عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-31-2009, 10:10 PM
 
رد: حقيقة عالم التوبة المستقر الثاني (الأجزاء 1-4)

المستقر والمستودع وطرائق الخلق الثمانية (الجنة والنار وحياة الدنيا).



تعالوا نبحث في هاتين الكلمتين (المستودع, والمستقر) في كتاب الله :
(لكل نبا مستقروسوف تعلمون) 6/67
(وهو الذي انشاكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الايات لقوم يفقهون) 6\98
(قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقرومتاع الى حين) 7\24
(وما من دابة في الارض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) 11\6
(اصحاب الجنة يومئذ خير مستقراواحسن مقيلا) 25\24
(انها ساءت مستقراومقاما) 25\66
(خالدين فيها حسنت مستقراومقاما) 25\76
(والشمس تجري لمستقر لهاذلك تقدير العزيز العليم) 36\38
(وكذبوا واتبعوا اهواءهم وكل امرمستقر) 54\3
(ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر) 45\48
(الى ربك يومئذ المستقر) 75\12
نجد أن كلمة مستقر تأتي في معنى الإستمرارية للمحيط والمكان الذي يدخل به الإنسان أو النبأ (والذي هو التنبؤ المكاني) و حتى الشمس والنجوم والكواكب التي تجري إلى مستقرها أي إلى مكان وزمان معلوم بالنسبة لله, حتى ان مكان الجنة والنار اتت بمعنى المستقر التالي لهذه الحياة.


إنظر إرتباط مصطلح المستقر, مع مصطلح المستودع :
(وهو الذي انشاكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الايات لقوم يفقهون) 6\98
(وما من دابة في الارض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) 11\6
عندما ارتبط مصطلح المستقر, كإستمرارية المخلوقات(المستودع) في المكان (المستقر) وتطورها وإنتهاء فترة استقرارها بحكم اليوم الآخر الفاصل والمؤدي إلى المستقر التالي الذي عبر عنه الله في الآية 75\12 دعى الله المستقر التالي المقبل للنفس ولدابة الأرض (المستودعات) التي لا نفقه تسبيحها بمصطلح جديد هو (المستودع), أي أن المستودع هو العائد على المخلوقات والأشياء.
ومن هذا التشبيه ينتج لدينا التالي :
1.نحن هنا في المستقر الحالي الدنيا. إنظر 6\98 و 7\24
2.سنذهب إلى الجنة والتي هي مستقر أخر. إنظر 25\24 و 25\76
3.واللذين حق عليهم العذاب سيذهبون إلى مستقرهم ثالث. إنظر 25\66
4. ومعنى الإستمرارية يأتي من الآيتين 36\38 و 54\3


والآية الأخيرة 54\3 والتي تقول :
(وكذبوا واتبعوا اهواءهم وكل امرمستقر) 54\3
أي أن الناس الذين يكذبون ويتبعون أهوائهم سيتبعون استمرارية الحياة في المستقر الآني ظناً منهم أن هذا الكون لن يتوقف وينتهي بل إنه في حالة استقرار, فيكفروا باليوم الآخر ويظنوا أن الإنسان سيموت وسيأتي بعده إنسان آخر وهكذا إلى مالا نهاية, وهذه هي القصة.
الدخول بالظن :
أو أن يؤمنوا بأن من يموت يتناسخ فيأتي إما في صفات أخرى من دابة الأرض, أو إنسان آخر من ذات العائلة, أو إنسان آخر من طبقة مختلفة من البشر (العبيد, الأسياد, الفقير, والغني......... وهكذا ..........
وبعضهم يظن أن العذاب مجازي وبعضهم يظن أن الثواب مجازي...
المستقر الأول:
قد يعتقد القارئ أننا اليوم في المستقر الأول, ولكن المستقر الأول هو المكان الذي خلق فيه الله آدم واصطفاه قبل أن يطرده إلى عالمنا هذا وإنتهى ذلك المستقر بطرده وببعثه هنا في هذا العالم الذي نحن فيه اليوم.
قال الله تعالى :
(قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين )7/24


