الروعة في كل مكان
-10-
الأستاذ هارون يحيى
التصميم المعجز للأوراق النباتية: المسامات (العديسات)
إنّ الورقة النباتية تبدو لأول وهلة قطعة خضراء ولا تحتوي على تفاصيل تلفت الانتباه، ولكن هذا الجسم الأخضر اللون يحتوي على تفاصيل مدهشة في كلّ مليمتر مربّع منه. وتُعَدُّ المسامات من أهم التفاصيل الموجودة في الورقة النباتية، وتُعَدُّ غاية في الأهمية بالنسبة إلى النّبات.
إن وظيفة هذه المسامات تتمثل في السّماح لبخار الماء بالخروج، وبالتّالي تنظيم درجة حرارة النبات، وكذلك السّماح بدخول ثاني أكسيد الكربون اللازم لإجراء عملية التركيب الضوئي. وتتميز هذه المسامات بكونها ذات قابلية للانفتاح والانغلاق حسب الحاجة.
ومن الخصائص المثيرة للمسامات أنها توجد أغلب الأحيان في السّطح السفلي للورقة النباتية، وهذه الميزة تقلل من تأثير أشعة الشمس السلبي على الورقة، إذ لو كانت هذه المسامات موجودة على السّطح العلوي للورقة النباتية وبقيت معرّضة لأشعة الشّمس المباشرة لفترة طويلة، فإنّ المسامات تعمل في هذه الحالة وبشكل مستمر على طرح الماء في بنيتها للحفاظ على النبتة من تأثير الشمس، ولكنّ هذا الطرح المستمر للماء يؤدي إلى هلاك النبتة نتيجة التيبس.
إنّ هذه الميزة الخارقة للمسامات قد وهبت من قبل الله الخالق القدير كي تحول دون تيبس النباتات وكي تنظم درجة حرارتها. إن المسامات توجد في طبقة البشرة للورقة النباتية. ووجودها يكون على شكل ثقوب مزدوجة تشبه في شكلها حبة الفاصوليا، أي إنّها تكون ذات شكل مقعّر نحو الدّاخل، وهذا الشّكل ينظّم عملية التبادل الغازي بين الورقة والمحيط الخارجي.
إن فتحة المسامة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالظّروف الداخلية للنبات (كمية الماء الموجود) و الظروف الخارجية (درجة الحرارة، الرطوبة ، الضوء، نسبة ثاني أكسيد الكربون)، ومقدار توسع أو تقلص هذه الفتحة هو الذي ينظم عملية دخول الماء و الغازات وخروجهما. إن هذه المسامات ذات تراكيب خاصة جداً صممت كي تتلاءم مع ظروف النبات الخارجية. والمعلوم أنّ هذه الظروف الخارجية تتغير باستمرار، مثل الرّطوبة و درجة الحرارة و نسبة الغازات وحتى نسبة التلوث في الهواء، ولكنّ هذه المسامات تستطيع أن تتكيف مع كل هذه التغييرات مهما طالت مدّتها.
إنّ هذا النظام الخارق في الورقة النباتية لا يمكن أن يؤدي وظائفه بالشكل الصحيح إلا إذا كانت باقي أجهزة النبات تؤدي وظائفها بالشكل الصحيح و المتكامل. و بهذا نستنتج أنّ ظهور المسامات النباتية لا يمكن أن يكون بمحض المصادفة أبداً، ذلك أنّها ذات تراكيب دقيقة جداً ومصممة بالشّكل الذي يجعلها تؤدي وظائفها بأحسن صورة ممكنة، و هذا التصميم الخارق دليل على أنّها مخلوقة بقدرة الله تعالى التي لا حدود لها.