فول اخضر و ضمير أسود كتب رشيد ثابت – أرسل لي أحد الحاقدين "اللي عايزين يلغوا دور مصر" رابطًا للموضوع الذي نشرته جريدة الأسبوع؛ والذي بينت فيه كيف قامت شركة أغذية مصرية بتموين قوات الاحتلال أثناء حربها على غزة. تحدث التقرير عن توصيل نحو 19 طنا من البازيلاء الخضراء؛ وحوالي 12 طنا من البامية (يبدو أن الخنازير "طلعت بتعرف توكل") وشيء من هذه الأطنان فولاً أخضرَ أيضًا؛ وقد تم تسليم كل هذا للشركة الصهيونية التي تولت إعداد الوجبات لجنود جيش الاحتلال. أنا استغربت في الحقيقة لأمرين اثنين لا ثالث لهما: أولاً: كيف تم توريد كل هذه الكمية من البامية بدون ثوم؟ وهل تصلح الباميا بدون الثوم؟ (سواء على الطريقة المصرية أو على الطريقة الفلسطينية التي لا بد أن "الخنازير" قد اغتصبتها مع القدس والأرض والمياه وباقي قضايا الحل النهائي التي لطالما تحدث محمود عباس عنها)
ثانيًا: كيف تقوم شركة مصرية بتوريد فول أخضر للكيان مع أن الفول الأخضر ليس شائعًا أكله في مصر (الفول يأكل هناك فقط مدمسا أو نابتًا على حد علمي المتواضع)؟ لا شك أن الخنازير "نفسها هفتها" إذًا على صحن فول مقلي مع البيض؛ وفي هذه الحالة لماذا لم ترسل الشركة المصرية ليمونًا وبصلاً أيضًا؟ هذا ما حيرني وأثار دهشتي؛ وأما غير ذلك فلا. فليس في توريد الطعام للصهاينة - كما يظن صديقي "اللي عايز يلغي دور مصر" - أي مفاجأة؛ بل هذا منسجم تمامًا مع سلوك النظام المصري أثناء الحرب. فحتى اليوم أنا سجلت في مفكرتي الشخصية هذه المواقف التسلسلية التي تجدونها أدناه للنظام المباركي في مساندة المجهود الحربي الصهيوني طوال معركة الفرقان - بل حتى من قبل أن يبدأ العدوان! دونكم القائمة أيها السادة (هي ليست جديدة لكن من المثير سرد ما فيها تباعًا وتذكره): - قبيل الحرب هدد عمر سليمان قادة حماس بأنهم سيدفعون ثمن عدم قبول تمديد التهدئة الجائرة (وقد ارتقى شهيدان من قادة حماس في معركة الفرقان وكما يعلم الجميع) - تم إعلان الحرب رسميًّا من قاهرة المعز وكما صرحت "ليفني" بين يدي أبي "الغطيط" - عشية الضربة الجوية الأولى استقبل النظام المصري 400 عنصر دحلاني وجهزهم على حدود القطاع بعد نحو 36 ساعة من أول إنفجارٍ في غزة؛ وكان هذا إعدادًا لِما اعتقد المباركيون أنه انهيار وشيك للنظام في القطاع يهيئ لعودة "الإس أو بي" - كما سماه أرباب عمله الأمريكيون - وجلاوزته - حرص مبارك من أول أيام العدوان على إطلاق المواقف التي تهدف لصيانة "تراث الاحتلال" وحماية حق الكيان في اضطهاد غزة والضفة معا (الإصرار على بقاء معابر غزة كلها - بما فيها المعبر المصري الفلسطيني الخالص في رفح - مرهونًا بقرار المحتلين) - وضح مبارك في نفس الموقف كيف أن منع دخول السلاح للقطاع وحق الكيان في فرض الحصار عليه أمر بديهي؛ وعمل أيضًا على الحط من حماس بطريقة مضحكة سخرت به وبنظامه؛ فاعتبر أن الحركة غير أمينة على المعابر بحجة أنها تستخدمها لأغراضها الخاصة؛ وإلا فلماذا منعت حجاج "الضفة" - كما قال حرفيًّا - من السفر "وأت الحِجْ" (أحلف بالله أن هذا الخرف لا يدري ما الضفة وما القطاع) - حتى اليوم الحادي عشر في الحرب كانت غزة تنوء بآلام ثلاثة آلاف جريح سمح النظام المباركي لأربعة عشر منهم ومائة فقط - 114 - بالسفر لمصر للعلاج (بمن فيهم التسعة الذين ذهبوا للسعودية - "خلف الله عليها" - ومن غادروا لبلاد أخرى) - ثم أخذت أفواج جثث الجرحى - الذين كانوا جرحى وقضوا في مستشفيات مصر "التي كسرت خاطري"- بالعودة للقطاع؛ ودخلت هذه الجثامين مع قليل من أطنان الأدوية مع التشديد على منع دخول المساعدات الغذائية من معبر رفح (كما هو معلوم فمن الأفضل للجريح والمشرد أن ينام "خفيف") - وواصلت مصر السماح للأطباء العرب والأجانب بالدخول لغزة بالقطارة - من كل مائة واحد أو نحو ذلك - كذلك واصلت تسميم أبصار الغزيين والجمهور العربي بتصدير "حسام زكي" للدفاع عن الموقف المصري على شاشة الجزيرة؛ الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في توضيح وجهة نظر النظام المصري وكسب أصدقاء أوفياء له مثل "آفي ديختر" و"محمود عباس" وفرقة المشعوذين التي تعمل معه (أصدروا بيانات للدفاع عن موقف النظام المصري وسيروا مظاهرات لرعاعهم ليأيدوه - هذا في الوقت الذي كان فيه العدنيون يقتحمون السفارة المصرية في مدينتهم لأنهم لم يجدوا سفارة صهيونية هناك لتفجيرها سبع مرات إحداها بالنعال)
