عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-22-2009, 12:53 PM
 
جريدة الجزيرة ..بفضل تكنولوجيا المعلومات.. شقة محتوياتها تسمع وتفهم والكفيف فيها كالمبصر!




نقلا من مدونته

ahmedkkhairy.blogspot.com


ريبورتاج


بفضل تكنولوجيا المعلومات..

شقة محتوياتها تسمع وتفهم والكفيف فيها كالمبصر!






القاهرة - أحمد خيري:

في‏ ‏الدور‏ ‏الثامن‏ ‏بإحدى‏ ‏العمارات‏ ‏الفخمة‏ ‏بحي‏ ‏المهندسين‏ ‏بمدينة الجيزة، وقفت‏ ‏وزميلي‏ ‏المصور‏ ‏أمام باب إحدى الشقق، أبحث‏ ‏عن‏ ‏جرس‏ ‏للباب‏ ‏فلم‏ ‏أجد‏، ‏فهممت بطرقه‏ فانفتح‏ ‏فجأة‏، بحثت ‏عن‏ ‏أحد‏ ‏بجواره، فلم أجد وجاءني‏ ‏صوت‏ ‏من‏ ‏الداخل‏ ‏مرحبا‏ وطالبا‏ ‏دخولي‏ ‏الشقة‏.. بمجرد‏ ‏دخلونا‏ ‏تناهى لسمعي ‏الصوت‏ ‏نفسه يقول‏ ‏أغلق‏ ‏الباب‏، ‏وحينما‏ ‏اتجهت ‏لإغلاقه‏ ‏وجدت‏ ‏الباب‏ ‏ينغلق‏ ‏من تلقاء نفسه.

(حجرة‏ ‏الصالون‏ ‏على ‏يمينكما ‏تفضلا) قالها‏ ‏‏‏الصوت‏ ‏نفسه الذي‏ ‏أنهى ‏كلامه‏ ‏بجملة‏: ‏افتح‏ ‏نور‏ ‏الصالون‏، ‏فجأة‏ ‏وجدنا‏ ‏كافة‏ ‏الأنوار‏ ‏داخل‏ ‏الصالون‏ ‏قد‏ ‏أضيئت‏ ‏من تلقاء نفسها، ثم جاءنا الصوت نفسه،: هل تريدون تكييف ساخن أم لا، ‏فطلب‏ ‏زميلي‏ ‏أن‏ ‏يعمل‏ ‏جهاز‏ ‏التكييف‏، وبدون‏ ‏أدنى‏ ‏حركة‏ ‏قال صاحب الصوت: جهاز‏ ‏التكييف‏ ‏رقم‏ 3، فبدأ‏ ‏جهاز‏ ‏التكييف‏ ‏الخاص‏ ‏بحجرة‏ ‏الصالون‏ ‏فقط‏ ‏في العمل وفي‏ ‏دقائق‏ ‏شعرنا‏ ‏بالدفء.. ما الذي يحدث في هذه الشقة التي بدت محتوياتها وكأنها مزودة بآذان صاغية تتلقى الأوامر من صاحب الصوت فتفهم وتنفذ؟

جاءت زيارتنا للشقة للتأكد على أرض الواقع بمدى ما يمكن أن تفعله الثورة التي اجتاحت عالم الحاسبات والإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات عموماً لذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين، فالشقة مملوكة لشخص يعاني من العمى، تولت إحدى الشركات المتخصصة تجهيزها بنظام معلومات وإلكترونيات خاص، لمساعدته على ممارسة حياته بمفرده داخل الشقة كما لو كان مبصراً، ودون مساعدة من أحد، فقد حاول النظام أن يكون وسيطاً ذكياً بين ساكن الشقة ومحتوياتها جميعاً، يجعل هذه المحتويات تسمع صوت صاحبها فتفهم وتنفذ ما يريد.