المستقر الثاني :
هو هذا العالم الذي نعيش به اليوم وبعد أن ينتهي نشورنا في هذا العالم سيكون بعثنا
ولكن يغيب على الناس أن المستقر الثاني (للمستودعات) أي بالنسبة لنا نحن الموجودين في هذا المستقر, إن كان في الجنة فهو في مستقر الله. وإن كان في النار فهو مستقر السوء.
فما هو مستقر الله ؟
هو بالنسبة لنا الآن في عالم الغيب.
ولكن ماذا لو طرحنا هذا السؤال :
إذا كان الله له مستقر في عالم الغيب منفصل عنا تماماً فكيف نفسر قول الله :
(ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد) 50/16
هنا ندخل في بحث : يد الله, الله يسمع, الله يرى, وارتباط كل هذا بالآية التالية :
(ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين) 23/17
(وانا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا) 72\11 الجن
نرى من الآية الثانية أن الجن هي من طرائق الخلق, ونحن نعلم أن الملائكة هي من طرائق الخلق أيضاً, وبما أننا نعلم أن الله ليس له روح تدعى روح الله فيكون مصطلح روح الله الذي في الآية التالية :
(يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف واخيه ولا تياسوا من روح اللهانه لا يياس من روح اللهالا القوم الكافرون )12/87
تعني مخلوقاً آخر كالروح الأمين وروح القدس والروح الذي تمثل لمريم بشكل بشري, وعليه فإن الروح أيضاً هي واحدة من الطرائق السبعة.
( هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السماوات والارض وكان الله عليما حكيما )48 /4
( وما يعلم جنود ربك الا هو وما هي الا ذكرى للبشر )74-31
بل وإن الله يقول لنا أن هذه الطرائق في الخلق ستصبح بعد اليوم الآخر ثمانية, وهم من سيحملون عرش الله الذي بناه الله على هذا المستقر الكوني وهو على الماء كما رأينا, يقول الله :
(والملك على ارجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية)69\17
نرى أن الملك على أرجاء المستقر المشار إليه بالتأنيث, أما العرش المشار إليه بالتذكير والمشار إليه بكلمة (فوقهم ) التي تجتمع مع كلمة (فوقكم ) في الآية 23\17 والتي بدأت بسبع والآن أصبحت ثمانية, ولكن ما الذي اختلف, نجد أن الإختلاف هو الزمنإنتهاء المستقر الأول ونقطة بداية المستقر الثاني.
ولكن عندما ينتقل الإنسان من المستقر الزائل (الدنيا) إلى المستقر الدائم (حيث العرش ).. ودعاه الله أيضاً بالجنة, والفوز العظيم, وحسنت مستقرا.... عندها تنتهي القصة نهاية سعيدة, فقط لمن فاز بها.


وعندما قال الله :
(الى ربك يومئذ المستقر) 75\12
أي أننا سنغير مكاننا لنذهب إلى مكان الله الذي أشار الله إلية بالمستقر كما لاحظنا وهذا دليل على ان مستقر الله أي مكانه يختلف عن مستقر الكون الذي نحن فيه اليوم, وهذا دليل على ان الله الذي خلق هذا الكون هو خارج مستقره ولكنه يأثر به بواسطة ملائكته أي (الروح والملك والأيدي والسمع والعين والجند والجن ) فيقوموا بتفعيل أوامر الله في الخلق, المستودعات, ضمن الحيزالمكاني لهم (المستقر).




التطور


جاء في كتاب الله الآيات التالية :
(قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق ثم الله ينشئ النشاة الاخرة ان الله على كل شيء قدير )29/20
أي يجب علينا أن ندرس ونبحث في الحقائق والوقائع, وبعدها نرى كيف بدأ الله الخلق, فإذا وجدنا في العلم بأن الإنسان قد تطور من إنسان آخر قبله وأقدم منه بأكثر من مليون سنة, واعتبرنا أن هذا واقع, كان من واجب الله أن يضع لنا تلك الدلائل في كتابه لتؤكد مثل تلك الحقيقة.
لنرى ماذا أتى في نص القرآن بالنسبة لبدء الخلق, بعد أن وضعت تلك الآيات بطريقة الترتيل, مع تفعيل عامل الزمن في ترابط الآيات :


إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ {71} 38
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ 23/12
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ {7} ثُمَّجَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍمِّن مَّاء مَّهِينٍ {8}ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِوَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ{9} 32
إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ {11} 37
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ {2}6
وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً {14}
من هذه الآيات نرى أن الله لا يعارض فكرة تطور الإنسان وإنحداره من البشر, ولكنني أرغب بشرح ما أتى فالله يقول في خلق السموات والأرض ما يلي :
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {54} 7


خلق السموات والأرض في ستة أيام, أي ستة عصور فاليوم هنا فترة زمنية وليست 24 ساعة, والعصور الستة التي يتكلم عنها الله هي حقبات طويلة من الزمن تتراوح ببلايين السنين الأرضية, لأن موضوع الزمن نسبي كما يرى العلم اليوم ويتعلق بدوران الشيء حول شيء آخر أو دوران الشيء حول نفسه.
وقد جاء هذا التعبير في نص القرآن في أكثر من موقع ليدل على أن اليوم ليس له علاقة بدوان الأرض حول نفسها, وبما أن الله يتكلم عن خلق الأرض والسموات السبع هنا فاليوم يجب أن لا يتعلق بذرة واحدة (كوكب الأرض) من ذلك الكون بل الكون كله:
(يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون )32/5
(تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة )70/4
رأينا في البحث السابق بحث (الروح) كيف أن الروح لها وظيفة نفخ نسمة الحياة في الأشياء, والله لقد وضع هذه الخاصية أيضاً في عنصر الماء حيث قال :
(وجعلنا من الماء كل شيء حي ) 21/30
لذلك كان لابد أن يكون مركز الخلق أو القاعدة الأساسية للخلق أساسها الماء, فقال الله تعالى مؤيداً العلم الحديث :
وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ {7} 11
ولقد بين العلم اليوم أن وجود الحياة في أي كوكب من كواكب السموات هو وجود الماء, فإن وجد ماء على أي كوكب وجب وجود الحياة فيه, وعبارة "العرش الذي هو على الماء" أي أن الخلق الذي حدث داخل هذا العالم الجديد الذي خلقه الله وهو السموات والأرض والذي استغرق فترة زمنية صغيرة جداً بالنسبة لعظمة الله قد كان العامل الرئيسي في الخلق فيه هو الماء, في هذا العالم الذي هو الرتق الصغير وسأبينه لكم بعد قليل, أما بقية الخلق الخارجة عن هذا العالم والذي بالنسبة لنا هو "المجهول" أي لا نعلمه بحواسنا, إن عقلنا يستطيع أن يتخيل أن هناك عالم كبير وعظيم خارج نطاق السموات والأرض ولكننا نجهله تماماً فكل عناصره مجهولة ومخلوقاته مجهولة وعظمته مجهولة وعدده مجهول وحجمه مجهول وكيفيته وحيثياته كلها مجهولة.
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ {30}21
والرتق هنا للتشبيه بالصغر فكل ما نراه ظاهراً بالنسبة لنا من "السموات والأرض" ولا نستطيع نحن البشر أن نحيط بعلمها بعد, هو عبارة عن رتق صغير في عالم خلق الله.
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9} 41
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ {12} 41
(وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين)
سألني أحد قراء الملحدين السؤال التالي :


