شبكة الإنترنت.. بين سِنْدان الرقابة ومِطْرقة الحكومات بسم الله الرحمن الرحيم المختصر / تفرض الحكومات العربية في المنطقة قيودًا كبيرةً على مواقع شبكة الإنترنت منها لأسباب أخلاقية تتنافي مع عادات المجتمعات الشرقية، ومنها السياسية التي تسمح بمهاجمة الحكومات وتسمح بنشر أفكار معارضة، ولكن حسب الدراسات فإن ملايين من المستخدمين يَتمكّنون من اختراق الحَظْر، والدخول إلى هذه المواقع.
ويرى خبراء الإنترنت أنه من الصعب اختراق المواقع المحظورة، لكن هناك جهدًا كبيرًا يبذله الكثير من المحترفين والمتمرسين على شبكة الإنترنت في اختراق الحظر الذي تفرضه بعض الشركات المتخصصة في هذا المجال بإيعاز من الحكومات، ويقوم أيضًا بهذه العملية الهواة الذين يَخْتَرقون المواقع الإباحية، ويتم ذلك عبر تحويل أسماء المواقع لأرقام، أو عن طُرُق أخرى معينة؛ ومنها "المفتاح" و"برايفد سيرفر".
وفشلت الحكومات على مستوى العالم، وخاصة العالم العربي، عمليًا في حَظْر الكثير من المواقع؛ لأنه يتم تغيير أسماء المواقع باستمرار، ناهيك عن الكم الهائل من المدونات المنتشرة على الشبكة العنكبوتية، وسهولة تحديثها باستمرار، وهذه الأشياء تجعل من الصعب على الحكومات اختراق هذا الكم الهائل، مما يجعلها حربًا خاسرة على المستوى السياسي.
وشدّد مؤيدو حقوق الإنسان أن حَجْب المواقع التي تتعارض مع الأنظمة السياسية يعتبر انتهاكًا صارخًا للحريات التي تنادي بها تلك الأنظمة، وخاصة في المنطقة العربية التي تعاني من هذه المشكلة.
ولعل الحكومات دائمًا ما تأخذ من السياسة ذريعةً لها لممارسة الحجب وتقييد الحريات، فقد اتخذت السلطات الإيرانية قرارًا، يراه البعض غير منطقيًا، حينما حجبت أكثر من خمسة ملايين موقع على الانترنت اعتبرتها "لا أخلاقية ومخالفة لقواعد المجتمع".
ويُعَدّ موقع يوتيوب أبرز المواقع المحجوبة بالإضافة إلى "فيس بوك" و"أوركوت" للخدمات الاجتماعية، وهي مواقع تلقى رواجًا كبيرًا بين الشباب الإيرانيين.
وما دعا البعض للسخرية من هذا القرار هو حظر موقع لعبة "باربي" لاحتوائه على كلمة "فتاة" و"امرأة"، كذلك تَمّ حظر العديد من المواقع السياسيَّة ولا سيَّما مواقع الحركات النسائية، وكذلك مواقع لمجموعات طلابية سواء معتدلة أو إصلاحية.
من جانبهم، لم يستسلم الإيرانيون وبدءوا البحث عن طرق خلفية للدخول إلى هذه المواقع، وبالفعل نجحوا في ذلك من خلال استخدام برامج تسمح لهم بالوصول إلى المواقع المحظورة بشكل غير مباشر فيما يقوم مبتكرو هذه المواقع بتغيير عناوينها باستمرار.
ويرى عبد الصمد خرم أبادي (مستشار مدعي عام إيران) أن "الأعداء يستخدمون الإنترنت لمهاجمة هويتنا الدينية".
وسبق للسلطات في إيران أن حجبت مستخدمي الإنترنت عن موقع يوتيوب بدعوى عرض أفلام فيديو لجماعات المعارضة الإيرانية وكذلك أفراد معارضين للنظام، وهو ما احتجَّت عليه بعض الشخصيات المطالبة بحرية الرأي والتعبير.
