جامع قرطبة وكاتدرائيتها: مئذنة وأجراس.. وصحن نارنج بسم الله الرحمن الرحيم جامع قرطبة وكاتدرائيتها: مئذنة وأجراس.. وصحن نارنج
- هذا هو الزمان: امم تعقب امماً، وثقافات تغمر بعضها، اما المكان، فيبقى الوعاء الحاضن لكل تلك التعاقبات العنيفة.
قرطبة المدينة، منها، او من قصرها الاسلامي، الذي اعيد بناؤه ليصير مسيحياً، انطلق ''كريستوفر كولومبس''، ليكتشف طريقاً جديداً للهند عام (1492م)، فاكتشف اميركا. اما كنيستها الاقدم، فجرى اقتسامها لتصير مسجداً وكنيسة، ثم احيلت الى جامع عظيم، ليتغير الزمان بعدها، فتحال الى كتدرائية عريقة، فيها مئذنة، بلا آذان، واجراس بلا نواقيس، وصحن نارنج يُنبئ برائحته عن اصل الحكاية..
حقائق
* يعود تأسيس وانشاء جامع قرطبة الى العام (92ه)، عندما تحولت قرطبة الى حاضرة للخلافة الاموية في الاندلس.
- وموقع الجامع في الاصل هو الكنيسة الكبرى في قرطبة، قبل قدوم المسلمين، حيث شارك المسلمون المسيحيين في تلك الكنيسة، فبنوا في شطر منها مسجداً، وبقي القسم الآخر كنيسة مسيحية.
* وعندما ازدحمت قرطبة بالمسلمين وجيوشهم، اشترى عبدالرحمن الداخل قسم الكنيسة التابع للمسيحيين، مقابل ان يُعيد بناء ما هدم من كنائسهم اثناء الغزو. وامر (الداخل) ببناء المسجد في العام 785م، وسمي حينها ب (جامع الحضرة)، أي جامع الخليفة.
* اما جامع قرطبة اليوم، فيسمى (مسجد الكاتدرائية)، بعد ان حوله الاسبان الى (كاتدرائية مسيحية)، بعد سنوات من هزيمة العرب والمسلمين وطردهم من الاندلس في العام (1492م).
* يعتبر جامع قرطبة واحد من روائع الفن المعماري العالمي، عبر العصور، وشاهد مدهش على براعة العرب الامويين، في فنون المعمار والهندسة والزخرفة.
* والشكل الاصلي للجامع (او مسجد عبدالرحمن) يتألف من حرم، مقسّم الى اروقة، بواسطة صفوف من الأقواس، يضم كل منها اثني عشر قوساً، ترتكز على اعمدة رخامية، وتمتد عمودياً على الجدار الخلفي، وصفوف الاقواس تتألف من طبقتين: اقواس سفلية على شكل حذوة الفرس، وعلوية تقل قليلاً عن نصف الدائرة، وهي تحمل سقفاً منبسطاً وفوقه احد عشر سقفاً جمالونياً متوازية. بينها اقنية عميقة مبطنة بالرصاص.
* والمقاييس الاولى للجامع كانت (75م-65م) اضافة الى صحن المسجد، وقد جرى توسعته لاحقاً. وفي عام 951م انشأ الخليفة (عبدالرحمن الناصر) مئذنة جديدة في اقصى صحن المسجد شمالاً، على هيئة برج ضخم، له شرفتان للآذان، ولا تزال موجودة حتى الآن، الا انها حوّلت الى برج اجراس.
* يسمى صحن المسجد ب ''صحن النارنج'' الذي يضم المئذنة الشمالية المشار اليها، وقد زرعه الناس بأشجار النارنج والليمون، وهو قطعة فنية فادحة الجمال، يحيط بها سور، وتتخلله سبعة ابواب.
* وقد تعرض المسجد للنهب، نتيجة القتال الناشب بين امراء الحكم المسلمين وثورات ملوك الطوائف، ومغادرة الناس للمدينة، واجتاحه القساوسة عام (1236م) وخربوه مع غيره من المساجد والقصور في قرطبة، بعد سقوطها في ذلك العام على يد (فرناندو الثالث)، ووقوعها تحت سيطرة مملكة قشتالة المسيحية.
* في بداية القرن السابع عشر، قررت اسبانيا طرد المسلمين واحفادهم ممن اعتنقوا المسيحية من سائر البلاد ''الموريسيكيون''. كما تم طرد اليهود ايضاً، في نفس الفترة، واعيد توزيع الاراضي والاقطاعيات على مهاجرين مسيحيين قادمين من الشمال، اعادوا استيطان قرطبة وغيرها من مدن الاندلس.
ولا يزال الحيّان الاسلامي واليهودي القديمان موجودين ومعروفين في قرطبة الحالية، وظل مسجدها الضخم مقيماً في وسطها، ولكن بعد تحوله في القرن السادس عشر الى كاتدرائية تتبع للكنيسة الكاثوليكية.
واعتبرت اليونيسكو حي قرطبة القديم، بما فيه المسجد والحي اليهودي، موقعاً من مواقع التراث العالمي.
محمد رفيع
|