بعد‏ ‏فترة‏ ‏من‏ ‏وجودنا مع‏ ‏محمد‏‏ صاحب الشقة، لم‏ ‏نشعر‏ ‏بأننا‏ ‏نجلس‏ ‏مع‏ ‏شخص‏ ‏كفيف‏ ‏بل‏ شخص‏ ‏عادي‏ ‏يتعامل‏ ‏مع‏ ‏كافة‏ ‏الأجهزة‏ ‏والمعدات‏ ‏الحديثة‏ ‏الموجودة‏ ‏في‏ ‏شقته‏ ‏كأنه‏ ‏شخص‏ ‏مبصر، ولا يبدو هناك أي شيء غريب سوى سماعة صغيرة يعلقها محمد على فتحة القميص الذي يرتديه، تتيح له فرصة التحدث من خلالها إلى أي جهاز داخل الشقة، فمثلاً بعد دقائق من جلوسنا معاً سألنا‏ ‏محمد‏ ‏عن‏ ‏شيء‏ ‏نشربه‏ ‏كواجب ضيافة، ففضلنا‏ ‏أن‏ ‏لا نطلب‏ ‏شيئا‏ً ‏لكونه بمفرده وسيصعب عليه القيام بهذا الواجب‏ ‏فاعتذرنا‏، ‏ولكنه‏ ‏ألح‏ ‏عندما‏ ‏شعر‏ ‏بإحراجنا‏، ‏وقال‏ ‏بصوت مسموع: حاجة (‏ساقعة‏)‏..‏ الثلاجة‏ 2، ففتحت ثلاجة صغيرة بالصالون أبوابها، وتناولنا منها المشروب.

حينما لمحت جهاز‏ ‏كمبيوتر‏ ‏موجود‏ ‏في‏ أحد أركان ‏الشقة، وهممت بالذهاب ناحيته للتعرف على إمكاناته التي تتيح استعماله من قبل المكفوفين..‏تحدث‏ ‏في‏ ‏السماعة‏ التي يحملها، ‏فعمل‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر بمفرده‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏أصل ‏إليه‏، وجدت‏ ‏أن‏ ‏لوحة‏ ‏المفاتيح‏ ‏(كيبورد‏) ‏تحتوي‏ ‏على‏ ‏رموز‏ ‏بارزة‏ ‏على‏ ‏مفاتيحها‏ مصممة باستخدام نظام‏ (برايل)، إضافة‏ ‏إلى ‏وجود‏ ‏برامج‏ ‏خاصة‏ ‏مثبتة على‏ جهاز ‏الكمبيوتر، يمكنها تحويل النصوص المكتوبة إلى إشارات وأصوات، ومن ثم يتفاعل مع الشخص الكفيف عبر قراءة النصوص‏ ‏المعروضة وإذاعتها‏ ‏صوتياً.

نظام‏ ‏مصري

هذا‏ ‏النموذج‏ ‏السابق‏ ‏ليس‏ ‏ضربا من‏ ‏الخيال‏، ‏ولكنه‏ ‏واقع‏ ‏يوضح‏ ‏أهمية‏ ‏تطويع‏ ‏استخدام‏ ‏الوسائل‏ ‏التكنولوجية والأنظمة‏ ‏الإلكترونية‏ ‏في‏ ‏مساعدة‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏، ‏لكي‏ ‏يعتمدوا‏ ‏على ‏أنفسهم‏ ‏ويصبحوا‏ ‏عناصر‏ ‏إيجابية‏، ‏كما‏ ‏يؤكد‏ ‏هذا‏ ‏النموذج‏ ‏على ‏وجود‏ ‏صناعة‏ ‏إلكترونية‏ ‏محلية‏ واعدة تحتاج‏ ‏إلى ‏تبني‏ ‏الدولة‏ ‏لها‏ ‏وتشجيعها.