اقتباس:
لماذا لا يعرف الله العد فهو قال أن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام, ثم قال موضحاً تلك الأيام الستة بأنها كالتالي :
خلق الأرض في يومين, وقضى السماوات السبع في يومين, ووضع رواسي في أربعة أيام أي 2 + 2 + 4 = 8
فمن أين جاء قوله ستة أيام وهي ثمانية كما نرى ؟



إن بداية خلق السموات والأرض هي اليومين الأولين لأن الأرض ليست مركزاً للكون والعلم على دراية بهذا, أما ما جاء في الآية الثانية من وضع الرواسي, في أربعة أيام فهي أيضاً لجميع الكواكب في الكون كله وليس تحديداً كوكب الأرض.




فعاد وسألني السؤال الآخر التالي إن كان الله قد خلق الأرض في يومين وقضى السموات السبع في يومين, وأنهى خلق السموات والأرض في ستة أيام, فأين كان الله قبل هذه الأيام الستة ؟
يقول الله تعالى :
يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ {29}
فالإنسان الذي يعتقد أن مهمة الله تنتهي في خلق السموات والأرض , وأنه لم يخلق قبلها ولن يخلق بعدها وأن سبب هذا الخلق هو سبب أبوة وبنوة وخلاص وشفاعة وعذاب وثواب ويظن الإنسان أن الله كان يلعب أو يلهو, فالله يجيب وبكل صراحة :
(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَالَاعِبِينَ {16} لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ {17} 21
هل يعتقد الإنسان أن خلق الله لعالمنا قد أعياه...؟
هل يظن الإنسان أن عالمنا هذا هو عالم عظيم فوق عظمة الخالق مثلاً ..؟
وهل يعتقد الإنسان أن الله لم يخلق مثله بعد ... ؟
إن الله تعالى قد خلق كل هذا العالم (السموات والأرض) في رتق صغير. (الإنفجار الكوني).
إن زمن خلق هذا العالم الذي يحيطنا جميعاً قد استغرق 6 أيام بالنسبة لله, ونحسبه بعيد وهو بالنسبة لله قريب, وإن عملية التطور التي رافقت تطور الإنسان من تراب إلى نطفة ثم علقة ثم مضغة ....الخ. هي ضمن الأيام الستة في الخلق.
وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّمِن نُّطْفَةٍ ثُمَّجَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ {11}




