الموضوع: قصة الشبيه 2
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-16-2009, 05:57 PM
 
قصة الشبيه 2

عندما استيقظت كانت الساعه قد جاوزت الثالثة بعد منتصف الليل
لاأعلم كيف نمتُ كل هذه الفترة ..
كان الهدوء يخيم على المنزل تماما... اتجهت إلى المطبخ الداخلى
واعددت لى كوبا من ( النسكافيه) الدافىء ..فالجو كان مايزال يحتفظ ببعض برد الشتاء ...

واتجهت إلى شرفه غرفتى بعد ان اصطحبت معى روايه ( حب) كنت قد بدأت قراءتها منذ أيام ..
كانت شرفتى تطل على البحر تماما فجزء كبيرا من البحر تم إدخاله فى منزلى
وسُوِر بحائط مرتفع نوعا ما بحيث يمنع الرؤيه عن المارين من الخارج
وماان جلست على المقد فى الشرفة حتى لفت إنتباهى وجود أحدهم يجلس على البحر
لم ادقق بالجالس كثيرا للتعرف عليه ...فقط تعرفت عليه منذ الوهلة الاولى
انه أبي.. فهو الوحيد الذى إعتاد الجلوس بمثل هذا الوقت على البحر.
كان يجلس على البحر صامتا لفترات طويله ..يحدق فى البعيد وكانه يبحث أو ينتظر شيئا ما

وضعت على كتفي شالا شتويا ...وقررت النزول اليه
فقد كان بشرفتى درج حجري طويل ينتهى إلى البحر
حين وصلت إليه ... تفاجأ بى ...شعرت ببعض الارتباك يعتريه

بادرني بالسؤال : ماالذي أيقظك بهذا الوقت؟
أجبته : نمتُ كثيرا واستيقظت منذ قليل

لاحظت انه يتحاشى النظر إلي .. هو يخفي شيئا ما
عيناه توحى بانها منذ قليل كانت تمارس بكاءا صامتا ..
جلست بجانبه...إلتصقت به أكثر ...كأنى أبحث لديه عن أمان مفقود
شعر هو بحاجتي إلى حنانه ... وضع يديه على شعرى بحنان أب
اقترابي منه أدخلنى بحالة من البكاء...البكاء الذى كنت أقاومه منذ الصباح .
لكننى الآن لم يعد بامكاني مقاومته ..فوضعت رأسى على حجره وبكيت ... بكيت ... بكيت .

لم يسألنى عن سبب بكائى ...إكتفى فقط ان يمسح على شعري ويضمني إليه اكثر
كنت أدرك ان رجلا بقوة شخصية والدي وعقليته
لن يخفى عليه إني أحمل فى داخلي حكاية يصعب علي البوح بها.
وان فى قلبى من الجروح مالا أستطيع الكشف عنه له
عندما بدأت اهدأ وبدأ صوت بكائى يخفت .. فاجأنى أبي بقوله :

سأسرد عليك حكاية حدثت لى منذ سنوات
وبدأ السرد بصوت حزين وكانه يناجي حلمه أو يحفر جرحه بآله حادة تدعي الحنين .
قال لى ( منذ سنوات طويله ...وحين كنتُ شابا فى مقتبل العمر
سافرتُ إلى دوله خليجيه قريبه...تعرفت هناك على فتاة كانت يومها بنفس عمرك الآن
أحببتها كثيرا...وأحبتنى هذه الفتاة وتعلقت بي لدرجة كبيرة
وعشت معها أجمل وأطهر قصة حب...ومعها نسيتُ من أنا؟..من أكون ؟ماهو وضعي الاجتماعي؟
نسيت الدنيا كلها بلحظة حب نقي...
وحلمت بها زوجه ...وتماديت بأحلامي معها ...لدرجة انى انتقيت حتى أسماء أطفالي منها
ومرت الايام كالحلم كالخيال ...وعدت إلى بلدى بعد ان وعدتها بمفاتحه أبى بأمر زواجنا
ولم أخلف وعدى لها ... فاتحتُ جدك بالامر
وكانى قد ارتكبت جرما فادحا بحق عاداتهم وتقاليدهم ووضعهم الاجتماعى
وبعد مناقشات ومحاولات ....انتصرت العادات والتقاليد على حلمي وإحساسى...وخذلتها.
ورضخت لأمر جدكِ بالزواج من قريبتى ..

ومرت سنة عانيت فيها من عذاب الحنين والضمير ماعانيت
لكننى كنت اردد بيني وبين نفسى ان الايام أقوى من جروحنا.
وان لاجرح يبقى إلى الأبد....وانها حتما مع الأيام ستعذرني وتنسى
لكنى تفاجأت ذات مساء باتصال هاتفي من صديقتها تخبرنى بانها مريضة
وتطلب رؤيتي...فقد لايسعفها العمر بالمزيد من الايام ....عندها استيقظت كل الاحاسيس بى
عندها اشتعل ماخبأته تحت رماد الايام...عندها صرخ بى ضميرى الذي أصمته ذات خذلان
ووجدتنى بعدها بساعات قليله أقف عند سريرها الابيض فى المستشفى
بعد ان سافرت إليها فى أول طائرة متجهه إلى بلدها .

وهناك...دار بيني وبينها الحوار الأخير
الحوار الذى مازلت إلى الآن وكلما خلوت بنفسى أسترجعه بيني وبين نفسى
وكانه قد دار بيننا بالأمس ..
وبكيت وأنا أمسك يدها بندم....واختنقت وأنا أستمع إلى تفاصيل عذابها لفراقى
وكيف انها مرضت مرض الموت من شدة تعلقها بي ورفضها لحياة تخلو منى

أتعلمين ماذا قالت لى وهي على فراش الموت ؟
قالت لي أسأل الله ان يرزقك بطفلة تحمل إسمي وهمي
أرعبنى دعائها كثيرا... فكنت أحرص كلما أنجبت أمك طفلة ان لاتتسمى بأسمها
كي لاتحمل همها الذى حملته فى فراقي..

وحين أنجبتكِ والدتك كنت أنا خارج البلاد ...وحين عدت وجدت جدكِ قد أطلق عليك . إسمها
دون ان يدرك ان هذا الاسم هو اسم المرأة الوحيدة التى أحببتها فى عمرى
وعندها أدركت ان إرادة الله فوق كل شىء ..فلم أحاول تغيير اسمك وقلت قدر الله وماشاء فعل )

وصمت والدي بعد ان إمتلأت عيناه بدموع السرد...وصمتُ أنا بعد ان إمتلأ قلبي برعب الحكاية
وهممت ان أسأله عن تلك الدولة الخليجية وطن حبيبته...لكننى تراجعت ...خشيت ان تقتلنى الاجابة
ووجدتنى أردد عليه بلا شعور
هو قصاص الحياة ياأبي
هو قصاص الحياة ياأبي


وأصبح الحزن علي وعليه أثقل من حجم هذا البحر الممتد أمامنا
فطلب منى فى محاولة منه لتغيير الموضوع ان أغني له بصوتى الحزين الذى يحبه
فوجدتنى أغنى ( الاطلال) بألم مرير


</I>