم والمتجدد لأطفال الشوارع والأطفال العاملين.
(8) تأثير المتغيرات البيئية المستمرة:
تساعد بعض المتغيرات البيئية المصاحبة لنشأة الطفل في تشكيل العادات السلوكية ،وأيضا الكبت والمحو لبعض السمات ، فالطفل الذي يلاحقه والدين بالحماية والتدليل الزائد لا يصبح اجتماعيا بمعني لا يستطيع اكتساب المهارات الاجتماعية والتواصل مع الآخرين وتدريب الطفل علي المسالك العدوانية بالنماذج التي يراها في البيئة يجعل منه شخص لديه سلوكيات عدوانية .
كما أكدت علي ذلك نظريات التعلم الاجتماعي لباندورا وكذلك سوء معاملة الطفل وإهماله . وما يتعرض له من عقاب بدني يجعله عدوانيا أم سلبيا في حياته المستقبلية.
(9) تأثير خبرات الفرد:
تتأثر سمات الفرد بما مر به من خبرات انفعالية سلبية أم ايجابية في فترات حياته. فالعقاب البدني المستمر للأطفال يؤدي إلي شخصيات ذات صفات انسحابيه فاقدة للثقة بالنفس أو عدوانية أي تأخذ صبغة محددة بناءا علي انتظام العوامل الذاتية في علاقتها بالمتغيرات البيئية للفرد. ووجد أن العقاب البدني المسئول الأول عن التبول اللاإرادي للأطفال وقد تستمر لسنوات.
(10) الضغوط النفسية وكيفية التعامل معها:
يؤدي تعرض الطفل أو الفرد لكثير من الضغوط النفسية في حياته إلي السلبية في شخصيته إذا لم يجد البيئة المناسبة للتعبير عن هذه الضغوط وكيفية مراجعتها إما القدرة علي التعامل معها بمرونة وتحتاج تلك العملية إلي ضبط الذات والتحدي والالتزام ويطلق علي هؤلاء الأفراد (الشخصيات الصلبة) أو المتحملة للضغوط. وفي بعض الأسر تؤدي كثرة الضغوط إلي الانحراف للأولاد أو البنات أو الإدمان أو المعاناة من الاضطرابات الوجدانية وفقد التواصل الايجابي مع المجتمع من حوله.
(11) نظرة الفرد المستقبلية :
تعتبر النظرة المستقبلية للفرد محدد لتكوين خصائصه الوجدانية الحالية، وتعتبر أيضا احد محددات التكيف النفسي سواء للطفل أو الراشد. واعتبر زمن المستقبل من المتغيرات الحديثة التي اهتم بها بجانبيها الدافعي والمعرفي ، حيث يعطي فكرة عن توقعات الفرد المستقبلية وتخيلاته في ضوء خبرة الماضي والحاضر. ويحدد أيضا أهداف الفرد وطموحاته والنظرة للمستقبل تقيس التغيرات السلبية والايجابية التي يتوقع حدوثها للفرد مستقبلاً.
(12) الأسلوب المعرفي للفرد وأفكاره ومعتقداته:
يرتبط الأسلوب المعرفي للفرد بكثير من العمليات النفسية كالتذكر والإدراك والتخيل والتحويل والتفكير ، وتعتبر الأساليب المعرفية وسيلة لقياس الفروق الفردية كما يعتبر طريقة مميزة للفرد وترتبط بالنشاط العقلي والبعض يراه تكوين فرضي يتوسط بين المثير والاستجابة والأساليب المعرفية أيضا منظمة لبيئة الإنسان ،فالأسلوب المعرفي يعني طريقة الفرد في التفكير وليس فيما يفكر فقط كما هو معهود في اختبارات الذكاء والقدرات العقلية ويقدم حمدي علي الفرماوي (1994)أربع خصائص عامة للأسلوب المعرفي وهي:
1. الأساليب المعرفية تتعلق بشكل النشاط المعرفي أو يجيب عن الكيفية التي يفكر بها الإنسان وليس عما يفكر فيه.
2. تعتبر الأساليب المعرفية أبعادا ثنائية القطب ويصنف الأفراد وفق ذلك علي مستقيم متصل .
3. الأسلوب المعرفي يتصف بالثبات النسبي وهو ينمو ويصبح أكثر تمايز لدي الإنسان مع الوقت والخبرة وبالتالي يصبح أكثر ثباتاً أو علي الأقل يتصف بعدم التغير الحاد من موقف لآخر.
4. لا تقتصر الأساليب المعرفية مفهوما علي الجانب المعرفي فقط من الشخصية ولكنها تعتبر مؤشراً هاماً في النظر إلي الشخصية نظرة كلية تتضمن جميع أبعادها. وبالنسبة لآراء الفرد ومعتقداته فهناك بعض الاختبارات والنظريات التي تشمل هذه الجوانب منها اختبار السلبية التي أعددته للبيئة العربية ويشمل النظرة الايجابية السارة أو غير السارة السلبية نحو الذات والعالم والمستقبل. ويشمل مجموعة من السمات والخصائص المعرفية للشخصية.
(13) ما يتعرض له الفرد من الأمراض العضوية أو الاضطرابات النفسية والعقلية:
يصاحب وينتج عن كل من الاضطرابات النفسية والجسدية والعقلية السابقة خصائص سلوكية وانفعالية للشخص ،فالشخصية وحدة كلية فلا يوجد اضطراب نقي وحده دون اضطراب سابق نتيجة للاضطراب الحالي ،فهناك تداخل وتزامن بين الاضطرابات السابقة أو تعتبر كتوابع لها. أو تطور ومآل بعضها للبعض مثل تحول الاضطرابات الوجدانية إلي عقلية.
(14) الظروف الاجتماعية والثقافية والحرب والسلام:
يعتبر الجانب الاجتماعي وعلاقة الطفل بأسرته والأمن النفسي الناتج عن العلاقات الاجتماعية الناجحة سبب رئيسي للتكيف أو اللاتكيف للطفل ، فالتفكك الأسري والطلاق والهجر وسفر الآباء والخلافات الأسرية، والتفرقة بين الأبناء وغيرها ، والمستوي الثقافي أو الحرمان منه يعتبر محدد لخصائص الشخصية ، كما أن ظروف الحرب والسلام لأي مجتمع من المجتمعات ينبثق عنه خصائص وسمات لما يعانيه الأفراد أو يتمتعون به من رفاهية وتلبية للحاجات الأساسية للفرد. أو الخوف الدائم من الموت والدمار والنضال من أجل الحياة كما هو في حالات الحروب المستمرة.