حول التصعيد الصهيوني ضد القدس والمسجد الأقصى
[ 16/04/2009 - ]
ياسر الزعاترة
عن صحيفة الدستور الأردنية
من الصعب على المراقب أن يتابع المخططات الصهيونية ضد القدس والمسجد الأقصى، فهي من المثابرة بحيث تحتاج إلى رصد يومي، الأمر الذي يتكفل به الشيخ رائد صلاح وإخوانه الذين كانوا ولا يزالون شوكة في حلوق الغزاة، لكنهم وحدهم لا يبدون قادرين على وقف العدوان، لاسيما ذلك المتعلق بالاستيطان في القدس، فضلاً عن هدم المنازل واستهداف المدينة بالمزيد من التهويد.
مع مجيء نتنياهو وإلى جانبه ليبرمان ومتطرفي شاس يتصاعد مسلسل الاستهداف ضد المدينة المقدسة، وبالطبع في سياق خلق المزيد من الوقائع على الأرض.
أيا يكن الجديد في ملف استهداف المدينة ومسجدها، فإن المسلسل ليس في وارد التوقف، وبحسب بن غوريون "لا معنى لإسرائيل من دون القدس، ولا معنى للقدس من دون الهيكل". والنتيجة هي أن الإسرائيليين بعلمانييهم ويسارييهم ويمينييهم وحاخاماتهم يتوحدون خلف ملف "جبل الهيكل"، وعندما يرى يوسي بيلين، "حمامة السلام" الإسرائيلي المعروف، وصاحب وثيقة جنيف الشهيرة، أن جبل الهيكل بالنسبة لليهود، جميع اليهود، هو بمثابة مكة أو الكعبة بالنسبة للمسلمين، فذلك يعني أن أحداً ليس في وارد التنازل في هذا الملف، مع فارق في التفاصيل بين هذا الفريق وذاك.
ما نتذكره دائماً، وينساه أصحاب نظرية "الحياة مفاوضات" هو أن المرحلة الأهم في التاريخ الفلسطيني هي انتفاضة الأقصى، وكانت انطلاقتها رداً مباشراً على استهداف شارون للمسجد، وإن كانت الظروف الموضوعية الأخرى هي التي وفرت إمكانية استمرارها، لا سيما تلك التي افتضحت أثناء المفاوضات حين طالب الإسرائيليون بجزء من الشق العلوي للمسجد، مع سيادة كاملة على شقة السفلي، وبالطبع من أجل استمرار البحث عن الهيكل الذي يزعمون وجوده تحت المسجد. كما يتجاهلون أن انتفاضة أخرى سبقتها باسم انتفاضة البراق، وأخرى باسم انتفاضة أبو غنيم، رداً على مستوطنة أبو غنيم في القدس التي أعلنها نتنياهو نفسه.
كل ذلك ينبغي أن يتذكره أولئك في سياق رحلتهم الجديدة بحثاً عن حل نهائي، كما ينبغي أن يتذكروا أن قطاع غزة لم يتحرر، ولو جزئياً، إلا بالعسكرة والمقاومة المسلحة التي طالما سخروا منها.
إن أي حديث عن مواجهة المخططات الصهيونية بالصراخ والمفاوضات ومطالبة المجتمع لدولي بالتدخل لن يكون ذا قيمة، وقد ثبت أن مراحل المفاوضات هي الأكثر ازدحاماً الاستيطان والتهويد، أكان خلال أوسلو، أم خلال مرحلة القادة الجدد الذين ورثوا ياسر عرفات، لا سيما بعد أنابوليس.
لا مجال لمواجهة تلك المخططات سوى بوحدة على قاعدة المقاومة الشاملة بعنوان واضح هو دحر الاحتلال من دون قيد أو شرط، أما الوحدة على قاعدة التهدئة وأنابوليس وخريطة الطريق فمعروفة النتائج، بل يعلم العقلاء أنها نتائج لن تصل بحال من الأحوال سقف ما عرض في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000.
هل ابتعدنا عن موضوع المسجد الأقصى؟ كلا فنحن في صلبه تماماً، فما يحمي المسجد ليس أن يبادر كل طرف عربي وإسلامي إلى إصدار بيان يحذر من مغبة المساس به، وكفى الله المؤمنين القتال، فيما مسلسل استهدافه ماض من دون توقف، وإنما أن تعود المقاومة إلى ساحة الفعل وصولاً إلى دحر الاحتلال كمقدمة لإنهاء مشروعه بالكامل.
لسنا متأكدين مما يمكن أن يجري للمسجد الأقصى، ولكننا متأكدون من أن المسلسل لن ينتهي ببناء الهيكل، بل سينتهي بنهاية المشروع الذي جعل بناء الهيكل عنواناً لانتصاره الأخير.