و أنا أيضاً أرجو ذلك أخي هدهد العرب، و أسأل الله أن يهدي بك من يشاء كما هدى أمة بلقيس بهدهد سليمان (عليه السلام).
المشكلة يا أخي الكريم أنّ الجميع يشكو مما يسمى بمشاكل "المراهقة"، و الحقيقة أن سبب هذه المشاكل هو عدم التناغم مع الفطرة، فالله سبحانه الذي خلق الإنسان جعل فيه فطرة، متى ما سار وفقها سعد، و متى ما خالفها و عاندها شقي، و من هذه الفطرة البلوغ، و البلوغ ليس سن استيقاظ الغريزة الجنسية فقط، بل هو سن استيقاظ العاطفة المتدفقة أيضاً، فالله بحكمته جعل الغريزة الجنسية و العاطفة المتوهجة في أقوى حالاتهما عند البلوغ، اشعاراً للإنسان بأن هذا هو الوقت المناسب الذي يجب أن يبحث فيه عن شريكه في الحياة من الجنس الآخر.
و لكننا للأسف نقف حجر عثرة ضد المسار الصحيح و الطّبعي للغريزة الجنسية و للعاطفة المتدفقة و هما في أوج قوتيهما، فينشأ عن ذلك تمرد من في هذا العمر علينا، و كسرهم لقوانينا، و خروجهم عن حدودنا، ما من شئ إلا لأن لهم طاقتين قويتين لم تسيّرا في مسارهما الصحيح، ألا و هو الزواج.
فماذا يفعل معظم الشباب؟
للأسف الشديد بسبب عدم توفيرنا للمسار الشرعي لهاتين الطاقين، يسعى الشباب (إلا من رحم ربك) إلى تفريغ تلكما الطاقتين بالوسائل المحرمة، فيمارسون الفواحش و يلهثون خلف العلاقات الغرامية على التلفونات و في غرف المحادثة و في الجامعات و المجمعات و في كل مكان يجدون فيه فرصة لإقامة تلكم العلاقات!
ثم ترانا نذم الشباب و نلومهم و نستغرب منهم و من أفعالهم و من طيشهم و من جرأتهم على المحرمات، و ننسى أننا السبب الرئيس فيما يفعلونه بمنعنا لهم من السبيل الشرعي و الفطري!
و الكيّس الفطن هو من وقى نفسه و مجتمعه من الأمراض، و ليس الكيّس من سمح لها أن تنهش فيه و في مجتمعه ثم صرخ و استغاث باحثاً عن علاج لها، أليس كذلك؟!
و لكن غريب أمر الإنسان، و الله عجيب أمره!
يخلق المشكلات لنفسه و يتذاكى على الفطرة ثم يشكو و يتسائل: "لماذا يحدث هذا لنا؟ من أين أتتنا هذه المشاكل؟ لماذا يضيع شبابنا؟"
ترى هل ستبقى مشاكل "المراهقة" التي يشكو منها الجميع لو زوجنا الشباب عند البلوغ؟
و لكن يأتينا المعترضون يتسائلون: "كيف تزوجون من في هذا السن و هم غير ناضجين؟"
فنرد على سؤالهم بسؤالين:
الأول: لماذا نجحت الأجيال السابقة في تطبيق الزواج عند البلوغ؟
سيجيبون: "السابقون نشأوا بطريقة مختلفة".
أفلا نستطيع نحن أيضاً لو تكاتفنا أسراً و مجتمعات و برلمانات و وزارات أن ننشئ أطفالنا بطريقة مختلفة؟! أليس السابقون بشراً مثلنا؟! كيف ندعي بأننا متطورون عنهم و متقدمون عليهم و لا نستطيع أن نفعل فعلهم؟!
أما السؤال الثاني فلا أظنهم يجدون له جواباً:
هب أن شاباً عاش بعد بلوغه ثلاثة أيام ثم مات، أفلا يحاسبه الله على أولئك الأيام الثلاثة؟ فإن كان الله يحمّل الإنسان عند بلوغه مسئولية مصيرة في الآخرة من خلود في جنة أو نار، أفلا نستطيع نحن تحميله مسئولية الزواج لو هيأناه لها؟!