كيف أتصّرف عندما يكذب طفلي؟ بسم الله الرحمن الرحيم كيف أتصّرف عندما يكذب طفلي؟ خوله مناصرة - من الطبيعي أن تشعر بالاستياء والضيق عندما تكتشف أن طفلك يكذب عليك، وقد تقلق من النتائج السيئة التي يعكسها الكذب على الأسرة.
ومن الطبيعي أن يختلق الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة قصصا من وقت لآخر، فلا تقلق على مصداقية طفلك. ففي هذه المرحلة، يبدأ الطفل باستعمال اللغة للتخيل، وللتحكم، والإنكار، فهو يستكشف مهاراته اللغوية التي تعلمها حديثا، باختبار تأثير كلماته على الآخرين، والكذب هو احد هذه المجالات في هذا الاتجاه.
فتخيل أن طفلك قد سكب كأس العصير، وبدأ بالادعاء أنا لم افعل ذلك فهو في قرارة نفسه وبشكل طبيعي يتمنى لو انه لم يفعل ذلك، ولا يريد أن يقع في مأزق بسبب هذا الخطأ، ولذلك يفضل عدم التركيز على موضوع الكذب عندما ينكر الطفل مسؤوليته، وبدلا من ذلك، يجب التركيز على حل المشكلة، وتصحيح الخطأ حيث يطلب إليه القيام بتنظيف العصير، وبهذه الطريقة يتم تجنب الدخول في معركة عبثية حول العصير المنسكب، وتحويل انتباه الطفل ليكون واقعيا وعمليا والقيام بعملية النظيف.
وإذا ما قام بعمل خاطئ واعترف مباشرة، فيجب تعزيز صدقه وأمانته، لتشجيعه على قول الحقيقة في جميع المواقف والأحوال.
ولثنيه عن الكذب في المستقبل، يمكن البدء بالحديث عن الكذب كتصرف سيء، وعندما يضبط وهو متلبس بالكذب، فمن الواجب ان يشرح له أن الكذب مؤذ، وكيف يمكن أن يسبب المشاكل، ومحاولة إجراء هذا الحديث على شكل نقاش قدر الإمكان، وأهم طريقة لتعليم الطفل الصدق هي في القول والعمل أي التعليم عن طريق محاكاة النموذج والمثل الأعلى، وهو الوالدين بالنسبة للطفل.
وقد يعتقد الأهل أن الطفل يكذب عندما يروي قصصا من الواضح أنها ليس صحيحة، فيمكن أن يقول الطفل: لقد رأيت فيلا حقيقيا في الحضانة اليوم لكن هذا لا يجب أن يؤخذ على محمل الكذب، ما لم تكن هذه القصص مؤذية لأحد، ومن الحكمة تشجيع الطفل على إعطاء تفاصيل أكثر لتطوير خياله، ويمكن أن يجلس احد الوالدين معه ليقوم برسم قصته على الورق.
يشير علماء النفس أن الكذب يبدأ مبكرا عند الأطفال في سن 2-3 سنوات ويرتبط بمعدل الذكاء، فكلما كان الطفل أكثر ذكاء بدأ بالكذب مبكرا وبمهارة اكبر.
ويكذب الأطفال لعدة أسباب منها: تجنب الدخول في مأزق، تحسين صورتهم لدى الآخرين، الانتقام، تجنب التوتر، للتوافق مع الأطفال الآخرين، لتجنب المسؤولية عن فعل ما، وتفادي العقاب.
وفي دراسات سيكولوجية لمراقبة الأطفال في بيئة طبيعية، تبين أن الطفل في عمر الأربع سنوات يكذب مرة كل ساعتين، وفي عمر الست سنوات يكذب مرة كل ساعة ونصف، وقد شذ عدد قليل من الأطفال عن هذه القراءات.
ومعظم الأطفال في سن السادسة الذين يكذبون بشكل دائم يتخلصون من هذه العادة في عمر السابعة، أما إذا أصبح الكذب آلية ناجحة لمواجهة المواقف الاجتماعية الصعبة، فسوف يستمر الطفل بالكذب، وحوالي نصف الأطفال يستمرون بذلك خلال مرحلة الطفولة.
كيف يتكون لدى الطفل هذا التوجه؟ لنتصور كيف يتوقع الوالدان من الطفل ان يتصرف عندما يفتح هدية ولم تعجبه، تعليمات الوالدين تكون بابتلاع كل مشاعره الصادقة وصياغتها على شكل ابتسامة مهذبة، ففي تجربة لأحد الباحثين التربويين يقوم الأطفال بلعبة لربح جائزة، وعندما يربحون الجائزة، وهي عبارة عن قطعة صابون رديئة، يمنح بعدها الطفل لحظات لاستيعاب الصدمة، فيسأله الباحث: هل أحببت الجائزة؟ فماذا كانت النتيجة؟
@ حوالي ربع الأطفال في سن ما قبل المدرسة، كذبوا وأجابوا بأنهم أحبوها،
@ حوالي نصف الأطفال في المدرسة الابتدائية كذبوا وأجابوا بأنهم أحبوها.
إن عملية الكذب تسبب شعورا بعدم الارتياح، وخاصة عندما يطلب من الطفل ان يقدم تفسيرا لماذا أحب الجائزة.فالأطفال الذين ابتهجوا عندما ربحوا في اللعب، بدأوا فجأة بالتململ والهمهمة بهدوء.
وفي واقع الأمر؛ يتعلم الأطفال كما قلنا سابقا بمحاكاة النموذج، ومن السلوكيات التي يشاهدونها في البيئة المحيطة، لذلك فالمدرسة لا تعلم المواد الأكاديمية فقط، بل تربي وتعلم كيفية التفاعل الاجتماعي مع الآخرين بطرق مناسبة.
لذلك لا يجب أن نتفاجىء عندما يختار أطفالنا أفضل حسناتنا: كالصدق والإخلاص والمبادئ والأخلاق، لكنهم أيضا يأخذون بعض أسوأ صفاتنا. فهل يمكن الاعتقاد أننا استطعنا تجنيبهم هذا التعلم؟ قد نستطيع وقد لا نستطيع.
وفي المعدل؛ يكذب الراشدون في واحد من أصل خمسة تفاعلات اجتماعية، إلا إذا كنت شديد الحساسية وشديد المعرفة للبيئة والتفاعلات مع الآخرين، فهناك بديهيات حياتية يومية لا يمكن تجاوزها بسهولة.
إذن فالمشكلة ليست خطأ الطفل، بل هي انعكاس لما يحصل في البيئة المحيطة به. |