الخلاصة:
من هذا الموضوع يتبين لنا التالي :
ان الله هو الخالق لكل شيء, وليس مثله أي شيء وأن عالمنا والكون الذي نحن فيه من مجرات وكواكب والذي لا نستطيع بعد أن نتخيل عظمته وكبره وحجمه, هو مجرد رتق صغير يستطيع الله أن يذهب به وأن يخلق عالم جديداً مثله أو أكبر منه, أو أحسن منه, وأن الله لن يكلفه هذا أي عناء هو الذي خلق هذا الكون في مدة زمنية بسيطة لا تتعدى الستة أيام, وأن هذه الأيام الستة بالنسبة إلينا هي ستة عصور يمتد كل عصر منها إلى بلايين السنين البشرية الأرضية, ولقد تطور الإنسان خلالها حيث بدأ خلقة من التراب والطين, كما ينبت النبات من الأرض, وبعد ذلك بدأ الإنسان الذي أصبح يتكاثر بواسطة الماء اللازب(المني) والذي يمر في الخلق المتتابع لوجود صفة الإنثى والذكر في أغلب مخلوقاته حتى يستمر في التكاثر والإنجاب بطريق السلالات التي تنتمي إلى التطور, والتي لا تنتمي إلى خلط الفصائل, فالإنسان لم يأت من القرد كما يعتقد دارون في نظريته ولكن الإنسان أتى من فصيلة البشر, وأن الإصطفاء الذي حدث لآدم هي تلك الطفرة التي إحتار بها العلم وهي الخطوة الأولى في تطور الإنسان ومن بعدها كان اصطفاء المؤمنين بإرسال الرسل فاصطفى الله تعالى نبه ورسوله نوح,وبعدها اصطفى الله آل إبراهيم علماً أن هناك الكثير والكثير من سلالات الإنسان التي لا تنتمي إلى سلالة إبراهيم, وبعدها اصطفى الله أيضاً سلالة آل عمران, التي أتى منها المسيح ابن مريم بنت عمران,
( اذ قالت امراة عمران رب اني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني انك انت السميع العليم ) 3/35
( ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) 66/12
ولم يخاطبها الله (ابنة داود)كما تنبأ اليهود بولادة العزير من سلالة داوود في كتاب اشعياء, والذي اعتبرته المسيحية المسيح يسوع ابن الله, ولصقوه بيوسف النجار ليصبح من سلالة داود ليثبتوا صحة تحريف التوراة التي أخفت حقيقة أن المسيح سيأتي من (الأميين) "جوييم" (آل عمران) الكنعانيين, أي من الأمم الأخرى غير بين إسرائيل وكان هو السبب الأول في ملاحقته وقتله:
حيث جاء في إنجيل متى :
اقتباس:
كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم. 2 ابراهيم ولد اسحق.واسحق ولد يعقوب.ويعقوب ولد يهوذا واخوته. 3 ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار.وفارص ولد حصرون.وحصرون ولد ارام. 4 وارام ولد عميناداب.وعميناداب ولد نحشون.ونحشون ولد سلمون. 5 وسلمون ولد بوعزمن راحاب.وبوعز ولد عوبيد من راعوث.وعوبيد ولد يسى. 6 ويسى ولد داود الملك.وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا. 7 وسليمان ولد رحبعام.ورحبعام ولد ابيا.وابيا ولد آسا. 8 وآسا ولد يهوشافاط.ويهوشافاط ولد يورام.ويورام ولد عزيا. 9 وعزيا ولد يوثام.ويوثام ولد آحاز.وآحاز ولد حزقيا. 10 وحزقيا ولد منسّى.ومنسّى ولد آمون.وآمون ولد يوشيا. 11 ويوشيا ولد يكنيا واخوته عند سبي بابل. 12 وبعد سبي بابل يكنيا ولد شألتيئيل.وشألتيئيل ولد زربابل. 13 وزربابل ولد ابيهود.وابيهود ولد الياقيم.والياقيم ولد عازور. 14 وعازور ولد صادوق.وصادوق ولد اخيم.واخيم ولد اليود. 15 واليود ولد أليعازر.وأليعازر ولد متان.ومتان ولد يعقوب. 16 ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح. 17 فجميع الاجيال من ابراهيم الى داود اربعة عشر جيلا.ومن داود الى سبي بابل اربعة عشر جيلا. ومن سبي بابل الى المسيح اربعة عشر جيلا.

ملاحظة هامشية ليس لها علاقة بالموضوع الرئيسي للقراءة فقط:
لاحظ أن السلالة التلمودية لشجرة يسوع المبنية على التبني تمر أولاً بولد ثامار (التي زنت بحماها فأنجبت التوأم فارص وزارح, أولاد الزنى)
ثم لاحظ الأسم الثاني في السلالة (بوعز) أهم شخصية في المعبد الماسوني, ثم لاحظ أن ذكر النبي سليمان أتى بربطه بإسم أوريا الحثي الذي أرسله النبي داوود إلى حتفه بعد أن زنى بزوجته, وأتى إبن الزنى (النبي سليمان). هذا ما ذكر في العهد القديم.
لاحظ التناقض في كتاب العهد القديم الذي لم يعترف بإبن إبراهيم إسماعيل لأنهم اعتبروه إبن زنى لأن إبراهيم دخل على هاجر من دون عقد زواج وعليه لم يتم الإعتراف بإسماعيل على أنه الإبن البكر لإبراهيم بل إنك سترى في عرض العهد القديم أن إسحق هو الإبن الوحيد لإبراهيم وهو الإبن الوحيد الذي ذهب مع إبراهيم إلى المحرقة, أما سلالة يسوع التي تم افتراض أساسها على التبني والتي تمر بفارص وسليمان وكلاهما في عين التوراة أولاد زنى, فما هذا المكيال الذي يكيل بمكيالين ؟



أي أن يسوع المسيح يرجع إلى سلالة داوود بالتبني., ومتى كان للتبني سلالة ونسل؟


وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ {12}66
إن الله الذي خلق هذا العالم العظيم بالنسبة إلينا في ستة أيام والذي هو في حجم الرتق الصغير لقد وصفه الله تعالى أنه في النهاية سيطبقه على بعضه كما يطبق على الكتاب :
(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) {104}
أي إعادة الخلق من جديد التي تبدأ من منطقة الصفر في الخلق, بأن نطوي السجل إلى أوله من أول صفحة من الكتاب.
وهذا ما حدث في البعث في المستقر الثاني بعد المستقر الأول, لهذا فإن عملية خلق البشر ستكون أولاً في المستقر الثالث ومن بعدها سيتم بعث أموات المستقر الثاني في الثالث, وهكذا.
أرجو أن أكون قد لخصت موضوع تطور الإنسان موضحاً عظمة الله في الخلق ومحجماً عالمنا الصغير بالنسبة للخالق البارئ والمصور, والتي استغرقت لفترة ستة أيام, يقول الله تعالى :
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ {13} وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً {14} فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ {15} وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ {16} وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ {17} يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ {18} فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ {19} إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ0 {20}

فإن الوقف في الآية 17 يجب أن يأت على كلمة (فوقهم) أن الإنسان الفائز سيصبح هو العدد ثمانية فوق طرائق الله في الخلق أي من جنوده يعمل كخليفة له ولا يخالفه الأمر والله يتكلم عن عدد جنوده الذين يحملون عرشه والذي هو مجازي وضمن حيز بسيط هو الرتق (المستودع)الذي ننتمي نحن له وهو لا شيء بالنسبة لعظمة الله والخالق.