- ثم كررت مصر رفضها لفكرة السماح بوصول السلاح لغزة وتمسكت برفض سحب السفير من "تل أبيب". في ذات اليوم كان المتظاهرون المؤيدون لغزة في "تورنتو" يطبعون صورة وجه حسني مبارك على جسد كلب (مصدر حسن الاطلاع أكد أن حوادث انتحار الكلاب وإصابتها بتساقط الشعر قد تضاعفت في كندا من ذلك اليوم بشكل يفوق المعدلات العامة) - في اليوم التالي قرأت مقالاً للأستاذ حسن نافعة يشرح فيه كيف أن موقف النظام المصري من حرب غزة كشف كم هو صغير وتافه (فتحسن ضغط الدم عندي قليلاً) - لكن النظام استمر في وساخته؛ ورشحت أنباء عن قيامه باستجواب الجرحى وتهديدهم بوقف العلاج إن هم "لم يتعاونوا" في مسائل من قبيل تحديد أماكن تواجد قادة حماس وأماكن إطلاق الصواريخ وطرق تهريب السلاح وفوق البيعة أين يتم إخفاء "جلعاد شاليط". - ثم شاهدت على قناة "السي ان ان" كيف تم "دفش" غازي حمد من قبل "مخبر" مصري على حدود رفح كان يريد منه أن يدخل للقطاع وينهي حديثه الصحافي؛ فقدرت أن "عناق" - اسم ***** عاشت في مكة حين كانت في يد كفار قريش - كانت ستكون أكثر رجولة من هذا المخبر وأسياده. - وبذل نظام مبارك جهدًا جبارًا في إفشال قمة الدوحة؛ ومنع اكتمال نصابها؛ وحرص على تبيان أن هذه الأمة أمة مفتضحة لا تقوى حتى على مجاراة "بوليفيا" في عروبتها ونخوتها! - وقالت صحيفة أمريكية أن "واشنطن" و"القاهرة" تمنحان الكيان الصهيوني الوقت الكافي لتدمير حماس - وفي اليوم التالي قرأت عن "رويترز" أن شهود عيان قالوا أن الطيران الصهيوني يحلق أثناء وقبل وبعد الغارات على غزة في سماء سيناء. لكن فيم العجب؟ أليس "البيت بيتك" اسم البرنامج المسائي الذي خصص على شاشة تلفزيون مبارك - أثناء الحرب - للردح و"فرش الملاية" لحماس؟ - ثم سقط صاروخ "إسرائيلي" في رفح المصرية؛ وانتظرت سماع تهديدٍ "بكسر أرجل" الطيارين أو قادتهم؛ لكنني تذكرت أن "ضرب الحبيب زبيب وحجارته قطين". (القطين هو أحد مكونات "الياميش" إن كان إعلاميو مبارك الجهلة - حقيقة لم أجد أشد منهم جهلاً - لا يعرفون)
- بعد ذلك سمعت تصريحًا - لا أذكر لأي هامان من هامانات فرعون هذه المرة - يرفض فيه إقامة دولة إسلامية على حدود مصر (أما دولة "يهودية" فأهلاً وسهلاً بطبيعة الحال) - ثم مرر لي أحدهم رابطًا للتسجيل الذي يقول فيه "عماد الدين أديب" أنه ليس عمادًا للدين ولا أديبًا؛ وأن الأرض التي انخسفت بقارون سوف "تزور" حين يهلك هذا الملعون ويدفن فيها. - في اليوم التالي طالب حرامي الانتخابات الذي أخذ الأصوات التي أعطاها الناس لأحد قادة الإخوان - طالب حرامي الأصوات مصطفى الفقي بمحاكمة "حماس" على المجزرة التي أعلن الكيان الصهيوني بدأها من أرض بلاده. (يا بجاحتك يا أخي) - وحافظت الجامعة العربية في هذه الأثناء على موقفها الدنيء برعاية عمرو موسى - وحافظت الجزيرة على المعدل العالي للتلوث البصري من خلال استضافة خبراء لجنة السياسات للدفاع عن الخيانة والعمالة واتهام حماس. - ولم ينف مبارك أنه قال لممثلي الاتحاد الأوروبي أنه لا يجب السماح لحماس بأن تفوز في الحرب. - وحتى "الجيروسالم بوست" انتبهت لتفوهات "الهلفوت" بهجت الأباصيري ضد حماس! - وقبل أن أقرأ الإيميل عن تقرير جريدة الأسبوع كنت قد قرأت بعضًا ما قاءه الصليبي المتصهين نجيب ساويرس عن حماس (لكن لا تعذلوه فهو أحد أكبر المستثمرين الأجانب في الكيان الصهيوني و"أكل العيش يحب الخفية") أو بعد كل هذا ترون في البازيلاء والبامية والفول الأخضر ما يزيد في العار والعيب على أصحاب الضمير الأسود هؤلاء؟! حسب التسلسل المنطقي للمواقف التي صدرت عن النظام المصري فأنا أشك أن "الأسبوع" لم تتوصل لكشف كل شيء بعد. ومن يدري؛ فلعل المستقبل سيفصح عن أن شركة أخرى وردت حلواء "أم علي" للواء "جولاني"؛ وشركة ثالثة تعهدت بتأمين "خنازير" جيش الدفاع بالشيشة؛ فاختلط نداء "نار يا ولد" بنداء "أطلق النار يا آمر الدبابة"! ( اعجبتني هذه المقاله فأحببت أن انقلها لكم )
__________________ |