يقول ‏‏المهندس‏ محمد‏ ‏عبد‏‏اللطيف‏ ‏أبو‏ ‏العزم‏ ‏العضو‏ ‏المنتدب‏ ‏للشركة‏ ‏صاحبة براءة‏ ‏اختراع هذا‏ ‏النظام‏ ‏إن‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏الإلكتروني‏ يمكن‏ ‏تركيبه‏ ‏بكل‏ ‏سهولة‏ ‏في‏ ‏أماكن‏ ‏معيشة‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏، ‏لمساعدتهم في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، والنظام يمكن التحكم فيه بوسائل‏ ‏تختلف‏ ‏حسب‏ ‏نوع‏ ‏الإعاقة‏، ‏فالكفيف‏ ‏مثلا‏ً ‏يستعمل‏ ‏الصوت‏ ‏في‏ ‏إعطاء‏ ‏الأوامر، أما الشخص الذي يعاني من إعاقة حركية‏ ‏يمكنه ‏‏أن‏ ‏يتعامل مع النظام عبر ‏الصوت‏ ‏أو‏ باستخدام ‏الريموت‏ ‏كنترول‏، ويتكون‏ النظام‏ من‏ ‏وحدات‏ ‏معينة‏ ‏تم‏ ‏التوصل‏ ‏إلى‏ ‏تصميمها‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏الهندسة‏ ‏العكسية‏ ‏وتصنيعها‏ ‏في‏ ‏مصر‏، ‏وهذه‏ ‏الوحدات‏ ‏يتم‏ ‏تركيبها‏ ‏عند‏ ‏مفاتيح‏ ‏الكهرباء‏ ‏الخاصة‏ ‏بجميع‏ ‏الأجهزة‏ ‏الموجودة‏ ‏في‏ ‏المكان، مثل‏ ‏قفل‏ ‏الباب‏ ‏الكهربائي‏ ‏ومفتاح‏ ‏التكييف‏، ‏وتتصل‏ ‏‏بجهاز‏ ‏كمبيوتر‏ ‏خادم‏ ‏مجهز‏ ‏ببرامج‏ ‏خاصة‏ ‏تقوم‏ ‏ببرمجتها‏ ‏وتشغيلها‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلى‏ ‏وحدة‏ ‏استقبال‏ ‏خاصة‏ ‏للتحكم‏ ‏في‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، ‏وهذه‏ ‏الوحدة‏ ‏تعتمد‏ ‏في‏ ‏عملها‏ ‏على‏ ‏وحدات‏ ‏صوتية‏ ‏مثل‏ ‏الميكروفونات‏ ‏الحساسة‏ ‏التي‏ ‏يتم‏ ‏زراعتها‏ ‏في‏ ‏الأماكن‏ ‏المختلفة‏،‏ لتستقبل‏ ‏الأوامر‏ ‏من‏ ‏الشخص‏،‏ ‏بعد‏ ‏تشفير‏ ‏صوته‏ ‏على ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، ‏لذلك‏ ‏فإن‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏لا يعمل‏ ‏إلا‏ ‏مع‏ ‏الشخص‏ ‏الذي‏ ‏صنع‏ ‏له‏ ‏وتم‏ ‏برمجته‏ ‏على‏ ‏صوته‏، ‏كما‏ ‏تعمل‏ ‏وحدة‏ ‏الاستقبال‏ ‏المتصلة‏ ‏بالكمبيوتر‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏استخدام‏ ‏الريموت‏ ‏كنترول‏ ‏أو‏ آلة الرد على المكالمات التليفونية.

عمل‏ ‏النظام

بمجرد‏ ‏أن‏ ‏ينطق‏ ‏الشخص‏ ‏باسم‏ ‏الجهاز‏ ‏المراد‏ ‏تشغيله، ‏تلتقطه ‏السماعة‏ ‏لتوصيلها‏ ‏إلى ‏وحدة‏ ‏الاستقبال‏ ‏التي‏ ‏تقوم‏ ‏بتشفير‏ ‏الكلام‏ ‏إلى‏ ‏أرقام‏ ‏موجودة‏ ‏على ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، ‏لأن‏ ‏لكل‏ ‏جهاز‏ ‏في‏ ‏المكان‏ ‏رقماً‏ ‏معيناً‏، ‏وعن‏ ‏طريق ‏الرقم‏ ‏الذي‏ ‏يحدد‏ ‏الجهاز‏ ‏المراد‏ ‏فتحه، يقوم‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏بإصدار‏ ‏الأمر‏ ‏إلى‏ ‏الوحدة‏ ‏التي‏ ‏تحمل‏ ‏هذا‏ ‏الرقم‏ ‏والموجودة‏ ‏بجوار‏ ‏مفتاح‏ ‏الكهرباء، الذي‏ ‏يفتح‏ ‏أو‏ ‏يغلق‏ ‏الطاقة‏ ‏الكهربائية‏ ‏الداخلة‏ ‏إلى‏ ‏هذا‏ ‏الجهاز‏ ‏فيعمل‏ ‏أو‏ ‏يغلق‏، ‏وبالطريقة نفسها‏ يعمل‏ ‏الريموت‏ ‏والذي‏ ‏يعتبر‏ ‏أسهل‏ ‏في‏ ‏استخدامه‏ ‏عن‏ ‏الصوت‏، ‏لأن‏ ‏كل‏ ‏زر ‏به‏ ‏يحمل‏ ‏رقم‏ ‏الجهاز‏، ‏بالإضافة‏ ‏إلى ‏أنه‏ ‏يستطيع‏ ‏التغلب‏ ‏على‏ ‏مشكلة‏ ‏تغيير‏ ‏الصوت‏ ‏عندما‏ ‏يتعرض‏ ‏الشخص‏ ‏للمرض‏.

