دور الثقافة في بناء شخصية الطفل بسم الله الرحمن االرحيم دور الثقافة في بناء شخصية الطفل محمود طافش شقيرات - تعمل حزمة من العوامل البيئية والوراثية على تشكيل شخصية الطفل خلال السنوات الخمس الأولى من عمره ، وتعتبر البيئة الثقافية من أبرز هذة العوامل التي تحدد طبيعة سلوكه وأسلوبة في التعامل مع الناس والأشياء من حوله ؛ حيث يؤثر نمط الثقافة السائدة في المدرسة وفي الأسرة وفي الحي على تشكيل شخصية الطفل من جميع جوانبها العقلية والمهارية والوجدانية والاجتماعية ، فكيف يتم ذلك ليشب الصغير سليما معافى ؟.
في المجال العقلي تساعد المعارف التي يحصل عليها الطفل والخبرات التي يكتسبها في بناء عملية إدراكه لما يدور حوله ، وفي توجيه تفكيره وتخيلاته تبعا لهذه المعارف والخبرات التي يمر بها ، لذلك فإن الإدارات التعليمية الواعية والمدركة لأهمية الثقافة تخطط مناهجها الدراسية لتوجيه ولاء الطفل للنظام السياسي وللوطن وللمجتمع ، فيصبح مخلصاً لهذه الدعائم إذا لم تتنازعه تيارات ثقافيه أخرى من مصادر أخرى . كما أن الثقافة تعمل على زيادة النمو العقلي للطفل ، ويتمثل هذا التأثير في زيادة قدرته على التفكير العلمي والتخيل الصافي والإدراك الواعي والتقويم السليم .
وفي المجال الوجداني تعمل الثقافة على تشكيل أحاسيس الطفل ومشاعره وتحديد نوع الانفعالات التي تعتريه وتعمل على بلورتها وتنميتها وتطويرها ، ومن ثم التعبير عنها بوسائل التعبير المعروفة ، وهنا تعمل الثقافة السليمة على تحرير نفس الطفل من مشاعر القلق والخوف والعدوان ، وتؤهله لعمل الخير، ولرد الظلم ، ودفع الأذى ، وهذه القدرات لن تكون لديه إلا إذا كان واثقا بنفسه ومطمئنا إلى إن حاجاته الاساسيه سوف تشبع، ولن تنمو الثقة لديه إلا إذا غمرته الأسرة بفيض من الحنان والرعاية ، وإلا إذا كانت معاملة الأهل له متزنة ومدروسة ، فلا قسوة زائدة ولا دلال زائد، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن الوجوه الباسمة تريح نفس الطفل ، كما أن ابتعاد أمه عنه يثير في نفسه خوفاً وقلقا .
وفي المجال المهاري تعمل الثقافة على صقل قدرات الطفل على القراءة وعلى التعبير عن أفكاره ومشاعره بأسلوب مقبول ، كما توجهه لاختيار المهنة التي من شأنها أن تجعله إنسانا منتجا نافعا لنفسه وللمجتمع .
وأما عن النمو الاجتماعي فإن الطفل يتأثر بما يراه أو يسمعه من أفراد أسرته ومن معلميه وأقرانه في المدرسة ومن سائر الناس المحيطين به في الحي وفي وسائل الإعلام، ويكتسب الكثير من القيم والاتجاهات والعادات من هذه المصادر ويتصرف تبعا لذلك .
وبناء عليه فان المربيين المستنيرين في البيت وفي المدرسة يحرصون على أن يظلوا قدوة صالحة لأطفالهم في كل ما يصدر عنهم من أقوال ، وفيما يقومون به من أفعال .
فإذا توفرت له هذه الظروف فإنه غالبا سيشب عن الطوق ذو شخصية سوية من أبرز خصائصها كما يرى ''مازلوا '' :
- إدراك واقع الحياة والتوافق معه .
- معرفة رسالته في الحياة .
- الاستقلالية .
- تقبل الذات والآخرين .
- الشعور بالانتماء للمجتمع الإنساني .
- العلاقات الشخصية العميقة والمتبادلة .
- القدرة على التمييز بين الوسائل والغايات .
- القدرة على الإبداع والابتكار .
فإذا تمتع الطفل بكل هذه السمات فإنه غالبا سيكون مواطنا صالحا قادرا على خدمة نفسه والمجتمع الذي ينتمي إليه ، وسيكون مهيئا للدفاع عن حقه في العيش في مجتمع آمن ومزدهر. |