دولة يهودية وأخرى فلسطينية، لم لا؟!!!!
( 20/04/2009 )
ياسر الزعاترة
عن صحيفة الدستور الأردنية :
هل جاء نتنياهو بجديد عندما تحدث عن الدولة اليهودية؟ كلا بالطبع، فقد طرحت ذلك تسيبي ليفني قبل شهور، ربما على نحو أوضح عندما تحدثت عن أن حلم "عرب إسرائيل" سيتجسد في الدولة الفلسطينية، وإن حاولت التراجع بعد ذلك، وقبلها فعل ذلك جورج بوش، فيما تحدث كثيرون في الساحة السياسية والإعلامية الإسرائيلية عن نقل مناطق الكتل السكانية الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 48 إلى الدولة الفلسطينية العتيدة، وبالطبع في سياق تبادل الأراضي.
الجانب الأكثر أهمية الذي قرأه محللون إسرائيليون في كلام نتنياهو هو إمكانية قبوله بحل الدولتين إذا وافق الأمريكيون على فكرة الدولة اليهودية، الأمر الذي يبدو ممكناً، بل يبدو مرجحاً إلى حد كبير. وعندما يستخدم جورج ميتشيل بعد لقائه الأخير مع المسؤولين الإسرائيليين عبارة "إسرائيل كدولة يهودية"، فلم يكن ذلك من قبيل الخطأ، بل هي القناعة الأمريكية بأن دفع عملية التسوية يمكن أن يتم عبر موافقة فلسطينية على الطرح المذكور، الأمر الذي قد يشجع الإسرائيليين على حل عقدة المفاوضات ممثلة في منح قيادة السلطة تنازلاً ما في القدس الشرقية يوفر لها فرصة تسويق الاتفاق على الشعب الفلسطيني في الداخل (لا مجال لذلك فيما يتعلق بفلسطينيي الخارج في ظل شطب الصفقة المؤكد لقضية عودة اللاجئين).
ثمة بعد آخر يتعلق بإيران، إذ لا يتوقع أن يبادر نتنياهو إلى صدام مع الإدارة الأمريكية، فيما هو يحثها على معاقبة إيران، فضلاً عن منحه الموافقة على توجيه ضربة عسكرية لمنشآتها النووية. وما نشرته صحيفة التايمز البريطانية يوم السبت ليس تلفيقاً صحفياً.
سيقول البعض إن أمريكا لن تسمح بتوجيه ضربة لإيران، وقد يكون ذلك صحيحاً في الوقت الحالي، لكن الجزم بمسار التعاطي الأمريكي الإسرائيلي مع الملف النووي الإيراني ليس ممكناً بحال، أما قصة التحالف الأمريكي الإيراني فهي أسخف من أن تناقش، لأن كل هذا الحشد بين الطرفين ليس مجرد مسرحية يضحكون بها على الأغبياء من أمثالنا، ولا يكتشف سرها غير الأذكياء الذين يقدمون الخطر الإيراني على الخطر الأمريكي الصهيوني.
ميزة هذا الطرح هو أنه يمنح نتنياهو الكثير من القوة، حتى في أوساط اليمين، باستثناء اليمين المتطرف، والسبب أنه يحظى بموافقة من حزب العمل وحزب كاديما، وإذا ما تجرأ ليبرمان على رفضه فيمكن عندها إخراجه من الحكومة وإدخال حزب كاديما.
بالنسبة للطرف الفلسطيني، يمكن القول إن قيادة السلطة قد تقبل بهذا الطرح في حال قُدم لها مشفوعا بحصة ما في القدس الشرقية، لاسيما إذا نجح المخطط المصري في استدراج الوضع الفلسطيني إلى محطة انتخابات تشريعية ورئاسية سترتب بشيء من الفهلوة من أجل نجاح الرئيس الحالي وحركة فتح ومن يدورون في فلكها. وإذا كانت صفقة من هذا النوع لا يمكن أن تمر من دون غطاء عربي، فإن توفير الغطاء المذكور سيكون ميسوراً في ظل الوضع البائس للنظام العربي الرسمي.
قوى المقاومة هي وحدها المؤهلة لإفشال صفقة من هذا النوع، ومن ضمنها القوى الحيّة في الأراضي المحتلة عام 48، ومعها الهيئات والمؤسسات الشعبية في الشتات، وقد قلنا من قبل إن من العبث الركون إلى مقولة أن تشدد نتنياهو سيفشل لعبة التسوية ويحرج الأطراف المنخرطة فيها، فهنا ثمة أطراف لا يحرجها شيء.