أما‏ ‏طريقة‏ ‏التحكم‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏التليفون‏ ‏فتختلف -كما يقول‏ ‏المهندس محمد‏ ‏عبد‏ ‏اللطيف‏-‏‏ ‏عن‏ ‏الطريقتين‏ ‏السابقتين‏، ‏فعلى سبيل‏ المثال‏ ‏إذا كان أحد الأشخاص‏ ‏في مكان‏ ‏عمله، وجاءه خبر بأن هناك أحد الأفراد يريد‏ ‏أن‏ ‏يفتح‏ ‏له باب‏ ‏الشقة‏ أو‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يعمل ‏التكييف‏ ‏أو‏ ‏السخان‏ ‏قبل‏ ‏وصوله‏ ‏فيقوم‏ ‏بالاتصال‏ ‏بالتليفون‏ ‏العادي‏ ‏فترد‏ ‏عليه‏ آلة الرد، وبعد‏ ‏أن‏ ‏يعطيه‏ ‏الصفارة‏ ‏يقوم‏ ‏الشخص‏ ‏بإدخال‏ ‏أرقام‏ ‏سرية‏ ‏معينة‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏مفاتيح‏ ‏التليفون‏، لتقوم آلة الرد‏ ‏بتأدية مهامها عن‏ ‏طريق‏ ‏تشفير‏ ‏تلك البيانات‏ ‏وإرسالها‏ ‏إلى ‏وحدة‏ ‏الاستقبال‏، ‏ليقوم‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏بإصدار‏ ‏الأوامر‏ ‏بفتح‏ ‏الجهاز‏ ‏المراد تشغيله.

تخفيض‏ ‏الأسعار

عن‏ ‏أسعار‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏وعدم‏ ملاءمته‏ ‏مع‏ ‏المستويات‏ ‏الاجتماعية‏ ‏المختلفة‏ ‏لذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏يقول‏ ‏محمد‏ ‏الشرقاوي‏ ‏رئيس‏ ‏مجلس‏ ‏إدارة‏ الشركة‏ ‏صاحبة‏ ‏النظام‏ ‏الإلكتروني‏ ‏بأن‏ ‏تصنيع‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏بأقسامه‏ ‏الثلاثة‏ (‏البرمجيات‏ ‏ - ‏أجهزة‏ ‏التحكم‏ - ‏الكمبيوتر‏ ‏الخادم‏) ‏أدى ‏إلى‏ ‏الوصول‏ ‏بسعر‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏إلى‏ ‏حوالي‏ 30% ‏من‏ ‏سعره‏ ‏بالخارج‏، الأمر الذي يجعل من السهل انتشاره واستخدامه من قبل فئات أوسع، ويضيف: ‏نأمل‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏ ‏وبعد‏ ‏الانتهاء‏ ‏من‏ ‏إجراء‏ ‏الاتفاقيات‏ ‏الخاصة‏ ‏مع‏ ‏بعض‏ ‏المصانع‏ ‏الإلكترونية‏ ‏لتصنيع‏ ‏أجهزة‏ ‏التحكم‏ ‏بها‏ ‏أن‏ ‏نصل‏ ‏إلى‏ ‏تخفيض‏ ‏التكلفة‏ ‏وبالتالي‏ ‏الأسعار، ولأن‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏ ‏هم‏ ‏مسؤولية‏ ‏الحكومة‏ ‏فإن‏ ‏دعم‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏تصنيعه‏ ‏داخل‏ ‏المصانع‏ ‏الحكومية‏ ‏سيؤدي‏ ‏حتماً‏ ‏إلى‏ ‏انتشار‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏داخل‏ ‏أماكن‏ ‏تواجدهم‏ ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏شققاً‏ ‏أو‏ ‏معاهد‏ ‏أو‏ ‏ملاجئ‏ ‏أو‏ ‏غيرها‏ ‏من‏ ‏الأماكن.

