عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-07-2009, 06:36 PM
 
قصة روبنسن كروزو......قصة حقيقية وجميلة جدا

*الرحلة الأولى



كنت الابن الثالث لعائلة كريمة من مدينة يورك في انكلترا, ولما لم يعلمني والداي أية حرفة,فقد ابتدأ رأسي في وقت مبكر يمتلئ بفكرة رؤية هذا العالم الواسع.
كان والدي الذي أصبح عاجزا الآن قد ثقفني جيدا وكنت أعبّ من المعرفة في البيت كل ماكان يسعني كما في المدرسة المحلية المجانية.
كان والدي يرغب في أن أصبح محاميا ولكني لم أرض بشيء غير الذهاب إلى البحر
وكانت هذه الرغبة قوية في نفسي حتى جعلتني أعمل ضد رغبات والدي, واعصي أوامره. أما والدتي وبعض الأصدقاء فقد استخدموا طريقة الإقناع لجعلي أتخلى عن رغبتي هذه.
ولكنه كان يبدو أن هناك شيئا عنيفا في ذلك النزوع نحو البحر, شيء ما يقودني إلى حياة البؤس التي ستصبح قدري ومصيري فيما بعد.
لقد توسل إلي والدي بجد وبطريقة تعبر عن حنانه الكبير ألا أتعجل فأقذف بنفسي إلى حياة البؤس والمتاعب وقال إن مركزي الاجتماعي بمقدوره أن ينقذني منها
بسهولة فلست في حاجة إلى أن أذهب إلى العالم لكي أكسب رزقي, كان والدي على استعداد تام لمساعدتي وإعدادي للمهنة التي نصحني بسلوكها, ,فإذا لم أكن سعيدا في هذا العالم فأن ذلك بسبب قدري المحتوم وليس هو مسؤولا عن ذلك.
لقد قام ولدي بواجبه عندما حذرني من مغبة مخططي هذا ومن أنه سوف يجلب لي التعاسة, وبكلمة واحدة عرض أن يعاملني بقدر كبير من الحنان والعطف إذا رضخت لنصيحته وبقيت في البيت. ولقد قال أيضا أنه لن يتوقف عن الصلاة من أجلي, ولكنه حذرني من أن الله لن يبارك عملي إذا ما قررت ملاحقة مخططي هذا.

تأثرت كثيرا بقوله هذا وقررت ألا أعود بعد الآن إلى التفكير في السفر إلى الخارج بل أبقى قريبا من والدي حسب رغبتهما.
ولكن,واحسرتاه!! لقد تبخر تصميمي هذا بعد أيام قليلة ولكي أتحاشى إثارة نقاش جديد مع والدي قررت أن أهرب من البيت عند أول فرصة تسنح لي .

ثم إن هذه الفرصة سنحت عندما ذهبت إلى البحر بالصدفة دون أي غاية أو رغبة في الذهاب إلى هناك.
كان أحد رفاقي مسافرا بطريق البحر إلى لندن في سفينة لوالده فاقترح على مرافقته في هذه الرحلة دون أن أتكلف شيئا وهكذا لم أبحث الأمر مع والدي ولا مع والدتي ولم أبعث لهم حتى ولو بكلمة واحدة أعلمهم بها عن الرحلة بل تركتهم يسمعون النبأ كما يحلو لهم.

وفي اليوم الأول من شهر سبتمبر قمت بأول رحلة بحرية على متن سفينة متوجهة إلى لندن, وهائنا ذا الآن اعتقد اعتقادا جازما أنه ما من مغامر بدأت مصائبه أسرع مما بدأت مصائبي ولا دامت أكثر منها .
لم تكن السفينة قد ابتعدت كثيرا عن الميناء عندما بدأت الرياح الشديدة بالهبوب وتعالى الموج بشكل مخيف جدا, ولأنها كانت رحلتي الأولى في البحر فقد أصبت بدوار البحر بشكل لا يمكنني وصفه, واستولى علي الرعب عنها بدأت أفكر فيما أقدمت عليه والآن أنا أعاقب,وبحق,جزاء هذا العمل الشرير الذي أقدمت على فعله بمغادرتي بيت والدي وتجاهلي لواجبي نحوه, إن هذه الرحلة نذير شؤم لما تبعها من الرحلات.

غرقت السفينة, بعد بضع دقائق فقط من مغادرتنا لها على ظهر القارب متوجهين إلى الشاطئ وحدث هذا قبل وصولها إلى لندن وفي النهاية وصلنا جميعا سالمين إلى الشاطئ .

ولحسن الحظ فقد كنت أحمل بعض النقود في جيبي ,فسافرت بطريق البر إلى لندن وفي الطريق أخذت أفكر بشكل جديّ في خطوتي التالية: هل أعود للبيت أو أذهب للبحر!!!!

بقيت على حالتي النفسية هذه لبعض الوقت وأنا غير واثق من الخطوة التي يلزمني اتخاذها, ولا من نوع الحياة التي أريد أن أعيشها, لم تكن لدي رغبة البتة للعودة إلى البيت ولذلك فإنني سرعان ما نسيت جميع المتاعب التي عانيتها. وفي النهاية تخليت عن كل رغبة في العودة للبيت وبدأت أترقب فرصة للسفر.

كان من حسن حظي أنني أنشأت بعض صدقات لي في لندن ولا يحدث مثل هذا في العادة للمغامرين غير الدربين الذين هم في مثل عمري,لقد تعرفت أولا على قبطان إحدى السفن وكان هذا قد وصل في رحلاته إلى شاطئ غينا ومن حسن حظي أنه نجح في رحلته تلك, وقرر العودة إلى هناك مرة أخرى, لقد أعجبه حديثي البسيط وعندما سمعني أعبر عن رغبتي في رؤية العالم قال لي:<<إذا قبلت مرافقتي في هذه الرحلة فلن تكلفك شيئا.>> كذلك عرض علي أن أكون رفيقه في غرفته وبين لي أنه بوسعي أن آخذ معي أي شيء يصلح للتجارة ويكون لي أي ربح أستطيع أن أفوز به.


كانت هذه هي رحلتي الوحيدة المربحة من بين جميع الرحلات والمغامرات التي قمت بها, والحق, أنني لن أنسى هذا القبطان الصديق. فتحت إشرافه أيضا أصبحت على معرفة تامة بعلم الرياضيات, وقوانين الملاحة وتعلمت كيف أحتفظ بتقدير يضبط اتجاه السفينة, وان استفيد بتقدير يضبط اتجاه السفينة, وأن استفيد في تعيين موقعها من اتجاه الشمس. وبالاختصار لقد تعلمت على يديه كثيرا من بعض الأشياء التي يتوجب على البحار معرفتها.

كان ذلك الصديق الكريم يستمتع بتدريبي, وكان يسرني أنا أن أتعلم , فجعلت مني تلك الرحلة بحارا وتاجرا, إذ عدت ومعي خمسة أرطال وتسعة أونسات من تراب الذهب, كل ذلك جمعته من تجارتي وقد بعته في لندن عند عودتي بمبلغ 300جنيه تقريبا, فملأني هذا النجاح بالآمال الكبيرة التي كانت هي السبب في دماري فيما بعد