01-28-2009, 10:50 AM
|
|
إحذر.. أنت مُراقب! بسم الله الرحمن الرحيم إحذر.. أنت مُراقب!
م. حسام جميل مدانات - إذا كنت تتصفح هذا المقال على شاشة حاسوبك الشخصي، من الموقع الالكتروني لصحيفة الرأي، فان هناك جهة ما تعرف على الأغلب أنك تتابع قراءة هذا المقال. فمؤسسات مثل أمازون وغوغل وياهو تحتفظ بمعلومات عن متصفحي الانترنت. وتعرف عنهم أكثر مما تعرف حكوماتهم. ولا يمثل تخزين هذا الكم الهائل من المعلومات مشكلة بعد أن انخفضت كلفة أجهزة التخزين الرقمي ( محرك صلب سعة تيرابايت يكلف أقل من 350 دولارا ).
نشرت المجلة الأمريكية Popular Mechanics مقالا بعنوان الرقابة الشاملة أو الرؤية الشاملة Panopticon وقد ورد هذا التعبير لأول مرة في كتاب للفيلسوف الانجليزي جرمي بنثام، الذي عاش في القرن الثامن عشر، عندما تخيل سجنا مصمما بشكل يسمح بمراقبة السجناء في كل لحظة.
ويذكرنا هذا بكتاب جورج اورويل الانجليزي والمعنون 1984 (وقد نشره عام 1948) حيث نجد أنفسنا في مجتمع يخضع لحكم استبدادي حيث (الأخ الأكبر) يراقب الجميع مراقبة صارمة ودائمة.
ولنطرح عليك السؤال: كيف تشعر إذا علمت أنك تحت المراقبة طول الوقت، 24 ساعة في اليوم. كاميرات تتجسس عليك وتلتقط كل حركة وسكنة لك، وأجهزة تنصت تسجل كل كلمة تنطق بها لترسلها إلى حواسيب تخزنها وتحللها؟.
هل يرضي هذا غرورك لتتوهم انك أصبحت شخصا مهما مثل أولئك المشاهير الذين يلاحقهم الصحفيون المصورون في كل لحظة؟ (نتذكر مثلا ما حصل مع الأميرة ديانا وصديقها دودي الفايد اللذين قتلا في حادث سيارة أثناء ملاحقة صحفيين لهما).
مع التقدم الهائل في وسائل الاتصالات والالكترونيات والأقمار الصناعية والحوسبة والانترنت والخلويات والكمرات، أصبحت وسائل الرقابة بكافة أنواعها متيسرة ومتاحة للحكومات وللقطاع الخاص، وأصبحت واقعا ملموسا وليست مجرد بدع خيال علمي كما نشاهدها في أفلام التجسس، مثل أفلام العميل السري جيمس بوند.
انتشرت كمرات المراقبة الذكية ( المرتبطة بالحواسيب ) لدينا،في الأردن، في المخازن الكبرى والبنوك والشركات الكبيرة، وعند الإشارات الضوئية لضبط السيارات المخالفة، ولدى الدوريات الخارجية لضبط فرط السرعة على الطرق السريعة، وزودت بها الشرطة البيئية لتصوير سائق سيارة فارهة وهو يقذف بعلبة العصير من نافذة سيارته.
ومع انخفاض أسعار كمرات المراقبة الذكية، أصبح بإمكان أي شخص أن يركبها خارج منزله ليكشف أي زائر متطفل أو لص محتمل.
أظهر استفتاء أجرته جريدة واشنطن بوست أن 71% من الأمريكيين يؤيدون تعميم الرقابة بواسطة كمرات الفيديو (وهذا بلا شك من نتائج تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك عام 2001، إذ لم يكن الشعب الأمريكي يتقبل مثل هذه الرقابة عليه في السابق).
يقدر عدد كمرات الرقابة في الولايات المتحدة حاليا بنحو 35 مليون كمرة تسجل ما يقارب البليون ساعة تصوير يوميا، لتخزن وتحلل في الحواسيب. تقدر قيمة سوق كمرات الرقابة في العالم حاليا بأكثر من 5 مليارات دولار، ويتوقع أن تنمو إلى 9 مليارات دولار عام 2011.
في عام 2006 عانت المتاجر الأمريكية من سرقات بلغت كلفتها 42 مليار دولار. وتمثل سرقات مستخدمي هذه المتاجر نصف هذا المبلغ! لكن وسائل الرقابة الالكترونية الحديثة قد تخفض من هذه الخسائر.
يتعاون القطاع الخاص والعام ( في أمريكا) في مجال المعلومات ويتشاركان فيها. ومن ذلك أن شركة الهاتف الأمريكية (AT&T) تتيح لوكالة الأمن القومي الاطلاع على كامل معلومات عملائها المتضمنة في بريدهم الالكتروني ومكالماتهم الهاتفية وتصفحهم للانترنت.
ندرك إذن أن الانترنت والخلوي والهاتف الأرضي تمثل حلقات من سلسلة رقابية محكمة تضاف إلى كمرات الفيديو الذكية لتتابعك في كل ما تفعل.
فماذا إذن عن وسائل الإعلام المختلفة : التلفاز والإذاعة والصحف والسينما؟ هل يمكن أن يتضمن جهاز التلفاز في منزلك أداة تخبر جهة معينة لحظيا بأية قناة تشاهد؟ ربما! لكن لعل وسائل الإعلام ليست بحاجة لأن تراقبك، لأنها قد فعلت شيئا أكثر فعالية : فهي قد شكلت أفكارك وسلوكك بالشكل الذي تريده هي أو المسيطرون عليها عالميا، فلماذا إذن يتكبدون عناء مراقبتك إذا كانوا قد توصلوا إلى تحريكك (مثل الرابوط ? الإنسان الآلي) كما يريدون.
إنهم يتوقعون، بل يكادون يعرفون على وجه التحقيق ما سيكون عليه رد فعلك على أي إجراء أو حادث خطير يحصل في العالم ويمسَّك بشكل أو بآخر.
وتدلنا وقائع السنوات الأخيرة أن بإمكان سادة وسائل الإعلام أن يحركوا شعوبا بأكملها بكلمة أو بصورة، وأن يلهونا عن أية قضايا أخرى يريدون تمريرها. __________________ |