والمعروف أن إيران تضمّ 21 مليون مستخدم للإنترنت من أصل سبعين مليون نسمة.
المصدر: الإسلام اليوم
الرقابة مستمرة
هذا القرار لم يكن الأول ويبدو أيضًا أنه لن يكون الأخير في سلسلة الرقابة على الإنترنت، خاصة في إيران، التي طالما اشتكى منها القاصي والداني في دول عديدة خاصة في بعض البلدان العربية.
ففي تونس، تدخّل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي شخصيًا لإعادة فتح موقع "فيس بوك Facebook " الشهير على الإنترنت أمام مستخدميه ليتمكن ملايين التونسيين من الدخول إلى الموقع المذكور مرةً أخرى بعد حجبه لعدة أيام.
وذكرت مصادر تونسية أن الرئيس بن علي تدخّل شخصيًا بإعطاء تعليماته لإعادة فتح موقع "فيس بوك"، ما إن علم بإغلاق هذا الموقع أمام مستخدمي شبكة الإنترنت في تونس.
وكانت بيانات رسمية أشارت إلى أن موقع "فيس بوك" قد حُجب منذ الثامن عشر من شهر أغسطس الماضي أمام مستخدميه في تونس الذين يقدّر عددهم بنحو 28 ألف شخص من إجمالي عدد مستخدمي شبكة الانترنت الذي تجاوز مليوني شخص.
وأظهرت البيانات أن عدد مستخدمي الإنترنت في تونس تطوّر خلال العام الجاري بنسبة 28%، حيث بلغ حتى شهر يونيو الماضي مليونين 8 ألف شخص، مقابل مليون 18 ألف شخص خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
تعددت الأسباب
وفي الكويت، طالبت السلطات هناك شركات تقديم خدمات الإنترنت بحجب موقع يوتيوب لعرضه لقطات مصوّرة تسيء لمشاعر المسلمين.
وجاء في مذكرة صادرة عن وزارة المواصلات موجهة إلى شركات تقديم خدمات الإنترنت: "حيث إن وجود موقع يقوم بتلحين وغناء القران الكريم والعياذ بالله على العود ونشر صور تسيء إلى الرسول عن طريق البحث في فيديو تحت عنوان "القرآن ملحن ومرتل".. يرجى العمل على حجب الموقع فورًا".
وكانت الحكومة الباكستانية قد حجبت مؤخرًا الدخول إلى موقع يوتيوب على أساس أن محتوياته تسيء إلى الإسلام.
وأمرت إسلام آباد مُزَوّدي الإنترنت المحليين بمنع الدخول إلى الموقع بسبب لقطات ترويجية لفيلم لمخرج هولندي يصف الإسلام بالفاشية, قالت هيئة الاتصالات الباكستانية: إن من شأنه إحداث قلاقل في البلاد.
وأوردت تقارير أن محتويات يوتيوب التي يمكن أن تقف وراء قرار حجب هذا الموقع شملت أيضًا الرسوم الكارتونية التي تصوّر الرسول محمد والتي أغضبت العديد من المسلمين.
غير مجدية
في حين، اعترف وزير حكومي صيني بأن الرقابة على الإنترنت غير مجدية ولم تَعُد تنفع محاولة إخفاء المعلومات، حيث تبيَّن بوضوح أن محاولة التحكم بالأخبار أصبحت فكرة ساذجة عند إخفاء المعلومات المسيئة أو التي تكشف الفساد والكوارث المخفية؛ لأن الشفافية ومكاشفة الجمهور هي وحدها وسيلة للتخلص من المتاعب والحرج بل كسب الثقة لدى الجمهور والمواطنين.
وأشار وكيل وزارة الإعلام الصينية إلى أنه ثبت مرارًا فشل كل محاولات حجب الأخبار السيئة وعندما يظن بعض المسئولين أنه بإمكانهم حجب 90% من الأخبار فإن معظمها يتسرب في النهاية مسببًا حرجًا كبيرًا جدًا.
المصدر: الإسلام اليوم |