عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 05-26-2009, 03:12 PM
 
رد: دراسة .. في شاعر ..

يحفل تاريخنا العربي بشعراء قل نظيرهم على مستوى العالم ,,, قديماً أو حديثاً ,,,



فالشعر لسان العرب ,,,


~~~~~~~~~~~~~

__ (( إبن زيدون , شاعر الحب والجمال )) __

دُرّة الأدب العربي

(( نشأته ))

وُلِدَ ابن زيدون في قرطبة (394ه/1003م - أول رجب 463 ه/4 أبريل 1071 م)
واسمه أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي، أبو الوليد.
أبوه فقيه من سلالة بني مخزوم القرشيين، وجدُّه لأمه صاحب الأحكام الوزير أبو بكر محمد ابن محمد بن إبراهيم،
وكلمة صاحب الأحكام تعني أنه اشتغل بالفقه والقضاء.
تعلَّم ابن زيدون في جامعة قرطبة التي كانت أهم جامعات الأندلس يَفِدُ إليها طلاب العلم من الممالك الإسلامية والنصرانية على السواء.. ولمع بين أقرانه كشاعر.. وكان الشعر بداية تعرُّفه بفراشة ذلك العصر ولادة بنت المستكفي الخليفة الأموي الضعيف المعروف "بالتخلف والركاكة، مشتهرًا بالشرب والبطالة، سقيم السر والعلانية، أسير الشهوة، عاهر الخلوة" كما يقول عنه أبو حيان التوحيدي.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

(( إبن زيدون شاعر ))

شاعر أندلسي، برع في الشعر كما برع في فنون النثر، حتى صار من أبرز شعراء الأندلس المبدعين وأجملهم شعرًا وأدقهم وصفًا وأصفاهم خيالا، كما تميزت كتاباته النثرية بالجودة والبلاغة، وتعد رسائله من عيون الأدب العربي.

كان وزير، وكاتبا وشاعرا من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به.

قصائده صورة من حياته السياسية والعاطفية، وتم تشبيهه بالبحتري، وقد تميز ابن زيدون بشعره الغزلي فعرف شعره بالرقة والعذوبة والصور الشعرية المبتكرة.

قال عنه الدكتور شوقي ضيف " كان ابن زيدون يحسن ضرب الخواطر والمعاني القديمة أو الموروثة في عُملة اندلسية جديدة، فيها الفن وبهجة الشعر وما يفصح عن أصالته وشخصيته".

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

(( ابن زيدون سياسياً ))


اتصل ابن زيدون "ببني جهور" وتمكن من نيل مكانة متميزة عنده وذلك نظراً لعلمه وثقافته بالإضافة لانحداره من بيت جاه وشرف، فكان ابن زيدون سفيراً بين الملوك في دولة "أبو حزم بن جهور"، فكان يحظى بمكانة عالية لديه إلى أن تدخل بعض المنافسين الذين عملوا على الوقيعة بينهم، فقام ابن جهور بسجنه، واتهمه بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف.
وأثناء سجنه قام ابن زيدون بإنشاد العديد من القصائد الشعرية والتي قام في بعض منها باستعطاف ابن جهور ليفرج عنه مما قاله:

مَن يَسأَلِ الناسَ عَن حالي iiفَشاهِدُها
مَحضُ العِيانِ الَّذي يُغني عَنِ الخَبَرِ
لَم تَطوِ بُردَ شَبابي كَبرَةٌ iiوَأَرى
بَرقَ المَشيبِ اِعتَلى في عارِضِ الشَعَرِ
قَبلَ الثَلاثينَ إِذ عَهدُ الصِبا iiكَثَبٌ
وَلِلشَبيبَةِ غُصنٌ غَيرُ iiمُهتَصِرِ
ها إِنَّها لَوعَةٌ في الصَدرِ قادِحَةٌ
نارَ الأَسى وَمَشيبي طائِرُ iiالشَرَرِ
لا يُهنَىءِ الشامِتَ المُرتاحَ iiخاطِرُهُ
أَنّي مُعَنّى الأَماني ضائِعُ iiالخَطَرِ
هَلِ الرِياحُ بِنَجمِ الأَرضِ iiعاصِفَةٌ
أَمِ الكُسوفُ لِغَيرِ الشَمسِ iiوَالقَمَرِ
إِن طالَ في السِجنِ إيداعي فَلا iiعَجَبٌ
قَد يودَعُ الجَفنَ حَدُّ الصارِمِ iiالذَكَرِ
وَإِن يُثَبِّط أَبا الحَزمِ الرِضى iiقَدَرٌ
عَن كَشفِ ضُرّي فَلا عَتَبٌ عَلى القَدَرِ
ما لِلذُنوبِ الَّتي جاني كَبائِرِها
غَيري يُحَمِّلُني أَوزارَها وَزَري
مَن لَم أَزَل مِن تَأَنّيهِ عَلى iiثِقَةٍ
وَلَم أَبِت مِن تَجَنّيهِ عَلى iiحَذَرِ


وعندما لم تفلح رسائل وتوسلات ابن زيدون قام بالفرار من سجنه قاصداً اشبيلية، ثم عاد إلى قرطبة مرة أخرى واختبأ عند بعض أصدقائه، حتى عفا عنه أبي حزم، فعاد ليمدحه ثم رثاه بعد وفاته.
جاء بعد ذلك عهد أبي الوليد بن أبي حزم بن جهور، فحظي ابن زيدون في عهده بمكانة عظيمة فعينه على أهل الذمة، وتبع ذلك توليه للوزارة الأمر الذي أسعد ابن زيدون فانطلق مادحاً



إِنَّ مَن أَضحى أَباهُ iiجَهورٌ

قالَتِ الآمالُ عَنهُ iiفَفَعَل

مَلِكٌ لَذَّ جَنى العَيشِ iiبِهِ

حَيثُ وِردُ الأَمنِ لِلصادي عَلَل

أَحسَنَ المُحسِنُ مِنّا iiفَجَزى

مِثلَما لَجَّ مُسيءٌ فَاحتَمَل




~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد.

ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين.

~

وتعد القصيدة النونية لابن زيدون من غرر الشعر العربي


نونيته:


أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا

ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا

مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا

أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا

غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا

فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا

لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا

ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا

كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُه وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا

بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا

نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا

حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا

إذ جانب العيش طَلْقٌ من تألُّفنا وموردُ اللهو صافٍ من تصافينا

وإذ هَصَرْنا غُصون الوصل دانية قطوفُها فجنينا منه ما شِينا

ليسقِ عهدكم عهد السرور فما كنتم لأرواحنا إلا رياحينا

لا تحسبوا نَأْيكم عنا يُغيِّرنا أن طالما غيَّر النأي المحبينا

والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا

يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينا

واسأل هناك هل عنَّي تذكرنا إلفًا، تذكره أمسى يُعنِّينا

ويا نسيمَ الصِّبا بلغ تحيتنا من لو على البعد حيًّا كان يُحيينا

فهل أرى الدهر يَقصينا مُساعَفةً منه ولم يكن غِبًّا تقاضينا

ربيب ملك كأن الله أنشأه مسكًا وقدَّر إنشاء الورى طينا

أو صاغه ورِقًا محضًا وتَوَّجَه مِن ناصع التبر إبداعًا وتحسينا

إذا تَأَوَّد آدته رفاهيَة تُومُ العُقُود وأَدْمَته البُرى لِينا

كانت له الشمسُ ظِئْرًا في أَكِلَّتِه بل ما تَجَلَّى لها إلا أحايينا

كأنما أثبتت في صحن وجنته زُهْرُ الكواكب تعويذًا وتزيينا

ما ضَرَّ أن لم نكن أكفاءَه شرفًا وفي المودة كافٍ من تَكَافينا

يا روضةً طالما أجْنَتْ لَوَاحِظَنا وردًا أجلاه الصبا غَضًّا ونَسْرينا

ويا حياةً تَمَلَّيْنا بزهرتها مُنًى ضُرُوبًا ولذَّاتٍ أفانِينا

ويا نعيمًا خَطَرْنا من غَضَارته في وَشْي نُعمى سَحَبْنا

ذَيْلَه حِينا لسنا نُسَمِّيك إجلالاً وتَكْرِمَة وقدرك المعتلى عن ذاك يُغنينا

إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ في صفةٍ فحسبنا الوصف إيضاحًا وتَبيينا

يا جنةَ الخلد أُبدلنا بسَلْسِلها والكوثر العذب زَقُّومًا وغِسلينا

كأننا لم نَبِت والوصل ثالثنا والسعد قد غَضَّ من أجفان واشينا

سِرَّانِ في خاطرِ الظَّلْماء يَكتُمُنا حتى يكاد لسان الصبح يُفشينا

لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ عنه النُّهَى وتَركْنا الصبر ناسِينا

إذا قرأنا الأسى يومَ النَّوى سُوَرًا مكتوبة وأخذنا الصبر تَلْقِينا

أمَّا هواكِ فلم نعدل بمنهله شِرْبًا وإن كان يروينا فيُظمينا

لم نَجْفُ أفق جمال أنت كوكبه سالين عنه ولم نهجره قالينا

ولا اختيارًا تجنبناه عن كَثَبٍ لكن عدتنا على كره عوادينا

نأسى عليك إذا حُثَّت مُشَعْشَعةً فينا الشَّمُول وغنَّانا مُغَنِّينا

لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى من شمائلنا سِيمَا ارتياحٍ ولا الأوتارُ تُلهينا

دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظةً فالحُرُّ مَنْ دان إنصافًا كما دِينَا

فما اسْتَعَضْنا خليلاً مِنك يَحْبسنا ولا استفدنا حبيبًا عنك يُثْنينا

ولو صَبَا نَحْوَنا من عُلْوِ مَطْلَعِه بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشاكِ يُصْبِينا

أَوْلِي وفاءً وإن لم تَبْذُلِي صِلَةً فالطيفُ يُقْنِعُنا والذِّكْرُ يَكْفِينا

وفي الجوابِ متاعٌ لو شفعتِ به بِيْضَ الأيادي التي ما زلْتِ تُولِينا

عليكِ مِني سلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ صَبَابةٌ منكِ نُخْفِيها فَتُخفينا


في وصف قرطبة:

أقرطبة الغراء هل فيك مطمع

وهل كبد حرى لبينك تنقع
وهل للياليك الحميدة مرجع
إذ الحسن مرأى فيك واللهو مسمع
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~




(( عشق أبن زيدون ))


إن ابن زيدون لم يزل يروم دنو ولادة والاقتراب منها ولعا وحبا بها، فيهدر دمه دونها، ويهدد لسوء أثره ملك قرطبة وواليها، وعندما يئس من لقياها وحجب عنه، وكتب إليها يستديم عهدها، ويؤكد ودها، ويعتذر من فراقها بالخطب الذي خشيه، والامتحان الذي غشيه، ويعلمها أنه ما سلاها بخمر ولا خبا ما في ضلوعه من ملتهب الجمر، وهي قصيده ضربت في الإبداع بسهم، وطلعت في كل خاطر وهم، ونزعت منزعا قصر عنه حبيب بن أوس الطائي ( البحتري ) وعلي بن الجهم ،

ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.



~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

(( ومن شعر ابن زيدون وولعه بولادة بنت المستكفي قوله ))



إني ذكرتك بالزهرة مشتاقا والأفق طلق ووجه الأرض قد راها

وللنسيم اعتلال في أصائله كأنما رق لي فاعتل إشفاقا

والروض عن مائه الغضي مبتسم كما حللت عن اللبات أطواقاً

يوم كأيام لذات لنا انصرمت بتنا لها حين نام الدهر سراقاً

نلهو بما يستميل العين من زهر جال الندى فيه حتى مال أعناقاً

كأن اعينه إذا عاينت أرقي بكت لما بي فجال الدمع رقراقاً

ورد تألف في ضاحي منابته فازداد منه الضحي في العين إشراقاً

سرى ينافحة نيلو فر عبق وسنان نبه منه الصبح احداقاً

كان يهبج لنا ذكرى تشوقنا إليك ، لم يعد عنها العدر أن طاقا

لو كان وفي المنى في حمغا بكم لكان من أكرم الأيام أخلاقا

لا سكن الله قلباً عن ذكركم فلم يطر بجناح الشوق خفاقاً

لو شاء حملي نسيم الريح حين هفا وافاكم بفتى أضناه مالا قي

