عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-12-2009, 09:23 AM
 
الانزواء في المجهول

بسم الله الرحمن الرحيم
الانزواء في المجهول



- كثيرون يقضون على حياتهم وفعاليتهم بسلبيتهم التي تتميز بكثرة دهائها وقلة صراحتها مثلا هناك عدد كبير من الناس يلجأون الى تصرفات وعادات سائدة تجنبا منهم لمسؤولية العمل بافضل ما لديهم من نور ومعرفة وعذرهم السخيف هو ان (جميع الناس يفعلون ذلك ) ان المجتمع يتطلب ان نشاكله فان كنت دون مقاييسه عاقبك وان سموت فوق مقايسه قاومك فهو يتطلب ان تجانسه دون تطرف وبناء على ذلك يذعن الكثيرون لتلك المتطلبات بحيث يصبحون اصداء لا اصواتا واشياء لا اشخاصا.
ولهذا نجد ان الانزواء في المجهول معمول به في كل مكان ولسان حال المنزوي : (لا اريد ان اخالف ) وهكذا تخنق الاقتناعات وتقزم الشخصيات ويقضي على روح الحياة ثم تجد نفسك منسجما تجاري التيار وكأن لا مبدأ لك سوى مسايرة كل شيء حتى الحماقة هذا هو الشلل الزاحف الذي يقتل روح العالم اليوم .
بطلب من احد المتطرفين كاد احد نوادي الخدمة العامة ان يجسم الكراهية القتالة والتمييز العنصري غير ان احد المواطنين البارزين هب من مكانه ووقف في وجه التيار فما كان من الحاضرين الا ان هتفوا وصفقوا له طويلا وبهذا هزم الاقراح لماذا صفق الجمهور مثنيا على شجاعة ذلك الرجل ورجاحة عقله ؟ لانهم وجدوا فيه ما كانوا يودون وجدانه في انفسهم ولكن جرأتهم خانتهم والسببب هو انهم كانوا تحت سيطرة فلسفة حياتنا السائدة الا وهي فلسفة عدم الرغبة في المخالفة الفلسفة السلبية التي تخلق لنا حضارة باهتة لا لون لها ادبيا.
كثيرا ما تصاب النساء وكذلك الرجال بهذا الشلل الادبي الزاحف فقبل ان يقدم هؤلاء على عمل ما ينظرون الى ما حولهم لا الى ما فوق فما يفعلونه ليس فعلا بل ردة فعل وسرعان ما يصبحون نسخة كغيرهم ليس الا وهكذا يسرعون الخطى في هذا الاتجاه مع مرور السنين .
انها لشطارة ان يكون المرء عديم الاذى سريع الاندماج منزويا في المجهول واقرب شي الى اللاشيء وهذه الحالة تشخص كمرض من امراض هذا العصر المكتشف حديثا (التوحد) الحياة كنز عظيم ودفين لكننا لا نفعل شيئا سوى اضاعتها او خسارتها حتى قبل ان نعرف ما هي الحياة سخرنا منها واستخف الكثيرون منها بها وهكذا تضيع حياتنا سدى اذا لم نعرف ونختبر ما هو مختبئ فيها من اسرار وجمال وغنى.
ليس مهما مقدار الكنز الضائع فلو بقيت لحظة واحدة فقط من الحياة فان شيئا ما يمكن ان يحدث شيئا ما سيبقى خالدا شيئا ما يمكن انجازه ففي البحث عن الحياة لا يكون الوقت متأخرا ابدا وبذلك لا يكون هناك شعور لاحد باليأس لكن بسبب جهلنا وبسبب الظلام الذي نعيش فيه افترضنا ان الحياة ليست سوى مجموعة من الحجارة والذين توقفوا عند فرضية كهذه قبلوا بالهزيمة قبل ان يبذلوا أي جهد في التفكير والبحث والتأمل اذا كنت تتمتع بالنظر جيدا فانك سترى نور الحياة الماسى يشرق لك لينير حياتك بامل جديد.د. صيدلاني رفاد فاخوري


رد مع اقتباس