02-22-2009, 09:57 AM
|
|
وَبَكى أيوب!! بسم الله الرحمن الرحيم وَبَكى أيوب!! مرّة جاء أيوب، وسلّم على عجوز المدفأة..
جلس عندها، ولم يستطع أن يصف لها صبره الأسطوري، وعذاباته التي واجهها فيما مضى من الزمان.
كما أنها لم تتحدث هي أيضا، فأخذ يتأمل واقع حالها: تابع أتلام التعب على تفاصيل وجهها، وتأمل الحزن المشعّ من عينيها، وسرّح نظره في خريطة بؤس ردائها، وكاد أن يجفل حين حرّكت يديها وقدميها فتناثرت الأتربة عتبا وأسئلة من بين أصابعها.
***
أيوب خجل من أن يروي لعجوز الفقر قصته بعد أن رأى معاناتها شجرا من الصَبر المحاصر بأشواك العَوز والبرد والوحدة والقهر.
وقف صامتا، وتحسس المدفأة فكانت باردة، لا نار فيها، وعاين البرّاكية ، فكادت تتساقط شوالات البلاستيك المنسوجة منها، ولم يجد من مأكل إلا لبناً تخثَّر فاسداً وهو مُعلّقٌ في الزاوية البعيدة، وكادت أقدامه تنزلق في الأتربة المتناثرة حول العجوز..
أيوب بكى، مودّعا العجوز، ومضى وهو يقرأ سفر الفقر الذي استوحاه في وجهها، حامداً الله أنه لم يعش هذا الزمان، ومات كريما، جليلا، مستور الحال!! |