رد: الامتداد الطبيعي لأمة الإسلام.. وظل التسمي باسم (أهل السنة والجماعة) عَلَمًَا على أهل الحق بين المسلمين، تمييزا لهم عن أهل البدع والضلال، على مر العصور التالية للقرن الأول.. مما حمل أهل البدع على ادعاء اتباع السنة، وأنهم هم أهل السنة على الحقيقة، فمن بعد القرن الأول زاد انتشارهم، واحتاج العلماء إلى نفي الحق واتباع السنة عن باقي تلك الفرق المبتدعة، التي تلبِّس على الناس بادعائاتها! فتقرأ قول الإمام مالك رحمه الله (ت179ه) لما سُئل عن أهل السنة قال: "أهل السنة الذين ليس لهم لقب يُعرفون به، لا جهمي، ولا قدري، ولا رافضي"(الانتقاء لابن عبد البر 5)، وسُئل عن السُّنة؟ فقال: "ما لا اسم له غير السنة، وتلى: "وأن هذا صراطي متسقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"(153:الأنعام)"(الاعتصام للشاطبي).. وحتى مع انتشار البدع وأهلها؛ إلا أن عامة المسملين في عصر التابعين وتابعي التابعين كانوا متمسكين بعلم الصحابة واعتقادهم، وبدأ تدوين السنة بأسلوب فردي مع بداية القرن، ومع نهاية القرن بدأ التدوين الرسمي لها، واهتم العلماء وطلاب العلم بعلم الحديث لتنقية السنة من الكذب والوضع، وأصبح العلم والاعتقاد عند المسلمين مرتبطا بأهل الحديث والأثر، العالِمين العامِلين بهدي الصحابة رضوان الله عليهم.. (القرن الثاني) فكانت دعوة العلماء آنذاك إلى التمسك بالسنة والجماعة وما كان عليه السلف وأهل الحديث، بعيدا عن اتباع أهل الكلام والرأي والخلاف والبدع: – قال محمد بن سيرين (ت110ه): "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سمُّوا لنا رجالكم، فيُنظَرُ إلى أهل السنّةِ فيؤخذ حديثُهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"(صحيح مسلم)
– قال فرات: سمعت ميمون بن مهران (ت117ه) يقول: "لو نشر فيكم رجل من السلف ما عرف إلا قبلتكم"(تاريخ دمشق وسير أعلام النبلاء)(لما أحدثه أهل البدع في زمانه!) – قال أيوب السختياني (ت131ه): "أن من سعادةِ الشاب والأعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة"(أصول الاعتقاد للالكائي) – قال الإمام الأوزاعي (ت157ه) رحمه الله: "عَلَيْكَ بآثارِ مَنْ سَلف وإِنْ رَفَضَكَ الناس"(لُمعة الاعتقاد للالكائي-مختصر العلو للألباني) – قال سفيان الثوري (ت161ه) رحمه الله: "إذا بلغك عن رجل صاحب سنة بالمشرق وآخر بالمغرب؛ فابعث إليهما بالسلام وادع لهما… ما أقل أهل السنة والجماعة!"(الورع للإمام أحمد-أصول الاعتقاد للالكائي-تلبيس إبليس لابن الجوزي) – وقال ابن وهب: سمعت مالكا (ت179ه) يقول: "حَقٌ على من طلب العلم أن يكون عليه وقار وسكينة ويكون متبعا لآثار من مضى"(الحلية 6/320 والإلماع للقاضي عياض والجامع لأخلاق الراوي للخطيب البغدادي) – وسُئل عبد الله بن المبارك رحمه الله (ت181ه) عن الطائفة المنصورة: من هذه الطائفة؟ فقال: "هم عندي أصحاب الحديث"(شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ) – وقال نعيم بن حمّاد (ت228ه): "إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد، وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ"(الباعث لأبي شامة وإعلام الموقعين لابن القيم) > وقال الإمام عبد القادر الجيلاني (ت578ه): "أهل السنة لا اسم لهم إلا اسم واحد وهو: أصحاب الحديث"(الغنية) فتقرر عند المسلمين في ذلك الوقت أن السائرين على المعتقد الصحيح تميزوا بألقاب عُرفوا بها؛ وهي الإسلام، والسنة، وأهل الحديث والأثر، ومن الأوصاف أنهم المتبعون لما جاء عن السلف الصالح، والمتمسكون به والداعون إليه، في الأصول والفروع، تمييزا لهم عمّن ادّعى التمسك بالسنة واتباعها وهو مخالف لمعتقد السلف(الصحابة) وأهل الحديث (المتبعون لما جاء في الحديث النبوي والآثار عن الصحابة)، حتى قال يزيد بن هارون (ت206ه) عن الفرقة الناجية: "إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم"(المحدث الفاضل للرامهرمزي 7).. |