بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على الحبيب عليه الصلاة والسلام
أما بعد:
أخي المسلم الحبيب ...
إليك أبعث هذه الكلمات من أخ أحب لك الخير والهدى عسى أن تجد في سمعك مسمعاً وفي قلبك موقعاً ..
أبعث هذه الكلمات إلى إخوتنا في الله وفي الرحمن الرحيم الغفور الودود إلى كل من أرتضى هذا الإسلام ديناً
إلى إخوتنا في المقاهي وفي الطرقات ..
إلى أحبائنا الذين يصفقون من على تلك المدرجات , ومن يشجعون خلف الشاشات والمرئيات , تبعث هذه الكلمات ..
إلى من فتنوا بتلك الأغاني والألحان , من مغنين ومغنيات ..
إلى كل من عشق الأفلام والرقصات ومن سُحر وأعجب بسُم المجلات وما تعرضه من صور وحكايات .
إلى كل من عق والديه , وقطع رحمه , وآذى جاره ..
إلى كل بائع لما حرم الله من دخان وشيشة وجراك وأفلام وأغاني ..
إلى بخيل بماله أن ينفق منه ولو قليلاً في سبيل الله ..
إلى كل إنسان صغر أو كبر تجرأ على أعراض المسلمين فانتهكها برضاً أو بغير رضاً ,
إلى كل فتاة مسلمة قد خُدعت بمعسول القول وزخرف الرسائل والاتصالات تجوب ليلا ونهار الأسواق والطرقات تعرض فتنتها وترمي بسهامها قلوب الغافلين عن ذكر الله .
وأخيراً هي كلمات نخص بها ذكراً المفرطين في الصلوات المفارقين للمساجد والجماعات , اللاّهين في غيهم السادرين في بعدهم عن خالقهم ورازقهم .
إخوتنا في الله ..أيها المؤمنون :
ألا نخاف الله ونتقيه ؟!
لقد كان السلف الصالح على ما هم فيه من أعمال صالحة وخشية وإنابة أعظم خوفاً منا نحن أصحاب الذنوب والمعاصي !
فقد ثبت في المستدرك وغيره بسند جيد عن زيد بن أرقم :
أن أبا بكر رضي الله عنه استسقى في يوم من الأيام فقدم له قدح من عسل مشوب بالماء فلما رفعه إلى فيه بكى حتى أبكى من حوله فسكتوا وما سكت ثم ازداد بكاؤه رضي الله عنه فبكى من حوله فسكتوا بعد ذلك وسكت فقالوا: يا أبا بكر يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الذي يبكيك ؟ قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وليس معنا أحد وهو يقول بيده :" إليك عني إليك عني . فقلت يا رسول الله من تخاطب وليس ها هنا أحد . قال : هذه الدنيا تمثلت لي فقلت لها إليك عني إليك عني فقالت : إن نجوت مني فلن ينجو مني من بعدك . هذا الذي أبكاني ".
هذا الصديق الذي لو وزن إيمانه بإيمان الأمة لرجح إيمانه . يأخذ يوما بلسانه وهو يقول : هذا الذي أوردني الموارد .
ومن بعده عمر الفاروق ذو المقام الثابت أعلن الله به دعوة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلك القائل له صلوات الله وسلامه عليه يوما :" يا ابن الخطاب ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً آخر " والقائل :" لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب ". رضي الله عنه .
عمر هذا مر يوماً بطريق فأخذ نبتة من الأرض فقال يا ليتني كنت هذه النبتة , يا ليتنتي لم أك شيئاً مذكوراً , يا ليتني أمي لم تلدني خوفاً من الله وخشية له . وكان في وجهه خطان أسودان من شدة البكاء , كأنهما شراكي نعل رضي الله عنه وأرضاه .
أما عثمان رضي الله عنه فهو الذي كان يقف على القبر فيبكي حتى تخضل لحيته من من البكاء فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي , وتذكر القبر فتبكي فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه". قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما رأيت منظراً قط إلا القبر أفظع منه ".
اسمع رعاك الله . هكذا كان خوفهم من الله ..
فكيف لا يخاف الله ويتقيه من علم أن من كلام الله قوله عز ثناؤه . (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) .
أخي الغالي يا من غره طول الأمل وغرته الأماني أن يتوب راقب الله عز وجل في سرك وعلانيتك واعبده وكأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك , يعلم السر وأخفى فهلا حاسبت نفسك يوماً ما , ماذا قدمت وماذا أخرت .
قال الحسن بن علي رضي الله عنهما : المؤمن قوّام على نفسه يحاسب نفسه لله وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة .
أخي الكريم تذكر مصرع الموت لك وشدة سكراته ثم حاسب نفسك هل أنت راض عن صلاتك موف أركانها وشروطها وواجباتها وسننها ونوافلها ووضوءها , ثم تذكر ظلمة القبر ووحشته وحاسب نفسك هل أديت واجب من استرعاك الله إياهم من بنين وبنات . قال تعالى . (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) .
أخي المؤمن ...
حاسب نفسك وانظر هل أنت تراقب الله إذا خلوت لوحدك أم أنك ممن قال فيهم صلى الله عليه وسلم :" كانوا إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ".
وتذكر معي قصة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الذي كان إذا ذكر الموت انتفض انتفاض الطير ويبكي حتى تجري دموعه على لحيته , بكى ليلة حتى بكى معه أهل الدار فلما تجلت عنهم العبرة قالت فاطمة زوجه رحمها الله تعالى : بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين لم بكيت هذا البكاء ؟ فقال : ذكرت منصرف القوم من بين يدي الله تعالى يوم القيامة فريق على الجنة وفريق إلى السعير ثم بكى وغشي عليه رحمه الله .
واستمع إلى قول الشاعر :
إذا ما خلوت بريبة في ظلمة =والنفس داعية إلى الطغيان .
فاستحي من نظر الإله وقل لها =إن الذي خلق الظلام يراني .
إلهي لا تعذبني فإني =مقر بالذي قد كان مني
ومالي صلة إلا رجائي .=وعفوك إن عفوت وحسن ظني
فكم من زلة لي في البرايا =وأنت علي ذو فضل ومن
إذا فكرت في ندمي عليها =عضضت أناملي وقرعت سني
يظن الناس بي خيرا وإني .=.لشر الناس إن لم تعفو عني .
وختاما هذا الخطاب موجه الى نفسى انا حتى لا يغضب احد من
إخوانا الاعضاء
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!