كنت ألاعب ابني ذو السنتين وذهني منشغل بالأخبار وهي تذيع أخبار أهلي في غزة ..دمار في كل مكان .. وقتلي لا يقدروا بعدد
وجرحي فاضوا حتى عجزت المستشفيات عن استقبالهم .. تنديد عالمي لا يفيد.. وصمت عربي مخزي..و..
قطع أفكاري قفز ابني علي ظهري وهو يصدر صوت الزئير .. فتلقفته مداعبا وأنا أعضه بخفة مصدرا نفس الصوت.. ومضيت ألاعبه حتى شدني صوت المذيعة وهي تعلن عن قصف جديد علي غزة.. هنا قلت لبني أن يكف ووضعته علي قدمي مشير له بإصبعي علي فمي حتى يسكت.. واستمعت للنشرة فإذا هي تعلن وعن استشهاد قيادي في حماس مع 13 فرد من أسرته.. وتوالت الأخبار والصور .. صور أطفال صغار يُخرَجون ممزقين من تحت الأنقاض .. انقبض قلبي وبلا شعور ضممت ولدي لصدري
وتابعت الأخبار حتى انتهت وقلبي يعتصر .
أغلقت التلفاز وانأ أحس أني قد امتلأت إحباطا وحزنا .. إحباطا من موقف نذبح فيه كالأنعام ومن لم يذبح يتفرج- وآسف لتعبيري- كالخروف .. وامتلأت حزنا ألا أجد ما انفق.. أغلقت التلفاز وأغلقت عيني بعدها ، هربا من تلك الصور التي لم تزل في خيالي .. ولكن ظل إحساس الذنب يطاردني .. ماذا افعل؟.. لن يسمحوا لك بالجهاد .. ولن يفعلوا شئ .. ولن تعتمد علي غيرك فقد انتهي زمن الاعتماد علي الغير.. فماذا نفعل ؟ .. قلت هو إنفاق المال.. فتلاعبت ابتسامة ساخرة علي ثغري .. فأنا اعرف انه قليل فأهلي في غزة تفجر أموالهم التي لو وجدوها فلن يجدوا السلعة التي يريدونها .. قلت هو الدعاء .. فجال بخاطري أن ما أكثر الداعين فلماذا لا يستجاب لنا .. فتذكرت قول داعية معروف سؤل هذا السؤال فقال ( لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .. احتار فكري وتمنيت لو أجد أحدا اسأله .. ماذا افعل ؟ .. أنا مقصر ، اعترف بهذا . وأريد أن افعل شيئا .. ولكن ماذا؟ .. واعتصر قلبي مرارة بلا حدود .. فلا أكاد أبصر أملا..
ضرب صدري بقبضة يده .. ففتحت عيني مفاجئا .. فوجدت ولدي يبتسم لي وهو يميل برأسه .. نظرت له صامتا .. فشد ظهره وزوي ما بين حاجبيه و اصدر الزئير
هنا فقط سُري عني قليلا.. فقد رأيته....
رأيت الأمل