الوحي والملائكة والروح



1- الوحي


الوحي كلام الله للعالمين. وهناك (ثمانية أوجه للوحي)
الوجه الأول :
كلام الله للبشر : ولها ثلاث طرق
(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّاوَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (42:51)
ويقال للروح الأمين جبريل أنه الوحي وهذا اعتقاد خاطئ لأن جبريل عليه السلام هو رسول للوحي أي لكلام الله, وكل حديث يتم بين البشر (نبي, أو رسول) تندرج أيضاً تحت صفة الوحي, ولكننا الآن في هذا المثال نتكلم عن الوحي والذي هو كلام الله لرسوله البشري.
(فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) 11/12
هذا الوحي هو كلام الله عن طريق (روح أو ملاك) وهو رسول من الله يبلغ كلام الله للنبي (رسول الله البشري), كي يبلغها للناس, ويأمر بتدوينها في مجمع الوحي (كتاب الله).
والأمثلة كثيرة في القرآن :سأكتفي بعرض ثلاثة منها مع تقديم أرقام الآيات كمرجع :
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْوَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ) (6:19)
(اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (6:106)
(كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ) (13:30)
(17:73) (17:86) (18:27) (29:45) (35:31) (42:7) (42:13) (43:43) (6:50) (7:203) (10:15) (10:109) (11:12) (33:2) (46:9) (10:2) (12:109) (16:43) (21:7) (21:25) (21:73) (18:110) (39:65) (42:3) (20:13) (21:108) (41:6)
الوجه الثاني الوحي الإيحائي لمخلوقات الله عامة :


(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) 16/68
(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (41:12)
(إذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا .......... بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (99:5)
وكل ذلك الوحي هو أمر من الله لمخلوقاته بالقيام بعمل وتنفيذه من دون اعتراض.


الوجه الثالث للوحي الذاتي للبشرعامة :


(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْلَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) 14/13
(قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (34:50)
(ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ) 17/39
( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) 91/7-10
والإلهام يختلف عن الوحي ولا يندرج تحته لأنه قد يأتي في المنام أو أثناء القيام بالأعمال وينبع من نفس الإنسان, من فجور (النفس) أو تقواها.


الوجه الرابع للوحي علم الغيب.


(تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (11:49)
(ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)(3:44)
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) (12:3)
(ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِنُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) (12:102)
الوجه الخامس للوحي الخطاب المباشر :


(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (10:87)
(وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) (11:36)
(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) (11:37)
والأمثلة كثيرة : (7:117) (7:160) (16:123) (20:77) (23:27) (26:52) (26:63) .
الوجه السادس للوحي كلام الله للملائكة :


(إِذْيُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) (8:12)
(إنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (53:4)
الوجه السابع للوحي كلام الله لبعض الناس وليسو من الأنبياء :


(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (28:7)
(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (20:114)
( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) (14:13)
الوجه الثامن للوحي كلام الجن والإنس والملائكة بين بعضهم وليس وحياً من الله.


(فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) (12:15)
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّيُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (6:112)
(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (19:11)
( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) (72:1)
سألني الكاتب والمفكر الإسلامي الإستاذ نهرو طنطاوي السؤال التالي:
اقتباس:
هل هناك وحي بين الرسول البشري بشكل عام ورسول المسلمين بشكل خاص, والملائكة او الروح المكلف بتوصيل رسالة الله له, بأي حوار جانبي آخر غير الرسالة, كالأحديث القدسية أو حتى الحوار العادي ؟



فأجبته بالتالي :
إن تدوين القرآن هو أمر إلهي, ولقد طلب الروح الأمين جبريل عليه السلام من رسول الإسلام محمد عليه السلام, أن يكتب بعض الكلمات بشكل مختلف مثل (كلمة بكة, وبصط و الأيكة) التي كتبت بشكل لا ينطبق على قواعد الكتابة حينها, وقد أمر الرسول كتبة الوحي أنذاك أن يكتبوها بهذا الشكل, لأن جبريل عليه السلام طلب منه ذلك, أي أنه أوحى إليه ذلك وهذا الوحي هو حوار بين الروح الأمين والرسول البشري, مع كونه أمر إلهي كما رأينا ومع ذلك فهو ليس نص قرآني, وعليه فإن هذا الوحي يندرج أيضاً تحت الوجه الثامن للوحي الخاص بين الملائكة والروح والجن والناس بينهم وبين بعضهم.


