ستنتصر غزة ستنتصر غزة
مصطفى الصواف
(نعم يا دكتور نزار ريان ستعود يافا وحيفا وتل الزهور، إلى رحمة الله يا دكتور نزار، فأنت رجل بأمة، تستحق أن تكون شهيدا وكم دعوت الله أن يرزقك هذه الشهادة وصدقت الله فصدق الله، هنيئا لك هذه الشهادة، نعم، وهذا عهدي إليك أن لا اذكر كلمة "إسرائيل" وأنا أكتب وأنا أتحدث، لان ذلك كان رغبتك وشهد ذلك لقائي الأخير بك، في اللقاء الذي جمعنا أثناء وجود الدكتور إبراهيم الحمامي، رحمك الله يا دكتور نزار فقد عرفتك أنسانا وعالما مفتيا من خلال استضافتك مع موقع إسلام اون لاين في صفحة الفتاوى أو صفحة الاستشارات الدعوية، وكنت نجما لزوار الموقع ومحببا لهم، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك.)
أبدى الفلسطينيون في قطاع غزة رباطة جأش عالية جدا وصمودا كالعادة حير المراقبين للوضع الفلسطيني في القطاع وعلى رأس ذلك قادة الاحتلال، وحير أكثر من كان ينتظر أن غزة ستركع وترفع الراية البيضاء وتسلم للعدوان والإرهاب المستمر على مدار الأيام الستة الماضية، لكن النتيجة الدامغة أن هناك إلتفاف حول حركة حماس هدف الحملة العسكرية الإسرائيلية ورغبة الرئاسة الفلسطينية وبعض النظام العربي، ويبدو أن قطاع غزة تحولت من وسط الدمار والدماء والشهداء إلى مشروع شهادة ليطهر عار الزعماء العرب، الذين لم يتمكنوا من تقديم ما يجب أن يقدم لهم في هذه الأوقات العصيبة التي يحتاج فيها الفلسطينيون في قطاع غزة إلى موقف عربي حاسم وحازم، ومن شاهد المؤتمر الصحفي للسعودي سعود الفيصل وزير الخارجية وعمرو موسى وهما يسرحان بالمشاهدين والمستمعين وكأنهم يتحدثون إلى مجموعة من البلهاء التي لا تفهم ما يقولون أو لا يفهمون ما وراء القول.
كنا نعلم أن العرب لن يجيشوا جيوشهم لوقف مجزرة المليون في قطاع غزة ولن يكون لهم موقفا غير متوقع أو يخالف نهجهم السابق، توقعنا نتائج الاجتماع الذي انفض دون نتائج إلا إعطاء مزيد من الشرعية للعدوان الإسرائيلي على غزة.
هدف هذا العدوان المشرعن عربيا هو القضاء على حركة حماس او ضرب بنيتها التحتية ونواتها الصلبة حتى يتم القضاء على مشروع المقاومة وتطويع ما تبقى من ممانعة فلسطينية لصالح المشروع الأمريكي الصهيوني ومشروع الرباعية العربية.
هذا الهدف غير المتحقق حتى الآن رغم شراسة العدوان وهذا العدد الكبير جدا من الشهداء والجرحى وهذا الدمار الشامل للمباني والمؤسسات التي نالها قصفا بطائرات ال أف 16 أكثر من مرة حتى وصل إلى قصف مقر المجلس التشريعي الفلسطيني في مدينة غزة وما تبقى من وزارات فلسطينية، الحصيلة حتى الان تدمير 100% من الوزارات والمراكز الأمنية والوزارات، وفشل في التأثير على المقاومة التي لازالت تقصف باقتدار أهدافا لم تكن متوقعة من العدو وبشكل متواصل رغم هذه الكثافة من الطائرات الإسرائيلية التي تحرث سماء قطاع غزة من أقصاه إلى أقصاه.
تعتقد المؤسسة السياسية والعسكرية أن بالإمكان القضاء على حركة حماس من خلال ضرب كافة المؤسسات وان هذا القصف سيعري ظهر حماس، حتى أن إسرائيل تعتقد ان سياسة ضرب المنازل والمساجد والمدارس والجامعات قد تحقق هدف العدوان الإسرائيلي وهو القضاء على حماس وفض الناس من حول وإفساح المجال لعودة السلطة الفلسطينية ومحمود عباس وحركة فتح، لكن الواقع يقول أن الهدف الإسرائيلي لن يكون حتى لو تمكنت من ضرب حماس، فلن يعود عباس ونظامه إلى قطاع غزة، قطاع غزة بسكانه أنهى علاقته بالسلطة وبعباس ولن يعود مرة أخرى إلى قيادة حركة فتح، لان من يعود على دبابة إسرائيلية ووسط بحر من الدماء من سكان قطاع غزة.
