عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-16-2009, 10:46 AM
 
رد: كنوز السيرة للشيخ عثمان الخميس ...

طفولته:

وهكذا بقي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بني سعد حتى إذا كانت السنة الرابعة من عمره أو الخامسة وقع حادث عجيب. وذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب واستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثمّ غسله أي القلب في طست من ذهب بماء زمزم ثمّ لأمه (أي أعاده إلى مكانه) وجاء الغلمان يسعون إلى أمّه ، أي حليمة، فقالوا إن محمداً قد قتل، لأنهم رأوا الملك جاء إليه وشق صدره وأخرج قلبه، فخرجت حليمة مع زوجها ينظرون إلى مقتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوجدوه قائماً صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكنه ممتقع اللون لأن هذا الأمر غريب بالنسبة إليه صلوات الله وسلامه عليه، وهذه آية من آيات الله تبارك وتعالى، والله جلّ وعلا على كل شيء قدير سبحانه وتعالى، عند ذلك خافت حليمة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فردته إلى أمه.


وفاة أمّه:


لما بلغ السادسة من عمره خرجت أمه به لتزور قبر والده في طريق المدينة فزارت قبر أبيه وكان معها في سفرها هذا جده عبد المطلب وخادمتها أم أيمن فبعد أن زارت قبر والده ورجعت إلى مكة وهم في الطريق إلى مكة ماتت أمّه صلوات الله وسلامه عليه في مكان بين مكة والمدينة يقال له الأبواء. فبعد أن كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتيم الأب صار صلوات الله وسلامه عليه في السادسة من عمره يتيم الأب والأم بأبي هو وأمي.

وفاة جدّه:


كفله جدّه ورباه ولما بلغ الثامنة من عمره مات جدّه عبد المطلب.


احتضان عمّه له:


عند ذلك احتضنه عمه أبو طالب ورباه بعد ذلك حتى بلغ سن الرجال صلوات الله وسلامه عليه وقد قام أبو طالب بحق سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير قيام، وكان ربما قدّمه على ولده.


حادثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع الراهب بحيرى:


ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اثنتي عشرة سنة خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام في التجارة ووقعت له هناك حادثة غريبة وهذه الحادثة تتمثل في أن أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرّ على راهب يقال له بحيرى في مكان يقال له بصرى وهذا الراهب اسمه جرجيس ولما نزل به أبو طالب ومن معه أكرم ضيافتهم ثمّ قال: من معكم؟ قالوا: نحن قال: ما معكم أحد آخر؟ قالوا: معنا صبي عند متاعنا قال: ائتوني به فلما جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورآه بحيرى الراهب نظر في وجهه وكان يعرف أن هذا الوقت وقت خروج نبي ثمّ بحث فوجد خاتم النبوة. وخاتم النبوة هذا عبارة عن ورمة في كتف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من خلف في قدر البيضة فقال بحيرى لأبي طالب: إنكم حينما أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا وخرّ ساجداً للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تسجد هذه إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة في أسفل غضروف كتفه، مثل التفاحة إن وجدناه في كتبنا ارجع به فإني أخاف عليه اليهود (أي في الشام)، فرجع به إلى مكة.


حلف الفضول:


وحضر صلوات الله وسلامه عليه حلف الفضول وذلك حين بلغ الخامسة عشرة من عمره. وهذا الحلف تداعت إليه بنو هاشم وبنو المطلب وبنو أسد وبنو زهرة وبنو تيم، اجتمعوا في دار عبدالله بن جدعان التيمي وذلك لسنه وشرفه وتعاقدوا على ألاّ يجدوا مظلوماً بمكة سواءً كان من أهلها أو من غيرهم إلا نصروه وأخذوا له حقه. وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه يقول بعد ذلك حضرت حلف الفضول ولو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت وما أحب أن لي به حمر النعم، (هي الإبل الحمراء التي تشتاق إليها نفوس العرب وتحبها).

قبل البعثة:

كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تلك الفترة يرعى الغنم مقابل قراريط أي أموال قليلة لأهل مكة عن جابر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمر الظهران، مكان قريب من مكة، ونحن نجني الكباث، (الكباث ثمر الأراك وهو السواك)، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: عليكم بالأسود منه قال: فقلنا يا رسول الله كأنك رعيت الغنم، قال: نعم، رواه الإمام مسلم في صحيحه. وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم فقال أصحابه: وأنت قال: نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة، رواه الإمام البخاري في صحيحه. قال أهل العلم لعل الحكمة من إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يتلقونه من القيام بأمر أمتهم في مخالطتها ، (أي الغنم)، ما يحصل لهم الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى ودفع عدوها عنها ألفوا من ذلك الصبر على الأمة وخصّ الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر. وبعد رعي الغنم اشتغل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالتجارة.

زواجه:

بلغ خديجة بنت خويلد ما وصف به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كريم الأخلاق والأمانة فبعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام. وخديجة من أشراف قومها من بني مخزوم وأرسلت معه غلاماً لها يقال له ميسرة فوافق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخرج بمالها وتاجر لها ولما رجع إلى مكة أخبرها ميسرة بما وقع من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كريم خلقه وحسن تعامله وما كانت من بركة وقعت له صلوات الله وسلامه عليه كل هذا جعلها تعجب به فتحدثت عن إعجابها به مع صديقاتها وكان ممن تحدثت معها صديقة لها يقال لها نفيسة فذهبت نفيسة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعرضت عليه أن يتزوج خديجة فقبل صلوات الله وسلامه عليه وذهب مع أعمامه إلى عم خديجة وتمّ الزواج. وكانت سنها على المشهور أربعين سنة وكان سن النبي صلوات الله وسلامه عليه الخامسة والعشرين.

وقد أحبها النبي صلوات الله وسلامه عليه حباً شديداً ولم يتزوج عليها في حياتها أبداً.
__________________
قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى :
عليك بطريق الحق و لا تستوحش لقلة السالكين و إياك و طريق الباطل و لا تغتر بكثرة الهالكين ....
رد مع اقتباس