2- الملائكة :
إن الله عندما أمر الملائكة جميعهم أن تسجد لآدم في قوله :
(واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين )2/34
نجد ان أمر الله أتى لمجموعة الملائكة فقط, فطاع الجميع أمر الله إلا إبليس ولم يكن (إبليس) من مجموعة أخرى غير الملائكة كما جاء في آية الأمانة التالية التي لم تذكرالملائكة في الخطاب أبداً :
(انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنهاواشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا )33/72
والإعراض عن تحمل مسؤولية الأمانة ليس لها علاقة بالفسق الذي وقع به إبليس وإنما كانتشفقة من عدم مقدرتهم على تحملها لأنهم على دراية كاملة بالأمر, وبما هو في مقدورهم فعله, فكل من في السموات والأرض وضمناً الجبال, قد أشفقوا على ذاتهم وأبوا أن يحملوا هذا العبء الكبير العظيم, والذي رضي به الإنسان فظلم نفسه بجهله.
وبما أن إبليس هو من مجموعة الملائكة, وقد استطاع رفض أمر الله وفسق عنه هذا يدل على أن الملائكة جميعها مخيرةوليست مسيرة كما يعتقد البعض, وأن لها القدرة الكاملة على الإختيار, وقد اختارت طاعة الله بشكل كامل, لهذا اعتبرها الله من الفئة الطاهرة عن الفسق والعصيان, وقد أطاعت الملائكة أمر الله وسجدت لمن أمرها الله بالسجود له, علماً أنها استغربت الأمر حيث قالت :
(********قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون )2/30
ولو أنها فسقت عن أمر الله لشملها الطرد واللعنة إلى يوم الدين كما فعل الله بإبليس الذي هو من الملائكة من فئة الجن, وهذا لا يعني أن جميع ذرية إبليس قد فسقوا عن أمر الله فالله يعلمنا بالتالي:
(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا * وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا * وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ) 72/11-14
أما الملائكة المطهرون الذين لم يفسقوا عن أمر الله قال الله عنهم :
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لّا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ )56/77-80
وهناك ثلاث آيات أخرى تحاول شرح معنى الطاعة الإرادية والكره القصري الذي لا خيار فيه.
(افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون )3/83
(ولله يسجد من في السماوات والارض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والاصال ) 13/15
(ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين ) 41/11
من تلك الآيات يتبين لنا أن طاعة رب السموات والأرض ليست قصرية وإنما طاعة أتت بحرية كاملة وبقرار ضمني داخل تلك المخلوقات, وأن من يُجبَرْ على القيام بأي بشيء بشكل (إكراه) أي لا قرار فيه هو فعل تسييري لا حول له ولا قوة.
وهذا ما دفع الله إلى طرد إبليس, وهو الذي ينتمي إلى مجموعة المخاطبين في آية السجود لآدم (الملائكة) ولو كانت الملائكة مخلوقات مسيرة كاملة لا ترفض أي طلب يطلبه منها الله لما استطاع إبليس رفض ذلك الأمر.


ومن هنا نعلم أن خطة الله من المستقر الأول والثاني والثالث, هي تطهير الإنس والجن من (العصيان والفسق) عن أمر الله, وليس بجعلهم طاهرون ومن دون أي إختيار بل كما رأينا أن أيات التطهيروالتي جاءت في أماكن كثيرة من الكتاب بمعنى النظافة من الخبائث, أو الأمانة في الأداء, أو نقاء الذات كالعقل والقلب والتفكير من الفجور والفسق والعصيان.
أما أن نعتقد أن الله قد خلق الإنس والجن لهم حرية الإختيار وخلق البقية من دون أي تفكير وحرية, فكأننا نقول أن الله قد خلق شيء معطوب لأنه حر وخلق البقية بشكل كامل لأنه مسير, فأين الكمال في التسيير وأين العطب في التخيير ؟


3- الروح :


هو مخلوق من مجموعة الملائكة مثل الروح الأمين جبريل المتخصص بتبليغ رسالة الله إلى نبي من أنبياءه, والنبي يوصل الأمر إلى الناس, والناس منهم من ينفذ الأمر ومنهم من يعصي أمر الرسول والذي هو أمر الله.
والروح أيضاً له وظيفة أخرى في تنفيذ أمر الله مثل نفخ الحياة في مخلوق محدد منه سبحانه.
والروح أيضاً هي المديرة لأمر الله والمسيطرة على بقية الملائكة, وهذا ما يجعلني أعتقد أن الروح هي :
1- إما أنها رئيسة الملائكة وهي من مجموعة الملائكة.
2-أو أنها لا تنتمي إلى مجموعة الملائكة أبداً, لأن الله كان يذكرها بشكل منفصل عن الملائكة كما نرى, ولكنها تبقى في مكانها على أنها هي التي تدبر أمر الله وتفعله في الواقع بتسخير الملائكة لطوعها.
قال تعالى :
(يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِمِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ)16/2
(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ) 26/193
أي أن الروح, هي التي تأمر الملائكة بالنزول وإطاعة أمر الله وهذا ما سنلاحظه في البراهين القادمة:
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَاإِلَيْكَرُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)42/52
وهنا أتى الوحي (كلام الله) الذي أتى من الله بواسطة الروح, للرسول الكريم لتفهيمنا أمور الحكمة (الصراط المستقيم) والذي هو نور وهداية.
(رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِيُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ) 40/15
هذا الروح الذي سينزل على من يشاء الله من عباده للإنذار بيوم التلاق أي إلتقاء الناس بالله في يوم الحساب, سيأتي في زمن قادم أما طريقة الوحي فهي بواسطة الروح.
والروح أيضا له علاقة في تنفيذ أمر الله في الخلق ويعمل بإدارة يد الله المجازية من بقية الملائكة, فينفخ في شيء فيجعله حياً :
(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) 32/9
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) 3/59
فإن كلمة كنهي التي أرسلت يد الله في الخلق ونفذها (الروح).
(فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) 15/29
فالروح هنا ليست روح اللهأي من ذاته وإنما هي مخلوق اسمه (الروح) وتابع لله ويعمل بأمره وهو من يقوم بنفخ نفخة الحياة في المخلوقات, فالروح ينفخ الحياة ولا ينفخ الأرواح.
(فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَارُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً) 19/17
وإذا ظننا أن روح الله هي ذات الله فإن تمثل الروح لمريم هو تمثل الله لها بصفة بشرية, طبعاً لا لأن الروح أساساً مخلوق ورسول من عند الله.
(فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا )19/17-19
(وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ) 21/91
(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) 66/12
فالله لم يذكر الملائكة هنا أبداً وقد يكون الروح من مجموعة الملائكة, كما أن الجن من الملائكة أيضاً.
وكما أن لكل ملاك خاصيته وعمله الخاص به كذلك الروح, والروح الأمين والروح القدس, وملاك الموت, قال الله تعالى :
(مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِوَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ) 2/98
هنا الله يذكر نفسه (الله) ثم يعطف اسمه على ملائكتة ورسله وجبريل وميكال ونحن نعلم أن الملائكة والروح هي رسل الله, فعطف كلمة الرسل تأتي لتعريف الملائكة أولاً, ثم أتت كلمتي أسماء جبريل وميكال وهم من الرسل أيضاً من مجموعة الروح حيث عرف الله جبريل ب (الروح الأمين).
(وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ) 26/192-194
(قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين )2/97