العدو الإسرائيلي لن يكتفي بما يقوم من إرهاب الدولة وعمليات القتل من خلال استخدام الضربة الجوية المراد من إحداث الصدمة في صفوف الشارع الفلسطيني وتكون هذه الضربة هي الأولى والأخيرة، لكن نجح الفلسطينيون باستيعاب الصدمة الأولى بل خرجوا و هبوا من أجل تدعيم جدران تصدعت بجسده حتى يتمكن من انتشال الشهداء وإنقاذ الجرحى قبل انتهار وهو يعلم ان العدو قد يعود الى عمليات القصف مرة أخرى، هكذا هو الشعب الفلسطيني وها هم سكان قطاع غزة الذي عودونا على تقديم مزيد من صور الصمود والثبات والاستعداد للضحية من اجل حفظ كرامة الشعب الفلسطيني فاستحق الشعب بجدار وسام الاستحقاق وأنوطة ونياشين لا حصر لها.
العدو الإسرائيلي يعمل الآن على التحضير لضربة برية، وهذا القصف للمناطق الزراعية القريبة من خط الهدنة الفاصلة بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة من عام 48 ، هذا القصف ليس عشوائي وفير مدروس، هذه مقدمات للعدوان البري لان العدو يعتقد أن هذه المنطقة قد تكون ملغمة بالعبوات الناسفة والأنفاق المجهزة بالمتفجرات لذلك هذه الكثافة في القصف المقصود منها تمشيط المنطقة باستخدام طائرات ال اف 16 والاباتشي بإطلاق الصواريخ الارتجاجية والتفجيرية إلى جانب اعتقاد الاحتلال الإسرائيلي بوجود بعض الخلايا العسكرية التابعة للمقاومة.
نعتقد أن هذا التكثيف من القصف يعطي مؤشرات إلى المرحلة الثالثة للعدوان الإسرائيلي بعد أن كانت المرحلة الأولى هي الضربة الجوية والمرحلة الثانية المؤسسات والوزارات ومنازل المواطنين ودواوينهم والمدارس وكثير من الأهداف، تمهيدا للعملية البرية التي يتحدث عنها قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، ومن هنا على المقاومة الفلسطينية الاستعداد للمواجهة البرية وأخذ العبر من عمليات الاجتياح والاستنزاف الذي يقوم به العدو، ونتمنى ان يكون العمل وفق خطة موضوعة بحكمة وتقدير وترشيد للمقاومة، لأنهم يعتقدون ان حماس حركة صلبة وليس سهلة المنال، لذلك من الواجب الحفاظ على القوة الموجودة لديها.
الجبهة الداخلية مهمة جدا في أهميتها قد تساوي الجبهة العسكرية، لذلك يحب عدم إهمال الساحة الداخلية وخاصة الطابور الخامس والمرجفين في الأرض الذي يحاولون انتهاز الفرص، المطلوب الحفاظ على الجبهة الداخلية وإعطائها أولوية كبيرة، الشدة في هذه الظروف والأحوال مطلوبة، والضرب بيد من حديد على أيدي العابثين والذين يفكرون، مجرد التفكير في تخريب الجبهة الداخلية.
نختم بالقول ان هذه الحرب المسعورة من الاحتلال والمغطاة بموافقة الرباعية العربية، لن تنال من الشعب الفلسطيني ولا من حركة حماس، الأيام القادمة ستثبت ذلك، وان هذا العدوان المجرم سيعمل على الإسراع في تغيير الخارطة السياسية والجغرافية في المنطقة العربية، وهذا التخاذل العربي وهذه المؤامرة لن تمر، بل ما يجري في غزة سيكون عنوان من العناوين وأداة من أدوات انتشال العالم العربية من الذلة والمهانة والتسليم للإرادة الأمريكية والإسرائيلية.
هذه غزة بضعفها تواجه إسرائيل وسر قوتها في ضعفها، هي المنتصرة، لن تموت غزة، رغم هذه الدماء ولن تموت حماس، كما لن يعود عباس بالفساد والإجرام، لقد انتهى العصر الماضي، وما يجري هو استكمال لما جرى في المرحلة السابقة، وعجلة التاريخ لن تعود الى الخلف، المستقبل والنصر لمن رفع راية التوحيد وثبت على المنهج، والله تعالى يقول " إن تنصروا الله ينصركم"، إن النصر مع الصبر، فالصبر الصبر وسيكون النصر بإذن الله تعالى.
__________________ يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله) في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ )) الزمر : 36 ألا أن سلعة الله غالية .. ألا ان سلعة الله الجنة !! |