سياحة‏ ‏المعاقين

ويقول‏ ‏المهندس‏ ‏فؤاد‏ ‏الماظ‏ ‏مدير‏ ‏المبيعات‏ ‏والتسويق‏ ‏بأن‏ ‏الشركة‏ ‏قامت‏ ‏بعرض‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏على‏ ‏كثير‏ ‏من‏ ‏الأماكن‏ ‏السياحية‏ ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏فنادق‏ ‏أو‏ ‏قرى‏ ‏سياحية‏ ‏وخاصة‏ ‏في‏ ‏أماكن‏ ‏سياحة‏ ‏الاستشفاء‏ ‏التي‏ ‏يأتي‏ ‏إليها‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏السياح‏ ‏المعاقين‏، ‏لأنه‏ ‏لا يوجد‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏حتى‏ ‏الآن‏ ‏مكان‏ ‏مجهز‏ ‏للمعاقين‏ ‏مما‏ ‏يسبب‏ ‏المشاكل‏ ‏والمعوقات‏ ‏الكثيرة‏ ‏أمام‏ ‏حضور‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏ ‏إلى‏ ‏مصر‏ ‏واتجاههم‏ ‏إلى ‏الدول‏ ‏التي‏ ‏توفر‏ ‏لهم‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الأنظمة‏ ‏التي‏ ‏تسهل‏ ‏استمتاعهم‏ ‏بها‏ ‏وبذلك‏ ‏تفقد‏ ‏مصر‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏دخل‏ ‏هؤلاء‏ ‏السياح.

صورة أخرى

في‏ ‏التجمع‏ ‏الخامس‏ ‏وبالتحديد‏ ‏في‏ ‏مدرسة‏ ‏ايفركير‏ ‏للتربية‏ ‏الخاصة‏، ‏وجدت‏ ‏مصطفى‏ ‏طفل‏ ‏في‏ ‏العاشرة‏ ‏من‏ ‏عمره‏، يجلس‏ ‏أمام‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏والدهشة‏ ‏تظهر‏ ‏على‏ ‏وجهه‏ ‏يعلم‏ ‏جيداً‏ ‏ما يكتب‏ ‏على‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، وبجواره‏ ‏جلست‏ ‏مدرسة‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏المتخصصة‏ ‏في‏ ‏كيفية‏ ‏استخدام‏ ‏الوسائل‏ ‏التكنولوجية‏ ‏المساعدة‏ ‏لتعليم‏ ‏الكمبيوتر‏، تفاحة‏ ‏يعني‏ ‏حرف‏ ‏ت‏، موزة‏ ‏يعني‏ ‏حرف‏ ‏م‏.

كانت‏ ‏المدرسة‏ ‏تشير‏ ‏لمصطفى ‏على‏ ‏لوحة‏ ‏المفاتيح‏ ‏ذات‏ ‏الحجم‏ ‏الكبير‏ ‏المغطاة‏ ‏بسطح‏ ‏غشائي‏ ‏رقيق‏ ‏مرسوم‏ ‏عليه‏ ‏أشكال‏ ‏كثيرة‏ ‏للحيوانات‏ ‏والفواكه‏ ‏والأرقام‏، ‏بحيث‏ ‏يعبر‏ ‏كل‏ ‏شكل‏ ‏أو‏ ‏رقم‏ ‏عن‏ ‏مفتاح‏ ‏معين‏ ‏يكتب‏ ‏على ‏الكمبيوتر‏ ‏حرفا‏ ‏أو‏ ‏رقما‏ ‏أو‏ ‏صورة‏ ‏أو ‏صوتا‏، ‏يعرفها‏ ‏مصطفى ‏ويضحك‏ ‏لها، أما‏ ‏فاطمة‏ ‏ومحمود‏ ‏وبقية‏ ‏التلاميذ‏ ‏يجلسون‏ ‏حولهم‏ ‏ينظرون‏ ‏ماذا‏ ‏يفعل‏ ‏مصطفى، البعض‏ ‏منهم‏ ‏ذكي‏ ‏ويفهم‏ ‏كل‏ ‏شيء‏، ‏ولكنه‏ ‏لا يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يتعامل‏ ‏مع‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، ‏لأن‏ ‏إعاقته‏ ‏حركية‏ ‏ولا يتحرك‏ ‏منه‏ ‏إلا‏ ‏أجزاء‏ ‏معينة‏ ‏من‏ ‏جسمه،‏ ‏مثل‏ ‏رأسه‏ ‏أو‏ ‏فمه‏ ‏ولكن‏ ‏لا توجد‏ ‏أدوات‏ ‏مساعده‏ ‏لهم‏ ‏تسهل‏ ‏تدريبهم‏ ‏وتأهيلهم‏ ‏على‏ ‏أجهزة‏ ‏الكمبيوتر.

