موتٌ لا ركوع ...
هنا غزة يجثم الموت فوق ربوعها... هنا غزة لا شيء يبدو في الفضاء سوى الردى
ولا متسع لغير اللحم المحروق ... وأخر قبلة قبل الرحيل ...
هنا الموت فاغرً فاه ... هنا جولدا مائير تمّيز من الغيظ ..
وهنا الطائرات تجوب أجواء العرب بلا صدى ..
لا شيء يبدو في الأفق .. لا شيء إلا النار وروايات الحرائق ..
وبقية أرض تتزنر بالدماء وبشقائق النعمان الحمراء ..
هنا يرفرف الموت ..يحط الحزن على رمال رحاله ..
ومن هناك اسمعهم يصرخون بوادٍ غير ذي نخوة , وينفخون في رماد ..
هي ذي غزة ترتدي ثوب الحداد .. من تناغي أكوام لحمٍ محروقة ..
من بقايا جثة كانت قبيل الظهر طفلاً يفيض بالحياة ..
تضيق بوجوههم الدروب فيلعبون في الشوارع ..
يبحثون عن فسحة أمل للحظة قبل الموت ..
من قبل أن تخطفهم الطائرات ..
وتمضغ لحومهم فِرق الموت وقذائف المدن المصفحة
وهناك في الجنوب ما قبل مدينة رفح بوابة فلسطين الجنوبية ..
تجثم مدينة أم الشهداء على بقة من ارض فلسطين ..
خان يونس ... التي تتوشح كوفية سوداء وحمراء وتلبس وثوب فلسطيني مطرز
من بقايا عسقلان ومن بقايا حيفا ويافا ...
تتلعثم الكلمات في فمي وأنا احكي قصة كانت تحكيها
لي أمي قبل موتها وتقول لي... ها بني لا تترك الأرض وازرع
فيها البنان كالخنجر وفي أعماق الأرض و تجذر ..
لكن من سواد عتمة المخيم أحببت سوادي من دماء حمراء قانية نزفت
على أسفلت شارع صلاح الدين بجوار شجرة الجميز أحببت
دماء أطفالٍ كانت دماء تسيل وتسيل حتى إننا ظننا أن الإسفلت
ينزف حزنناً وألماً على دماء تنزف في جباليا وبيت حانون ..
هل هذي هي الجثث المحروقة كانت حقاً لأطفالاً ؟
انه زمن الخراب يداً بيد ..!!
يا لحم الفلسطيني .. يا شرعية البوليس والقديس إذ يتبادلان الاسم
إذ يتناوبان عليك يمتزجان ,يتحدان , ينقسمان مملكتين يقتتلان فيك ...
مندوبه السري فيك من الوريد إلى الوريد ..
ينتفخ شرفاً لأنه بالسياط دلك جسدك تدليك
هؤلاء الغزاة لن يستعيدوا رجولة عبر جثث أبنائنا لأنهم لم يكونوا إبطالاً
ذات يوم ولا أشرقت عليهم شمس الرجولة أبداً ...
فيها اثبت فرساننا أنهم يريدون غزة عارية ليلبسها قميص الاحتلال ..
لكن صمودكم بدد وهمهم وخيّب ظنهم وسيرحل جندهم وعلى إعقابها تمضي الخزايا .
ولتمضي غزة بدراً من كل رجاء .. وتموت ولا تركع ... غزة ... خان يونس ..
حيفا ونابلس ورام الله وكل الوطن .. الموت لا الركوع ... موتٌ لا ركوع