لننظر في الفرق بين الملائكة والروح وما هي الأشياء التي يمكن أن يجتمعوا بها :
(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) ليلة القدر 97/4
(تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)70/4
من هذه الآية يتبين لنا أن الروح والملائكة, لهم خصائص مشتركة مما يدعوني إلى الإعتقاد أن الروح هي من مجموعة الملائكة والتي تنقسم إلى سبع طرائق :
(ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين )23/17
(الروح (للحياة) والملك (على أرجاءها) والأيدي (فوق أيدي الجميع) والسمع (ما توسوس به النفس في الصدور) والعين (النظر الثاقب الذي يرى كل شيء) والجن (الإغواء والفتن والمكر) والجند (ولا يعلم عددهم إلا الله)) وجميعهم من مخلوقات الله وكلهم مخلوقات بطيئة الحركة ولكنهم متساويين فيها مقارنة مع الله الذي ليس كمثله شيء, والذي يستطيع أن يكون مع كل خلقه في كل لحظة ولا ينطبق عليه الزمن فهو في كل مكان ولا يحتاج إلى زمن لوجوده في مكان وإنتقاله إلى مكان آخر, فلا يحده لا زمن ولا مكان, كما يحدث لمخلوقاته.
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً) 87/38
والروح ليس مخلوقاً واحداً فقط فالروح القدس ليس هو الروح الأمين, حتى أن الروح الذي تمثل لمريم, والذي لم يذكر الله اسمه لنا بل جعله مجهول الهوية حتى أن الروح الذي سينفخ في الصور لينذر في يوم التلاق هو روح أخرى تختلف عن بقية الأرواح:
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُأَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً) 16/2
(وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)2/87
(إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ) 5/110


الخلاصة :
يتبين لنا من استعراض (الوحي والروح والملائكة) أن الوحي هو كلام الله, وأن الروح والملائكة هي مخلوقات الله, وأن الله يضع الروح في مركز أعلى من بقية الملائكة وكأنه المدير العام لها, وأن الملائكة هي بقية الخلائق الستة الباقية التي تعمل بأمر الله, والموكل للروح فهي طوع الروح وطوع الله فإما أن تنفخ الحياة في مخلوقات الله أو توصل كلام الله ووحيه للرسل الذين هم عباد الله والنبي والرسول البشري يوصلها إلى الناس لينفذوا الأمر, وأن الله أيضاً له طريقة أخرى في الخطاب للناس كأن يرسل الروح مباشرة ليتمثل للبشر, كما حصل لمريم, وكما حصل لعيسى, وكما تمثل الروح جبريل لنبي المسلمين, وهناك طريقة أخرى وهي الخطاب المباشر ولكن من وراء حجاب, لأنه ليس هناك أي أحد يستطيع أن يرى الله مباشرة كما قال الله في الآية التالية :
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )7/143