~~~~~~~~~~~~~~~~~~


ولعل أهم ما قاله إبن زيدون في ولاّدة:
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~
يامن غدوت بهِ بين الناسِ مشتهراً

قلبي يقاسي عليك الهم والفكرا

~
إن غبت لم ألق إنساناً يؤانسني
وإن حضرت فكل الناسِ قد حضرا





فتقول له ولادّة:


أغار عليك من عيني ومنّي

ومن زمانكَ والمكانِ
~
ولو أني خبأتك في جفوني
الى يومِ القيامةِ ما كفاني




~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


(( ابن زيدون والنثر ))


هذه الرسالة علامة على الموهبة الكبيرة والثقافة المتنوعة التي تميز بها ابن زيدون في أعماله النثرية يخاطب ابن عبدوس لاشتراكه معه في هوى ولادة :


أثرت هزبر الشرى إذ ربض ونبهته إذ هدا فأغتمض ومازلت تبسط مسترسلا إليه يد البض لما اتفبص حذار حذار، فأن الكريم إذا سيم خسفاً أبي فامتعض وإن سكون الشجاع النهوس ليس بمانعه أن يعض عمدت لشعري ولم تتئد تعارض جوهره بالعرض أضاقت أساليب هذاالقريض أم قد عفا رسمه فانقرض لعمري فوقت سهم النضال وأرسله لو أصبت الغرض
وغرك من عهد ولادة سراب تراءى وبرق ومض هي الما يعز على قابض ويمنع زبدته من مخض

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~






أخيرا ً



ترك ابن زيدون إحدى أهم رسائله وهي "الرسالة الجدية" والتي قام بكتابتها أثناء فترة سجنه، وتعد الرسالة الجدية من روائع النثر العربي، هذا بالإضافة " للرسالة الهزلية" والتي كتبها على لسان ولادة، كما ترك عدد كبير من القصائد الشعرية المتميزة.
__________________
http://almonlz.maktoobblog.com/