وحول ‏‏وجود‏ ‏بعض‏ ‏الأدوات‏ ‏المساعدة‏ ‏التي‏ ‏تتناسب‏ ‏مع‏ ‏بعض‏ ‏أنواع‏ ‏الإعاقات‏ ‏وعدم‏ ‏وجود‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏الأدوات‏ ‏المساعدة‏ ‏في‏ ‏المدرسة‏ ‏تقول الدكتورة ‏هالة‏ ‏فؤاد‏ ‏مديرة‏ ‏المدرسة‏:‏ ‏لا نزال‏ ‏بعيدين‏ ‏كل‏ ‏البعد‏ ‏عن‏ ‏الاستفادة‏ ‏من‏ ‏تلك‏ ‏الوسائل‏ ‏الخاصة‏ ‏واستغلالها‏ ‏في‏ ‏تأهيل‏ الأطفال‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة،‏ ‏وذلك‏ ‏إما‏ ‏لعدم‏ ‏الاهتمام‏ ‏من‏ ‏الدولة‏ ‏بالقدر الكافي ‏لهؤلاء‏ ‏الأطفال‏، ‏أو‏ ‏عدم‏ ‏الوعي‏ ‏من‏ ‏جانب‏ ‏الأهل بأهمية‏ ‏تدريب‏ ‏وتأهيل‏ ‏الأطفال‏، ‏فعلى‏ ‏سبيل‏ ‏المثال‏ ‏هناك‏ ‏أعداد‏ ‏كثيرة‏ ‏خارج‏ ‏الإحصائيات‏، ‏لأطفال‏ ‏وشباب‏ ‏يعانون‏ ‏إعاقات‏ ‏مختلفة‏ ‏في‏ ‏قرى ‏مصر‏، ‏يتم‏ ‏التعامل‏ ‏معهم‏ على أنهم مهمشون‏ ‏في‏ ‏الحياة‏، و‏‏هناك‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏العائلات‏ ‏لا تعترف‏ ‏بوجود‏ ‏أطفال‏ ‏معوقين‏ ‏لديهم‏ ‏خوف ‏من‏ ‏نظرة‏ ‏المجتمع‏ ‏لهم‏ ‏وغيرها‏ ‏من‏ ‏النماذج‏ ‏فما‏ ‏بالنا‏ ‏إذا‏ ‏استخدمنا‏ ‏أدوات‏ ‏مساعدة‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏مساعدة‏ ‏هؤلاء‏ ‏الأطفال‏ ‏في‏ ‏الدخول‏ ‏إلى‏ ‏عصر‏ ‏المعلومات‏؟ ‏طبعا سترتفع‏ ‏تكلفة‏ ‏رعاية‏ ‏الطفل‏ ‏لأنه‏ ‏يحتاج‏ ‏إلى ‏رعاية‏ ‏خاصة‏ ‏وإفراد‏ ‏مدربين‏ ‏في‏ ‏الغالب‏ ‏أجورهم‏ ‏مرتفعة‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلى ‏تلك‏ ‏المعدات، والنتيجة‏ ‏سوف‏ ‏تكون‏ إحجاماً ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏أولياء‏ ‏الأمور‏ ‏في‏ ‏تأهيل‏ ‏أطفالهم.

وتضيف أنه ‏مع‏ ‏دخول‏ ‏مصر‏ ‏مشروع‏ ‏النهضة‏ ‏التكنولوجية‏ ‏انتظرنا‏ ‏مشروعاً ‏آخر‏ ‏للنهوض بهذه الفئة اعتمادا على تكنولوجيا المعلومات، ولكن لم يحدث، ولعله من المفيد أن يتعاون رجال الأعمال مع الدولة في دعم هؤلاء، خاصة أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين في مصر يقترب من خمسة ملايين مواطن، يمكن من خلال تكنولوجيا‏ ‏المعلومات‏ ‏والحاسبات‏ ‏والإلكترونيات إدماج عدد كبير منهم في المجتمع مرة أخرى، وإذا ما تم تصميم مشروع قومي في هذا الصدد، فهو بالتبعية سينعش صناعات البرمجيات والحاسبات والإلكترونيات العاملة في مجال مساعدة المعاقين، خاصة وأن هذا القطاع من الصناعة حقق نتائج جيدة، سواء في مجال الهندسة العكسية أو جودة كفاءة النظم المنتجة أو الوصول بأسعارها إلى مستويات منخفضة ومنافسة تناسب قدرات المواطن العادي. فمتي‏ ‏نسمع‏‏ عن مشروع‏ خاص‏ ‏بذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏ ‏في‏ ‏عصر‏ ‏المعلومات؟
رد مع اقتباس