المواثيق





سأذكر لكم بعضاً من المواثيق التي برمها الله معنا والتي مسحت من عقولنا لحظة وصولنا إلى هذا الكوكب, وهذه الحياة, وهذا المستقر, قال الله تعالى :
(واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ) 7/172
فالسؤال الذي يجب أن يطرح ذاته هو التالي :
متى تم هذا الحوار بين الناس والله ؟
(ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين)36/60
متى كان هذا العهد ؟
(واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور) 5/7
ما هو الميثاق ومتى تم ؟
(فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون )6/169
متى تم اخذ ذلك الميثاق ؟
(وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين )57/8
هل من أحد يذكر أي ميثاق تم بينه وبين الله ؟
الجواب هو : (لا أحد يذكر أي شيء عن أي عهد أو ميثاق قبل أن نأتي إلى هذا العالم).
وهناك ميثاق آخر تكلم الله عنه وهو الميثاق الذي أبرم بين الله ورسله وأنبيائه.
(وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ) 33/7
(واذ اخذ الله ميثاق النبيينلما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ااقررتم واخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين )3/81
وهناك أيضاً ميثاق آخر :
(لقد اعتبر الله عقدة النكاح بين الرجل والمرأة وما تكتبونه كمقدم ومؤخر للصداق هو ميثاق غليظ يجب طاعته في هذه الآية ) :
(وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) 4/20-21
وهناك عهود ومواثيق تمت مع الله والناس بوجود رسل الله وأنبياءه بين الناس, فمثلاً ذكرى المائدة كان ميثاق بين الله وبين النصارى إلى يوم اليقامة حيث قال :
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ )5/114-115
(ومن الذين قالوا انا نصارى اخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به ..) 5/14
(واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا .........)2/83
نرى من هذه المواثيق أنها قد ابرمت هنا في الأرض وبين الله والناس بواسطة أنبيائهم المتصلين بالله, ولكن المواثيق التي تم ذكرها والعهود التي أخذت من ذرية آدم قبل أن يصلوا إلى هنا : متى تمت وكيف تمت ولماذا لا نذكرها ولكننا سنتذكرها فيما بعد .... هكذا يقول الله !
هذا دليل أننا قد كنا شيئاً قبل أن نأتي هنافأين كنا ؟ وماذا كنا ؟
للجواب على هذا السؤال يجب أن نعلم أننا هنا ليس بسبب خطأ أبوينا كما قال الله تعالى في هذه الآية فقط :
(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ *قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ) 7/12-15
إذا كان أمر الله بطرد الشيطان من الجنة قد كان بسبب عدم سجوده للإنسان قد أوجل بسبب طلب مباشر من الشيطان, فسمح الله له بالمكوث فيها إلى يوم البعث, فعن أي بعث يتكلم الله هنا ؟
وهذا يعني ان البعث كان موجوداً في الجنة قبل الطرد, فلماذا حدث الطرد بعد وقوع آدم وحواء في خطيئة الأكل من الشجرة المحرمة ؟
أي أن البعث قد حصل.
(فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ * قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ) 7\20-25
فالهبوط والحياة والموت والخروج سيتم فقط على (العصاة) من أهل الجنة, أما البعث الذي تكلم الله عنه ومنحه لإبليس فهو قد حصل هنا في عالم الدنيا (المستقر الدنيوي الثاني) وهناك (المستقر الأول) ولكن الفرق بين (المستقر الأول والثاني) أنه في هذه الأرض سيضطر الإنسان على العمل والكدح من أجل العيش, يقول الله :
(فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى *إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) 20/117-119
هنا تم طرد آدم وحواء والشيطان بسبب عصيانهملأمر الله.
ولكن ماذا عن الذين لم يعصوا الله من نسل آدم وحواء ومن نسل الجن أم أنه لم يكن هناك نسل في الجنة ؟
وهل كان هناك نسل لآدم في الجنة قبل أن يخرج منها ؟
قال الله تعالى :
(وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) 2/35
إن لم يكن هناك نسل في الجنة لما كان لأدم زوج أساساً, فما هو سبب وجود الزوج إن لم يكن من أجل النسل ؟
ولماذا كان ادم ذكراً أساساً وزوجه الأنثى والكلام مازال في الجنة ؟
ولماذا يحاول الله أن يذكرنا بأشياء كثيرة حدثت معنا في حياة أخرى لا نذكر فيها أي شيء (المواثيق)؟
( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )51/49
( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون )56/62
وهناك الكثير والكثير من الآيات التي تحث الإنسان على التذكر لأشياء لم تحصل معه في هذه الحياة وكأنها حصلت في حياة أخرى, ولكن وبسبب عصيانه لله وجبت عليه التوبة ووجبت عليه الحياة هنا على الأرض.
هل الجن والإنس جميعهم أكلوا من الشجرة. وكلهم هبطوا إلى الأرض ؟
أم أن كل من أكل من الشجرة من الإنس وكل من غوى الإنسان من الجن هم الذين تم ويتم طردهم يومياً من الجنة بسبب عصيانهم لأمر الله المستمر؟
ألم يخاطب الله سلالة بني آدم قبل أن يطردهم من الجنة وحذرهم قائلاً :
(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِيَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) 7/27
أليست هذه الآية خطاب لبني آدم من قبل الخروج من الجنة.... ؟ يحذر الله فيها نسل آدم الموجود في الجنة بأن لا يقع بما وقع فيه آدم وزوجه من خطأ ويحاول الله أن يحذرهم بعدم الوقوع بذات الأمر.
وقبل أن نهبط إلى هذه الدنيا أقام الله عهداً معنا كما أبرم عهداً مع آدم عندما قال له :
(واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ) 7/172
ألم يعصي آدم ربه ولهذا تم طرده :
(فاكلا منها فبدت لهما سواتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى ادم ربه فغوى )20/121


خلاصة :
كلنا في يوم من الأيام قد كنا في الجنة, وكلنا عصى الله وأكل من الشجرة, وكلنا هبط منها وبدأ بالشقاء والسعي وراء لقمة العيش ولهذا نحن هنا وإن لم نتوب لن نعود للجنة من جديد ولكننا سنذهب إلى مكان آخر ليس فقط من أجل الشقاء فيها والتوبة بل سنذهب إلى تعاسة ما بعدها تعاسة لقد أخطأنا نحن فتم طردنا من الجنة واليوم لدينا فرصة للعودة إلى الجنة من جديد إما أن نتوب وإما أن نذهب إلى شقاء ما بعده شقاء.
رد مع اقتباس