الجزء الثالث :
لقد شاهدنا في الجزء الأول من هذا البحث التالي :
1- جميع العرب العاربة كانت تستخدم أبجدية الحرف المسند في كتابتها :
أبجدية الحرف المسند.
كما شاهدنا أنه هناك ثلاث نظريات تتحدث عن إنقلاب وتغيير في استخدام الأبجدية إلى إتباع الخط العربي الحديث وتلك النظريات هي التالي :
1- النظرية الأولى :
جاء في كتاب المؤرخ العربي البلاذري أن الخط العربي قد تم إنشاءه من قبل ثلاثة أشخاص اجتمعوا في الحيرة فوضعوا الأحرف الهجائية العربية مستبدينها من النبطية القديمة وهذا هو نص الكتاب حيث قال :
حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده، وعن الشرقي بن القطامي قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية. فتعلمه منهم قوم من الأنفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار. وكان بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة فيقيم بها لحين، وكان نصرانياً. فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة.
2- النظرية الثانية :
قيل لأبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة غير متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء الإسلام لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني
سير أعلام النبلاء ج: 17 ص: 319
النظرية الثالثة :
أن الأبجدية العربية الحديثة أتت من تطور الحرف النبطي :
وتبين لنا أن الأنباط الذين يعود تاريخهم إلى القرن السادس قبل الميلاد والتي بدأت مملكتهم في 85 ق م إلى 106 م والتي إمتد حكمهم الجغرافي كما هو موضح في الشكل
خ-1 :
خ-1
كما تعرفنا على أبجديتهم ووضحناها في بحث الأنباط :
وسنجد في هذا الجزء من الكتاب كيف أن الغساسنة الذين استعادوا مملكتهم من الأنباط, حاولوا تطوير الكتابة النبطية فبدأوا بتوصيل الحروف بعضها ببعض تماماً كما يفعل الأشوريين في كتابتهم فنتج معهم الخط العربي الجديد.
إن بعد التدقيق في النقشين الشهيرين نقش إمرؤ القيس العائد لعام 338 م ونقش أم الجمال العائد لعام 528 م يتبين لنا التالي :
نقش إمرؤ القيس
نقش أم الجمال
لقد حاولنا أن نجزئ الأحرف الموجودة على النقش وقارنها بالأبجدية النبطية فنتج التالي :
الأبجدية رقم واحد لقد أخذت من نقش إمرء القيس, لاحظ أنها هي ذاتها الأحرف النبطية مع اختلاف بسيط بطريقة كتابة بعض حروفا كحرف الياء في نهاية الكلمة وحرف الشين والهاء.
كما تبين لنا أيضاً أن حرف الدال والذال فيهم نوع من الإختلاف البسيط الشبيه بحرف الكاف في كلمة (عكدي)
(عكدي) .
وإن غياب حرف الضاد والطاء والظاء والذال والثاء من النقش, ما جعلنا نقع في حيرة في كيفية اختيار تلك الحروف.
كما لاحظنا أنه هناك همزة يستخدمها الغساسنة في كتابتهم وهي تشبه الفاصلة ’ وهذا دليل على أن الخط العربي الجديد هو ذاته الخط النبطي القديم ولكنه متصل.
كما أن نقش أم الجمال الذي كتب اسم جذيمة نلاحظ أن التاء المربوطة
“ة“ قد اخذت من الأحرف الأشورية بدلاً من الأحرف النبطية التي تفتقر لذلك الرمز الذي لم يكن واضحاً في كلمة (مدينة) التي كتبت (مدينت),
جذيمة
حاول مقارنة حرف ال
(ة ) مع الأبجدية الأشورية ستجد تطابق في الحرف.
كما نلاحظ أن الشين والسين كتبت بشكل واحد ولكننا إذا دققنا لوجدنا أن الشين تختلف عن السين بإنحناء مدتها :
ولقد تبين لنا أنه قد جاءت فكرة توصيل الأحرف من الأشوريين الذين بدأوا بتوصيل حروفهم من عام 200 ق م كما في الشكل التالي :
نقش بالأبجدية الأشورية ذات الأحرف الموصلة
مخطوطة أشورية تعود إلى عام 124 ق م
كما تبين لنا أن حرف الصاد والضاد هم حروف قد اخذت من أبجدية أخرى موجودة في بلاد ما بين النهرين تدعى بالأبجدية المندائية :
الأحرف المندائية في جنوب الكوفة.
نستنتجد من هذه الأبجدية أن أصل حرف الصاد والضاد, والحاء والفاء وإنقلاب السين بشكل أفقي بدلاً من الشكل العامودي النبطي.
ولكن من الذي فعل هذه الإضافة ؟
إذا عدنا إلى
النظرية الأولى التي تتحدث عن اجتماع ثلاثة أنفار من طيء بمدينى "بقة" وهم "مرا مر بن مرة" و "أسلم بن سدرة" و "عامر بن جدرة" فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية.
نجد أن هذه الحادثة قد وقعت بعد أن تعرفوا على الخط النبطي الموصل, وأن الإضافات التي أضيفت للأبجدية العربية الجديدة كانت متعلقة ببعض الحروف كما أن وضع النقاط على بعض الحروف لتميزها عن بعضها البعض كان من أهم الخطات التي أدت إلى ولادة الخط الجديد في مدينة الكوفة في الحيرة فنتج الخط الكوفي الجديد.
ونرى أنه من أسباب انتشار الأبجدية الأشورية في العالم العربي هو بسبب نشر الديانة المسيحية عبر المبشرين الدينيين السريان في بلاد ما بين النهرين والجزيرة العربية, ومصر والسودان والحبشة, وأنه عندما استقر الإسلام فينما بعد على إختيار الخط النبطي الموصل الذي بدأ بتسميته بالخط العربي الكوفي وخط القرآن ومن خلال نشر الديانة الإسلامية في البلاد المجاورة, نتج عن هذا أن جميع البلاد التي وقعت تحت سيطرة الإمبراطورية الإسلامية الجديدة قد بدأت تتأثر بالخط العربي الجديد ,حيث أن الفرس وبلاد الشرق مثل الهند (الإردو) والصين ومنغوليا جميعهم تأثروا بالخط الجديد وبدأو للإنتقال إلى استخدام الأبجدية الجديدة وإليكم بعضاً من هذه الكتابات التابعة لتلك البلاد التي تقبلت الإسلام وأخذت الرسالة من المسلمين العرب واتقلوا إلى إستخدام أبجديتهم ولكن مع الحفاظ على لسانهم الغريب عن العربية :
كتابات منغولية بعد الإسلام
كتابات مسلمي الصين بالخط العربي بعد الإسلام
بعد الإسلام
عملة ساسانية كتب عليها بسم الله بعد الإسلام
عملة أموية من طبرية الغسانية
عملة تركية 1319
عملة أضيف عليها كلمة نجد
عملة مكتوب عليها بالحرف المسند العربي القديم
يعتقد أنها لملك الغساسنة الحارث
عملة غسانية للملك وشقيقته أي زوجته
عملة منغولية بعد الإسلام
علمة مكتوب عليها خان العادل الأعظم ومن الطرف الثاني محمد رسول الله بعد إسلام المغول.
عملة سلجوقية عليها أحرف عربية
وهكذا نكون قد برهنا على أن الأبجدية العربية (الخط الكوفي) هي تطور الأحرف النبطية مع استعارة بعض الأحرف الأشورية والمندائية.
تمت بعون الله.
وسام الدين اسحق