دقة بدقة ولو زدتَ ؟!؟!؟
اللواء الركن:
محمود شيت خطاب يرحمه الله
كان تاجراً كبيراً وكانت تجارته بين العراق وسوريا …
يبيع الحبوب في سوريا ويستورد منها الصابون والأقمشة ، وكان رجلاً مستقيماً في خُلقه قوي التدين ، يزكي ماله ويغدق على الفقراء مما أفاء الله به عليه من خير ، وكان يقضي حاجات الناس لا يكاد يرد سائلاً وكان يقول : زكاة المال من المال وزكاة الجاه قضاء الحاجات .
وكان يعود مرضى محلته ويتفقدهم كل يوم تقريباً ، وكان يصلي المغرب والعشاء في مسجد صغير قرب داره فلا يتخلف عن الصلاة أحد من جيرانه إلا ويسأل عنه ، فإذا كان مريضاً عاده ، وإذا كان محتاجاً إلى المال أعطاه من ماله ، وإذا كان مسافراً خلفه في عياله .
وكان له ولد واحد وابنة واحدة بلغا عمر الشباب .
في يوم من الأيام سأل ولده الوحيد أن يسافر إلى سوريا بتجارته قائلاً له : لقد كبرت يا ولدي فلا أقوى على السفر ، وقد أصبحتَ رجلاً فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب إلى حلب فبع ما معك واشترِ به صابوناً ، ثم عد إلينا . أوصيك بتقوى الله وأطلب منك أن تحافظ على شرف أختك ...
وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى يوم لم يكن قطارات ولا سيارات ..
وسافر الشاب بتجارة أبيه من مرحلة إلى مرحلة : يسهر على إدارة القافلة ، ويحرص على حماية ماله ، ويقوم على شؤون رجاله .
وفي حلب الشهباء باع حبوبه واشترى بثمنها من صابونها الممتاز وقماشها الفاخر ثم تجهز للعودة أدراجه إلى الموصل الحدباء …
وفي يوم من الأيام قبيل عودته من حلب رأى شابة جميلة في طريقٍ مُقفر بعد غروب الشمس فراودته نفسه الأمارة بالسوء على تقبيلها ، وسرعان ما اختطف منها قُبلةً ثم هرب على وجهه وهربت الفتاة …
وما كاد يستقر به المقام في مستقره إلا وأخذ يؤنب نفسه ، وندم على فعلته ولات ساعة مندم ، وكتم أمره على أصحابه ولم يبح بسره لأحد وبعد أيام عاد إلى بلده …
وكان والده الشيخ في غرفته يطل منها على حوش الدار حين طرق البابَ السقاءُ فهرعت ابنته إلى الباب تفتحه له ، وحمل السقاء قربته وصبها في الحب وأخت الفتى تنتظر على الباب لتغلقه بعد مغادرة السقاءِ الدارَ ، وعاد السقاء بقربته الفارغة فلما مر بالفتاة قبَّلها ثم هرب .
ولمح أبوها من نافذة غرفته ما حدث ، فردد من صميم قلبه : لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله ، ولم يقل الأب شيئاً ولم تقل الفتاة شيئاً .
وعادَ السَقَّاء في اليوم الثاني إلى الدار كالمعتاد ، وكان مطأطئ الرأس خجلاً ، وفتحت له الفتاة الباب ، ولكنه لم يعد إلى فعلته مرة أخرى .
لقد كان هذا السقاء يزود الدار بالماء منذ سنين كما كان يزود دور المحلة كلها بالماء ولم يكن في يومٍ من الأيام موضع ريبة ، ولم يحدث أن نظر إلى محارم الناس نظرةَ سوءٍ وكان في العقد الخامس من عمره وقد ولى عنه عهد الشباب وما قد يصحبه من تهور وطيش وغرور ……
وقدم الفتى الموصل موفور الصحة وافر المال ولم يفرح الوالد بالصحة ، ولا بالمال . ولم يسأل ولده عن تجارته ، ولا عن سفره ، ولا عن أصحابه التجار في حلب …
لقد سأل ولده أول ما سأله : ماذا فعلت منذ غادرت الموصل إلى أن عدت إليها ؟
وابتدأ الفتى بسرد قصة تجارته فقاطعه أبوه متسائلاً : هل قبلت فتاة ؟ ومتى ؟ وأين ؟ فسقط في يدي الشاب ثم أنكر …
واحمر وجه الفتى وتلعثم وأطرق برأسه إلى الأرض في صمت مطبق كأنَّه صخر من صخور الجبال لا يتحرك ، وكان الصمت فترة قصيرة من عمر الزمن ولكنه كان كأنَّه الدهر .
وأخيراً قال له أبوه : لقد أوصيتك أن تصون عرض أختك في سفرك ، ولكنك لم تفعل وقصَّ عليه قصة أخته وكيف قبَّلها السقَّاء ، فلا بد أن تلك بتلك القبلة وفاء لدينٍ عليك ………
وانهار الفتى واعترف بالحقيقة
وقال له أبوه مشفقاً عليه وعلى أخته وعلى نفسه : إني لأعلم أنني لم أكشف ذيلي في حرام وكنت أصون عرضي حين كنت أصون أعراض الناس ، ولا أذكر أنَّ لي خيانة في عرض أو سقطةً من فاحشة أرجو أن لا أكون مديناً لله بشيء من ذلك ، وحين قبَّل السقَّاء أختك تيقنتُ أنك قبَّلتَ فتاةً ما ، فأدت أختك عنك دينك ، فقد كانت !!!!!! دقة بدقة ولو زدت لزاد السقى ….
وكانت يمامة تغني فوق سطح الدار وكان مما رددته :
من خاف على عقبه وعقب عقبه ، فليتقي الله ….
من تعقب عورات الناس ، تعقب الله عورته …
ومن تعقب الله عورته فضحه ولو كان في جوف رحم …
ومن كان يحرص على عرضه فليحرص على أعراض الناس …
ومن أراد أن يهتك عرضه فليهتك أعراض الناس …
لذة ساعة غصة إلى قيام الساعة …
فكل دين لا بد له من وفاء …
ودين الأعراض وفائه بالأعراض …
فالمرء يهتك عرضه حين يهتك أعراض الناس …
والذين يفرحون باللذة الحرام قليلاً ، سيبكون على ما جنت أيديهم كثيراً …
والذين يخونون حرمات الناس ، يخونون حرماتهم أولاً …
ولكنهم غافلون عن أمرهم ؛ لأنهم آخر من يعلمون …
ولو علموا الحق ، لتواروا عن البشر خجلاً وعاراً …
(( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ))
وإنه أعدل العادلين …
(( فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ))
بعد كل هذا وذاك لا يزال ولا يستحي بعض الناس من خطف النساء والفتيان وأمثالها من الأعمال المشينة في كثير من مدن العراق بلا رادع ولا مراقبة لله تعالى .
نحن نحث كل العقلاء بإيقاف أمثال هذه الأعمال بكافة الطرق المشروعة ونحذر هؤلاء المجرمين ومن يتسترون عليهم من الذين يستخفون بالناس نحذرهم بأن الإيدز (السيدا) قادم وغضب الله قادم ولعنة الله تحيط بالذين يخطفون النساء ويظلمونهم ويشوهون سمعتهم
نحذر هؤلاء الحيوانات والحمير